المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[ستر الشهادة في الحدود] - البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري - جـ ٧

[زين الدين ابن نجيم - ابن عابدين]

فهرس الكتاب

- ‌(بَابُ كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي وَغَيْرِهِ)

- ‌[يَبْطُلُ كِتَاب الْقَاضِي إلَيَّ الْقَاضِي بِمَوْتِ الْكَاتِبِ وَعَزْلِهِ]

- ‌ الْقَضَاءُ بِشَهَادَةِ الزُّورِ فِي الْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ

- ‌ الْقَضَاءُ عَلَى خَصْمٍ غَيْرِ حَاضِرٍ

- ‌ الْقَضَاءَ عَلَى الْمُسَخَّرِ

- ‌(بَابُ التَّحْكِيمِ)

- ‌[شَرْطُ التَّحْكِيم]

- ‌[حُكْمُ المحكم لِأَبَوَيْهِ وَوَلَدِهِ]

- ‌[مَسَائِلُ شَتَّى مِنْ كِتَابِ الْقَضَاءِ]

- ‌ ادَّعَى دَارًا فِي يَدِ رَجُلٍ أَنَّهُ وَهَبَهَا لَهُ فِي وَقْتٍ فَسُئِلَ الْبَيِّنَةَ فَقَالَ جَحَدَنِيهَا

- ‌ قَالَ لِآخَرَ لَك عَلَيَّ أَلْفٌ فَرَدَّهُ ثُمَّ صَدَّقَهُ

- ‌ ادَّعَى دَارًا إرْثًا لِنَفْسِهِ وَلِأَخٍ لَهُ غَائِبٍ وَبَرْهَنَ عَلَيْهِ

- ‌ أَوْصَى إلَيْهِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْوَصِيَّةِ

- ‌ قَالَ قَاضٍ عُزِلَ لِرَجُلٍ أَخَذْت مِنْك أَلْفًا وَدَفَعْته إلَى زَيْدٍ قَضَيْت بِهِ عَلَيْك فَقَالَ الرَّجُلُ أَخَذْته ظُلْمًا

- ‌(كِتَابُ الشَّهَادَاتِ)

- ‌[سَتْر الشَّهَادَةِ فِي الْحُدُود]

- ‌[شَرَطَ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الزِّنَا أَرْبَعَةَ رِجَالٍ]

- ‌[شَرَطَ لِجَمِيعِ أَنْوَاعِهَا لَفْظَ أَشْهَدُ بِالْمُضَارِعِ الشَّهَادَة]

- ‌[وَالْوَاحِدُ يَكْفِي لِلتَّزْكِيَةِ وَالرِّسَالَةِ وَالتَّرْجَمَةِ الشَّهَادَةُ]

- ‌لَا يَعْمَلُ شَاهِدٌ وَقَاضٍ وَرَاوٍ بِالْخَطِّ إنْ لَمْ يَتَذَكَّرُوا)

- ‌(بَابُ مَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَمَنْ لَا تُقْبَلُ)

- ‌[فُرُوعٌ شَهِدَ الْوَصِيُّ بَعْدَ الْعَزْلِ لِلْمَيِّتِ]

- ‌(بَابُ الِاخْتِلَافِ فِي الشَّهَادَةِ)

- ‌يُعْتَبَرُ اتِّفَاقُ الشَّاهِدَيْنِ لَفْظًا وَمَعْنًى)

- ‌[شَهِدَا بِقَرْضِ أَلْفٍ وَشَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قَضَاهُ]

- ‌[شَهِدَ لِرَجُلٍ أَنَّهُ اشْتَرَى عَبْدَ فُلَانِ بِأَلْفٍ وَشَهِدَ آخَرُ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ]

- ‌(بَابُ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ)

- ‌[صِيغَة الْإِشْهَادُ عَلَى الشَّهَادَة]

