المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(4) باب المحرمات - شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن - جـ ٧

[الطيبي]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب البيوع

- ‌(1) باب الكسب وطلب الحلال

- ‌(2) باب المساهلة في المعاملات

- ‌(3) باب الخيار

- ‌(4) باب الربا

- ‌(5) باب المنهي عنها من البيوع

- ‌(6) باب

- ‌(7) باب السلم والرهن

- ‌(8) باب الاحتكار

- ‌(9) باب الإفلاس والإنظار

- ‌(10) باب الشركة والوكالة

- ‌(11) باب الغصب والعارية

- ‌(12) باب الشفاعة

- ‌(13) باب المساقاة والمزارعة

- ‌(14) باب الإجارة

- ‌(15) باب إحياء الموات والشرب

- ‌(16) باب العطايا

- ‌(17) باب

- ‌(18) باب اللقطة

- ‌[كتاب الفرائض والوصايا]

- ‌باب الفرائض

- ‌(1) باب الوصايا

- ‌كتاب النكاح

- ‌(1) بابالنظر إلي المخطوبة وبيان العورات

- ‌(2) بابالولي في النكاح واستئذان المرأة

- ‌(3) باب إعلان النكاح والخطبة والشرط

- ‌(4) باب المحرمات

- ‌(5) باب المباشرة

- ‌(6) باب

- ‌(7) باب الصداق

- ‌(8) باب الوليمة

- ‌(9) باب القسم

- ‌(10) بابعشرة النساء وما لكل واحدة من الحقوق

- ‌(11) باب الخلع والطلاق

- ‌(12) باب المطلقة ثلاثا

- ‌(13) باب [في كون الرقبة في الكفارة مؤمنة]

- ‌(14) باب اللعان

- ‌(15) باب العدة

- ‌(16) باب الاستبراء

- ‌(17) باب النفقات وحق المملوك

- ‌(18) باب بلوغ الصغير وحضانته في الصغر

الفصل: ‌(4) باب المحرمات

(4) باب المحرمات

الفصل الأول

3166 -

عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يجمع بين المرأة وعمتها، ولا بين المرأة وخالتها)). متفق عليه.

ــ

باب المحرمات

المحرم الممنوع منه، المغرب: المحرم الحرام والحرمة أيضا، وحقيقته موضوع الحرمة، ومنه: هي له محرم وهو لها محرم.

الفصل الأول

الحديث الأول عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((لا يجمع بين المرأة وعمتها)) ((مح)): أي يحرم الجمع بينهما سواء كانت عمة أو خالة حقيقية أو مجازية، وهي أخت أب الأب وأب وإن علا، أو أخت أم الأم وأم الجدة من جهتي الأم والأب وإن علت، وكلهن حرام بإجماع العلماء، ويحرم الجمع بينهما في النكاح أو في ملك اليمين. وأما باقي الأقارب كبنتي العمين أو أبنتي الخالين ونحوهما فجائز، وكذا الجمع بين زوجة الرجل وبنته من غيرها.

الحديث الثاني عن عائشة رضي الله عنها: قوله: ((يحرم من الرضاعة)): ((حس)): الرضاعة بالفتح والكسر الاسم من الإرضاع. فأما من اللؤم فبالفتح لا غير. وفي الحديث دليل علي أن حرمة الرضاع كحرمة النسب في المناكح، فإذا أرضعت المرأة رضيعا يحرم علي الرضيع وعلي أولاده من أقارب المرضعة كل من يحرم علي ولدها ن النسب، ولا تحرم المرضعة علي أبي الرضيع ولا علي أخيه، ولا تحرم عليك أم أخيك من الرضاع إذا لم تكن أما لك ولا زوجة أبيك، ويتصور هذا في الرضاع ولا يتصور في النسب أم أخت إلا وهي أم لك أو زوجة لأبيك. وكذلك لا تحرم عليك أم نافلتك من الرضاع إذا لم تكن بنتك أو زوجة ابنك، ولا جدة ولدك من الرضاع إذا لم تكن أمك أو أم زوجتك، ولا أخت ولدك من الرضاع إذا لم تكن ابنتك أو ربيبتك. وفيه دليل علي أن الزإنية إذا أرضعت بلبن الزنى رضيعا، لا تثبت الحرمة بين الرضيع وبين الزإني وأهل النسب، كما لا يثبت به النسب. ((مح)): فيه دليل علي أنه يحرم النكاح ويحل النظر والخلوة والمسافرة، لكن لا يترتب عليه أحكام الأمور من كل وجه؛ فلا يتوارثان، ولا يجب علي واحد منهما نفقة الآخر، ولا يعتق عليه بالملك، ولا يسقط عنها القصاص بقتله، فهما كالأجنبيتين في هذه الأحكام. والله أعلم.

