الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دَفْعِ قِيمَتِهِ لِلْبَانِي وَيَجُوزُ لِلْمُسْتَأْجَرَيْنِ غَرْسُ الْأَشْجَارِ وَالْكُرُومِ فِي الْمَوْقُوفَةِ إذَا لَمْ يَضُرَّ بِالْأَرْضِ بِدُونِ صَرِيحِ الْإِذْنِ مِنْ الْمُتَوَلِّي دُونَ حَفْرِ الْحِيَاضِ وَإِنَّمَا يَحِلُّ لِلْمُتَوَلِّي الْإِذْنُ فِيمَا يَزِيدُ الْوَقْفَ بِهِ خَيْرًا وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ حَقُّ قَرَارِ الْعِمَارَةِ فِيهَا أَمَّا إذَا كَانَ يَجُوزُ الْحَفْرُ وَالْغَرْسُ وَالْحَائِطُ مِنْ تُرَابِهَا لِوُجُودِ الْإِذْنِ فِي مِثْلِهَا دَلَالَةً
(قَوْلُهُ وَالرُّطَبَةُ كَالشَّجَرِ) وَلِهَذَا قَالَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَإِذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ وَفِي الْأَرْضِ رُطَبَةٌ فَإِنَّهَا تُقْلَعُ لِأَنَّ الرِّطَابَ لَا نِهَايَةَ لَهَا فَأَشْبَهَ الشَّجَرَ
[الزَّرْعُ يُتْرَكُ بِأَجْرِ الْمِثْلِ إلَى أَنْ يُدْرَكَ إذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ]
(قَوْلُهُ وَالزَّرْعُ يُتْرَكُ بِأَجْرِ الْمِثْلِ إلَى أَنْ يُدْرَكَ) لِأَنَّ لَهُ نِهَايَةً مَعْلُومَةً فَأَمْكَنَ رِعَايَةُ الْجَانِبَيْنِ إذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ بِخِلَافِ مَوْتِ أَحَدِهِمَا قَبْلَ إدْرَاكِهِ فَإِنَّهُ يُتْرَكُ بِالْمُسَمَّى عَلَى حَالِهِ إلَى الْحَصَادِ وَإِنْ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ لِأَنَّ إبْقَاءَهُ عَلَى مَا كَانَ أَوْلَى مَا دَامَتْ الْمُدَّةُ بَاقِيَةً وَيَلْحَقُ بِالْمُسْتَأْجِرِ الْمُسْتَعِيرُ فَيُتْرَكُ إلَى إدْرَاكِهِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَخَرَجَ الْغَاصِبُ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِالْقَلْعِ مُطْلَقًا لِأَنَّ ابْتِدَاءَ الْفِعْلِ ظُلْمٌ وَهُوَ وَاجِبُ الْهَدْمِ لَا التَّقْرِيرِ وَفِي التَّقْرِيرِ الْمُرَادُ بِقَوْلِ الْفُقَهَاءِ إذَا انْتَهَتْ الْإِجَارَةُ وَالزَّرْعُ لَمْ يُسْتَحْصَدْ يُتْرَكُ بِأَجْرٍ أَيْ بِقَضَاءٍ أَوْ بِعَقْدِهِمَا حَتَّى لَا يَجِبَ الْأَجْرُ إلَّا بِأَحَدِهِمَا. اهـ. وَهُوَ مِمَّا يَجِبُ حِفْظُهُ
(قَوْلُهُ وَالدَّابَّةُ لِلرُّكُوبِ وَالْحَمْلِ وَالثَّوْبُ لِلُّبْسِ) أَيْ صَحَّ اسْتِئْجَارُ الدَّابَّةِ وَالثَّوْبِ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ مَقْصُودَةٌ مَعْهُودَةٌ مَعْلُومَةٌ قَيَّدَ بِالرُّكُوبِ وَالْحَمْلِ لِأَنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيُجَنِّبَهَا وَلَا يَرْكَبَهَا أَوْ لِيَرْبِطَهَا عَلَى بَابِ دَارِهِ لِيُرِيَ النَّاسَ أَنَّ لَهُ فَرَسًا فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ وَلَا أَجْرَ لَهُ وَقَيَّدَ بِاللُّبْسِ فِي الثَّوْبِ لِأَنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَ ثَوْبًا لِيُزَيِّنَ بَيْتَهُ بِهِ أَوْ حَانُوتَهُ فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ وَمِنْ هَذَا النَّوْعِ مَا إذَا اسْتَأْجَرَ آنِيَةً يَصُفُّهَا فِي بَيْتِهِ يَتَجَمَّلُ بِهَا وَلَا يَسْتَعْمِلُهَا أَوْ دَارًا لَا يَسْكُنُهَا لَكِنْ لِيَظُنَّ النَّاسُ أَنَّ لَهُ دَارًا أَوْ عَبْدًا عَلَى أَنْ لَا يَسْتَخْدِمَهُ أَوْ دَرَاهِمَ يَضَعُهَا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَوَجْهُهُ أَنَّ هَذِهِ الْمَنْفَعَةَ لَيْسَتْ مَقْصُودَةً مِنْ الْعَيْنِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ أَوَّلَ الْكِتَابِ وَخَرَجَ أَيْضًا مَا إذَا اسْتَأْجَرَ فَحْلًا لِيُنْزِيَهُ عَلَى أُنْثَى فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ وَفِي الْخُلَاصَةِ مُعَاوَضَةُ الثِّيرَانِ فِي الْكِرَابِ لَا خَيْرَ فِيهَا أَمَّا إذَا أَعْطَى الْبَقَرَ لِيَأْخُذَ الْحِمَارَ جَازَ وَيَكْفِي فِي اسْتِئْجَارِ الثَّوْبِ لِلُّبْسِ التَّمَكُّنُ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يُلْبَسْ لِمَا فِي الْخُلَاصَةِ رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ ثَوْبًا لِيَلْبَسَهُ كُلَّ يَوْمٍ بِدَانِقٍ فَوَضَعَهُ فِي بَيْتِهِ سِنِينَ وَلَمْ يَلْبَسْهُ رَدَّ لِكُلِّ يَوْمٍ دَانِقً إلَى الْوَقْتِ الَّذِي لَوْ لَبِسَهُ إلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ لِتُخْرَقَ فَحِينَئِذٍ سَقَطَ الْأَجْرُ بَعْدَ ذَلِكَ اهـ.
