الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَا يَضْمَنُ فَلَوْ طَلَبهَا مِنْهُ فَقَالَ لَا يُمْكِنُنِي أَنْ أُحْضِرَهَا السَّاعَةَ فَتَرَكَهَا وَذَهَبَ إنْ تَرَكَ عَنْ رِضًا وَذَهَبَ لَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ لَمَّا ذَهَبَ فَقَدْ أَنْشَأَ الْوَدِيعَةَ وَإِنْ كَانَ عَنْ غَيْرِ رِضًا يَضْمَنُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ هَذَا التَّفْصِيلِ مَا إذَا كَانَ الْمُودَعُ يُمْكِنُهُ وَكَانَ كَاذِبًا فِي قَوْلِهِ أَمَّا إذَا كَانَ صَادِقًا فَلَا يَضْمَنُ مُطْلَقًا لِمَا قُلْنَا وَلَوْ كَانَ الَّذِي طَلَبَهَا وَكِيلًا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إنْشَاءُ الْوَدِيعَةِ بِخِلَافِ الْمَالِكِ وَلَوْ قَالَ لَهُ بَعْدَ طَلَبِهِ اُطْلُبْهَا غَدًا ثُمَّ ادَّعَى ضَيَاعَهَا فَإِنْ قَالَ ضَاعَتْ بَعْدَ الْإِقْرَارِ لَا ضَمَانَ وَإِلَّا ضَمِنَ.
وَلَوْ قَالَ لَهُ احْمِلْهَا إلَيَّ الْيَوْمَ فَمَضَى وَلَمْ يَحْمِلْهَا لَا يَضْمَنُ لِأَنَّ مُؤْنَةَ الرَّدِّ عَلَى الْمَالِكِ وَلَوْ مَنَعَهَا مِنْ رَسُولِ الْمَالِكِ وَقَالَ لَا أَدْفَعُهَا إلَّا إلَى الَّذِي جَاءَ بِهَا لَا يَضْمَنُ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَمَنْعِهِ بَعْدَ قَوْلِهِ مَنْ جَاءَك وَبَيَّنَ عَلَامَةَ كَذَا فَادْفَعْهَا إلَيْهِ فَبَيَّنَ رَجُلٌ تِلْكَ الْعَلَامَةَ وَلَمْ يَدْفَعْ إلَيْهِ حَتَّى هَلَكَتْ لَا يَضْمَنُ وَمَنْعُهُ مِنْهُ وَدِيعَةَ عَبْدِهِ لَا يَكُونُ ظُلْمًا لِأَنَّ الْمَوْلَى لَيْسَ لَهُ قَبْضُ وَدِيعَةَ عَبْدِهِ مَأْذُونًا كَانَ أَوْ مَحْجُورًا مَا لَمْ يَحْضُرْ وَيَظْهَرْ أَنَّهُ مِنْ كَسْبِهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ مَالُ الْغَيْرِ وَدِيعَةً فَإِذَا ظَهَرَ أَنَّهُ لِلْعَبْدِ بِالْبَيِّنَةِ فَحِينَئِذٍ يَأْخُذُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ
(قَوْلُهُ أَوْ خَلَطَهَا بِمَالِهِ بِغَيْرِ الْإِذْنِ حَتَّى لَا تَتَمَيَّزَ ضَمِنَهَا) لِأَنَّهُ صَارَ مُسْتَهْلِكًا لَهَا وَإِذَا ضَمِنَهَا مَلَكَهَا وَلَا تُبَاحُ لَهُ قَبْلَ أَدَاءِ الضَّمَانِ وَلَا سَبِيلَ لِلْمَالِكِ عَلَيْهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَوْ أَبْرَأهُ سَقَطَ حَقُّهُ مِنْ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فَشَمِلَ خَلْطَ الْجِنْسِ بِجِنْسِهِ أَوْ بِغَيْرِ جِنْسِهِ كَخَلْطِ الزَّيْتِ بِالشَّيْرَجِ وَالْحِنْطَةِ بِالشَّعِيرِ وَبِالْحِنْطَةِ وَالْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ بَعْدَ الْإِذَابَةِ قَيَّدَ بِكَوْنِ الْمُودَعِ هُوَ الْخَالِطُ لِأَنَّ الْخَالِطَ لَوْ كَانَ أَجْنَبِيًّا أَوْ مَنْ فِي عِيَالِهِ لَا يَضْمَنُ الْمُودَعُ وَالضَّمَانُ عَلَى الْخَالِطِ صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا وَلَا يَضْمَنُ أَبُوهُ لِأَجْلِهِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَقَيَّدَ بِكَوْنِهَا لَا تَتَمَيَّزُ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ يُمْكِنُ الْوُصُولُ إلَيْهِ عَلَى وَجْهِ التَّيْسِيرِ كَخَلْطِ الْجَوْزِ بِاللَّوْزِ وَالدَّرَاهِمِ السُّودِ بِالْبِيضِ فَإِنَّهُ لَا يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ إجْمَاعًا وَاسْتُفِيدَ مِنْهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِعَدَمِ التَّمَيُّزِ عَدَمُهُ عَلَى وَجْهِ التَّيْسِيرِ لَا عَدَمُ إمْكَانِهِ مُطْلَقًا كَمَا لَا يَخْفَى وَإِنْ خَلَطَهَا بِإِذْنِهِ كَانَ شَرِيكًا لَهُ