ص: 2294

3161 -

وعن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يحرم من الرضاعة ما يحرم من الولادة)). رواه البخاري.

3162 -

وعنها، قالت: جاء عمي من الرضاعة، فاستأذن علي، فأبيت أن آذن له حتى أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألته فقال:((إنه عمك فأذني له)) قالت: فقلت: يا رسول الله! إنما أرضعتني المرأة ولم يرضعني الرجل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنه عمك فليلج عليك)). وذلك بعد ما ضرب علينا الحجاب. متفق عليه.

3163 -

وعن علي رضي الله عنه، قال: يا رسول الله! هل لك في بنت عمك حمزة؟ فإنها أجمل فتاة في قريش. فقال له: ((أما علمت أن حمزة أخي من الرضاعة؟ وإن الله حرم من الرضاعة ما حرم من النسب؟)) رواه مسلم.

3164 -

وعن أم الفضل، قالت: إن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تحرم الرضعة أو الرضعتان)).

3165 -

وفي رواية عائشة، قال:((لا تحرم المصة والمصتان)).

3166 -

وفي أخرى لأم الفضل، قال:((لا تحرم الإملاجة والإملاجتان)).

هذه روايات لمسلم.

ــ

الحديث الثالث عن عائشة رضي الله عنها: قوله: ((جاء عمي من الرضاعة)) هذا يوهم أن أم أبيها أرضعته أو أمه أرضعت إياها، لكن قولها:((إنما أرضعتني المرأة)) يبين أن الرجل بمنزلة أبيها، فدعاه العم، هذا ما يعطيه ظاهر اللفظ. وفي شرح مسلم فيه اختلاف، وذكر أن المعروف أن عمها من الرضاعة هو أفلح أخو أبي القعيس وكنيته أفلح أبو الجعد. ((حس)): فيه دليل علي أن لبن الفحل يحرم حتى تثبت الحرمة في جهة صاحب اللبن، كما يثبت من جانب المرضعة؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم أثبت عمومة الرضاعة وألحقها بالنسب.

الحديث الرابع عن علي رضي الله عنه: قوله: ((هل لك في بنت عمك؟)) ((لك)) خبر مبتدأ محذوف، و ((في)) متعلق به، أي لك رغبة فيها؟

الحديث الخامس عن أم الفضل: قوله: ((الإملاجة والإملاجتان)) ((حس)): الملج تناول الصبي الثدي ومصه، يقال: أملجت المرأة صبيها فملج، والإملاجة للمرة الواحدة. واختلف العلماء في قدر ما يحرم في الرضاع، فذهب أكثر أهل العلم إلي أن قليل الرضاع وكثره سواء

ص: 2295

3167 -

وعن عائشة، قالت: كان فيما أنزل من القرآن: ((عشر رضعات معلومات يحرمن)). ثم نسخن بخمس معلومات. فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي فيما يقرأ من القرآن. رواه مسلم.