وَهُوَ كَالسُّكْنَى قَالَ فِي الْمَجْمَعِ وَيَجِبُ بِنَفْسِ الْقَبْضِ وَإِنْ لَمْ يَسْكُنْهَا وَفِي الدَّابَّةِ لَا يَكْفِي التَّمَكُّنُ لِمَا فِي فُصُولِ الْعِمَادِيِّ مِنْ الْفَصْلِ الثَّانِي وَالثَّلَاثِينَ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا إلَى مَكَان مَعْلُومٍ فَأَمْسَكَهَا فِي مَنْزِلِهِ فِي الْمِصْرِ لَا يَجِبُ الْأَجْرُ وَيَضْمَنُ لَوْ هَلَكَ اهـ.
وَفِي الْخُلَاصَةِ وَلَوْ حَبَسَ الدَّابَّةَ لَيْلَةً حَتَّى أَصْبَحَ فَرَدَّهَا وَلَمْ يَرْكَبَ عَلَيْهَا لَا أَجْرَ عَلَيْهِ. اهـ.
وَفِيهَا أَيْضًا رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا لَهُ أَنْ يَرْكَبَهَا وَإِنْ اسْتَأْجَرَهَا لِيَرْكَبَهَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا وَلَوْ حَمَلَ عَلَيْهَا فَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الرُّكُوبَ يُسَمَّى حَمْلًا يُقَالُ رَكِبَ فُلَانٌ وَحَمَلَ مَعَهُ غَيْرَهُ وَلَا يُسَمَّى الْحَمْلُ رُكُوبًا أَصْلًا. اهـ.
وَفِي فُصُولِ الْعِمَادِيِّ مَعْزِيًّا إلَى الذَّخِيرَةِ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا حِنْطَةً مِنْ مَوْضِعٍ إلَى مَنْزِلِهِ يَوْمًا إلَى اللَّيْلِ وَكَانَ يَحْمِلُ الْحِنْطَةَ إلَى مَنْزِلِهِ وَكُلَّمَا رَجَعَ كَانَ يَرْكَبُهَا فَعَطِبَتْ الدَّابَّةُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيّ يَضْمَنُ لِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَهَا لِلْحَمْلِ دُونَ الرُّكُوبِ فَكَانَ غَاصِبًا لِلرُّكُوبِ وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ فِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يَضْمَنُ لِأَنَّ الْعَادَةَ جَرَتْ فِيمَا بَيْنَ النَّاسِ بِذَلِكَ فَصَارَ مَأْذُونًا فِيهِ دَلَالَةً وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ بِالْإِفْصَاحِ اهـ.
فَالْحَاصِلُ أَنَّهُمْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ مَنْ اسْتَأْجَرَهَا لِلْحَمْلِ لَهُ أَنْ يَرْكَبَهَا لَكِنَّ الرَّازِيَّ قَيَّدَهُ بِأَنْ لَا يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا وَالْفَقِيهُ عَمَّمَهُ
(قَوْلُهُ وَإِنْ أَطْلَقَ أَرْكَبَ وَأَلْبَسَ مَنْ شَاءَ) أَرَادَ بِالْإِطْلَاقِ التَّعْمِيمَ بِأَنْ يَأْتِيَ بِلَفْظٍ دَالٍّ عَلَى الْعُمُومِ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِرَاكِبٍ وَلَابِسٍ مُعَيَّنٍ لَا الْإِطْلَاقَ الْمُصْطَلَحَ عَلَيْهِ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ فَلَوْ قَالَ عَلَى أَنْ تُرْكِبَ مَنْ شِئْت أَوْ تُلْبِسَ مَنْ شِئْت صَحَّ الْعَقْدُ وَلَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِلرُّكُوبِ وَلَمْ يُسَمِّ مَنْ يُرْكِبَهُ لَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ وَالْفَرْقُ أَنَّ فِي الثَّانِيَةِ صَارَ الرُّكُوبَانِ مَثَلًا مِنْ شَخْصَيْنِ كَالْجِنْسَيْنِ فَيَكُونُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ مَجْهُولًا فَلَا يَصِحُّ وَفِي الْأُولَى رَضِيَ الْمَالِكُ بِالْقَدْرِ الَّذِي يَحْصُلُ فِي ضِمْنِ الرُّكُوبِ فَصَارَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ
ــ
[منحة الخالق]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مَعْلُومًا وَإِذَا فَسَدَتْ فَلَوْ أَرْكَبَهَا أَوْ رَكِبَ بِنَفْسِهِ وَجَبَ الْمُسَمَّى اسْتِحْسَانًا وَتَنْقَلِبُ صَحِيحَةً وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ عِنْدَ الْهَلَاكِ وَإِذَا صَحَّتْ عِنْدَ التَّعْمِيمِ تَعَيَّنَ أَوَّلُ رَاكِبٍ أَوْ لَابِسٍ لِتَعَيُّنِهِ مُرَادًا مِنْ الْأَصْلِ فَصَارَ كَالنَّصِّ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً وَفِي الْخُلَاصَةِ وَإِذَا تَكَارَى قَوْمٌ مُشَاةٌ إبِلًا عَلَى أَنَّ الْمُكَارِيَ يَحْمِلُ مَنْ مَرِضَ مِنْهُمْ أَوْ مَنْ عَيِيَ مِنْهُمْ فَهَذَا فَاسِدٌ
(قَوْلُهُ وَإِنْ قَيَّدَ بِرَاكِبٍ أَوْ لَابِسٍ فَخَالَفَ ضَمِنَ) يَعْنِي إذَا عَطِبَتْ لِأَنَّ النَّاسَ يَتَفَاوَتُونَ فِي الْعِلْمِ بِالرُّكُوبِ وَاللُّبْسِ وَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مَعَ الضَّمَانِ مُمْتَنِعٌ وَكَذَا لَا أَجْرَ عَلَيْهِ إنْ سَلَّمَ لِأَنَّهُ لَمَّا سَلَّمَ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يُخَالِفْ وَأَنَّهُ مِمَّا لَا يُوهِنُ الدَّارَ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَاسْتُفِيدَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ إذَا قَيَّدَ لَيْسَ لَهُ الْإِجَارَةُ وَالْإِعَارَةُ كَمَا أَنَّهُ إذَا عَمَّمَ لَهُ ذَلِكَ وَلَيْسَ لَهُ الْإِيدَاعُ فِي الْأَوَّلِ وَلَوْ لِضَرُورَةٍ دُونَ الثَّانِي ذَكَرَهُ فِي فُصُولِ الْعِمَادِيِّ فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا عَيِيَ الْحِمَارُ فِي الطَّرِيقِ فَأَرْسَلَهُ إلَى صَاحِبِهِ مَعَ آخَرَ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ مَا يَخْتَلِفُ) بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِ فِي كَوْنِهِ يَضْمَنُ إذَا عَطِبَتْ مَعَ الْمُخَالَفَةِ وَالتَّقْيِيدِ لِمَا قَدَّمْنَاهُ (قَوْلُهُ وَفِيمَا لَا يَخْتَلِفُ بِهِ بَطَلَ تَقْيِيدُهُ بِهِ كَمَا لَوْ شَرَطَ سُكْنَى وَاحِدٍ لَهُ أَنْ يُسْكِنَ غَيْرَهُ) لِأَنَّ التَّقْيِيدَ غَيْرُ مُفِيدٍ لِعَدَمِ التَّفَاوُتِ وَاَلَّذِي يَضُرُّ بِالْبِنَاءِ كَالْحِدَادَةِ وَالْقِصَارَةِ خَارِجٌ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ فَلَا يَمْلِكُهُ إلَّا بِالتَّنْصِيصِ
(قَوْلُهُ وَإِنْ سَمَّى نَوْعًا وَقَدْرًا كَكُرِّ بُرٍّ لَهُ حَمْلُ مِثْلِهِ وَأَخَفَّ لَا آخَرَ كَالْمِلْحِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ مَنْ اسْتَحَقَّ مَنْفَعَةً مُقَدَّرَةً بِالْعَقْدِ فَاسْتَوْفَى تِلْكَ الْمَنْفَعَةَ أَوْ مِثْلَهَا أَوْ أَقَلَّ مِنْهَا جَازَ وَإِنْ اسْتَوْفَى أَكْثَرَ مِنْهَا لَمْ يَجُزْ فَلَهُ أَنْ يَحْمِلَ كُرَّ حِنْطَةٍ لِغَيْرِهِ لَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِحَمْلِ كُرِّ حِنْطَةٍ لِأَنَّهُ مِثْلُهُ وَلَوْ حَمَلَ كُرَّ شَعِيرٍ لِأَنَّهُ دُونَهُ وَغَلَطَ مَنْ مَثَّلَ بِالشَّعِيرِ لِلْمِثْلِ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِحَمْلِ كُرِّ شَعِيرٍ لَهُ أَنْ يَحْمِلَ كُرَّ حِنْطَةٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ فَوْقَهُ وَعَلَى هَذَا زِرَاعَةُ الْأَرَاضِيِ لَوْ عَيَّنَ نَوْعًا لِلزِّرَاعَةِ لَهُ أَنْ يَزْرَعَ مِثْلَهُ وَأَخَفَّ مِنْهُ لَا أَضُرَّ وَمِنْهُ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِحَمْلِ قُطْنٍ مَعْلُومٍ فَحَمَلَ مِثْلَ وَزْنِهِ حَدِيدًا أَوْ مِثْلَ وَزْنِ الْحِنْطَةِ قُطْنًا أَوْ تِبْنًا أَوْ حَطَبًا وَأَشَارَ بِالْكَافِ فِي قَوْلِهِ كَكُرِّ بُرٍّ أَنَّهُ لَوْ سَمَّى مِقْدَارًا مِنْ الْحِنْطَةِ فَحَمَلَ عَلَيْهَا مِنْ الشَّعِيرِ مِثْلَ ذَلِكَ بِالْوَزْنِ لَا يَضْمَنُ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَبِهِ كَانَ يُفْتِي الصَّدْرُ الشَّهِيدُ لِأَنَّهُ أَخَفُّ مِنْ ضَرَرِ الْحِنْطَةِ
(قَوْلُهُ وَإِنْ عَطِبَتْ الدَّابَّةُ بِالْأَرْدَافِ ضَمِنَ النِّصْفَ) وَلَا اعْتِبَارَ بِالثِّقَلِ لِأَنَّ الدَّابَّةَ يَعْقِرُهَا جَهْلُ الرَّاكِبِ الْخَفِيفِ وَيَخِفُّ عَلَيْهَا رُكُوبُ الثَّقِيلِ لِعِلْمِهِ بِالْفُرُوسِيَّةِ وَلِأَنَّ الْآدَمِيَّ غَيْرُ مَوْزُونٍ فَلَا يُمْكِنُ مَعْرِفَتُهُ بِالْوَزْنِ فَاعْتُبِرَ عَدَدُ الرَّاكِبِ كَعَدَدِ الْجِنَايَةِ فِي الْجِنَايَاتِ وَقَيَّدَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْكَافِي بِكَوْنِ الدَّابَّةِ تُطِيقُ حَمْلَ الِاثْنَيْنِ أَمَّا إذَا كَانَتْ لَا تُطِيقُ ضَمِنَ جَمِيعَ قِيمَتِهَا وَقَيَّدَهُ الشَّارِحُ بِمَا إذَا كَانَ الرَّدِيفُ يَسْتَمْسِكُ بِنَفْسِهِ وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا لَا يَسْتَمْسِكُ يَضْمَنُ بِقَدْرِ ثِقَلِهِ وَقَيَّدَ بِكَوْنِ الْعَطَبِ بِالْإِرْدَافِ لِأَنَّهُ لَوْ حَمَلَهُ عَلَى عَاتِقِهِ ضَمِنَ جَمِيعَ قِيمَتِهَا لِكَوْنِهِ يَجْتَمِعُ فِي مَكَان وَاحِدٍ فَيَشُقُّ عَلَى الدَّابَّةِ وَإِنْ كَانَتْ تُطِيقُ حَمْلَهَا