الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَعْدَ نَقْلِ عِبَارَةِ الْكِتَابِ عَنْ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ قَالُوا هَذَا كَشَفَ عَنْ مَذْهَبِهِ بِأَنَّ الْمُجْتَهِدَ يُخْطِئُ أَيْضًا قِيلَ إذًا قَوْلُنَا بِجَوَازِ التَّكْفِيلِ كَشْفٌ عَنْ الِاعْتِزَالِ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا الْإِيرَادَ بَاطِلٌ فَإِنَّهُمَا جَوَّزَا بِالِاجْتِهَادِ أَخْذَ الْكَفِيلِ قِيَاسًا عَلَى رَدِّ الْآبِقِ وَاللُّقَطَةِ فَأَنَّى يَلْزَمُ مِنْهُ كَوْنُ كُلِّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبًا وَالِاسْتِدْلَالُ مِنْ وَصْفِ الْإِمَامِ بِالظُّلْمِ بِنَاءً عَلَى مُلَازَمَةٍ عَادِيَةٍ كَانَتْ فِي تِلْكَ الْعَصْرِ مِنْ عَدَمِ تَقْلِيدِ الْقَضَاءِ إلَّا مِنْ الْمُجْتَهِدِ فَكَانَ التَّكْفِيلُ الصَّادِرُ مِنْ الْقَاضِي تَكْفِيلًا مِنْ الْقَاضِي الْمُجْتَهِدِ وَيَكُونُ الْمُرَادُ مِنْ بَعْضِ الْقُضَاةِ الْقَاضِي الْمَعْهُودُ وَزُيِّفَ أَيْضًا بِأَنَّ الْمُجْتَهِدَ إذَا أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ بِلَا خِلَافٍ وَغَايَتُهُ أَنَّهُ بِالتَّكْفِيلِ أَخْطَأَ فَلَا يَكُونُ ظُلْمًا فَلَا يَصِحُّ الِاسْتِدْلَال وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ الْإِمَامَ قَالَ وَهُوَ ظُلْمٌ وَمَيْلٌ فَالْوَصْفُ بِالْمِيلِ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالظُّلْمِ وَضْعُ الشَّيْءِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ وَالْإِطْلَاقُ وَلَوْ بِالْمَجَازِ دَلَّ أَنَّهُ يُخْطِئُ إذْ لَوْلَاهُ لَمَا صَحَّ ذَلِكَ فَحَصَلَ الْكَشْفُ بِالْوَصْفِ الْوَاقِعِ مِنْ الْإِمَامِ بِالِاتِّصَافِ فِي الْوَاقِعِ. اهـ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّ وَصْفَهُ بِأَنَّ فِعْلَهُ ظُلْمٌ لَا يَقْتَضِي أَنَّهُ فِي الْوَاقِعِ ظَالِمٌ بِمَعْنَى مُرْتَكِبٍ لِلْحَرَامِ وَإِنْ صَحَّ أَنْ يُقَالَ إنَّهُ ظَالِمٌ أَيْ وَاضِعٌ لِأَخْذِ الْكَفِيلِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ وَالْمَقْصُودُ تَأْوِيلُ الْعِبَارَةِ بِحَيْثُ لَا تُفِيدُ أَنَّ الْقَاضِيَ بِأَخْذِهِ الْكَفِيلَ آثِمٌ؛ لِأَنَّ ثُبُوتَ الْأَجْرِ لَهُ فِي ذَلِكَ يُنَافِي الْإِثْمَ وَفِي الْأَصْلِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ أَرَأَيْت لَوْ لَمْ يَجِدْ كَفِيلًا كُنْت أَمْنَعُهُ حَقَّهُ بِشَيْءٍ أَخَافُ وَلَمْ يَسْتَبِنْ بَعْدُ وَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ بَعْدُ اهـ.