(قَوْلُهُ وَإِنْ اخْتَلَطَ بِغَيْرِ فِعْلِهِ اشْتَرَكَا) يَعْنِي وَكَانَتْ شِرْكَةَ مِلْكٍ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ الصُّنْعِ مِنْهُ فَإِنْ هَلَكَ بَعْضُهَا هَلَكَ مِنْ مَالِهِمَا جَمِيعًا وَيُقَسَّمُ الْبَاقِي بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ مَا كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَالْمَالِ الْمُشْتَرَكِ
(قَوْلُهُ وَلَوْ أَنْفِقْ بَعْضَهَا فَرَدَّ مِثْلَهُ فَخَلَطَهُ بِالْبَاقِي ضَمِنَ الْكُلَّ) أَيْ الْبَعْضَ بِالْإِنْفَاقِ وَالْبَعْضَ بِالْخَلْطِ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ بِالْإِنْفَاقِ مِنْهَا وَرَدُّ مِثْلِهِ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ وَقَدْ خَلَطَهُ بِمَا بَقِيَ
ــ
[منحة الخالق]
[طَلَبَ الْوَدِيعَة رَبُّهَا فَحَبَسَهَا قَادِرًا عَلَى تَسْلِيمِهَا فَمَنَعَهَا]
(قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ هَذَا التَّفْصِيلِ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ لِمَا فِي التَّجْنِيسِ أَنَّهُ لَوْ طَلَبَهَا بِوَكِيلِهِ أَوْ رَسُولِهِ فَحَبَسَهَا لَا يَضْمَنُ فَتَأَمَّلْ وَانْظُرْ إلَى مَا ذَكَرَهُ بُعَيْدَهُ مِنْ قَوْلِهِ مَنْ جَاءَك وَبَيَّنَ عَلَامَةَ كَذَا إلَخْ كَذَا رَأَيْت بِخَطِّ بَعْضِهِمْ وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ فَرْعُ التَّجْنِيسِ وَفَرْعُ مَنْ جَاءَك بِعَلَامَةِ كَذَا يُحَجُّ بِأَنَّهُ إنَّمَا مَنَعَهُ لِيُوَصِّلَهَا إلَى الْأَصِيلِ بِنَفْسِهِ لِتَكْذِيبِهِ إيَّاهُ وَفَرْعُ الْخُلَاصَةِ فِيهِ الْمَنْعُ لِلْعَجْزِ عَنْ التَّسْلِيمِ وَالتَّرْكِ وَالذَّهَابِ عَنْ رِضَا إلَى وَقْتٍ آخَرَ وَفِيهِ إنْشَاءُ إيدَاعٍ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ حَتَّى لَوْ كَذَّبَهُ فِي الْفَرْعِ الَّذِي نَفْقَهُ فِيهِ مَعَ ذَلِكَ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا لَا يَضْمَنُ فَتَأَمَّلْ كَذَا فِي حَاشِيَةِ الرَّمْلِيِّ (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ الَّذِي طَلَبَهَا وَكِيلٌ يَضْمَنُ) قَالَ الرَّمْلِيُّ قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ الْمَالِكُ إذَا طَلَبَ الْوَدِيعَةَ فَقَالَ الْمُودِعُ لَا يُمْكِنُنِي أَنْ أُحْضِرَهَا السَّاعَةَ فَتَرَكَهَا وَذَهَبَ إنْ تَرَكَهَا عَنْ رِضًا فَهَلَكَتْ لَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ لَمَّا ذَهَبَ فَقَدْ أَنْشَأَ الْوَدِيعَةَ وَإِنْ كَانَ عَنْ غَيْرِ رِضًا يَضْمَنُ وَلَوْ كَانَ الَّذِي طَلَبَ الْوَدِيعَةَ وَكِيلَ الْمَالِكِ يَضْمَنُ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إنْشَاءُ الْوَدِيعَةِ بِخِلَافِ الْمَالِكِ. اهـ.
وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ يَضْمَنُ بِعَدَمِ الدَّفْعِ إلَى وَكِيلِ الْمَالِكِ كَمَا لَا يَخْفَى وَفِي الْعِمَادِيَّةِ مَعْزِيًّا إلَى الظَّهِيرِيَّةِ وَرَسُولُ الْمُودِعِ إذَا طَلَبَ الْوَدِيعَةَ فَقَالَ لَا أَدْفَعُ إلَّا لِلَّذِي جَاءَ بِهَا وَلَمْ يَدْفَعْ إلَى الرَّسُولِ حَتَّى هَلَكَتْ ضَمِنَ وَذَكَرَ فِي فَتَاوَى قَاضِي ظَهِيرٍ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ وَأَجَابَ نَجْمُ الدِّينِ أَنَّهُ يَضْمَنُ وَفِيهِ نَظَرٌ بِدَلِيلِ أَنَّ الْمُودَعَ إذَا صَدَّقَ مَنْ ادَّعَى أَنَّهُ وَكِيلٌ يَقْبِضُ الْوَدِيعَةَ فَإِنَّهُ قَالَ فِي الْوَكَالَةِ لَا يُؤْمَرُ بِدَفْعِ الْوَدِيعَةِ إلَيْهِ وَلَكِنْ لِقَائِلٍ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ الْوَكِيلِ وَالرَّسُولِ لِأَنَّ الرَّسُولَ يَنْطِقُ عَلَى لِسَانِ الْمُرْسِلِ وَلَا كَذَلِكَ الْوَكِيلُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ عُزِلَ الْوَكِيلُ قَبْلَ عِلْمِ الْوَكِيلِ بِالْعَزْلِ لَا يَصِحُّ وَلَوْ رَجَعَ عَنْ الرِّسَالَةِ قَبْلَ عِلْمِ الرَّسُولِ بِالرُّجُوعِ صَحَّ كَذَا فِي فَتَاوَاهُ اهـ.
أَقُولُ: ظَاهِرُ مَا نَقَلَهُ فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ مَعْزِيًّا إلَى قَاضِي ظَهِيرٍ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ فِي مَسْأَلَةِ الْوَكِيلِ كَمَا هُوَ مَنْقُولٌ عَنْ التَّجْنِيسِ فَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْخُلَاصَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ وَيَتَرَاءَى لِي التَّوْفِيقُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ بِأَنْ يُحْمَلَ مَا فِي الْخُلَاصَةِ عَلَى مَا إذَا قَصَدَ الْوَكِيلُ إنْشَاءَ الْوَدِيعَةِ عِنْدَ الْمُودِعِ بَعْدَ مَنْعِهِ لِيَدْفَعَ لَهُ فِي وَقْتٍ آخَرَ وَمَا فِي فَتَاوَى قَاضِي ظَهِيرٍ وَالتَّجْنِيسِ عَلَى مَا إذَا مَنَعَ لِيُؤَدِّيَ إلَى الْمُودِعِ بِنَفْسِهِ وَلِذَلِكَ قَالَ فِي جَوَابِهِ إلَّا لِلَّذِي جَاءَ بِهَا وَفِي الْخُلَاصَةِ مَا هُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْوَكِيلَ تَرَكَهَا وَذَهَبَ عَنْ رِضًا بَعْدَ قَوْلِ الْمُودَعِ لَا يُمْكِنُنِي أَنْ أُحْضِرَهَا السَّاعَةَ أَيْ وَأَدْفَعَهَا لَك فِي غَيْرِ هَذِهِ السَّاعَةِ فَإِذَا فَارَقَهُ فَقَدْ أَنْشَأَ الْإِيدَاعَ وَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ بِخِلَافِ قَوْلِهِ لَا أَدْفَعُهَا إلَّا لِلَّذِي جَاءَ بِهَا فَإِنَّهُ اسْتِبْقَاءٌ لِلْإِيدَاعِ الْأَوَّلِ لَا إنْشَاءُ إيدَاعٍ فَتَأَمَّلْ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِهَذَا التَّوْفِيقِ وَاَللَّهُ تَعَالَى هُوَ الْمُوَفِّقُ اهـ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ قَالَ ضَاعَتْ بَعْدَ الْإِقْرَارِ) أَيْ الْإِقْرَارِ ضِمْنًا فِي قَوْلِهِ اُطْلُبْهَا غَدًا وَقَوْلُهُ بَعْدَ الْإِقْرَارِ ظَرْفٌ لِضَاعَتْ لَا لِقَالَ وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ طَلَبَهَا رَبُّهَا فَقَالَ اُطْلُبْهَا غَدًا فَقَالَ فِي الْغَدِ تَلِفَتْ قَبْلَ قَوْلِي اُطْلُبْهَا غَدًا ضَمِنَ لِتَنَاقُضِهِ لَا بَعْدَهُ اهـ. وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْخَانِيَّةِ أَيْضًا