- ‌[لَا شَهَادَةَ لِلْفَرْعِ إلَّا بِمَوْتِ أَصْلِهِ أَوْ مَرَضِهِ أَوْ سَفَرِهِ]

- ‌(بَابُ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ)

- ‌ شَهِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ فَرَجَعَتْ امْرَأَةٌ

- ‌[شَهِدَا عَلَى شَهَادَةِ أَرْبَعَةٍ وَآخَرَانِ عَلَى شَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ وَقُضِيَ ثُمَّ رَجَعُوا]

- ‌[شُهُودُ الْإِحْصَانِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ]

- ‌[كِتَابُ الْوَكَالَةِ]

- ‌[شَرَائِطِ الْوَكَالَةُ]

- ‌[حُكْمِ الْوَكَالَة]

- ‌[صِفَة الْوَكَالَةِ]

- ‌ التَّوْكِيلُ بِإِيفَاءِ جَمِيعِ الْحُقُوقِ وَاسْتِيفَائِهَا

- ‌(بَابُ الْوَكَالَةِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ)

- ‌[مُفَارَقَةُ الْوَكِيلِ فِي الصَّرْفِ وَالسَّلَمِ]

- ‌[أَمَرَهُ بِشِرَاءِ عَبْدَيْنِ مُعَيَّنَيْنِ وَلَمْ يُسَمِّ ثَمَنًا فَاشْتَرَى لَهُ أَحَدَهُمَا]

- ‌[فَصْلٌ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ لَا يَعْقِدُ مَعَ مَنْ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ لَهُ]

- ‌[رَدَّ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ عَلَى الْوَكِيلِ بِالْعَيْبِ]

- ‌[تَصَرُّفُ أَحَدُ الْوَكِيلَيْنِ وَحْدَهُ]

- ‌ زَوَّجَ عَبْدٌ أَوْ مُكَاتَبٌ أَوْ كَافِرٌ صَغِيرَتَهُ الْحُرَّةَ الْمُسْلِمَةَ

- ‌(بَابُ الْوَكَالَةِ بِالْخُصُومَةِ وَالْقَبْضِ)

- ‌ وَكَّلَهُ بِقَبْضِ مَالِهِ فَادَّعَى الْغَرِيمُ أَنَّ رَبَّ الْمَالِ أَخَذَهُ

- ‌[بَابُ عَزْلِ الْوَكِيلِ]

- ‌[افْتِرَاقُ الشَّرِيكَيْنِ هَلْ يُبْطِل الْوَكَالَة]

- ‌(كِتَابُ الدَّعْوَى)

- ‌[بَابُ التَّحَالُفِ]

- ‌(فَصْلٌ) يَعْنِي فِي دَفْعِ الدَّعْوَى

- ‌(بَابُ دَعْوَى الرَّجُلَيْنِ)

- ‌[كِتَابُ الْإِقْرَارِ]

- ‌[بَابُ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الْإِقْرَارِ]

- ‌(بَابُ إقْرَارِ) (الْمَرِيضِ)

- ‌(كِتَابُ الصُّلْحِ)

- ‌[فَصْلٌ الصُّلْحُ عَنْ دَعْوَى الْمَالِ]

- ‌[بَابُ الصُّلْحِ فِي الدَّيْنِ]

- ‌(فَصْلٌ فِي الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ)

- ‌[فَصْلٌ فِي صُلْحِ الْوَرَثَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْمُضَارَبَةِ]

- ‌[فُرُوعٌ ادَّعَى أَرْضًا أَنَّهَا وَقْفٌ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ فَصَالَحَهُ الْمُنْكِرُ لِقَطْعِ الْخُصُومَةِ]

- ‌(بَابُ " الْمُضَارِبُ يُضَارِبُ

- ‌[فَصْلٌ دَفْعِ مَالِ الْمُضَارَبَةُ إلَى الْمَالِكِ بِضَاعَةً]

- ‌[كِتَابُ الْوَدِيعَةِ]

