الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَا تَصِحُّ هَذِهِ الْإِنَابَةُ وَلَيْسَ لِهَذَا طَرِيقٌ عِنْدَ عُلَمَائِنَا اهـ.
وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ
الْقَضَاءَ عَلَى الْمُسَخَّرِ
لَا يَجُوزُ وَالْمُجَوِّزُ لَهُ خواهر زاده؛ لِأَنَّهُ أَفْتَى بِنَفَاذِ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ وَهُوَ عَيْنُ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ إلَّا لِضَرُورَةٍ وَهِيَ فِي مَسَائِلَ: الْأُولَى عَلَّقَ الْمَدْيُونُ الْعِتْقَ أَوْ الطَّلَاقَ عَلَى عَدَمِ قَضَائِهِ الْيَوْمَ ثُمَّ تَغَيَّبَ الطَّالِبُ وَخَافَ الْحَالِفُ الْحِنْثَ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَنْصِبُ وَكِيلًا عَنْ الْغَائِبِ وَيَدْفَعُ الدَّيْنَ إلَيْهِ وَلَا يَحْنَثُ الْحَالِفُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ.
الثَّانِيَةُ الْمُشْتَرِي بِخِيَارٍ أَرَادَ الرَّدَّ فِي الْمُدَّةِ فَاخْتَفَى الْبَائِعُ فَطَلَبَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَنْصِبَ خَصْمًا عَنْ الْبَائِعِ لِيَرُدَّهُ عَلَيْهِ قِيلَ يَنْصِبُ نَظَرًا إلَى الْمُشْتَرِي وَقِيلَ لَا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا اشْتَرَى وَلَمْ يَأْخُذْ مِنْهُ وَكِيلًا مَعَ احْتِمَالِ غَيْبَتِهِ فَقَدْ تَرَكَ النَّظَرَ لِنَفْسِهِ فَلَا يَنْظُرُ لَهُ وَإِذَا لَمْ يَنْصِبْ وَطَلَبَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْقَاضِي الْأَعْذَارَ فَعَنْ مُحَمَّدٍ فِيهِ رِوَايَتَانِ يُعْذَرُ فِي رِوَايَةٍ فَيَبْعَثُ مُنَادِيًا يُنَادِي عَلَى بَابِ الْبَائِعِ أَنَّ الْقَاضِيَ يَقُولُ إنَّ خَصْمَك فُلَانًا يُرِيدُ الرَّدَّ عَلَيْك فَإِنْ حَضَرْت وَإِلَّا نَقَضْتُ الْبَيْعَ فَلَا يَنْقُضُهُ الْقَاضِي بِلَا إعْذَارٍ وَفِي رِوَايَةٍ لَا يُعْذِرُ الْقَاضِي كَذَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ. الثَّالِثَةُ كَفَلَ بِنَفْسِهِ عَلَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُوَافِ بِهِ غَدًا فَدَيْنُهُ عَلَى الْكَفِيلِ فَغَابَ الطَّالِبُ فِي الْغَدِ فَلَمْ يَجِدْهُ الْكَفِيلُ حَتَّى مَضَى الْغَدُ لَزِمَهُ الْمَالُ وَلَوْ رَفَعَ الْكَفِيلُ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي فَنَصَبَ الْقَاضِي وَكِيلًا عَنْ الطَّالِبِ وَسَلَّمَ إلَيْهِ الْمَكْفُولَ عَنْهُ يَبْرَأُ وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ إنَّمَا هُوَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ كَذَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ.
الرَّابِعَةُ إذَا تَوَارَى الْخَصْمُ فَالْقَاضِي يُرْسِلُ أَمِينًا يُنَادِي عَلَى بَابِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ يَنْصِبُ عَنْهُ وَكِيلًا لِلدَّعْوَى وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ اسْتَحْسَنَهُ وَعَمِلَ بِهِ ثُمَّ قَالَ الْخَصْمُ شَرْطٌ لِقَبُولِ الْبَيِّنَةِ لَوْ أَرَادَ الْمُدَّعِي أَنْ يَأْخُذَ مِنْ يَدِ الْخَصْمِ الْغَائِبِ شَيْئًا أَمَّا لَوْ أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ حَقَّهُ مِنْ ثَمَنِ مَالٍ كَانَ لِلْغَائِبِ فِي يَدِهِ لَا يُشْتَرَطُ حُضُورُ الْخَصْمِ وَلَا يَحْتَاجُ الْقَاضِي إلَى نَصْبِ الْوَكِيلِ لَوْ اشْتَرَاهُ فَغَابَ وَقَدَّمْنَاهُ فِي مُتَفَرِّقَاتِ الْبُيُوعِ وَإِنَّمَا أَدْخَلَ كَافَ التَّشْبِيهِ فِي قَوْلِهِ كَالْوَكِيلِ وَالْوَصِيِّ لِلْإِشَارَةِ إلَى عَدَمِ الْحَصْرِ فَالْمُتَوَلِّي عَلَى الْوَقْفِ كَذَلِكَ وَأَحَدُ الْوَرَثَةِ عَنْ الْبَاقِينَ فِيمَا لِلْمَيِّتِ وَعَلَيْهِ لَكِنْ إنْ كَانَ فِي عَيْنٍ فَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهَا فِي يَدِهِ فَلَوْ ادَّعَى عَيْنًا مِنْ التَّرِكَةِ عَلَى وَارِثٍ لَيْسَتْ فِي يَدِهِ لَمْ تُسْمَعْ وَفِي دَعْوَى الدَّيْنِ يَنْتَصِبُ أَحَدُهُمْ خَصْمًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ شَيْءٌ وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مِنْ الرَّابِعِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ أَحَدَ شَرِيكَيْ الدَّيْنِ خَصْمٌ عَنْ الْآخَرِ فِي الْإِرْثِ وِفَاقًا وَفِي غَيْرِهِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ قِيَاسٌ وَقَوْلُ أَبِي يُوسُفَ اسْتِحْسَانٌ وَمُحَمَّدٌ مَعَ أَبِي يُوسُفَ. اهـ.