وَالْأَوْلَى فِي الْجَوَابِ عَنْ قَوْلِ الْإِمَامِ فِي حَقِّ ابْنِ أَبِي لَيْلَى مَعَ كَوْنِهِ مُجْتَهِدًا مَا قَالَهُ فِي التَّلْوِيحِ وَعِبَارَتُهُ وَالْمُخْطِئُ فِي الِاجْتِهَادِ لَا يُعَاقَبُ وَلَا يُنْسَبُ إلَى الضَّلَالِ بَلْ يَكُونُ مَعْذُورًا وَمَأْجُورًا إذَا لَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا بَذْلُ الْوُسْعِ وَقَدْ فَعَلَ فَلَمْ يَنَلْ الْحَقَّ لِخَفَاءِ دَلِيلِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الدَّلِيلُ الْمُوصِلُ إلَى الصَّوَابِ بَيِّنًا فَأَخْطَأَ الْمُجْتَهِدُ لِتَقْصِيرٍ مِنْهُ وَتَرَكَ مُبَالَغَةً فِي الِاجْتِهَادِ فَإِنَّهُ يُعَاتَبُ وَمَا نُقِلَ مِنْ طَعْنِ السَّلَفِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْمَسَائِلِ الِاجْتِهَادِيَّةِ كَانَ مَبْنِيًّا عَلَى أَنَّ طَرِيقَ الصَّوَابِ بَيِّنٌ فِي زَعْمِ الطَّاعِنِ اهـ.
وَفِي مَنَاقِبِ الْكَرْدَرِيِّ مَا زَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يُخَطِّئُ ابْنَ أَبِي لَيْلَى وَهُوَ قَاضِي الْكُوفَةِ حَتَّى عَزَلَهُ الْخَلِيفَةُ وَاعْلَمْ أَنَّنَا كَتَبْنَا فِي بَابِ النَّفَقَةِ مَا يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْكَفِيلِ الْكَفِيلُ بِالْمَالِ لِقَوْلِهِ فِي الذَّخِيرَةِ فَإِذَا حَضَرَ الزَّوْجُ وَأَثْبَتَ أَنَّهُ كَانَ دَفَعَهَا لَهَا فَإِنْ شَاءَ رَجَعَ عَلَيْهَا وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ عَلَى الْكَفِيلِ إلَى آخِرِهِ وَلَمْ أَرَ حُكْمَ الْكَفَالَةِ عَلَى قَوْلِهِمَا فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ هَلْ هِيَ بِالْمَالِ أَوْ بِالنَّفْسِ
(قَوْلُهُ وَلَوْ
ادَّعَى دَارًا إرْثًا لِنَفْسِهِ وَلِأَخٍ لَهُ غَائِبٍ وَبَرْهَنَ عَلَيْهِ
أَخَذَ نِصْفَ الْمُدَّعَى فَقَطْ) أَيْ أَخَذَ نَصِيبَ نَفْسِهِ وَتَرَكَ نَصِيبَ أَخِيهِ الْغَائِبِ فِي يَدِ ذِي الْيَدِ وَهَذَا عِنْدَ الْإِمَامِ مُطْلَقًا وَفَصَّلَ الشَّيْخَانِ بَيْنَ جُحُودِ ذِي الْيَدِ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ وَيُجْعَلُ فِي يَدِ أَمِينٍ وَإِلَّا تُرِكَ فِي يَدِهِ لِخِيَانَتِهِ بِجُحُودِهِ فَلَا نَظَرَ فِي تَرْكِهِ فِي يَدِهِ وَلَهُ أَنَّ الْحَاضِرَ لَيْسَ بِخَصْمٍ عَنْ الْغَائِبِ فِي الِاسْتِيفَاءِ وَلَيْسَ لِلْقَاضِي التَّعَرُّضُ بِلَا خَصْمٍ كَمَا إذَا رَأَى شَيْئًا فِي يَدِ إنْسَانٍ يَعْلَمُ أَنَّهُ لِغَيْرِهِ لَا يَنْتَزِعُهُ مِنْهُ بِلَا خَصْمٍ وَقَدْ ارْتَفَعَ جُحُودُهُ بِقَضَاءِ الْقَاضِي بِالْكُلِّ قَيَّدَ بِعَدَمِ أَخْذِ نَصِيبِ الْغَائِبِ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِالْكُلِّ إرْثًا بِخُصُومَةِ الْحَاضِرِ لِانْتِصَابِ أَحَدِ الْوَرَثَةِ خَصْمًا لِلْمَيِّتِ فَلِذَا تُقْضَى مِنْهَا دُيُونُهُ وَتَنْفُذُ وَصَايَاهُ وَلَا تُعَادُ الْبَيِّنَةُ إذَا حَضَرَ الْغَائِبُ وَلَا الْقَضَاءُ وَلَمْ يَذْكُرْ الشَّارِحُ فِيهِ اخْتِلَافًا وَذَكَرَهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَصَحَّحَ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ وَكَذَا يَنْتَصِبُ أَحَدُهُمْ فِيمَا عَلَيْهِ مُطْلَقًا إنْ كَانَ دَيْنًا وَإِنْ كَانَ فِي دَعْوَى عَيْنٍ فَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهَا فِي يَدِهِ لِيَكُونَ قَضَاءً عَلَى الْكُلِّ وَإِنْ كَانَ الْبَعْضُ فِي يَدِهِ نَفَذَ بِقَدْرِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ وَظَاهِرُ مَا فِي الْهِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ وَالْعِنَايَةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهَا كُلِّهَا فِي يَدِهِ فِي دَعْوَى الدَّيْنِ أَيْضًا وَصَرَّحَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بِالْفَرْقِ بَيْنَ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ وَهُوَ الْحَقُّ وَغَيْرُهُ سَهْوٌ وَفِي قَوْلِهِ أَخَذَ نِصْفَ الْمُدَّعَى فَقَطْ إشَارَتَانِ الْأُولَى أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ مِنْ ذِي الْيَدِ كَفِيلٌ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ نُصِبَ لِقَطْعِ الْخُصُومَاتِ لَا لِإِنْشَائِهَا الثَّانِيَةُ أَنَّ الْحَاضِرَ يَأْخُذُ النِّصْفَ مُشَاعًا غَيْرَ مَقْسُومٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْعِمَادِيُّ فِي الْفُصُولِ وَقَيَّدَ بِالْعَقَارِ؛ لِأَنَّ الْمَنْقُولَ يُوضَعُ عِنْدَ عَدْلٍ إلَى حُضُورِ صَاحِبِهِ وَقِيلَ هُوَ كَالْعَقَارِ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ عَلَى قَوْلِهِمَا يُؤْخَذُ مِنْهُ وَيُوضَعُ عَلَى يَدِ عَدْلٍ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ هَلْ هِيَ بِالْمَالِ أَوْ بِالنَّفْسِ) فِي حَاشِيَةِ أَبِي السُّعُودِ قَالَ شَيْخُنَا فِي الدُّرَرِ أَيْ لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُمْ كَفِيلٌ بِالنَّفْسِ عِنْدَ الْإِمَامِ وَقَالَا يُؤْخَذُ فَهَذَا ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ عَلَى قَوْلِهِمَا يُؤْخَذُ كَفِيلٌ بِالنَّفْسِ ثُمَّ رَأَيْته لِتَاجِ الشَّرِيعَةِ
[ادَّعَى دَارًا إرْثًا لِنَفْسِهِ وَلِأَخٍ لَهُ غَائِبٍ وَبَرْهَنَ عَلَيْهِ]
(قَوْلُهُ وَهَذَا عِنْدَ الْإِمَامِ مُطْلَقًا إلَخْ) مِثْلُهُ فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا وَفِيهِ أَنَّ هَذَا الْإِطْلَاقَ لَا يَظْهَرُ بَعْدَ تَقْيِيدِ الْمَسْأَلَةِ بِقَوْلِهِ وَبَرْهَنَ عَلَيْهِ فَكَانَ يَنْبَغِي عَدَمُ التَّقْيِيدِ بِهِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ) حَيْثُ قَالَ إنَّمَا يَكُونُ قَضَاءً عَلَى جَمِيعِ الْوَرَثَةِ إذَا كَانَ الْمُدَّعَى فِي يَدِ الْوَارِثِ الْحَاضِرِ وَلَوْ كَانَ الْبَعْضُ فِي يَدِهِ يَنْفُذُ بِقَدْرِهِ؛ لِأَنَّ دَعْوَى الْعَيْنِ لَا تَتَوَجَّهُ إلَّا عَلَى ذِي الْيَدِ فَلَا يَكُونُ خَصْمًا عَنْهُمْ إلَّا فِي قَدْرِ مَا فِي يَدِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنًا حَيْثُ يَنْتَصِبُ فِيهِ بَعْضُ الْوَرَثَةِ خَصْمًا عَنْ الْكُلِّ مُطْلَقًا كَذَا فِي الزَّيْلَعِيِّ وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ فِي يَدِ الْوَارِثِ عَيْنُ تَرِكَةٍ أَمْ لَا وَوَجْهُ الْفَرْقِ بَيْنَ الدَّيْنِ وَالْعَيْنِ أَنَّ حَقَّ الدَّائِنِ شَائِعٌ فِي جَمِيعِ التَّرِكَةِ بِخِلَافِ مُدَّعِي الْعَيْنِ أَبُو السُّعُودِ
لَا يُؤْخَذُ لَوْ مُقِرًّا كَذَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ
(تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ إنَّمَا يَنْتَصِبُ الْحَاضِرُ الَّذِي فِي يَدِهِ الْعَيْنُ خَصْمًا عَنْ الْبَاقِي إذَا كَانَتْ الْعَيْنُ لَمْ تُقْسَمْ بَيْنَ الْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ فَإِنْ قُسِمَتْ وَأَوْدَعَ الْغَائِبُ نَصِيبَهُ عِنْدَ الْحَاضِرِ كَانَتْ كَسَائِرِ أَمْوَالِهِ فَلَا يَنْتَصِبُ الْحَاضِرُ خَصْمًا عَنْهُ ذَكَرَهُ الْعَتَّابِيُّ عَنْ مَشَايِخِنَا وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مِنْ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ وَلَوْ أَوْدَعَ نَصِيبَهُ مِنْ عَيْنٍ عِنْدَ وَارِثٍ آخَرَ فَادَّعَى رَجُلٌ هَذَا الْعَيْنَ يَنْتَصِبُ هَذَا الْوَارِثُ خَصْمًا إذَا يَنْتَصِبُ أَحَدُ الْوَرَثَةِ خَصْمًا عَنْ الْبَاقِينَ لَوْ كَانَ الْعَيْنُ بِيَدِهِ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ اهـ.
الثَّانِي: إنَّمَا لَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْغَائِبِ إذَا حَضَرَ بِشَرْطِ أَنْ يُصَدِّقَ أَنَّ الْعَيْنَ مِيرَاثٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَاضِرِ أَمَّا لَوْ أَنْكَرَ الْإِرْثَ وَادَّعَى أَنَّهُ اشْتَرَاهَا أَوْ وَرِثَ نَصِيبَهُ مِنْ رَجُلٍ آخَرَ لَا يَكُونُ الْقَضَاءُ عَلَى الْحَاضِرِ قَضَاءً عَلَيْهِ فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَتُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ كَمَا فِي الْفُصُولَيْنِ فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنَّمَا يَنْتَصِبُ خَصْمًا عَنْ الْبَاقِي بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ كَوْنِ الْعَيْنِ كُلِّهَا فِي يَدِهِ وَأَنْ لَا تَكُونَ مَقْسُومَةً وَأَنْ يُصَدِّقَ الْغَائِبُ عَلَى أَنَّهَا إرْثٌ عَنْ الْمَيِّتِ الْمُعَيَّنِ الثَّالِثِ إنَّمَا يَكْفِي ثُبُوتُ بَعْضِ الْوَرَثَةِ أَنْ لَوْ ادَّعَى الْجَمِيعَ وَقَضَى بِهِ أَمَّا لَوْ ادَّعَى حِصَّتَهُ فَقَطْ وَقَضَى بِهَا فَلَا يَثْبُتُ حَقُّ الْبَاقِينَ كَذَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مِنْ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ.
