المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

بِمَا زِدْنَاهُ عَلَى الْقَاعِدَةِ مِنْ قَوْلِنَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ؛ لِأَنَّ - البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري - جـ ٧

[زين الدين ابن نجيم - ابن عابدين]

فهرس الكتاب

- ‌(بَابُ كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي وَغَيْرِهِ)

- ‌[يَبْطُلُ كِتَاب الْقَاضِي إلَيَّ الْقَاضِي بِمَوْتِ الْكَاتِبِ وَعَزْلِهِ]

- ‌ الْقَضَاءُ بِشَهَادَةِ الزُّورِ فِي الْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ

- ‌ الْقَضَاءُ عَلَى خَصْمٍ غَيْرِ حَاضِرٍ

- ‌ الْقَضَاءَ عَلَى الْمُسَخَّرِ

- ‌(بَابُ التَّحْكِيمِ)

- ‌[شَرْطُ التَّحْكِيم]

- ‌[حُكْمُ المحكم لِأَبَوَيْهِ وَوَلَدِهِ]

- ‌[مَسَائِلُ شَتَّى مِنْ كِتَابِ الْقَضَاءِ]

- ‌ ادَّعَى دَارًا فِي يَدِ رَجُلٍ أَنَّهُ وَهَبَهَا لَهُ فِي وَقْتٍ فَسُئِلَ الْبَيِّنَةَ فَقَالَ جَحَدَنِيهَا

- ‌ قَالَ لِآخَرَ لَك عَلَيَّ أَلْفٌ فَرَدَّهُ ثُمَّ صَدَّقَهُ

- ‌ ادَّعَى دَارًا إرْثًا لِنَفْسِهِ وَلِأَخٍ لَهُ غَائِبٍ وَبَرْهَنَ عَلَيْهِ

- ‌ أَوْصَى إلَيْهِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْوَصِيَّةِ

- ‌ قَالَ قَاضٍ عُزِلَ لِرَجُلٍ أَخَذْت مِنْك أَلْفًا وَدَفَعْته إلَى زَيْدٍ قَضَيْت بِهِ عَلَيْك فَقَالَ الرَّجُلُ أَخَذْته ظُلْمًا

- ‌(كِتَابُ الشَّهَادَاتِ)

- ‌[سَتْر الشَّهَادَةِ فِي الْحُدُود]

- ‌[شَرَطَ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الزِّنَا أَرْبَعَةَ رِجَالٍ]

- ‌[شَرَطَ لِجَمِيعِ أَنْوَاعِهَا لَفْظَ أَشْهَدُ بِالْمُضَارِعِ الشَّهَادَة]

- ‌[وَالْوَاحِدُ يَكْفِي لِلتَّزْكِيَةِ وَالرِّسَالَةِ وَالتَّرْجَمَةِ الشَّهَادَةُ]

- ‌لَا يَعْمَلُ شَاهِدٌ وَقَاضٍ وَرَاوٍ بِالْخَطِّ إنْ لَمْ يَتَذَكَّرُوا)

- ‌(بَابُ مَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَمَنْ لَا تُقْبَلُ)

- ‌[فُرُوعٌ شَهِدَ الْوَصِيُّ بَعْدَ الْعَزْلِ لِلْمَيِّتِ]

- ‌(بَابُ الِاخْتِلَافِ فِي الشَّهَادَةِ)

- ‌يُعْتَبَرُ اتِّفَاقُ الشَّاهِدَيْنِ لَفْظًا وَمَعْنًى)

- ‌[شَهِدَا بِقَرْضِ أَلْفٍ وَشَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قَضَاهُ]

- ‌[شَهِدَ لِرَجُلٍ أَنَّهُ اشْتَرَى عَبْدَ فُلَانِ بِأَلْفٍ وَشَهِدَ آخَرُ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ]

- ‌(بَابُ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ)

- ‌[صِيغَة الْإِشْهَادُ عَلَى الشَّهَادَة]

- ‌[لَا شَهَادَةَ لِلْفَرْعِ إلَّا بِمَوْتِ أَصْلِهِ أَوْ مَرَضِهِ أَوْ سَفَرِهِ]

- ‌(بَابُ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ)

- ‌ شَهِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ فَرَجَعَتْ امْرَأَةٌ

- ‌[شَهِدَا عَلَى شَهَادَةِ أَرْبَعَةٍ وَآخَرَانِ عَلَى شَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ وَقُضِيَ ثُمَّ رَجَعُوا]

- ‌[شُهُودُ الْإِحْصَانِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ]

- ‌[كِتَابُ الْوَكَالَةِ]

- ‌[شَرَائِطِ الْوَكَالَةُ]

- ‌[حُكْمِ الْوَكَالَة]

- ‌[صِفَة الْوَكَالَةِ]

- ‌ التَّوْكِيلُ بِإِيفَاءِ جَمِيعِ الْحُقُوقِ وَاسْتِيفَائِهَا

- ‌(بَابُ الْوَكَالَةِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ)

- ‌[مُفَارَقَةُ الْوَكِيلِ فِي الصَّرْفِ وَالسَّلَمِ]

- ‌[أَمَرَهُ بِشِرَاءِ عَبْدَيْنِ مُعَيَّنَيْنِ وَلَمْ يُسَمِّ ثَمَنًا فَاشْتَرَى لَهُ أَحَدَهُمَا]

- ‌[فَصْلٌ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ لَا يَعْقِدُ مَعَ مَنْ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ لَهُ]

- ‌[رَدَّ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ عَلَى الْوَكِيلِ بِالْعَيْبِ]

- ‌[تَصَرُّفُ أَحَدُ الْوَكِيلَيْنِ وَحْدَهُ]

- ‌ زَوَّجَ عَبْدٌ أَوْ مُكَاتَبٌ أَوْ كَافِرٌ صَغِيرَتَهُ الْحُرَّةَ الْمُسْلِمَةَ

- ‌(بَابُ الْوَكَالَةِ بِالْخُصُومَةِ وَالْقَبْضِ)

- ‌ وَكَّلَهُ بِقَبْضِ مَالِهِ فَادَّعَى الْغَرِيمُ أَنَّ رَبَّ الْمَالِ أَخَذَهُ

- ‌[بَابُ عَزْلِ الْوَكِيلِ]

- ‌[افْتِرَاقُ الشَّرِيكَيْنِ هَلْ يُبْطِل الْوَكَالَة]

- ‌(كِتَابُ الدَّعْوَى)

- ‌[بَابُ التَّحَالُفِ]

- ‌(فَصْلٌ) يَعْنِي فِي دَفْعِ الدَّعْوَى

- ‌(بَابُ دَعْوَى الرَّجُلَيْنِ)

- ‌[كِتَابُ الْإِقْرَارِ]

- ‌[بَابُ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الْإِقْرَارِ]

- ‌(بَابُ إقْرَارِ) (الْمَرِيضِ)

- ‌(كِتَابُ الصُّلْحِ)

- ‌[فَصْلٌ الصُّلْحُ عَنْ دَعْوَى الْمَالِ]

- ‌[بَابُ الصُّلْحِ فِي الدَّيْنِ]

- ‌(فَصْلٌ فِي الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ)

- ‌[فَصْلٌ فِي صُلْحِ الْوَرَثَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْمُضَارَبَةِ]

- ‌[فُرُوعٌ ادَّعَى أَرْضًا أَنَّهَا وَقْفٌ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ فَصَالَحَهُ الْمُنْكِرُ لِقَطْعِ الْخُصُومَةِ]

- ‌(بَابُ " الْمُضَارِبُ يُضَارِبُ

- ‌[فَصْلٌ دَفْعِ مَالِ الْمُضَارَبَةُ إلَى الْمَالِكِ بِضَاعَةً]

- ‌[كِتَابُ الْوَدِيعَةِ]

- ‌[لِلْمُودَعِ أَنْ يَحْفَظ الْوَدِيعَة بِنَفْسِهِ وَبِعِيَالِهِ]

- ‌[طَلَبَ الْوَدِيعَة رَبُّهَا فَحَبَسَهَا قَادِرًا عَلَى تَسْلِيمِهَا فَمَنَعَهَا]

- ‌[كِتَابُ الْعَارِيَّةِ]

- ‌[هَلَكَتْ الْعَارِيَّة بِلَا تَعَدٍّ]

- ‌[كِتَابُ الْهِبَةِ]

- ‌[مُؤْنَةُ رد الْوَدِيعَةِ عَلَى الْمَالِكِ]

- ‌[هِبَةُ الْأَبِ لِطِفْلَةِ]

- ‌[قَبْضُ زَوْجِ الصَّغِيرَةِ مَا وُهِبَ بَعْدَ الزِّفَافِ]

- ‌(بَابُ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ)

- ‌[فَصْلٌ مَسَائِلَ شَتَّى فِي الْهِبَة]