ــ

في التحريم، ومنهم ابن عمر وابن عباس وابن المسيب وعروة بن الزبير، والزهري والثوري ومالك والأوزاعي وابن المبارك ووكيع وأصحاب أبي حنيفة؛ لعموم قوله تعالي:{وأُمَّهَاتُكُمُ اللَاّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ} . وفرق غيرهم بين القليل والكثير بهذا الحديث وأمثاله، فقالت عائشة وغيرها من أزواج الني صلى الله عليه وسلم وابن الزبير: لا يثبت التحريم بأقل من خمس رضعات، وإليه ذهب الشافعي وإسحاق؛ لما روى عن عائشة أنها قالت: كان فيماأنزل من القرآن: عشر رضعات معلومات تحرمن، ثم نسخت بخمس معلومات، فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي فيما يقرأ من القرآن. وذهب أبو عبيدة وأبو ثور وداود إلي أنه لا يحرم أقل من ثلاث رضعات، لمفهوم قوله:((لا تحرم الرضعة والرضعتان)) ومفهوم العدد ضعيف. وللفارق أن تجيب عن الآية بأن الحرمة فيها مرتبة علي الأمومة والأخوة من جهة الرضاع، وليس فيهما ما يدل علي أنهما يحصلان بالرضعة الواحدة. وقول عائشة رضي الله عنها:((توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي فيما يقرأ من القرآن)) موؤل بأنه كان يقرؤه من لم يبلغه النسخ، حتى بلغه فترك؛ لأن القرآن محفوظ من الزيادة والنقصان، وهذا من جملة ما نسخ لفظه ومعناه باق.

الحديث السادس عن عائشة رضي الله عنهما: قوله: ((وهي فيما يقرأ من القرآن)) ((تو)): يحمل هذا علي أن بعض من ام يبلغه النسخ كان يقرؤه علي الرسم الأول؛ إن تلاوتها قد كانت باقية فتركوها، فإن الله تعالي رفع قدر هذا الكتاب المبارك عن الاختلال والنقصان، وتولي حفظه، وضمن بصيانته. فقال عز من قائل:{إنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وإنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} فلا يجوز علي كتاب الله أن يضيع منه آية، ولا أن يخرم حرف كان يتلي في زمان الرسالة، إلا ما نسخ منه. ((شف)): المفهوم من كلام الشيخ في شرح السنة أن الضمير في قول عائشة رضي الله عنها: ((وهي فيما يقرأ من القرآن)) عائد إلي ((عشر رضعات)) وحينئذ احتاج الشيخ في هذا الحديث إلي ما ذكره. ويقوم هذا الحديث دليلا لمن قال: إن التحريم لا يحصل بأقل من عشر رضعات، ولو جعل الضمير المذكور عائد إلي ((خمس معلومات)) مع قربه، لقام دليلا للشافعي، واستغنى عن جميع ما ذكره، ويكون المعنى حينئذ أن العشر نسخن بخمس معلومات، واستقر النسخ وتقرر في زمان انبي صلى الله عليه وسلم. وهذا هو المراد من قولها:((فتوفي رسول الله، وهي فيما يقرأ من القرآن)). أي توفي النبي صلى الله عليه وسلم بعد نسخ العشر بالخمس، وفي حالة استقرار الخمس وكونه مقروء في القرآن.

ص: 2296

3168 -

وعنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها وعندها رجل، فكأنه كره ذلك. فقالت: إنه أخي. فقال: ((انظر من إخوانكن؟ فإنما الرضاعة من المجاعة)). متفق عليه.

ــ

أقول: يؤيده قول الشيخ محي الدين في شرح مسلم: ((فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم) معناه أن نسخ خمس رضعات تأخر إنزاله جدا، حتى أنه صلى الله عليه وسلم توفي وبعض الناس يقرأ خمس رضعات قرآنا متلوا لم يبلغه النسخ؛ لقرب عهده، فلما بلغهم النسخ بعد ذلك رجعوا عنه، وأجمعوا علي أن هذا لا يتلي – انتهي كلامه. فإذن يكون قولها:((عشر رضعات معلومات)) منسوخ الحكم والتلاوة وقولها: ((خمس معلومات)) منسوخ التلاوة ثابت الحكم كآية الرجم. وأما حديث أم الفضل ((لا تحرم الرضعة أو الرضعتان)) فمبين لقوله تعالي: {وأُمَّهَاتُكُمُ اللَاّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ} أنه لا يكفي رضعة أو رضعتان، ولا يعمل بالمفهوم كما عليه مذهب داود، أنه لا يحرم أقل من ثلاث رضعات لثبوت حكم خمس رضعات؛ لأنه لا ينافي حديث أم الفضل، والله أعلم.

