الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْقَوَدِ بِنَاءً عَلَى قَوْلِ الْبَعْضِ إنَّهُ لَا حَقَّ لَهُنَّ فِيهِ أَوْ بِصِحَّةِ ضَمَانِ الْخَلَاصِ وَأَلْزَمَهُ تَسْلِيمَ الدَّارِ عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ أَوْ بِالزِّيَادَةِ فِي مَعْلُومِ الْإِمَامِ مِنْ أَوْقَافِ الْمَسْجِدِ أَوْ بِحِلِّ الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا بِمُجَرَّدِ عَقْدِ الْمُحَلِّلِ بِلَا دُخُولٍ عَمَلًا بِقَوْلِ سَعِيدٍ أَوْ بِعَدَمِ تَمَلُّكِ الْكُفَّارِ مَالَ الْمُسْلِمِ الْمُحْرَزِ بِدَرَاهِم أَوْ بِجَوَازِ بَيْعِ دِرْهَمٍ بِدِرْهَمَيْنِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَوْ بِصِحَّةِ صَلَاةِ الْمُحْدِثِ أَوْ بِالْقَسَامَةِ عَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ بِتَلَفِ الْمَالِ قِيَاسًا عَلَى النَّفْسِ أَوْ بِحَدِّ الْقَذْفِ بِحُكْمِ التَّعْرِيضِ أَوْ بِقُرْعَةٍ فِي رَقِيقٍ أَعْتَقَ الْمَيِّتُ مِنْهُمْ وَاحِدًا أَوْ بِعَدَمِ جَوَازِ تَصَرُّفِ الْمَرْأَةِ فِي مَالِهَا بِغَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا وَهَذِهِ الْمَسَائِلُ مَنْقُولَةٌ مِنْ الْبَزَّازِيَّةِ وَجَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَالْخَانِيَّةِ وَالْقُنْيَةِ وَالصَّيْرَفِيَّةِ وَفِي الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ لِلْأَسْيُوطِيِّ مَعْزِيًّا إلَى فَتَاوَى السُّبْكِيّ أَنَّ قَضَاءَ الْقَاضِي يُنْقَضُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ إذَا كَانَ حُكْمًا لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ قَالَ وَمَا خَالَفَ شَرْطَ الْوَاقِفِ فَهُوَ مُخَالِفٌ لِلنَّصِّ وَهُوَ حُكْمٌ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ نَصُّهُ فِي الْوَقْفِ نَصًّا أَوْ ظَاهِرًا. اهـ.
وَهَذَا مُوَافِقٌ لِقَوْلِ مَشَايِخِنَا كَغَيْرِهِمْ شَرْطُ الْوَاقِفِ كَنَصِّ الشَّارِعِ فَيَجِبُ اتِّبَاعُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِلْمُصَنِّفِ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الِاخْتِلَافُ فِي الْمَقْضِيِّ بِهِ أَمَّا إذَا كَانَ فِي نَفْسِ الْقَضَاءِ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةٍ لَا يَنْفُذُ ذَكَرَهُ الْخَصَّافُ وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ لَا يُوجَدُ قَبْلَ الْقَضَاءِ فَإِذَا قَضَى فَحِينَئِذٍ يُوجَدُ مَحَلُّ الِاخْتِلَافِ وَالِاجْتِهَادِ فَلَا بُدَّ مِنْ قَضَاءٍ آخَرَ يُرَجِّحُ أَحَدَهُمَا وَذَلِكَ مِثْلُ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ وَلِلْغَائِبِ وَقَضَاءِ الْمَحْدُودِ فِي الْقَذْفِ وَشَهَادَتِهِ بَعْدَ التَّوْبَةِ كَذَا ذَكَرَ الشَّارِحُ وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مِنْ بَابِ الْمَفْقُودِ إذَا رَأَى الْقَاضِي الْمَصْلَحَةَ فِي الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ أَوْ لَهُ فَحَكَمَ فَإِنَّهُ لَا يَنْفُذُ؛ لِأَنَّهُ مُجْتَهَدٌ فِيهِ فَإِنْ قِيلَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَنْفُذَ حَتَّى يُمْضِيَهُ قَاضٍ آخَرُ لِأَنَّ نَفْسَ الْقَضَاءِ مُجْتَهَدٌ فِيهِ كَمَا لَوْ كَانَ الْقَاضِي مَحْدُودًا فِي قَذْفٍ فَإِنَّ نَفَاذَ قَضَائِهِ مَوْقُوفٌ عَلَى أَنْ يُمْضِيَهُ قَاضٍ آخَرُ أُجِيبَ بِمَنْعِ أَنَّهُ مِنْ ذَلِكَ بَلْ الْمُجْتَهِدُ سَبَبُهُ وَهُوَ هَذِهِ الْبَيِّنَةُ هَلْ تَكُونُ حُجَّةً لِلْقَضَاءِ مِنْ غَيْرِ خَصْمٍ حَاضِرٍ أَمْ لَا فَإِذَا قَضَى بِهَا نَفَذَ كَمَا لَوْ قَضَى بِشَهَادَةِ الْمَحْدُودِ فِي قَذْفٍ وَفِي الْخُلَاصَةِ الْفَتْوَى عَلَى هَذَا. اهـ.