- ‌[الرُّقْبَى]

- ‌[كِتَابُ الْإِجَارَةِ]

- ‌[لِرَبِّ الدَّارِ وَالْأَرْضِ طَلَبُ الْأَجْرِ كُلَّ يَوْمٍ]

- ‌[اسْتَأْجَرَهُ لِيَجِيءَ بِعِيَالِهِ فَمَاتَ بَعْضُهُمْ فَجَاءَ بِمَا بَقِيَ]

- ‌[بَابُ مَا يَجُوزُ مِنْ الْإِجَارَةِ وَمَا يَكُونُ خِلَافًا فِيهَا]

- ‌[الزَّرْعُ يُتْرَكُ بِأَجْرِ الْمِثْلِ إلَى أَنْ يُدْرَكَ إذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ]

- ‌[بَابُ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ]

الفصل: بِمَا زِدْنَاهُ عَلَى الْقَاعِدَةِ مِنْ قَوْلِنَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ؛ لِأَنَّ

بِمَا زِدْنَاهُ عَلَى الْقَاعِدَةِ مِنْ قَوْلِنَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ؛ لِأَنَّ كَوْنَهَا أَمَةً لَهُ لَا يَنْفِي الضَّمَانَ عَنْهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ؛ لِأَنَّهُ يَضْمَنُ فِيمَا لَوْ كَانَتْ مَرْهُونَةً أَوْ مَأْذُونَةً مَدْيُونَةً فَلَمْ يَرِدْ وَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ فِي الْمَجْمَعِ مِنْ الْإِقْرَارِ قَالَ وَلَوْ أَقَرَّ حَرْبِيٌّ أَسْلَمَ بِأَخْذِ مَالٍ قَبْلَ الْإِسْلَامِ أَوْ بِإِتْلَافِ خَمْرٍ بَعْدَهُ أَوْ مُسْلِمٌ بِمَالِ حَرْبِيٍّ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ بِقَطْعِ يَدِ مُعْتَقَةٍ قَبْلَ الْعِتْقِ فَكَذَّبُوهُ فِي الْإِسْلَامِ أُفْتِي بِعَدَمِ الضَّمَانِ فِي الْكُلِّ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِهِ وَقَالَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ أَسْنَدَهُ إلَى حَالَةٍ قَدْ يُجَامِعُهَا الضَّمَانُ فِي الْجُمْلَةِ فَلَا يَبْرَأُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ فِي الْبَزَّازِيَّةِ صَبَّ دُهْنًا لِإِنْسَانٍ عِنْدَ الشُّهُودِ فَادَّعَى مَالِكُهُ ضَمَانَهُ فَقَالَ كَانَتْ نَجِسَةً لِوُقُوعِ فَأْرَةٍ فَالْقَوْلُ لِلْمُصَابِ لِإِنْكَارِهِ الضَّمَانَ وَالشُّهُودُ يَشْهَدُونَ عَلَى الصَّبِّ لَا عَلَى عَدَمِ النَّجَاسَةِ وَكَذَا لَوْ أَتْلَفَ لَحْمَ طَوَّافٍ فَطُولِبَ بِالضَّمَانِ فَقَالَ كَانَتْ مَيْتَةً فَأَتْلَفْتهَا لَا يُصَدَّقُ وَلِلشُّهُودِ أَنْ يَشْهَدُوا أَنَّهُ لَحْمٌ ذَكِيٌّ بِحُكْمِ الْحَالِ وَقَالَ الْقَاضِي لَا يَضْمَنُ فَاعْتَرَضَ عَلَيْهِ بِمَسْأَلَةِ كِتَابِ الِاسْتِحْسَانِ وَهِيَ أَنَّ رَجُلًا لَوْ قَتَلَ رَجُلًا قَالَ كَانَ ارْتَدَّ أَوْ قَتَلَ أَبِي فَقَتَلْته قِصَاصًا أَوْ لِلرِّدَّةِ لَا يُسْمَعُ فَأَجَابَ وَقَالَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قُبِلَ لَأَدَّى إلَى فَتْحِ بَابِ الْعُدْوَانِ فَإِنَّهُ يَقْتُلُ وَيَقُولُ كَانَ الْقَتْلُ لِذَلِكَ وَأَمْرُ الدَّمِ عَظِيمٌ فَلَا يُهْمَلُ بِخِلَافِ الْمَالِ فَإِنَّهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الدَّمِ أَهْوَنُ حَتَّى حُكِمَ فِي الْمَالِ بِالنُّكُولِ وَفِي الدَّمِ حُبِسَ حَتَّى يُقِرَّ أَوْ يَحْلِفَ وَاكْتَفَى بِالْيَمِينِ الْوَاحِدَةِ فِي الْمَالِ وَبِخَمْسِينَ يَمِينًا فِي الدَّمِ اهـ. وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

(كِتَابُ الشَّهَادَاتِ)

.

أَخَّرَهَا عَنْ الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّهَا كَالْوَسِيلَةِ لَهُ وَهُوَ الْمَقْصُودُ وَهِيَ سَبَبُهُ الْكَلَامُ فِيهَا فِي مَوَاضِعَ: الْأَوَّلُ فِي مَعْنَاهَا لُغَةً وَشَرِيعَةً وَاصْطِلَاحًا فَالْأَوَّلُ كَمَا فِي الصِّحَاحِ خَبَرٌ قَاطِعٌ تَقُولُ مِنْهُ شَهِدَ الرَّجُلُ عَلَى كَذَا وَرُبَّمَا قَالُوا شَهِدَ الرَّجُلُ بِسُكُونِ الْهَاءِ لِلتَّخْفِيفِ وَقَوْلُهُمْ أَشْهَدُ بِكَذَا أَيْ أَحْلِفُ وَالْمُشَاهَدَةُ الْمُعَايَنَةُ وَشَهِدَهُ شُهُودًا أَيْ حَضَرَهُ فَهُوَ شَاهِدٌ وَقَوْمٌ شُهُودٌ أَيْ حُضُورٌ وَهُوَ فِي الْأَصْلِ مَصْدَرٌ وَشُهَّدٌ أَيْضًا مِثْلُ رَاكِعٍ وَرُكَّعٍ وَشَهِدَ لَهُ بِكَذَا شَهَادَةً أَيْ أَدَّى مَا عِنْدَهُ فَهُوَ شَاهِدٌ وَالْجَمْعُ شَهْدٌ كَصَاحِبٍ وَصَحْبٍ وَسَافِرٍ وَسَفْرٍ وَبَعْضُهُمْ يُنَكِّرُهُ وَجَمْعُ الشَّهْدِ شُهُودٌ وَأَشْهَادٌ وَالشَّهِيدُ الشَّاهِدُ وَالْجَمْعُ الشُّهَدَاءُ اهـ.