- ‌[لِلْمُودَعِ أَنْ يَحْفَظ الْوَدِيعَة بِنَفْسِهِ وَبِعِيَالِهِ]

- ‌[طَلَبَ الْوَدِيعَة رَبُّهَا فَحَبَسَهَا قَادِرًا عَلَى تَسْلِيمِهَا فَمَنَعَهَا]

- ‌[كِتَابُ الْعَارِيَّةِ]

- ‌[هَلَكَتْ الْعَارِيَّة بِلَا تَعَدٍّ]

- ‌[كِتَابُ الْهِبَةِ]

- ‌[مُؤْنَةُ رد الْوَدِيعَةِ عَلَى الْمَالِكِ]

- ‌[هِبَةُ الْأَبِ لِطِفْلَةِ]

- ‌[قَبْضُ زَوْجِ الصَّغِيرَةِ مَا وُهِبَ بَعْدَ الزِّفَافِ]

- ‌(بَابُ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ)

- ‌[فَصْلٌ مَسَائِلَ شَتَّى فِي الْهِبَة]

- ‌[الرُّقْبَى]

- ‌[كِتَابُ الْإِجَارَةِ]

- ‌[لِرَبِّ الدَّارِ وَالْأَرْضِ طَلَبُ الْأَجْرِ كُلَّ يَوْمٍ]

- ‌[اسْتَأْجَرَهُ لِيَجِيءَ بِعِيَالِهِ فَمَاتَ بَعْضُهُمْ فَجَاءَ بِمَا بَقِيَ]

- ‌[بَابُ مَا يَجُوزُ مِنْ الْإِجَارَةِ وَمَا يَكُونُ خِلَافًا فِيهَا]

- ‌[الزَّرْعُ يُتْرَكُ بِأَجْرِ الْمِثْلِ إلَى أَنْ يُدْرَكَ إذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ]

- ‌[بَابُ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ]

الفصل: ‌[ستر الشهادة في الحدود]

قَوْله تَعَالَى {وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} [البقرة: 282] أَمَّا إذَا قَيَّدْنَاهُ بِمَا إذَا دُعُوا لِلشَّهَادَةِ فِي الدَّيْنِ الْمَذْكُورِ أَوَّلَ الْآيَةِ فَظَاهِرٌ. اهـ.