فَقَدْ اخْتَلَفَ التَّرْجِيحُ وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ وَلَا يَقْضِي عَلَى غَائِبٍ وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ النَّظَرُ أَنَّ نَفَاذَ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ مَوْقُوفٌ عَلَى تَنْفِيذِ قَاضٍ آخَرَ؛ لِأَنَّ نَفْسَ الْقَضَاءِ مُجْتَهَدٌ فِيهِ. اهـ.
وَسَيَأْتِي إيضَاحُهُ قَرِيبًا وَفِي الْإِصْلَاحِ وَيَمْضِي حُكْمُ قَاضٍ قَالَ فِي الْإِيضَاحِ لَمْ يَقُلْ حَاكِمٌ احْتِرَازًا عَنْ الْحُكْمِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ فِيهِ غَيْرُ هَذَا وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِقَوْلِهِ آخَرُ لِيَعُمَّ حُكْمَ نَفْسِهِ قَبْلَ ذَلِكَ اهـ.
(قَوْلُهُ وَيَنْفُذُ
الْقَضَاءُ بِشَهَادَةِ الزُّورِ فِي الْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ
ظَاهِرًا وَبَاطِنًا لَا فِي الْأَمْلَاكِ الْمُرْسَلَةِ) أَيْ الْمُطْلَقَةِ وَهِيَ الَّتِي لَمْ يُذْكَرْ لَهَا سَبَبٌ مُعَيَّنٌ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا لَا يَنْفُذُ إلَّا ظَاهِرًا؛ لِأَنَّ شَهَادَةَ الزُّورِ حُجَّةٌ ظَاهِرًا فَصَارَ كَمَا لَوْ كَانَ غَيْرَ أَهْلٍ لَهَا وَلَهُ قَوْلُ عَلِيٍّ رضي الله عنه لِتِلْكَ الْمَرْأَةِ شَاهِدَاك زَوْجَاك وَلِأَنَّ الْقَضَاءَ لِقَطْعِ الْمُنَازَعَةِ بَيْنَهُمَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَلَوْ لَمْ يَنْفُذْ بَاطِنًا كَانَ تَمْهِيدًا لَهَا وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَأَمَّا الِاسْتِشْهَادُ بِتَفْرِيقِ الْمُتَلَاعِنَيْنِ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ اهـ.
يَعْنِي: بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْكَذِبَ لَيْسَ هُوَ فِي الْإِخْبَارِ بِالْفُرْقَةِ وَإِنَّمَا هُوَ فِي الرَّمْيِ بِالزِّنَا أَوْ نَفْيِ الْوَلَدِ وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مِنْ النِّكَاحِ وَقَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ هُوَ الْوَجْهُ وَمِنْ فُرُوعِ الْمَسْأَلَةِ ادَّعَى عَلَى امْرَأَةٍ نِكَاحًا وَهِيَ جَاحِدَةٌ وَأَقَامَ بَيِّنَةَ زُورٍ فَقَضَى بِالنِّكَاحِ بَيْنَهُمَا حَلَّ لِلْمُدَّعِي وَطْؤُهَا وَلَهَا التَّمْكِينُ عِنْدَهُ.