وَفِي الْمِصْبَاحِ فَائِدَةٌ جَرَى عَلَى أَلْسِنَةِ الْأُمَّةِ سَلَفِهَا وَخَلَفِهَا فِي أَدَاءِ الشَّهَادَةِ أَشْهَدُ مُقْتَصِرِينَ عَلَيْهِ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ الْأَلْفَاظِ الدَّالَّةِ عَلَى تَحْقِيقِ الشَّيْءِ نَحْوُ أَعْلَمُ وَأَتَيَقَّنُ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِأَلْفَاظِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ أَيْضًا فَكَانَ كَالْإِجْمَاعِ عَلَى تَعْيِينِ هَذِهِ اللَّفْظَةِ دُونَ غَيْرِهَا وَلَا يَخْلُو عَنْ مَعْنَى التَّعَبُّدِ إذْ لَمْ يُنْقَلْ غَيْرُهُ وَلَعَلَّ السِّرَّ فِيهِ أَنَّ الشَّهَادَةَ اسْمٌ مِنْ الْمُشَاهَدَةِ وَهِيَ الِاطِّلَاعُ عَلَى الشَّيْءِ عِيَانًا فَاشْتُرِطَ فِي الْأَدَاءِ مَا يُنْبِئُ عَنْ الْمُشَاهَدَةِ وَاخْتُصَّتْ بِشَيْءٍ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ مَا اُشْتُقَّ مِنْ اللَّفْظِ وَهُوَ أَشْهَدُ بِلَفْظِ الْمُضَارِعِ وَلَا يَجُوزُ شَهِدْت؛ لِأَنَّ الْمَاضِيَ مَوْضُوعٌ لِلْإِخْبَارِ عَمَّا وَقَعَ نَحْوُ قُمْت أَيْ فِيمَا مَضَى مِنْ الزَّمَانِ فَلَوْ قَالَ شَهِدْت احْتَمَلَ الْإِخْبَارَ عَنْ الْمَاضِي فَيَكُونُ غَيْرَ مُخْبِرٍ بِهِ فِي الْحَالِ وَعَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ أَوْلَادِ يَعْقُوبَ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - {وَمَا شَهِدْنَا إِلا بِمَا عَلِمْنَا} [يوسف: 81] ؛ لِأَنَّهُمْ شَهِدُوا عِنْدَ أَبِيهِمْ أَوَّلًا بِسَرِقَتِهِ حِينَ قَالُوا إنَّ ابْنَك سَرَقَ فَلَمَّا اتَّهَمَهُمْ اعْتَذَرُوا عَنْ أَنْفُسِهِمْ بِأَنَّهُمْ لَا صُنْعَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ فَقَالُوا وَمَا شَهِدْنَا عِنْدَك سَابِقًا بِقَوْلِنَا إنَّ ابْنَك سَرَقَ إلَّا بِمَا عَايَنَّاهُ مِنْ إخْرَاجِ الصُّوَاعِ مِنْ رَحْلِهِ وَالْمُضَارِعُ مَوْضُوعٌ لِلْإِخْبَارِ فِي الْحَالِ فَإِذَا قَالَ أَشْهَدُ فَقَدْ أَخْبَرَ فِي الْحَالِ وَعَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى {قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ} [المنافقون: 1] أَيْ نَحْنُ الْآنَ شَاهِدُونَ بِذَلِكَ وَأَيْضًا فَقَدْ اُسْتُعْمِلَ أَشْهَدُ فِي الْقَسَمِ نَحْوُ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ لَقَدْ كَانَ كَذَا أَيْ أُقْسِمُ فَتَضَمَّنَ لَفْظُ أَشْهَدُ مَعْنَى الْمُشَاهَدَةِ وَالْقَسَمِ وَالْإِخْبَارِ فِي الْحَالِ فَكَأَنَّ الشَّاهِدَ قَالَ أُقْسِمُ بِاَللَّهِ لَقَدْ اطَّلَعْت عَلَى ذَلِكَ وَأَنَا الْآنَ أُخْبِرُ بِهِ وَهَذِهِ الْمَعَانِي مَفْقُودَةٌ فِي غَيْرِهِ مِنْ الْأَلْفَاظِ فَلِذَا اقْتَصَرَ احْتِيَاطًا وَاتِّبَاعًا لِلْمَأْثُورِ وَقَوْلُهُمْ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ تَعَدَّى بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ بِمَعْنَى أَعْلَمُ. اهـ.

وَأَمَّا الثَّانِي فَمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ (قَوْلُهُ هِيَ إخْبَارٌ عَنْ مُشَاهَدَةٍ وَعِيَانٍ لَا عَنْ تَخْمِينٍ وَحِسْبَانٍ) أَيْ الشَّهَادَةِ وَصَرَّحَ الشَّارِحُ بِأَنَّ هَذَا مَعْنَاهَا اللُّغَوِيُّ وَهُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ وَإِنَّمَا هُوَ مَعْنَاهَا الشَّرْعِيُّ أَيْضًا كَمَا أَفَادَهُ فِي إيضَاحِ الْإِصْلَاحِ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ لِلْمُصَابِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْقَوْلَ لَهُ فِي عَدَمِ الضَّمَانِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي كَوْنِهِ مُتَنَجِّسًا وَأَمَّا الضَّمَانُ فَلَا فَيَضْمَنُ قِيمَتَهُ مُتَنَجِّسًا قَالَ الشَّيْخُ شَرَفُ الدِّينِ الْغَزِّيِّ وَقَدْ أَوْضَحْنَاهُ فِي تَنْوِيرِ الْبَصَائِرِ عَلَى الْأَشْبَاهِ أَبُو السُّعُودِ وَعَلَيْهِ فَقَوْلُهُ لِإِنْكَارِهِ الضَّمَانَ مَعْنَاهُ ضَمَانُ الْمِثْلِ.

[كِتَابُ الشَّهَادَاتِ]

ص: 55

وَالْمُشَاهَدَةُ الْمُعَايَنَةُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَالْعِيَانُ بِالْكَسْرِ الْمُعَايَنَةُ كَمَا فِي ضِيَاءِ الْحُلُومِ فَهُوَ تَأْكِيدٌ وَالتَّخْمِينُ الْحَدْسُ وَالْحِسْبَانُ بِالْكَسْرِ الظَّنُّ وَأَوْرَدَ عَلَى هَذَا التَّعْرِيفِ الشَّهَادَةَ بِالتَّسَامُعِ فَإِنَّهَا لَمْ تَكُنْ عَنْ مُشَاهَدَةٍ وَأَجَابَ فِي الْإِيضَاحِ بِأَنَّ جَوَازَهَا إنَّمَا هُوَ لِلِاسْتِحْسَانِ وَالتَّعْرِيفَاتُ الشَّرْعِيَّةُ إنَّمَا تَكُونُ عَلَى وَفْقِ الْقِيَاسِ وَلِكَوْنِهَا إخْبَارًا عَنْ مُعَايَنَةٍ قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ إذَا قُرِئَ عَلَيْهِ صَكٌّ وَلَمْ يَفْهَمْ مَا فِيهِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ بِمَا فِيهِ كَذَا فِي الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ وَفِي الْمُلْتَقَطِ إذَا سَمِعَ صَوْتَ الْمَرْأَةِ وَلَمْ يَرَ شَخْصَهَا فَشَهِدَ اثْنَانِ عِنْدَهُ أَنَّهَا فُلَانَةُ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهَا وَإِنْ رَأَى شَخْصَهَا وَأَقَرَّتْ عِنْدَهُ فَشَهِدَ اثْنَانِ أَنَّهَا فُلَانَةُ حَلَّ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهَا اهـ.

وَتَمَامُ مَسْأَلَةِ الشَّهَادَةِ بِمَا فِي الصَّكِّ فِي شَهَادَاتِ الْبَزَّازِيَّةِ، وَأَمَّا مَعْنَاهَا فِي الِاصْطِلَاحِ فَقَالَ فِي الْعِنَايَةِ إخْبَارٌ صَادِقٌ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ فَالْإِخْبَارُ كَالْجِنْسِ وَقَوْلُهُ صَادِقٌ يُخْرِجُ الْأَخْبَارَ الْكَاذِبَةَ وَمَا بَعْدَهُ يُخْرِجُ الْأَخْبَارَ الصَّادِقَةَ غَيْرَ الشَّهَادَاتِ اهـ.

