الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَا تَجُوزُ لَهُ الصَّلَاةُ فِيهِ لِأَنَّ الْأَوَّلَ اتَّصَلَ بِحُكْمِ الشَّرْعِ فَلَا يَنْتَقِضُ بِوُقُوعِ التَّحَرِّي فِي الْآخَرِ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ شَهِدَا بِسَرِقَةِ بَقَرَةٍ وَاخْتَلَفَا فِي لَوْنِهَا قُطِعَ بِخِلَافِ الذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ وَالْغَصْبِ) وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا: لَا قَطْعَ فِي الْوَجْهَيْنِ وَقِيلَ: الِاخْتِلَافُ فِي لَوْنَيْنِ يَتَشَابَهَانِ كَالسَّوَادِ وَالْحُمْرَةِ لَا فِي السَّوَادِ وَالْبَيَاضِ وَقِيلَ: فِي جَمِيعِ الْأَلْوَانِ لَهُمَا أَنَّ السَّرِقَةَ فِي السَّوْدَاءِ غَيْرُهَا فِي الْبَيْضَاءِ فَلَمْ يَتِمَّ عَلَى كُلِّ فِعْلٍ نِصَابُ الشَّهَادَةِ وَصَارَ كَالْغَصْبِ بَلْ أَوْلَى لِأَنَّ أَمْرَ الْحَدِّ أَهَمُّ وَصَارَ كَالذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ وَلَهُ أَنَّ التَّوْفِيقَ مُمْكِنٌ لِأَنَّ التَّحَمُّلَ فِي اللَّيَالِيِ مِنْ بَعِيدٍ وَاللَّوْنَانِ يَتَشَابَهَانِ أَوْ يَجْتَمِعَانِ فَيَكُونُ السَّوَادُ مِنْ جَانِبٍ وَهَذَا يُبْصِرُهُ وَالْبَيَاضُ مِنْ جَانِبٍ آخَرَ وَهَذَا يُشَاهِدُهُ بِخِلَافِ الْغَصْبِ لِأَنَّ التَّحَمُّلَ فِيهِ بِالنَّهَارِ غَالِبًا عَلَى قُرْبٍ مِنْهُ وَالذُّكُورِيَّةُ وَالْأُنُوثَةُ لَا يَجْتَمِعَانِ فِي وَاحِدٍ وَكَذَا الْوُقُوفُ عَلَى ذَلِكَ بِالْقُرْبِ مِنْهُ فَلَا يَشْتَبِهُ أَطْلَقَ فِي اللَّوْنِ فَشَمَلَ جَمِيعَ الْأَلْوَانِ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْكَافِي وَقَدَّمْنَا الِاخْتِلَافَ فِيهِ وَفِي الْقُنْيَةِ خِلَافُ غَيْرِ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ فِيمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي صِفَتَيْنِ مُتَضَادَّتَيْنِ كَالسَّوَادِ وَالْبَيَاضِ فَأَمَّا فِي الْمُتَقَارِبَتَيْنِ كَمَا إذَا شَهِدَ أَحَدُهُمَا عَلَى الصُّفْرَةِ وَالْآخَرُ عَلَى الْحُمْرَةِ فَإِنَّهُ تُقْبَلُ لِأَنَّ الصُّفْرَةَ الْمُشْبَعَةَ تَضْرِبُ إلَى الْحُمْرَةِ وَالْحُمْرَةُ إذَا رَقَّتْ تَضْرِبُ إلَى الصُّفْرَةِ وَكَثِيرٌ مِنْ الْعَوَامّ لَا يُمَيِّزُونَ بَيْنَهُمَا وَكَذَا إذَا شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهَا غَبْرَاءُ وَالْآخَرُ أَنَّهَا بَيْضَاءُ تُقْبَلُ بِلَا خِلَافٍ وَعَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ بَيْنَ الْإِمَامِ وَصَاحِبَيْهِ لَوْ اخْتَلَفَا فِي ثَوْبٍ بِأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا: هَرَوِيٌّ وَقَالَ الْآخَرُ مَرْوِيٌّ وَقَيَّدَ الِاخْتِلَافَ بِمَا ذُكِرَ احْتِرَازًا عَمَّا إذَا اخْتَلَفَا فِي الزَّمَانِ أَوْ الْمَكَانِ فَإِنَّهَا لَا تُقْبَلُ لِأَنَّهَا مِنْ قَبِيلِ الْأَفْعَالِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ شَهِدَا بِسَرِقَةِ بَقَرَةٍ إلَى أَنَّ الْمُدَّعِيَ ادَّعَى بَقَرَةً مُطْلَقَةً مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِوَصْفٍ وَأَمَّا إذَا ادَّعَى سَرِقَةَ بَقَرَةٍ سَوْدَاءَ أَوْ بَيْضَاءَ لَمْ تُقْبَلْ إجْمَاعًا لِأَنَّ الْمُدَّعِي كَذَّبَ أَحَدَهُمَا.
[شَهِدَ لِرَجُلٍ أَنَّهُ اشْتَرَى عَبْدَ فُلَانِ بِأَلْفٍ وَشَهِدَ آخَرُ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ]
(قَوْلُهُ وَمَنْ شَهِدَ لِرَجُلٍ أَنَّهُ اشْتَرَى عَبْدَ فُلَانِ بِأَلْفٍ وَشَهِدَ آخَرُ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ بَطَلَتْ الشَّهَادَةُ) لِأَنَّهُمَا لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى عَقْدٍ وَاحِدٍ وَالشِّرَاءُ بِأَلْفٍ غَيْرُ الشِّرَاءِ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ وَالْمَقْصُودُ إثْبَاتُ الْعَقْدِ فَإِذَا اخْتَلَفَ الْمَشْهُودُ بِهِ تَعَذَّرَ الْحُكْمُ لِقُصُورِ الْحُجَّةِ عَنْ كَمَالِ الْعَدَدِ أَطْلَقَهُ فَشَمَلَ مَا إذَا كَانَ الْمُدَّعِي يَدَّعِي أَقَلَّ الْمَالَيْنِ أَوْ أَكْثَرَهُمَا وَأَشَارَ إلَى أَنَّ الْمُدَّعِيَ لَوْ كَانَ هُوَ الْبَائِعُ وَاخْتَلَفَ شَاهِدَاهُ لَمْ تُقْبَلْ أَيْضًا لِمَا ذَكَرْنَا وَذَكَرَ عَلَاءُ الدِّينِ السَّمَرْقَنْدِيُّ أَنَّ الشَّهَادَةَ تُقْبَلُ فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ لِأَنَّ التَّوْفِيقَ مُمْكِنٌ لِأَنَّ الشِّرَاءَ الْوَاحِدَ قَدْ يَكُونُ بِأَلْفٍ ثُمَّ يَصِيرُ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ بِأَنْ يَشْتَرِيَهُ بِأَلْفٍ ثُمَّ يَزِيدَهُ عَلَيْهِ خَمْسَمِائَةٍ فَقَدْ اتَّفَقَا عَلَى شِرَاءٍ وَاحِدٍ اهـ.