وَالْأَخِيرُ مَرْدُودٌ بِمَا قَدَّمْنَاهُ وَفِيهِ أَيْضًا مِنْ كِتَابِ الْحُدُودِ وَإِذَا كَانَ السَّتْرُ مَنْدُوبًا إلَيْهِ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الشَّهَادَةُ بِهِ خِلَافَ الْأَوْلَى الَّتِي مَرْجِعُهَا إلَى كَرَاهَةِ التَّنْزِيهِ؛ لِأَنَّهَا فِي رُتْبَةِ النَّدْبِ فِي جَانِبِ الْفِعْلِ وَكَرَاهَةِ التَّنْزِيهِ فِي جَانِبِ التَّرْكِ وَهَذَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَنْ لَمْ يَعْتَدْ الزِّنَا وَلَمْ يَتَهَتَّكْ بِهِ أَمَّا إذَا وَصَلَ الْحَالُ إلَى إشَاعَتِهِ وَالتَّهَتُّكِ بِهِ بَلْ بَعْضُهُمْ رُبَّمَا افْتَخَرَ بِهِ فَيَجِبُ كَوْنُ الشَّهَادَةِ أَوْلَى مِنْ تَرْكِهَا؛ لِأَنَّ مَطْلُوبَ الشَّارِعِ إخْلَاءُ الْأَرْضِ مِنْ الْمَعَاصِي وَالْفَوَاحِشِ بِالْخِطَابَاتِ الْمُفِيدَةِ لِذَلِكَ وَذَلِكَ يَتَحَقَّقُ بِالتَّوْبَةِ مِنْ الْغَافِلِينَ وَبِالزَّجْرِ لَهُمْ فَإِذَا ظَهَرَ حَالُ الشُّهْرَةِ فِي الزِّنَا مَثَلًا وَالشُّرْبِ وَعَدَمُ الْمُبَالَاةِ بِهِ وَإِشَاعَتُهُ فَإِخْلَاءُ الْأَرْضِ الْمَطْلُوبُ حِينَئِذٍ بِالتَّوْبَةِ احْتِمَالٌ يُقَابِلُهُ ظُهُورُ عَدَمِهَا مِمَّنْ اتَّصَفَ بِذَلِكَ فَيَجِبُ تَحْقِيقُ السَّبَبِ الْآخَرِ لِلْإِخْلَاءِ وَهُوَ الْحُدُودُ خِلَافُ مَنْ زَنَى مَرَّةً أَوْ مِرَارًا مُسْتَتِرًا مُتَخَوِّفًا مُتَنَدِّمًا عَلَيْهِ فَإِنَّهُ مَحَلُّ اسْتِحْبَابِ سَتْرِ الشَّاهِدِ وَقَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام لِهَزَّالٍ فِي مَاعِزٍ لَوْ كُنْت سَتَرْته بِثَوْبِك الْحَدِيثَ وَسَيَأْتِي كَانَ فِي مِثْلِ مَنْ ذَكَرْنَا وَعَلَى هَذَا ذِكْرُهُ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْقَاضِي وَأَدَاءُ الشَّهَادَةِ بِمَنْزِلَةِ الْغَيْبَةِ فِيهِ فَيَحْرُمُ مِنْهُ مَا يَحْرُمُ مِنْهَا وَيَحِلُّ مِنْهُ مَا يَحِلُّ مِنْهَا. اهـ.

(قَوْلُهُ وَيَقُولُ فِي السَّرِقَةِ أُخِذَ لَا سُرِقَ) إحْيَاءً لِحَقِّ الْمَسْرُوقِ مِنْهُ وَلَا يَقُولُ سُرِقَ مُحَافَظَةً عَلَى السَّتْرِ وَلِأَنَّهُ لَوْ ظَهَرَتْ السَّرِقَةُ لَوَجَبَ الْقَطْعُ وَالضَّمَانُ لَا يُجَامِعُ الْقَطْعَ فَلَا يَحْصُلُ إحْيَاءُ حَقِّهِ وَصَرَّحَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ بِأَنَّ قَوْلَهُ أُخِذَ أَوْلَى مِنْ سُرِقَ وَعَلَى هَذَا فَيُحْمَلُ قَوْلُ الْقُدُورِيِّ وَجَبَ أَنْ يَقُولَ أُخِذَ عَلَى مَعْنَى ثَبَتَ لَا الْوُجُوبِ الْفِقْهِيِّ وَقَوْلُهُ فِي الْعِنَايَةِ فَتَعَيُّنُ ذَلِكَ مَعَ قَوْلِهِ لَا يَجُوزُ أَيْ أَنْ يَقُولَ سُرِقَ تَسَامُحٌ وَإِنَّمَا الْكَلَامُ فِي الْأَفْضَلِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا جَائِزٌ وَحَكَى الْفَخْرُ الرَّازِيّ فِي التَّفْسِيرِ أَنَّ هَارُونَ الرَّشِيدَ كَانَ مَعَ جَمَاعَةِ الْفُقَهَاءِ وَفِيهِمْ أَبُو يُوسُفَ فَادَّعَى رَجُلٌ عَلَى آخَرَ بِأَنَّهُ أَخَذَ مَالَهُ مِنْ بَيْتِهِ فَأَقَرَّ بِالْأَخْذِ فَسَأَلَ الْفُقَهَاءَ فَأَفْتَوْا بِقَطْعِ يَدِهِ فَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُقِرَّ بِالسَّرِقَةِ وَإِنَّمَا أَقَرَّ بِالْأَخْذِ فَادَّعَى الْمُدَّعِي أَنَّهُ سَرَقَ فَأَقَرَّ بِهَا فَأَفْتَوْا بِالْقَطْعِ وَخَالَفَهُمْ أَبُو يُوسُفَ فَقَالُوا لَهُ لِمَ قَالَ؛ لِأَنَّهُ مَا أَقَرَّ أَوَّلًا بِالْأَخْذِ وَثَبَتَ الضَّمَانُ عَلَيْهِ وَسَقَطَ الْقَطْعُ فَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بَعْدَهُ بِمَا يُسْقِطُ الضَّمَانَ عَنْهُ فَعَجِبُوا. اهـ.