الحديث السابع عن عائشة رضي الله عنها: قوله: ((فإنما الرضاعة من المجامعة)) ((مح)): أي الرضاعة التي تثبت بها الحرمة ما تكون من الصغر، حين يكون الرضيع طفلا يسد اللبن جوعته، فأما ما كان بعد بلوغ الصبي حدا مما لا يسد اللبن جوعته، ولا يشبعه إلا الخبز وما في معناه، فلا تثبت به الحرمة. واختلف أهل العلم في تحديد مدة الرضاع، فذهب جماعة إلي أنها حولان، لقوله تعالي:{والْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَة} فدل علي أن حولين تمام مدتها، فإذا انقطعت انقطع حكمها، يروى معناه عن ابن مسعود وأبي هريرة وأم سلمه، وبه قال الشافعي. وحكي عن مالك أنه جعل حكم الزيادة علي الحولين حكم الحولين. قال أبو حنيفة: مدة الرضاع ثلاثون شهرا؛ لقوله تعالي: {وحَمْلُهُ وفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا} وهو عند الأكثرين لأقل مدة الحمل وأكثر مدة الرضاع. والفصال الفطام، ومنه قوله تعالي:{فَإنْ أَرَادَا فِصَالاً} أي فطاما. أقول: ((انظرن)) هنا بمعنى التفكر والتأمل. و ((من)) استفهامية مفعول به علي تأويل الجواب للاستفهام وقوله: ((فإنما الرضاعة من المجاعة)) تعليل للبعث علي إمعان النظر والتفكير؛ لأن الرضاعة تثبت النسب وتجعل الرضيع محرما، ولا يحصل ذلك إلا بإنبات اللحم وتقوية العظم، فلا تكفي مصة أو مصتان، ولا أن يشبعه إلا الخبز وما في معناه.

((مظ)): المعنى ليس كل من أرضع لبن أمهاتكن يصير أخا لكن، بل شرطه أن تكون الرضاعة من المجاعة، فيشبع الولد بذلك، ويكون ذلك في الصغر؛ فإن الصغير معدته ضعيفة، يكفيه البن ويشبعه ولا يحتاج إلي طعام آخر، فينبت لحمه ويقوى عظمه، فيصير كجزء من المرضعة، فيكون ولدها كسائر أولادها التي ولدتهم.

ص: 2297

3169 -

وعن عقبة بن الحارث: أنه تزوج ابنة لأبي إهاب بن عزيز، فأتت امرأة، فقالت: قد أرضعت عقبة والتي تزوج بها. فقال لها عقبة: ما أعلم أنك قد أرضعتني ولا أخبرتني. فأرسل إلي آل أبي إهاب، فسألهم، فقالوا: ما علمنا أرضعت صاحبتنا، فركب إلي النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة، فسأله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((كيف وقد قيل؟)) ففارقها عقبة، ونكحت زوجا غيره. رواه البخاري.

3170 -

وعن أبي سعيد الخدري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين بعث جيشا إلي أوطاس، فلقوا عدوا، فقاتلوهم، فظهروا عليهم، وأصابوا لهم سبايا، فكأن ناسا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم تحرجوا من غشيانهن من أجل أزواجهن من المشركين، فأنزل الله تعالي في ذلك {والْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إلَاّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} أي فهن لهم حلال إذا انقضت عدتهن. رواه مسلم.