وَمِنْ ذَلِكَ مَنْ بِيَدِهِ مَالُ الْمَيِّتِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَصِيًّا وَلَا وَارِثًا وَفِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ وَمِنْ ذَلِكَ بَعْضُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ لِمَا فِي الْقُنْيَةِ مِنْ بَابِ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ فِي الْوَقْفِ وَقْفٌ بَيْنَ أَخَوَيْنِ مَاتَ أَحَدُهُمَا وَبَقِيَ فِي يَدِ الْحَيِّ وَأَوْلَادِ الْمَيِّتِ ثُمَّ الْحَيُّ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى وَاحِدٍ مِنْ أَوْلَادِ الْأَخِ أَنَّ الْوَقْفَ بَطْنٌ بَعْدَ بَطْنٍ وَالْبَاقِي غَيْبٌ وَالْوَقْفُ وَاحِدٌ تُقْبَلُ وَيَنْتَصِبُ خَصْمًا عَنْ الْبَاقِي ثُمَّ قَالَ وَقْفٌ بَيْنَ جَمَاعَةٍ فَلِوَاحِدٍ مِنْهُمْ أَوْ لِوَكِيلِهِ أَوْ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَوْ عَلَى وَكِيلِهِ تَصِحُّ الدَّعْوَى إذَا كَانَ الْوَقْفُ وَاحِدًا ثُمَّ رَقَمَ لَا تَصِحُّ الدَّعْوَى عَلَى بَعْضِهِمْ إذَا كَانَ الْمَحْدُودُ فِي أَيْدِي جَمِيعِهِمْ وَلَا يَصِحُّ الْقَضَاءُ إلَّا بِقَدْرِ مَا فِي يَدِ الْحَاضِرِينَ. اهـ.
(قَوْلُهُ أَوْ يَكُونَ مَا يَدَّعِي عَنْ الْغَائِبِ سَبَبًا لِمَا يَدَّعِي عَلَى الْحَاضِرِ) بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى يَحْضُرَ وَفِي الْحَقِيقَةِ الْحَاضِرُ قَائِمٌ مَقَامَ الْغَائِبِ حُكْمًا أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمَا شَيْئًا وَاحِدًا وَمَا يَدَّعِي عَلَى الْغَائِبِ سَبَبٌ لِمَا يَدَّعِي عَلَى الْحَاضِرِ لَا مَحَالَةَ فَحِينَئِذٍ يَقْضِي عَلَيْهِمَا حَتَّى لَوْ حَضَرَ الْغَائِبُ وَأَنْكَرَ لَا يُلْتَفَتُ إلَى إنْكَارِهِ وَشَمِلَ مَا إذَا كَانَ الْمُدَّعَى شَيْئَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ وَمَا يَدَّعِي عَلَى الْغَائِبِ سَبَبٌ لِمَا يَدَّعِي عَلَى الْحَاضِرِ بِكُلِّ حَالٍ لَا يَنْفَكُّ عَنْهُ فَيَكُونُ خَصْمًا وَيَقْضِي عَلَيْهِمَا أَمَّا الْأَوَّلُ فَفِي مَسَائِلَ: الْأُولَى ادَّعَى دَارًا فِي يَدِ رَجُلٍ أَنَّهَا مِلْكُهُ اشْتَرَاهَا مِنْ فُلَانٍ الْغَائِبِ وَأَنْكَرَ ذُو الْيَدِ فَبَرْهَنَ عَلَى الشِّرَاءِ مِنْ فُلَانٍ الْغَائِبِ الْمَالِكِ قَضَى لَهُ بِهَا وَكَانَ قَضَاءً عَلَى الْغَائِبِ؛ لِأَنَّ الشِّرَاءَ مِنْ الْمَالِكِ سَبَبٌ لَا مَحَالَةَ الثَّانِيَةُ ادَّعَى عَلَى آخَرَ أَنَّهُ كَفَلَ عَنْ فُلَانٍ بِمَا يَذُوبُ لَهُ عَلَيْهِ فَأَقَرَّ بِهَا وَأَنْكَرَ الْحَقَّ فَبَرْهَنَ أَنَّهُ ذَابَ لَهُ عَلَى فُلَانٍ كَذَا بَعْدَ الْكَفَالَةِ قَضَى عَلَيْهِمَا.
وَكَذَا إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ
ــ
[منحة الخالق]
[الْقَضَاءَ عَلَى الْمُسَخَّرِ]
(قَوْلُهُ الْأُولَى: عَلَّقَ الْمَدْيُونُ الْعِتْقَ أَوْ الطَّلَاقَ إلَخْ) ذَكَرَ الشَّيْخُ شَرَفُ الدِّينِ الْغَزِّيِّ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى نَصْبِ الْوَكِيلِ لِقَبْضِ الدَّيْنِ فَإِنَّهُ إذْ دَفَعَ إلَى الْقَاضِي بَرَّ فِي يَمِينِهِ عَلَى الْمُخْتَارِ الْمُفْتَى بِهِ كَمَا فِي كَثِيرٍ مِنْ كُتُبِ الْمَذْهَبِ الْمُعْتَمَدَةِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّةَ قَاضٍ حَنِثَ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ. اهـ. أَبُو السُّعُودِ.
(قَوْلُهُ الرَّابِعَةُ إذَا تَوَارَى الْخَصْمُ إلَخْ) قَالَ أَبُو السُّعُودِ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ تَصْدُقُ بِمَا قَبْلَهَا مِنْ الصُّوَرِ وَبِغَيْرِهَا أَيْضًا وَحِينَئِذٍ فَلَا مَعْنَى لِحَصْرِ نَصْبِ الْمُسَخَّرِ فِي عَدَدٍ مَخْصُوصٍ اهـ.
