الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَهُ الشَّهَادَةُ وَقَدَّمْنَا حُكْمَ مَا إذَا تَحَمَّلَ شَهَادَةً ثُمَّ أَخْبَرَ بِمَا يَرْفَعُهَا مِنْ دَيْنٍ وَنِكَاحٍ وَقَتْلٍ أَوَّلَ الشَّهَادَاتِ وَقَدْ ذَكَرَهَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ هُنَا
[شَهِدَا بِقَرْضِ أَلْفٍ وَشَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قَضَاهُ]
(قَوْلُهُ وَلَوْ شَهِدَا بِقَرْضِ أَلْفٍ وَشَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قَضَاهُ جَازَتْ الشَّهَادَةُ عَلَى الْقَرْضِ) لِتَمَامِ الْحُجَّةِ فِي الْقَرْضِ وَعَدَمِهَا فِي الْقَضَاءِ وَإِنَّمَا ذَكَرَ هَذِهِ وَإِنْ عُلِمَ حُكْمُهَا مِمَّا قَبْلَهَا لِاخْتِلَافِ الْمَوْضُوعِ فَإِنَّهَا فِي الْقَرْضِ وَمَا قَبْلَهَا فِي مُطْلَقِ أَلْفٍ وَهِيَ فِي انْفِرَادِ أَحَدِهِمَا بِقَضَاءِ الْكُلِّ وَمَا قَبْلَهَا بِقَضَاءِ النِّصْفِ وَالْأُولَى مَسْأَلَةُ الْقُدُورِيِّ وَالثَّانِيَةُ مَسْأَلَةُ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى فَإِنَّهُ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ عَدَمُ الْقَبُولِ فِي الثَّانِيَةِ لِأَنَّهُ لَمَّا عَلِمَ بِالْقَضَاءِ انْتَفَتْ شَهَادَتُهُ أَصْلًا فَحِينَ شَهِدَ كَانَتْ بَاطِلَةً بِخِلَافِ قَضَاءِ الْبَعْضِ فَإِنَّهُ يَقُولُ: شَهِدْت لِبَقَاءِ الْخَمْسِمِائَةِ وَشَهِدْت بِالْأَلْفِ أَوَّلًا كَمَا تَحَمَّلْت فَكَانَ الْأَدَاءُ وَاجِبًا عَلَيَّ بِخِلَافِ مَا إذَا عَلِمَ بِقَضَاءِ الْكُلِّ فَإِنَّ الْأَدَاءَ لَمْ يَجِبْ أَصْلًا فَذَكَرَهَا لِدَفْعِ هَذِهِ الشُّبْهَةِ وَإِنَّمَا قُبِلَتْ لِأَنَّهُ صَادِقٌ فِيمَا أَخْبَرَ بِهِ مِنْ الْقَرْضِ مُتَقَدِّمًا وَلَا يَنْظُرُ الْقَاضِي إلَى اعْتِقَادِهِ إنَّمَا يَنْظُرُ إلَى أَدَاءِ شَهَادَتِهِ.
كَذَا فِي الْمِعْرَاجِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُؤَلِّفُ رحمه الله اخْتِلَافَ الشَّاهِدَيْنِ فِي الزَّمَانِ أَوْ الْمَكَانِ وَذَكَرَهُ فِي الْكَافِي فَقَالَ: وَإِذَا اخْتَلَفَ الشَّاهِدَانِ فِي الْمَكَانِ أَوْ الزَّمَانِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ وَالْوَكَالَةِ وَالْوَصِيَّةِ وَالرَّهْنِ وَالدَّيْنِ وَالْقَرْضِ وَالْبَرَاءَةِ وَالْكَفَالَةِ وَالْحَوَالَةِ وَالْقَذْفِ تُقْبَلُ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْجِنَايَةِ وَالْغَصْبِ وَالْقَتْلِ وَالنِّكَاحِ لَا تُقْبَلُ وَالْأَصْلُ أَنَّ الْمَشْهُودَ بِهِ إذَا كَانَ قَوْلًا كَالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ فَاخْتِلَافُ الشَّاهِدَيْنِ فِيهِ فِي الزَّمَانِ أَوْ الْمَكَانِ لَا يَمْنَعُ قَبُولَ الشَّهَادَةِ لِأَنَّ الْقَوْلَ مِمَّا يُعَادُ وَيُكَرَّرُ وَإِنْ كَانَ الْمَشْهُودُ بِهِ فِعْلًا كَالْغَصْبِ وَنَحْوِهِ أَوْ قَوْلًا لَكِنَّ الْفِعْلَ شَرْطُ صِحَّتِهِ كَالنِّكَاحِ فَإِنَّهُ قَوْلٌ وَحُضُورُ الشَّاهِدَيْنِ فِعْلٌ وَهُوَ شَرْطٌ فَاخْتِلَافُهُمَا فِي الزَّمَانِ أَوْ الْمَكَانِ يَمْنَعُ الْقَبُولَ لِأَنَّ الْفِعْلَ فِي زَمَانٍ أَوْ مَكَان غَيْرُ الْفِعْلِ فِي زَمَانٍ أَوْ مَكَان آخَرَ فَاخْتَلَفَ الْمَشْهُودُ بِهِ ثُمَّ قَالَ: أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ إذَا اخْتَلَفَ شَاهِدَا الْقَذْفِ فِي مَكَان أَوْ زَمَانٍ لَا تُقْبَلُ وَإِنْ كَانَ قَوْلًا لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إنْ كَانَ إنْشَاءً فَهُوَ غَيْرَانُ وَلَيْسَ عَلَى كُلِّ قَذْفٍ شَاهِدَانِ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا إنْشَاءً وَالْآخَرُ إخْبَارًا فَهُمَا لَا يَتَّفِقَانِ لِأَنَّ الْإِنْشَاءَ أَنْ يَقُولَ: زَنَيْت أَوْ أَنْتَ زَانٍ وَالْإِخْبَارُ أَنْ يَقُولَ: قَذَفْتُك بِالزِّنَا وَأَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ: يُحْتَمَلُ أَنَّهُ سَمِعَ أَحَدُهُمَا الْإِنْشَاءَ وَالْآخَرُ الْإِخْبَارَ فَيَثْبُتُ عِنْدَهُمَا قَذْفُهُ فَشَهِدَا بِهِ اهـ.
وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ الشَّهَادَةُ بِعَقْدٍ تَمَامُهُ بِالْفِعْلِ كَرَهْنٍ وَهِبَةٍ وَصَدَقَةٍ يُبْطِلُهَا الِاخْتِلَافُ فِي زَمَانٍ وَمَكَانٍ إلَّا عِنْدَ مُحَمَّدٍ. اهـ.
فَعُلِمَ بِهِ أَنَّ مَا فِي الْكَافِي مِنْ أَنَّ الرَّهْنَ وَالْهِبَةَ وَالصَّدَقَةَ مِنْ قَبِيلِ الْبَيْعِ وَنَحْوُهُ قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَقَوْلُ الشَّيْخَيْنِ بِخِلَافِهِ.
وَالْحَاصِلُ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ أَنَّ الِاخْتِلَافَ لَا يَخْلُو مِنْ وُجُوهٍ ثَلَاثَةٍ إمَّا فِي زَمَانٍ أَوْ مَكَان أَوْ إنْشَاءٍ أَوْ إقْرَارٍ وَكُلٌّ مِنْهَا لَا يَخْلُو مِنْ أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ: إمَّا فِي الْفِعْلِ أَوْ فِي الْقَوْلِ أَوْ فِي فِعْلٍ مُلْحَقٍ بِالْقَوْلِ أَوْ عَكْسِهِ أَمَّا الْفِعْلُ فَيَمْنَعُ قَبُولَ الشَّهَادَةِ فِي الْوُجُوهِ الثَّلَاثَةِ وَأَمَّا الْقَوْلُ الْمَحْضُ كَبَيْعٍ وَرَهْنٍ فَلَا يَمْنَعُ مُطْلَقًا وَأَمَّا الْفِعْلُ الْمُلْحَقُ بِالْقَوْلِ وَهُوَ الْقَرْضُ فَلَا يَمْنَعُ وَأَمَّا عَكْسُهُ كَنِكَاحٍ فَيَمْنَعُ اهـ.
وَهَذَا مُوَافِقٌ لِمَا فِي الْكَافِي وَفَصَّلَ قَاضِي خَانْ فِي فَتَاوِيهِ فِي الرَّهْنِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ بِأَنَّهُمْ إذَا شَهِدُوا عَلَى مُعَايَنَةِ الْقَبْضِ وَاخْتَلَفَا فِي الْأَيَّامِ وَالْبَلَدِ إنْ جَازَتْ شَهَادَتُهُمْ فِي قَوْلِهِمَا خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ وَإِنْ شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِ الرَّاهِنِ وَالْوَاهِبِ وَالْمُتَصَدِّقِ بِالْقَبْضِ جَازَتْ فِي قَوْلِهِمْ اهـ. وَفِي شَرْحِ ابْنِ وَهْبَانَ.
تَنْبِيهٌ الِاخْتِلَافُ فِي الْمَكَانِ يُوجِبُ الِاخْتِلَافَ فِي الزَّمَانِ وَلَا عَكْسَ لِجَوَازِ أَنْ يُشْهَدَ عَلَيْهِ فِي وَقْتَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فِي مَكَان وَاحِدٍ اهـ.
وَفِي الْخَانِيَّةِ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الثِّيَابِ الَّتِي كَانَتْ عَلَى الطَّالِبِ أَوْ الْمَطْلُوبِ أَوْ الْمَرْكَبِ أَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا: كَانَ مَعَنَا فُلَانٌ وَقَالَ الْآخَرُ: لَمْ يَكُنْ مَعَنَا ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ يَجُوزُ وَلَا تَبْطُلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ اهـ.