وَيَرِدُ عَلَيْهِ قَوْلُ الْقَائِلِ فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي أَشْهَدُ بِرُؤْيَةِ كَذَا لِبَعْضِ الْعُرْفِيَّاتِ فَالْأَوْلَى أَنْ يُزَادَ لِإِثْبَاتِ حَقٍّ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَمْ يَقُولُوا بَعْدَ دَعْوَى لِتَخَلُّفِهَا عَنْهَا فِي نَحْوِ عِتْقِ الْأَمَةِ وَطَلَاقِ الزَّوْجَةِ فَلَمْ تَكُنْ الدَّعْوَى شَرْطًا لِصِحَّتِهَا مُطْلَقًا وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ إنَّهَا إخْبَارٌ بِحَقٍّ لِلْغَيْرِ عَلَى الْغَيْرِ بِخِلَافِ الْإِقْرَارِ فَإِنَّهُ إخْبَارٌ بِحَقٍّ عَلَى نَفْسِهِ لِلْغَيْرِ وَالدَّعْوَى فَإِنَّهَا إخْبَارٌ بِحَقٍّ لِنَفْسِهِ عَلَى الْغَيْرِ غَيْرُ صَحِيحٍ لِعَدَمِ شُمُولِهِ لِمَا إذَا أَخْبَرَ بِمَا يُوجِبُ الْفُرْقَةَ مِنْ قِبَلِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَإِنَّهُ شَهَادَةٌ وَلَمْ يُوجَدْ فِيهَا ذَلِكَ الْمَعْنَى كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي إيضَاحِ الْإِصْلَاحِ وَكَأَنَّهُ لَاحَظَ أَنَّهُ لَمْ يُخْبِرْ بِحَقٍّ لِلْغَيْرِ لِأَنَّ ذَلِكَ مُوجِبٌ لِسُقُوطِ الْمَهْرِ وَجَوَابُهُ أَنَّ سُقُوطَهُ عَنْ الزَّوْجِ عَائِدٌ إلَى أَنَّهُ لَهُ فَهُوَ كَالشَّهَادَةِ بِالْإِبْرَاءِ عَنْ الدَّيْنِ فَإِنَّهُ إخْبَارٌ بِحَقٍّ لِلْمَدْيُونِ وَهُوَ السُّقُوطُ عَنْهُ وَكَذَا هُنَا وَجَعَلَ الْأَخْبَارَ أَرْبَعَةً وَالرَّابِعُ الْإِنْكَارُ وَعَزَاهُ إلَى شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ، وَأَمَّا الثَّانِي فَرُكْنُهَا لَفْظُ أَشْهَدُ بِمَعْنَى الْخَبَرِ دُونَ الْقَسَمِ كَذَا فِي الشَّرْحِ مَا لَمْ يَأْتِ فِي آخِرِهَا بِمَا يُوجِبُ الشَّكَّ فَلَوْ قَالَ أَشْهَدُ بِكَذَا فِيمَا أَعْلَمُ لَا تُقْبَلُ كَمَا لَوْ قَالَ فِي ظَنِّي بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ أَشْهَدُ بِكَذَا قَدْ عَلِمْت وَلَوْ قَالَ لَا حَقَّ لِي قِبَلَ فُلَانٍ فِيمَا أَعْلَمُ لَا يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ وَلَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ فِيمَا أَعْلَمُ لَا يَصِحُّ الْإِقْرَارُ كَمَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ الْحَصِيرِيُّ وَلَوْ قَالَ الْمُعَدِّلُ هُوَ عَدْلٌ فِيمَا أَعْلَمُ لَا يَكُونُ تَعْدِيلًا ذَكَرَهُ فِي بَابِ أَدَبِ الْقَضَاءِ لِلْخَصَّافِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَهُ فِيمَا أَعْلَمُ بَعْدَ الْإِخْبَارِ مُوجِبٌ لِلشَّكِّ فِيهِ عُرْفًا فَيَبْطُلُ وَأَمَّا الثَّالِثُ فَشَرْطُهَا الْعَقْلُ الْكَامِلُ وَالضَّبْطُ وَالْوِلَايَةُ وَالْقُدْرَةُ عَلَى التَّمْيِيزِ بَيْنَ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَذَلِكَ بِالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ هَكَذَا فِي الشَّرْحِ وَفَتْحِ الْقَدِيرِ وَالْعِنَايَةِ وَلَكِنْ زَادَ فِيهَا الْإِسْلَامَ إنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُسْلِمًا وَفِي كَلَامِهِمْ قُصُورٌ؛ لِأَنَّ مِنْ الشَّرَائِطِ أَنْ لَا يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَشْهُودِ لَهُ قَرَابَةُ الْوِلَادِ وَلَا زَوْجِيَّةٌ وَأَنْ لَا يَدْفَعَ عَنْ نَفْسِهِ مَغْرَمًا وَأَنْ لَا يَجْلِبَ لِنَفْسِهِ مَغْنَمًا وَأَنْ لَا يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ عَدَاوَةٌ دُنْيَوِيَّةٌ كَمَا سَيَأْتِي مُفَصَّلًا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ إنَّمَا تَرَكُوا هَذِهِ؛ لِأَنَّ مُرَادَهُمْ بَيَانُ شَرَائِطِ الشَّهَادَةِ فِي الْجُمْلَةِ لَا بِالنَّظَرِ إلَى الْمَشْهُودِ لَهُ وَالْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَلِذَا تَرَى بَعْضَهُمْ تَرَكَ قَيْدَ الْإِسْلَامِ لِجَوَازِ شَهَادَةِ الْكَافِرِ عَلَى مِثْلِهِ وَالْأَحْسَنُ مَا فِي الْبَدَائِعِ مِنْ أَنَّ شَرَائِطَهَا نَوْعَانِ مَا هُوَ شَرْطُ تَحَمُّلِهَا وَمَا هُوَ شَرْطُ أَدَائِهَا فَالْأَوَّلُ ثَلَاثَةٌ الْعَقْلُ وَقْتَ التَّحَمُّلِ وَالْبَصَرُ فَلَا يَصِحُّ تَحَمُّلُهَا مِنْ مَجْنُونٍ وَصَبِيٍّ لَا يَعْقِلُ وَأَعْمَى وَأَنْ يَكُونَ التَّحَمُّلُ بِمُعَايَنَةِ الْمَشْهُودِ بِهِ بِنَفْسِهِ لَا بِغَيْرِهِ إلَّا فِي أَشْيَاءَ مَخْصُوصَةٍ يَصِحُّ التَّحَمُّلُ فِيهَا بِالتَّسَامُعِ وَلَا يُشْتَرَطُ لِلتَّحَمُّلِ الْبُلُوغُ وَالْحُرِّيَّةُ وَالْإِسْلَامُ وَالْعَدَالَةُ حَتَّى لَوْ كَانَ وَقْتَ التَّحَمُّلِ صَبِيًّا عَاقِلًا أَوْ عَبْدًا أَوْ كَافِرًا أَوْ فَاسِقًا ثُمَّ بَلَغَ الصَّبِيُّ وَعَتَقَ الْعَبْدُ وَأَسْلَمَ الْكَافِرُ وَتَابَ الْفَاسِقُ فَشَهِدُوا عِنْدَ الْقَاضِي تُقْبَلُ وَأَمَّا شَرَائِطُ أَدَائِهَا فَأَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ مِنْهَا مَا يَرْجِعُ إلَى الشَّاهِدِ وَمِنْهَا مَا يَرْجِعُ إلَى نَفْسِ الشَّهَادَةِ وَمِنْهَا مَا يَرْجِعُ إلَى مَكَانِهَا وَمِنْهَا مَا يَرْجِعُ إلَى الْمَشْهُودِ بِهِ. فَمَا يَرْجِعُ إلَى الشَّاهِدِ الْبُلُوغُ وَالْحُرِّيَّةُ وَالْبَصَرُ وَالنُّطْقُ وَالْعَدَالَةُ لَكِنْ هِيَ شَرْطُ وُجُوبِ الْقَبُولِ عَلَى الْقَاضِي لَا جَوَازُهُ وَأَنْ لَا يَكُونَ مَحْدُودًا فِي قَذْفٍ وَأَنْ لَا يَجُرَّ الشَّاهِدُ إلَى نَفْسِهِ مَغْنَمًا وَلَا يَدْفَعَ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ فَمَا يَرْجِعُ إلَى الشَّاهِدِ الْبُلُوغُ وَالْحُرِّيَّةُ إلَخْ) تَرَكَ السَّمْعَ وَقَدْ ذَكَرَهُ فِيمَا مَرَّ آنِفًا عَنْ الشُّرُوحِ وَبِهِ تَصِيرُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ

ص: 56

عَنْ نَفْسِهِ مَغْرَمًا فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْفَرْعِ لِأَصْلِهِ وَالْأَصْلِ لِفَرْعِهِ وَأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِلْآخَرِ وَأَنْ لَا يَكُونَ خَصْمًا فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْوَصِيِّ لِلْيَتِيمِ وَالْوَكِيلِ لِمُوَكِّلِهِ وَأَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِالْمَشْهُودِ بِهِ وَقْتَ الْأَدَاءِ ذَاكِرًا لَهُ فَلَا يَجُوزُ اعْتِمَادُهُ عَلَى خَطِّهِ مِنْ غَيْرِ تَذَكُّرٍ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا، وَأَمَّا مَا يَخُصُّ بَعْضَهَا فَالْإِسْلَامُ إنْ كَانَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ مُسْلِمًا وَالذُّكُورَةُ فِي الشَّهَادَةِ بِالْحَدِّ وَالْقِصَاصِ وَتَقَدُّمُ الدَّعْوَى فِيمَا إذَا كَانَ مِنْ حُقُوقِ الْعِبَادِ وَمُوَافَقَتُهَا لِلدَّعْوَى فِيمَا يُشْتَرَطُ فِيهَا فَإِنْ خَالَفَتْهَا لَمْ تُقْبَلْ إلَّا إذَا وَافَقَ الْمُدَّعِي عِنْدَ إمْكَانِهِ وَقِيَامُ الرَّائِحَةِ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى شُرْبِ الْخَمْرِ وَلَمْ يَكُنْ سَكْرَانًا لَا لِبُعْدِ مَسَافَةٍ وَالْأَصَالَةُ فِي الشَّهَادَةِ بِالْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ وَتَعَذُّرُ حُضُورِ الْأَصْلِ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ، وَمَا يَرْجِعُ إلَى الشَّهَادَةِ لَفْظُ الشَّهَادَةِ وَالْعَدَدُ فِي الشَّهَادَةِ بِمَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ وَاتِّفَاقُ الشَّاهِدَيْنِ وَمَا يَرْجِعُ إلَى مَكَانِهَا وَاحِدٌ وَهُوَ مَجْلِسُ الْقَضَاءِ وَمَا يَرْجِعُ إلَى الْمَشْهُودِ بِهِ قَدْ عُلِمَ مِنْ الشَّرَائِطِ الْخَاصَّةِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ شَرَائِطَهَا أَحَدٌ وَعِشْرُونَ: شَرَائِطُ التَّحَمُّلِ ثَلَاثَةٌ وَشَرَائِطُ الْأَدَاءِ سَبْعَةَ عَشَرَ مِنْهَا عَشْرُ شَرَائِطَ عَامَّةٌ وَمِنْهَا سَبْعَةُ شَرَائِطَ خَاصَّةٌ وَشَرَائِطُ نَفْسِ الشَّهَادَةِ ثَلَاثَةٌ وَشَرْطُ مَكَانِهَا وَاحِدٌ وَسَيَأْتِي صِفَةُ الشَّاهِدِ الَّذِي يَنْصِبُهُ الْقَاضِي شَاهِدًا لِلنَّاسِ، وَالرَّابِعُ سَبَبُ وُجُوبِهَا طَلَبُ ذِي الْحَقِّ أَوْ خَوْفُ فَوْتِ حَقِّهِ فَإِنَّ مَنْ عِنْدَهُ شَهَادَةٌ لَا يَعْلَمُ بِهَا صَاحِبُ الْحَقِّ وَخَافَ فَوْتَ الْحَقِّ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَشْهَدَ بِلَا طَلَبٍ. الْخَامِسُ حُكْمُهَا وُجُوبُ الْحُكْمِ عَلَى الْقَاضِي. السَّادِسُ فِي صِفَتِهَا تَحَمُّلًا وَأَدَاءً وَسَيَأْتِي. السَّابِعُ فِي بَيَانِ أَنَّ الْقِيَاسَ عَدَمُ قَبُولِهَا لِاحْتِمَالِ الْكَذِبِ لَكِنْ لَمَّا شُرِطَتْ الْعَدَالَةُ تَرَجَّحَ جَانِبُ الصِّدْقِ وَوَرَدَتْ النُّصُوصُ بِالِاسْتِشْهَادِ جُعِلَتْ مُوجِبَةً. الثَّامِنُ مَحَاسِنُهَا كَثِيرَةٌ مِنْهَا امْتِثَالُ الْأَمْرِ فِي قَوْله تَعَالَى {كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ} [المائدة: 8] وَهُوَ حَسَنٌ. التَّاسِعُ فِي دَلِيلِهَا وَهُوَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ. الْعَاشِرُ فِي أَهْلِهَا وَقَدْ عُلِمَ مِنْ الشَّرَائِطِ.