وَهُوَ عَجِيبٌ مِنْهُ فَإِنَّ الْمَسْأَلَةَ نَصُّ مُحَمَّدٍ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَقَدْ أَجَابَ فِي الْعِنَايَةِ عَنْ دَلِيلِهِ بِأَنَّهُ إذَا اشْتَرَى بِأَلْفٍ ثُمَّ زَادَ خَمْسَمِائَةٍ فَلَا يُقَالُ اشْتَرَى بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ وَلِهَذَا يَأْخُذُ الشَّفِيعُ بِأَصْلِ الثَّمَنِ اهـ.
وَلَمْ يَزِدْ فِي الْمِعْرَاجِ عَلَى قَوْلِهِ وَفِيهِ نَوْعُ تَأَمُّلٍ وَنَقَلَهُ عَنْهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَمْ يُبَيِّنْهُ ثُمَّ رَأَيْت الْجَامِعَ الصَّغِيرَ فَإِذَا هُوَ لَمْ يَذْكُرْ إلَّا مَسْأَلَةَ الْبَيْعِ وَكَلَامُ السَّمَرْقَنْدِيِّ فِيمَا قِيسَ عَلَيْهَا وَهُوَ الشِّرَاءُ فَلِذَا قَالَ بِالْقَبُولِ فِيهِ بِخِلَافِ مَا إذَا اخْتَلَفَا فِي جِنْسِ الثَّمَنِ كَأَلْفِ دِرْهَمٍ وَمِائَةِ دِينَارِ فَإِنَّهَا لَا تُقْبَلُ اتِّفَاقًا وَأَشَارَ الْمُؤَلِّفُ رحمه الله إلَى أَنَّهُمَا لَوْ شَهِدَا بِالشِّرَاءِ وَلَمْ يُبَيِّنَا الثَّمَنَ لَمْ تُقْبَلْ لِمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ ادَّعَى مَحْدُودًا بِسَبَبِ الشِّرَاءِ مِنْ فُلَانٍ وَدَفَعَ الثَّمَنَ إلَيْهِ وَقَبَضَ الْمُدَّعِي بِالرِّضَا فَشَهِدَا بِأَنَّهُ مَلَّكَهُ بِالشِّرَاءِ مِنْهُ لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ لِأَنَّهُ دَعْوَى الْمِلْكِ بِسَبَبٍ وَالْقَاضِي أَيْضًا لَا بُدَّ أَنْ يَقْضِيَ بِذَلِكَ السَّبَبِ وَلَمْ يَذْكُرُوا الثَّمَنَ وَلَا قَدْرَهُ وَلَا وَصْفَهُ وَالْحُكْمُ بِالشِّرَاءِ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ لَا يَصِحُّ قِيلَ: الْمُدَّعِي ذَكَرَ التَّقَابُضَ وَشَهِدَا
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ وَأَشَارَ الْمُؤَلِّفُ رحمه الله إلَى أَنَّهُمَا لَوْ شَهِدَا بِالشِّرَاءِ وَلَمْ يُبَيِّنَا الثَّمَنَ لَمْ تُقْبَلْ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ: الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِهِمْ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ فِيمَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى الْقَضَاءِ بِالثَّمَنِ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ قَدْرِهِ وَوَصْفِهِ وَمَا لَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى الْقَضَاءِ بِهِ لَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِهِ تَنَبَّهْ وَفِي الْمَبْسُوطِ وَإِذَا ادَّعَى رَجُلٌ شِرَاءَ دَارٍ فِي يَدِ رَجُلٍ وَشَهِدَ شَاهِدَانِ وَلَمْ يُسَمِّيَا الثَّمَنَ وَالْبَائِعُ يُنْكِرُ ذَلِكَ فَشَهَادَتُهُمَا بَاطِلَةٌ لِأَنَّ الدَّعْوَى إنْ كَانَتْ بِصِفَةِ الشَّهَادَةِ فَهِيَ فَاسِدَةٌ وَإِنْ كَانَتْ مَعَ تَسْمِيَةِ الثَّمَنِ فَالشُّهُودُ لَمْ يَشْهَدُوا بِمَا ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي ثُمَّ الْقَاضِي يَحْتَاجُ إلَى الْقَضَاءِ بِالْعَقْدِ وَيَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ بِالْعَقْدِ إذَا لَمْ يَكُنْ الثَّمَنُ مُسَمًّى لِأَنَّهُ كَمَا لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ ابْتِدَاءً بِدُونِ تَسْمِيَةِ الثَّمَنِ فَكَذَلِكَ لَا يَظْهَرُ بِالْقَضَاءِ بِدُونِ تَسْمِيَةِ الثَّمَنِ وَلَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَقْضِيَ بِالثَّمَنِ حِينَ لَمْ يَشْهَدْ بِهِ الشُّهُودُ ثُمَّ قَالَ: فَإِنْ شَهِدَا عَلَى إقْرَارِ الْبَائِعِ بِالْبَيْعِ وَلَمْ يُسَمِّيَا ثَمَنًا وَلَمْ يَشْهَدَا بِقَبْضِ الثَّمَنِ فَالشَّهَادَةُ بَاطِلَةٌ لِأَنَّ حَاجَةَ الْقَاضِي إلَى الْقَضَاءِ بِالْعَقْدِ وَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ الثَّمَنُ مُسَمًّى وَإِنْ قَالَا: أَقَرَّ عِنْدَنَا أَنَّهُ بَاعَهَا مِنْهُ وَاسْتَوْفَى الثَّمَنَ وَلَمْ يُسَمِّيَا الثَّمَنَ فَهُوَ جَائِزٌ لِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَى الْقَضَاءِ بِالْمِلْكِ لِلْمُدَّعِي دُونَ الْقَضَاءِ بِالْعَقْدِ فَقَدْ انْتَهَى حُكْمُ الْعَقْدِ بِاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ وَلِأَنَّ الْجَهَالَةَ إنَّمَا تُؤَثِّرُ لِأَنَّهَا تُفْضِي إلَى مُنَازَعَةٍ مَانِعَةٍ مِنْ التَّسْلِيمِ وَالتَّسَلُّمِ أَلَا تَرَى أَنَّ مَا لَا يُحْتَاجُ إلَى قَبْضِهِ فَجَهَالَتُهُ لَا تَضُرُّ وَهُوَ الْمَصَالِحُ عَنْهُ بِخِلَافِ مَا يُحْتَاجُ إلَى قَبْضِهِ وَهُوَ الْمَصَالِحُ فَإِذَا أَقَرَّ بِاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ فَلَا حَاجَةَ هُنَا إلَى تَسْلِيمِ الثَّمَنِ فَجَهَالَتُهُ لَا تَمْنَعُ الْقَاضِيَ مِنْ الْقَضَاءِ بِحُكْمِ الْإِقْرَارِ.