مِنْ الْوَدِيعَةِ فَضَمِنَ الْجَمِيعَ وَالْمُرَادُ بِالْخَلْطِ هُنَا خَلْطٌ لَا تَتَمَيَّزُ مَعَهُ أَمَّا لَوْ جَعَلَ عَلَى مَالِهِ عَلَامَةً حِينَ خَلَطَهُ بِهَا بِحَيْثُ يَتَأَتَّى التَّمْيِيزُ لَا يَضْمَنُ إلَّا مَا أَنْفَقَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَقَيَّدَ بِالْإِنْفَاقِ وَرَدِّ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ إذَا أَخَذَ بَعْضَ الْوَدِيعَةِ لِيُنْفِقَهُ فِي حَاجَتِهِ فَرَدَّهُ إلَى مَوْضِعِهِ ثُمَّ ضَاعَتْ الْوَدِيعَةُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِوَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ أَنَّ رَفْعَهُ حِفْظٌ فَلَا يَضْمَنُ بِهِ وَلَا بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ الثَّانِي أَنَّهُ وَإِنْ صَارَ ضَامِنًا بِالرَّفْعِ فَقَدْ عَادَ إلَى الْوِفَاقِ بِرَدِّ الْعَيْنِ إلَى مَكَانِهَا فَبَرِئَ عَنْ الضَّمَانِ بِخِلَافِ مَا إذَا رَدَّ مِثْلَهُ لِأَنَّهُ إنَّمَا جَاءَ بِمِلْكِ نَفْسِهِ فَلَا يَكُونُ عَوْدًا إلَى الْوِفَاقِ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُمْ قَالُوا بِأَنَّهُ لَوْ بَاعَهَا وَضَمِنَ قِيمَتَهَا نَفَذَ الْبَيْعُ مِنْ جِهَتِهِ وَاسْتَنَدَ مِلْكُهُ بِالضَّمَانِ إلَى وَقْتِ وُجُوبِ الضَّمَانِ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ الرَّفْعُ لِلْبَيْعِ مُوجِبًا لِلضَّمَانِ عَلَيْهِ قَبْلَ الْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ لَمْ يَسْتَنِدْ مِلْكُهُ إلَى تِلْكَ الْحَالَةِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ فَرَدَّ مِثْلَهَا لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَرُدَّ كَانَ ضَامِنًا لِمَا أَنْفَقَ خَاصَّةً لِأَنَّهُ حَافِظٌ لِلْبَاقِي وَلَمْ يَتَعَيَّبْ لِأَنَّهُ مِمَّا لَا يَضُرُّهُ التَّبْعِيضُ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْوَدِيعَةُ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ أَوْ أَشْيَاءَ مِنْ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ فَهُوَ كَمَا لَوْ أَوْدَعَهُ وَدِيعَتَيْنِ فَأَنْفَقَ إحْدَاهُمَا لَا يَكُونُ ضَامِنًا لِلْأُخْرَى كَذَا فِي النِّهَايَةِ
(قَوْلُهُ وَإِنْ تَعَدَّى فِيهَا ثُمَّ أَزَالَ التَّعَدِّيَ زَالَ الضَّمَانُ) أَيْ تَعَدَّى فِي الْوَدِيعَةِ بِأَنْ كَانَتْ دَابَّةً فَرَكِبَهَا أَوْ ثَوْبًا فَلَبِسَهُ أَوْ عَبْدًا فَاسْتَخْدَمَهُ أَوْ أَوْدَعَهَا غَيْرَهُ ثُمَّ أَزَالَ التَّعَدِّي فَرَدَّهَا إلَى يَدِهِ بَرِئَ عَنْ الضَّمَانِ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالْحِفْظِ فِي كُلِّ الْأَوْقَاتِ فَإِذَا خَالَفَ فِي الْبَعْضِ ثُمَّ رَجَعَ أَتَى بِالْمَأْمُورِ بِهِ كَمَا إذَا اسْتَأْجَرَهُ لِلْحِفْظِ شَهْرًا فَتَرَكَ الْحِفْظَ فِي بَعْضِهِ ثُمَّ حَفِظَ فِي الْبَاقِي اسْتَحَقَّ الْأُجْرَةَ بِقَدْرِهِ وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي بَابِ الْجِنَايَاتِ عَلَى الْإِحْرَامِ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ أَنَّهُ يَزُولُ الضَّمَانُ عَنْهُ بِشَرْطِ أَنَّهُ لَا يَعْزِمُ عَلَى الْعَوْدِ إلَى التَّعَدِّي حَتَّى لَوْ نَزَعَ ثَوْبَ الْوَدِيعَةِ لَيْلًا وَمِنْ عَزْمِهِ أَنْ يَلْبَسَهُ نَهَارًا ثُمَّ سُرِقَ لَيْلًا لَا يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمُسْتَعِيرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ) إذَا تَعَدَّيَا ثُمَّ أَزَالَاهُ لَا يَزُولُ الضَّمَانُ لِأَنَّ الْبَرَاءَةَ عَنْهُ إنَّمَا تَكُونُ بِالْإِعَادَةِ إلَى يَدِ الْمَالِكِ حَقِيقَةً أَوْ تَقْدِيرًا وَيَدِهِمَا لَهُمَا لِأَنَّهُمَا عَامِلَانِ لِأَنْفُسِهِمَا بِخِلَافِ الْمُودَعِ فَإِنَّ يَدَهُ كَيَدِ الْمَالِكِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ تَبَعًا لِغَيْرِهِ مَنْ اسْتَعَارَ شَيْئًا لِيَرْهَنَهُ فَتَعَدَّى فِيهِ كَمَا إذَا اسْتَعَارَ عَبْدًا لِيَرْهَنَهُ أَوْ دَابَّةً فَاسْتَخْدَمَ الْعَبْدَ وَرَكِبَ الدَّابَّةَ قَبْلَ أَنْ يَرْهَنَهُمَا ثُمَّ رَهَنَهُمَا بِمَالٍ بِمِثْلِ قِيمَتِهِمَا ثُمَّ قَضَى الْمَالَ وَلَمْ يَقْبِضْهَا حَتَّى هَلَكَتْ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ لَا ضَمَانَ عَلَى الرَّاهِنِ لِأَنَّهُ قَدْ بَرِئَ عَنْ الضَّمَانِ حِينَ رَهَنَهُمَا فَإِنْ كَانَ أَمِينًا خَالَفَ فَقَدْ عَادَ إلَى الْوِفَاقِ وَإِنَّمَا كَانَ مُسْتَعِيرُ الرَّهْنِ كَالْمُودَعِ لِأَنَّ تَسْلِيمَهُ إلَى الْمُرْتَهِنِ يَرْجِعُ إلَى تَحْقِيقِ مَقْصُودِ الْمُعِيرِ حَتَّى لَوْ هَلَكَ بَعْدَ ذَلِكَ يَصِيرُ دَيْنُهُ مَقْضِيًّا فَيَسْتَوْجِبُ الْمُعِيرُ الرُّجُوعَ عَلَى الرَّاهِنِ بِمِثْلِهِ فَكَانَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الرَّدِّ عَلَيْهِ حُكْمًا فَلِهَذَا بَرِئَ مِنْ الضَّمَانِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ مِنْ بَابِ الْإِعَارَةِ فِي الرَّهْنِ
(قَوْلُهُ وَإِقْرَارُهُ بَعْدَ جُحُودِهِ) يَعْنِي أَنَّ الْمُودَعَ إذَا جَحَدَ الْوَدِيعَةَ بِأَنْ قَالَ لَمْ يُودِعْنِي عِنْدَ مَالِكِهَا بَعْدَ طَلَبِ رَدِّهَا وَنَقْلِهَا مِنْ مَكَانِهَا وَقْتَ الْإِنْكَارِ وَكَانَتْ مَنْقُولًا وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَنْ يُخَافُ مِنْهُ عَلَيْهَا وَلَمْ يُحْضِرْهَا بَعْدَ الْجُحُودِ لِمَالِكِهَا ثُمَّ أَقَرَّ بِهَا لَا يَزُولُ الضَّمَانُ لِأَنَّ الْجُحُودَ رَفْعٌ لِلْعَقْدِ فَيُفْسَخُ بِهِ الْعَقْدُ فَلَا يَعُودُ إلَّا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ كَجُحُودِ الْوَكِيلِ الْوَكَالَةَ وَجُحُودِ أَحَدِ الْمُتَبَايِعَيْنِ الْبَيْعَ قَيَّدْنَا بِكَوْنِهِ أَنْكَرَ الْإِيدَاعَ لِأَنَّ الْمُودِعَ لَوْ ادَّعَى أَنَّ الْمَالِكَ وَهَبَهَا مِنْهُ أَوْ بَاعَهَا لَهُ وَأَنْكَرَ صَاحِبُهَا ثُمَّ هَلَكَتْ لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُودَعِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَقَيَّدْنَا بِكَوْنِ الْإِنْكَارِ عِنْدَ الْمَالِكِ لِأَنَّ جُحُودَهَا عِنْدَ غَيْرِهِ لَا يُوجِبُ الضَّمَانَ وَقَيَّدْنَا بِكَوْنِهِ بَعْدَ الطَّلَبِ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ لَهُ مَا حَالُ وَدِيعَتِي عِنْدَك لِيَشْكُرَ عَلَى حِفْظِهَا فَجَحَدَهَا لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَقَيَّدْنَا بِكَوْنِهِ نَقَلَهَا لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَنْقُلْهَا مِنْ مَكَانِهَا حَالَ جُحُودِهِ فَهَلَكَتْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ عَنْ الْأَجْنَاسِ.