(قَوْلُهُ وَتَلْزَمُ بِطَلَبِ الْمُدَّعِي) أَيْ وَيَلْزَمُ أَدَاؤُهَا الشَّاهِدَ إذَا طَلَبَهُ الْمُدَّعِي فَيَحْرُمُ كِتْمَانُهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ} [البقرة: 283] فَهُوَ نَهْيٌ عَنْ الْكِتْمَانِ فَيَكُونُ أَمْرًا بِضِدِّهِ حَيْثُ كَانَ لَهُ ضِدٌّ وَاحِدٌ وَهُوَ آكَدُ مِنْ الْأَمْرِ بِأَدَائِهَا وَلِذَا أَسْنَدَ الْإِثْمَ إلَى رَأْسِ الْأَعْضَاءِ وَهُوَ الْآلَةُ الَّتِي وَقَعَ بِهَا أَدَاؤُهَا لِمَا عُرِفَ أَنَّ إسْنَادَ الْفِعْلِ إلَى مَحَلِّهِ أَقْوَى مِنْ الْإِسْنَادِ إلَى كُلِّهِ فَقَوْلُهُ أَبْصَرْته بِعَيْنِي آكَدُ مِنْ قَوْلِهِ أَبْصَرْته وَفَسَّرَ الْإِمَامُ الرَّازِيّ فِي أَحْكَامِ الْقُرْآنِ الْكِتْمَانَ بِعَقْدِ الْقَلْبِ عَلَى تَرْكِ الْأَدَاءِ بِاللِّسَانِ وَفَسَّرَ الْبَغَوِيّ آثِمٌ بِفَاجِرٍ وَأَنَّ اللَّهَ يَمْسَخُ قَلْبَهُ بِالْكِتْمَانِ وَفِيهِ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ وَعِيدٌ أَشَدَّ مِنْهُ وَاسْتَدَلَّ فِي الْهِدَايَةِ بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى فَرْضِيَّتِهَا مَعَ احْتِمَالِ أَنَّ إيرَادَ نَهْيِ الْمَدِينِينَ عَنْ كِتْمَانِهَا كَمَا احْتَمَلَ أَنْ يُرَادَ نَهْيُ الشُّهُودِ قَالَ الْقَاضِي وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ أَيُّهَا الشُّهُودُ أَوْ الْمَدِينُونَ وَالشَّهَادَةُ شَهَادَتُهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ اهـ.

فَعَلَى الثَّانِي الْمُرَادُ النَّهْيُ عَنْ كِتْمَانِ الْإِقْرَارِ بِالدَّيْنِ فَالْأَوْلَى الِاسْتِدْلَال عَلَى فَرْضِيَّتِهَا بِالْإِجْمَاعِ وَاحْتَمَلَ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ تَلْزَمُ عَائِدٌ إلَى الشَّهَادَةِ بِمَعْنَى تَحَمُّلِهَا لَا بِمَعْنَى أَدَائِهَا فَإِنَّ تَحَمُّلَهَا عِنْدَ الطَّلَبِ وَالتَّعْيِينِ فَرْضٌ كَمَا سَيَأْتِي.

وَعَلَى هَذَا فَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مِنْ أَنَّهُ إنْ أُرِيدَ بِهَا تَحَمُّلُهَا فَالنَّهْيُ لِكَرَاهَةِ التَّنْزِيهِ الَّتِي مَرْجِعُهَا خِلَافُ الْأَوْلَى مُشْكِلٌ وَذَكَرَ الْإِمَامُ الرَّازِيّ فِي أَحْكَامِ الْقُرْآنِ أَنَّ قَوْله تَعَالَى {وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} [البقرة: 282] عَامٌّ فِي التَّحَمُّلِ وَالْأَدَاءِ لَكِنْ فِي التَّحَمُّلِ عَلَى الْمُتَعَاقِدَيْنِ الْحُضُورُ إلَيْهِمَا لِلْإِشْهَادِ وَلَا يَلْزَمُ الشَّاهِدَيْنِ الْحُضُورُ إلَيْهِمَا وَفِي الْأَدَاءِ يَلْزَمُهُمَا الْحُضُورُ إلَى الْقَاضِي لَا أَنَّ الْقَاضِيَ يَأْتِي إلَيْهِمَا لِيُؤَدِّيَا ثُمَّ قَالَ إنَّ الشَّهَادَةَ فَرْضُ كِفَايَةٍ إذَا قَامَ بِهَا الْبَعْضُ سَقَطَ عَنْ الْبَاقِينَ وَتَتَعَيَّنُ إذَا لَمْ يَكُنْ إلَّا شَاهِدَانِ سَوَاءٌ كَانَتْ لِلتَّحَمُّلِ أَوْ الْأَدَاءِ اهـ.

فَعَلَى هَذَا يُقَالُ إنَّهَا تَلْزَمُ أَيْ تُفْتَرَضُ كِفَايَةً ثُمَّ صَرَّحَ بِأَنَّ عَلَيْهِمَا الْكِتَابَةَ إذَا لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُمَا إذَا كَانَ الْحَقُّ مُؤَجَّلًا وَإِلَّا فَلَا ثُمَّ إنَّمَا يَلْزَمُ أَدَاؤُهَا بِشُرُوطٍ: الْأَوَّلُ طَلَبُ الْمُدَّعِي فِيمَا كَانَ مِنْ حُقُوقِ الْعِبَادِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا وَإِنَّمَا قُلْنَا أَوْ حُكْمًا لِيَدْخُلَ مَنْ عِنْدَهُ شَهَادَةٌ لَا يَعْلَمُ بِهَا صَاحِبُ الْحَقِّ وَخَافَ فَوْتَ الْحَقِّ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَشْهَدَ بِلَا طَلَبٍ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ فَالْحَاصِلُ أَنَّ شَرَائِطَهَا أَحَدٌ وَعِشْرُونَ إلَخْ) هَذَا الْحَاصِلُ غَيْرُ مُوَافِقٍ لِمَا مَرَّ بَلْ الْمُوَافِقُ لَهُ أَنْ يُقَالَ فَالْحَاصِلُ أَنَّ شَرَائِطَهَا أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ شَرَائِطُ التَّحَمُّلِ ثَلَاثَةٌ وَشَرَائِطُ الْأَدَاءِ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ مِنْهَا شَرَائِطُ الشَّاهِدِ سَبْعَةَ عَشَرَ عَشَرَةٌ عَامَّةٌ وَسَبْعَةٌ خَاصَّةٌ وَمِنْهَا شَرَائِطُ نَفْسِ الشَّهَادَةِ ثَلَاثَةٌ وَشَرْطُ مَكَانِهَا وَاحِدٌ.