عَلَى مُوَافَقَةٍ وَمَعَ التَّقَابُضُ لَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِ الثَّمَنِ قُلْنَا شَهِدَا بِالشِّرَاءِ لَا غَيْرُ وَالتَّقَابُضُ لَا يَنْدَرِجُ تَحْتَ لَفْظِ الشِّرَاءِ لَا صَرِيحًا وَلَا دَلَالَةً وَإِذَا قَضَى بِالشِّرَاءِ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ الْقَضَاءِ بِالثَّمَنِ أَيْضًا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَالْقَضَاءُ بِالْمَجْهُولِ لَا يَتَحَقَّقُ. اهـ. .
(قَوْلُهُ وَكَذَا الْكِتَابَةُ وَالْخُلْعُ) يَعْنِي إذَا اخْتَلَفَ الشَّاهِدَانِ فِي مِقْدَارِ الْبَدَلِ فِيهِمَا لَمْ تُقْبَلُ أَطْلَقَهُمَا فَشَمَلَ مَا إذَا كَانَ الْمُدَّعِي هُوَ الْعَبْدُ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ مَقْصُودَهُ هُوَ الْعَقْدُ وَمَا إذَا كَانَ الْمُدَّعِي هُوَ الْمَوْلَى لِأَنَّ الْعِتْقَ لَا يَثْبُتُ قَبْلَ الْأَدَاءِ فَكَانَ الْمَقْصُودُ إثْبَاتَ السَّبَبِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَقِيلَ: إنْ كَانَ الْمُدَّعِي هُوَ الْمَوْلَى لَا تُفِيدُ بَيِّنَتُهُ لِأَنَّ الْعَقْدَ غَيْرُ لَازِمٍ فِي حَقِّ الْعَبْدِ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْفَسْخِ بِالتَّعْجِيزِ وَأَطْلَقَ الْخُلْعَ وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ هِيَ الْمُدَّعِيَةُ لِلْخُلْعِ لِأَنَّ مَقْصُودَهَا إثْبَاتُ السَّبَبِ دُونَ الْمَالِ فَلَا يَثْبُتُ مَعَ اخْتِلَافِهِمَا فِيهِ كَالْبَيْعِ بِخِلَافِ دَعْوَى الدَّيْنِ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الْمَالُ وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعِي هُوَ الزَّوْجُ وَقَعَ الطَّلَاقُ بِإِقْرَارِهِ فَيَكُونُ دَعْوَى دَيْنٍ فَيَثْبُتُ الْأَقَلُّ وَهُوَ مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ وَأَشَارَ بِالْكِتَابَةِ وَالْخُلْعِ إلَى كُلِّ عَقْدٍ شَابَهَهُمَا وَهُوَ الصُّلْحُ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ وَالْعِتْقُ عَلَى مَالٍ وَالرَّهْنُ فَفِي الصُّلْحِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعِي هُوَ الْقَاتِلُ وَفِي الْإِعْتَاقِ لَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الْمُدَّعِي الْعَبْدَ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ إثْبَاتُ الْعَقْدِ وَالْحَاجَةُ مَاسَّةٌ إلَيْهِ فَإِنْ كَانَتْ الدَّعْوَى مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ دَعْوَى الدَّيْنِ فِيمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْوُجُوهِ لِثُبُوتِ الْعَفْوِ وَالْعِتْقِ بِاعْتِرَافِ صَاحِبِ الْحَقِّ فَبَقِيَ الدَّعْوَى فِي الدَّيْنِ.
فَإِنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِأَلْفٍ وَالْآخَرُ بِأَلْفَيْنِ لَمْ يُقْضَ بِشَيْءٍ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا يُقْضَى بِالْأَقَلِّ وَإِنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِأَلْفٍ وَالْآخَرُ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ يُقْضَى بِأَلْفٍ اتِّفَاقًا وَأَمَّا فِي الرَّهْنِ فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعِي هُوَ الرَّاهِنُ لَمْ تُقْبَلْ لِأَنَّهُ لَا حَظَّ لَهُ فِي الرَّهْنِ بِعَدَمِ لُزُومِهِ فِي حَقِّ الْمُرْتَهِنِ فَعَرِيَتْ الشَّهَادَةُ عَنْ الدَّعْوَى وَإِنْ كَانَ الْمُرْتَهِنُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ دَعْوَى الدَّيْنِ وَصَوَّرَهُ الشَّارِحُ بِأَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ رَهَنَهُ أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ وَادَّعَى أَنَّهُ قَبَضَهُ ثُمَّ أَخَذَهُ الرَّاهِنُ فَطَلَبَ الِاسْتِرْدَادَ مِنْهُ فَأَقَامَ بَيِّنَةً فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا بِأَلْفٍ وَالْآخَرُ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ أَقَلُّهُمَا اهـ.
وَهَذِهِ صُورَةُ دَعْوَى الْعَقْدِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تُقْبَلَ أَصْلًا وَلَمْ يَذْكُرْ صُورَةَ دَعْوَى الدَّيْنِ وَصَوَّرَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بِأَنْ يَقُولَ الْمُرْتَهِنُ: أُطَالِبُهُ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ لِي عَلَيْهِ عَلَى رَهْنٍ لَهُ عِنْدِي وَظَاهِرُ الْهِدَايَةِ أَنَّ الرَّهْنَ إنَّمَا هُوَ مِنْ قَبِيلِ دَعْوَى الدَّيْنِ وَتَعَقَّبَهُ فِي الْعِنَايَةِ تَبَعًا لِلنِّهَايَةِ بِأَنَّ عَقْدَ الرَّهْنِ بِأَلْفٍ غَيْرُهُ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ فَيَجِبُ أَنْ لَا تُقْبَلَ الْبَيِّنَةُ وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعِي هُوَ الْمُرْتَهِنُ لِأَنَّهُ كَذَّبَ أَحَدَ شَاهِدَيْهِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْعَقْدَ غَيْرُ لَازِمٍ فِي حَقِّ الْمُرْتَهِنِ حَيْثُ كَانَ لَهُ وِلَايَةُ الرَّدِّ مَتَى شَاءَ فَكَأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْعَدَمِ فَكَانَ الِاعْتِبَارُ لِدَعْوَى الدَّيْنِ لِأَنَّ الرَّهْنَ لَا يَكُونُ إلَّا بِدَيْنٍ فَتُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ كَمَا فِي سَائِرِ الدُّيُونِ وَيَثْبُتُ الرَّهْنُ بِالْأَلْفِ ضِمْنًا وَتَبَعًا اهـ.
وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُؤَلِّفُ الْإِجَارَةَ لَكِنْ أَشَارَ بِالْبَيْعِ إلَيْهَا وَلِذَا قَالَ فِي الْهِدَايَةِ إنْ كَانَ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ الْمُدَّةِ فَهُوَ نَظِيرُ الْبَيْعِ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ وَالْمُدَّعِي هُوَ الْآجِرُ فَهُوَ دَعْوَى الدَّيْنِ. اهـ.
قَيَّدَ بِكَوْنِ الْمُدَّعِي هُوَ الْآجِرُ لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا إذَا كَانَ الْمُدَّعِي هُوَ الْمُسْتَأْجِرُ فَهُوَ دَعْوَى الْعَقْدِ بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّهُ مُعْتَرِفٌ بِمَالِ الْإِجَارَةِ فَيُقْضَى عَلَيْهِ بِمَا اعْتَرَفَ بِهِ فَلَا يُعْتَبَرُ اتِّفَاقُ الشَّاهِدَيْنِ أَوْ اخْتِلَافُهُمَا فِيهِ وَلَا يَثْبُتُ الْعَقْدُ لِلِاخْتِلَافِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ بَعْضَهُمْ قَالَ: إنْ كَانَ ذَلِكَ اعْتِرَافًا مِنْهُ بِمَالِ الْإِجَارَةِ فَيَجِبُ مَا اعْتَرَفَ بِهِ وَلَا حَاجَةَ إلَى الشُّهُودِ لِأَنَّهُ إنْ أَقَرَّ بِالْأَكْثَرِ فَلَا يَبْقَى نِزَاعٌ وَإِنْ أَقَرَّ بِالْأَقَلِّ فَالْآجِرُ لَا يَأْخُذُ مِنْهُ بِبَيِّنَةٍ سِوَى ذَلِكَ كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَفِي بَعْضِ الشُّرُوحِ فَإِنْ كَانَ.
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ فَكَانَ الْمَقْصُودُ إثْبَاتَ السَّبَبِ) قَالَ فِي الْفَتْحِ لِأَنَّ دَعْوَى السَّيِّدِ الْمَالَ عَلَى عَبْدِهِ لَا تَصِحُّ إذْ لَا دَيْنَ لَهُ عَلَى عَبْدِهِ إلَّا بِوَاسِطَةِ دَعْوَى الْكِتَابَةِ فَيَنْصَرِفُ إنْكَارُ الْعَبْدِ إلَيْهِ لِلْعِلْمِ بِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ إلَّا بِهِ فَالشَّهَادَة لَيْسَتْ إلَّا لِإِثْبَاتِهَا (قَوْلُهُ وَهَذِهِ صُورَةُ دَعْوَى الْعَقْدِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تُقْبَلَ أَصْلًا) أَقُولُ: جَوَابُهُ يَأْتِي قَرِيبًا وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْجَوَابِ عَنْ تَعَقُّبِ صَاحِبِ الْعِنَايَةِ وَالنِّهَايَةِ وَقَوْلُهُ وَصَوَّرَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ إلَخْ تَأَمَّلْ فِي هَذَا التَّصْوِيرِ فَإِنَّ الْمُرَادَ بَيَانُ أَنَّ دَعْوَى الْمُرْتَهِنِ الرَّهْنَ بِمَنْزِلَةِ الدَّيْنِ لِيَثْبُتَ الْأَقَلُّ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّصْوِيرِ دَعْوَى الدَّيْنَ مُجَرَّدَةٌ وَفِي ضِمْنِهَا إقْرَارٌ بِالرَّهْنِ فَلَيْسَتْ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ تَصْوِيرُ الشَّارِحِ الزَّيْلَعِيِّ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ اعْتِرَافًا مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ (قَوْلُهُ فَشَمِلَ مَا إذَا ادَّعَتْ أَقَلَّ الْمَالَيْنِ أَوْ أَكْثَرَهُمَا وَهُوَ الصَّحِيحُ) قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ: وَهَذَا مُخَالِفٌ لِلرِّوَايَةِ فَإِنْ مُحَمَّدًا رحمه الله فِي الْجَامِعِ قَيَّدَهُ بِدَعْوَى الْأَكْثَرِ حَيْثُ قَالَ: جَازَتْ الشَّهَادَةُ بِأَلْفٍ وَهِيَ تَدَّعِي أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ وَالْمَفْهُومُ مُعْتَبَرُ رِوَايَةٍ وَبِقَوْلِهِ ذَلِكَ أَيْضًا يُسْتَفَادُ لُزُومُ التَّفْصِيلِ فِي الْمُدَّعَى بِهِ بَيْنَ كَوْنِهِ الْأَكْثَرَ فَيَصِحُّ عِنْدَهُ أَوْ الْأَقَلَّ فَلَا يَخْتَلِفُ فِي الْبُطْلَانِ لِتَكْذِيبِ الْمُدَّعِي شَاهِدَ الْأَكْثَرِ كَمَا عَوَّلَ عَلَيْهِ مُحَقِّقُو الْمَشَايِخِ فَإِنَّ قَوْلَ مُحَمَّدٍ وَهِيَ تَدَّعِي إلَخْ يُفِيدُ تَقْيِيدَ جَوَابِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ بِالْجَوَازِ إذَا كَانَتْ هِيَ الْمُدَّعِيَةَ لِلْأَكْثَرِ دُونَهُ فَإِنَّ الْوَاوَ فِيهِ لِلْحَالِ وَالْأَحْوَالُ شُرُوطٌ فَيَثْبُتُ الْعَقْدُ بِاتِّفَاقِهِمَا وَدَيْنِ أَلْفٍ اهـ.