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ ظَاهِرَ إطْلَاقِهِمْ مِنْ أَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي الزَّمَانِ فِي الْأَقْوَالِ غَيْرُ مَانِعٍ شَامِلٌ لِمَا إذَا تَفَاحَشَ أَوْ لَا لِأَنَّهُمْ يُمَثِّلُونَهُ بِأَمْسٍ وَالْيَوْمِ وَهُوَ لَيْسَ بِمُتَفَاحِشٍ وَفِي الْقُنْيَةِ أَقَامَ شَاهِدَيْنِ عَلَى الصُّلْحِ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ وَالْحَاصِلُ إلَخْ) قَدْ أَوْضَحَ الْإِمَامُ الْوَلْوَالِجِيُّ فِي فَتَاوِيهِ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ الشَّهَادَاتِ هَذَا الْمَقَامَ بِمَا يُزِيحُ الْأَوْهَامَ وَلَكِنْ رَأَيْت فِي صَدْرِ عِبَارَتِهِ تَحْرِيفًا فِي النُّسْخَةِ الَّتِي عِنْدِي فَمَنَعَنِي عَنْ نَقْلِهِ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ وَأَمَّا الْقَوْلُ الْمَحْضُ كَبَيْعٍ وَرَهْنٍ فَلَا يُمْنَعُ مُطْلَقًا) قَالَ فِي نُورِ الْعَيْنِ فِي إصْلَاحِ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ يَقُولُ الْحَقِيرُ: عَدُّ الرَّهْنِ هُنَا مِنْ الْقَوْلِ الْمَحْضِ مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ قَبْلَ أَسْطُرٍ نَقْلًا عَنْ (فقظ) أَنَّهُ فِعْلٌ مُلْحَقٌ بِالْقَوْلِ إذْ قَالَ: هُوَ عَقْدٌ تَمَامُهُ بِالْفِعْلِ وَلَعَلَّهُ هُوَ الصَّوَابُ كَمَا لَا يَخْفَى ثُمَّ إنَّ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ نَقْلًا عَنْ (ص) أَنَّ الْقَوْلَ الْمَحْضَ كَبَيْعٍ وَطَلَاقٍ وَعَتَاقٍ وَإِقْرَارٍ وَإِبْرَاءٍ لَكِنْ فِي الْخُلَاصَةِ نَقْلًا عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ كَبَيْعٍ وَشِرَاءٍ وَطَلَاقٍ وَعَتَاقٍ وَوَكَالَةٍ وَكَفَالَةٍ وَحَوَالَةٍ وَوِصَايَةٍ وَإِبْرَاءٍ وَرَهْنٍ وَدَيْنٍ. اهـ.
(ضك) أَلْحَقَ الْقَرْضَ بِالْفِعْلِ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَقْرَضْتُك قَوْلٌ وَالتَّسْلِيمَ فِعْلٌ بَعْدَهُ يَتِمُّ بِهِ الْقَرْضُ فَأُلْحِقَ بِهِ حُكْمُهُ أَمَّا النِّكَاحُ فَقَوْلٌ مُلْحَقُ إحْضَارِ الشُّهُودِ إذْ لَا بُدَّ مِنْ الشُّهُودِ لِعَقْدِ النِّكَاحِ فَحُضُورُهُمْ فِعْلٌ يَقَعُ بَعْدَهُ النِّكَاحُ فَأُلْحِقَ بِفِعْلِ الْإِحْضَارِ بِلَا عَكْسٍ. اهـ.
(قَوْلُهُ لِأَنَّهُمْ يُمَثِّلُونَهُ بِأَمْسِ وَالْيَوْمِ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ النُّسْخَةَ إلَّا أَنَّهُمْ تَأَمَّلْ فَيَكُونُ اسْتِدْرَاكًا عَلَى الْإِطْلَاقِ وَقَوْلُهُ وَفِي الْقُنْيَةِ اسْتِدْرَاكٌ آخَرُ مُؤَيِّدٌ لِلِاسْتِدْرَاكِ الْأَوَّلِ.
فَأَلْجَأَهُمَا الْقَاضِي إلَى بَيَانِ التَّارِيخِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا: أَظُنُّ كَانَ مُنْذُ سَبْعَةَ أَشْهُرٍ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ وَقَالَ الْآخَرُ: أَظُنُّ مُنْذُ ثَلَاثِ سِنِينَ أَوْ أَزْيَدَ لَا تُقْبَلُ لِمَا اخْتَلَفَا هَذَا الِاخْتِلَافَ الْفَاحِشَ وَإِنْ كَانَ لَا يَحْتَاجَانِ إلَى بَيَانِ التَّارِيخِ اهـ.
وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ قُبَيْلَ بَابِ تَفْوِيضِ الطَّلَاقِ مَعْزِيًّا إلَى كَافِي الْحَاكِمِ لَوْ اخْتَلَفَا فِي الْوَقْتِ أَوْ الْمَكَانِ أَوْ الزَّمَانِ بِأَنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ طَلَّقَهَا يَوْمَ النَّحْرِ بِمَكَّةَ وَالْآخَرُ أَنَّهُ طَلَّقَهَا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ بِالْكُوفَةِ فَهِيَ بَاطِلَةٌ لِتَيَقُّنِ كَذِبِ أَحَدِهِمَا وَلَوْ شَهِدَا بِذَلِكَ فِي يَوْمَيْنِ مُتَفَرِّقَيْنِ بَيْنَهُمَا فِي الْأَيَّامِ قَدْرُ مَا يَسِيرُ الرَّاكِبُ مِنْ الْكُوفَةِ إلَى مَكَّةَ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا وَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ أَنَّهُ طَلَّقَ عَمْرَةَ يَوْمَ النَّحْرِ بِالْكُوفَةِ وَالْآخَرُ أَنَّهُ طَلَّقَ زَيْنَبَ يَوْمَ النَّحْرِ بِمَكَّةَ فَشَهَادَتُهُمَا بَاطِلَةٌ وَلَوْ جَاءَتْ إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ فَقُضِيَ بِهَا ثُمَّ جَاءَتْ الْأُخْرَى لَمْ يُلْتَفَتْ إلَيْهَا اهـ.