(قَوْلُهُ وَإِنَّمَا قُلْنَا أَوْ حُكْمًا لِيَدْخُلَ إلَخْ) قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ وَنَظَرَ فِيهِ الْمَقْدِسِيَّ بِأَنَّ الْوَاجِبَ فِي هَذَا إعْلَامُ الْمُدَّعِي بِمَا يَشْهَدُ فَإِنْ طَلَبَ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَشْهَدَ وَإِلَّا لَا إذْ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ تَرَكَ حَقَّهُ

ص: 57

لِكَوْنِهِ طَالِبًا لِأَدَائِهِ حُكْمًا وَإِنَّمَا قَيَّدْنَا بِحُقُوقِ الْعِبَادِ لِمَا فِي الْقُنْيَةِ أَجَابَ الْمَشَايِخُ فِي شُهُودٍ شَهِدُوا بِالْحُرْمَةِ الْمُغَلَّظَةِ بَعْدَمَا أَخَّرُوا شَهَادَتَهُمْ خَمْسَةَ أَيَّامٍ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ أَنَّهَا لَا تُقْبَلُ إنْ كَانُوا عَالِمِينَ بِأَنَّهُمَا يَعِيشَانِ عَيْشَ الْأَزْوَاجِ ثُمَّ نُقِلَ عَنْ الْعَلَاءِ الْحَمَّامِيِّ وَالْخَطِيبِ الْأَنْمَاطِيِّ وَكَمَالِ الْأَئِمَّةِ الْبَيَّاعِيِّ شَهِدُوا بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ بِإِقْرَارِ الزَّوْجِ بِالطَّلَقَاتِ الثَّلَاثِ لَا تُقْبَلُ إذَا كَانُوا عَالِمِينَ بِعَيْشِهِمْ عَيْشَ الْأَزْوَاجِ وَكَثِيرٌ مِنْ الْمَشَايِخِ أَجَابُوا كَذَلِكَ فِي جِنْسِ هَذَا وَإِنْ كَانَ تَأْخِيرُهُمْ بِعُذْرٍ تُقْبَلُ مَاتَ عَنْ امْرَأَةٍ وَوَرَثَةٍ فَشَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّهُ كَانَ أَقَرَّ بِحُرْمَتِهَا حَالَ صِحَّتِهِ وَلَمْ يَشْهَدُوا بِذَلِكَ حَالَ حَيَاتِهِ لَا تُقْبَلُ إذَا كَانَتْ هَذِهِ الْمَرْأَةُ مَعَ هَذَا الرَّجُلِ وَسَكَتُوا؛ لِأَنَّهُمْ فَسَقُوا إلَى آخِرِ مَا فِيهَا.

الثَّانِي أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ الْقَاضِيَ يَقْبَلُ شَهَادَتَهُ فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَقْبَلُهَا لَا يَلْزَمُهُ. الثَّالِثُ أَنْ يَتَعَيَّنَ عَلَيْهِ الْأَدَاءُ فَإِنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ بِأَنْ كَانُوا جَمَاعَةً فَأَدَّى غَيْرُهُ مِمَّنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فَقُبِلَتْ لَمْ يَأْثَمْ بِخِلَافِ مَا إذَا أَدَّى غَيْرُهُ وَلَمْ تُقْبَلْ فَإِنَّ مَنْ لَمْ يُؤَدِّ مِمَّنْ يُقْبَلُ يَأْثَمُ بِامْتِنَاعِهِ وَهَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ شَهَادَتُهُ أَسْرَعَ قَبُولًا مِنْ غَيْرِهِ فَإِنْ كَانَتْ أَسْرَعَ وَجَبَ الْأَدَاءُ وَإِنْ كَانَ هُنَاكَ مَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. الرَّابِعُ أَنْ لَا يُخْبِرَ عَدْلَانِ بِبُطْلَانِ الْمَشْهُودِ بِهِ فَلَوْ شَهِدَ عِنْدَ الشَّاهِدِ عَدْلَانِ أَنَّ الْمُدَّعِيَ قَبَضَ دَيْنَهُ أَوْ أَنَّ الزَّوْجَ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا أَوْ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ أَعْتَقَ الْعَبْدَ أَوْ أَنَّ الْوَلِيَّ عَفَا عَنْ الْقَاتِلِ لَا يَسَعُهُ أَنْ يَشْهَدَ بِالدَّيْنِ وَالنِّكَاحِ وَالْبَيْعِ وَالْقَتْلِ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُخْبِرُ عُدُولًا فَالْخِيَارُ لِلشُّهُودِ إنْ شَاءُوا شَهِدُوا بِالدَّيْنِ وَأَخْبَرُوا الْقَاضِيَ بِخَبَرِ الْقَضَاءِ وَإِنْ شَاءُوا امْتَنَعُوا عَنْ الشَّهَادَةِ.

كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَإِنْ كَانَ الْمُخْبِرُ وَاحِدًا عَدْلًا لَا يَسَعُهُ تَرْكُ الشَّهَادَةِ بِهِ وَكَذَا لَوْ قَالَا عَايَنَّا إرْضَاعَهُمَا مِنْ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ وَكَذَا لَوْ عَايَنَا وَاحِدًا يَتَصَرَّفُ فِي شَيْءٍ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ وَشَهِدَ عَدْلَانِ عِنْدَهُ أَنَّ هَذَا الشَّيْءَ لِفُلَانٍ آخَرَ لَا يَشْهَدَانِ أَنَّهُ لِلْمُتَصَرِّفِ بِخِلَافِ إخْبَارِ الْوَاحِدِ الْعَدْلِ وَلَوْ أَخْبَرَهُ عَدْلَانِ أَنَّهُ بَاعَهُ مِنْ ذِي الْيَدِ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ بِمَا عَلِمَ وَلَا يَلْتَفِتُ إلَى قَوْلِهِمَا كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ أَيْضًا وَفِيهَا فِي الشَّهَادَةِ بِالتَّسَامُعِ إذَا شَهِدَ عِنْدَك عَدْلَانِ بِخِلَافِ مَا سَمِعْته مِمَّنْ وَقَعَ فِي قَلْبِك صِدْقُهُ لَمْ يَسَعْ لَك الشَّهَادَةُ إلَّا إذَا عَلِمْت يَقِينًا أَنَّهُمَا كَاذِبَانِ وَإِنْ شَهِدَ عِنْدَك عَدْلٌ بِخِلَافِ مَا وَقَعَ فِي قَلْبِك مِنْ سَمَاعِ الْخَبَرِ لَك أَنْ تَشْهَدَ بِالْأَوَّلِ إلَّا أَنْ يَقَعَ فِي قَلْبِك صِدْقُ الْوَاحِدِ فِي الْأَمْرِ الثَّانِي اهـ.

وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الِاسْتِثْنَاءَانِ فِي كُلِّ شَهَادَةٍ كَمَا لَا يَخْفَى. الْخَامِسُ أَنْ يَكُونَ الْقَاضِي الَّذِي طَلَبَ الشَّاهِدَ لِلْأَدَاءِ عِنْدَهُ عَدْلًا لِمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَأَجَابَ خَلَفُ بْنُ أَيُّوبَ فِيمَنْ لَهُ شَهَادَةٌ فَرُفِعَتْ إلَى قَاضِي غَيْرِ عَدْلٍ لَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ الْأَدَاءِ حَتَّى يَشْهَدَ عِنْدَ قَاضٍ عَدْلٍ اهـ.

وَجَزَمَ بِهِ فِي السِّرَاجِيَّةِ مُعَلَّلًا بِأَنَّهُ رُبَّمَا لَا يُقْبَلُ وَيُجْرَحُ اهـ.

فَعَلَى هَذَا لَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ يَقْبَلُهُ لِشُهْرَتِهِ مَثَلًا يَنْبَغِي أَنْ يَتَعَيَّنَ عَلَيْهِ الْأَدَاءُ وَكَذَا الْمُعَدِّلُ لَوْ سَأَلَ عَنْ الشَّاهِدِ فَأُخْبِرَ بِأَنَّهُ غَيْرُ عَدْلٍ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُعَدِّلَهُ عِنْدَهُ وَهِيَ فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ لِلْخَصَّافِ.