(قَوْلُهُ وَشَرَطَ لِلزِّنَا أَرْبَعَةَ رِجَالٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاللاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ} [النساء: 15] وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} [النور: 4] وَلَفْظُ أَرْبَعَةٍ نَصٌّ فِي الْعَدَدِ وَالذُّكُورَةِ كَذَا فِي الْبِنَايَةِ وَأَوْرَدَ إنَّكُمْ لَا تَقُولُونَ بِالْمَفْهُومِ فَمِنْ أَيْنَ لَكُمْ عَدَمُ جَوَازِ الْأَقَلِّ فَأَجَابَ الزَّيْلَعِيُّ بِأَنَّهُ بِالْإِجْمَاعِ وَأَوْرَدَ الْمُعَارَضَةَ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ قَوْلِهِ {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ} [البقرة: 282] الْآيَةَ وَأَجَابَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بِأَنَّهَا مُبِيحَةٌ وَتِلْكَ مَانِعَةٌ وَالتَّقْدِيمُ لِلْمَانِعِ وَقَدَّمْنَا فِي الْحُدُودِ أَنَّهُ يَجُوزُ كَوْنُ الزَّوْجِ أَحَدَهُمْ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ أَنْ يَقْذِفَهَا الزَّوْجُ أَوَّلًا ثُمَّ يَشْهَدَ مَعَ ثَلَاثَةٍ وَأَنْ يَشْهَدَ مَعَهُمْ عَلَى زِنَاهَا بِابْنِهِ مُطَاوَعَةً ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْعِتْقَ الْمُعَلَّقَ بِالزِّنَا يَقَعُ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَحُدَّ الْمَوْلَى وَيُسْتَحْلَفُ الْمَوْلَى إذَا أَنْكَرَهُ لِلْعِتْقِ وَفِيهِ خِلَافٌ ذَكَرَهُ فِي الْخَانِيَّةِ وَأَدَبِ الْقَضَاءِ لِلْخَصَّافِ اعْلَمْ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْأَرْبَعَةِ ابْنُ زَوْجِهَا وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ فِي الْمُحِيطِ الْبُرْهَانِيِّ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا كَانَ لَهُ امْرَأَتَانِ وَلِإِحْدَاهُمَا خَمْسُ بَنِينَ فَشَهِدَ أَرْبَعَةٌ مِنْهُمْ عَلَى أَخِيهِمْ أَنَّهُ زَنَى بِامْرَأَةِ أَبِيهِمْ تُقْبَلُ إلَّا إذَا كَانَ الْأَبُ مُدَّعِيًا أَوْ كَانَتْ أُمُّهُمْ حَيَّةً.