ذَكَرَهُ فِي النِّهَايَةِ وَأَطْلَقَ الْإِرْدَافَ فَشَمِلَ مَا إذَا أَرْدَفَ خَلْفَهُ وَلَدَ النَّاقَةِ الَّذِي وَلَدَتْهُ بَعْدَ الْإِجَارَةِ وَإِنْ كَانَ مِلْكَ صَاحِبِهَا لِعَدَمِ الْإِذْنِ كَمَا لَوْ حَمَلَ عَلَى دَابَّتِهِ شَيْئًا آخَرَ مِنْ مِلْكِ صَاحِبِهَا ذَكَرَهُ فِي الْمُحِيطِ وَلَمْ يُعَيِّنْ الْمُصَنِّفُ الضَّامِنَ لِأَنَّ الْمَالِكَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الرَّدِيفَ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الرَّاكِبَ فَالرَّاكِبُ لَا يَرْجِعُ بِمَا ضَمِنَ وَالرَّدِيفُ يَرْجِعُ إنْ كَانَ مُسْتَأْجِرًا مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ وَإِلَّا فَلَا وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُصَنِّفُ لِوُجُوبِ الْأَجْرِ وَالْمَنْقُولُ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُحِيطِ أَنَّهُ يَجِبُ جَمِيعُ الْأَجْرِ إذَا هَلَكَتْ بَعْدَ بُلُوغِ الْمَقْصِدِ مَعَ تَضْمِينِ النِّصْفِ وَلَا يُقَالُ كَيْفَ اجْتَمَعَ الْأَجْرُ وَالضَّمَانُ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّ الضَّمَانَ لِرُكُوبِ غَيْرِهِ وَالْأَجْرَ لِرُكُوبِهِ بِنَفْسِهِ وَقَيَّدَ بِكَوْنِهَا عَطِبَتْ لِأَنَّهَا لَوْ سُلِّمَتْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ غَيْرَ الْأَجْرِ الْمُسَمَّى كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَقَيَّدَ بِكَوْنِهِ أَرْدَفَهُ حَتَّى صَارَ الْأَجْنَبِيُّ كَالتَّابِعِ لَهُ أَمَّا إذَا أَقْعَدَهُ فِي السَّرْجِ صَارَ غَاصِبًا وَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الْأَجْرِ لِأَنَّهُ رَفَعَ يَدَهُ عَنْ الدَّابَّةِ وَأَوْقَعَهَا فِي يَدٍ مُتَعَدِّيَةٍ فَصَارَ ضَامِنًا وَالْأَجْرُ لَا يُجَامِعُ الضَّمَانَ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَقَيَّدَ بِالْإِرْدَافِ لِأَنَّهُ لَوْ رَكِبَهَا وَحَمَلَ عَلَيْهَا شَيْئًا يَضْمَنُ قَدْرَ الزِّيَادَةِ إنْ عَطِبَتْ الدَّابَّةُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ الرَّجُلَ يُوزَنُ وَيُوزَنُ الْحِمْلُ لِتُعْرَفَ الزِّيَادَةُ لِأَنَّ الرِّجَالَ لَا يُوزَنُونَ بِالْقَبَّانِ بَلْ الْمُرَادُ أَنْ يُرْجَعَ إلَى أَهْلِ الْبَصِيرَةِ فَيُسْأَلُ مِنْهُمْ إنَّ هَذَا الْحِمْلَ كَمْ يَزِيدُ عَلَى رُكُوبِهِ فِي الثِّقَلِ وَهَذَا
ــ
[منحة الخالق]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
إذَا لَمْ يَرْكَبْ مَوْضِعَ الْحَمْلِ بَلْ يَكُونُ رُكُوبُهُ فِي مَوْضِعٍ وَالْحَمْلُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَمَّا إذَا رَكِبَ عَلَى مَوْضِعِ الْحَمْلِ ضَمِنَ جَمِيعَ الْقِيمَةِ ذَكَرَهُ خواهر زاده
(قَوْلُهُ وَبِالزِّيَادَةِ عَلَى الْحِمْلِ الْمُسَمَّى مَا زَادَ) أَيْ إذَا اسْتَأْجَرَهَا لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا مِقْدَارًا فَحَمَلَ عَلَيْهَا أَكْثَرَ مِنْهُ فَعَطِبَتْ يَضْمَنُ مَا زَادَ الثِّقَلُ حَتَّى لَوْ كَانَ الْمَأْذُونُ مِائَةَ مَنٍّ وَزَادَ عَلَيْهِ عِشْرِينَ مَنًّا يَضْمَنُ سُدُسَ الدَّابَّةِ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُسْتَصْفَى قَيَّدَ بِكَوْنِ الْمُسْتَأْجِرِ هُوَ الَّذِي حَمَّلَهَا أَمَّا إذَا حَمَّلَهَا صَاحِبُهَا بِيَدِهِ وَحْدَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ لِمَا فِي فُصُولِ الْعِمَادِيِّ اسْتَكْرَى إبِلًا عَلَى أَنْ يَحْمِلَ كُلُّ بَعِيرٍ مِائَةَ رِطْلٍ فَحَمَلَ مِائَةً وَخَمْسِينَ رِطْلًا إلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ ثُمَّ أَتَى الْجَمَّالُ بِإِبِلِهِ وَأَخْبَرَهُ الْمُسْتَكْرِي أَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ حَمْلٍ إلَّا مِائَةَ رِطْلٍ فَحَمَلَ الْجَمَّالُ إلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَقَدْ عَطِبَتْ بَعْضُ الْإِبِلِ لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُسْتَكْرِي لِأَنَّ صَاحِبَ الْجَمَلِ هُوَ الَّذِي حَمَّلَ فَيُقَالُ لَهُ كَانَ يَنْبَغِي لَك أَنْ تَزِنَ أَوَّلًا. اهـ.
وَإِنْ حَمَّلَاهُ مَعًا وَجَبَ النِّصْفُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ ذَكَرَهُ فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ حَمَّلَ كُلُّ وَاحِدٍ جَوْلَقًا وَحْدَهُ لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَيُجْعَلُ حَمْلُ الْمُسْتَأْجِرِ مَا كَانَ مُسْتَحَقًّا بِالْعَقْدِ ذَكَرَهُ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَقَيَّدَهُ الشَّارِحُ بِأَنْ تُطِيقَ الدَّابَّةُ مِثْلَهُ أَمَّا إذَا كَانَتْ لَا تُطِيقُ ضَمِنَ جَمِيعَ الْقِيمَةِ وَأَشَارَ بِالزِّيَادَةِ إلَى أَنَّهَا مِنْ جِنْسِ الْمُسَمَّى فَلَوْ حَمَّلَ جِنْسًا آخَرَ غَيْرَ الْمُسَمَّى وَجَبَ جَمِيعُ الْقِيمَةِ وَأَشَارَ بِهَا إلَى أَنَّهُ حَمَّلَ الزِّيَادَةَ مَعَ الْمُسَمَّى مَعًا فَلَوْ حَمَلَ الْمُسَمَّى وَحْدَهُ ثُمَّ حَمَّلَ الزِّيَادَةَ وَحْدَهَا فَهَلَكَتْ ضَمِنَ جَمِيعَ الْقِيمَةِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُصَنِّفُ لِلْأَجْرِ إذَا هَلَكَ وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ أَنَّ عَلَيْهِ الْكِرَاءَ كَامِلًا. اهـ.
وَلَا يُقَالُ كَيْفَ اجْتَمَعَ الْأَجْرُ وَالضَّمَانُ لِأَنَّا نَقُولُ الْأَجْرُ فِي مُقَابَلَةِ الْحَمْلِ الْمُسَمَّى وَالضَّمَانُ فِي مُقَابَلَةِ الزَّائِدِ كَمَا تَقَدَّمَ نَظِيرُهُ وَكَذَا لَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْأَجْرِ إذَا سُلِّمَتْ وَلَمْ أَرَهُ صَرِيحًا وَالْقَوَاعِدُ تَقْتَضِي أَنْ يَجِبَ الْمُسَمَّى فَقَطْ وَأَمَّا إنْ حَمَّلَهُ الْجَمَّالُ بِنَفْسِهِ وَحْدَهُ فَلَا كَلَامَ وَأَمَّا إذَا حَمَّلَهُ الْمُسْتَأْجِرُ زَائِدًا عَلَى الْمُسَمَّى فَمَنَافِعُ الْغَصْبِ لَا تُضْمَنُ عِنْدَنَا وَمِنْ هُنَا يُعْلَمُ حُكْمُ الْمُكَارِي فِي طَرِيقِ مَكَّةَ وَإِنْ كَانَ لَا يَحِلُّ لِلْمُسْتَأْجِرِ الزِّيَادَةُ عَلَى الْمُسَمَّى إلَّا بِرِضَا صَاحِبِ الدَّابَّةِ وَلِهَذَا قَالُوا يَنْبَغِي أَنْ يَرَى الْمُكَارِي جَمِيعَ مَا يَحْمِلُهُ
(قَوْلُهُ وَبِالضَّرْبِ وَالْكَبْحِ) أَيْ يَضْمَنُ بِهِمَا إذَا هَلَكَتْ وَفِي الْمُغْرِبِ كَبْحُ الدَّابَّةِ بِاللِّجَامِ إذَا رَدَّهَا وَهُوَ أَنْ يَجْذِبَهَا إلَى نَفْسِهِ لِتَقِفَ وَلَا تَجْرِي وَقَالَا لَا يَضْمَنُ إذَا فَعَلَ فِعْلًا مُتَعَارَفًا لِأَنَّ الْمُتَعَارَفَ مِمَّا يَدْخُلُ تَحْتَ مُطْلَقِ الْعَقْدِ فَكَانَ حَاصِلًا بِإِذْنِهِ فَلَا يَضْمَنُهُ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْإِذْنَ مُقَيَّدٌ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ إذْ يَتَحَقَّقُ السَّوْقُ بِدُونِهِ وَإِنَّمَا هُمَا لِلْمُبَالَغَةِ فَيَتَقَيَّدُ بِوَصْفِ السَّلَامَةِ كَالْمُرُورِ فِي الطَّرِيقِ قَيَّدَ بِالضَّرْبِ وَالْكَبْحِ لِأَنَّهُ لَا يَضْمَنُ بِالسَّوْقِ اتِّفَاقًا وَظَاهِرُ مَا فِي الْهِدَايَةِ أَنَّ لِلْمُسْتَأْجِرِ الضَّرْبَ وَلَا إثْمَ عَلَيْهِ لِلْإِذْنِ الْعُرْفِيِّ فِيهِ وَإِنْ كَانَ مُقَيَّدًا بِشَرْطِ السَّلَامَةِ وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ إنَّ ضَرْبَهُ لِلدَّابَّةِ يَكُونُ تَعَدِّيًا مُوجِبًا لِلضَّمَانِ بِخِلَافِ الْعَبْدِ الْمُسْتَأْجَرِ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُ ضَرْبُهُ وَيَضْمَنُ بِهِ اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ يُؤْمَرُ وَيُنْهَى لِفَهْمِهِ فَلَا ضَرُورَةَ إلَى الضَّرْبِ وَلِلسَّيِّدِ ضَرْبُ عَبْدِهِ تَأْدِيبًا وَلِلْأَبِ وَالْوَصِيِّ ضَرْبُ الصَّغِيرِ لِلتَّأْدِيبِ لَكِنْ مُقَيَّدٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ حَتَّى يَضْمَنَانِ لَوْ هَلَكَ بِضَرْبِهِمَا لِأَنَّ التَّأْدِيبَ قَدْ يَقَعُ بِالزَّجْرِ وَالتَّعْرِيكِ وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ عَنْ التَّتِمَّةِ.