السَّادِسُ أَنْ لَا يَقِفَ الشَّاهِدُ عَلَى أَنَّ الْمُقِرَّ أَقَرَّ خَوْفًا فَإِنْ عَلِمَ بِذَلِكَ لَا يَشْهَدُ فَإِنْ قَالَ الْمُقِرُّ أَقْرَرْت خَوْفًا وَكَانَ الْمُقَرُّ لَهُ سُلْطَانًا فَإِنْ كَانَ فِي يَدِ عَوْنٍ مِنْ أَعْوَانِ السُّلْطَانِ وَلَمْ يَعْلَمْ الشَّاهِدُ بِخَوْفِهِ شَهِدَ عِنْدَ الْقَاضِي وَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ كَانَ فِي يَدِ عَوْنٍ مِنْ أَعْوَانِ السُّلْطَانِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ. السَّابِعُ أَنْ يَكُونَ مَوْضِعُ الشَّاهِدِ قَرِيبًا مِنْ مَوْضِعِ الْقَاضِي فَإِنْ كَانَ بَعِيدًا بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَغْدُوَ إلَى الْقَاضِي لِأَدَاءِ الشَّهَادَةِ وَيَرْجِعَ إلَى أَهْلِهِ فِي يَوْمِهِ ذَلِكَ قَالُوا لَا يَأْثَمُ؛ لِأَنَّهُ يَلْحَقُهُ الضَّرَرُ بِذَلِكَ وَقَالَ تَعَالَى {وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ} [البقرة: 282] ثُمَّ إنْ كَانَ الشَّاهِدُ شَيْخًا كَبِيرًا لَا يَقْدِرُ عَلَى الْمَشْيِ إلَى مَجْلِسِ الْحَاكِمِ وَلَيْسَ لَهُ شَيْءٌ لِلرُّكُوبِ فَأَرْكَبَهُ الْمُدَّعِي مِنْ عِنْدِهِ قَالُوا لَا بَأْسَ بِهِ وَتُقْبَلُ بِهِ شَهَادَتُهُ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْإِكْرَامِ لِلشُّهُودِ وَفِي الْحَدِيثِ «أَكْرِمُوا الشُّهُودَ» وَإِنْ كَانَ يَقْدِرُ وَأَرْكَبَهُ الْمُدَّعِي مِنْ عِنْدِهِ قَالُوا لَا تُقْبَلُ كَذَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَفِي الْقُنْيَةِ الشُّهُودُ فِي الرُّسْتَاقِ وَاحْتِيجَ إلَى أَدَاءِ شَهَادَتِهِمْ هَلْ يَلْزَمُهُمْ كِرَاءُ الدَّابَّةِ قَالَ لَا رِوَايَةَ فِيهِ وَلَكِنِّي سَمِعْت مِنْ الْمَشَايِخِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُمْ اهـ.

وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَوْ وَضَعَ لِلشُّهُودِ طَعَامًا فَأَكَلُوا إنْ كَانَ مُهَيَّأً مِنْ قَبْلِ ذَلِكَ تُقْبَلُ وَإِنْ صَنَعَهُ لِأَجْلِهِمْ لَا تُقْبَلُ وَعَنْ مُحَمَّدٍ لَا تُقْبَلُ فِيهِمَا وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ تُقْبَلُ فِيهِمَا لِلْعَادَةِ الْجَارِيَةِ بِإِطْعَامِ مَنْ حَلَّ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَتْ أَسْرَعَ وَجَبَ الْأَدَاءُ إلَخْ) فِيهِ تَأَمُّلٌ مَقْدِسِيٌّ وَكَأَنَّهُ لِعَدَمِ ظُهُورِ وَجْهِ الْوُجُوبِ حَيْثُ كَانَ هُنَاكَ مَنْ يَقُومُ بِهِ الْحَقُّ حَمَوِيٌّ كَذَا نَقَلَهُ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ وَلَكِنَّهُ بَحَثَهُ فِي مُقَابَلَةِ الْمَنْقُولِ فَقَدْ ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ عَنْ الْخَانِيَّةِ (قَوْلُهُ السَّادِسُ أَنْ لَا يَقِفَ الشَّاهِدُ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ قَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ وَكَذَا إذَا خَافَ الشَّاهِدُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ سُلْطَانٍ جَائِرٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ لَمْ يَتَذَكَّرْ الشَّهَادَةَ عَلَى وَجْهِهَا وَسِعَهُ الِامْتِنَاعُ اهـ.

ص: 58

مَحَلَّ الْإِنْسَانِ مِمَّنْ يَعِزُّ عَلَيْهِ شَاهِدًا أَوْ لَا وَيُؤْنِسُهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْإِهْدَاءَ إذَا كَانَ بِلَا شَرْطٍ لِيَقْضِيَ حَاجَتَهُ عِنْدَ الْأَمِيرِ تَجُوزُ كَذَا قِيلَ وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْأَدَاءَ فَرْضٌ بِخِلَافِ الذَّهَابِ إلَى الْأَمِيرِ اهـ.

وَجَزَمَ فِي الْمُلْتَقَطِ بِالْقَبُولِ مُطْلَقًا وَفِي شَرْحِ مَنْظُومَةِ ابْنِ وَهْبَانَ لِلْمُصَنِّفِ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَأَشَارَ الْمُؤَلِّفُ رحمه الله إلَى أَنَّ الشَّاهِدَ إذَا لَزِمَهُ الْأَدَاءُ بِالشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ فَلَمْ يُؤَدِّ بِلَا عُذْرٍ ظَاهِرٍ ثُمَّ أَدَّى فَإِنَّهَا لَا تُقْبَلُ ذَكَرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ لِتَمَكُّنِ التُّهْمَةِ فِيهِ إذْ يُمْكِنُ أَنَّ تَأْخِيرَهُ لِعُذْرٍ وَيُمْكِنُ أَنَّهُ لِاسْتِجْلَابِ الْأُجْرَةِ وَتَعَقَّبَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بِقَوْلِهِ وَالْوَجْهُ الْقَبُولُ وَيُحْمَلُ عَلَى الْعُذْرِ مِنْ نِسْيَانٍ ثُمَّ تَذَكُّرٍ أَوْ غَيْرِهِ اهـ.

وَإِلَى أَنَّ التَّحَمُّلَ كَالْأَدَاءِ فَيَلْزَمُ عِنْدَ خَوْفِ الضَّيَاعِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ لَا بَأْسَ لِلرَّجُلِ أَنْ يَتَحَرَّزَ عَنْ قَبُولِ الشَّهَادَةِ وَتَحَمُّلِهَا، طُلِبَ مِنْهُ أَنْ يَكْتُبَ شَهَادَتَهُ أَوْ يَشْهَدَ عَلَى عَقْدٍ أَوْ طُلِبَ مِنْهُ الْأَدَاءُ إنْ كَانَ يَجِدُ غَيْرَهُ فَلَهُ الِامْتِنَاعُ وَإِلَّا لَا اهـ.

وَفِي الْمُلْتَقَطِ الْإِشْهَادُ عَلَى الْمُدَايَنَاتِ وَالْبُيُوعِ فَرْضٌ كَذَا رَوَاهُ نَصِيرٌ اهـ.

وَذَكَرَ الْإِمَامُ الرَّازِيّ فِي أَحْكَامِ الْقُرْآنِ أَنَّ الْإِشْهَادَ عَلَى الْمُبَايَعَاتِ وَالْمُدَايَنَاتِ مَنْدُوبٌ إلَّا النَّزْرَ الْيَسِيرَ كَالْخُبْزِ وَالْمَاءِ وَالْبَقْلِ وَأَطْلَقَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ السَّلَفِ حَتَّى فِي الْبَقْلِ

(قَوْلُهُ وَسَتْرُهَا فِي الْحُدُودِ أَحَبُّ) لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام لِلَّذِي شَهِدَ عِنْدَهُ «لَوْ سَتَرْتَهُ بِثَوْبِكَ لَكَانَ خَيْرًا لَكَ» وَالْمُخَاطَبُ هَزَّالٌ وَالضَّمِيرُ فِي سَتَرْته لِمَاعِزٍ رضي الله عنه وَتَعَقَّبَ الِاسْتِدْلَالَ بِذَلِكَ فَإِنَّ مَاعِزًا أَقَرَّ بِالزِّنَا وَلَمْ يَشْهَدْ عَلَيْهِ أَحَدٌ وَإِنَّمَا هَزَّالٌ أَشَارَ عَلَيْهِ بِالْإِقْرَارِ فَلَمَّا قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِهَزَّالٍ ذَلِكَ قَالَ لَمْ أَدْرِ أَنَّ فِي الْأَمْرِ سَعَةً وَلِلْحَدِيثِ «مَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ» وَفِيمَا نُقِلَ مِنْ تَلْقِينِ الدَّرْءِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - دَلَالَةٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى أَفْضَلِيَّةِ السَّتْرِ وَأَفَادَ بِقَوْلِهِ: أَحَبُّ أَنَّ عَدَمَهُ جَائِزٌ إقَامَةً لِلْحِسِّيَّةِ لِمَا فِيهِ مِنْ إزَالَةِ الْفَسَادِ أَوْ تَقْلِيلِهِ فَكَانَ حَسَنًا وَلَا يُعَارِضُهُ قَوْله تَعَالَى {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا} [النور: 19] الْآيَةَ لِأَنَّ ظَاهِرَهَا أَنَّهُمْ يُحِبُّونَ ذَلِكَ لِأَجْلِ إيمَانِهِمْ وَذَلِكَ صِفَةُ الْكَافِرِ وَلِأَنَّ مَقْصُودَ الشَّاهِدِ ارْتِفَاعُهَا لَا إشَاعَتُهَا وَكَذَا لَا يُعَارِضُ أَفْضَلِيَّةَ السَّتْرِ آيَةُ النَّهْيِ عَنْ كِتْمَانِهَا لِأَنَّهَا مِنْ حُقُوقِ الْعِبَادِ بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى {وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} [البقرة: 282] إذْ الْحُدُودُ لَا مُدَّعِيَ فِيهَا وَرُدَّ قَوْلُ مَنْ قَالَ إنَّهَا فِي الدُّيُونِ بِأَنَّ الْعِبْرَةَ لِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا لِخُصُوصِ السَّبَبِ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّازِيّ أَوْ لِأَنَّهُ عَامٌّ مَخْصُوصٌ بِأَحَادِيثِ السَّتْرِ وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.