وَكَذَا إذَا ادَّعَتْ نِكَاحًا عَلَى رَجُلٍ وَهُوَ يَجْحَدُ وَمِنْهَا قَضَى بِبَيْعِ أَمَةٍ بِشَهَادَةِ زُورٍ حَلَّ لِلْمُنْكِرِ وَطْؤُهَا وَكَذَا فِي الْفُسُوخِ بِالْبَيْعِ وَالْإِقَالَةِ وَمِنْهَا ادَّعَتْ أَنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَهُوَ يُنْكِرُ وَأَقَامَتْ بَيِّنَةَ زُورٍ فَقَضَى بِالْفُرْقَةِ فَتَزَوَّجَتْ بِآخَرَ بَعْدَ الْعِدَّةِ حَلَّ لَهُ وَطْؤُهَا عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى وَإِنْ عَلِمَ بِحَقِيقَةِ الْحَالِ وَحَلَّ لِأَحَدِ الشَّاهِدَيْنِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ أَوْ بِصِحَّةِ ضَمَانِ الْخَلَاصِ) يُرِيدُ بِهِ أَنَّ الْإِنْسَانَ يَبِيعُ دَارِهِ مِنْ إنْسَانٍ وَيَضْمَنُ لَهُ الْخَلَاصَ أَوْ غَيْرُ الْبَائِعِ يَضْمَنُ لَهُ الْخَلَاصَ وَتَفْسِيرُهُ أَنَّهُ لَوْ جَاءَ مُسْتَحِقٌّ وَاسْتَحَقَّهَا فَهُوَ ضَامِنٌ لِلْخَلَاصِ يَسْتَخْلِصُ الدَّارَ مِنْ يَدِ الْمُسْتَحِقِّ إمَّا شِرَاءً أَوْ هِبَةً أَوْ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ فَإِذَا ضَمِنَ كَذَلِكَ ثُمَّ ظَهَرَ الِاسْتِحْقَاقُ فَرَفَعَ إلَى قَاضٍ آخَرَ يَرَى ذَلِكَ الضَّمَانَ صَحِيحًا فَقَضَى عَلَيْهِ بِتَسْلِيمِ الدَّارِ ثُمَّ رَفَعَ إلَى آخَرَ لَا يَرَاهُ فَإِنَّهُ يُبْطِلُهُ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْوَفَاءِ بِهِ وَهَذَا التَّفْسِيرُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَاخْتِيَارُ الْخَصَّافِ، وَأَمَّا عِنْدَهُمَا فَهُوَ وَالْعُهْدَةُ وَالدَّرْكُ وَاحِدٌ وَهُوَ الرُّجُوعُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَضَاءِ (قَوْلُهُ أَوْ بِحَدٍّ بِحُكْمِ التَّعْرِيضِ) كَقَوْلِهِ لِآخَرَ أَمَّا أَنَا فَلَسْت بِزَانٍ (قَوْلُهُ لِيَعُمَّ حُكْمَ نَفْسِهِ قَبْلَ ذَلِكَ) أَيْ الْحُكْمَ الصَّادِرَ مِنْهُ قَبْلَ ذَلِكَ الْحُكْمِ وَفِي الْفَوَاكِهِ الْبَدْرِيَّةِ خِلَافُهُ حَيْثُ قَالَ فَإِنْ قِيلَ هَلْ يَجُوزُ لِلْقَاضِي الْأَوَّلِ أَنْ يَحْكُمَ بِصِحَّةِ الْحُكْمِ الصَّادِرِ مِنْهُ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ أَوْ الطَّرِيقِ الْوَاقِعَةِ عِنْدَهُ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا وَيَكُونُ هَذَا رَافِعًا لِلْخِلَافِ فِي ذَلِكَ وَلَا يُحْتَاجُ فِي نُفُوذِهِ عَلَى الْمُخَالِفِ إلَى قَاضٍ آخَرَ مُوَافِقٍ لِلْقَاضِي الْأَوَّلِ فِي الْمَذْهَبِ أَمْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُمْكِنٍ شَرْعًا إذْ الْقَاضِي لَا يَقْضِي لِنَفْسِهِ بِالْإِجْمَاعِ فَلَا بُدَّ فِي نُفُوذِهِ عَلَى الْمُخَالِفِ مِنْ إمْضَاءِ قَاضٍ آخَرَ مُوَافِقٍ لِمَذْهَبِهِ إلَى آخِرِ مَا قَرَّرَهُ فَتَأَمَّلْ.
[الْقَضَاءُ بِشَهَادَةِ الزُّورِ فِي الْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ]
(قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَيَنْفُذُ الْقَضَاءُ) انْتَهَتْ إلَى هُنَا كِتَابَةُ النَّهْرِ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْمُسْتَعَانِ عَلَى كُلِّ أَمْرٍ وَنَسْأَلُهُ التَّيْسِيرَ لِكُلِّ عَسِيرٍ
وَيَطَأَهَا وَلَا يَحِلُّ لِلْأَوَّلِ وَطْؤُهَا وَلَا يَحِلُّ لَهَا تَمْكِينُهُ وَمِنْ صُوَرِ التَّحْرِيمِ صَبِيٌّ وَصَبِيَّةٌ سُبِيَا فَكَبِرَا وَأُعْتِقَا ثُمَّ تَزَوَّجَ أَحَدُهُمَا بِالْآخِرِ فَجَاءَ حَرْبِيٌّ مُسْلِمًا وَأَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُمَا وَلَدَاهُ قَضَى الْقَاضِي بَيْنَهُمَا بِالْفُرْقَةِ فَإِنْ رَجَعَ الشُّهُودُ أَوْ تَبَيَّنَ أَنَّهُمْ شُهُودُ زُورٍ لَا يَحِلُّ لِلزَّوْجِ وَطْؤُهَا عِنْدَهُ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ بِالْحُرْمَةِ نَفَذَ بَاطِنًا وَظَاهِرًا وَمُحَمَّدٌ فِي هَذَا الْفَرْعِ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ حَقِيقَةَ كَذِبِ الشُّهُودِ.
كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَأَثِمَ الشَّاهِدَانِ إثْمًا عَظِيمًا وَلِلنَّفَاذِ بَاطِنًا عِنْدَهُ شَرْطَانِ الْأَوَّلُ عَدَمُ عِلْمِ الْقَاضِي بِكَذِبِهِمْ فَلَوْ عَلِمَ الْقَاضِي كَذِبَ الشُّهُودِ لَمْ يَنْفُذْ ذَكَرَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مِنْ النِّكَاحِ الثَّانِي كَوْنُ الْمَحَلِّ قَابِلًا فَإِذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ تَحْتَ زَوْجٍ أَوْ كَانَتْ مُعْتَدَّةً أَوْ مُرْتَدَّةً أَوْ مُحَرَّمَةً بِمُصَاهَرَةٍ أَوْ بِرَضَاعٍ لَمْ يَنْفُذْ لِأَنَّهُ لَا يَقْبَلُ الْإِنْشَاءَ وَإِنَّمَا لَا يُشْتَرَطُ حُضُورُ الشُّهُودِ لِلنِّكَاحِ عَلَى قَوْلِ بَعْضِ الْمَشَايِخِ وَفِي شَرْحِ الْجَامِعِ لِقَاضِي خَانْ وَلَمْ يَشْتَرِطْ مُحَمَّدٌ حُضُورَ الشُّهُودِ وَذَكَرَ الزَّعْفَرَانِيُّ أَنَّهُ شَرْطٌ وَبِهِ أَخَذَ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ. اهـ.
فَالْمُعْتَمَدُ الِاشْتِرَاطُ وَإِذَا قُلْنَا بِعَدَمِهِ وَهُوَ أَوْجَهُ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مِنْ النِّكَاحِ فَوَجْهُهُ أَنَّا نَجْعَلُ حُكْمَ الْحَاكِمِ إنْشَاءَ مُقْتَضٍ فِي ضِمْنِ صِحَّةِ الْقَضَاءِ وَالثَّابِتُ اقْتِضَاءً لَا تُرَاعَى فِيهِ شَرَائِطُهُ وَكَذَا لَا يُشْتَرَطُ قَبْضُ رَأْسِ الْمَالِ وَبَدَلِ الصَّرْفِ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ قُيِّدَ بِشَهَادَةِ الزُّورِ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ لَوْ قَضَى بِشَهَادَتِهِمْ فَظَهَرَ أَنَّهُمْ عَبِيدٌ أَوْ كُفَّارٌ أَوْ مَحْدُودُونَ فِي قَذْفٍ لَمْ يَنْفُذْ إجْمَاعًا؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِحُجَّةٍ أَصْلًا بِخِلَافِ الْفُسَّاقِ عَلَى مَا عُرِفَ وَلِإِمْكَانِ الْوُقُوفِ عَلَيْهِمْ فَلَمْ تَكُنْ شَهَادَتُهُمْ حُجَّةً.
وَقَيَّدَ بِالشَّهَادَةِ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ بِالْيَمِينِ الْكَاذِبَةِ لَا يَنْفُذُ قَالُوا لَوْ ادَّعَتْ أَنَّ زَوْجَهَا أَبَانَهَا بِثَلَاثٍ فَأَنْكَرَ فَحَلَّفَهُ الْقَاضِي فَحَلَفَ وَالْمَرْأَةُ تَعْلَمُ أَنَّ الْأَمْرَ كَمَا قَالَتْ لَا يَسَعُهَا الْإِقَامَةُ مَعَهُ وَلَا أَنْ تَأْخُذَ مِنْ مِيرَاثِهِ شَيْئًا وَهَذَا لَا يُشْكِلُ إذَا كَانَ ثَلَاثًا لِبُطْلَانِ الْمَحَلِّيَّةِ لِلْإِنْشَاءِ قَبْلَ زَوْجٍ آخَرَ وَفِيمَا دُونَ الثَّلَاثِ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ يَقْبَلُ الْإِنْشَاءَ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ إنَّمَا يَثْبُتُ إذَا قَضَى الْقَاضِي بِالنِّكَاحِ وَهُنَا لَمْ يَقْضِ بِهِ لِاعْتِرَافِهِمَا بِهِ وَإِنَّمَا ادَّعَتْ الْفُرْقَةَ كَذَا ذَكَرَ الشَّارِحُ وَفِي الْخُلَاصَةِ وَلَا يَحِلُّ وَطْؤُهَا إجْمَاعًا وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ قَبِيلَ الْإِيمَانِ سَمِعَتْ بِطَلَاقِ زَوْجِهَا إيَّاهَا ثَلَاثًا وَلَا تَقْدِرُ عَلَى مَنْعِهِ إلَّا بِقَتْلِهِ إنْ عَلِمْت أَنَّهُ يَقْرَبُهَا تَقْتُلُهُ بِالدَّوَاءِ وَلَا تَقْتُلُ نَفْسَهَا وَذَكَرَ الْأُوزْجَنْدِيُّ أَنَّهَا تَرْفَعُ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا بَيِّنَةٌ تُحَلِّفُهُ فَإِنْ حَلَفَ فَالْإِثْمُ عَلَيْهِ وَإِنْ قَتَلَتْهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا وَالْبَائِنُ كَالثَّلَاثِ. اهـ.