الْأَصَحُّ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رَجَعَ إلَى قَوْلِهِمَا وَالْمُعَلِّمُ وَالْأُسْتَاذُ لَيْسَ لَهُمَا ضَرْبُ الصَّغِيرِ إلَّا بِإِذْنِ الْأَبِ أَوْ الْوَصِيِّ فَإِنْ مَاتَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِمَا إذَا كَانَ بِإِذْنٍ وَإِلَّا ضَمِنَا وَأَمَّا ضَرْبُهُ دَابَّةَ نَفْسِهِ فَقَالَ فِي الْقُنْيَةِ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَضْرِبُهَا أَصْلًا وَلَوْ كَانَتْ مِلْكَهُ وَكَذَا حُكْمُ كُلِّ مَا يُسْتَعْمَلُ مِنْ الْحَيَوَانَاتِ ثُمَّ قَالَ لَا يُخَاصَمُ ضَارِبُ الْحَيَوَانِ فِيمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِلتَّأْدِيبِ وَيُخَاصَمُ فِيمَا زَادَ عَلَيْهِ وَلَا يَجُوزُ ضَرْبُ أُخْتِهَا الصَّغِيرَةِ الَّتِي لَيْسَ لَهَا وَلِيٌّ بِتَرْكِ الصَّلَوَاتِ إذَا بَلَغَتْ عَشْرًا ثُمَّ قَالَ لَهُ أَنْ يَضْرِبَ الْيَتِيمَ فِيمَا يَضْرِبُ وَلَدَهُ بِهِ وَرَدَتْ الْأَخْبَارُ وَالْآثَارُ وَفِي الرَّوْضَةِ لَهُ أَنْ يُكْرِهَ وَلَدَهُ الصَّغِيرَ عَلَى تَعَلُّمِ الْقُرْآنِ وَالْأَدَبِ وَالْعِلْمِ لِأَنَّ ذَلِكَ فَرْضٌ عَلَى الْوَالِدَيْنِ وَلَوْ أَمَرَ غَيْرَهُ بِضَرْبِ عَبْدِهِ حَلَّ لِلْمَأْمُورِ ضَرْبُ عَبْدِهِ بِخِلَافِ الْحُرِّ قَالَ رضي الله عنه فَهَذَا تَنْصِيصٌ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ ضَرْبِ وَلَدِ الْآمِرِ بِأَمْرِهِ بِخِلَافِ الْمُعَلِّمِ لِأَنَّ الْمَأْمُورَ بِضَرْبِهِ نِيَابَةٌ عَنْ الْأَبِ لِمَصْلَحَتِهِ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ وَإِنْ حَمَلَاهُ مَعًا وَجَبَ النِّصْفُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ) نَقَلَ بُعْدَهُ فِي الْمِنَحِ عَنْ الْخُلَاصَةِ أَنَّهُ يَضْمَنُ رُبُعَ الْقِيمَةِ لِأَنَّ النِّصْفَ مَأْذُونٌ فِيهِ وَالنِّصْفَ الْآخَرَ بِغَيْرِ إذْنٍ وَبِحَمْلِهِ يَضْمَنُ نِصْفَ هَذَا النِّصْفِ وَنَقَلَهُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ عَنْ تَتِمَّةِ الْفَتَاوَى قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ وَنَقَلَهُ فِي حَاشِيَةِ الشَّلَبِيِّ عَلَى الزَّيْلَعِيِّ عَنْهُمَا أَيْضًا وَفِي حَاشِيَةِ سَرِيِّ الدِّينِ عَنْ الْخُلَاصَةِ وَالْمَبْسُوطِ اهـ.
قُلْت وَمِثْلُهُ فِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الذَّخِيرَةِ فَلْيُرَاجَعْ الْمُحِيطِ فَلَعَلَّ مَا هُنَا مُحَرَّفٌ أَوْ الْمُرَادُ نِصْفُ الزَّائِدِ يُؤَيِّدُهُ مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَأَنْ يَحْمِلَ عَشَرَةً فَجُعِلَ عِشْرِينَ وَحَمَلَا مَعًا ضَمِنَ نِصْفَ الْقِيمَةِ لِأَنَّ النِّصْفَ مَأْذُونٌ وَالنِّصْفُ لَا فَيَنْتَصِفُ هَذَا النِّصْفُ وَمِثْلُهُ مَا مَرَّ عَنْ الْخُلَاصَةِ (قَوْلُهُ وَقَيَّدَهُ) أَيْ كَلَامَ الْمَتْنِ (قَوْلُهُ إذَا هَلَكَ) أَيْ إذَا هَلَكَ الْحَيَوَانُ الْمُسْتَأْجَرُ
وَالْمُعَلِّمُ يَضْرِبُهُ بِحُكْمِ الْمِلْكِ بِتَمْلِيكِ أَبِيهِ لِمَصْلَحَةِ الْعِلْمِ وَأَمَّا ضَرْبُ الزَّوْجَةِ فَجَائِزٌ فِي مَوَاضِعَ أَرْبَعَةٍ وَمَا فِي مَعْنَاهَا عَلَى تَرْكِ الزِّينَةِ لِزَوْجِهَا وَهُوَ يُرِيدُهَا وَتَرْكِ الْإِجَابَةِ إلَى الْفِرَاشِ وَتَرْكِ الْغُسْلِ وَالْخُرُوجِ مِنْ الْمَنْزِلِ.
