المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ قال لآخر لك علي ألف فرده ثم صدقه - البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري - جـ ٧

[زين الدين ابن نجيم - ابن عابدين]

فهرس الكتاب

- ‌(بَابُ كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي وَغَيْرِهِ)

- ‌[يَبْطُلُ كِتَاب الْقَاضِي إلَيَّ الْقَاضِي بِمَوْتِ الْكَاتِبِ وَعَزْلِهِ]

- ‌ الْقَضَاءُ بِشَهَادَةِ الزُّورِ فِي الْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ

- ‌ الْقَضَاءُ عَلَى خَصْمٍ غَيْرِ حَاضِرٍ

- ‌ الْقَضَاءَ عَلَى الْمُسَخَّرِ

- ‌(بَابُ التَّحْكِيمِ)

- ‌[شَرْطُ التَّحْكِيم]

- ‌[حُكْمُ المحكم لِأَبَوَيْهِ وَوَلَدِهِ]

- ‌[مَسَائِلُ شَتَّى مِنْ كِتَابِ الْقَضَاءِ]

- ‌ ادَّعَى دَارًا فِي يَدِ رَجُلٍ أَنَّهُ وَهَبَهَا لَهُ فِي وَقْتٍ فَسُئِلَ الْبَيِّنَةَ فَقَالَ جَحَدَنِيهَا

- ‌ قَالَ لِآخَرَ لَك عَلَيَّ أَلْفٌ فَرَدَّهُ ثُمَّ صَدَّقَهُ

- ‌ ادَّعَى دَارًا إرْثًا لِنَفْسِهِ وَلِأَخٍ لَهُ غَائِبٍ وَبَرْهَنَ عَلَيْهِ

- ‌ أَوْصَى إلَيْهِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْوَصِيَّةِ

- ‌ قَالَ قَاضٍ عُزِلَ لِرَجُلٍ أَخَذْت مِنْك أَلْفًا وَدَفَعْته إلَى زَيْدٍ قَضَيْت بِهِ عَلَيْك فَقَالَ الرَّجُلُ أَخَذْته ظُلْمًا

- ‌(كِتَابُ الشَّهَادَاتِ)

- ‌[سَتْر الشَّهَادَةِ فِي الْحُدُود]

- ‌[شَرَطَ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الزِّنَا أَرْبَعَةَ رِجَالٍ]

- ‌[شَرَطَ لِجَمِيعِ أَنْوَاعِهَا لَفْظَ أَشْهَدُ بِالْمُضَارِعِ الشَّهَادَة]

- ‌[وَالْوَاحِدُ يَكْفِي لِلتَّزْكِيَةِ وَالرِّسَالَةِ وَالتَّرْجَمَةِ الشَّهَادَةُ]

- ‌لَا يَعْمَلُ شَاهِدٌ وَقَاضٍ وَرَاوٍ بِالْخَطِّ إنْ لَمْ يَتَذَكَّرُوا)

- ‌(بَابُ مَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَمَنْ لَا تُقْبَلُ)

- ‌[فُرُوعٌ شَهِدَ الْوَصِيُّ بَعْدَ الْعَزْلِ لِلْمَيِّتِ]

- ‌(بَابُ الِاخْتِلَافِ فِي الشَّهَادَةِ)

- ‌يُعْتَبَرُ اتِّفَاقُ الشَّاهِدَيْنِ لَفْظًا وَمَعْنًى)

- ‌[شَهِدَا بِقَرْضِ أَلْفٍ وَشَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قَضَاهُ]

- ‌[شَهِدَ لِرَجُلٍ أَنَّهُ اشْتَرَى عَبْدَ فُلَانِ بِأَلْفٍ وَشَهِدَ آخَرُ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ]

- ‌(بَابُ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ)

- ‌[صِيغَة الْإِشْهَادُ عَلَى الشَّهَادَة]

- ‌[لَا شَهَادَةَ لِلْفَرْعِ إلَّا بِمَوْتِ أَصْلِهِ أَوْ مَرَضِهِ أَوْ سَفَرِهِ]

- ‌(بَابُ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ)

- ‌ شَهِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ فَرَجَعَتْ امْرَأَةٌ

- ‌[شَهِدَا عَلَى شَهَادَةِ أَرْبَعَةٍ وَآخَرَانِ عَلَى شَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ وَقُضِيَ ثُمَّ رَجَعُوا]

- ‌[شُهُودُ الْإِحْصَانِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ]

- ‌[كِتَابُ الْوَكَالَةِ]

- ‌[شَرَائِطِ الْوَكَالَةُ]

- ‌[حُكْمِ الْوَكَالَة]

- ‌[صِفَة الْوَكَالَةِ]

- ‌ التَّوْكِيلُ بِإِيفَاءِ جَمِيعِ الْحُقُوقِ وَاسْتِيفَائِهَا

- ‌(بَابُ الْوَكَالَةِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ)

- ‌[مُفَارَقَةُ الْوَكِيلِ فِي الصَّرْفِ وَالسَّلَمِ]

- ‌[أَمَرَهُ بِشِرَاءِ عَبْدَيْنِ مُعَيَّنَيْنِ وَلَمْ يُسَمِّ ثَمَنًا فَاشْتَرَى لَهُ أَحَدَهُمَا]

- ‌[فَصْلٌ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ لَا يَعْقِدُ مَعَ مَنْ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ لَهُ]

- ‌[رَدَّ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ عَلَى الْوَكِيلِ بِالْعَيْبِ]

- ‌[تَصَرُّفُ أَحَدُ الْوَكِيلَيْنِ وَحْدَهُ]

- ‌ زَوَّجَ عَبْدٌ أَوْ مُكَاتَبٌ أَوْ كَافِرٌ صَغِيرَتَهُ الْحُرَّةَ الْمُسْلِمَةَ

- ‌(بَابُ الْوَكَالَةِ بِالْخُصُومَةِ وَالْقَبْضِ)

- ‌ وَكَّلَهُ بِقَبْضِ مَالِهِ فَادَّعَى الْغَرِيمُ أَنَّ رَبَّ الْمَالِ أَخَذَهُ

- ‌[بَابُ عَزْلِ الْوَكِيلِ]

- ‌[افْتِرَاقُ الشَّرِيكَيْنِ هَلْ يُبْطِل الْوَكَالَة]

- ‌(كِتَابُ الدَّعْوَى)

- ‌[بَابُ التَّحَالُفِ]

- ‌(فَصْلٌ) يَعْنِي فِي دَفْعِ الدَّعْوَى

- ‌(بَابُ دَعْوَى الرَّجُلَيْنِ)

- ‌[كِتَابُ الْإِقْرَارِ]

- ‌[بَابُ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الْإِقْرَارِ]

- ‌(بَابُ إقْرَارِ) (الْمَرِيضِ)

- ‌(كِتَابُ الصُّلْحِ)

- ‌[فَصْلٌ الصُّلْحُ عَنْ دَعْوَى الْمَالِ]

- ‌[بَابُ الصُّلْحِ فِي الدَّيْنِ]

- ‌(فَصْلٌ فِي الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ)

- ‌[فَصْلٌ فِي صُلْحِ الْوَرَثَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْمُضَارَبَةِ]

- ‌[فُرُوعٌ ادَّعَى أَرْضًا أَنَّهَا وَقْفٌ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ فَصَالَحَهُ الْمُنْكِرُ لِقَطْعِ الْخُصُومَةِ]

- ‌(بَابُ " الْمُضَارِبُ يُضَارِبُ

- ‌[فَصْلٌ دَفْعِ مَالِ الْمُضَارَبَةُ إلَى الْمَالِكِ بِضَاعَةً]

- ‌[كِتَابُ الْوَدِيعَةِ]

- ‌[لِلْمُودَعِ أَنْ يَحْفَظ الْوَدِيعَة بِنَفْسِهِ وَبِعِيَالِهِ]

- ‌[طَلَبَ الْوَدِيعَة رَبُّهَا فَحَبَسَهَا قَادِرًا عَلَى تَسْلِيمِهَا فَمَنَعَهَا]

- ‌[كِتَابُ الْعَارِيَّةِ]

- ‌[هَلَكَتْ الْعَارِيَّة بِلَا تَعَدٍّ]

- ‌[كِتَابُ الْهِبَةِ]

- ‌[مُؤْنَةُ رد الْوَدِيعَةِ عَلَى الْمَالِكِ]

- ‌[هِبَةُ الْأَبِ لِطِفْلَةِ]

- ‌[قَبْضُ زَوْجِ الصَّغِيرَةِ مَا وُهِبَ بَعْدَ الزِّفَافِ]

- ‌(بَابُ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ)

- ‌[فَصْلٌ مَسَائِلَ شَتَّى فِي الْهِبَة]

- ‌[الرُّقْبَى]

- ‌[كِتَابُ الْإِجَارَةِ]

- ‌[لِرَبِّ الدَّارِ وَالْأَرْضِ طَلَبُ الْأَجْرِ كُلَّ يَوْمٍ]

- ‌[اسْتَأْجَرَهُ لِيَجِيءَ بِعِيَالِهِ فَمَاتَ بَعْضُهُمْ فَجَاءَ بِمَا بَقِيَ]

- ‌[بَابُ مَا يَجُوزُ مِنْ الْإِجَارَةِ وَمَا يَكُونُ خِلَافًا فِيهَا]

- ‌[الزَّرْعُ يُتْرَكُ بِأَجْرِ الْمِثْلِ إلَى أَنْ يُدْرَكَ إذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ]

- ‌[بَابُ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ]

الفصل: ‌ قال لآخر لك علي ألف فرده ثم صدقه

فِيهِ إذَا بَرْهَنَ وَذَكَرَهُ عَبْدُ الْقَادِرِ فِي الطَّبَقَاتِ مِنْ الْأَلْقَابِ عَنْ عَلَاءِ الدِّينِ

(قَوْلُهُ وَمَنْ‌

‌ قَالَ لِآخَرَ لَك عَلَيَّ أَلْفٌ فَرَدَّهُ ثُمَّ صَدَّقَهُ

فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ هُوَ الْأَوَّلُ وَقَدْ ارْتَدَّ بِرَدِّ الْمُقَرِّ لَهُ وَالثَّانِي دَعْوَى فَلَا بُدَّ مِنْ الْحُجَّةِ أَوْ تَصْدِيقِ الْخَصْمِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ اشْتَرَيْت وَأَنْكَرَ لَهُ أَنْ يُصَدِّقَهُ؛ لِأَنَّ أَحَدَ الْعَاقِدَيْنِ لَا يَنْفَرِدُ بِالْفَسْخِ كَمَا لَا يَنْفَرِدُ بِالْعَقْدِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ حَقُّهُمَا فَبَقِيَ الْعَقْدُ فَعَمِلَ التَّصْدِيقُ أَمَّا الْمُقَرُّ لَهُ فَيَنْفَرِدُ بِرَدِّ الْإِقْرَارِ فَافْتَرَقَا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَنَاقَضَهُ فِي الْكَافِي بِأَنَّهُ ذَكَرَ هُنَا أَنَّ أَحَدَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ لَا يَنْفَرِدُ بِالْفَسْخِ وَفِيمَا تَقَدَّمَ يَعْنِي فِي مَسْأَلَةِ التَّجَاحُدِ قَالَ وَلِأَنَّهُ لَمَّا تَعَذَّرَ اسْتِيفَاءُ الثَّمَنِ مِنْ الْمُشْتَرِي فَاتَ رِضَا الْبَائِعِ فَيَسْتَبِدُّ بِالْفَسْخِ وَالتَّوْفِيقُ بَيْنَ كَلَامِهِ صَعْبٌ اهـ.

وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بِقَوْلِهِ بَعْدَهُ وَهُوَ صَحِيحٌ وَيَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ تَعَذَّرَ الِاسْتِيفَاءُ مَعَ الْإِقْرَارِ بِأَنْ مَاتَ وَلَا بَيِّنَةَ أَنَّ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ وَيَسْتَمْتِعَ بِالْجَارِيَةِ وَالْوَجْهُ مَا قَدَّمَهُ أَوَّلًا اهـ.