قُلْت: وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الصُّوَرَ الثَّلَاثَةَ الَّتِي قَبْلَهَا مُوَقَّتَةٌ بِوَقْتٍ خَاصٍّ يَفُوتُ بِإِرْسَالِ الْمُنَادِي لِيُنَادِيَ عَلَى بَابِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ
أَنَّهُ كَفَلَ لَهُ بِجَمِيعِ مَالِهِ عَلَى فُلَانٍ ثُمَّ بَرْهَنَ عَلَى قَدْرٍ مَعْلُومٍ كَانَ لَهُ قَبْلَ الْكَفَالَةِ يَقْضِي عَلَيْهِمَا سَوَاءٌ قَالَ إنَّهُ كَفِيلٌ بِأَمْرِهِ أَوْ لَا، وَأَمَّا إذَا ادَّعَى أَنَّهُ كَفَلَ لَهُ بِقَدْرٍ مَعْلُومٍ فَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ الْكَفَالَةُ بِأَمْرِهِ وَالْكَفَالَةُ الْمُطْلَقَةُ هِيَ الْحِيلَةُ فِي إثْبَاتِ الدَّيْنِ عَلَى الْغَائِبِ ثُمَّ يُبَرِّئُ الْمُدَّعِي الْكَفِيلَ عَنْهَا وَيَبْقَى مَالُهُ عَلَى الْغَائِبِ وَكَذَا إذَا ادَّعَى الْكَفِيلُ بِالْأَمْرِ الْأَدَاءَ وَأَنْكَرَ الْمَكْفُولُ عَنْهُ الْأَدَاءَ وَالطَّالِبُ غَائِبٌ فَبَرْهَنَ عَلَيْهِ يُقْضَى عَلَيْهِمَا كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَالْحَوَالَةُ كَالْكَفَالَةِ بَلْ أَوْلَى لِتَضَمُّنِهَا بَرَاءَةَ الْمُحِيلِ الثَّالِثَةُ ادَّعَى شُفْعَةً فَأَنْكَرَ ذُو الْيَدِ الشِّرَاءَ فَبَرْهَنَ الْمُدَّعَى عَلَى الشِّرَاءِ مِنْ الْغَائِبِ يُقْضَى عَلَيْهِمَا، وَأَمَّا الثَّانِي فَفِي مَسَائِلَ: الْأُولَى قَذَفَ مُحْصَنًا فَقَالَ الْقَاذِفُ أَنَا عَبْدٌ وَقَالَ الْمَقْذُوفُ أَعْتَقَك مَوْلَاك وَبَرْهَنَ عَلَيْهِ قُضِيَ عَلَيْهِمَا. الثَّانِيَةُ ادَّعَى الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ أَنَّ الشَّاهِدَ عَبْدٌ لِفُلَانٍ فَبَرْهَنَ الْمُدَّعِي أَنَّ الْمَالِكَ الْغَائِبَ أَعْتَقَهُ تُقْبَلُ وَيُقْضَى عَلَيْهِمَا وَهِيَ حِيلَةُ إثْبَاتِ الْعِتْقِ عَلَى الْغَائِبِ.
الثَّالِثَةُ قَتَلَ عَمْدًا وَلَهُ وَلِيَّانِ أَحَدُهُمَا غَائِبٌ فَادَّعَى الْحَاضِرُ أَنَّ الْغَائِبَ عَفَا عَنْ نَصِيبِهِ وَانْقَلَبَ نَصِيبُهُ مَالًا وَبَرْهَنَ يُقْضَى عَلَيْهِمَا وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ مَا إذَا كَانَ عَبْدٌ بَيْنَ حَاضِرٍ وَغَائِبٍ ادَّعَى الْعَبْدُ أَنَّ الْغَائِبَ أَعْتَقَ حِصَّتَهُ وَصَارَ عِنْدَ الْإِمَامِ مُكَاتَبًا فَوَاجِبٌ عَلَى الْحَاضِرِ قَصْرُ الْيَدِ عَنْهُ عِنْدَهُ لَا تُقْبَلُ وَإِنْ تَحَقَّقَتْ السَّبَبِيَّةُ وَأُجِيبَ بِأَنَّ عَدَمَ الْقَبُولِ عِنْدَ الْإِمَامِ لَا لِعَدَمِ الْخَصْمِ بَلْ لِجَهَالَةِ الْمَقْضِيِّ لَهُ بِالْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا اخْتَارَ السَّاكِتُ التَّضْمِينَ يَكُونُ مُكَاتَبًا لِلْمُعْتِقِ وَإِنْ اخْتَارَ السِّعَايَةَ يَكُونُ مُكَاتَبًا لِلسَّاكِتِ وَمِنْ هَذَا النَّوْعِ مَسْأَلَتَانِ فِي تَلْخِيصِ الْجَامِعِ: الْأُولَى قَالَ لِغَيْرِهِ يَا ابْنَ الزَّانِيَةِ وَأُمُّهُ مَيِّتَةٌ وَادَّعَى أَنَّهَا كَانَتْ أَمَةً لِفُلَانٍ فَأَقَامَ ابْنُهَا بَيِّنَةً أَنَّ فُلَانًا أَعْتَقَهَا أَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهَا فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانٍ الْقُرَشِيَّةُ فَإِنَّهُ يَقْضِي بِعِتْقِهَا فِي الْأُولَى وَبِنَسَبِهَا فِي الثَّانِيَةِ وَإِنْ كَانَ الْمُعْتِقُ وَالْمَنْسُوبُ إلَيْهِ غَائِبَيْنِ وَيَقْضِي بِالْحَدِّ عَلَى الْقَاذِفِ الثَّانِيَةُ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ نَسَبَهُ يَلْتَقِي مَعَ نَسَبِ الْمَيِّتِ إلَى جَدِّ الْمَيِّتِ وَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ فَإِنَّهُ يَقْضِي لَهُ بِمِيرَاثِهِ وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ آبَاؤُهُمْ وَلَا وُكَلَاؤُهُمْ وَفِيهِ قَضَاءٌ عَلَى الْغَائِبِ اهـ.
قَيَّدْنَا بِأَنْ يَكُونَ سَبَبًا لَا مَحَالَةَ لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا يَكُونُ سَبَبًا فِي حَالٍ وَلَا يَكُونُ سَبَبًا فِي حَالٍ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ قَضَاءً عَلَى الْغَائِبِ وَذَلِكَ فِي مَسْأَلَتَيْنِ الْأُولَى الْوَكِيلُ بِنَقْلِ الْعَبْدِ إلَى مَوْلَاهُ إذَا بَرْهَنَ الْعَبْدُ عَلَى أَنَّهُ حَرَّرَهُ يُقْبَلُ فِي حَقِّ قَصْرِ يَدِ الْحَاضِرِ لَا فِي حَقِّ ثُبُوتِ الْعِتْقِ عَلَى الْمُوَكِّلِ فَلَوْ حَضَرَ الْغَائِبُ وَأَنْكَرَ لَا بُدَّ مِنْ إعَادَةِ الْبَيِّنَةِ الثَّانِيَةِ الْوَكِيلُ بِنَقْلِ الْمَرْأَةِ إذَا بَرْهَنَتْ أَنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا يُقْبَلُ فِي حَقِّ قَصْرِ يَدِ الْوَكِيلِ لَا فِي إثْبَاتِ الطَّلَاقِ وَقَدْ أَنْكَرَ بِشْرٌ الْمَرِيسِيِّ الْقَضَاءَ عَلَى الْغَائِبِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ قَالَ فِي التَّحْرِيرِ وَقَدْ كَانَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ يَأْبَى انْتِصَابَ الْحَاضِرِ خَصْمًا عَنْ الْغَائِبِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَلَا يُقْضَى عَلَى الْحَاضِرِ بِشَيْءٍ مَا لَمْ يَحْضُرْ الْغَائِبُ وَهُوَ الْقِيَاسُ الظَّاهِرُ إلَّا أَنَّا نَقُولُ بِأَنَّ عَامَّةَ الْخُصُومَاتِ يَتَّصِلُ طَرَفٌ مِنْهَا بِالْغَائِبِ فَلَوْ لَمْ يُجْعَلْ الْحَاضِرُ خَصْمًا لَأَدَّى إلَى إبْطَالِ حُقُوقِ النَّاسِ كَذَا فِي شَرْحِ التَّلْخِيصِ لِلْفَارِسِيِّ وَبِهِ انْدَفَعَ مَا اعْتَرَضَ بِهِ بَعْضُ الْحَنَابِلَةِ مِنْ أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ مَنَعُوا الْقَضَاءَ عَلَى الْغَائِبِ ثُمَّ تَحَيَّلُوا لَهُ بِمَا إذَا كَانَ سَبَبًا وَهُوَ عَيْنُ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ اهـ.