وَهَذَا أَيْضًا مُقَيِّدٌ لِقَوْلِهِمْ إنَّ الِاخْتِلَافَ فِي الزَّمَانِ لَا يَضُرُّ فِي الْأَقْوَالِ فَيُقَالُ: إلَّا إذَا ذَكَرَا مَكَانَيْنِ مُتَبَاعِدَيْنِ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ شَهِدَا أَنَّهُ قَتَلَ زَيْدًا يَوْمَ النَّحْرِ بِمَكَّةَ وَآخَرَانِ أَنَّهُ قَتَلَهُ بِمِصْرَ رُدَّتَا) أَيْ لَمْ تُقْبَلْ الشَّهَادَتَانِ لِأَنَّ إحْدَاهُمَا كَاذِبَةٌ وَلَيْسَتْ إحْدَاهُمَا بِأَوْلَى مِنْ الْأُخْرَى وَأَشَارَ إلَى أَنَّهُمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي الزَّمَانِ أَوْ الْآلَةِ الَّتِي وَقَعَ الْقَتْلُ بِهَا لَمْ تُقْبَلْ لِمَا بَيَّنَّا وَذَكَرَ فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَفَائِدَةُ ذَلِكَ إذَا قَالَ: إنْ لَمْ أَحُجَّ الْعَامَ فَعَبْدِي حُرٌّ فَأَقَامَ الْعَبْدُ شَاهِدَيْنِ أَنَّهُ قُتِلَ يَوْمَ النَّحْرِ بِالْكُوفَةِ فَأَقَامَ الْوَرَثَةُ أَنَّهُ قُتِلَ بِمَكَّةَ اهـ.
وَقَيَّدَ بِكَوْنِ الْمَشْهُودِ بِهِ الْقَتْلُ لِأَنَّهُمْ لَوْ شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِ الْقَاتِلِ بِذَلِكَ فِي وَقْتَيْنِ أَوْ مَكَانَيْنِ تُقْبَلُ لِأَنَّهُ قَوْلٌ يُعَادُ وَيُكَرَّرُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَقَدْ ذَكَرَ فِي الْقُنْيَةِ مِنْ بَابِ الْبَيِّنَتَيْنِ الْمُتَضَادَّتَيْنِ وَتَرْجِيحِ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فُرُوعًا حَسَنَةً مُحْتَاجًا إلَيْهَا فَنَذْكُرُهَا عَلَى وَجْهِ الِاقْتِصَارِ فِي مَسَائِلَ الْأُولَى بَرْهَنَ أَوْلِيَاءُ الْمَجْرُوحِ أَنَّهُ مَاتَ بِسَبَبِ الْجُرْحِ وَبَرْهَنَ الْجَارِحُ أَنَّهُ بَرِئَ وَمَاتَ بَعْدَ عَشَرَةِ أَيَّامٍ فَبَيِّنَةُ الْمَقْتُولِ أَوْلَى الثَّانِيَةُ وَلَوْ تَعَارَضَتْ بَيِّنَتَا الْغَبْنِ وَمِثْلِ الْقِيمَةِ فِي مَبِيعِ الْوَصِيِّ مَالَ الصَّبِيِّ فَبَيِّنَةُ الْغَبْنِ أَوْلَى الثَّالِثَةُ بَرْهَنَتْ الْأَمَةُ عَلَى أَنَّهُ دَبَّرَهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَهُوَ عَاقِلٌ وَبَرْهَنَتْ الْوَرَثَةُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ مَخْلُوطَ الْعَقْلِ فَبَيِّنَةُ الْأَمَةِ أَوْلَى وَكَذَا فِي الْخُلْعِ الرَّابِعَةُ تَعَارَضَتْ بَيِّنَتَا الْغَبْنِ وَمِثْلِ الْقِيمَةِ فِي بَيْعِ الْأَبِ مَالَ وَلَدِهِ وَالتَّنَازُعِ بَيْنَ الْمُشْتَرِي وَالِابْنِ بَعْدَ بُلُوغِهِ فَفِيهِ قَوْلَانِ الْخَامِسَةُ تَعَارَضَتْ بَيِّنَتَانِ أَنَّهُ بَاعَ وَهُوَ بَالِغٌ أَوْ فِي صِغَرِهِ فَبَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي أَوْلَى لِإِثْبَاتِهَا الْعَارِضَ.