وَأَجَابَ عَنْهُ فِي الْعِنَايَةِ بِأَنْ لَا مُنَاقَضَةَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا حَكَمَ أَوَّلًا بِكَوْنِهِ فَسْخًا مِنْ جِهَتِهِ لَا مُطْلَقًا أَوْ لِأَنَّ كَلَامَهُ الْأَوَّلَ فِيمَا إذَا تَرَكَ الْبَائِعُ الْخُصُومَةَ وَالثَّانِي فِيمَا إذَا لَمْ يَتْرُكْهَا وَقَوْلُهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ أَيْ بِسَبَبِ الْإِقْرَارِ أَمَّا إذَا بَرْهَنَ الْمُقَرُّ لَهُ أَوْ صَدَّقَهُ خَصْمُهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ الْمُقِرَّ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَسَيَأْتِي رَدُّهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ يَكُونُ الْحَقُّ لَهُمَا جَمِيعًا إذَا رَجَعَ الْمُنْكِرُ إلَى التَّصْدِيقِ قَبْلَ أَنْ يُصَدِّقَهُ الْآخَرُ عَلَى إنْكَارِهِ فَهُوَ جَائِزٌ كَالْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ وَكُلُّ شَيْءٍ يَكُونُ الْحَقُّ فِيهِ لِوَاحِدٍ كَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْإِقْرَارِ لَا يَنْفَعُهُ إقْرَارُهُ بَعْدَهُ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ وَقَيَّدَ بِكَوْنِ التَّصْدِيقِ بَعْدَ الرَّدِّ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَبِلَ الْإِقْرَارَ أَوَّلًا ثُمَّ رَدَّهُ لَمْ يَرْتَدَّ وَكَذَا الْإِبْرَاءُ عَنْ الدَّيْنِ وَهِبَتُهُ لِأَنَّهُ بِالْقَبُولِ قَدْ تَمَّ وَكَذَا إذَا وَقَفَ عَلَى رَجُلٍ فَقَبِلَهُ ثُمَّ رَدَّهُ لَمْ يَرْتَدَّ وَإِنْ رَدَّهُ قَبْلَ الْقَبُولِ ارْتَدَّ كَمَا فِي الْإِسْعَافِ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْإِبْرَاءَ يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ إلَّا فِيمَا إذَا قَالَ الْمَدْيُونُ أَبْرِئْنِي فَأَبْرَأَهُ فَإِنَّهُ لَا يَرْتَدُّ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَكَذَا إبْرَاءُ الْكَفِيلِ لَا يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ فَالْمُسْتَثْنَى مَسْأَلَتَانِ كَمَا أَنَّ قَوْلَهُمْ إنَّ الْإِبْرَاءَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبُولِ يَخْرُجُ عَنْهُ الْإِبْرَاءُ عَنْ بَدَلِ الصَّرْفِ وَالسَّلَمِ فَإِنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبُولِ لِيَبْطُلَا كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي بَابِ السَّلَمِ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا ادَّعَى أَنَّهُ أَقَرَّ بِالْمَالِ الَّذِي أَبْرَأهُ مِنْهُ إنْ قَالَ أَبْرَأَنِي وَقَبِلْته لَمْ يَصِحَّ الْإِقْرَارُ لِعَدَمِ صِحَّةِ الرَّدِّ بَعْدَ الْقَبُولِ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ وَقَبِلْته صَحَّ الْإِقْرَارُ لِجَوَازِ رَدِّ الْإِبْرَاءِ فَيَبْطُلُ فَيَصِحُّ الْإِقْرَارُ وَتَمَامُهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَأَطْلَقَ فِي الرَّدِّ فَشَمِلَ مَا إذَا قَالَ لَيْسَ لِي عَلَيْك شَيْءٌ أَوْ قَالَ هِيَ لَك أَوْ قَالَ هِيَ لِفُلَانٍ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالْأَخِيرُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُصَدِّقْ فُلَانًا وَإِلَّا فَهُوَ تَحْوِيلٌ وَأَشَارَ بِاتِّحَادِ الْإِقْرَارِ إلَى أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ ثَانِيًا بَعْدَ الرَّدِّ فَصَدَّقَهُ الثَّانِي ثَبَتَ اسْتِحْسَانًا لَا قِيَاسًا كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَفِي الْقُنْيَةِ لَوْ أَنْكَرَ الْمُقِرُّ الْإِقْرَارَ الثَّانِيَ وَادَّعَاهُ الْمُقَرُّ لَهُ وَأَقَامَ بَيِّنَةً لَا تُسْمَعُ وَلَا يَحْلِفُ لِلتَّنَاقُضِ بَيْنَ هَذِهِ وَرَدِّ الْإِقْرَارِ وَعَدَمِ عِلْمِ الْقَاضِي بِمَا يَدْفَعُ التَّنَاقُضَ وَهُوَ رُجُوعُ الْمُقِرِّ إلَى إقْرَارِهِ قَالَ أُسْتَاذُنَا يَنْبَغِي الْقَبُولُ وَهُوَ الْأَشْبَهُ بِالصَّوَابِ إلَى آخِرِ مَا فِيهَا مِنْ الْإِقْرَارِ وَقَيَّدَ بِرَدِّ الْمُقَرِّ لَهُ؛ لِأَنَّ الْمُقِرَّ لَوْ رَدَّ إقْرَارَ نَفْسِهِ كَأَنْ أَقَرَّ بِقَبْضِ الْمَبِيعِ أَوْ الثَّمَنِ ثُمَّ قَالَ لَمْ أَقْبِضْ وَأَرَادَ تَحْلِيفَ الْآخَرِ أَنَّهُ أَقْبَضَهُ أَوْ قَالَ هَذَا لِفُلَانٍ ثُمَّ قَالَ هُوَ لِي وَأَرَادَ تَحْلِيفَ فُلَانٍ أَوْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ ثُمَّ قَالَ كُنْت كَاذِبًا لَا يَحْلِفُ الْمُقَرُّ لَهُ فِي الْمَسَائِلِ كُلِّهَا

ــ

[منحة الخالق]

[قَالَ لِآخَرَ لَك عَلَيَّ أَلْفٌ فَرَدَّهُ ثُمَّ صَدَّقَهُ]

(قَوْلُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ الْحُجَّةِ) قَالَ فِي الْحَوَاشِي السَّعْدِيَّةِ كَيْفَ تُقْبَلُ حُجَّتُهُ وَهُوَ مُتَنَاقِضٌ فِي دَعْوَاهُ تَأَمَّلْ فِي جَوَابِهِ اهـ.

وَاسْتَشْكَلَهُ الْمُؤَلِّفُ أَيْضًا فِيمَا يَأْتِي فِي هَذِهِ السِّوَادَةِ (قَوْلُهُ وَأَجَابَ عَنْهُ فِي الْعِنَايَةِ إلَخْ) وَفِي الْحَوَاشِي الْيَعْقُوبِيَّةِ قَالَ صَاحِبُ الْكِفَايَةِ لَا تَنَاقُضَ بَيْنَ كَلَامِهِ فَيَحْتَاجُ إلَى التَّوْفِيقِ؛ لِأَنَّ مُرَادَهُ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ أَحَدَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ لَا يَنْفَرِدُ بِالْفَسْخِ فِيمَا إذَا كَانَ الْآخَرُ عَلَى الْعَقْدِ مُعْتَرِفًا بِهِ كَمَا إذَا قَالَ أَحَدُهُمَا اشْتَرَيْت وَأَنْكَرَ الْآخَرُ لَا يَكُونُ إنْكَارُهُ فَسْخًا لِلْعَقْدِ إذْ لَا يَتِمُّ بِهِ الْفَسْخُ وَفِيمَا إذَا قَالَ أَحَدُهُمَا اشْتَرَيْت مِنِّي هَذِهِ الْجَارِيَةَ وَأَنْكَرَ فَالْمُدَّعِي لِلْعَقْدِ هُوَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي يُنْكِرُ الْعَقْدَ وَالْبَائِعُ بِانْفِرَادِهِ عَلَى الْعَقْدِ فَيَسْتَبِدُّ بِفَسْخِهِ أَيْضًا وَفِيهِ كَلَامٌ وَهُوَ أَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ قَوْلِهِ فِيمَا سَبَقَ وَلِأَنَّهُ لَمَّا تَعَذَّرَ إلَخْ كَوْنُ مُجَرَّدِ اسْتِقْلَالِ الْبَائِعِ فِي الْفَسْخِ لِتَعَذُّرِ اسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ دَلِيلًا مُسْتَقِلًّا لِحِلِّ الْوَطْءِ بِدُونِ اعْتِبَارِ كَوْنِ إنْكَارِ الْمُشْتَرِي فَسْخًا مِنْ جَانِبِهِ حَتَّى لَوْ تَعَذَّرَ الِاسْتِيفَاءُ مَعَ عَدَمِ الْإِنْكَارِ لَا يَسْتَبِدُّ بِالْفَسْخِ أَيْضًا وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا قَوْلُ صَدْرِ الشَّرِيعَةِ فِي تَعْرِيفِهِ حِلَّ الْوَطْءِ لَا سِيَّمَا إذَا جَحَدَ الْمُشْتَرِي إلَخْ كَمَا لَا يَخْفَى بَلْ غَايَةُ مَا يُمْكِنُ فِي التَّوْفِيقِ أَنْ يُقَالَ إنَّ مُرَادَهُ فِيمَا سَبَقَ اسْتِبْدَادُ الْبَائِعِ بِالْفَسْخِ لِضَرُورَةِ تَعَذُّرِ اسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ وَوُجُوبِ دَفْعِ الضَّرَرِ وَهُنَا لَا ضَرُورَةَ لِلْمُقِرِّ لَهُ بِالشِّرَاءِ إلَى الْفَسْخِ فَلَا يَسْتَبِدُّ بِهِ فَمُرَادُهُ مِنْ قَوْلِهِ هَاهُنَا؛ لِأَنَّ أَحَدَ الْعَاقِدَيْنِ لَا يَنْفَرِدُ بِالْفَسْخِ إلَخْ عَدَمُ الِانْفِرَادِ عِنْدَ عَدَمِ الضَّرُورَةِ فَلَا تَنَاقُضَ لَكِنَّهُ بَعِيدٌ لَا يَخْفَى فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ.

(قَوْلُهُ وَسَيَأْتِي رَدُّهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ) أَيْ رَدُّ قَوْلِهِ أَمَّا إنْ بَرْهَنَ الْمُقَرُّ لَهُ وَهُوَ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ السَّعْدِيَّةِ (قَوْلُهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ إلَخْ) وُجِدَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ مُقَدَّمًا عَلَى قَوْلِهِ وَقَوْلُهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ قَيَّدَ بِكَوْنِ التَّصْدِيقِ بَعْدَ الرَّدِّ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ الْإِقْرَارُ وَالْإِبْرَاءُ لَا يَحْتَاجَانِ إلَى الْقَبُولِ وَيَرْتَدَّانِ بِالرَّدِّ قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ؛ لِأَنَّ لِكُلِّ أَحَدٍ وِلَايَةٌ عَلَى نَفْسِهِ وَلَيْسَ لِغَيْرِهِ أَنْ يَمْنَعَهُ وَلَكِنْ لِلْمُقَرِّ لَهُ أَنْ لَا يَقْبَلَ صِيَانَةً لِنَفْسِهِ عَنْ الْمِنَّةِ وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة نَقْلًا عَنْ الْكَافِي وَالْمِلْكُ يَثْبُتُ لِلْمُقَرِّ لَهُ بِلَا تَصْدِيقٍ وَقَبُولٍ وَلَكِنْ يَبْطُلُ بِرَدِّهِ اهـ.

قُلْتُ: وَيُسْتَثْنَى الْإِبْرَاءُ عَنْ بَدَلِ الصَّرْفِ وَالسَّلَمِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُؤَلِّفُ قَرِيبًا

ص: 38

عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهُ مُتَنَاقِضٌ كَقَوْلِهِ لَيْسَ لِي عَلَى فُلَانٍ شَيْءٌ ثُمَّ ادَّعَى عَلَيْهِ مَالًا وَأَرَادَ تَحْلِيفَهُ لَمْ يَحْلِفْ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يُحَلِّفُهُ لِلْعَادَةِ وَسَيَأْتِي فِي مَسَائِلَ شَتَّى آخِرَ الْكِتَابِ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ اخْتَارَهُ أَئِمَّةُ خُوَارِزْمَ لَكِنْ اخْتَلَفُوا فِيمَا إذَا ادَّعَاهُ وَارِثٌ لِلْمُقِرِّ عَلَى قَوْلَيْنِ وَلَمْ يُرَجِّحْ فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْهُمَا شَيْئًا وَقَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ الرَّأْيُ فِي التَّحْلِيفِ إلَى الْقَاضِي وَفَسَّرَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بِأَنَّهُ يَجْتَهِدُ بِخُصُوصِ الْوَقَائِعِ فَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ حِينَ أَقَرَّ يَحْلِفُ لَهُ الْخَصْمُ وَمَنْ لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ فِيهِ ذَلِكَ لَا يُحَلِّفُهُ وَهَذَا إنَّمَا هُوَ فِي الْمُتَفَرِّسِ فِي الْأَخْصَامِ اهـ.

وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلْأَلْفِ فَالْعَيْنُ كَالدِّينِ وَقَيَّدَ بِالرَّدِّ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِمَالٍ مِنْ جِهَةٍ وَكَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فِيهَا وَادَّعَى أُخْرَى إنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الْجِهَتَيْنِ مُنَافَاةٌ وَجَبَ الْمَالُ كَمَا إذَا قَالَ لَهُ أَلْفٌ بَدَلُ قَرْضٍ فَقَالَ بَدَلُ غَصْبٍ وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا مُنَافَاةٌ كَأَنْ قَالَ ثَمَنُ عَبْدٍ لَمْ أَقْبِضْهُ وَقَالَ قَرْضٌ أَوْ غَصْبٌ وَلَمْ يَكُنْ الْعَبْدُ فِي يَدِهِ لَزِمَهُ الْأَلْفُ صَدَّقَهُ فِي الْجِهَةِ أَوْ كَذَّبَهُ عِنْدَ الْإِمَامِ وَإِنْ كَانَ فِي يَدِ الْمُدَّعِي فَالْقَوْلُ لِلْمُقِرِّ فِي يَدِهِ وَسَيَأْتِي فِي الْإِقْرَارِ وَتَمَامُهَا فِي إقْرَارِ مُنْيَةِ الْمُفْتِي وَقَيَّدَ بِالرَّدِّ مِنْ غَيْرِ تَحْوِيلٍ إلَى غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ حَوَّلَهُ كَمَا لَوْ أَقَرَّ ذُو الْيَدِ بِأَنَّ الدَّارَ لِفُلَانٍ فَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ مَا كَانَتْ لِي قَطُّ لَكِنَّهَا لِفُلَانٍ وَصَدَّقَهُ فُلَانٌ فَهِيَ لِلثَّانِي بِخِلَافِ الْمَقْضِيِّ لَهُ بِالدَّارِ إذَا قَالَ بَعْدَ الْقَضَاءِ مَا كَانَ لِي فِيهَا حَقٌّ قَطُّ لَكِنَّهَا لِفُلَانٍ وَتَمَامُهُ فِي الْمُنْيَةِ وَفِي التَّلْخِيصِ قَالَ أَوْدَعْتنِي هَذِهِ الْأَلْفَ فَقَالَ لَا بَلْ لِي أَلْفٌ قَرْضٌ فَقَدْ رُدَّ؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ غَيْرُ الدَّيْنِ إلَّا أَنْ يَتَصَادَقَا؛ لِأَنَّ الْمُصِرَّ كَالْمُبْتَدِئِ وَلَوْ قَالَ أُقِرُّ أَقْرَضْتُكهَا أَخَذَ الْأَلْفَ؛ لِأَنَّ التَّكَاذُبَ فِي الزَّوَالِ وَلَوْ قَالَ غَصَبْتهَا أَخَذَ أَلْفًا؛ لِأَنَّ مُوجِبَهُ الضَّمَانُ فَاتَّفَقَا عَلَى الدَّيْنِ وَاخْتَلَفَا فِي الْجِهَةِ فَلَغَتْ وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ بِالْقَرْضِ وَهُوَ ادَّعَى الثَّمَنَ لَا يَلْزَمُ زَوَّجْتُكَ بِكَذَا لَا بَلْ بِعْتنِي؛ لِأَنَّ السَّبَبَ مَقْصُودٌ لِتَبَايُنِ الْحَلَّيْنِ وَلِذَا لَمْ يَصِحَّ الْإِقْرَارُ بِمُطْلَقِهِ بِخِلَافِ الْمَالِ اهـ.