وَفِي ضَرْبِ امْرَأَتِهِ وَوَلَدِهِ عَلَى تَرْكِ الصَّلَاةِ رِوَايَتَانِ كَذَا قَالُوا وَمِمَّا فِي مَعْنَاهَا مَا إذَا ضَرَبَتْ جَارِيَةَ زَوْجِهَا غَيْرَةً وَلَا تَتَّعِظُ بِوَعْظِهِ فَلَهُ ضَرْبُهَا كَذَا فِي الْقُنْيَةِ وَيَلْحَقُ بِهِ مَا إذَا ضَرَبَتْ الْوَلَدَ الَّذِي لَا يَعْقِلُ عِنْدَ بُكَائِهِ لِأَنَّ ضَرْبَ الدَّابَّةِ إذَا كَانَ مَمْنُوعًا فَهَذَا أَوْلَى وَمِنْهُ مَا إذَا شَتَمَتْهُ أَوْ مَزَّقَتْ ثِيَابَهُ أَوْ أَخَذَتْ لِحْيَتَهُ أَوْ قَالَتْ لَهُ يَا حِمَارُ يَا أَبْلَهُ أَوْ لَعَنَتْهُ سَوَاءٌ شَتَمَهَا أَوْ لَا عَلَى قَوْلِ الْعَامَّةِ وَمِنْهُ مَا إذَا شَتَمَتْ أَجْنَبِيًّا وَمِنْهُ مَا إذَا كَشَفَتْ وَجْهَهَا لِغَيْرِ مَحْرَمٍ أَوْ كَلَّمَتْ أَجْنَبِيًّا أَوْ تَكَلَّمَتْ عَامِدًا مَعَ الزَّوْجِ أَوْ شَاغَبَتْ مَعَهُ لِيَسْمَعَ صَوْتَهَا الْأَجْنَبِيُّ وَمِنْهُ مَا إذَا أَعْطَتْ مِنْ بَيْتِهِ شَيْئًا مِنْ الطَّعَامِ بِلَا إذْنِهِ إنْ كَانَتْ الْعَادَةُ لَمْ تَجْرِ بِهِ وَإِنْ كَانَتْ الْعَادَةُ مُسَامَحَةَ الْمَرْأَةِ بِذَلِكَ بِلَا مَشُورَةِ الزَّوْجِ فَلَيْسَ لَهُ ضَرْبُهَا وَمِنْهُ مَا إذَا ادَّعَتْ عَلَيْهِ وَلَيْسَ مِنْهُ مَا إذَا طَلَبَتْ نَفَقَتَهَا أَوْ كِسْوَتَهَا وَأَلَحَّتْ لِأَنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ يَدَ الْمُلَازَمَةِ وَلِسَانَ التَّقَاضِي كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ النَّوْعِ الثَّالِثِ فِي الضَّرْبِ مِنْ الِاخْتِيَارِ
(قَوْلُهُ وَنَزْعُ السَّرْجِ وَالْإِيكَافِ وَالْإِسْرَاجُ بِمَا لَا يُسَرَّجُ بِمِثْلِهِ) يَعْنِي لَوْ اكْتَرَى حِمَارًا بِسَرْجٍ فَنَزَعَ السَّرْجَ فَأَسْرَجَهُ سَرْجًا لَا يُسَرَّجُ بِمِثْلِهِ الْحُمُرُ أَوْ أَوْكَفَهُ مُطْلَقًا أَوْ نَزَعَ الْإِكَافَ وَأَسْرَجَهُ بِسَرْجٍ لَا يُسَرَّجُ بِمِثْلِهِ فَعَطِبَ ضَمِنَ جَمِيعَ قِيمَتِهِ لِأَنَّ الْإِكَافَ يُسْتَعْمَلُ لِغَيْرِ مَا يُسْتَعْمَلُ لَهُ السَّرْجُ وَهُوَ الْحَمْلُ وَأَثَرُهُ يُخَالِفُ أَيْضًا لِأَنَّهُ لَا يَنْبَسِطُ انْبِسَاطَ السَّرْجِ فَكَانَ فِي حَقِّ الدَّابَّةِ خِلَافًا إلَى جِنْسِ غَيْرِ الْمُسَمَّى فَلَمْ يَصِرْ مُسْتَوْفِيًا شَيْئًا مِنْ الْمُسَمَّى فَيَضْمَنُ الْكُلَّ كَمَا لَوْ أَبْدَلَ الْحَدِيدَ مَكَانَ الْحِنْطَةِ قَيَّدَ بِكَوْنِهِ لَا يُسَرَّجُ بِمِثْلِهِ لِأَنَّهُ إذَا اسْتَأْجَرَهَا بِإِكَافٍ فَأَوْكَفَهَا بِإِكَافٍ مِثْلِهِ أَوْ أَسْرَجَهَا مَكَانَ الْإِكَافِ لَا يَضْمَنُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَإِنَّمَا قُلْنَا فِي الْإِكَافِ مُطْلَقًا لِأَنَّ الْمَنْقُولَ فِي الْخُلَاصَةِ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَهَا بِسَرْجٍ فَأَوْكَفَهَا بِإِكَافٍ يُوكِفُ مِثْلَهَا فَهَلَكَتْ ضَمِنَ كُلَّ الْقِيمَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَفِيهَا أَيْضًا لَوْ اسْتَأْجَرَهَا عُرْيَانَةً فَأَسْرَجَهَا وَرَكِبَهَا ضَمِنَ قَالَ مَشَايِخُنَا إنْ اسْتَأْجَرَهَا مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ لَا يَضْمَنُ وَإِنْ اسْتَأْجَرَهَا لِيَرْكَبَهَا فِي الْمِصْرِ إنْ كَانَ الْمُسْتَكْرِي مِنْ الْأَشْرَافِ لَا يَضْمَنُ وَإِنْ كَانَ مِنْ الْعَوَامّ الَّذِينَ يَرْكَبُونَ عُرْيَانًا ضَمِنَ وَلَوْ تَكَارَى دَابَّةً وَلَمْ يَذْكُرْ السَّرْجَ وَالْإِكَافَ وَسَلَّمَهَا عُرْيَانَةً فَرَكِبَهَا بِهَذَا أَوْ بِهَذَا إنْ كَانَ مِثْلُهُ يَرْكَبُ بِسَرْجٍ يَضْمَنُ إذَا رَكِبَهَا بِإِكَافٍ وَإِنْ كَانَ يَرْكَبُ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَا يَضْمَنُ إذَا رَكِبَهَا بِهَذَا أَوْ بِهَذَا قَالَ تَأْوِيلُهُ إذَا رَكِبَ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ اهـ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَنْقُولَ فِي الْكَافِي لِلْحَاكِمِ الشَّهِيدِ الضَّمَانُ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلِ الْمَشَايِخِ فَكَانَ هُوَ الْمَذْهَبُ لِأَنَّهُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ كَمَا لَا يَخْفَى وَصَحَّحَ قَاضِي خان فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَنَّهُ يَضْمَنُ جَمِيعَ الْقِيمَةِ لِأَنَّهُ ذَكَرَ الضَّمَانَ مُطْلَقًا فَيَنْصَرِفُ إلَى الْكُلِّ لِأَنَّهُ خِلَافُهُ صُورَةً وَمَعْنًى وَقَالَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ قُلْت يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْأَصَحُّ ضَمَانَ قَدْرِ الزِّيَادَةِ وَفِي الْخُلَاصَةِ وَلَوْ اسْتَأْجَرَهَا بِغَيْرِ لِجَامٍ فَأَلْجَمَهَا لَا يَضْمَنُ إلَّا إذَا أَلْجَمَ بِلِجَامٍ لَا يُلْجِمُ مِثْلُهَا. اهـ.