ــ

الحديث الثامن عن عقبة: قوله: ((كيف وقد قيل؟)) ((كيف)) سؤال عن الحال، و ((قد قيل)) حال، وهما يستدعيان عاملا يعمل فيهما، يعني كيف تباشرها وتفضي إليها، وقد قيل: إنك أخوها؟ إن ذلك بعيد من ذوي المروءة والورع. وفيه أن الواجب علي المرء أن يجتنب مواقع التهم والريبة، وإن كان نقي الذيل برئ الساحة، وأنشد

قد قيل ذلك إن صدقا وإن كذبا فما اعتذارك من شيء إذا قيلا

((قض)): هذا محمول عند الأكثر علي الأخذ بالاحتياط والحث علي التورع من مظان الشبه، لا الحكم بثبوت الرضاع وفساد النكاح بمجرد شهادة المرضعة، إذا لم يجر بحضرته صلى الله عليه وسلم ترافع وأداء شهادة، بل كان ذلك مجرد إخبار واستفسار، وإنما هو كسائر ما تقبل فيه شهادة النساء الخلص لا يثبت إلا بشهادة أربع. وقال مالك وابن أبي ليلي وابن أبي شبرمة: إنه يثبت بشهادة امرأتين. وعن ابن عباس أنه يثبت بشهادة المرضعة وحلفها، وبه قال الحسن وأحمد وإسحاق. الحديث التاسع عن أبي سعيد: قوله: ((إلي أوطاس)) ((مح)): هو موضوع عند الطائف يصرف ولا يصرف. قوله: ((والمحصنات)) هن ذوات الأزواج؛ لأنهن أحصن فروجهن بالتزويج، وما ملكت أيمانهم: أي من اللاتي سبين ولهن أزواج في دار الكفر، فهن حلال لغزاة المسلمين وإن كن محصنات. وفي معناه قول الفرزدق:

ص: 2298

الفصل الثاني

3171 – عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهي أن تنكح المرأة علي عمتها، أو العمة علي بنت أخيها، والمرأة علي خالتها، أو الخالة علي بنت أختها، لا تنكح الصغرى علي الكبرى. ولا الكبرى علي الصغرى. رواه الترمذي، وأبو داود، والدارمي، والنسائي، وروايته إلي قوله:((بنت أختها)) [3171]

3172 -

وعن البراء بن عازب، قال: مر بي خالي أبو بردة بن دينار، ومعه لواء، فقلت: أين تذهب؟ قال: بعثني النبي صلى الله عليه وسلم إلي رجل زوج امرأة أبيه آتيه برأسه. رواه الترمذي، وأبو داود.

وفي رواية له وللنسائي وابن ماجه والدارمي: فأمرني في أن أضرب عنقه وآخذ ماله. وفي هذه الرواية قال: عمي بدل: خالي. [3172]

ــ

وذات حليل أنكحتها رماحنا حلال لمن يبني بها لم تطلق

((مح)): مذهب الشافعي وموافقيه أن المسبية من عبده الأوثان والكفار الذين لا كتاب لهم، لا يحل وطؤها بملك اليمين حتى تسلم، فهي محرمة ما دامت علي دينها، وهؤلاء المسبيات كن من مشركي العرب، فتأويل الحديث علي أنهن أيلمن وانقضى استبراؤهن بوضع الحمل من الحامل، وبحيضة من الحائض. واختلفوا في أمة بيعت وهي متزوجة بمسلم: هل يفسخ النكاح وتحل لمشتريها أم لا؟ فقال ابن عباس: ينفسخ، لعموم الآية، وقال سائر العلماء: لا ينفسخ، وخصوا الآية بالمملوكة بالسبي.

الفصل الثاني

الحديث الأول عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((لا تنكح الصغرى علي الكبرى)) ((شف)): هذا إلي آخره كالبيان والتوكيد لقوله: ((نهي أن تنكح المرأة علي عمتها)) إلي آخره ولذلك لم بينهما بالعاطف، المراد من ((الصغرى والكبرى)) بحسب المرتبة، فالعمة والخالة هي الكبرى، وبنت الأخ وبنت الأخت هي الصغرى، أو لأنهما أكبر سنا منهما غالبا. ((مظ)): وعلة تحريم الجمع بينهن وبين الأختين، أنهن من ذوات الرحم، فلو جمع بينهما في النكاح لظهرت بينهما عداوة وقطيعة الرحم. وفي تعديله ب ((علي)) إيماء إلي الإضرار.