وَأَطْلَقَ فِي الْعُقُودِ فَشَمِلَ عُقُودَ التَّبَرُّعَاتِ قَالُوا وَفِي الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ رِوَايَتَانِ وَكَذَا فِي الْبَيْعِ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ فِي رِوَايَةٍ لَا يَنْفُذُ بَاطِنًا؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَمْلِكُ إنْشَاءَ التَّبَرُّعَاتِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ وَالْبَيْعُ بِالْأَقَلِّ تَبَرُّعٌ مِنْ وَجْهٍ وَإِطْلَاقُ الْكِتَابِ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُعْتَمَدَ النَّفَاذُ فِيهَا بَاطِنًا أَيْضًا؛ لِأَنَّ النَّفَاذَ فِي ضِمْنِ صِحَّةِ الْقَضَاءِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ شَرَائِطُهُ وَلَا يَخْتَصُّ بِمَحَلٍّ وَالْبَيْعُ بِالْأَقَلِّ يَمْلِكُهُ مَنْ لَا يَمْلِكُ التَّبَرُّعَ كَالْمُكَاتَبِ وَالْعَبْدِ الْمَأْذُونِ وَفِي إيضَاحِ الْإِصْلَاحِ أَرَادَ بِالْفَسْخِ إبْطَالَ الْعُقُودِ بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ فَيَعُمُّ الطَّلَاقَ اهـ.
وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يُبْطِلُ النِّكَاحَ وَإِنَّمَا يَرْفَعُ الْقَيْدَ الثَّابِتَ بِالنِّكَاحِ فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ أَرَادَ بِالْفَسْخِ مَا يَرْفَعُ حُكْمَ الْعَقْدِ فَيَشْمَلُ الطَّلَاقَ كَمَا لَا يَخْفَى وَفِي الْقُنْيَةِ ادَّعَى عَلَيْهِ جَارِيَةً أَنَّهُ اشْتَرَاهَا بِكَذَا فَأَنْكَرَ فَحَلَفَ فَنَكَلَ فَقَضَى عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ تَحِلُّ الْجَارِيَةُ لِلْمُدَّعِي دِيَانَةً وَقَضَاءً كَمَا فِي شَهَادَةِ الزُّورِ اهـ.
فَعَلَى هَذَا الْقَضَاءِ بِالنُّكُولِ كَالْقَضَاءِ بِشَهَادَةِ الزُّورِ وَظَاهِرٌ اقْتِصَارُهُ عَلَى نَفْيِ الْأَمْلَاكِ الْمُرْسَلَةِ أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ بَاطِنًا فِي النَّسَبِ وَقَدَّمْنَا أَنَّهُ يَنْفُذُ فِيهِ وَصَرَّحَ بِهِ الْوَلْوَالِجِيُّ فَقَالَ إذَا شَهِدُوا زُورًا أَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّ أَمَتَهُ بِنْتٌ لَهُ فَجَعَلَهَا الْقَاضِي بِنْتًا لَهُ تَثْبُتُ جَمِيعُ أَحْكَامِ الْبِنْتِيَّةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ فِي قَوْلِهِ الْأَوَّلِ وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَطَأهَا وَتَرِثُ مِنْهُ وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقَضَاءَ بِالنَّسَبِ بِشَهَادَةِ الزُّورِ هَلْ يَنْفُذُ بَاطِنًا فَهُوَ عَلَى الِاخْتِلَافِ اهـ.