وَقَيَّدَ بِكَوْنِهِ سَبَبًا لِمَا يَدَّعِي عَلَى الْحَاضِرِ لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا إذَا كَانَتْ السَّبَبِيَّةُ بِاعْتِبَارِ الْبَقَاءِ فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ مُطْلَقًا وَذَلِكَ فِي مَسَائِلَ: الْأُولَى اشْتَرَى جَارِيَةً وَادَّعَى أَنَّ الْبَائِعَ كَانَ زَوَّجَهَا مِنْ فُلَانٍ الْغَائِبِ وَاشْتَرَاهَا بِلَا عِلْمٍ بِذَلِكَ فَأَنْكَرَ الْبَائِعُ فَبَرْهَنَ لَمْ يُقْبَلْ فِي حَقِّ الْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ؛ لِأَنَّهُ سَبَبٌ فِي الْبَقَاءِ لِجَوَازِ الطَّلَاقِ بَعْدَهُ فَلَوْ تَعَرَّضَ الشُّهُودُ لِلْبَقَاءِ لَمْ تُقْبَلْ أَيْضًا بِأَنْ قَالُوا إنَّهَا امْرَأَتُهُ لِلْحَالِ؛ لِأَنَّ الْبَقَاءَ تَبَعٌ لِلِابْتِدَاءِ. الثَّانِيَةُ بَرْهَنَ الْمُشْتَرِي فَاسِدًا عَلَى الْبَيْعِ مِنْ غَائِبٍ حِينَ رَامَ الْبَائِعُ فَسْخَ الْبَيْعِ لِلْفَسَادِ لَا يُقْبَلُ مُطْلَقًا وَإِنْ تَعَرَّضُوا لِلْبَقَاءِ.
الثَّالِثَةُ فِي يَدِهِ دَارٌ فَبِيعَتْ دَارٌ بِجَنْبِهَا فَأَرَادَ أَخْذَهَا بِالشُّفْعَةِ فَزَعَمَ الْمُشْتَرِي أَنَّ مَا فِي يَدِ الشَّفِيعِ لِغَائِبٍ فَبَرْهَنَ الشَّفِيعُ عَلَى شِرَائِهَا مِنْ الْغَائِبِ لَا تُقْبَلُ فِي حَقِّهِمَا وَقَيَّدَ بِالسَّبَبِ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الشَّرْطِ فِي الْجَامِعِ الْأَصْغَرِ قَالَ إنْ طَلَّقَ فُلَانٌ امْرَأَتَهُ فَأَنْت طَالِقٌ فَادَّعَتْ أَنَّهُ طَلَّقَهَا وَفُلَانٌ غَائِبٌ وَبَرْهَنَ لَا يَصِحُّ وَقِيلَ يَصِحُّ وَبِهِ أَخَذَ
ــ
[منحة الخالق]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْأُوزْجَنْدِيُّ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ؛ لِأَنَّ فِيهِ ابْتِدَاءَ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَامَتْ الْبَيِّنَةُ أَنَّ زَوْجَهَا قَالَ لَهَا إنْ دَخَلَ فُلَانٌ الدَّارَ فَأَنْتِ كَذَا وَقَدْ دَخَلَ فُلَانُ الْغَائِبُ الدَّارَ وَبَرْهَنَتْ حَيْثُ يُقْبَلُ اتِّفَاقًا وَاَلَّذِي يَفْعَلُهُ النَّاسُ فِيمَا إذَا أَرَادُوا إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْغَائِبِ أَنَّهُ وَكَّلَهُ فِي قَبْضِ حُقُوقِهِ عَلَى النَّاسِ يَدَّعِي وَاحِدٌ عِنْدَ الْقَاضِي أَنَّ الْغَائِبَ عَلَّقَ تِلْكَ الْوَكَالَةَ بِبَيْعِ هَذَا الْحَاضِرِ دَارِهِ مِنْ فُلَانٍ بِكَذَا وَقَدْ بَاعَ هَذَا دَارِهِ مِنْ فُلَانٍ وَتَحَقَّقَ الشَّرْطُ وَصَارَ هُوَ وَكِيلًا عَنْ الْغَائِبِ فِي الْقَبْضِ وَلِمُوَكِّلِهِ عَلَى هَذَا الْمُحْضَرِ كَذَا فَيَقُولُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ نَعَمْ إنَّهُ وَكَّلَهُ كَمَا ذَكَرَ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ الشَّرْطُ فَيُقِيمُ الْوَكِيلُ الْبَيِّنَةَ عَلَى وُجُودِ الشَّرْطِ فَيَقْضِي الْقَاضِي عَلَيْهِ بِالْبَيْعِ وَالْوَكَالَةُ لَا تَصِحُّ إلَّا عَلَى اخْتِيَارِ الْإِمَامِ الْأُوزْجَنْدِيِّ لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ حَقِّ الْغَائِبِ.
كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَفَرْقُهُمْ بَيْنَ سَبَبٍ وَسَبَبٍ وَبَيْنَ السَّبَبِ وَالشَّرْطِ عَلَى الصَّحِيحِ أَدَلُّ دَلِيلٍ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُمْ بِنَفَاذِ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ فِي أَظْهَرْ الرِّوَايَتَيْنِ إنَّمَا هُوَ فِي قَضَاءِ الشَّافِعِيِّ وَأَمَّا الْحَنَفِيُّ فَلَا؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا مَعْنَى لِلْفَرْقِ الْمَذْكُورِ وَمِنْ مَسَائِلِ الشَّرْطِ مَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِتَزَوُّجِهِ عَلَيْهَا فَبَرْهَنَتْ أَنَّهُ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا فُلَانَةَ الْغَائِبَةَ عَنْ الْمَجْلِسِ هَلْ تُسْمَعُ حَالَ غَيْبَةِ فُلَانَةَ فِيهِ رِوَايَتَانِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا لَا تُقْبَلُ فِي حَقِّ الْحَاضِرَةِ وَالْغَائِبَةِ فَلَا طَلَاقَ وَلَا نِكَاحَ وَمِنْ فُرُوعِهِ ادَّعَتْ عَلَيْهِ أَنَّهُ كَفَلَ بِمَهْرِهَا عَنْ زَوْجِهَا لَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَأَنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا فَأَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْكَفَالَةِ وَأَنْكَرَ الْعِلْمَ بِوُقُوعِ الثَّلَاثِ فَبَرْهَنَتْ أَنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا يُحْكَمُ لَهَا بِالْمَهْرِ عَلَى الْحَاضِرِ لَا بِالْفُرْقَةِ عَلَى الْغَائِبِ. اهـ.
وَقَدْ عُلِمَتْ حِيلَةُ إثْبَاتِ الْعِتْقِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَفِي شَرْحِ التَّلْخِيصِ رَجُلٌ لَهُ عَلَى عَبْدٍ مَأْذُونٍ دَيْنٌ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى رَجُلٍ أَنَّك كَفَلْت لِي عَنْهُ بِكَذَا إنْ أَعْتَقَهُ مَوْلَاهُ وَقَدْ أَعْتَقَهُ فَإِنَّهُ يَقْضِي بِالْعِتْقِ وَالْمَالِ وَإِنْ كَانَ الْمَوْلَى وَالْعَبْدُ غَائِبَيْنِ؛ لِأَنَّ الْإِعْتَاقَ سَبَبُ ضَمَانِ الْمَوْلَى قِيمَةَ الْعَبْدِ الْمَدْيُونِ لِغَرِيمِهِ فَكَانَ شَرْطًا مُلَائِمًا لَا تَعْلِيقًا مَحْضًا فَصَحَّ الِالْتِزَامُ بِهِ وَنَابَ الْحَاضِرُ فِي الْخُصُومَةِ عَنْ الْغَائِبِ اهـ.
وَهُوَ مِنْ قَبِيلِ الشَّرْطِ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَأَمَّا حِيلَةُ إثْبَاتِ طَلَاقِ الْغَائِبِ فَكُلُّهَا عَلَى الضَّعِيفِ مِنْ أَنَّ الشَّرْطَ كَالسَّبَبِ فَمِنْهَا حِيلَةُ الْكَفَالَةِ بِمَهْرِهَا مُعَلَّقَةً بِطَلَاقِهِ وَمِنْهَا دَعْوَاهَا كَفَالَةً بِنَفَقَةِ الْعِدَّةِ مُعَلَّقَةً بِالطَّلَاقِ قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَمَعَ هَذَا لَوْ حَكَمَ بِالْحُرْمَةِ نَفَذَ لِاخْتِلَافِ الْمَشَايِخِ اهـ.
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ فَصْلِ دَعْوَى النِّكَاحِ ادَّعَى عَلَيْهَا أَنَّ زَوْجَهَا الْغَائِبَ طَلَّقَهَا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَتَزَوَّجَهَا فَأَقَرَّتْ بِزَوْجِيَّةِ الْغَائِبِ وَأَنْكَرَتْ طَلَاقَهُ فَبَرْهَنَ عَلَيْهَا بِالطَّلَاقِ يَقْضِي عَلَيْهَا بِأَنَّهَا زَوْجَةُ الْحَاضِرِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إعَادَةِ الْبَيِّنَةِ إذَا حَضَرَ الْغَائِبُ اهـ.
وَقَدَّمْنَا حِيلَتَيْنِ لِإِثْبَاتِ الدَّيْنِ عَلَى غَائِبِ الْكَفَالَةِ وَالْحَوَالَةِ، وَأَمَّا حِيلَةُ إثْبَاتِ الرَّهْنِ عَلَى الْغَائِبِ قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مَعْزُوًّا الْمُرْتَهِنُ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَحْكُمَ بِهِ الْقَاضِي يُقِيمُ رَجُلًا يَدَّعِي رَقَبَةَ الرَّهْنِ فَيُبَرْهِنُ ذُو الْيَدِ أَنَّهُ رَهَنَ عِنْدَهُ فَيَحْكُمُ بِهِ الْقَاضِي وَفِيهِ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةٍ لَا تُقْبَلُ إذْ فِيهِ حُكْمٌ عَلَى غَائِبٍ وَتُقْبَلُ فِي رِوَايَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا رَهَنَ عِنْدَهُ فَقَدْ اسْتَحْفَظَهُ فَصَارَ خَصْمًا فِي إثْبَاتِ الْمِلْكِ لِلرَّاهِنِ اهـ.
وَأَمَّا حِيلَةُ الْحُكْمِ بِسُقُوطِ النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ الْمَاضِيَتَيْنِ فَالْقُضَاةُ الْآنَ يَجْعَلُونَهَا بِصُورَةٍ إنْ كَانَتْ لَهَا نَفَقَةٌ وَكِسْوَةٌ عَلَيَّ فَهِيَ طَالِقٌ بَائِنٌ فَيَدَّعِي عَلَيْهِ ذُو حِسْبَةٍ عِنْدَ حَنَفِيٍّ بِوُقُوعِهِ لِكَوْنِهَا لَازِمَةً عَلَيْهِ وَيُطَالِبُهُ بِالتَّفْرِيقِ فَيُجِيبُ بِأَنَّهَا لَيْسَتْ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ وَفَرْقُهُمْ بَيْنَ سَبَبٍ وَسَبَبٍ إلَخْ) تَقَدَّمَ جَوَابُهُ قَبْلَ نَحْوِ أَرْبَعَةٍ أَوْرَاقٍ (قَوْلُهُ وَمِنْ مَسَائِلِ الشَّرْطِ مَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ عَلَّقَ طَلَاقَهَا إلَخْ) أَيْ مُعَزِّيًا إلَى فَتَاوَى رَشِيدِ الدِّينِ وَفِيهِ ثُمَّ قَالَ أَيْ رَشِيدُ الدِّينِ وَالصَّحِيحُ مِنْ الْجَوَابِ فِيمَا لَوْ كَانَ ثُبُوتُ الْحُكْمِ عَلَى الْغَائِبِ شَرْطًا لِلْمُدَّعِي عَلَى الْحَاضِرِ يَنْظُرُ لَوْ لَمْ يَتَضَرَّرْ بِهِ الْغَائِبُ كَدُخُولِ الدَّارِ وَغَيْرِهِ يَصِيرُ الْحَاضِرُ خَصْمًا عَنْهُ لَا لَوْ دَائِرًا بَيْنَ نَفْعٍ وَضَرَرٍ.