وَقَيَّدْنَا بِكَوْنِهِ مَنْقُولًا لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ عَقَارًا لَا يَضْمَنُ بِالْجُحُودِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ فِي الْأَصَحِّ ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي الْغَصْبِ وَقَيَّدْنَا بِكَوْنِهِ لَمْ يَكُنْ مَنْ يَخَافُ عَلَيْهَا مِنْهُ لِأَنَّهُ لَوْ جَحَدَهَا فِي وَجْهِ عَدُوٍّ يَخَافُ عَلَيْهَا التَّلَفَ إنْ أَقَرَّ ثُمَّ هَلَكَتْ لَا يَضْمَنُهَا لِأَنَّهُ إنَّمَا أَرَادَ حِفْظَهَا وَقَيَّدْنَا بِكَوْنِهِ لَمْ يُحْضِرْهَا لِأَنَّهُ لَوْ جَحَدَهَا ثُمَّ أَحْضَرَهَا فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهَا دَعْهَا وَدِيعَةً عِنْدَك فَهَلَكَتْ فَإِنْ أَمْكَنَهُ أَخْذُهَا
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ وَقَيَّدْنَا بِكَوْنِهِ نَقَلَهَا إلَخْ)(فَشٌّ) جَحَدَهَا فَلَوْ نَقَلَهَا مِنْ مَكَان كَانَتْ فِيهِ حَالَ الْجُحُودِ ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا فَلَوْ قُلْنَا بِوُجُوبِ الضَّمَانِ فِي الْوَجْهَيْنِ فَلَهُ وَجْهُ خُلَاصَةٍ لَوْ جَحَدَهَا إنَّمَا يَضْمَنُ إذَا نَقَلَهَا عَنْ مَوْضِعِهَا الَّتِي كَانَتْ فِيهِ حَالَ الْجُحُودِ وَهَلَكَتْ وَإِنْ لَمْ يَنْقُلْهَا وَهَلَكَتْ لَا يَضْمَنُ وَفِي الْمُنْتَقَى إذَا كَانَتْ الْوَدِيعَةُ أَوْ الْعَارِيَّةُ مِمَّا يُحَوَّلُ يَضْمَنُ بِالْجُحُودِ وَإِنْ لَمْ يُحَوِّلْهَا نُورُ الْعَيْنِ (قَوْلُهُ وَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ رَدَّهَا قَبْلَ الْجُحُودِ إلَخْ) رَأَيْت مُلْحَقًا فِي نُسْخَتَيْ الْخُلَاصَةِ بَعْدَ لَفْظَةِ الْجُحُودِ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَبَعْدَهُ كَلِمَةٌ مَمْحُوَّةٌ لَمْ أَعْرِفْهَا وَفِي الْخَانِيَّةِ وَذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى إذَا جَحَدَ الْمُودِعُ الْوَدِيعَةَ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ رَدَّهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَكَذَا لَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ رَدَّهَا قَبْلَ الْجُحُودِ وَقَالَ إنَّمَا غَلِطْت إلَخْ فَظَهَرَ أَنَّ فِيمَا نَقَلَهُ الْمُؤَلِّفُ سَقْطًا وَفِي الْخَانِيَّةِ أَيْضًا وَلَوْ جَحَدَ الْمُودِعُ الْوَدِيعَةَ ثُمَّ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى هَلَاكِهَا قَبْلَ الْجُحُودِ إنْ قَالَ لَيْسَ لَك عِنْدِي وَدِيعَةً قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَيَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ وَلَوْ قَالَ نَسِيت فِي الْجُحُودِ أَوْ قَالَ غَلِطْت ثُمَّ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ دَفَعَهَا إلَى صَاحِبِهَا قَبْلَ الْجُحُودِ بَرِئَ
فَلَمْ يَأْخُذْهَا لَمْ يَضْمَنْ لِأَنَّهُ إيدَاعٌ جَدِيدٌ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ أَخْذُهَا ضَمِنَ لِأَنَّهُ لَمْ يُتِمَّ الرَّدَّ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ وَلَوْ جَحَدَهَا ثُمَّ ادَّعَى رَدَّهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ قُبِلَتْ وَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ رَدَّهَا قَبْلَ جُحُودِهِ وَقَالَ غَلِطْت فِي الْجُحُودِ أَوْ نَسِيت أَوْ ظَنَنْت أَنِّي دَفَعْته فَأَنَا صَادِقٌ فِي قَوْلِي لَمْ يَسْتَوْدِعْنِي ثُمَّ ادَّعَى الرَّدَّ أَوْ الْهَلَاكَ لَا يُصَدَّقُ وَلَوْ قَالَ لَيْسَ لَهُ عَلَيَّ شَيْءٌ ثُمَّ ادَّعَى الرَّدَّ أَوْ الْهَلَاكَ يُصَدَّقُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَقَيَّدَ الْوَدِيعَةِ لِأَنَّ الْمُضَارِبَ لَوْ قَالَ لِرَبِّ الْمَالِ لَمْ تَدْفَعْ إلَيَّ شَيْئًا ثُمَّ قَالَ بَلَى قَدْ دَفَعْت إلَيَّ ثُمَّ اشْتَرَى بِالْمَالِ كَانَ عَلَى الْمُضَارَبَةِ وَبَرِئَ عَنْ الضَّمَانِ وَإِنْ جَحَدَ ثُمَّ اشْتَرَى ثُمَّ أَقَرَّ فَهُوَ ضَامِنٌ وَالْمَتَاعُ لَهُ.