وَفِي الْمُحِيطِ وَمِنْ مَشَايِخِنَا مَنْ قَالَ الْقَضَاءُ بِالنَّسَبِ بِشَهَادَةِ الزُّورِ لَا يَنْفُذُ بَاطِنًا بِالْإِجْمَاعِ وَنَصَّ الْخَصَّافُ عَلَى أَنَّهُ يَنْفُذُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَفِي النَّسَبِ وَالْهِبَةِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رِوَايَتَانِ وَكَانَ هَذَا حِيلَةً لِمَنْ لَا وَارِثَ لَهُ أَنْ يُثْبِتَ النَّسَبَ مِنْ نَفْسِهِ بِأَنْ يَدَّعِيَ شَخْصًا مَجْهُولَ النَّسَبِ أَنَّهُ ابْنُهُ أَوْ ابْنَتُهُ وَيُقِيمُ عَلَى ذَلِكَ شَاهِدَيْ زُورٍ فَيَقْضِي الْقَاضِي
ــ
[منحة الخالق]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بِالنَّسَبِ لَهُ اهـ.
مَا فِي الْمُحِيطِ وَفِيهِ وَالشَّهَادَةُ بِعِتْقِ الْأَمَةِ كَالشَّهَادَةِ بِطَلَاقِ الْمَرْأَةِ اهـ.
قُلْتُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الشَّهَادَةُ بِالْوَقْفِ كَالْعِتْقِ وَلَمْ أَرَ نَقْلًا فِي الشَّهَادَةِ بِأَنَّ الْوَقْفَ مِلْكٌ أَوْ بِتَزْوِيرِ شَرَائِطِ الْوَقْفِ أَوْ بِأَنَّ الْوَاقِفَ أَخْرَجَ فُلَانًا وَأَدْخَلَ فُلَانًا زُورًا إذَا اتَّصَلَ بِهِ الْقَضَاءُ وَظَاهِرُ مَا فِي الْهِدَايَةِ أَنَّ مَا عَدَا الْأَمْلَاكَ الْمُرْسَلَةَ فَإِنَّهُ يَنْفُذُ بَاطِنًا حَيْثُ قَالَ وَكُلُّ شَيْءٍ قَضَى بِهِ الْقَاضِي إلَى آخِرِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّحْرِيمَ يَشْمَلُ الْقَصْدِيَّ وَالضِّمْنِيَّ خُصُوصًا إذَا قُلْنَا بِأَنَّ الْوَقْفَ مِنْ قَبِيلِ الْإِسْقَاطِ فَهُوَ كَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ فَعَلَى هَذَا فَاللَّقَبُ لَيْسَ بِعَامٍّ لِخُرُوجِ النَّسَبِ عَنْ الْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ مَعَ أَنَّ فِي دُخُولِ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ تَحْتَ الْفَسْخِ إشْكَالًا؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ مُقَابِلُ الْفَسْخِ؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ لَا يَنْقُصُ الْعَدَدَ وَالطَّلَاقُ يَنْقُصُهُ وَقَدَّمْنَا مَا فِي الْإِيضَاحِ وَقَوْلُهُمْ إنَّ الْمَسْأَلَةَ مُلَقَّبَةٌ بِالْقَضَاءِ بِالْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ يَقْتَضِي أَنْ لَا يَنْظُرَ فِيهِ إلَى الْمَعْنَى لِكَوْنِهِ عَلَمًا فِيهِ وَلَوْ حَذَفَ الْأَمْلَاكَ لَكَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ مَا إذَا شَهِدُوا بِزُورٍ بِدَيْنٍ لَمْ يُبَيِّنُوا سَبَبَهُ فَإِنَّهُ لَا يَنْفُذُ وَإِذَا لَمْ يَنْفُذْ بَاطِنًا فِي الْأَمْلَاكِ الْمُرْسَلَةِ لَمْ يَحِلَّ لِلْمَقْضِيِّ لَهُ الْوَطْءُ وَالْأَكْلُ وَاللُّبْسُ وَحَلَّ لَلْمَقْضِيّ عَلَيْهِ لَكِنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ سِرًّا؛ لِأَنَّهُ لَوْ فَعَلَهُ جَهْرًا فَسَّقَهُ النَّاسُ أَوْ عَزَّرُوهُ كَذَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْإِرْثَ حُكْمُهُ حُكْمِ الْأَمْلَاكِ الْمُطْلَقَةِ فَلَا يَنْفُذُ الْقَضَاءُ بِالشُّهُودِ زُورًا فِيهِ بَاطِنًا اتِّفَاقًا وَإِنْ كَانَ مِلْكًا بِسَبَبٍ وَسَيَأْتِي الِاخْتِلَافُ فِي بَابِ اخْتِلَافِ الشَّاهِدَيْنِ فِي أَنَّ الْإِرْثَ مُطْلَقٌ أَوْ بِسَبَبٍ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ مُطْلَقٌ وَاخْتَارَ فِي الْكَنْزِ أَنَّهُ بِسَبَبٍ وَلِذَا قَالَ فِي الْبَدَائِعِ فِي الْجَوَابِ عَنْ حَدِيثِ الْبُخَارِيِّ مَرْفُوعًا «إنَّمَا أَنَا بَشَرٌ فَمَنْ قَضَيْت لَهُ بِشَيْءٍ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنْ النَّارِ» أَنَّهُ قَالَهُ عليه الصلاة والسلام فِي مَوَارِيثَ دُرِسَتْ وَالْمِيرَاثُ وَمُطْلَقُ الْمِلْكِ سَوَاءٌ فِي الدَّعْوَى وَبِهِ نَقُولُ. اهـ.