السَّادِسَةُ تَعَارَضَتْ بَيِّنَتَا إبْرَاءِ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا فِي صِحَّتِهَا أَوْ مَرَضِهَا قَوْلَانِ السَّابِعَةُ تَعَارَضَتْ بَيِّنَتَا الْإِقْرَارِ لِلْوَارِثِ فِي صِحَّةِ الْمُقِرِّ أَوْ فِي مَرَضِهِ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُقَرِّ لَهُ وَالْقَوْلُ لِلْوَرَثَةِ عِنْدَ عَدَمِهَا وَلَهُ اسْتِحْلَافُهُمْ الثَّامِنَةُ تَعَارَضَتْ بَيِّنَتَا الْإِكْرَاهِ وَالطَّوْعِ فِي الْإِجَازَةِ فَبَيِّنَةُ الطَّوَاعِيَةِ أَوْلَى وَإِنْ قُضِيَ بِبَيِّنَةِ الْإِكْرَاهِ فِي الْإِجَازَةِ نَفَذَ التَّاسِعَةُ تَعَارَضَتْ بَيِّنَتَا الْبَيْعِ صَحِيحًا أَوْ مُكْرَهًا فَقَوْلَانِ الْعَاشِرَةُ تَعَارَضَتْ بَيِّنَتَا الْبَيْعِ بَاتًّا وَوَفَاءً فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ مُدَّعِي الْوَفَاءِ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ تَعَارَضَتْ بَيِّنَتَا الْكُرْهِ وَالطَّوْعِ فِي الْبَيْعِ وَالصُّلْحِ وَالْإِكْرَاهِ فَبَيِّنَةُ الْكُرْهِ أَوْلَى الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ تَعَارَضَتْ بَيِّنَتَا كَوْنِ زَوْجَةِ الْمَيِّتِ حَرَامًا قَبْلَ مَوْتِهِ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ حَلَالًا وَقْتَ الْمَوْتِ فَبَيِّنَةُ الْمَرْأَةِ أَوْلَى لَهُ كَنِيفٌ فِي طَرِيقِ الْعَامَّةِ فَزَعَمَ غَيْرُهُ أَنَّهُ مُحْدَثٌ وَزَعَمَ صَاحِبُهُ أَنَّهُ قَدِيمٌ وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ مَنْ يَدَّعِي أَنَّهُ مُحْدَثٌ.
وَقِيلَ: الْقَوْلُ لِلْمُدَّعِي لِكَوْنِهِ مُتَمَسِّكًا بِالْأَصْلِ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ تَعَارَضَتْ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ عَلَى الْوَقْفِ عَلَيْهِ مُطْلَقًا مَعَ بَيِّنَةِ ذِي الْيَدِ أَنَّ بَائِعِي اشْتَرَاهَا مِنْ الْوَاقِفِ وَأَرَّخَ فَبَيِّنَةُ الْوَقْفِ أَوْلَى وَقِيلَ: إلَّا إذَا سَبَقَ تَارِيخُ ذِي الْيَدِ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ تَعَارَضَتْ بَيِّنَتَا صِحَّةِ الْوَقْفِ وَفَسَادِهِ فَإِنْ كَانَ الْفَسَادُ لِشَرْطٍ فِي الْوَقْفِ مُفْسِدٍ فَبَيِّنَةُ الْفَسَادِ أَوْلَى وَإِنْ كَانَ لِمَعْنًى فِي الْمَحِلِّ وَغَيْرِهِ فَبَيِّنَةُ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ فَبَيِّنَةُ الْمَقْتُولِ أَوْلَى) مُوَافِقٌ لِمَا فِي الْقُنْيَةِ مِنْ بَابِ الْبَيِّنَتَيْنِ الْمُتَضَادَّتَيْنِ لَكِنْ فِي آخِرِ كِتَابِ الدَّعْوَى مِنْ الْخُلَاصَةِ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ هَذَا عَلَى الصِّحَّةِ وَالْآخَرُ عَلَى الْمَوْتِ بِالضَّرْبِ فَبَيِّنَةُ الصِّحَّةِ أَوْلَى وَكَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَمُشْتَمِلِ الْأَحْكَامِ وَبِهِ أَفْتَى الْمَوْلَى أَبُو السُّعُودِ اهـ. مُلَخَّصًا.