وَكَذَا الْوَكِيلُ بِشِرَاءِ شَيْءٍ بِغَيْرِ عَيْنِهِ بِأَلْفٍ وَدَفَعَ الْمَالَ إلَى الْوَكِيلِ وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ مُعَيَّنًا فَاشْتَرَاهُ فِي حَالِ الْجُحُودِ أَوْ بَعْدَمَا أَقَرَّ فَهُوَ لِلْآمِرِ وَلَوْ دَفَعَ رَجُلٌ إلَى رَجُلٍ عَبْدًا لِيَبِيعَهُ فَجَحَدَ الْمَأْمُورُ ثُمَّ أَقَرَّ بِهِ فَبَاعَهُ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ جَازَ وَيَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ وَقَالَ غَيْرُهُ مِنْ الْمَشَايِخِ فِي قِيَاسِ قَوْلِهِ لَوْ بَاعَ بَعْدَ الْجُحُودِ ثُمَّ أَقَرَّ جَازَ أَيْضًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خان مِنْ كِتَابِ الْمُضَارَبَةِ وَإِذَا ضَمِنَهَا الْمُودَعُ بِالْجُحُودِ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهَا يَوْمَ الْإِيدَاعِ لَا يَوْمَ الْجُحُودِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَهُ فِي الْخُلَاصَةِ رَجُلٌ أَوْدَعَ رَجُلًا عَبْدًا فَجَحَدَهُ الْمُودِعُ فَمَاتَ فِي يَدِهِ ثُمَّ أَقَامَ الْمُودِعُ الْبَيِّنَةَ عَلَى قِيمَتِهِ يَوْمَ الْجُحُودِ وَلَكِنَّ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْإِيدَاعِ كَذَا قُضِيَ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ الْإِيدَاعِ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَلَهُ أَنْ يُسَافِرَ بِهَا عِنْدَ عَدَمِ النَّهْيِ وَالْخَوْفِ) أَيْ لِلْمُودَعِ أَنْ يُسَافِرَ الْوَدِيعَةِ إذَا لَمْ يَنْهَهُ الْمُودِعُ وَلَمْ يَخَفْ عَلَيْهَا بِالْإِخْرَاجِ لِأَنَّ الْأَمْرَ مُطْلَقٌ فَلَا يَتَقَيَّدُ بِالْمَكَانِ كَمَا لَا يَتَقَيَّدُ بِالزَّمَانِ قَيَّدَ بِعَدَمِ النَّهْيِ لِأَنَّهُ لَوْ نَهَاهُ عَنْ السَّفَرِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَقَيَّدَ بِعَدَمِ الْخَوْفِ لِأَنَّ الطَّرِيقَ لَوْ كَانَ مُخِيفًا وَلَهُ بُدٌّ مِنْ السَّفَرِ كَانَ ضَامِنًا وَكَذَا الْأَبُ وَالْوَصِيُّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بُدٌّ مِنْهُ إنْ سَافَرَ بِأَهْلِهِ لَا يَضْمَنُ وَإِنْ سَافَرَ بِنَفْسِهِ يَكُونُ ضَامِنًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خان وَمِنْ الْمَخُوفِ السَّفَرُ فِي الْبَحْرِ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِيهِ الْعَطَبُ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ وَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فَشَمِلَ مَا لَهُ حِمْلٌ وَمُؤْنَةٌ طَالَ الْخُرُوجُ أَوْ قَصُرَ وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَاسْتَثْنَى مِنْهُ الشَّيْخُ أَبُو نَصْرٍ فِي شَرْحِ الْقُدُورِيِّ الطَّعَامَ الْكَثِيرَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ إذَا سَافَرَ بِهِ اسْتِحْسَانًا وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلِلْمُودَعِ أَنْ يُسَافِرَ بِمَالِ الْوَدِيعَةِ عِنْدَنَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا حِمْلٌ وَمُؤْنَةٌ وَقَيَّدَ الْوَدِيعَةِ لِأَنَّ الْوَكِيلَ بِالْبَيْعِ إذَا سَافَرَ بِمَا وُكِّلَ بِبَيْعِهِ إنْ قَيَّدَ الْوَكَالَةَ بِمَكَانٍ بِأَنْ قَالَ بِعْهُ بِالْكُوفَةِ فَأَخْرَجَهَا مِنْ الْكُوفَةِ يَصِيرُ ضَامِنًا عِنْدَنَا وَإِنْ أَطْلَقَ الْوَكَالَةَ فَسَافَرَ بِهِ إنْ كَانَ شَيْئًا لَهُ حِمْلٌ وَمُؤْنَةٌ يَكُونُ ضَامِنًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حِمْلٌ وَمُؤْنَةٌ لَا يَصِيرُ ضَامِنًا عِنْدَنَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ بُدٌّ مِنْ السَّفَرِ وَإِنْ كَانَ لَهُ بُدٌّ مِنْ السَّفَرِ لَا يَكُونُ ضَامِنًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ طَالَ الْخُرُوجُ أَمْ قَصُرَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَكُونُ ضَامِنًا طَالَ الْخُرُوجُ أَمْ قَصُرَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ إنْ طَالَ الْخُرُوجُ يَكُونُ ضَامِنًا وَإِنْ قَصُرَ لَا يَكُونُ ضَامِنًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خان