الحديث الثاني عن البراء: قوله: ((ومعه لواء)) ((مظ)): كان ذلك اللواء علامة كونه مبعوثا من جهة النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك الأمر، وكان هذا الرجل يعتقد حل هذا النكاح، فمن اعتقد حل شيء

ص: 2299

3173 -

وعن أم سلمه، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يحرم من الرضاع إلا ما فتق الأمعاء في الثدي، وكان قبل الفطام)). رواه الترمذي. [3173]

3174 -

وعن حجاج بن حجاج الأسلمي، عن أبيه، أنه قال: يا رسول الله! ما يذهب عني مذمة الرضاع؟ فقال: ((غرة: عبد أو أمة)). رواه الترمذي وأبو داود، والنسائي والدارمي. [3174]

3175 -

وعن أبي الطفيل الغنوي، قال: كنت جالسا مع النبي صلى الله عليه وسلم إذا أقبلت امرأة، فبسط النبي صلى الله عليه وسلم رداءه حتى قعدت عليه، فلما ذهبت، قيل: هذه أرضعت النبي صلى الله عليه وسلم رواه أبو داود. [3175]

ــ

محرم كفر، وجاز قتله وأخذ ماله، ومن جهل تحريم نكاح واحدة من محارمه فتزوجها لم يكفر، ومن علم تحريمها واعتقد الحرمة فسق، وفرق بينهما وعزر، هذا إذا لم يجر بينهما دخول، وإلا فإن علم تحريمه فهو زان، تجري عليه أحكام الزنا، وإن جهل فهو وطء بالشبهة يجب عليه مهر المثل، ويثبت النسب.

الحديث الثالث عن أم سلمه: قوله: ((إلا ما فتق)) ((تو)): فتقت الشيء فتقا شققته، والمراد منه ما وقع موقع الغداء، ويشق الأمعاء شق الطعام إذا نزل إليها. وذلك لا يكون إلا في أوان الرضاع. وقوله:((في الثدي)) ((في)) بمعنى الوعاء، كقولك: الماء في الإناء، وهو مثل قولهم: شربت من الإناء أو شربت فيه، والارتضاع من الثدي. أقول:((ما)) في قوله: ((إلا ما فتق)) موصولة، وضمير الفاعل راجع إليها، و ((الأمعاء)) مفعول به و ((في الثدي)) حال من ضمير الفاعل حالا مقدرة، كقوله تعالي:{وتَنْحِتُونَ مِنَ الجِبَالِ بُيُوتًا} أي حال كونه ممتلئا في الثدي فائضا منها. ولو قيل: ((من الثدي)) لم يفد هذه الفائدة. وذكر الفتق والأمعاء والثدي مزيدا لإرادة الرضاع المؤثر تأثيرا يعتد به، كما سبق في الحديث السابق.

الحديث الرابع عن حجاج: قوله: ((مذمة الرضاع)) ((فا)): الذمام والمذمة – بالكسر والفتح – الحق – والحرمة التي يذم مضيعها، يقال: رعيت ذمام فلان ومذمته، وعن أبي زيد: المذمة بالكسر الذمام، وبالفتح الذم، والمراد بمذمة الرضاع الحق اللازم بسبب الرضاع، أو حق ذات الرضاع، فحذف المضاف. ((قض)): المعنى أي شيء يسقط عني حق الإرضاع، حتى أكون بارا به مؤديا حق المرضعة بكماله؟ وكان العرب يستحبون أن يرضخوا الظئر عند فصال الصبي

ص: 2300

3176 -

وعن ابن عمر رضي الله عنه أن غيلان بن سلمة الثقفي أسلم وله عشر نسوة في الجاهلية، فأسلمن معه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:((أمسك أربعا، وفارق سائرهن)). رواه أحمد، والترمذي، وابن ماجة. [3176]

3177 -

وعن نوفل بن معاوية، قال: أسلمت وتحتي خمسة نسوة، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:((فارق واحدة، وأمسك أربعا)) فعمدت إلي أقدمهن صحبة عندي: عاقر منذ ستين سنة، ففارقتها. رواه في ((شرح السنة)). [3177]