وَلَمْ يَذْكُرْ حُكْمَ وَزْنِهَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَالدَّعْوَى وَفِي كَافِي الْحَاكِمِ لَوْ أَقَرَّ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ عَدَدًا ثُمَّ قَالَ هِيَ وَزْنُ خَمْسَةٍ أَوْ سِتَّةٍ وَكَانَ الْإِقْرَارُ مِنْهُ بِالْكُوفَةِ فَعَلَيْهِ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَزْنُ سَبْعَةٍ فَلَا يُصَدَّقُ عَلَى النُّقْصَانِ إذَا لَمْ يُبَيِّنْ مَوْصُولًا وَكَذَا الدَّنَانِيرُ وَإِنْ كَانُوا فِي بِلَادٍ يَتَعَارَفُونَ عَلَى دَرَاهِمَ مَعْرُوفَةِ الْوَزْنِ بَيْنَهُمْ صُدِّقَ اهـ.

وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي يَدِهِ عَبْدٌ فَقَالَ لِرَجُلٍ هُوَ عَبْدُك فَرَدَّهُ الْمُقَرُّ لَهُ ثُمَّ قَالَ بَلْ هُوَ عَبْدِي وَقَالَ الْمُقِرُّ هُوَ عَبْدِي فَهُوَ لِذِي الْيَدِ الْمُقِرِّ وَلَوْ قَالَ ذُو الْيَدُ لِلْآخَرِ هُوَ عَبْدُك فَقَالَ لَا بَلْ هُوَ عَبْدُك ثُمَّ قَالَ الْآخَرُ بَلْ هُوَ عَبْدِي وَبَرْهَنَ لَا يُقْبَلُ لِلتَّنَاقُضِ اهـ.

وَهَذَا بِخِلَافِ مَا فِي الْهِدَايَةِ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْحُجَّةِ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي سَمَاعَ الدَّعْوَى وَهُوَ مُشْكِلٌ وَقَيَّدَ بِالْإِقْرَارِ بِالْمَالِ احْتِرَازًا عَنْ الْإِقْرَارِ بِالرِّقِّ وَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالنَّسَبِ وَالْوَلَاءِ فَإِنَّهَا لَا تَرْتَدُّ بِالرَّدِّ أَمَّا الثَّلَاثَةُ الْأُوَلُ فَفِي الْبَزَّازِيَّةِ قَالَ لِآخَرَ أَنَا عَبْدُك فَرَدَّ الْمُقَرُّ لَهُ ثُمَّ عَادَ إلَى تَصْدِيقِهِ فَهُوَ عَبْدُهُ وَلَا يَبْطُلُ الْإِقْرَارُ بِالرِّقِّ بِالرَّدِّ كَمَا لَا يَبْطُلُ بِجُحُودِ الْمَوْلَى بِخِلَافِ الْإِقْرَارِ بِالدَّيْنِ وَالْعَيْنِ حَيْثُ يَبْطُلُ بِالرَّدِّ وَالطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ لَا يَبْطُلَانِ بِالرَّدِّ؛ لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ يَتِمُّ بِالْمُسْقِطِ وَحْدَهُ اهـ.

وَأَمَّا الْإِقْرَارُ بِالنَّسَبِ وَوَلَاءِ الْعَتَاقَةِ فَفِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ مِنْ الْوَلَاءِ، وَأَمَّا الْإِقْرَارُ بِالنِّكَاحِ فَلَمْ أَرَهُ الْآنَ وَحَاصِلُ مَسَائِلِ رَدِّ الْإِقْرَارِ بِالْمَالِ أَنَّهُ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَرُدَّهُ مُطْلَقًا أَوْ يَرُدَّ الْجِهَةَ الَّتِي عَيَّنَهَا الْمُقِرُّ وَحَوَّلَهَا إلَى أُخْرَى أَوْ يَرُدُّهُ لِنَفْسِهِ وَيُحَوِّلُهُ إلَى غَيْرِهِ فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ بَطَلَ وَإِنْ كَانَ الثَّانِي فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا مُنَافَاةٌ وَجَبَ وَإِلَّا بَطَلَ وَإِنْ كَانَ الثَّالِثُ فَإِنْ صَدَّقَهُ فُلَانٌ تَحَوَّلَ إلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ كَانَ بِطَلَاقٍ أَوْ عَتَاقٍ أَوْ وَلَاءٍ أَوْ نِكَاحٍ أَوْ وَقْفٍ أَوْ نَسَبٍ أَوْ رِقٍّ لَمْ يَرْتَدَّ بِالرَّدِّ فَيُقَالُ الْإِقْرَارُ يَرْتَدُّ بِرَدِّ الْمُقَرِّ لَهُ إلَّا فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ

(قَوْلُهُ وَمَنْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ مَالًا فَقَالَ مَا كَانَ لَك عَلَيَّ شَيْءٌ قَطُّ فَبَرْهَنَ الْمُدَّعِي عَلَى أَلْفٍ وَهُوَ بَرْهَنَ عَلَى الْقَضَاءِ أَوْ الْإِبْرَاءِ قُبِلَ) لِإِمْكَانِ التَّوْفِيقِ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْحَقِّ قَدْ يُقْضَى وَيَبْرَأُ مِنْهُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُؤَكِّدَ النَّفْيَ بِكَلِمَةِ قَطُّ أَوْ لَا وَأَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا قَضَى بِالْمَالِ ثُمَّ ادَّعَى الْإِيفَاءَ كَمَا فِي الْمُلْتَقَطِ فَالدَّفْعُ بَعْدَ الْقَضَاءِ صَحِيحٌ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ الْمُخَمَّسَةِ كَمَا سَيَأْتِي وَأَشَارَ الْمُؤَلِّفُ إلَى أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى الْقِصَاصَ عَلَى آخَرَ فَأَنْكَرَ فَبَرْهَنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْعَفْوِ أَوْ عَلَى الصُّلْحِ عَنْهُ عَلَى مَالٍ تُقْبَلُ وَكَذَا فِي دَعْوَى الرِّقِّ وَقَيَّدَ بِكَوْنِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَمْ يُصَالِحُ لِسُكُوتِهِ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا مُنَافَاةٌ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُنْيَةِ هَكَذَا وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا مُنَافَاةٌ بِأَنْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ثَمَنُ عَبْدٍ بَاعَنِيهِ إلَّا أَنِّي لَمْ أَقْبِضْهُ وَقَالَ الْمُدَّعِي بَدَلَ قَرْضٍ أَوْ غَصْبٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْمُدَّعِي بِأَنْ أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِبَيْعِ عَبْدٍ لَا بِعَيْنِهِ فَعِنْدَ الْإِمَامِ يَلْزَمُهُ الْأَلْفُ صَدَّقَهُ الْمُدَّعِي فِي الْجَهَالَةِ أَوْ كَذَّبَهُ وَلَا يُصَدَّقُ فِي قَوْلِهِ لَمْ أَقْبِضْهُ وَإِنْ وَصَلَ وَإِنْ كَانَ فِي يَدِ الْمُدَّعِي بِأَنْ كَانَ الْمُقِرُّ عَيَّنَ عَبْدًا فَإِنْ صَدَّقَهُ الْمُدَّعِي يُؤْمَرُ بِأَخْذِهِ وَتَسْلِيمُ الْعَبْدِ إلَى الْمُقِرِّ كَذَا إذَا قَالَ الْعَبْدُ لَهُ وَلَكِنْ هَذِهِ الْأَلْفُ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ ثَمَنٍ هَذَا الْعَبْدُ وَإِنْ كَذَّبَهُ وَقَالَ الْعَبْدُ لِي وَمَا بِعْته وَإِنَّمَا لِي عَلَيْهِ بِسَبَبٍ آخَرَ مِنْ بَدَلِ قَرْضٍ أَوْ غَصْبٍ فَالْقَوْلُ لِلْمُقِرِّ مَعَ يَمِينِهِ بِاَللَّهِ مَا لِهَذَا عَلَيْهِ أَلْفٌ مِنْ غَيْرِ ثَمَنِ هَذَا الْعَبْدِ. اهـ.

ص: 39

عَنْهُ وَالْأَصْلُ الْعَدَمُ أَمَّا إذَا أَنْكَرَ فَصَالَحَهُ عَلَى شَيْءٍ ثُمَّ بَرْهَنَ عَلَى الْإِيفَاءِ أَوْ الْإِبْرَاءِ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا ادَّعَى الْإِيفَاءَ ثُمَّ صَالَحَهُ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ بُرْهَانُهُ عَلَى الْإِيفَاءِ كَمَا فِي الْخِزَانَةِ وَإِلَى أَنَّهُ مَتَى أَمْكَنَ التَّوْفِيقُ فَلَا تَنَاقُضَ فَمِنْ ذَلِكَ ادَّعَى مَالًا بِالشَّرِكَةِ ثُمَّ ادَّعَاهُ دَيْنًا عَلَيْهِ تُسْمَعُ وَعَلَى الْقَلْبِ لَا؛ لِأَنَّ مَالَ الشَّرِكَةِ يَنْقَلِبُ دَيْنًا بِالْجُحُودِ وَالدَّيْنُ لَا يَنْقَلِبُ أَمَانَةً وَلَا شَرِكَةً كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ.

وَفِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ ادَّعَى عَلَيْهِ شَيْئًا فَأَجَابَ قَائِلًا إنِّي آتِي بِالدَّفْعِ فَقِيلَ أَعْلَى الْإِيفَاءِ أَوْ الْإِبْرَاءِ فَقَالَ عَلَى كِلَيْهِمَا يُسْمَعُ قَوْلُهُ إنْ وَفَّقَ بِأَنْ قَالَ أَوْفَيْت الْبَعْضَ وَأَبْرَأَنِي عَنْ الْبَعْضِ أَوْ قَالَ أَبْرَأَنِي عَنْ الْكُلِّ لَكِنْ لَمَّا أَنْكَرَ الْإِبْرَاءَ أَوْفَيْت اهـ.

وَلَا يَخْفَى أَنَّ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْإِمْكَانَ كَافٍ يُسْمَعُ مُطْلَقًا وَمِنْ مَسَائِلِ دَعْوَى الْإِيفَاءِ مَا فِي الْمُحِيطِ مِنْ الْمَسْأَلَةِ الْمُخَمَّسَةِ ادَّعَى عَلَى الْآخَرِ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَأَنَّهُ اسْتَوْفَى مِائَةً وَخَمْسِينَ وَبَقِيَ عَلَيْهِ خَمْسُونَ وَأَثْبَتَهَا بِالْبَيِّنَةِ ثُمَّ بَرْهَنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ أَوْفَاهُ الْخَمْسِينَ لَا تُسْمَعُ حَتَّى يَقُولَا هَذِهِ الْخَمْسُونَ الَّتِي تَدَّعِي؛ لِأَنَّ فِي مِائَةٍ وَخَمْسِينَ خَمْسِينَ اهـ.

وَفِي دَعْوَى الْمُلْتَقَطِ لَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ لَهُ عَلَى فُلَانٍ أَرْبَعَمِائَةِ دِرْهَمٍ ثُمَّ أَقَرَّ الْمُدَّعِي أَنَّ لِلْمُنْكِرِ عَلَيْهِ ثَلَثَمِائَةٍ سَقَطَ عَنْ الْمُنْكِرِ ثَلَاثُمِائَةٍ عِنْدَ أَبِي الْقَاسِمِ الصَّفَّارِ وَعِنْدَ أَبِي أَحْمَدَ بْنِ عِيسَى بْنِ النَّضْرِ أَنَّهَا لَا تَسْقُطُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى اهـ.