(قَوْلُهُ وَلَوْ أَوْدَعَا شَيْئًا لَمْ يَدْفَعْ الْمُودِعُ إلَى أَحَدِهِمَا حَظَّهُ حَتَّى يَحْضُرَ الْآخَرُ) يَعْنِي فِي غَيْبَةِ صَاحِبِهِ أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ وَالْقِيَمِ، وَخِلَافُهُمَا فِي الْأَوَّلِ قِيَاسًا عَلَى الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ وَفَرَّقَ أَبُو حَنِيفَةَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْمُودَعَ لَا يَمْلِكُ الْقِسْمَةَ بَيْنَهُمَا فَكَانَ تَعَدِّيًا عَلَى مِلْكِ الْغَيْرِ وَفِي الدَّيْنِ يُطَالِبُهُ بِتَسْلِيمِ حَقِّهِ إذْ الدُّيُونُ تُقْضَى بِأَمْثَالِهَا فَكَانَ تَصَرُّفًا فِي مَالِ نَفْسِهِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ لَمْ يَدْفَعْ إلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ حَتَّى لَوْ خَاصَمَهُ إلَى الْقَاضِي لَمْ يَأْمُرْهُ بِدَفْعِ نَصِيبِهِ إلَيْهِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَإِلَى أَنَّهُ لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ لَا يَكُونُ قِسْمَةً اتِّفَاقًا حَتَّى لَوْ هَلَكَ الْبَاقِي رَجَعَ صَاحِبُهُ عَلَى الْآخِذِ بِحِصَّتِهِ وَإِلَى أَنَّ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَأْخُذَ حِصَّتَهُ مِنْهَا إذَا ظَفِرَ بِهَا وَإِلَى أَنَّهُ لَوْ دَفَعَ وَارْتَكَبَ الْمَمْنُوعَ لَا يَضْمَنُ وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خان مَا يُفِيدُهُ وَلَفْظُهُ ثَلَاثَةٌ أَوْدَعُوا رَجُلًا مَالًا وَقَالُوا لَا تَدْفَعْ الْمَالَ إلَى أَحَدٍ مِنَّا حَتَّى يَجْتَمِعَ فَدَفَعَ نَصِيبَ أَحَدِهِمْ قَالَ مُحَمَّدٌ فِي الْقِيَاسِ يَكُونُ ضَامِنًا وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يَضْمَنُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ اهـ.
فَقَدْ جَعَلَ عَدَمَ الضَّمَانِ هُوَ الِاسْتِحْسَانُ فَكَانَ هُوَ الْمُخْتَارُ
(قَوْلُهُ فَإِنْ أَوْدَعَ رَجُلٌ عِنْدَ رَجُلَيْنِ مِمَّا يُقَسَّمُ اقْتَسَمَاهُ وَحَفِظَ كُلٌّ نِصْفَهُ وَلَوْ دَفَعَهُ إلَى الْآخَرِ ضَمِنَ بِخِلَافِ مَا لَا يُقَسَّمُ) وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَحْفَظَ بِإِذْنِ الْآخَرِ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ رَضِيَ بِأَمَانَتِهِمَا وَلَهُ إنَّمَا رَضِيَ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ ثُمَّ ادَّعَى الرَّدَّ أَوْ الْهَلَاكَ لَا يُصَدَّقُ) عِبَارَةُ الْخُلَاصَةِ بَعْدَ قَوْلِهِ لَمْ تَسْتَوْدِعْنِي هَكَذَا وَفِي الْأَقْضِيَةِ لَوْ قَالَ لَمْ يَسْتَوْدِعْنِي ثُمَّ ادَّعَى الرَّدَّ أَوْ الْهَلَاكَ لَا يُصَدَّقْ فَفِي عِبَارَتِهِ سَقْطٌ.
(قَوْلُهُ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَهُ فِي الْخُلَاصَةِ إلَخْ) قَالَ فِي الْمِنَحِ لَكِنْ ذَكَرَ فِي الْعِمَادِيَّةِ أَنَّهُ لَوْ جَحَدَ الْوَدِيعَةَ وَهَلَكَتْ ثُمَّ أَقَامَ الْمُودِعُ بَيِّنَةً عَلَى قِيمَتِهَا يَوْمَ الْجُحُودِ يُقْضَى بِقِيمَتِهَا يَوْمَ الْجُحُودِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ قِيمَتَهَا يَوْمَ الْجُحُودِ يُقْضَى بِقِيمَتِهَا يَوْمَ الْإِيدَاعِ يَعْنِي إذَا أَثْبَتَ الْوَدِيعَةَ كَذَا ذَكَرَ فِي الْعُدَّةِ وَتَمَامُ هَذَا يُنْظَرُ فِي وَدِيعَةِ الذَّخِيرَةِ. اهـ.
وَكَتَبَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ عَلَى هَامِشِ الْمِنَحِ أَنَّ فِيمَا نُقِلَ مِنْ عِبَارَةِ الْخُلَاصَةِ سَقْطًا وَأَنَّ أَصْلَ الْعِبَارَةِ مُوَافِقٌ لِمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ لِأَنَّ أَصْلَ الْعِبَارَةِ قَضَى عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ الْجُحُودِ فَإِنْ قَالَ الشُّهُودُ لَا نَعْلَمُ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْجُحُودِ لَكِنَّ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْإِيدَاعِ كَذَا قُضِيَ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ الْإِيدَاعِ