3178 -

وعن الضحاك بن فيروز الديلمي، عن أبيه، قال: قلت: يا رسول الله! إني أسلمت وتحتى أختان، قال:((اختر أيتهما شئت)). رواه الترمذي، وأبو داود، وابن ماجه. [3178]

3179 -

وعن ابن عباس، قال: أسلمت امرأة، فتزوجت، فجاء زوجها إلي النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله! إني قد أسلمت، وعلمت بإسلامي. فانتزعها رسول

ــ

بشيء سوى الأجرة، وهو المسئول عنه. ((والغرة)) المملوك، واصلها البياض في جبهة الفرس، ثم استعير لأكرم كل شيء، كقولهم: غرة القوم لسيدهم، ولما كان المملوك خير ما يملك سمي غرة، ولما كانت الظئر أخدمت له نفسها جعل جزاء حقها من جنس فعلها، فأمر بأن يعطيها مملوكا يخدمها ويقوم بحقوقها. وقيل: الغرة لا تطلق إلا علي الأبيض من الرقيق.

الحديث الخامس والسادس عن ابن عمر رضي الله عنهما: قوله: ((أمسك أربعا)) ((مظ)): فيه أن أنكحة الكفار صحيحة إذا أسلموا، ولا يؤمرون بإعادة النكاح، إلا إذا كان في نكاحهم من لا يجوز الجمع بينهن من النساء، وأنه لا يجوز أكثر من أربع نسوة، وأنه إذا قال: اخترت فلانة وفلانة للنكاح ثبت نكاحهن، وحصلت الفرقة فيما بينه وبين ما سوى الأربع من غير أن يطلقهن.

الحديث الثامن والتاسع عن الضحاك: قوله: ((وتحتي أختان)) ((مظ)): مذهب الشافعي ومالك وأحمد: أنه لو أسلم وتحته أختان، وأسلمتا معه كان له أن يختار إحداهما سواء كانت المختارة تزوجها أولا أو آخرا. وقال أبو حنيفة: إن تزوجهما معا لا يجوز له أن يختار واحدة منهما، وإن تزوجهما متعاقبتين، له أن يختار الأولي منهما دون الأخيرة.

الحديث التاسع: عن ابن عباس رضي الله عنهما: قوله: ((وردها إلي زوجها الأول)) ((حس)): فيه دليل علي أن المرأة إذا ادعت الفراق علي الزوج بعد ما علم بينهما النكاح وأنكر الزوج،

ص: 2301

الله صلى الله عليه وسلم من زوجها الآخر، وردها إلي زوجها الأول وفي رواية: أنه قال: إنها أسلمت معي، فردها عليه. رواه أبو داود. [3179]

3180 -

وروى في ((شرح السنة)): أن جماعة من النساء ردهن النبي صلى الله عليه وسلم بالنكاح الأول علي أزواجهن، عند اجتماع الإسلامين بعد اختلاف الدين والدار، منهن بنت الوليد بن مغيرة، كانت تحت صفوان بن أمية، فأسلمت يوم الفتح، وهرب زوجها من الإسلام، فبعث النبي صلى الله عليه وسلم إليه ابن عمه وهب بن عمير برداء رسول الله صلى الله عليه وسلم أمانا لصفوان، فلما قدم جعل له رسول الله صلى الله عليه وسلم تسيير أربعة أشهر، حتى أسلم، فاستقرت عنده، وأسلمت أم حكيم بنت الحارث بن هشام، امرأة عكرمة بن أبي جهل يوم الفتح بمكة، وهرب زوجها من الإسلام، حتى قدم اليمن، فارتحلت أم حكيم، حتى قدمت عليه اليمن، فدعته إلي الإسلام، فأسلم، فثبتا علي نكاحهما. رواه مالك عن ابن شهاب مرسلا. [3180]

ــ

أن القول قول الزوج مع يمينه، سواء نكحت آخر أم لا. وكذلك لو أسلم الزوجان قبل الدخول واختلفا، فقال الزوج: أسلمنا معا، فالنكاح بيننا باق، وقالت: بل أسلم أحدنا قبل الآخر فلا نكاح بيننا، فالقول قول الزوج. وكذلك إن كان بعد الدخول أسلمت المرأة، ثم بعد انقضاء عدتها ادعى الزوج إني كنت أسلمت قبل انقضاء عدتك، وادعت انقضاء عدتها قبل إسلامه، كان القول قول الزوج.