فَإِنْ قُلْتُ: كَيْفَ صَحَّ لَك الْقَوْلُ بِتَخْصِيصِ عَامِّ الْكِتَابِ بِهَذِهِ وَهِيَ أَخْبَارُ آحَادٍ وَأَيْضًا شَرْطُ التَّخْصِيصِ عِنْدَكُمْ الْمُقَارَنَةُ وَمِنْ أَيْنَ ثَبَتَ لَك ذَلِكَ قُلْتُ: هَذِهِ الْأَخْبَارُ الْوَارِدَةُ فِي طَلَبِ السَّتْرِ بَلَغَتْ مَبْلَغًا لَا يَنْحَطُّ بِهَا عَنْ دَرَجَةِ الشُّهْرَةِ لِتَعَدُّدِ مُتُونِهَا مَعَ قَبُولِ الْأُمَّةِ لَهَا فَصَحَّ التَّخْصِيصُ بِهَا أَوْ هِيَ مُسْتَنَدُ الْإِجْمَاعِ عَلَى تَخْيِيرِ الشَّاهِدِ فِي الْحُدُودِ فَثُبُوتُ الْإِجْمَاعِ دَلِيلُ ثُبُوتِ الْمُخَصِّصِ.

وَأَمَّا الْمُقَارَنَةُ فَإِنَّمَا هِيَ شَرْطُ التَّخْصِيصِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَهَذَا التَّخْصِيصُ الَّذِي ادَّعَيْنَاهُ لَيْسَ بِذَلِكَ بَلْ هُوَ جَمْعٌ لِلْمُعَارَضَةِ عَلَى مَا كَتَبْنَاهُ فِي التَّعَارُضِ فِي كِتَابِ تَحْرِيرِ الْأُصُولِ مِنْ أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الْعَامِّ وَالْخَاصِّ إذَا تَعَارَضَا بِأَنْ يُحْمَلَ عَلَى تَخْصِيصِهِ بِهِ فَإِذَا وَجَبَ حَمْلُهُ عَلَى ذَلِكَ تَضَمَّنَ الْحُكْمُ مِنَّا بِأَنَّهُ كَانَ مُقَارِنًا أَوْ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مُخَصِّصَاتٍ أُوَلُ كَمَا إذَا رَجَّحْنَا فِي التَّعَارُضِ الْمُحَرَّمِ عَلَى الْمُبِيحِ وَثَبَتَ صِحَّتُهَا تَضَمَّنَ حُكْمُنَا بِأَنَّ الْمُبِيحَ كَانَ مُقَدَّمًا عَلَى الْمُحَرَّمِ فَنَسَخَ حُكْمُ الْوُجُوبِ تَرْجِيحَ الْمُحَرَّمِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ تَقَدُّمَهُ بِعِلْمِ تَارِيخِهِ وَكَثِيرًا مَا يَعْتَرِضُ بَعْضُ مُتَأَخِّرِي الشَّارِحِينَ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ الْمَوَاضِعِ الْمَحْكُومِ فِيهَا بِالتَّخْصِيصِ مِنْ أَصْحَابِنَا بِأَنَّ الْمُقَارَنَةَ غَيْرُ مَعْلُومَةٍ فَلَا يَثْبُتُ التَّخْصِيصُ وَمُرَادُهُمْ فِي تِلْكَ الْأَمَاكِنِ مَا ذَكَرْنَا هَذَا كُلُّهُ إذَا نَظَرْنَا إلَى مُجَرَّدِ إطْلَاقِ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَفِي شَرْحِ مَنْظُومَةِ ابْنِ وَهْبَانَ إلَخْ) أَقُولُ: قَالَ شَارِحُهَا الْعَلَّامَةُ عَبْدُ الْبَرِّ بْنُ الشِّحْنَةِ نَقْلًا عَنْ مُخْتَصَرِ الْمُحِيطِ لِلْخَبَّازِيِّ أَخْرَجَ الشُّهُودَ إلَى ضَيْعَةٍ اشْتَرَاهَا فَاسْتَأْجَرَ لَهُمْ دَوَابَّ لِيَرْكَبُوهَا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ قُوَّةُ الْمَشْيِ وَلَا طَاقَةُ الْكَرْيِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ وَإِلَّا فَلَا فَإِنْ أَكَلَ طَعَامًا لِلْمَشْهُودِ لَهُ لَا تُرَدُّ شَهَادَتُهُ وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ الْجَوَابُ فِي الرُّكُوبِ مَا قَالَ أَمَّا فِي الطَّعَامِ إنْ لَمْ يَكُنْ الْمَشْهُودُ لَهُ هَيَّأَ طَعَامَهُ لِلشَّاهِدِ بَلْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامٌ فَقَدَّمَهُ إلَيْهِمْ وَأَكَلُوهُ لَا تُرَدُّ شَهَادَتُهُمْ وَإِنْ هَيَّأَ لَهُمْ طَعَامًا فَأَكَلُوهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ هَذَا إذَا فَعَلَ ذَلِكَ لِأَدَاءِ الشَّهَادَةِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَكِنَّهُ جَمَعَ النَّاسَ لِلِاسْتِشْهَادِ وَهَيَّأَ لَهُمْ طَعَامًا أَوْ بَعَثَ لَهُمْ دَوَابَّ وَأَخْرَجَهُمْ مِنْ الْمِصْرِ فَرَكِبُوا وَأَكَلُوا طَعَامَهُ اخْتَلَفُوا فِيهِ قَالَ الثَّانِي فِي الرُّكُوبِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ وَتُقْبَلُ فِي أَكْلِ الطَّعَامِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا تُقْبَلُ فِيهِمَا وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ الثَّانِي لِجَرْيِ الْعَادَةِ بِهِ سِيَّمَا فِي الْأَنْكِحَةِ وَنَثْرِ السُّكَّرِ وَالدَّرَاهِمِ وَلَوْ كَانَ قَادِحًا فِي الشَّهَادَةِ لَمَا فَعَلُوهُ كَذَا فِي الْفَجْرِيَّةِ. اهـ.

(قَوْلُهُ وَتَعَقَّبَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بِقَوْلِهِ إلَخْ) قَالَ الْعَلَّامَةُ عَبْدُ الْبَرِّ بْنُ الشِّحْنَةِ وَعِنْدِي أَنَّ الْوَجْهَ كَمَا قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ سِيَّمَا وَقَدْ فَسَدَ الزَّمَانُ وَعَلِمَ مِنْ حَالِ الشُّهُودِ التَّوَقُّفَ وَهَذَا مُطْلَقٌ عَنْ مَسَائِلِ الْفُرُوجِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا مُطَّرِدٌ فِي كُلِّ حِرْفَةٍ لَا يَتَوَجَّهُ فِيهَا تَأْوِيلٌ (قَوْلُهُ وَفِي الْمُلْتَقَطِ الْإِشْهَادُ عَلَى الْمُدَايَنَاتِ وَالْبُيُوعِ فَرْضٌ) قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْمُحِيطِ وَذَكَرَ فِي فَتَاوَى أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ أَنَّ الْإِشْهَادَ عَلَى الْمُدَايَنَةِ وَالْبَيْعِ فَرْضٌ عَلَى الْعِبَادِ إلَّا إذَا كَانَ شَيْئًا حَقِيرًا لَا يَخَافُ عَلَيْهِ التَّلَفَ وَبَعْضُ الْمَشَايِخِ عَلَى أَنَّ الْإِشْهَادَ مَنْدُوبٌ وَلَيْسَ بِفَرْضٍ.

ص: 59