مِنْ تَعَارُضِ الْبَيِّنَاتِ لِلشَّيْخِ غَانِمٍ الْبَغْدَادِيِّ وَفِي الْفَتَاوَى الْحَامِدِيَّةِ مَعْزِيًّا إلَى بَعْضِ الْفَتَاوَى بَيِّنَةُ الْيَسَارِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْإِعْسَارِ بَيِّنَةُ الْمَوْتِ مِنْ الْجُرْحِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْمَوْتِ بَعْدَ الْبُرْءِ بَيِّنَةُ مُدَّعِي الْهِبَةِ فِي الصِّحَّةِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْهِبَةِ فِي الْمَرَضِ بَيِّنَةُ مُدَّعِي الطَّوَاعِيَةِ أَوْلَى مِنْ مُدَّعِي الْكَرَاهِيَةِ لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ خِلَافُهُ بَيِّنَةُ الصِّحَّةِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْفَسَادِ فِي الشِّرَاءِ بَيِّنَةُ مُدَّعِي الْمَهْرِ أَوْلَى مِنْ مُدَّعِي الْهَدِيَّةِ بَيِّنَةُ الْعَقْلِ أَوْلَى مِنْ كَوْنِهِ مَجْنُونًا وَقْتَ الْخُلْعِ بَيِّنَةُ الشَّفِيعِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْمُشْتَرِي بَيِّنَةُ كَوْنِ الْمُتَصَرِّفِ عَاقِلًا أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ كَوْنِهِ مَجْنُونًا بَيِّنَةُ الْخَارِجِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ ذِي الْيَدِ فِي دَعْوَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ بَيِّنَةُ الْوَفَاءِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْبَتَاتِ بَيِّنَةُ الْإِكْرَاهِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الطَّوْعِ بَيِّنَةُ الْهِبَةِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْعَارِيَّةِ بَيِّنَةُ الصِّحَّةِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْمَوْتِ بَيِّنَةُ الْإِبْرَاءِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْإِقْرَارِ بَيِّنَةُ الْبَيْعِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الرَّهْنِ بَيِّنَةُ الْقَرْضِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْمُضَارَبَةِ بَيِّنَةُ الْمِلْكِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْغَصْبِ بَيِّنَةُ الْحُدُوثِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْقِدَمِ بَيِّنَةُ الرَّهْنِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْهِبَةِ بَيِّنَةُ التَّمْلِيكِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْعَارِيَّةِ بَيِّنَةُ الصِّحَّةِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْمَرَضِ بَيِّنَةُ الْفَاسِدِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الصِّحَّةِ بَيِّنَةُ الْبَيْعِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْهِبَةِ بَيِّنَةُ الْبِنَاءِ الْقَدِيمِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْبِنَاءِ الْحَادِثِ وَتَمَامُهُ فَلْيُرَاجَعْ كَذَا فِي حَاشِيَةِ الدُّرِّ الْمُخْتَارِ لِلشَّيْخِ خَلِيلٍ الْفَتَّالِ.
الصِّحَّةِ أَوْلَى وَعَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ إذَا اخْتَلَفَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ وَفَسَادِهِ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ تَعَارَضَتْ بَيِّنَتَا الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ مِنْ الْخَارِجِ وَالشِّرَاءِ مِنْ آخَرَ مِنْ ذِي الْيَدِ فَبَيِّنَةُ مُدَّعِي الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ أَوْلَى السَّادِسَةَ عَشْرَةَ تَعَارَضَتْ بَيِّنَتَا الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ فِي قِيمَةِ الرَّهْنِ فَبَيِّنَةُ الرَّاهِنِ أَوْلَى السَّابِعَةَ عَشْرَةَ تَعَارَضَتْ بَيِّنَتَا وُجُودِ الشَّرْطِ وَعَدَمِهِ فَبَيِّنَةُ الْمَرْأَةِ أَوْلَى الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ تَعَارَضَتْ بَيِّنَتَا بَيْعِ الْوَصِيِّ بَعْدَ عَزْلِهِ أَوْ قَبْلَهُ فَبَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي أَوْلَى لِمَا فِيهَا مِنْ زِيَادَةِ إثْبَاتِ نَفَاذِ الشِّرَاءِ أَوْ سَبْقِ التَّارِيخِ وَقِيلَ: بَيِّنَةُ الْعَزْلِ أَوْلَى وَكَذَا الطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ مِنْ الْوَكِيلِ التَّاسِعَةَ عَشْرَةَ تَعَارَضَتْ بَيِّنَتَانِ فِي حِمَارٍ وَقَالَ الْمُدَّعِي: إنَّهُ مِلْكِي غَابَ عَنِّي مُنْذُ ثَمَانِيَةِ أَشْهُرٍ وَقَالَ ذُو الْيَدِ: اشْتَرَيْتُهُ مُنْذُ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَبَيِّنَةُ الْمُدَّعِي أَوْلَى الْعِشْرُونَ ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ الْبَرَاءَةَ مِنْ الْمَهْرِ بِشَرْطٍ وَادَّعَاهَا زَوْجُهَا مُطْلَقَةً وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَبَيِّنَةُ الْمَرْأَةِ أَوْلَى إنْ كَانَ الشَّرْطُ مُتَعَارَفًا يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ مَعَهُ.