(قَوْلُهُ يُحْكَمُ لَهَا بِالْمَهْرِ عَلَى الْحَاضِرِ لَا بِالْفُرْقَةِ عَلَى الْغَائِبِ) عِبَارَةُ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ يُحْكَمُ لَهَا بِالْمَهْرِ عَلَى الْحَاضِرِ وَبِوُقُوعِ الثَّلَاثِ عَلَى الْغَائِبِ فَالْمُدَّعَى بِهِ شَيْئَانِ بَيْنَهُمَا سَبَبِيَّةٌ قَالَ (صذ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَى الْغَائِبِ وَهُوَ الْفُرْقَةُ شَرْطُ الْمُدَّعِي عَلَى الْحَاضِرِ لَا سَبَبٌ وَفِي مِثْلِهِ لَا يَنْصِبُ الْحَاضِرُ خَصْمًا عَنْ الْغَائِبِ عِنْدَ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَقْضِيَ بِالْمَهْرِ عَلَى الْحَاضِرِ لَا بِالْفُرْقَةِ عَلَى الْغَائِبِ (صع) فَعَلَى قِيَاسِ مَا قَالَ (صد) يَنْبَغِي أَنْ يَقْضِيَ فِي مَسْأَلَةِ (فش) يَعْنِي فَتَاوَى رَشِيدِ الدِّينِ بِطَلَاقِ الْمُدَّعِيَةِ لَا بِنِكَاحِ الْغَائِبِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُدَّعِيَ عَلَى الْغَائِبِ إذَا كَانَ شَرْطًا لِمَا يَدَّعِي عَلَى الْحَاضِرِ قِيلَ يَنْتَصِبُ الْحَاضِرُ خَصْمًا عَنْ الْغَائِبِ مُطْلَقًا وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ الْمَشَايِخِ وَقِيلَ لَا مُطْلَقًا وَهُوَ قَوْلُ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ وَقِيلَ يَنْتَصِبُ فِيمَا لَا يَتَضَرَّرُ بِهِ الْغَائِبُ لَا فِيمَا يَتَضَرَّرُ وَقِيلَ فِيمَا يَتَضَرَّرُ وَيَقْضِي عَلَى الْحَاضِرِ لَا عَلَى الْغَائِبِ ثُمَّ قَالَ أَقُولُ: هَذَا بَعِيدٌ إذْ كَانَ الْحُكْمُ عَلَى الْحَاضِرِ فَرْعَ الْحُكْمِ عَلَى الْغَائِبِ فَكَيْفَ يَثْبُتُ الْفَرْعُ بِدُونِ الْأَصْلِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَنْتَصِبَ الْحَاضِرُ خَصْمًا عَنْ الْغَائِبِ فِي كُلِّ مَا لَا يُمْكِنُ إثْبَاتُ حَقِّهِ عَلَى الْحَاضِرِ إلَّا بِإِثْبَاتِ ذَلِكَ عَلَى الْغَائِبِ سَوَاءٌ كَانَ سَبَبًا أَوْ شَرْطًا إذَا الْحُكْمُ عَلَى الْغَائِبِ بِلَا خَصْمٍ عَنْهُ جَائِزٌ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى فَيَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ الْحُكْمُ عَلَى الْغَائِبِ مَعَ الْخَصْمِ عَنْهُ فِي الْجُمْلَةِ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى صِيَانَةً لِلْحُقُوقِ وَرِعَايَةً لِلْأُصُولِ. اهـ.
قَالَ فِي نُورِ الْعَيْنِ يَقُولُ الْحَقِيرُ فِي كَلَامِهِ كَلَامٌ مِنْ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ أَنَّ قَوْلَهُ هَذَا بَعِيدٌ غَيْرُ سَدِيدٍ؛ لِأَنَّ جَوَابَهُ ظَاهِرٌ لِكُلِّ مُتَأَمِّلٍ رَشِيدٍ الثَّانِي أَنَّ قَوْلَهُ فَالْأَوْلَى مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ آنِفًا عَنْ رَشِيدِ الدِّينِ مِنْ قَوْلِهِ وَالصَّحِيحُ مِنْ الْجَوَابِ إلَخْ اهـ.
ثُمَّ اسْتَشْهَدَ لِلتَّنْظِيرِ بِكَلَامِ الْخَانِيَّةِ وَفَتْحِ الْقَدِيرِ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إعَادَةِ الْبَيِّنَةِ إذَا حَضَرَ الْغَائِبُ) قَالَ الرَّمْلِيُّ وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ خِلَافُهُ
لَازِمَةً لِعَدَمِ التَّقْرِيرِ وَالرِّضَا فَيُحَلِّفُهُ الْقَاضِي عَلَى ذَلِكَ فَيَحْكُمُ بِعَدَمِ الْوُقُوعِ وَبِعَدَمِ اللُّزُومِ وَلَا شَكَّ الْآنَ فِي صِحَّتِهِ لَكِنَّ الْمَرْأَةَ إذَا حَضَرَتْ وَبَرْهَنَتْ عَلَى التَّقْرِيرِ بَطَلَ الْحُكْمُ كَمَا لَا يَخْفَى وَقَيَّدَ بِكَوْنِ السَّبَبِ مَا يَدَّعِي عَلَى الْغَائِبِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَى عَكْسِهِ بِأَنْ كَانَ مَا يَدَّعِي عَلَى الْحَاضِرِ سَبَبًا لِمَا يَدَّعِي عَلَى الْغَائِبِ فَإِنَّهُ لَا يَقْضِي عَلَى الْغَائِبِ كَمَا إذَا كَانَ الْحَاضِرُ هُوَ الْأَصِيلَ وَالْكَفِيلُ غَائِبٌ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْمَالُ عَلَى الْأَصِيلِ لَا الْكَفِيلِ كَمَا قَبْلَ الْكَفَالَةِ بِخِلَافِ عَكْسِهِ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَالُ عَلَى الْكَفِيلِ دُونَ الْأَصِيلِ وَجَزَمَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ بِأَنَّ الْقَضَاءَ عَلَى الْأَصِيلِ لَا يَكُونُ قَضَاءً عَلَى الْكَفِيلِ وَتَرَدَّدَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَأَوْرَدَ عَلَى قَوْلِهِمْ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْكَفِيلِ دُونَ الْأَصِيلِ مَا إذَا قَالَتْ كَفَلْت بِمَالِك عَلَى زَيْدٍ فَأَقَرَّ الْكَفِيلُ بِأَنَّ لَهُ عَلَى زَيْدٍ كَذَا وَأَنْكَرَهُ زَيْدٌ وَلَا بَيِّنَةَ وَجَبَ الْمَالُ عَلَى الْكَفِيلِ دُونَ الْأَصِيلِ ثُمَّ نَقَلَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّ الْقَضَاءَ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ قَضَاءٌ عَلَى الْكَفِيلِ.