وَلْيُتَأَمَّلْ فِي وَجْهِ عَدَمِ السُّقُوطِ وَقَيَّدَ بِدَعْوَى الْإِيفَاءِ بَعْدَ الْإِنْكَارِ إذْ لَوْ ادَّعَاهُ بَعْدَ الْإِقْرَارِ بِالدَّيْنِ فَإِنْ كَانَ كِلَا الْقَوْلَيْنِ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ لَمْ يُقْبَلْ لِلتَّنَاقُصِ وَإِنْ تَفَرَّقَا عَنْ الْمَجْلِسِ ثُمَّ ادَّعَاهُ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْإِيفَاءِ بَعْدَ الْإِقْرَارِ تُقْبَلُ لِعَدَمِ التَّنَاقُضِ وَإِنْ ادَّعَى الْإِيفَاءَ قَبْلَ الْإِقْرَارِ لَا تُقْبَلُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ زَادَ وَلَا أَعْرِفُك لَا) أَيْ زَادَ قَوْلَهُ وَلَا أَعْرِفُك عَلَى قَوْلِهِ مَا كَانَ لَك عَلَيَّ شَيْءٌ قَطُّ لَمْ يُقْبَلْ بُرْهَانُهُ وَالْمُرَادُ هَذِهِ الْكَلِمَةُ وَمَا كَانَ مَعْنَاهَا نَحْوَ وَلَا رَأَيْتُك أَوْ وَلَا جَرَى بَيْنِي وَبَيْنَك مُعَامَلَةٌ أَوْ مُخَالَطَةٌ أَوْ خُلْطَةٌ أَوْ وَلَا أَخْذٌ وَلَا إعْطَاءٌ أَوْ مَا اجْتَمَعْت مَعَك فِي مَكَان كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَإِنَّمَا لَمْ تُقْبَلْ لِتَعَذُّرِ التَّوْفِيقِ بَيْنَ كَلَامَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ بَيْنَ اثْنَيْنِ مُعَامَلَةٌ مِنْ غَيْرِ مَعْرِفَةٍ وَذَكَرَ عَنْ أَصْحَابِنَا الْقُدُورِيِّ أَنَّهُ يُقْبَلُ لِإِمْكَانِ التَّوْفِيقِ؛ لِأَنَّ الْمُحْتَجِبَ مِنْ الرِّجَالِ وَالْمُخَدَّرَةَ قَدْ يُؤْذَى بِالشَّغَبِ عَلَى بَابِهِ فَيَأْمُرُ بَعْضَ وُكَلَائِهِ بِإِرْضَاءِ الْخَصْمِ وَلَا يَعْرِفُهُ ثُمَّ يَعْرِفُهُ وَفَرَّعَ عَلَيْهِ فِي النِّهَايَةِ تَبَعًا لِقَاضِي خَانْ بِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَوْ كَانَ مِمَّنْ يَتَوَلَّى الْأَعْمَالَ بِنَفْسِهِ لَا يُقْبَلُ اهـ.

فَالْمُحْتَجِبُ مَنْ لَا يَتَوَلَّى الْأَعْمَالَ بِنَفْسِهِ وَقِيلَ مَنْ لَا يَرَاهُ كُلُّ أَحَدٍ لِعَظَمَتِهِ وَفِي الْقَامُوسِ الشَّغْبُ وَيُحَرَّكُ وَقِيلَ لَا تَهْيِيجُ الشَّرِّ وَفِي إصْلَاحِ الْإِيضَاحِ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ مَبْنَى إمْكَانِ التَّوْفِيقِ عَلَى أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا مِمَّنْ لَا يَتَوَلَّى الْأَعْمَالَ بِنَفْسِهِ لَا عَلَى أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِخُصُوصِهِ وَتَصْوِيرُ الْقُدُورِيِّ إمْكَانَ التَّوْفِيقِ فِيهِ لَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ. اهـ.

وَدَفْعُهُ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ كُلَّهُ فِي تَنَاقُضِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا الْمُدَّعِي وَأَشَارَ الْمُؤَلِّفُ رحمه الله إلَى أَنَّهُ إذَا لَمْ يُمْكِنْ التَّوْفِيقُ لَمْ يَنْدَفِعْ التَّنَاقُضُ فَمِنْ ذَلِكَ مَا فِي الْمِعْرَاجِ مَعْزِيًّا إلَى الشَّافِي لَوْ قَالَ لَمْ أَدْفَعْ إلَيْهِ شَيْئًا ثُمَّ ادَّعَى الدَّفْعَ لَمْ يُسْمَعْ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَحِيلُ أَنْ يَقُولَ لَمْ أَدْفَعْ إلَيْهِ شَيْئًا وَقَدْ دَفَعْت أَمَّا لَوْ ادَّعَى إقْرَارَهُ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ أَوْ الْقَضَاءِ يَنْبَغِي أَنْ يُسْمَعَ؛ لِأَنَّ الْمُتَنَاقِضَ هُوَ الَّذِي يَجْمَعُ بَيْنَ كَلَامَيْنِ وَهَاهُنَا لَمْ يَجْمَعْ وَلِهَذَا لَوْ صَدَّقَهُ الْمُدَّعِي عِيَانًا لَمْ يَكُنْ مُنَاقِضًا ذَكَرَهُ التُّمُرْتَاشِيُّ وَمِنْ هُنَا أَجَبْت عَنْ حَادِثَةٍ: أَذِنَ لَهُ فِي دَفْعِ الْمَالِ لِأَخِيهِ ثُمَّ ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ مَا دَفَعَ فَقَالَ دَفَعْت ثُمَّ قَالَ لَمْ أَدْفَعْ فَحَكَمَ عَلَيْهِ فَجَاءَ الْأَخُ فَأَقَرَّ أَنَّهُ دَفَعَ لَهُ فَإِنَّهُ يَبْرَأُ؛ لِأَنَّ تَصْدِيقَ الْأَخِ الْمَأْذُونِ فِي الدَّفْعِ إلَيْهِ كَتَصْدِيقِ الْمُدَّعِي وَقَدْ عَلِمْت مَا إذَا صَدَّقَ الْمُدَّعِيَ وَقِيلَ تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْإِبْرَاءِ فِي هَذَا الْفَصْلِ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ؛ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ يَتَحَقَّقُ بِلَا مَعْرِفَةٍ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ ادَّعَى عَلَيْهِ مِلْكًا مُطْلَقًا ثُمَّ ادَّعَى عَلَيْهِ عِنْدَ ذَلِكَ الْحَاكِمِ بِسَبَبٍ يُقْبَلُ وَيُسْمَعُ بُرْهَانُهُ بِخِلَافِ الْعَكْسِ إلَّا أَنْ يَقُولَ الْعَاكِسُ أَرَدْت بِالْمُطْلَقِ الثَّانِي الْمُقَيَّدَ الْأَوَّلَ لِكَوْنِ الْمُطْلَقِ أَزْيَدَ مِنْ الْمُقَيَّدِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى نَصَّ عَلَيْهِ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ ادَّعَى النِّتَاجَ أَوَّلًا ثُمَّ الْمِلْكَ الْمُقَيَّدَ فَقِيَاسُ مَا ذَكَرُوهُ أَنَّهُ إذَا ادَّعَى النِّتَاجَ وَشَهِدَ بِالْمُقَيَّدِ لَا يُقْبَلُ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ. اهـ.

وَفِي إقْرَارِ الْبَزَّازِيَّةِ أَقَرَّ بِبَيْعِ عَبْدِهِ مِنْ فُلَانٍ ثُمَّ جَحَدَهُ صَحَّ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِالْبَيْعِ بِلَا ثَمَنٍ إقْرَارٌ بَاطِلٌ اهـ.

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَلْيُتَأَمَّلْ فِي وَجْهِ عَدَمِ السُّقُوطِ) قَالَ فِي الْمِنَحِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَمَّا كَانَ جَاحِدًا فَذِمَّتُهُ غَيْرُ مَشْغُولَةٍ بِشَيْءٍ فِي زَعْمِهِ فَأَنَّى تَقَعُ الْمُقَاصَّةُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ اهـ.

وَنَقَلَهُ عَنْهُ الرَّمْلِيُّ مَعَ زِيَادَةٍ وَهِيَ قَوْلُهُ أَوْ نَقُولُ يَجْعَلُ تَصْمِيمَهُ عَلَى الْإِنْكَارِ رَدًّا لِمَا أَقَرَّ بِهِ الْمُدَّعِي وَهُوَ مِمَّا يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ. اهـ.

(قَوْلُهُ وَقِيلَ تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْإِبْرَاءِ فِي هَذَا الْفَصْلِ) قَائِلُهُ صَاحِبُ الْكَافِي كَمَا ذَكَرَهُ الْعَيْنِيُّ وَقَوْلُهُ فِي هَذَا الْفَصْلِ أَيْ فَصْلِ الْمُحْتَجِبِ وَالْمُخَدَّرَةِ أَبُو السُّعُودِ (قَوْلُهُ لِكَوْنِ الْمُطْلَقِ أَزْيَدَ مِنْ الْمُقَيَّدِ) ؛ لِأَنَّ الْمُطْلَقَ يَثْبُتُ مِنْ الْأَصْلِ حَتَّى يَسْتَحِقَّ بِهِ الزَّوَائِدَ وَالْمُقَيَّدُ بِسَبَبٍ يَقْتَصِرُ عَلَى وَقْتِ وُجُوبِ السَّبَبِ

ص: 40

وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ كَفَلَ بِثَمَنٍ أَوْ مَهْرٍ ثُمَّ الْكَفِيلُ بَرْهَنَ عَلَى فَسَادِ الْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ لَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّ إقْدَامَهُ عَلَى الْتِزَامِ الْمَالِ إقْرَارٌ مِنْهُ بِصِحَّةِ سَبَبِ وُجُوبِ الْمَالِ فَلَا تُسْمَعُ مِنْهُ بَعْدَهُ دَعْوَى الْفَسَادِ وَلَوْ بَرْهَنَ عَلَى إيفَاءِ الْأَصِيلِ أَوْ عَلَى إبْرَائِهِ تُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُ تَقْرِيرٌ لِلْوُجُوبِ السَّابِقِ كَفَلَ عَنْهُ بِأَلْفٍ لِرَجُلٍ يَدَّعِيهِ فَبَرْهَنَ الْكَفِيلُ أَنَّ الْأَلْفَ الْمُدَّعَاةَ ثَمَنُ خَمْرٍ لَا تُقْبَلُ وَلَوْ قَالَ الْكَفِيلُ الْأَلْفُ الْمُدَّعَاةُ قِمَارٌ أَوْ ثَمَنُ خَمْرٍ أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا لَا يَجِبُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَلَوْ بَرْهَنَ عَلَى إقْرَارِ الْمَكْفُولِ لَهُ وَهُوَ يَجْحَدُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُحَلِّفَ الطَّالِبَ وَلَوْ أَقَرَّ بِهِ الطَّالِبُ عِنْدَ الْقَاضِي بَرِئَ الْأَصِيلُ وَالْكَفِيلُ جَمِيعًا اهـ.

أَقُولُ: لَا يُقَالُ لَمَّا بَرِئَا بِإِقْرَارِهِ يَنْبَغِي أَنْ تُقْبَلَ بَيِّنَةُ إقْرَارِهِ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ تُسْمَعُ عِنْدَ صِحَّةِ الدَّعْوَى وَقَدْ بَطَلَتْ هُنَا لِلتَّنَاقُضِ؛ لِأَنَّ كَفَالَتَهُ إقْرَارٌ بِصِحَّتِهَا اهـ.

وَفِي الِاخْتِيَارِ كُلُّ قَوْلَيْنِ مُتَنَاقِضَيْنِ صَدَرَا مِنْ الْمُدَّعِي عِنْدَ الْحَاكِمِ فَإِنْ أَمْكَنَ التَّوْفِيقُ قُبِلَ وَإِلَّا لَمْ يُقْبَلْ كَمَا إذَا صَدَرَ مِنْ الشُّهُودِ وَكُلُّ مَا أَثَّرَ فِي قَدْحِ الشَّهَادَةِ أَثَّرَ فِي مَنْعِ اسْتِمَاعِ الدَّعْوَى اهـ.

(قَوْلُهُ وَمَنْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ أَنَّهُ بَاعَهُ أَمَتَهُ فَقَالَ لَمْ أَبِعْهَا مِنْك قَطُّ فَبَرْهَنَ عَلَى الشِّرَاءِ فَوَجَدَ بِهَا عَيْبًا فَبَرْهَنَ الْبَائِعُ أَنَّهُ بَرِئَ إلَيْهِ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ لَمْ تُقْبَلْ) لِلتَّنَاقُضِ؛ لِأَنَّ اشْتِرَاطَ الْبَرَاءَةِ تَغْيِيرٌ لِلْعَقْدِ مِنْ اقْتِضَاءِ وَصْفِ السَّلَامَةِ إلَى غَيْرِهِ فَيَقْتَضِي وُجُودَ الْعَقْدِ وَقَدْ أَنْكَرَهُ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ مَسْأَلَةِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الْبَاطِلَ قَدْ يُقْضَى وَيُبْرَأُ مِنْهُ دَفْعًا لِلدَّعْوَى الْبَاطِلَةِ وَمَا فِي الْكِتَابِ هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَنْ الْكُلِّ وَحَكَى الْخَصَّافُ رِوَايَةً عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهَا تُقْبَلُ لِإِمْكَانِ التَّوْفِيقِ بِأَنْ بَاعَهَا وَكِيلُهُ وَأَبْرَأَهُ عَنْ الْعَيْبِ وَنَظِيرُهُ مَا ذَكَرَهُ أَبُو يُوسُفَ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى الشِّرَاءَ مِنْ شَخْصٍ وَهُوَ مُنْكِرٌ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً عَلَى الشِّرَاءِ مِنْهُ فَأَقَامَ الْمُنْكِرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ قَدْ رَدَّ الْمَبِيعَ عَلَيَّ تُقْبَلُ لِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ إمْكَانِ التَّوْفِيقِ.

هَكَذَا عَزَا هَذَا الْفَرْعَ الشَّارِحُ إلَيْهِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْخُلَاصَةِ عَلَى أَنَّهُ نَقْلُ الْمَذْهَبِ فَقَالَ ادَّعَى عَلَى آخَرَ أَنَّهُ اشْتَرَى مِنْهُ هَذِهِ الدَّارَ فَأَنْكَرَ الشِّرَاءَ فَلَمَّا أَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ عَلَى الشِّرَاءِ ادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ رَدَّهَا عَلَيْهِ يَعْنِي أَقَالَهَا يُسْمَعُ هَذَا الدَّفْعُ وَلَوْ لَمْ يَدَّعِ الْإِقَالَةَ وَلَكِنْ يَدَّعِي إيفَاءَ الثَّمَنِ أَوْ الْإِبْرَاءَ اخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ وَمِنْ هَذَا الْجِنْسِ صَارَتْ وَاقِعَةٌ بِسَمَرْقَنْدَ صُورَتُهَا ادَّعَتْ امْرَأَةٌ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا عَلَى كَذَا مِنْ الْمَهْرِ وَطَالَبَتْهُ بِالْمَهْرِ وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ النِّكَاحَ أَصْلًا فَلَمَّا أَقَامَتْ الْمَرْأَةُ الْبَيِّنَةَ عَلَى النِّكَاحِ ادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّهُ خَالَعَهَا عَلَى الْمَهْرِ تُسْمَعُ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ زَوَّجَهَا مِنْهُ أَبُوهُ وَهُوَ صَغِيرٌ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ وَمِنْ هَذَا الْجِنْسِ رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى آخَرَ أَلْفًا وَدِيعَةً فَأَنْكَرَ فَلَمَّا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْإِيدَاعِ ادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الرَّدَّ أَوْ الْهَلَاكَ إنْ قَالَ أَوَّلًا لَيْسَ لَك عَلَيَّ شَيْءٌ يُسْمَعُ وَإِنْ قَالَ مَا أَوْدَعْتنِي أَصْلًا لَا يُسْمَعُ. اهـ.

وَاسْتَشْكَلَ مَسْأَلَةَ الْكِتَابِ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ بِأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ تُقْبَلَ الْبَيِّنَةُ فِيهَا وِفَاقًا خِلَافًا لِزُفَرَ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُكَذِّبًا شَرْعًا بِبَيِّنَةِ الْمُدَّعِي فَلَحِقَ إنْكَارُهُ بِالْعَدَمِ فَصَارَ كَمَا فِي الْكَفَالَةِ مِنْ أَنَّ رَجُلًا لَوْ بَرْهَنَ أَنَّ لَهُ عَلَى الْغَائِبِ أَلْفًا وَهَذَا كَفِيلُهُ بِأَمْرِهِ يَرْجِعُ الْكَفِيلُ عَلَى الْغَائِبِ وَلَوْ أَنْكَرَ الْكَفَالَةَ أَصْلًا؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُكَذِّبًا شَرْعًا فِي إنْكَارِهِ فَلَحِقَ بِالْعَدَمِ قَالَ وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْحُكْمَ بِأَدَائِهِ ثَمَّةَ حُكْمٌ بِالرُّجُوعِ أَيْضًا فَلَا حَاجَةَ إلَى إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ ثَانِيًا عَلَى كَفَالَتِهِ لِثُبُوتِهَا أَوَّلًا وَهُنَا الْحُكْمُ بِالشِّرَاءِ لَيْسَ بِحُكْمٍ بِالْبَرَاءَةِ وَالْإِيفَاءِ فَلَا بُدَّ مِنْ الدَّعْوَى فَيُبْطِلُهُ التَّنَاقُضُ فَافْتَرَقَا وَيُمْكِنُ أَنْ يُرَدَّ بِأَنَّ إنْكَارَهُ لَمَّا لَحِقَ بِالْعَدَمِ لِمَا مَرَّ لَا يَتَحَقَّقُ التَّنَاقُضُ لِعَدَمِ إنْكَارِهِ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ فَيَنْبَغِي أَنْ تَصِحَّ الدَّعْوَى عَلَى أَصْلٍ مِنْ الْعُدَّةِ أَنْكَرَ الْبَيْعَ فَبَرْهَنَ عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي فَادَّعَى الْبَائِعُ إقَالَةً يُسْمَعُ هَذَا الدَّفْعُ وَلَوْ لَمْ يَدَّعِ الْإِقَالَةَ وَلَكِنْ ادَّعَى إيفَاءَ الثَّمَنِ أَوْ الْإِبْرَاءَ اخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ. اهـ.

وَقَدْ أَجَبْنَا عَنْهُ فِي حَاشِيَتِنَا عَلَيْهِ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُقِرَّ إنَّمَا يَصِيرُ مُكَذَّبًا شَرْعًا إذَا حَكَمَ الْقَاضِي بِمَا يُخَالِفُ إقْرَارَهُ وَفِي مَسْأَلَتِنَا لَمْ يَقْضِ الْقَاضِي بِالْبَيْعِ حَتَّى تَنَاقَضَ الْخَصْمُ فَلَمْ يَكُنْ مُكَذِّبًا شَرْعًا كَمَا لَا يَخْفَى وَبِمَا قَرَّرْنَاهُ ظَهَرَ أَنَّ تَقْيِيدَ الْمُؤَلِّفِ مَسْأَلَةَ الْكِتَابِ بِدَعْوَى الرَّدِّ بِالْعَيْبِ بَعْدَ الْإِنْكَارِ لِأَصْلِ الْبَيْعِ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ دَعْوَى الْإِقَالَةِ وَيَحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا كَمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِيمَا -

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ مِنْ الْعُدَّةِ) لَفْظُ الْعُدَّةِ رَمْزُ كِتَابٍ وَمَا بَعْدَهُ نَقْلٌ عَنْهُ (قَوْلُهُ وَقَدْ أَجَبْنَا عَنْهُ فِي حَاشِيَتِنَا عَلَيْهِ) قَالَ الرَّمْلِيُّ وَعَلَيْك أَنْ تَتَأَمَّلَ فِي هَذَا الْجَوَابِ اهـ.

أَيْ فَإِنَّ الْقَضَاءَ بِالشِّرَاءِ قَضَاءٌ بِالْبَيْعِ فَمَا مَعْنَى قَوْلِهِ لَمْ يَقْضِ الْقَاضِي بِالْبَيْعِ وَأَقُولُ: الْجَوَابُ النَّافِعُ إنْ شَاءَ اللَّهُ مَا يُسْتَفَادُ مِنْ كِتَابِ نُورِ الْعَيْنِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَحَلِّ وَفِي غَيْرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ أَنَّ الْكَفِيلَ لَمَّا الْتَحَقَ زَعْمُهُ بِالْعَدَمِ وَثَبَتَ خِلَافُهُ وَهُوَ كَوْنُهُ كَفِيلًا لَمْ يَسْعَ فِي إعَادَةِ زَعْمِهِ وَلَمْ يُرِدْ نَقْضَ الْبَيِّنَةِ بَلْ رَضِيَ بِمُوجَبِهَا حَتَّى جَعَلَهُ مَبْنًى لِدَعْوَاهُ الرُّجُوعَ عَلَى الْأَصِيلِ، وَأَمَّا الْبَائِعُ فِي مَسْأَلَتِنَا فَقَدْ سَعَى فِي إعَادَةِ مَا آلَ زَعْمُهُ وَهُوَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ بَعْدَ الْتِحَاقِهِ بِالْعَدَمِ بِثُبُوتِ خِلَافِهِ وَأَرَادَ نَقْضَ مَا أَثْبَتَهُ الْبَيِّنَةُ وَهُوَ عَدَمُ بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ فَهَذَا فَرْقٌ وَاضِحٌ حَقٌّ وَكَذَا يُقَالُ فِي دَعْوَى الْإِقَالَةِ؛ لِأَنَّهَا فَسْخٌ لِلْعَقْدِ الَّذِي أَثْبَتَهُ الْخَصْمُ بِالْبَيِّنَةِ فَفِيهِ تَقْرِيرٌ لِمُوجَبِهَا وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي مَسْأَلَةِ الْبَزَّازِيَّةِ الْأَخِيرَةِ فَاحْفَظْهُ فَإِنَّهُ يَنْفَعُك فِي كَثِيرٍ مِنْ أَمْثَالِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ

ص: 41

فِي الْبَزَّازِيَّةِ ادَّعَى عَلَيْهِ شِرَاءَ عَبْدِهِ فَأَنْكَرَ فَبَرْهَنَ عَلَيْهِ فَادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ رَدَّهُ عَلَيْهِ بِالْعَيْبِ تُسْمَعُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُكَذَّبًا فِي إنْكَارِ الْبَيْعِ فَارْتَفَعَ التَّنَاقُضُ بِتَكْذِيبِ الشَّرْعِ كَمَا ارْتَفَعَ بِتَصْدِيقِ الْخَصْمِ اهـ.

وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَلَوْ قَالَ لَا نِكَاحَ بَيْنِي وَبَيْنَك فَلَمَّا بَرْهَنَتْ عَلَى النِّكَاحِ بَرْهَنَ هُوَ عَلَى الْخُلْعِ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَلَوْ قَالَ لَمْ يَكُنْ بَيْنَنَا نِكَاحٌ قَطُّ أَوْ قَالَ لَمْ أَتَزَوَّجْهَا قَطُّ وَالْبَاقِي بِحَالِهِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا وَمَسْأَلَةُ الْعَيْبِ سَوَاءً وَثَمَّةَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْبَرَاءَةِ عَنْ الْعَيْبِ لِأَنَّ الْبَرَاءَةَ عَنْ الْعَيْبِ إقْرَارٌ بِالْبَيْعِ فَكَذَا الْخُلْعُ يَقْتَضِي سَابِقَةَ النِّكَاحِ فَيَتَحَقَّقُ التَّنَاقُضُ. اهـ.

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ التَّنَاقُضَ بَيْنَ الدَّعْوَتَيْنِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ الْقَاضِي يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا فِي الْأَجْنَاسِ وَالصُّغْرَى ادَّعَى مَحْدُودًا بِشِرَاءٍ أَوْ إرْثٍ ثُمَّ ادَّعَاهُ مِلْكًا مُطْلَقًا لَا يُسْمَعُ إذَا كَانَتْ الدَّعْوَى الْأُولَى عِنْدَ الْقَاضِي فَأَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ عِنْدَ الْقَاضِي فَهَذَا وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ قَالَ الْبَزَّازِيُّ وَهَذَا عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي ذَكَرُوا أَنَّ التَّنَاقُضَ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ إذَا كَانَ كِلَا الدَّعْوَتَيْنِ عِنْدَ الْقَاضِي فَأَمَّا مَنْ اشْتَرَطَ أَنْ يَكُونَ الثَّانِي عِنْدَ الْقَاضِي يَكْفِي فِي تَحْقِيقِ التَّنَاقُضِ كَوْنُ الثَّانِي عِنْدَ الْحَاكِمِ ثُمَّ قَالَ فِي فَصْلِ الدَّفْعِ وَفِي الْمُحِيطِ ادَّعَى عَلَى آخَرَ عِنْدَ غَيْرِ الْحَاكِمِ بِالشِّرَاءِ أَوْ الْإِرْثِ ثُمَّ ادَّعَاهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ مُطْلَقًا إنْ ادَّعَى الشِّرَاءَ مِنْ مَعْرُوفٍ لَا تُقْبَلُ وَإِنْ ادَّعَاهُ مِنْ مَجْهُولٍ ثُمَّ الْمُطْلَقُ عِنْدَ الْحَاكِمِ تُقْبَلُ دَلَّتْ الْمَسْأَلَةُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي التَّنَاقُضِ كَوْنُ الْمُتَدَافِعَيْنِ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ بَلْ يَكْتَفِي بِكَوْنِ الثَّانِي فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ. اهـ.

وَقَدَّمْنَا أَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْمُتَنَاقِضَيْنِ إذَا قَالَ تَرَكْت الْكَلَامَ الْأَوَّلَ وَاسْتَقَرَّ عَلَى الثَّانِي يُقْبَلُ مِنْهُ قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي الذَّخِيرَةِ ادَّعَاهُ مُطْلَقًا فَدَفَعَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّك كُنْت ادَّعَيْته قَبْلَ هَذَا مُقَيَّدًا وَبَرْهَنَ عَلَيْهِ فَقَالَ الْمُدَّعِي أَدَّعِيهِ الْآنَ بِهَذَا السَّبَبِ وَتَرَكْت الْمُطْلَقَ يُقْبَلُ وَيَبْطُلُ الدَّفْعُ اهـ.

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ التَّنَاقُضَ الْمَانِعَ إمَّا أَنْ يَسْمَعَ الْحَاكِمُ الْكَلَامَيْنِ أَوْ يَسْمَعَ الثَّانِيَ فَيَدْفَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ قَالَ أَوَّلًا كَذَا يُرِيدُ دَفْعَهُ فَيُنْكِرَ فَيُبَرْهِنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى قَوْلِهِ الْأَوَّلِ فَيَثْبُتَ التَّنَاقُضُ وَهَذَا هُوَ طَرِيقُ دَفْعِ الدَّعْوَى وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْمُخَمَّسَةِ مِنْ الدَّعْوَى وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّ أَبَاك أَوْصَى لِي بِثُلُثِ مَالِهِ فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْوَصِيَّةَ فَبَرْهَنَ الْمُدَّعِي فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنَّ أَبِي رَجَعَ عَنْ هَذِهِ الْوَصِيَّةِ قِيلَ لَا يَصِحُّ هَذَا الدَّفْعُ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ صَحِيحٌ وَكَذَا لَوْ بَرْهَنَ عَلَى جُحُودِ أَبِيهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْجُحُودَ رُجُوعٌ اهـ.