الحديث العاشر عن شرح السنة: قوله: ((بعد اختلاف الدين والدار)) ((مظ)): يعني إذا أسلما قبل انقضاء العدة ثبت النكاح بينهما، سواء كانا علي دين واحد الكتابيين والوثنيين، أو أحدهما علي دين والآخر علي دين آخر، وسواء كانا في دار الإسلام أو في دار الحرب، أو أحدهما في أحدهما والآخر في الآخر: هذا مذهب الشافعي وأحمد. وقال أبو حنيفة: لا تحصل الفرقة بينهما إلا بأحد ثلاثة أمور: انقضاء العدة، أو عرض الإسلام علي الآخر مع الامتناع عنه، أو ينتقل أحدهما من دار الإسلام إلي دار الحرب، أو بالعكس. وسواء عنده الإسلام قبل الدخول أو بعده. ((حس)): الدليل علي أن اختلاف الدار لا يوجب الفرقة، ما روي عن عكرمة عن ابن عباس قال:((رد رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنته زينب علي أبي العاص بالنكاح الأول، ولم يحدث نكاحا))، وكان قد أفرقت بينهما الدار.

ص: 2302

الفصل الثالث

3181 -

عن ابن عباس، قال: حرم من النسب سبع، ومن الصهر سبع، ثم قرأ:{} الآية. رواه البخاري.

3182 -

وعن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((أيما رجل نكح امرأة فدخل بها، فلا يحل له نكاح ابنتها. وإن لم يدخل بها فلينكح ابنتها، وأيما رجل نكح امرأة، فلا يحل له أن ينكح أمها، دخل بها أو لم يدخل)). رواه الترمذي، وقال: هذا حديث لا يصح من قبل إسناده، إنما رواه ابن لهيعة، والمثنى بن الصباح، عن عمرو بن شعيب، وهما يضعفان في الحديث. [3182]

ــ

قوله: ((برداء رسول الله صلى الله عليه وسلم) الظاهر أن يقال: بردائه، وليس المقام مقام وضع المظهر موضع المضمر؛ لأن الباعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمبعوث وهب بن عمير، ذكر في الاستيعاب: كان عمير بن وهب استأمن لصفوان رسول الله صلى الله عليه وسلم حين هرب هو وابنه وهب بن عمير، فأمنه وبعث إليه وهب بن عمير بردائه. قوله:((تسيير أربعة أشهر)) أضاف المصدر إلي الظرف علي الاتساع، كقوله: يا سارق الليلة. ((تو)): يقال: سيره من بلده أي أخرجه وأجلاه، والمعنى في الحديث تمكينه من السير في الأرض آمنا، وذلك إشارة إلي قوله تعالي:{فَسِيحُوا فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ} حتى يأخذوا حذرهم ويسيحوا في أرض الله حيث شاءوا، فينظروا إلي أحوال المسلمين.

الفصل الثالث

الحديث الأول والثاني عن ابن عباس رضي الله عنهما: قوله: ((ومن الصهر سبع)) ((نه)): صهره وأصهره إذا قربه وأدناه، والصهر حرمة التزويج، والفرق بينه وبين النسب أن النسب ما رجع إلي ولادة قريبة من جهة الآباء، والصهر ما كان من خلطة نسبة القرابة يحدثها التزويج.

((مح)): المحرمات من النسب الأمهات والبنات والأخوات والعمات والخالات، وبنات الأخ وبنات الأخت، ومن الصهر من تحرم علي التأبيد: أم الزوجة وزوجة الابن وابن الابن وإن سفل، وزوجة الأب والأجداد وإن علت، وبيت الزوجة بعد الدخول علي الأم. ومن يحرم علي غير التأبيد كأخت الزوجة وعمتها وخالتها، والله أعلم.

ص: 2303