وَفِي الشُّرُنْبُلَالِيَّة قُلْت: إلَّا أَنَّ الزَّيْلَعِيَّ رحمه الله أَشَارَ إلَى جَوَابِ هَذَا فَقَالَ: وَيَسْتَوِي فِيهِ دَعْوَى أَقَلِّ الْمَالَيْنِ فِي الصَّحِيحِ لِاتِّفَاقِهِمَا فِي الْأَصْلِ وَهُوَ الْعَقْدُ فَالِاخْتِلَافُ فِي التَّبَعِ لَا يُوجِبُ خَلَلًا فِيهِ لَكِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ وُجُوبِ الْمَالِ فَيَجِبُ الْأَقَلُّ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَيْهِ وَلَا يَكُونُ بِدَعْوَى الْأَقَلِّ تَكْذِيبًا لِلشَّاهِدِ لِجَوَازِ أَنَّ الْأَقَلَّ هُوَ الْمُسَمَّى ثُمَّ صَارَ الْأَكْثَرَ بِالزِّيَادَةِ.
الدَّعْوَى مِنْ الْمُسْتَأْجِر فَهَذَا دَعْوَى الْعَقْدِ بِالْإِجْمَاعِ قَالَ فِي الْعِنَايَةِ: وَهُوَ فِي مَعْنَى الْأَوَّلِ لِأَنَّ الدَّعْوَى إذَا كَانَتْ فِي الْعَقْدِ بَطَلَتْ الشَّهَادَةُ فَيُؤْخَذُ الْمُسْتَأْجِرُ بِاعْتِرَافِهِ اهـ.
وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ شَهِدَا بِرَهْنٍ وَلَمْ يَعْلَمَا قَدْرَ الدَّيْنِ لَمْ يَجُزْ اهـ.
وَلَمْ أَرَ صَرِيحًا حُكْمَ الصُّلْحِ عَنْ الْمَالِ وَإِنَّمَا سَكَتُوا لِلْعِلْمِ بِهِ مِنْ الصُّلْحِ فَإِنَّهُ إنْ كَانَ بِمَالٍ عَنْ إقْرَارٍ كَانَ بَيْعًا وَقَدْ عُلِمَ حُكْمُهُ وَإِنْ كَانَ بِمَنَافِعَ كَانَ إجَارَةً وَقَدْ عُلِمَ حُكْمُهَا وَلَمْ يَذْكُرُوا اخْتِلَافَهُمَا فِي الْكَفَالَةِ وَالْحَوَالَةِ وَلَا يُتَصَوَّرُ الدَّعْوَى بِهَا إلَّا مِنْ الطَّالِبِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا مِنْ قَبِيلِ دَعْوَى الدَّيْنِ فَإِذَا اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ الْمَكْفُولِ بِهِ قُضِيَ بِالْأَقَلِّ وَلَا تُتَصَوَّرُ فِي الْحَوَالَةِ إلَّا مِنْ الْمُحْتَالِ وَهِيَ كَالْكَفَالَةِ (قَوْلُهُ فَأَمَّا فِي النِّكَاحِ فَيَصِحُّ بِأَلْفٍ) اسْتِحْسَانًا وَقَالَا: هِيَ بَاطِلَةٌ أَيْضًا لِأَنَّهُ اخْتِلَافٌ فِي الْعَقْدِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ السَّبَبُ فَأَشْبَهَ الْبَيْعَ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْمَالَ فِي النِّكَاحِ تَابِعٌ وَالْأَصْلُ فِيهِ الْحِلُّ وَالِازْدِوَاجُ وَالْمِلْكُ وَلَا اخْتِلَافَ فِيمَا هُوَ الْأَصْلُ فَيَثْبُتُ فَإِذَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي الْبَيْعِ يُقْضَى بِالْأَقَلِّ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَيْهِ أَطْلَقَهُ فَشَمَلَ مَا إذَا ادَّعَتْ أَقَلَّ الْمَالَيْنِ وَأَكْثَرَهُمَا وَهُوَ الصَّحِيحُ وَشَمَلَ مَا إذَا كَانَ الْمُدَّعِي الزَّوْجَ أَوْ الْمَرْأَةَ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَقِيلَ: الِاخْتِلَافُ فِيمَا إذَا كَانَتْ هِيَ الْمُدَّعِيَةُ وَفِيمَا إذَا كَانَ الْمُدَّعِي هُوَ الزَّوْجُ فَالْإِجْمَاع عَلَى عَدَمِ قَبُولِهَا لِأَنَّ مَقْصُودَهَا قَدْ يَكُونُ الْمَالَ وَمَقْصُودُهُ لَيْسَ إلَّا الْعَقْدُ وَصَحَّحَهُ فِي الْفَوَائِدِ كَمَا فِي النِّهَايَةِ.
(قَوْلُهُ وَمِلْكِ الْمُوَرِّثِ لَمْ يُقْضَ لِوَارِثِهِ بِلَا جَرٍّ إلَّا أَنْ يَشْهَدَا بِمِلْكِهِ أَوْ يَدِهِ أَوْ يَدِ مُسْتَعِيرِهِ وَقْتَ الْمَوْتِ) وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ هُوَ يَقُولُ: إنَّ مِلْكَ الْوَارِثِ مِلْكُ الْمُوَرِّثِ فَصَارَتْ الشَّهَادَةُ بِالْمِلْكِ لِلْمُوَرِّثِ شَهَادَةً لِلْوَارِثِ وَهُمَا يَقُولَانِ إنَّ مِلْكَ الْوَارِثِ مُتَجَدِّدٌ فِي حَقِّ الْعَيْنِ حَتَّى يَجِبُ عَلَيْهِ الِاسْتِبْرَاءُ فِي الْجَارِيَةِ الْمَوْرُوثَةِ وَيَحِلُّ لِلْوَارِثِ الْغَنِيِّ مَا كَانَ صَدَقَةً عَلَى الْمُوَرِّثِ الْفَقِيرِ فَلَا بُدَّ مِنْ النَّقْلِ إلَّا أَنَّهُ يُكْتَفَى بِالشَّهَادَةِ عَلَى قِيَامِ مِلْكِ الْمُوَرِّثِ وَقْتَ الْمَوْتِ لِثُبُوتِ الِانْتِقَالِ ضَرُورَةً وَكَذَا عَلَى قِيَامِ يَدِهِ لِأَنَّ الْأَيْدِيَ عِنْدَ الْمَوْتِ تَنْقَلِبُ يَدَ مِلْكٍ بِوَاسِطَةِ الضَّمَانِ وَالْأَمَانَةُ تَصِيرُ مَضْمُونَةً بِالتَّجْهِيلِ فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ الشَّهَادَةِ عَلَى قِيَامِ مِلْكِهِ وَقْتَ الْمَوْتِ وَالْمُرَادُ بِالْمُسْتَعِيرِ الْأَمِينُ مُسْتَعِيرًا أَوْ مُودَعًا أَوْ مُسْتَأْجِرًا لِأَنَّ يَدَهُ قَائِمَةٌ مَقَامَ يَدِهِ فَأَغْنَى ذَلِكَ عَنْ الْجَرِّ وَالنَّقْلِ وَلَوْ قَالَ: أَوْ يَدِ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ لَكَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ الْأَمِينَ وَغَيْرَهُ كَالْغَاصِبِ وَالْمُرْتَهِنِ فَالْجَرُّ أَنْ يَقُولَ الشَّاهِدُ: مَاتَ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا لَهُ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ مِنْ إثْبَاتِ مِلْكِهِ وَقْتَ الْمَوْتِ أَوْ إثْبَاتِ يَدِهِ أَوْ يَدِ مَنْ قَامَ مَقَامَهُ فَإِذَا أَثْبَتَ الْوَارِثُ أَنَّ الْعَيْنَ كَانَتْ لِمُوَرِّثِهِ لَا يُقْضَى لَهُ وَهُوَ مَحِلُّ الِاخْتِلَافِ بِخِلَافِ الْحَيِّ إذَا أَثْبَتَ أَنَّ الْعَيْنَ كَانَتْ لَهُ فَإِنَّهُ يُقْضَى لَهُ بِهَا اعْتِبَارًا لِلِاسْتِصْحَابِ إذْ الْأَصْلُ الْبَقَاءُ.