وَفِيهَا ادَّعَتْ امْرَأَةٌ عَلَى وَرَثَةِ زَوْجِهَا الْمَهْرَ فَأَنْكَرُوا نِكَاحَهَا فَبَرْهَنَتْ فَدَفَعُوا بِأَنَّهَا كَانَتْ أَبْرَأَتْ أَبَانَا فِي حَيَاتِهِ إنْ قَالُوا أَبْرَأَتْهُ عَنْ الْمَهْرِ لَا يَصِحُّ لِلتَّنَاقُضِ وَإِنْ قَالُوا أَبْرَأَتْهُ عَنْ دَعْوَى الْمَهْرِ صَحَّ اهـ.

وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ ادَّعَى عَلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ ثَمَنَ جَارِيَةٍ بِشَرَائِطَ وَعَجَزَ عَنْ إثْبَاتِهَا فَقَالَ كَانَتْ الْأَلْفُ وَدِيعَةً عِنْدَهُ لَا تُقْبَلُ وَلَوْ ادَّعَى كَوْنَهَا وَدِيعَةً فَعَجَزَ فَادَّعَى كَوْنَهَا قَرْضًا تُقْبَلُ. اهـ.

(قَوْلُهُ وَيَبْطُلُ الصَّكُّ بِإِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَيْ يَبْطُلُ مَكْتُوبُ الشِّرَاءِ أَوْ الْإِقْرَارِ وَنَحْوِهِمَا إذَا كُتِبَ فِي آخِرِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَيَبْطُلُ الْبَيْعُ وَنَحْوُهُ لِكَوْنِ الِاسْتِثْنَاءِ مُبْطِلًا وَفِي الصِّحَاحِ الصَّكُّ كِتَابٌ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ وَالْجَمْعُ أَصُكٌّ وَصِكَاكٌ وَصُكُوكٌ اهـ.

أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا اشْتَمَلَ عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ وَأَشْيَاءَ وَفِي الثَّانِي الِاخْتِلَافُ قَالَ الْإِمَامُ إذَا كُتِبَ بَيْعٌ وَإِقْرَارٌ وَإِجَارَةٍ وَغَيْرُ ذَلِكَ ثُمَّ كُتِبَ فِي آخِرِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى بَطَلَ الْكُلُّ قِيَاسًا؛ لِأَنَّ الْكُلَّ كَشَيْءٍ وَاحِدٍ بِحُكْمِ الْعَطْفِ وَبَطَلَ الْأَخِيرُ عِنْدَهُمَا فَقَطْ اسْتِحْسَانًا لِانْصِرَافِ الِاسْتِثْنَاءِ إلَى مَا يَلِيهِ؛ لِأَنَّ الصَّكَّ لِلِاسْتِيثَاقِ وَكَذَا الْأَصْلُ فِي الْكَلَامِ الِاسْتِيثَاقُ وَأَشَارَ إلَى أَنَّ الْكِتَابَةَ كَالنُّطْقِ فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ اتِّصَالِ الْمَشِيئَةِ فَلَوْ تَرَكَ فُرْجَةً فَإِنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يَنْصَرِفُ إلَى مَا يَلِيهِ اتِّفَاقًا كَالسُّكُوتِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْمَشِيئَةَ إذَا ذُكِرَتْ بَعْدَ جُمَلٍ مُتَعَاطِفَةٍ بِالْوَاوِ كَقَوْلِهِ عَبْدُهُ حُرٌّ وَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ وَعَلَيْهِ الْمَشْيُ إلَى بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ إنْ شَاءَ اللَّهُ يَنْصَرِفُ إلَى الْكُلِّ فَيَبْطُلُ الْكُلُّ فَمَشَى أَبُو حَنِيفَةَ عَلَى حُكْمِهِ وَهُمَا أَخْرَجَا صُورَةَ كَتْبِ الصَّكِّ مِنْ عُمُومِهِ بِعَارِضٍ اقْتَضَى تَخْصِيصَ الصَّكِّ مِنْ عُمُومِ حُكْمِ الشَّرْطِ الْمُتَعَقِّبِ جُمَلًا مُتَعَاطِفَةً لِلْعَادَةِ وَعَلَيْهَا يُحْمَلُ الْحَادِثُ وَلِذَا كَانَ قَوْلُهُمَا اسْتِحْسَانًا

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ الْقَاضِي) قَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهِ عِنْدَ قَوْلِهِ ادَّعَى دَارًا فِي يَدِ رَجُلٍ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْمُتَنَاقِضَ إذَا قَالَ تَرَكْت الْكَلَامَ الْأَوَّلَ إلَخْ) قَدَّمَ الْمَسْأَلَةَ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ ادَّعَى دَارًا فِي يَدِ رَجُلٍ إلَخْ وَالْأَوْلَى مَا عَبَّرَ بِهِ فِي فَصْلِ الِاسْتِحْقَاقِ حَيْثُ قَالَ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْمُتَنَاقِضَ الَّذِي لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ إذَا قَالَ تَرَكْت أَحَدَ الْكَلَامَيْنِ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ اهـ.

لِأَنَّ قَوْلَهُ هُنَا إذَا قَالَ تَرَكْت الْكَلَامَ الْأَوَّلَ إلَخْ لَا يُوَافِقُهُ كَلَامُ الْبَزَّازِيَّةِ ثُمَّ إنَّ كَلَامَ الْبَزَّازِيَّةِ لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا قَاعِدَةٌ كُلِّيَّةٌ كَمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ بَلْ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ الْجُزْئِيَّةِ وَفِي الْحَقِيقَةِ رُجُوعُهُ عَنْ الْإِطْلَاقِ إلَى التَّقْيِيدِ مِنْ قَبِيلِ التَّوْفِيقِ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الْخَانِيَّةِ حَتَّى لَوْ قَالَ أَرَدْت بِهَذَا الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ الْمِلْكَ بِذَلِكَ السَّبَبِ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَتُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ فَلْيُتَأَمَّلْ

ص: 42

رَاجِحًا عَلَى قَوْلِهِ

كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ فَظَاهِرُهُ أَنَّ الشَّرْطَ يَنْصَرِفُ إلَى الْجَمِيعِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِالْمَشِيئَةِ وَفِي وَكَالَةِ الْبَزَّازِيَّةِ وَعَنْ الثَّانِي قَالَ امْرَأَةُ زَيْدٍ طَالِقٌ وَعَبْدُهُ حُرٌّ وَعَلَيْهِ الْمَشْيُ إلَى بَيْتِ اللَّهِ إنْ دَخَلَ هَذِهِ الدَّارَ فَقَالَ زَيْدٌ نَعَمْ كَانَ بِكُلِّهِ؛ لِأَنَّ الْجَوَابَ يَتَضَمَّنُ إعَادَةَ مَا فِي السُّؤَالِ. اهـ.

وَأَمَّا الِاسْتِثْنَاءُ بِإِلَّا وَإِحْدَى أَخَوَاتِهَا فَيَنْصَرِفُ إلَى الْأَخِيرِ عِنْدَنَا كَمَا عُلِمَ فِي آيَةِ رَدِّ شَهَادَةِ الْمَحْدُودِ فِي الْقَذْفِ وَعَلَيْهِ فَرَّعَ فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ مِنْ الْإِقْرَارِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّرْطَ إذَا تَعَقَّبَ جُمَلًا مُتَعَاطِفَةً مُتَّصِلًا بِهَا فَإِنَّهُ لِلْكُلِّ، وَأَمَّا الِاسْتِثْنَاءُ بِإِلَّا فَإِلَى الْأَخِيرِ فَلَوْ أَقَرَّ لِاثْنَيْنِ بِمَالَيْنِ وَاسْتَثْنَى شَيْئًا كَانَ مِنْ الْأَخِيرِ وَلَوْ أَقَرَّ بِمَالَيْنِ كَمِائَةِ دِرْهَمٍ وَخَمْسِينَ دِينَارٍ إلَّا دِرْهَمًا انْصَرَفَ إلَى الْأَوَّلِ اسْتِحْسَانًا، وَأَمَّا الِاسْتِثْنَاءُ بِإِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى بَعْدَ جُمْلَتَيْنِ إيقَاعَتَيْنِ فَإِلَيْهِمَا اتِّفَاقًا وَبَعْدَ طَلَاقَيْنِ مُعَلَّقَيْنِ أَوْ طَلَاقٍ مُعَلَّقٍ وَعِتْقٍ فَإِلَيْهِمَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ إلَى الْأَخِيرِ وَاتَّفَقُوا عَلَى انْصِرَافِهِ إلَى الْأَخِيرِ فِي غَيْرِ الْعَطْفِ وَفِي الْمَعْطُوفِ بَعْدَ السُّكُوتِ كَمَا فِي إيضَاحِ الْكَرْمَانِيِّ وَفِيهِ مِنْ الْأَيْمَانِ إذَا عَطَفَ عَلَى يَمِينِهِ بَعْدَ سُكُوتِهِ مَا يُوَسِّعُ عَلَى نَفْسِهِ لَمْ يَصِحَّ كَالِاسْتِثْنَاءِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ تَشْدِيدٌ عَلَى نَفْسِهِ صَحَّ فَلَوْ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ وَسَكَتَ ثُمَّ قَالَ وَهَذِهِ الْأُخْرَى دَخَلَتْ الثَّانِيَةُ فِي الْيَمِينِ بِخِلَافِ وَهَذِهِ الدَّارُ الْأُخْرَى وَلَوْ قَالَ هَذِهِ طَالِقٌ ثُمَّ سَكَتَ وَقَالَ وَهَذِهِ طَلُقَتْ الثَّانِيَةُ وَكَذَا فِي الْعِتْقِ. اهـ.

وَفِي الْهِدَايَةِ ذِكْرُ حَقٍّ كُتِبَ فِي أَسْفَلِهِ وَمَنْ قَامَ بِهَذَا الذِّكْرِ الْحَقِّ فَهُوَ وَكِيلِي بِمَا فِيهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ يَبْطُلُ الذِّكْرُ كُلُّهُ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا بَطَلَ التَّوْكِيلُ وَالْمُرَادُ بِذِكْرِ الْحَقِّ الصَّكُّ كَمَا فِي الْقَامُوسِ وَالْمُرَادُ بِمَنْ قَامَ بِهِ أَنَّ مَنْ أَخْرَجَهُ كَانَ لَهُ وِلَايَةُ الْمُطَالَبَةِ بِمَا فِيهِ مِنْ الْحَقِّ وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ لُزُومَ صِحَّةِ تَوْكِيلِ الْمَجْهُولِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ كِتَابَتِهِ إثْبَاتُ رِضَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِتَوْكِيلِ مَنْ يُوَكِّلُهُ الْمُدَّعِي فَلَا يَمْتَنِعُ الْمَدْيُونُ عَنْ سَمَاعِ خُصُومَتِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَدُفِعَ بِأَنَّهُ لَا يُفِيدُ عَلَى قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الرِّضَا بِتَوْكِيلِ مَجْهُولٍ بَاطِلٌ فَلَا يُفِيدُ عَلَى قَوْلِهِ أَيْضًا وَالظَّاهِرُ عِنْدِي أَنَّ مُحَمَّدًا إنَّمَا ذَكَرَهُ لِيُفِيدَ أَنَّهُ يَنْصَرِفُ الِاسْتِثْنَاءُ إلَى الْكُلِّ عِنْدَهُ وَإِنْ كَانَ فَاسِدًا فَكَيْفَ إذَا كَانَ صَحِيحًا بِدَلِيلِ مَسْأَلَةِ ضَمَانِ الْخَلَاصِ مَعَ فَسَادِهِ عِنْدَهُ وَقِيلَ بَلْ فَائِدَتُهُ التَّحَرُّزُ عَنْ قَوْلِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى فَإِنَّهُ لَا يُصَحِّحُ التَّوْكِيلَ بِالْخُصُومَةِ بِلَا رِضَا الْخَصْمِ إلَّا إذَا وُجِدَ الرِّضَا بِتَوْكِيلِ وَكِيلٍ مَجْهُولٍ فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ لَكِنْ الْمَذْكُورُ فِي كُتُبِ الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ أَنَّ عِنْدَ ابْنِ أَبِي لَيْلَى يَجُوزُ التَّوْكِيلُ بِالْخُصُومَةِ بِغَيْرِ رِضَا الْخَصْمِ مُطْلَقًا اهـ.

كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَفِي وَكَالَةِ الْبَزَّازِيَّةِ قَالَ لِرَجُلَيْنِ أَيُّكُمَا بَاعَ هَذَا فَهُوَ جَائِزٌ فَأَيُّهُمَا بَاعَ جَازَ قَالَ وَكَّلْت هَذَا أَوْ هَذَا بِبَيْعِهِ فَهُوَ بَاطِلٌ. اهـ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ مَاتَ ذِمِّيٌّ فَقَالَتْ زَوْجَتُهُ أَسْلَمْت بَعْدَ مَوْتِهِ وَقَالَ الْوَرَثَةُ أَسْلَمَتْ قَبْلَ مَوْتِهِ فَالْقَوْلُ لَهُمْ) وَقَالَ زُفَرُ الْقَوْلُ لَهَا؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ حَادِثٌ فَيُضَافُ إلَى أَقْرَبِ الْأَوْقَاتِ وَلَنَا أَنَّ سَبَبَ الْحِرْمَانِ ثَابِتٌ فِي الْحَالِ فَيَثْبُتُ فِيمَا مَضَى تَحْكِيمًا لِلْحَالِ كَمَا فِي جَرَيَانِ مَاءِ الطَّاحُونَةِ وَهَذَا ظَاهِرٌ نَعْتَبِرُهُ لِلدَّفْعِ وَمَا ذَكَرَهُ هُوَ يَعْتَبِرُهُ لِلِاسْتِحْقَاقِ وَأَشَارَ بِكَوْنِ الزَّوْجِ ذِمِّيًّا إلَى أَنَّهُ لَوْ مَاتَ مُسْلِمٌ وَلَهُ امْرَأَةٌ نَصْرَانِيَّةٌ فَجَاءَتْ مُسْلِمَةً بَعْدَ مَوْتِهِ وَقَالَتْ أَسْلَمْت قَبْلَ مَوْتِهِ وَقَالَتْ الْوَرَثَةُ أَسْلَمَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُمْ أَيْضًا وَلَا يُحَكَّمُ الْحَالُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ لَا يَصْلُحُ حُجَّةً لِلِاسْتِحْقَاقِ وَهِيَ مُحْتَاجَةٌ إلَيْهِ أَمَّا الْوَرَثَةُ فَهُمْ الدَّافِعُونَ وَيَظْهَرُ لَهُمْ ظَاهِرُ الْحُدُوثِ أَيْضًا كَمَا فِي الْهِدَايَةِ.