وَعَنْ ابْنِ سِمَاعَةَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ قَضَاءً عَلَيْهِ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ وَالْمُوَافِقُ لِمَفْهُومِ الْمُتُونِ عَدَمُهُ فَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَالْجَوَابُ عَمَّا أَوْرَدَ أَنَّهُ لِكَوْنِ الْإِقْرَارِ حُجَّةً قَاصِرَةً كَمَا لَا يَخْفَى وَفِي الْخُلَاصَةِ الطَّرِيقُ إلَى إثْبَاتِ الرَّمَضَانِيَّةِ أَنْ يُعَلِّقَ وَكَالَةً بِدُخُولِهِ فَيَتَنَازَعَانِ فِي دُخُولِهِ فَيَشْهَدُ الشُّهُودُ فَيَقْضِي بِالْوَكَالَةِ وَبِدُخُولِهِ اهـ.
وَعَلَى هَذَا إذَا أُرِيدُ إثْبَاتَ طَلَاقٍ مُعَلَّقٍ بِدُخُولِ شَهْرٍ فَالْحِيلَةُ فِيهِ ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ غَائِبًا وَلَيْسَ هَذَا مِنْ قَبِيلِ الشَّرْطِ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ فِعْلُ الْغَائِبِ وَعَلَى هَذَا إذَا أُرِيدَ إثْبَاتُ شَيْءٍ مِنْ مِلْكٍ وَوَقْفٍ وَنِكَاحٍ وَطَلَاقٍ فَيُعَلِّقُ وَكَالَةً بِمِلْكِ فُلَانٍ ذَلِكَ الشَّيْءَ وَيَدَّعِي الْوَكِيلُ فَيَقُولُ الْخَصْمُ وَكَالَتُك مُعَلَّقَةٌ بِمَا لَمْ يُوجَدْ فَيَقُولُ الْوَكِيلُ بَلْ هِيَ مُنَجَّزَةٌ؛ لِأَنَّهَا مُعَلَّقَةٌ بِأَمْرٍ كَائِنٍ وَيُبَرْهِنُ عَلَى الْمِلْكِ وَكَذَا فِي الْوَقْفِ يُعَلِّقُهَا بِالْوَقْفِيَّةِ وَفِي النِّكَاحِ بِكَوْنِ فُلَانَةَ زَوْجَةَ فُلَانٍ وَفِي الطَّلَاقِ بِكَوْنِهَا مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ وَلَا يُعَلِّقُهَا بِفِعْلِ الْغَائِبِ كَإِنْ نَكَحَ إنْ وَقَفَ إنْ طَلَّقَ إنْ مَلَكَ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي الْآنَ وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ وَهَذَا التَّقْرِيرُ فِي هَذَا الْمَحَلِّ كَغَيْرِهِ مِنْ خَوَاصِّ هَذَا الشَّرْحِ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ.
(قَوْلُهُ وَيُقْرِضُ الْقَاضِي مَالَ الْيَتِيمِ وَيَكْتُبُ الصَّكَّ لَا الْوَصِيُّ وَالْأَبُ) ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ يَقْدِرُ عَلَى تَحْصِيلِهِ مِنْ الْمُسْتَقْرِضِ وَالْوَصِيُّ وَالْأَبُ لَا يَقْدِرَانِ عَلَى ذَلِكَ فَيَضْمَنَانِ بِالْإِقْرَاضِ لِكَوْنِهِ تَبَرُّعًا ابْتِدَاءً وَالْمُرَادُ وَيُسْتَحَبُّ لِلْقَاضِي الْإِقْرَاضُ وَلَا يَجُوزُ لِلْأَبِ وَالْوَصِيِّ وَإِنَّمَا اُسْتُحِبَّ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ لِكَثْرَةِ اشْتِغَالِهِ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُبَاشِرَ الْحِفْظَ بِنَفْسِهِ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ الدَّفْعِ لِغَيْرِهِ وَالدَّفْعُ بِالْقَرْضِ أَنْظَرُ لِلْيَتِيمِ لِكَوْنِهِ مَضْمُونًا الْوَدِيعَةُ أَمَانَةٌ وَلَا يُقْرِضُ إلَّا مَنْ يَعْرِفُهُ بِالْأَمَانَةِ وَالدِّيَانَةِ وَيَكْتُبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ لِيَحْفَظَهُ خَوْفَ النِّسْيَانِ لِكَثْرَةِ اشْتِغَالِهِ وَفِي الْبِنَايَةِ مَعْزِيًّا إلَى تَاجِ الشَّرِيعَةِ يُقْرِضُ الْقَاضِي إلَى الثِّقَاتِ وَالثِّقَةُ الْمَلِيءُ الْحَسَنُ الْمُعَامَلَةِ وَفِي الْأَقْضِيَةِ إنَّمَا يَمْلِكُ الْقَاضِي الْإِقْرَاضَ إذَا لَمْ تَحْصُلْ غَلَّةٌ لِلْيَتِيمِ أَمَّا إذَا وُجِدَتْ فَلَا يَمْلِكُهُ هَكَذَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ. اهـ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ رَجُلٌ مَلِيءٌ عَلَى فَعِيلٍ غَنِيٌّ مُقْتَدِرٌ وَيَجُوزُ الْإِبْدَالُ وَالْإِدْغَامُ اهـ.