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُمَا لَمَّا قَالَا بِعَدَمِ النَّفَاذِ بَاطِنًا اخْتَلَفَا فَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَحِلُّ لِلزَّوْجِ الْأَوَّلِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَحِلُّ لِلزَّوْجِ الْأَوَّلِ وَطْؤُهَا فِي الظَّاهِرِ، وَأَمَّا فِي الْبَاطِنِ فَلَا يَحِلُّ لِأَنَّ قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ بِوُقُوعِ الْفُرْقَةِ بَاطِنًا صَارَ شُبْهَةً لَهُ فَيَحْرُمُ الْوَطْءُ احْتِيَاطًا وَصَارَ كَمَا إذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً ثُمَّ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ كَرِهَ مُحَمَّدٌ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا قَبْلَ الْمُحَلِّلِ بِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ كَذَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَفِيهَا وَلَوْ تَزَوَّجَهَا الثَّانِي وَدَخَلَ بِهَا وَفَارَقَهَا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَلَا بَأْسَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا الْأَوَّلُ أَمَّا عِنْدَهُمَا فَلِأَنَّ نِكَاحَ الْأَوَّلِ قَائِمٌ لَكِنَّهُمَا يُجَدِّدَانِ النِّكَاحَ حَتَّى لَا يُتَّهَمَا، وَأَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنَّ الْفُرْقَةَ بِالثَّلَاثِ وَاقِعَةٌ فَيَكُونُ الزَّوْجُ الثَّانِي مُثْبِتًا لِلْحِلِّ هَذَا إذَا فَارَقَهَا الزَّوْجُ الثَّانِي بِطَلَاقٍ بِاخْتِيَارِهِ فَأَمَّا إذَا شَهِدَا عَلَيْهِ زُورًا بِالثَّلَاثِ وَقَضَى الْقَاضِي بِالْفُرْقَةِ حَلَّ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ مَنْ شَاءَتْ مِنْ الزَّوْجِ الْأَوَّلِ وَالشَّاهِدَيْنِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ الْأَوَّلُ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ الْآخَرُ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ لَا يَحِلُّ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ مَنْكُوحَةَ الْأَوَّلِ فَلَا تَتَزَوَّجُ إلَّا مِنْ الْأَوَّلِ. اهـ.
وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى أَنَّ قَضَاءَ الْقَاضِي يُحِلُّ مَا كَانَ حَرَامًا فِي مُعْتَقَدِ الْمُقَضَّى لَهُ وَلِذَا قَالَ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَلَوْ قَالَ لَهَا أَنْت طَالِقٌ أَلْبَتَّةَ فَخَاصَمَهَا إلَى قَاضٍ يَرَاهَا رَجْعِيَّةً بَعْدَ الدُّخُولِ فَقَضَى بِكَوْنِهَا رَجْعِيَّةً وَالزَّوْجُ يَرَى أَنَّهَا بَائِنَةٌ أَوْ ثَلَاثًا فَإِنَّهُ يَتَّبِعُ رَأْيَ الْقَاضِي عِنْدَ مُحَمَّدٍ فَيَحِلُّ لَهُ الْمُقَامُ مَعَهَا وَقِيلَ إنَّهُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ لَا يَسَعُهُ الْمُقَامُ مَعَهَا وَإِنْ تَرَافَعَا إلَى قَاضٍ آخَرَ بَعْدَ الْقَضَاءِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ لَا يَنْقُضُهُ وَإِنْ كَانَ عَلَى خِلَافِ رَأْيِهِ وَهَذَا إذَا قَضَى لَهُ فَإِنْ قَضَى عَلَيْهِ بِالْبَيْنُونَةِ أَوْ الثَّلَاثِ وَالزَّوْجُ لَا يَرَاهُ يَتْبَعُ رَأْيَ الْقَاضِي إجْمَاعًا.
وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الزَّوْجُ عَالِمًا لَهُ رَأْيٌ وَاجْتِهَادٌ فَإِنْ كَانَ عَامِّيًّا اتَّبَعَ رَأْيَ الْقَاضِي سَوَاءٌ قَضَى لَهُ أَوْ عَلَيْهِ وَهَذَا إذَا قَضَى لَهُ أَمَّا إنْ أَفْتَى لَهُ فَهُوَ عَلَى الِاخْتِلَافِ السَّابِقِ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْمُفْتِي فِي حَقِّ الْجَاهِلِ بِمَنْزِلَةِ رَأْيِهِ وَاجْتِهَادِهِ كَذَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَفِي آخِرِ النُّتَفِ اعْلَمْ أَنَّ الْقَضَاءَ لَا يَهْدِمُ الْقَضَاءَ وَالرَّأْيَ لَا يَهْدِمُ الرَّأْيَ وَالْقَضَاءُ يَهْدِمُ الرَّأْيَ وَالرَّأْيُ لَا يَهْدِمُ الْقَضَاءَ مِثَالُ الْأَوَّلِ ظَاهِرٌ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ حَيْثُ قَالَ وَكُلُّ شَيْءٍ قَضَى بِهِ الْقَاضِي إلَخْ) عِبَارَةُ الْهِدَايَةِ وَكُلُّ شَيْءٍ قَضَى بِهِ الْقَاضِي فِي الظَّاهِرِ بِتَحْرِيمِهِ فَهُوَ فِي الْبَاطِنِ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ فَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا تَحِلُّ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَحِلُّ لِلزَّوْجِ الْأَوَّلِ وَطْؤُهَا) كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَفِي أَغْلِبْ النُّسَخِ فَقَالَ مُحَمَّدٌ يَحِلُّ لِلزَّوْجِ الْأَوَّلِ وَطْؤُهَا وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا يَحِلُّ وَهُوَ الصَّوَابُ وَقَوْلُهُ فِي الظَّاهِرِ صَوَابُهُ فِي الْبَاطِنِ وَقَوْلُهُ: وَأَمَّا فِي الْبَاطِنِ فَلَا يَحِلُّ الصَّوَابُ إسْقَاطُهُ وَالِاقْتِصَارُ عَلَى التَّعْلِيلِ وَعِبَارَةُ الْوَلْوَالِجيَّةِ هَكَذَا، وَأَمَّا الزَّوْجُ الْأَوَّلُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا فِي الظَّاهِرِ، وَأَمَّا فِي الْبَاطِنِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ يَحِلُّ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا يَحِلُّ؛ لِأَنَّ قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ إلَخْ اهـ. مُلَخَّصًا.
وَقَوْلُهُ وَصَارَ كَمَا إذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً إلَخْ هَكَذَا رَأَيْته فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ كَمَا هُنَا فَتَأَمَّلْهُ وَلَعَلَّ مَعْنَى قَوْلِهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا أَيْ شَهِدَا زُورًا بِطَلَاقِهَا ثَلَاثًا ثُمَّ رَأَيْت الْمَسْأَلَةَ فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَضَاءِ حَيْثُ قَالَ إذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِغَيْرِ وَلِيٍّ ثُمَّ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا إلَخْ فَسَقَطَ مِنْ عِبَارَةِ الْوَلْوَالِجيَّةِ قَوْلُهُ بِلَا وَلِيٍّ فَوَقَعَ الْخَلَلُ (قَوْلُهُ مِنْ الزَّوْجِ الْأَوَّلِ وَالشَّاهِدَيْنِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ الْأَوَّلُ) كَذَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ مِنْ الزَّوْجِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَتْبَعُ رَأْيَ الْقَاضِي عِنْدَ مُحَمَّدٍ إلَخْ) قَالَ فِي الْفَتْحِ وَالْوَجْهُ عِنْدِي قَوْلُ مُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّ اتِّصَالَ الْقَضَاءِ بِالِاجْتِهَادِ الْكَائِنِ لِلْقَاضِي يُرَجِّحُهُ عَلَى اجْتِهَادِ الزَّوْجِ وَالْأَخْذُ بِالرَّاجِحِ مُتَعَيِّنٌ وَكَوْنُهُ لَا يَرَاهُ حَلَالًا إنَّمَا يَمْنَعُهُ مِنْ الْقُرْبَانِ قَبْلَ الْقَضَاءِ أَمَّا بَعْدَهُ وَبَعْدَ نَفَاذِهِ بَاطِنًا كَمَا فُرِضَتْ الْمَسْأَلَةُ فَلَا اهـ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ عَامِّيًّا) ظَاهِرُ الْمُقَابَلَةِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَامِّيِّ غَيْرُ الْمُجْتَهِدِ سَوَاءٌ كَانَ عَالِمًا أَوْ جَاهِلًا.