وَكَذَا إذَا أَبْدَلَهُ لِأَنَّ الْحِمَارَ لَا يَخْتَلِفُ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ أَوْ نَزَعَ الْإِكَافَ فَأَسْرَجَهُ بِمَا لَا يُسَرَّجُ مِثْلُهُ) قَالَ الرَّمْلِيُّ قَالَ فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَلَوْ اكْتَرَى حِمَارًا بِإِكَافٍ فَأَسْرَجَهُ وَنَزَعَ الْإِكَافَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِأَنَّ ضَرَرَ السَّرْجِ أَقَلُّ مِنْ ضَرَرِ الْإِكَافِ وَيَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا أَسْرَجَهُ بِسَرْجٍ يُسَرَّجُ بِمِثْلِهِ الْحُمُرُ أَمَّا إذَا كَانَ لَا يُسَرَّجُ بِمِثْلِهِ الْحُمُرُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ كَمَا هُنَا فَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُمَا فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَكَذَا إذَا أَبْدَلَهُ لِأَنَّ الْحِمَارَ إلَخْ) أَيْ وَكَذَا لَا يَضْمَنُ وَعِبَارَةُ غَايَةِ الْبَيَانِ وَقَالَ الْكَرْخِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ لِجَامٌ فَأَلْجَمَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا كَانَ مِثْلُهُ يُلَجَّمُ بِذَلِكَ اللِّجَامِ وَكَذَلِكَ إنْ أَبْدَلَهُ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْحِمَارَ لَا يَخْتَلِفُ بِاللِّجَامِ وَغَيْرِهِ وَلَا يَتْلَفُ بِهِ فَلَمْ يَضْمَنْ بِإِلْجَامِهِ وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ وَهُوَ الْمُوَفِّقُ وَالْمُعِينُ قَالَ أُسْتَاذُنَا مُؤَلَّفُ هَذِهِ الْحَوَاشِي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَعَادَ عَلَيْنَا وَعَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْ صَالِحِ دَعَوَاتِهِ وَحَشَرَنَا فِي زُمْرَتِهِ تَحْتَ لِوَاءِ سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ تَعَالَى قَدْ انْتَهَى هَذَا السِّفْرُ الْمُبَارَكُ وَالسِّفْرَانِ اللَّذَانِ قَبْلَهُ قِرَاءَةً وَمُقَابَلَةً وَتَصْحِيحًا وَكِتَابَةً عَلَى الْهَامِشِ بِحَسَبِ الطَّاقَةِ مَعَ قِرَاءَةِ الدُّرِّ الْمُخْتَارِ لِلشَّيْخِ عَلَاءِ الدِّينِ الْحَصْفَكِيِّ وَحَاشِيَتِهِ لِلشَّيْخِ إبْرَاهِيمَ الْحَلَبِيِّ الْمَدَارِيِّ وَكِتَابَةٍ عَلَى هَامِشِهِمَا وَضَبْطِهِمَا وَتَصْحِيحِهِمَا عَلَى جَنَابِ شَيْخِنَا فَقِيهِ عَصْرِهِ السَّيِّدِ مُحَمَّد سَعِيد الْحَلَبِيِّ أَطَالَ اللَّهُ بَقَاءَهُ وَأَنَالَهُ مَا أَمَّلَهُ وَتَمَنَّاهُ وَقُلْت شِعْرًا.
رَكِبْنَا جَوَادَ الْفِكْرِ فِي مَهْمَهِ الْبَرِّ
…
وَخُضْنَا بِفُلْكِ الْعُمْرِ فِي لُجَجِ الْبَحْرِ
وَغُصْنَا بِصَافِي اللُّبِّ تَيَّارَ عُمْقِهِ
…
إلَى أَنْ تَحَلَّيْنَا مِنْ الْكَنْزِ بِالدُّرِّ
وَعُدْنَا وَقَدْ أَوْفَى لَنَا الدَّهْرُ وَعْدَهُ
…
وَزَاحَتْ سَحَابُ الْهَمِّ عَنْ أُفُقِ الصَّدْرِ
إلَى أَنْ بَدَا الْبَرُّ الْمُنِيرُ لَنَا وَقَدْ
…
مَلَأْنَا نَوَاحِي الْبَرِّ بِالرِّفْدِ وَالْبِرِّ
فَشُكْرًا لِرَبٍّ قَدْ تَعَاظَمَ فَضْلُهُ
…
عَلَيْنَا وَحَمْدًا فَائِقَ الْعَدِّ وَالْحَصْرِ
وَسَقْيًا لِزَيْنِ الدَّيْنِ رَائِدِ فُلْكِهِ
…
خِتَامِ ذَوِي التَّحْقِيقِ مُنْشِئِ ذَا السِّفْرِ
فَلِلَّهِ مَا أَبْدَى وَلِلَّهِ دَرُّهُ
…
وَلِلَّهِ مَا أَهْدَى جَزَى أَعْظَمَ الْأَجْرِ
فَقَدْ أُودِعَتْ أَفْكَارُهُ غُرُرًا بِهَا
…
يُقِرُّ جَمِيعُ الْحَاسِدِينَ عَلَى الْقَسْرِ
وَرَعْيًا لِشَيْخِ الْعَصْرِ سَيِّدِنَا الَّذِي
…
رَقَى ذِرْوَةَ التَّحْقِيقِ أَوْحَدَ ذَا الْعَصْرِ
وَفَاقَ عَلَى أَهْلِ الْفَضَائِلِ كُلِّهِمْ
…
بِخَفْضِ جَنَاحِ النَّفْسِ مَعْ رِفْعَةِ الْقَدْرِ
وَحَلَّ بِفِكْرٍ ثَاقِبٍ كُلَّ مُشْكِلٍ
…
وَحَلَّى بِعَذْبِ اللَّفْظِ مَا مَرَّ فِي الدَّهْرِ