وَيَنْبَغِي أَنْ يُشْتَرَطَ لِجَوَازِ إقْرَاضِ الْقَاضِي عَدَمُ وَصِيٍّ لِلْيَتِيمِ فَإِنْ كَانَ لَهُ وَصِيٌّ وَلَوْ مَنْصُوبَ الْقَاضِي لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْهُ مَعَ وُجُودِ وَصِيِّهِ كَمَا فِي بُيُوعِ الْقُنْيَةِ وَسَوَّى الْمُصَنِّفُ بَيْنَ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ مَعَ أَنَّ فِي الْأَبِ رِوَايَتَيْنِ وَلَكِنَّ أَظْهَرَهُمَا أَنَّهُ كَالْوَصِيِّ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَفِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى الصَّحِيحُ أَنَّ الْأَبَ كَالْقَاضِي فَقَدْ اخْتَلَفَ التَّصْحِيحُ وَالْمُعْتَمَدُ مَا فِي الْمُتُونِ وَأَطْلَقَ فِي مَنْعِ إقْرَاضِ الْأَبِ فَشَمِلَ مَا إذَا أَخَذَ مَالَ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ قَرْضًا لِنَفْسِهِ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ الْإِمَامِ وَقِيلَ لَهُ ذَلِكَ وَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَتَفَقَّدَ أَحْوَالَ الَّذِينَ أَقْرَضَهُمْ مَالَ الْأَيْتَامِ حَتَّى إذَا اخْتَلَّ أَحَدٌ مِنْهُمْ أُخِذَ مِنْهُ الْمَالُ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ وَإِنْ قَدَرَ عَلَى اسْتِخْلَاصِهِ إنَّمَا يَقْدِرُ مِنْ الْغَنِيِّ لَا مِنْ الْفَقِيرِ وَلِهَذَا لَا يَمْلِكُ قَرْضَهُ مِنْ الْمُعْسِرِ ابْتِدَاءً فَكَذَا لَا يَتْرُكُهُ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي الْآنَ) أَقُولُ: مَا ظَهَرَ لَهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ لِقَوْلِ الْفَتْحِ الْأَصْلُ أَنَّ مَا كَانَ شَرْطًا لِثُبُوتِ الْحَقِّ لِلْحَاضِرِ مِنْ غَيْرِ إبْطَالِ حَقٍّ لِلْغَائِبِ قُبِلَتْ الْبَيِّنَةُ فِيهِ إذْ لَيْسَ فِيهِ قَضَاءٌ عَلَى الْغَائِبِ وَمَا تَضَمَّنَ إبْطَالًا عَلَيْهِ لَا تُقْبَلُ اهـ.
وَلَا شَكَّ أَنَّ دُخُولَ رَمَضَانَ لَيْسَ فِيهِ إبْطَالُ حَقٍّ عَلَى الْغَائِبِ فَلِذَا قُبِلَ بِخِلَافِ ثُبُوتِ الْمِلْكِ لِلْغَائِبِ أَوْ طَلَاقِ زَوْجَتِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَإِنَّ فِيهِ حُكْمًا عَلَى الْغَائِبِ ابْتِدَاءً بِلَا فَرْقٍ بَيْنَ كَوْنِ التَّعْلِيقِ بِصِيغَةِ إنْ طَلَّقَ أَوْ إنْ كَانَتْ مُطَلَّقَةً؛ لِأَنَّ الْمَنَاطَ لُحُوقُ الضَّرَرِ فَقِيَاسُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ عَلَى مَا فِي الْخُلَاصَةِ قِيَاسٌ مَعَ الْفَارِقِ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فَتَدَبَّرْهُ
(قَوْلُهُ أَمَّا إذَا وَجَدَ فَلَا يَمْلِكُهُ) قَالَ الرَّمْلِيُّ كَمَا إذَا وَجَدَ مَا يَشْتَرِيهِ لَهُ يَكُونُ لَهُ رِبْحٌ وَيُقْرِضُ الْقَاضِي مَالَ الْيَتِيمِ وَيَكْتُبُ الصَّكَّ لَا الْوَصِيُّ وَالْأَبُ أَوْ وَجَدَ مَنْ يُضَارِبُ فِيهِ كَمَا سَيَنْقُلُهُ عَنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُشْتَرَطَ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ إطْلَاقُ الْمُتُونِ يَدُلُّ عَلَى خِلَافِهِ وَهَذَا وَإِنْ كَانَ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ لَكِنَّهُ تَصَرُّفٌ لَا يَمْلِكُهُ الْوَصِيُّ وَهُوَ أَحْسَنُ تَصَرُّفًا فِي مَالِ الْيَتِيمِ وَأَنْظَرَ فَإِذَا قُلْنَا لَمْ يَجُزْ مِنْهُ وَالْوَصِيُّ مَمْنُوعٌ مِنْ الْإِقْرَاضِ امْتَنَعَ النَّظَرُ لِلْيَتِيمِ فِي ذَلِكَ وَلَا قَائِلَ بِهِ تَأَمَّلْ اهـ.
وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ حِفْظُ مَالِهِ وَإِنَّمَا يُقْرِضُهُ الْقَاضِي لِكَثْرَةِ اشْتِغَالِهِ وَقُدْرَتِهِ عَلَى التَّحْصِيلِ كَمَا مَرَّ فَكَأَنَّ الْمُسَوِّغَ لَهُ ضَرُورَةُ الْحِفْظِ وَإِذَا كَانَ لَهُ وَصِيٌّ فَوَضَعَهُ عِنْدَهُ أَقْرَبُ لِحِفْظِهِ مِنْ الْإِقْرَاضِ فَكَانَ فِيهِ نَظَرٌ لِلْيَتِيمِ تَأَمَّلْ لَكِنَّ هَذَا إذَا اتَّجَرَ فِيهِ لِلْيَتِيمِ يَظْهَرُ النَّفْعُ أَمَّا مُجَرَّدُ وَضْعِهِ عِنْدَهُ فَالْإِقْرَاضُ أَنْفَعُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ مَضْمُونٌ عَلَى الْمُسْتَقْرِضِ أَمَّا لَوْ هَلَكَ عِنْدَ الْوَصِيِّ فَإِنَّهُ يَهْلِكُ أَمَانَةً