وَالتَّعْبِيرُ بِالِاسْتِصْحَابِ أَحْسَنُ مِنْ التَّعْبِيرِ بِالظَّاهِرِ فَإِنَّ مَا يَثْبُتُ بِهِ الِاسْتِحْقَاقُ كَثِيرًا مَا يَكُونُ ظَاهِرًا كَأَخْبَارِ الْآحَادِ كَثِيرًا مَا تُوجِبُ اسْتِحْقَاقَ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَفِي التَّحْرِيرِ الِاسْتِصْحَابُ الْحُكْمُ بِبَقَاءِ أَمْرٍ مُحَقَّقٍ لَمْ يَظُنَّ عَدَمَهُ وَكَتَبْنَا تَفَارِيعَهُ فِي الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ فِي قَاعِدَةِ الْيَقِينُ لَا يَزُولُ بِالشَّكِّ وَسَيَأْتِي فِي آخِرِ بَابِ التَّحَالُفِ مَسَائِلُ مِنْ الظَّاهِرِ وَفِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ مَاتَ ذِمِّيٌّ وَلَهُ ابْنَانِ أَحَدُهُمَا مُسْلِمٌ فَبَرْهَنَ عَلَى أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ مُسْلِمًا وَالْآخَرُ عَلَى أَنَّهُ مَاتَ كَافِرًا أَقْضِي بِالْمِيرَاثِ لِلْمُسْلِمِ مِنْهُمَا وَإِنْ كَانَ شُهُودُهُ مِنْ الذِّمَّةِ وَشُهُودُ الْكَافِرِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَكَذَا لَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا كُنْت مُسْلِمًا وَكَانَ أَبِي مُسْلِمًا فَصَدَّقَهُ أَخُوهُ وَقَالَ وَأَنَا كُنْت مُسْلِمًا فِي

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّرْطَ إذَا تَعَقَّبَ جُمَلًا إلَخْ) قَالَ فِي الْحَوَاشِي السَّعْدِيَّةِ لَا يُقَالُ كَيْفَ خَالَفَ أَبُو حَنِيفَة أَصْلَهُ فَإِنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يَنْصَرِفُ إلَى الْجُمْلَةِ الْأَخِيرَةِ عَلَى أَصْلِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي الِاسْتِثْنَاءِ بِإِلَّا وَقَوْلُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ شَرْطٌ شَاعَ إطْلَاقُ الِاسْتِثْنَاءِ عَلَيْهِ فِي عُرْفِهِمْ وَلَيْسَ إيَّاهُ حَقِيقَةً فَتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ وَيَظْهَرُ لَهُمْ) لَعَلَّهُ وَيَشْهَدُ لَهُمْ إلَخْ (قَوْلُهُ كَأَخْبَارِ الْآحَادِ كَثِيرًا) أَيْ كَالشَّهَادَةِ وَنَحْوِهَا

ص: 43

حَيَاتِهِ فَكَذَّبَهُ أَخُوهُ وَقَالَ أَسْلَمْت بَعْدَ مَوْتِهِ فَالْمِيرَاثُ لِلَّذِي اجْتَمَعَا عَلَى إسْلَامِهِ قَبْلَ مَوْتِ أَبِيهِ وَكَذَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي الرِّقِّ وَالْعِتْقِ فَالْمِيرَاثُ لِمَنْ اجْتَمَعَا عَلَى عِتْقِهِ فِي حَيَاةِ أَبِيهِ اهـ.

وَفِيهَا ادَّعَى خَارِجَانِ دَارًا فِي يَدِ ذِمِّيٍّ وَادَّعَيَا الْمِيرَاثَ وَبَرْهَنَا قَضَى بِهِ بَيْنَهُمَا وَإِنْ كَانَ شُهُودُ الذِّمِّيِّ مُسْلِمِينَ وَإِلَّا قَضَى بِهِ لِلْمُسْلِمِ وَإِنْ كَانَ شُهُودُهُ كُفَّارًا اهـ.

وَقَيَّدَ الْمُؤَلِّفُ بِمَا ذُكِرَ مِنْ الْمَسْأَلَةِ؛ لِأَنَّ امْرَأَةَ الْمَيِّتِ الْمُسْلِمَةَ لَوْ قَالَتْ مَاتَ زَوْجِي وَهُوَ مُسْلِمٌ وَهَذِهِ دَارُهُ مِيرَاثًا لِي وَقَالَ وَلَدُهُ وَهُمْ كُفَّارٌ مَاتَ كَافِرًا وَصَدَّقَ أَخُو الْمَيِّتِ الْمَرْأَةَ وَهُوَ مُسْلِمٌ قَالَ فِي الْخِزَانَةِ قَضَيْت لِلْمَرْأَةِ وَلِلْأَخِ دُونَ الْوَلَدِ وَفِيهَا لَوْ مَاتَ رَجُلٌ وَأَبَوَاهُ ذِمِّيَّانِ فَقَالَا مَاتَ ابْنُنَا كَافِرًا وَقَالَ وَلَدُهُ الْمُسْلِمُونَ مَاتَ مُسْلِمًا فَمِيرَاثُهُ لِلْوَلَدِ دُونَ الْأَبَوَيْنِ اهـ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّهُمْ إذَا اخْتَلَفُوا فِي مَوْتِ الْمَيِّتِ عَلَى الْإِسْلَامِ أَوْ الْكُفْرِ فَالْقَوْلُ لِمَنْ يَدَّعِي أَنَّهُ مَاتَ عَلَى الْإِسْلَامِ فَعَلَى هَذَا لَا يَحْتَاجُ إلَى تَصْدِيقِ الْأَخِ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ وَتَكْفِي دَعْوَى الْمَرْأَةِ أَنَّهُ مَاتَ مُسْلِمًا كَمَا لَا يَخْفَى وَإِلَّا فَمَا الْفَرْقُ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ الْمُودِعُ هَذَا ابْنُ مُودِعِي لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ دَفَعَ الْمَالَ إلَيْهِ) أَيْ وُجُوبًا لِإِقْرَارِهِ أَنَّ مَا فِي يَدِهِ مِلْكُ الْوَارِثِ خِلَافَةً عَنْ الْمَيِّتِ قَيَّدَ بِإِقْرَارِهِ بِالْبُنُوَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ هَذَا أَخُوهُ شَقِيقُهُ وَلَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ وَهُوَ يَدَّعِيهِ فَالْقَاضِي يَتَأَنَّى فِي ذَلِكَ وَالْفَرْقُ أَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْأَخِ بِشَرْطِ عَدَمِ الِابْنِ بِخِلَافِ الِابْنِ؛ لِأَنَّهُ وَارِثٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَتَمَامُهُ مَعَ بَيَانِ مُدَّةِ التَّأَنِّي فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ لَهُ وَارِثٌ غَيْرُهُ وَلَا أَدْرِي أَمَاتَ أَمْ لَا لَا يُدْفَعُ إلَيْهِ شَيْءٌ لَا قَبْلَ التَّلَوُّمِ وَلَا بَعْدَهُ حَتَّى يُقِيمَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً تَقُولُ لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ

وَأَشَارَ الْوَدِيعَةِ إلَى أَنَّ الْمَدْيُونَ إذَا قَالَ هَذَا ابْنُ دَائِنِي فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ بِالْأَوْلَى وَقَيَّدَ بِالْوَارِثِ احْتِرَازًا عَمَّا إذَا أَقَرَّ أَنَّهُ وَصِيُّهُ أَوْ وَكِيلُهُ أَوْ الْمُشْتَرِي مِنْهُ فَإِنَّهُ لَا يَدْفَعُهَا إلَيْهِ لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ حَقِّ الْمُودَعِ فِي الْعَيْنِ بِإِزَالَتِهَا عَنْ يَدِهِ؛ لِأَنَّ يَدَ الْمُودَعِ كَيَدِ الْمَالِكِ فَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ عَلَيْهِ وَلَا كَذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَقَرَّ أَنَّهُ وَكِيلُ الطَّالِبِ بِقَبْضِ دَيْنِهِ حَيْثُ يُؤْمَرُ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ بِخَالِصِ حَقِّهِ إذْ الدُّيُونُ تُقْضَى بِأَمْثَالِهَا فَلَوْ دَفَعَ إلَى الْوَكِيلِ فِي الْوَدِيعَةِ قِيلَ لَا يَسْتَرِدُّهَا لِكَوْنِهِ سَاعِيًا فِي نَقْضِ مَا أَوْجَبَهُ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَسْتَرِدَّهَا لِبُطْلَانِ إقْرَارِهِ فِي حَقِّ الْمَالِكِ وَالْحِفْظُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ فَكَانَ بِالدَّفْعِ مُتَعَدِّيًا وَلِذَا ضَمِنَ إذَا أَنْكَرَ الْمَالِكُ التَّوْكِيلَ وَلَوْ لَمْ يُسَلِّمْهَا إلَى الْوَكِيلِ حَتَّى ضَاعَتْ فَقِيلَ لَا يَضْمَنُ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَ عَمَلًا بِمَا فِي زَعْمِهِ وَقَيَّدَ الْوَدِيعَةِ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الْمُلْتَقَطِ إذَا أَقَرَّ بِهَا لِرَجُلٍ فَفِيهِ اخْتِلَافٌ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَالْعَارِيَّةُ وَالْعَيْنُ الْمَغْصُوبَةُ كَالْوَدِيعَةِ وَمُرَادُهُ مِنْ الِابْنِ مَنْ يَرِثُ بِكُلِّ حَالٍ فَالْبِنْتُ وَالْأَبُ وَالْأُمُّ كَالِابْنِ وَكُلُّ مَنْ يَرِثُ فِي حَالٍ دُونَ حَالٍ فَهُوَ كَالْأَخِ.

وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ أَخُو الْغَائِبِ وَأَنَّهُ مَاتَ وَهُوَ وَارِثُهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ أَوْ ادَّعَى أَنَّهُ ابْنُهُ أَوْ أَبُوهُ أَوْ مَوْلَاهُ أَعْتَقَهُ أَوْ كَانَتْ امْرَأَةٌ وَادَّعَتْ أَنَّهَا عَمَّةُ الْمَيِّتِ أَوْ خَالَتُهُ أَوْ بِنْتُ أَخِيهِ وَقَالَ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرِي وَادَّعَى آخَرُ أَنَّهُ زَوْجٌ أَوْ زَوْجَةٌ لِلْمَيِّتِ أَوْ أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى لَهُ بِجَمِيعِ مَالِهِ أَوْ ثُلُثِهِ وَصَدَّقَهُمَا ذُو الْيَدِ وَقَالَ لَا أَدْرِي لِلْمَيِّتِ وَارِثٌ غَيْرَهُمَا أَوْ لَا لَمْ يَكُنْ لِمُدَّعِي الْوَصِيَّةِ شَيْءٌ بِهَذَا الْإِقْرَارِ وَيَدْفَعُ الْقَاضِي إلَى الْأَبِ وَالْأُمِّ وَالْأَخِ وَمَوْلَى الْعَتَاقَةِ أَوْ الْعَمَّةِ أَوْ الْخَالَةِ أَوْ بِنْتِ الْأُخْتِ إذَا انْفَرَدَ أَمَّا عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ فَلَا يُزَاحِمُ مُدَّعِي الْبُنُوَّةِ مُدَّعِي الْأُخُوَّةِ لَكِنْ مُدَّعِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ إذَا زَاحَمَهُ مُدَّعِي الزَّوْجِيَّةِ أَوْ الْوَصِيَّةِ بِالْكُلِّ أَوْ الثُّلُثِ مُسْتَدِلًّا بِإِقْرَارِ ذِي الْيَدِ فَمُدَّعِي الْأُخُوَّةِ أَوْ الْبُنُوَّةِ أَوْلَى بَعْدَمَا يَسْتَحْلِفُ الِابْنَ مَا هَذِهِ زَوْجَةُ الْمَيِّتِ أَوْ مُوصًى لَهُ هَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ عَلَى الزَّوْجِيَّةِ وَالْوَصِيَّةِ فَإِنْ أَقَامَ أَخَذَ بِهَا اهـ وَأَشَارَ الْمُؤَلِّفُ إلَى أَنَّ ذَا الْيَدِ أَقَرَّ أَنَّ الْمَيِّتَ أَقَرَّ بِأَنَّ هَذَا ابْنُهُ أَوْ أَبُوهُ أَوْ مَوْلَاهُ أَعْتَقَهُ أَوْ أَوْصَى لَهُ بِالْكُلِّ أَوْ ثُلُثِهِ أَوْ أَنَّ هَذِهِ زَوْجَتُهُ فَالْمَالُ لِلِابْنِ وَالْمَوْلَى كَمَا لَوْ عَايَنَاهُ أَقَرَّ بِخِلَافِ النِّكَاحِ وَوَلَاءِ الْمُوَالَاةِ وَالْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّ ذَا الْيَدِ أَقَرَّ بِسَبَبٍ يُنْتَقَضُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَمِنْ دَعْوَى الْمَجْمَعِ وَإِنْ كَانَتْ فِي يَدِ زَيْدٍ فَجَاءَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ فَصَدَّقَهُ زَيْدٌ يُؤْمَرُ بِإِعْطَاءِ أَقَلِّ النَّصِيبَيْنِ لَا أَكْثَرِهِمَا. اهـ.