وَكَذَا إذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ فُلَانٍ فَإِنَّهُ يَكْفِي وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إثْبَاتِ مِلْكِ الْبَائِعِ وَقْتَهُ لِأَنَّ الشِّرَاءَ مَوْضُوعٌ لِلْمِلْكِ بِخِلَافِ الْمَوْتِ فَإِنَّهُ مُزِيلٌ لَهُ وَلِذَا لَمْ يَصِحَّ التَّعْلِيقُ بِقَوْلِهِ لِلْوَارِثِ إنْ مَاتَ سَيِّدُك فَأَنْتَ حُرٌّ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْقَضَاءَ لِلْوَارِثِ لَا بُدَّ فِيهِ لِلْمَشْهُودِ مِنْ الْجَرِّ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ بَيَانِ سَبَبِ الْوِرَاثَةِ فَإِذَا شَهِدُوا أَنَّهُ أَخُوهُ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ بَيَانِ أَنَّهُ أَخُوهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ أَوْ لِأَحَدِهِمَا وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَكَذَا إذَا شَهِدُوا أَنَّهُ عَمُّهُ أَوْ مَوْلَاهُ لَمْ تُقْبَلْ لِأَنَّ الْمَوْلَى مُشْتَرَكٌ فَإِنْ قَالَا: هُوَ مَوْلَاهُ أَعْتَقَهُ وَلَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ فَحِينَئِذٍ تُقْبَلُ وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ ادَّعَى أَنَّهُ وَارِثُ فُلَانٍ الْمَيِّتِ وَأَقَامَ شَاهِدَيْنِ فَشَهِدَا أَنَّهُ وَارِثُ فُلَانٍ الْمَيِّتِ لَا وَارِثَ لَهُ سِوَاهُ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَسْأَلُهُمَا عَنْ النَّسَبِ وَلَا يَقْضِي قَبْلَ السُّؤَالِ وَلَوْ أَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً أَنَّهُ وَارِثُ فُلَانٍ وَأَنَّ قَاضِيَ بَلَدِ كَذَا فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ قَضَى بِأَنَّهُ وَارِثُهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرَهُ وَأَشْهَدَنَا عَلَى قَضَائِهِ وَلَا نَدْرِي بِأَيِّ سَبَبٍ قَضَى فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَسْأَلُ الْمُدَّعِيَ عَنْ النَّسَبِ الَّذِي قَضَى لَهُ الْقَاضِي بِهِ فَإِنْ بَيَّنَ قَضَى لَهُ بِالْمِيرَاثِ لِأَنَّ قَضَاءَ الْقَاضِي يُحْمَلُ عَلَى الصِّحَّةِ وَالسَّدَادِ مَا أَمْكَنَ وَلَا يُنْقَضُ بِالشَّكِّ وَلَا يَقْضِي بِالنَّسَبِ الَّذِي بَيْنَ الْمُدَّعِي لِأَنَّ هَذَا الْقَاضِيَ.
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ فَالْجَرُّ أَنْ يَقُولَ الشَّاهِدُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْجَرَّ يَكُونُ نَصًّا وَيَكُونُ غَيْرَهُ بِذِكْرِ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ وَذَلِكَ بِإِثْبَاتِ الْمِلْكِ أَوْ الْيَدِ وَقْتَ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ وَهُوَ مَحِلُّ الِاخْتِلَافِ) يَعْنِي أَنَّهُمَا لَوْ شَهِدَا أَنَّهَا كَانَتْ لِمُوَرِّثِهِ بِدُونِ إضَافَةِ الْمِلْكِ إلَى وَقْتِ الْمَوْتِ فَهُوَ مَحِلُّ الِاخْتِلَافِ بَيْنَ أَبِي يُوسُفَ وَصَاحِبَيْهِ فَعِنْدَهُ يَكْفِي ذَلِكَ وَعِنْدَهُمَا لَا وَلَمَّا طُولِبَا بِالْفَرْقِ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْحَيِّ إذَا ادَّعَى مِلْكَ عَيْنٍ فِي يَدِ رَجُلٍ فَشَهِدَا بِأَنَّهَا كَانَتْ مِلْكَ الْمُدَّعِي أَوْ شَهِدَا لِمُدَّعِي عَيْنٍ فِي يَدِ إنْسَانٍ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ فُلَانٍ الْغَائِبِ وَلَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً عَلَى مِلْكِ الْبَائِعِ وَذُو الْيَدِ يُنْكِرُ مِلْكَ الْبَائِعِ فَإِنَّهُ يُقْضَى لِلْمُشْتَرِي وَإِنْ لَمْ يَنُصُّوا عَلَى أَنَّهَا مِلْكُهُ يَوْمَ الْبَيْعِ مَعَ أَنَّ كُلًّا مِنْ الشِّرَاءِ وَالْإِرْثِ يُوجِبُ تَجَدُّدَ الْمِلْكِ أَشَارَ إلَى الْجَوَاب بِقَوْلِهِ بِخِلَافِ الْحَيِّ إلَخْ وَبَيَانُهُ عَلَى مَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ أَنَّهُمَا إذَا لَمْ يَنُصَّا عَلَى ثُبُوتِ مِلْكِهِ حَالَةَ الْمَوْتِ فَإِنَّمَا يَثْبُتُ بِالِاسْتِصْحَابِ وَالثَّابِتُ بِهِ حُجَّةٌ لِإِبْقَاءِ الثَّابِتِ لَا لِإِثْبَاتِ مَا لَمْ يَكُنْ وَهُوَ الْمُحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الْوَارِثِ بِخِلَافِ مُدَّعِي الْعَيْنِ فَإِنَّ الثَّابِتَ بِالِاسْتِصْحَابِ بَقَاءُ مِلْكِهِ لَا تَجَدُّدُهُ وَالْمِلْكُ فِي الشِّرَاءِ مُضَافٌ إلَيْهِ لَا إلَى مِلْكِ الْبَائِعِ لِأَنَّ الشِّرَاءَ آخِرُهُمَا وُجُودًا وَهُوَ سَبَبٌ مَوْضُوعٌ لِلْمِلْكِ حَتَّى لَا يَتَحَقَّقُ لَوْ لَمْ يُوجِبْهُ وَالشِّرَاءُ ثَابِتٌ بِالْبَيِّنَةِ أَمَّا هُنَا فَثُبُوتُ مِلْكِ الْوَارِثِ مُضَافٌ إلَى كَوْنِ الْمَالِ مِلْكًا لِلْمَيِّتِ وَقْتَ الْمَوْتِ لَا إلَى الْمَوْتِ لِأَنَّهُ لَيْسَ سَبَبًا مَوْضُوعًا لِلْمِلْكِ بَلْ عِنْدَهُ يَثْبُتُ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ فَارِغٌ
لَا يَدْرِي أَنَّ الْقَاضِيَ الْأَوَّلَ هَلْ قَضَى بِذَلِكَ النَّسَبِ أَمْ لَا اهـ.