وَقِيلَ: بَيِّنَةُ الزَّوْجِ أَوْلَى الْحَادِيَةُ وَالْعِشْرُونَ أَقَامَ أَحَدُ الْأَخَوَيْنِ بَيِّنَةً أَنَّ الدَّارَ الَّتِي فِي أَيْدِينَا كَانَتْ لِأُمِّي تَرَكَتْهَا مِيرَاثًا بَيْنِي وَبَيْنَ أَبِي وَأَقَامَ الْآخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهَا كَانَتْ لِأَبِينَا فَتَرَكَهَا مِيرَاثًا لَنَا فَبَيِّنَةُ الْأَوَّلِ أَوْلَى لِإِثْبَاتِهِ الزِّيَادَةَ الثَّانِيَةُ وَالْعِشْرُونَ أَقَامَتْ الْمَرْأَةُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمَهْرِ عَلَى أَنَّ زَوْجَهَا كَانَ مُقِرًّا بِذَلِكَ إلَى يَوْمِنَا هَذَا وَأَقَامَ الزَّوْجُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا أَبْرَأَتْهُ مِنْ هَذَا الْمَهْرِ الَّذِي تَدَّعِي فَبَيِّنَةُ الْبَرَاءَةِ أَوْلَى وَكَذَا فِي الدَّيْنِ لِأَنَّ بَيِّنَةَ مُدَّعِي الدَّيْنِ بَطَلَتْ بِإِقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَمَّا ادَّعَى الْبَرَاءَةَ وَلَمْ تَبْطُلْ بَيِّنَةُ الْبَرَاءَةِ وَهَذَا كَشُهُودِ الْبَيْعِ وَالْإِقَالَةِ فَإِنَّ بَيِّنَةَ الْإِقَالَةِ أَوْلَى لِبُطْلَانِ بَيِّنَةِ الْبَيْعِ بِإِقْرَارِ مُدَّعِي الْإِقَالَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَحْفَظَ هَذَا الْأَصْلُ فَإِنَّهُ يُخَرَّجُ بِهِ كَثِيرٌ مِنْ الْوَاقِعَاتِ الثَّالِثَةُ وَالْعِشْرُونَ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ سِتَّةَ دَنَانِيرَ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: إنَّهُ أَبْرَأَنِي عَنْ هَذِهِ الدَّعْوَى فَأَقَامَ بَيِّنَةً وَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً أَنَّهُ كَانَ أَقَرَّ لَهُ بِسِتَّةِ دَنَانِيرَ قِيلَ: تَصِحُّ دَعْوَى الْإِقْرَارِ ثَانِيًا وَقِيلَ: لَا تَصِحُّ وَقِيلَ: إنْ ذَكَرَ الْخَصْمُ الْقَبُولَ أَوْ التَّصْدِيقَ فِي الْإِبْرَاءِ لَا يَصِحُّ وَإِلَّا يَصِحُّ الرَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ تَعَارَضَتْ بَيِّنَةُ الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ فِي الشِّرَاءِ فَفِيهِ قَوْلَانِ الْخَامِسَةُ وَالْعِشْرُونَ تَعَارَضَتْ بَيِّنَتَا الْإِجَازَةِ وَالرَّدِّ فِي بَيْعِ الْفُصُولَيْنِ فَبَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي أَوْلَى السَّادِسَةُ وَالْعِشْرُونَ تَعَارَضَتْ بَيِّنَتَا السُّكُوتِ وَالرَّدِّ فِي نِكَاحِ الْبِكْرِ فَبَيِّنَتُهَا أَوْلَى بِخِلَافِ مَا إذَا بَرْهَنَ عَلَى إجَازَتِهَا وَهِيَ عَلَى رَدِّهَا فَبَيِّنَتُهُ أَوْلَى السَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ تَعَارَضَتْ بَيِّنَتَا الْبَيْعِ وَالْوَقْفِ عَلَيْهِ مُسَجَّلًا فَبَيِّنَةُ مُدَّعِي الْبَيْعِ أَوْلَى إلَّا إذَا عَيَّنَ الْوَاقِفُ فَبَيِّنَةُ الْوَقْفِ أَوْلَى لِأَنَّهُ يَصِيرُ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّعْيِينِ كَبَيِّنَةِ الْمِلْكِ مَعَ بَيِّنَةِ الْعِتْقِ اهـ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ قُضِيَ بِإِحْدَاهُمَا أَوَّلًا بَطَلَتْ الْأُخْرَى) لِأَنَّ الْأُولَى تَرَجَّحَتْ بِاتِّصَالِ الْقَضَاءِ بِهَا فَلَا تُنْقَضُ بِالثَّانِيَةِ وَنَظِيرُهُ لَوْ كَانَ مَعَ رَجُلٍ ثَوْبَانِ أَحَدُهُمَا نَجِسٌ فَتَحَرَّى وَصَلَّى فِي أَحَدِهِمَا ثُمَّ وَقَعَ تَحَرِّيهِ عَلَى طَهَارَةِ الْآخَرِ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ وَعَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ إذَا اخْتَلَفَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ وَفَسَادِهِ) قَالَ فِي تَعَارُضِ الْبَيِّنَاتِ لِلشَّيْخِ غَانِمٍ الْبَغْدَادِيِّ: إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ أَحَدُهُمَا يَدَّعِي الصِّحَّةَ وَالْآخَرُ يَدَّعِي الْفَسَادَ شَرْطًا فَاسِدًا أَوْ أَجَلًا فَاسِدًا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ مُدَّعِي الصِّحَّةِ وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةَ مُدَّعِي الْفَسَادِ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ وَإِنْ كَانَ مُدَّعِي الْفَسَادِ يَدَّعِي الْفَسَادَ لِمَعْنًى فِي صُلْبِ الْعَقْدِ بِأَنْ ادَّعَى أَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَرَطْلٍ مِنْ الْخَمْرِ وَالْآخَرُ يَدَّعِي الْبَيْعَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فِيهِ رِوَايَتَانِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ الْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يَدَّعِي الصِّحَّةَ أَيْضًا وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْآخَرِ كَمَا فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ وَفِي رِوَايَةٍ الْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يَدَّعِي الْفَسَادَ مُشْتَمِلُ الْأَحْكَامِ. اهـ.