قَيَّدَ بِتَصْدِيقِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ بَرْهَنَ وَقَالَا لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا آخَرَ فَلَهُ أَكْثَرُ النَّصِيبَيْنِ اتِّفَاقًا كَذَا فِي شَرْحِهِ لِابْنِ الْمَلَكِ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ شُهُودُ الذِّمِّيِّ مُسْلِمِينَ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ مُصَوَّرَةٌ بِمَا إذَا كَانَ أَحَدُ الْخَارِجَيْنِ ذِمِّيًّا فَيَظْهَرُ مَعْنَى هَذَا وَإِلَّا فَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَعَلَى هَذَا لَا يَحْتَاجُ إلَى تَصْدِيقِ الْأَخِ إلَخْ) أَقُولُ: الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ تَصْدِيقَ الْأَخِ شَرْطٌ لِإِرْثِهِ مُشَارِكًا لِلْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَكْذَبَهَا يَكُونُ مُعْتَرَفًا بِأَنَّ وَلَدَهُ وَارِثُهُ فَيُحْجَبُ الْأَخُ بِهِ فَلَا يَرِثُ وَكَانَ الْمُؤَلِّفُ فَهِمَ أَنَّهُ شَرْطٌ لِإِرْثِ الْمَرْأَةِ أَيْضًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ فَلَا مُنَافَاةَ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَتَمَامُهُ مَعَ بَيَانِ مُدَّةِ التَّأَنِّي فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ) حَيْثُ قَالَ غَيْرَ أَنَّهُ احْتَمَلَ مُشَارَكَةَ غَيْرِهِ وَهُوَ مَوْهُومٌ وَإِذَا تَأَنَّى إنْ حَضَرَ وَارِثٌ آخَرُ دَفَعَ الْمَالَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ خَلَفٌ عَنْ الْمَيِّتِ وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ أَعْطَى كُلَّ مُدَّعٍ مَا أَقَرَّ بِهِ لَكِنْ بِكَفِيلٍ ثِقَةٍ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ كَفِيلًا أَعْطَاهُ الْمَالَ وَضَمِنَهُ إنْ كَانَ ثِقَةً حَتَّى لَا يَهْلِكَ أَمَانَةٌ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ثِقَةٍ تَلَوَّمَ الْقَاضِي حَتَّى يَظْهَرَ أَنْ لَا وَارِثَ لِلْمَيِّتِ أَوْ أَكْبَرُ رَأْيِهِ ذَلِكَ ثُمَّ يُعْطِيهِ الْمَالَ وَيُضَمِّنُهُ وَلَمْ يُقَدِّرْ مُدَّةَ التَّلَوُّمِ بِشَيْءٍ بَلْ مَوْكُولٌ إلَى رَأْيِ الْقَاضِي وَهَذَا أَشْبَهُ بِأَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا مُقَدَّرٌ بِحَوْلٍ هَكَذَا حُكِيَ الْخِلَافُ فِي الْخُلَاصَةِ عَنْ الْأَقْضِيَةِ قَالَ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ مُقَدَّرٌ بِشَهْرٍ.

ص: 44

(قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ لِآخَرَ هَذَا ابْنُهُ أَيْضًا وَكَذَّبَهُ الْأَوَّلُ قَضَى لِلْأَوَّلِ) أَيْ قَالَ الْمُودَعُ هَذَا ابْنُهُ بَعْدَ إقْرَارِهِ لِلْأَوَّلِ بِأَنَّهُ ابْنُهُ وَكَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ قَضَى بِالْمَالِ لِلْمُقِرِّ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ إقْرَارٌ عَلَى الْغَيْرِ لِصِحَّةِ الْإِقْرَارِ لِلْأَوَّلِ لِعَدَمِ مَنْ يُكَذِّبُهُ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ ضَمَانَ الْمُودَعِ لِلثَّانِي لِاخْتِلَافِ الشَّارِحِينَ فِيهِ فَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ أَنَّهُ لَا يَغْرَمُ الْمُودَعُ لِلِابْنِ الثَّانِي شَيْئًا بِإِقْرَارِهِ لَهُ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُ لَمْ يَثْبُتْ فَلَمْ يَتَحَقَّقْ التَّلَفُ وَهَذَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ مُجَرَّدِ ثُبُوتِ الْبُنُوَّةِ ثُبُوتُ الْإِرْثِ فَلَا يَكُونُ الْإِقْرَارُ بِالْبُنُوَّةِ إقْرَارًا بِالْمَالِ اهـ.

وَفِي الْبِنَايَةِ فَإِنْ قِيلَ يَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَ الْمُودَعُ هُنَا لِلْمُقِرِّ لَهُ الثَّانِي كَمَا قُلْنَا فِي مُودَعِ الْقَاضِي الْمَعْزُولِ إذَا بَدَأَ بِالْإِقْرَارِ رُبَّمَا فِي يَدِهِ لِإِنْسَانٍ ثُمَّ أَقَرَّ بِأَنَّ الْقَاضِيَ الْمَعْزُولَ سَلَّمَهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ لِلْقَاضِي عَلَى مَا مَرَّ مِنْ قَبْلُ قُلْنَا هَذَا أَيْضًا يَضْمَنُ نَصِيبَهُ إذَا دَفَعَ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ الْأَوَّلِ بِغَيْرِ قَضَاءِ الْقَاضِي اهـ.

وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَقَيَّدَ بِإِقْرَارِهِ بِالْوَلَدِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ الْمُودَعُ بِهَا لِرَجُلٍ ثُمَّ قَالَ لَا بَلْ وَدِيعَةُ فُلَانٍ أَوْ قَالَ غَصَبْت هَذَا مِنْ فُلَانٍ لَا بَلْ مِنْ فُلَانٍ وَكَذَا الْعَارِيَّةُ فَإِنَّهُ يَقْضِي بِهِ لِلْأَوَّلِ وَيَضْمَنُ لِلثَّانِي قِيمَتَهُ وَكَذَا فِي الْإِقْرَارِ بِالدَّيْنِ فَلَوْ قَالَ هَذَا لِفُلَانٍ إلَّا نِصْفَهُ فَلِفُلَانٍ فَكَمَا قَالَ وَلَوْ قَالَ هَذَانِ لِفُلَانٍ إلَّا هَذَا فَلِفُلَانٍ كَانَ مُصَدَّقًا فَلَوْ قَالَ هَذَا لِفُلَانٍ وَهَذَا لِفُلَانٍ الْمُقَرِّ لَهُ إلَّا الْأَوَّلَ فَإِنَّهُ لِي لَمْ يُصَدَّقْ وَهُمَا لِلْأَوَّلِ وَلَوْ قَالَ هَذَا لِفُلَانٍ وَهَذَا لِفُلَانٍ الْمُقَرِّ لَهُ إلَّا نِصْفَهُ الْأَوَّلَ فَإِنَّهُ لِفُلَانٍ كَانَ جَائِزًا وَلَوْ قَالَ هَذِهِ الْحِنْطَةُ وَالشَّعِيرُ لِفُلَانٍ إلَّا كُرًّا مِنْ هَذِهِ الْحِنْطَةِ إذَا كَانَتْ الْحِنْطَةُ أَكْثَرَ مِنْ الْكُرِّ كَذَا فِي الْأَصْلِ لِمَوْلَانَا مُحَمَّدٍ مِنْ الدَّعْوَى.

(قَوْلُهُ مِيرَاثٌ قُسِمَ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ لَا يُكْفَلُ مِنْهُمْ وَلَا مِنْ وَارِثٍ) وَهَذَا شَيْءٌ احْتَاطَ بِهِ بَعْضُ الْقُضَاةِ وَهُوَ ظُلْمٌ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا يَأْخُذُ الْكَفِيلُ مِنْهُمْ أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا ثَبَتَ الدَّيْنُ وَالْإِرْثُ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِالْإِقْرَارِ وَالْخِلَافُ فِي الْأَوَّلِ وَلَا خِلَافَ فِي أَخْذِهِ فِي الثَّانِي وَهِيَ وَارِدَةٌ عَلَى إطْلَاقِهِ وَشَمِلَ مَا إذَا قَالَ الشُّهُودُ لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ وَهُنَا لَا يُؤْخَذُ الْكَفِيلُ اتِّفَاقًا وَجْهُ قَوْلِهِمَا أَنَّ فِي التَّكْفِيلِ نَظَرًا لِلْغَائِبِ عَلَى تَقْدِيرِ وُجُودِهِ وَلِأَنَّ وُجُودَ آخَرَ مَوْهُومٌ فَلَا يُؤَخِّرُ الثَّابِتَ قَطْعًا لَهُ وَأَشَارَ إلَى عَدَمِ التَّكْفِيلِ فِي دَعْوَى الشِّرَاءِ عَلَى ذِي الْيَدِ وَفِي بَيْعِ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لِلدَّيْنِ وَقَيَّدَ بِالْمِيرَاثِ؛ لِأَنَّهُ يَأْخُذُ كَفِيلًا إذَا دَفَعَ النَّفَقَةَ لِامْرَأَةِ الْغَائِبِ أَوْ اللُّقَطَةِ أَوْ الْآبِقِ إلَى صَاحِبِهِ وَأَطْلَقَ فِي الْوَارِثِ فَشَمِلَ مَا إذَا كَانَ مِمَّنْ يُحْجَبُ أَوْ لَا.

وَقَيَّدَ بِعَدَمِ التَّكْفِيلِ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ يَتَلَوَّمُ وَلَا يَدْفَعُ إلَيْهِ حَتَّى يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ وَلَا غَرِيمَ لَهُ آخَرَ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الِاحْتِيَاطِ لِنَفْسِهِ بِزِيَادَةِ عِلْمٍ بِانْتِفَاءِ الشَّرِيكِ الْمُسْتَحِقِّ مَعَهُ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ وَقَدْرِ مُدَّتِهِ مُفَوَّضٌ إلَى رَأْيِ الْقَاضِي وَقَدَّرَهُ الطَّحَاوِيُّ بِحَوْلٍ وَالْمُرَادُ بِالتَّأَنِّي تَأْخِيرُ الْقَضَاءِ إلَى الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ كَمَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ لَا تَأْخِيرُ الدَّفْعِ بَعْدَ الْقَضَاءِ وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ أَنَّ الْمُدَّعِيَ لَوْ بَرْهَنَ عَلَى أَنَّهُ مَاتَ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا لِوَرَثَتِهِ وَلَمْ يَذْكُرُوا عَدَدَ الْوَرَثَةِ وَلَا قَالُوا أَلَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ فَإِنَّهُ لَا يُقْضَى لَهُ وَإِنْ بَيَّنُوا عَدَدَهُمْ وَقَالُوا لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ وَكَانَ ذَلِكَ الْوَارِثُ مِمَّا لَا يُحْجَبُ بِحَالٍ فَإِنَّهُ يُقْضَى وَلَا يُتَأَنَّى وَلَا يُكْفَلُ وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يُحْجَبُ بِحَالٍ تَأَنَّى ثُمَّ يَقْضِي وَإِنْ شَهِدُوا أَنَّهُ ابْنُهُ وَوَارِثُهُ وَأَنَّهُ مَاتَ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا لَهُ وَلَمْ يَقُولُوا لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ تَلَوَّمَ الْقَاضِي زَمَانًا ثُمَّ قَضَى وَلَا يَأْخُذُ مِنْهُ كَفِيلًا عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا وَيَدْفَعُ لِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ أَوْفَرَ النَّصِيبَيْنِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ أَقَلَّهُمَا وَقَوْلُهُ وَهَذَا شَيْءٌ احْتَاطَ بِهِ بَعْضُ الْقُضَاةِ وَهُوَ ظُلْمٌ كَلَامُ أَبِي حَنِيفَةَ وَعَنَى بِهِ ابْنَ أَبِي لَيْلَى فَإِنَّهُ كَانَ يَفْعَلُهُ بِالْكُوفَةِ وَالْمُرَادُ بِالظُّلْمِ الْمَيْلُ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُجْتَهِدَ يُخْطِئُ وَيُصِيبُ وَعَلَى أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ بَرِئَ مِنْ الِاعْتِزَالِ لَا كَمَا ظَنَّهُ الْبَعْضُ بِسَبَبِ مَا نَقَلَهُ يُوسُفُ بْنُ خَالِدٍ السَّمْتِيُّ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ كُلُّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبٌ وَالْحَقُّ عِنْدَ اللَّهِ وَاحِدٌ وَتَأْوِيلُهُ أَنَّ كُلَّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبٌ بِالِاجْتِهَادِ وَإِنْ أَخْطَأَ مَا عِنْدَ اللَّهِ.

وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ هَذَا التَّأْوِيلِ أَنَّهُ لَوْ حُمِلَ عَلَى ظَاهِرِهِ لَكَانَ مُتَنَاقِضًا فَقَوْلُهُ الْحَقُّ عِنْدَ اللَّهِ وَاحِدٌ يُفِيدُ أَنْ لَيْسَ كُلُّ مُجْتَهِدٍ أَصَابَ الْحَقَّ وَإِلَّا لَكَانَ الْحَقُّ مُتَعَدِّدًا فَلَزِمَ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ كُلُّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبٌ أَيْ مُصِيبٌ حُكْمَ اللَّهِ تَعَالَى بِالِاجْتِهَادِ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الدَّعْوَى

ــ

[منحة الخالق]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 45