وَفِيهَا مِنْ كِتَابِ الدَّعْوَى وَالِابْنُ إذَا ادَّعَى دَارًا بِجِهَةِ الْوِرَاثَةِ فَشَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّهَا كَانَتْ دَارًا لِأَبِيهِ وَقْتَ الْمَوْتِ وَلَمْ يَقُولُوا فِي شَهَادَتِهِمْ وَهُوَ ابْنُهُ وَوَارِثُهُ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا تَصِحُّ هَذِهِ الشَّهَادَةُ فَإِنَّ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ذَكَرَ فِي الزِّيَادَاتِ وَشَهِدُوا أَنَّهُ ابْنُهُ وَوَارِثُهُ قَالُوا: إنَّمَا ذَكَرَ ذَلِكَ لِإِزَالَةِ وَهْمِ الرَّضَاعِ وَالْأَصَحُّ أَنَّ قَوْلَهُ وَوَارِثُهُ اتِّفَاقًا وَلَا مُعَوَّلَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِي الْأَبِ وَالْأُمِّ وَهُوَ أَبُوهُ وَأُمُّهُ وَجَوَّزَ الشَّهَادَةَ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ وَوَارِثُهُ فَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ عَمُّ الْمَيِّتِ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الدَّعْوَى أَنْ يُفَسِّرَ فَيَقُولَ عَمُّهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ أَوْ لِأَبِيهِ أَوْ لِأُمِّهِ وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا أَنْ يَقُولَ وَوَارِثُهُ وَإِذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ لَا بُدَّ لِلشُّهُودِ مِنْ نِسْبَةِ الْمَيِّتِ وَالْوَارِثِ حَتَّى يَلْتَقِيَا إلَى أَبٍ وَاحِدٍ وَكَذَلِكَ هَذَا فِي الْأَخِ وَالْجَدِّ اهـ.
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَكَذَا إذَا شَهِدُوا أَنَّهُ ابْنُ ابْنِهِ أَوْ بِنْتُ ابْنِهِ لَا بُدَّ أَنْ يَقُولُوا: إنَّهُ وَارِثُهُ وَقَيَّدَ بِالْمِلْكِ لِأَنَّ إثْبَاتَ شِرَاءِ الْمُوَرِّثِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْجَدِّ لِمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ ادَّعَى دَارًا فِي يَدِ رَجُلٍ أَنَّ أَبَاهُ اشْتَرَاهَا مِنْ ذِي الْيَدِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَمَاتَ أَبُوهُ فَجَحَدَ الْبَائِعُ ذَلِكَ صَحَّ دَعْوَاهُ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ فِي دَعْوَاهُ أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا لَهُ وَهُوَ الَّذِي يُقَالُ: الْجَرُّ شَرْطٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ لِصِحَّةِ الدَّعْوَى ثُمَّ الْقَاضِي يَسْأَلُ الْبَيِّنَةَ فَإِذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ وَقَالُوا: لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ يَقْضِي الْقَاضِي بِالْبَيِّنَةِ وَيَأْمُرُ الْمُدَّعِيَ أَنْ يَنْقُدَ الثَّمَنَ وَلَوْ كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِ رَجُلٍ آخَرَ غَيْرِ الْبَائِعِ لَا بُدَّ مِنْ الْجَرِّ لِصِحَّةِ الدَّعْوَى. اهـ.
وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّ الْجَرَّ شَرْطُ صِحَّةِ الدَّعْوَى لَا كَمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّهُ شَرْطُ الْقَضَاءِ بِالْبَيِّنَةِ فَقَطْ وَمِنْ شَرْطِ قَبُولِ الشَّهَادَةِ بِالْمِيرَاثِ أَنْ يُدْرِكَ الشَّاهِدُ الْمَيِّتَ وَلِذَا قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ: شَهِدَا أَنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ مَاتَ وَتَرَكَ هَذِهِ الدَّارَ مِيرَاثًا وَلَمْ يُدْرِكَا الْمَيِّتَ فَشَهَادَتُهُمَا بَاطِلَةٌ لِأَنَّهُمَا شَهِدَا بِمِلْكٍ لَمْ يُعَايِنَا سَبَبَهُ وَلَا رَأَيَاهُ فِي يَدِ الْمُدَّعِي كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَمِنْ الشُّرُوطِ قَوْلُ الشَّاهِدِ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَيُشْتَرَطُ ذِكْرُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ لِإِسْقَاطِ التَّلَوُّمِ عَنْ الْقَاضِي وَقَوْلُهُ لَا أَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ عِنْدَنَا بِمَنْزِلَةِ وَلَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ وَلَوْ قَالَ: لَا وَارِث لَهُ غَيْرُهُ بِأَرْضٍ كَذَا تُقْبَلُ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا اهـ وَلَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ اسْمِ الْمَيِّتِ حَتَّى لَوْ شَهِدُوا أَنَّهُ جَدُّهُ أَبُو أَبِيهِ وَوَارِثُهُ وَلَمْ يُسَمِّ الْمَيِّتَ تُقْبَلُ بِدُونِ ذِكْرِ اسْمِ الْمَيِّتِ وَفِي الْأَقْضِيَةِ شَهِدَا بِأَنَّهُ جَدُّ الْمَيِّتِ وَقُضِيَ لَهُ بِهِ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ وَادَّعَى أَنَّهُ أَبُو الْمَيِّتِ وَبَرْهَنَ فَالثَّانِي أَحَقُّ بِالْمِيرَاثِ شَهِدَا أَنَّهُ أَخُو الْمَيِّتِ وَقُضِيَ لَهُ بِهِ ثُمَّ شَهِدَ هَذَانِ لِآخَرَ عَلَى أَنَّهُ ابْنُ الْمَيِّتِ أَيْضًا لَا يَبْطُلُ الْقَضَاءُ الْأَوَّلُ بَلْ يَضْمَنَانِ لِلثَّانِي مَا أَخَذَ الْأَوَّلُ مِنْ الْمِيرَاثِ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ شَهِدَا بِيَدِ حَيٍّ مُنْذُ شَهْرٍ رُدَّتْ) وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهَا تُقْبَلُ لِأَنَّ الْيَدَ مَقْصُودَةٌ كَالْمِلْكِ وَلَوْ شَهِدُوا أَنَّهَا مِلْكُهُ تُقْبَلُ فَكَذَا هَذَا وَصَارَ كَمَا لَوْ شَهِدُوا بِالْأَخْذِ مِنْ الْمُدَّعِي وَوَجْهُ الظَّاهِرِ وَهُوَ قَوْلُهُمَا أَنَّ الشَّهَادَةَ قَامَتْ بِمَجْهُولٍ لِأَنَّ الْيَدَ مُنْقَضِيَةٌ وَهِيَ مُتَنَوِّعَةٌ إلَى مِلْكٍ وَأَمَانَةٍ وَضَمَانٍ فَتَعَذَّرَ الْقَضَاءُ بِإِعَادَةِ الْمَجْهُولِ بِخِلَافِ الْمِلْكِ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ غَيْرُ مُخْتَلِفٍ وَبِخِلَافِ الْأَخْذِ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ وَحُكْمُهُ مَعْلُومٌ وَهُوَ وُجُوبُ الرَّدِّ وَقَوْلُهُ مُنْذُ شَهْرٍ لَيْسَ بِقَيْدٍ فَإِنَّ الْخِلَافَ ثَابِتٌ فِيمَا لَمْ يَذْكُرْهُ فَإِنَّهُ ذَكَرَ الْإِمَامُ التُّمُرْتَاشِيُّ لَوْ شَهِدُوا لِحَيٍّ أَنَّ الْعَيْنَ كَانَ فِي يَدِهِ لَمْ تُقْبَلْ لِأَنَّ الْيَدَ مُحْتَمِلَةٌ يَدَ غَصْبٍ أَوْ يَدَ مِلْكٍ فَإِنْ كَانَتْ يَدَ غَصْبٍ عَنْ ذِي الْيَدِ لَا تَجِبُ إعَادَتُهُ وَإِنْ كَانَتْ يَدَ مِلْكٍ تَجِبُ فَلَا تَجِبُ بِالشَّكِّ كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَجَامِعِ الْفُصُولَيْنِ (قَوْلُهُ وَلَوْ أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ أَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهُ كَانَ فِي يَدِ الْمُدَّعِي دُفِعَ إلَى الْمُدَّعِي) لِأَنَّ الْإِقْرَارَ مَعْلُومٌ فَتَصِحُّ الشَّهَادَةُ بِهِ وَجَهَالَةُ الْمُقَرِّ بِهِ لَا تَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِقْرَارِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ الْأَصْلُ فِي بَابِ الشَّهَادَةِ أَنَّ الشَّهَادَةَ بِالْمِلْكِ الْمُنْقَضِي مَقْبُولَةٌ لَا بِالْيَدِ الْمُنْقَضِيَةِ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَا يَتَنَوَّعُ وَالْيَدَ تَتَنَوَّعُ بِاحْتِمَالِ أَنَّهُ كَانَ لَهُ فَاشْتَرَاهُ مِنْهُ اهـ.
قَيَّدَ بِالْإِقْرَارِ بِالْيَدِ مَقْصُودًا لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ لَهُ بِهَا ضِمْنًا لَمْ تُدْفَعْ إلَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْإِقْرَارِ.
وَإِنَّمَا قَالَ: دُفِعَ إلَيْهِ دُونَ أَنْ يَقُولَ: إنَّهُ إقْرَارٌ بِالْمِلْكِ لَهُ لِأَنَّهُ لَوْ بَرْهَنَ عَلَى أَنَّهُ مِلْكُهُ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ لِمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ أَخَذَ عَيْنًا مِنْ يَدِ آخَرَ وَقَالَ: إنِّي أَخَذْتُهُ مِنْ يَدِهِ لِأَنَّهُ كَانَ مِلْكِي وَبَرْهَنَ عَلَى ذَلِكَ تُقْبَلُ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ ذَا يَدٍ بِحُكْمِ الْحَالِ لَكِنَّهُ لَمَّا أَقَرَّ بِقَبْضِهِ مِنْهُ فَقَدْ أَقَرَّ أَنَّ ذَا الْيَدِ فِي الْحَقِيقَةِ هُوَ الْخَارِجُ وَلَوْ أَقَرَّ الْمُدَّعَى
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ لَا كَمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ) فِيهِ أَنَّ قَوْلَهُ بِلَا جَرٍّ يَشْمَلُ الْجَرَّ مِنْ الْمُدَّعِي وَالشَّاهِدِ عَلَى أَنَّ الْكَلَامَ فِي الشَّهَادَاتِ لَا فِي الدَّعَاوَى (قَوْلُهُ وَمِنْ الشُّرُوطِ قَوْلُ الشَّاهِدِ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرَهُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ شَرْطٌ لِقَبُولِ الشَّهَادَةِ وَالْحُكْمِ بِهَا وَالْمُرَادُ أَنَّهُ شَرْطٌ لِقَبُولِهَا فِي الْحَالِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ لِإِسْقَاطِ التَّلَوُّمِ وَالْمُرَادُ بِالتَّلَوُّمِ تَأْخِيرُ الْقَضَاءِ مُدَّةً حَتَّى يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ لَا وَارِثَ لَهُ كَمَا أَفَادَهُ فِي مُتَفَرِّقَاتِ الْقَضَاءِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَرِكَةٌ قُسِّمَتْ بَيْنَ الْوَرَثَةِ أَوْ الْغُرَمَاءِ إلَخْ وَتَمَامُ الْمَسْأَلَةِ هُنَاكَ عَنْ شَرْحِ أَدَبِ الْقَضَاءِ فَرَاجِعْهَا