(قَوْلُهُ وَلِبَقِيَّةِ الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ رَجُلَانِ) أَيْ وَشَرَطَ لَهَا شَهَادَةَ رَجُلَيْنِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاسْتَشْهِدُوا} [البقرة: 282] الْآيَةَ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِيهَا لِحَدِيثِ الزُّهْرِيِّ «مَضَتْ السُّنَّةُ مِنْ لَدُنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالْخَلِيفَتَيْنِ مِنْ بَعْدِهِ أَنْ لَا شَهَادَةَ لِلنِّسَاءِ فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ» وَلِأَنَّ فِيهَا شُبْهَةَ الْبَدَلِيَّةِ لِقِيَامِهَا مَقَامَ شَهَادَةِ الرِّجَالِ فَلَا تُقْبَلُ فِيمَا تَنْدَرِئُ بِالشُّبُهَاتِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا حَقِيقَةُ الْبَدَلِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَكُونُ فِيمَا امْتَنَعَ الْعَمَلُ بِالْبَدَلِ مَعَ إمْكَانِ الْأَصْلِ وَلَيْسَتْ كَذَلِكَ فَإِنَّهَا جَائِزَةٌ مَعَ إمْكَانِ الْعَمَلِ بِشَهَادَةِ الرَّجُلَيْنِ كَذَا فِي الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهَا وَفِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ لَوْ قَضَى بِشَهَادَةِ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ وَهُوَ يَرَاهُ أَوْ لَا يَرَاهُ ثُمَّ رُفِعَ إلَى آخَرَ أَمْضَاهُ اهـ.

ــ

[منحة الخالق]

[سَتْر الشَّهَادَةِ فِي الْحُدُود]

(قَوْلُهُ وَحَكَى الْفَخْرُ الرَّازِيّ فِي التَّفْسِيرِ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ هَذَا ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ إذَا ادَّعَى أَنَّهُ أَخَذَ مَالِي أَوْ دَابَّتِي تُسْمَعُ وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ وَجْهَ الْأَخْذِ اهـ. ذَكَرَهُ الْغَزِّيِّ

[شَرَطَ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الزِّنَا أَرْبَعَةَ رِجَالٍ]

(قَوْلُهُ وَأَوْرَدَ الْمُعَارَضَةَ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ عِبَارَةُ فَتْحِ الْقَدِيرِ وَأَنَّ النَّصَّ أَوْجَبَ أَرْبَعَةَ رِجَالٍ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَرْبَعَةً مِنْكُمْ} [النساء: 15] فَقَبُولُ امْرَأَتَيْنِ مَعَ ثَلَاثَةٍ مُخَالِفٌ لِمَا نَصَّ عَلَيْهِ مِنْ الْعَدَدِ وَالْمَعْدُودِ وَغَايَةُ الْأَمْرِ الْمُعَارَضَةُ بَيْنَ عُمُومٍ قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} [البقرة: 282] وَبَيْنَ هَذِهِ فَتُقَدَّمُ هَذِهِ؛ لِأَنَّهَا مَانِعَةٌ وَتِلْكَ مُبِيحَةٌ اهـ. وَلَا يَخْفَى عَلَيْك مَا فِي كَلَامِهِ مِنْ الْمُخَالَفَةِ وَالْإِيهَامِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلِبَقِيَّةِ الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ رَجُلَانِ) قَالَ الرَّمْلِيُّ أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ الْقِصَاصَ فِي النَّفْسِ وَالْعُضْوِ وَفِي الْخَانِيَّةِ وَلَوْ شَهِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ بِقَتْلِ الْخَطَأِ أَوْ بِقَتْلٍ لَا يُوجِبُ الْقِصَاصَ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ وَكَذَا الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ وَكِتَابُ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي؛ لِأَنَّ مُوجِبَ هَذِهِ الْجِنَايَةِ الْمَالُ فَقَبِلَ فِيهِ شَهَادَةَ الرِّجَالِ مَعَ النِّسَاءِ. اهـ.

أَقُولُ: عُلِمَ بِهِ قَبُولُ شَهَادَةِ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ فِي طَرَفِ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَالْحُرِّ وَالْعَبْدِ وَكُلِّ مَا لَا قِصَاصَ فِيهِ وَكَانَ مُوجِبُهُ الْمَالَ وَيُعْلَمُ بِهِ كَثِيرٌ مِنْ الْوَقَائِعِ الْحَالِيَّةِ.

ص: 60