(قَوْلُهُ فَبَيِّنَةُ الْمُدَّعِي أَوْلَى) أَيْ لِأَنَّهُ خَارِجٌ وَلَمْ يُعْتَبَرْ الْأَسْبَقُ تَارِيخًا لِأَنَّ تَارِيخَهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ لِأَنَّهُ تَارِيخُ غَيْبَةٍ لَا تَارِيخُ مِلْكٍ فَلَمْ يُوجَدْ التَّارِيخُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ حَتَّى يُعْتَبَرَ أَسْبَقُهُمَا (قَوْلُهُ أَقَامَ أَحَدُ الْأَخَوَيْنِ بَيِّنَةً) أَيْ عَلَى أَخِيهِ الْآخَرِ لِأَبِيهِ (قَوْلُ الْمُصَنِّفُ فَإِنْ قُضِيَ بِأَحَدِهِمَا أَوَّلًا بَطَلَتْ الْأُخْرَى إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ: يَدُلُّ بِظَاهِرِهِ عَلَى أَنَّهُ فِي الْمَسَائِلِ الَّتِي سَرَدَهَا وَفِيهَا تَرْجِيحُ إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ لَوْ قُضِيَ بِالْمَرْجُوحَةِ تُقْبَلُ الْمُرَجَّحَةُ وَلَوْ اتَّصَلَ الْقَضَاءُ بِالْأُخْرَى الَّتِي هِيَ مَرْجُوحَةٌ قَبْلَ الْقَضَاءِ بِخِلَافِ الْمُتَسَاوِيَةِ فَإِنَّهَا مَا تَرَجَّحَتْ إلَّا بِاتِّصَالِهَا بِالْقَضَاءِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَ مَا إذَا تَسَاوَيَا فَتُرَجَّحُ الْأُولَى بِاتِّصَالِ الْقَضَاءِ بِهَا أَوْ سَبْقِ الْقَضَاءِ بِالْمُرَجَّحَةِ إذْ لَا مُعَارِضَ لَهَا وَقْتَهُ وَبَيْنَ مَا إذَا كَانَتْ إحْدَاهُمَا أَوْلَى بِالْقَبُولِ فَقُضِيَ بِغَيْرِهَا ثُمَّ أُقِيمَتْ عَلَيْهَا يُعْمَلُ بِهَا وَلَوْ اتَّصَلَ الْقَضَاءُ بِغَيْرِهَا لِأَوَّلِيَّتِهَا يُؤَيِّدُهُ مَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ فِي شَرْحِ مَا يَأْتِي مِنْ مَسْأَلَةِ مَا لَوْ بَرْهَنَا عَلَى نِكَاحِ امْرَأَةٍ مِنْ قَوْلِهِ فِي تَعْلِيلِ كَوْنِهَا لِمَنْ سَبَقَتْ بَيِّنَتُهُ لِكَوْنِهَا أَقْوَى لِاتِّصَالِ الْقَضَاءِ بِهَا لِأَنَّهَا لَمَّا سَبَقَتْ وَحُكِمَ بِهَا تَأَكَّدَتْ فَلَا تُنْقَضُ بِغَيْرِ الْمُتَأَكِّدَةِ اهـ.
فَإِنَّ الْمُرَجَّحَةَ أَقْوَى قَبْلَ اتِّصَالِ الْقَضَاءِ بِهَا فَهِيَ مُتَأَكِّدَةٌ فَيُنْقَضُ الْقَضَاءُ بِغَيْرِهَا لِأَرْجَحِيَّتِهَا قَبْلَهُ لَكِنْ عَلَّلَ الزَّيْلَعِيُّ مَسْأَلَةَ الْقَتْلِ لِأَنَّهُ لَمَّا حُكِمَ بِأَنَّهُ قُتِلَ بِمَكَّةَ صَارَ ذَلِكَ حُكْمًا بِأَنَّهُ لَمْ يُقْتَلْ فِي غَيْرِهَا إذْ قَتْلُ شَخْصٍ وَاحِدٍ فِي مَكَانَيْنِ لَا يُتَصَوَّرُ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ فِي الْمَسَائِلِ الَّتِي سَرَدَهَا لَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ السَّابِقُ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ حُكْمٌ بِنَفْيِ مُقَابِلِهِ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ مِثْلُهَا فِي بَيْعٍ وَإِحْدَاثِهِ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ وَبِمِثْلِ الْقِيمَةِ وَكَذَا فِي نَظَائِرِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ ثُمَّ رَأَيْت فِي فَتَاوَى شَيْخِ مَشَايِخِي شِهَابِ الدِّينِ الْحَلَبِيِّ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ إذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ بِالْبَيِّنَةِ الْأُولَى لَا تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ الثَّانِيَةُ لِأَنَّ الْأُولَى تَرَجَّحَتْ بِاتِّصَالِ الْقَضَاءِ بِهَا قَالَ قَاضِي خَانْ: لَوْ أَقَامَتْ الْمَرْأَةُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْمَيِّتَ تَزَوَّجَهَا يَوْمَ النَّحْرِ بِمَكَّةَ وَحَكَمَ الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمْ ثُمَّ أَقَامَتْ أُخْرَى أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ بِخُرَاسَانَ لَمْ تُقْبَلْ. اهـ.