الرَّابِعُ ادَّعَى بَيْتًا فَقَالَ ذُو الْيَدِ إنَّهُ مِلْكِي وَرِثْته مِنْ أَبِي فَلَوْ قَضَى عَلَيْهِ يَظْهَرُ عَلَى جَمِيعِ الْوَرَثَةِ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ أَنْ يَدَّعِيَهُ بِجِهَةِ الْإِرْثِ إذْ صَارَ مُورِثُهُمْ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ فَلَوْ ادَّعَاهُ أَحَدُهُمْ مِلْكًا مُطْلَقًا تُقْبَلُ إذْ لَمْ يَقْضِ عَلَيْهِ فِي الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ فَلَوْ ادَّعَاهُ ذُو الْيَدِ مِلْكًا مُطْلَقًا لَا إرْثًا لَا تَصِيرُ الْوَرَثَةُ مَقْضِيًّا عَلَيْهِمْ فَلَهُمْ أَخَذُهُ بِدَعْوَى الْإِرْثِ لَكِنْ لَيْسَ لِذِي الْيَدِ حِصَّةٌ فِيهِ إذْ قَضَى عَلَيْهِ اهـ.
الْخَامِسُ: إذَا كَانَتْ الْوَرَثَةُ كِبَارًا غُيَّبًا وَصَغِيرًا نَصَبَ الْقَاضِي وَكِيلًا عَنْ الصَّغِيرِ لِسَمَاعِ دَعْوَى الدَّيْنِ عَلَى الْمَيِّتِ وَالْقَضَاءُ عَلَى هَذَا الْوَكِيلِ قَضَاءٌ عَلَى جَمِيعِ الْوَرَثَةِ السَّادِسُ إذَا أَثْبَتَ الْمُدَّعِي دَيْنَهُ عَلَى بَعْضِ الْوَرَثَةِ وَفِي يَدِهِ حِصَّةٌ فَإِنَّهُ يَسْتَوْفِي جَمِيعَ دَيْنِهِ مِمَّا فِي يَدِ الْحَاضِرِ ثُمَّ يَرْجِعُ الْحَاضِرُ عَلَى الْغَائِبِ بِحِصَّتِهِ وَهُمَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ السَّابِعُ يَحْلِفُ الْوَارِثُ عَلَى الدَّيْنِ إذَا أَنْكَرَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ تَرِكَةٌ وَهُمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ الثَّامِنُ يَصِحُّ الْإِثْبَاتُ عَلَى الْوَارِثِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ تَرِكَةٌ وَهُمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ التَّاسِعُ لَوْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ وَارِثٌ فَجَاءَ مُدَّعٍ لِلدَّيْنِ عَلَى الْمَيِّتِ نَصَبَ الْقَاضِي وَكِيلًا لِلدَّعْوَى كَمَا فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ لِلْخَصَّافِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ وَكِيلَ بَيْتِ الْمَالِ لَيْسَ بِخَصْمٍ.
(قَوْلُهُ وَمَنْ قَالَ مَالِي أَوْ مَا أَمْلِكُ فِي الْمَسَاكِينِ صَدَقَةٌ فَهُوَ عَلَى مَالِ الزَّكَاةِ وَلَوْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ) وَالْقِيَاسُ اسْتِوَاؤُهُمَا فَيَتَصَدَّقُ بِالْكُلِّ وَبِهِ قَالَ زُفَرُ وَلَكِنَّا فَرَّقْنَا بَيْنَهُمَا اسْتِحْسَانًا بِاعْتِبَارِ أَنَّ إيجَابَ الْعَبْدِ مُعْتَبَرٌ بِإِيجَابِ اللَّهِ تَعَالَى بِخِلَافِهَا؛ لِأَنَّهَا أُخْتُ الْمِيرَاثِ تَجْرِي فِي كُلِّ مَالِ الزَّكَاةِ أَطْلَقَهُ فِي مَالِ الزَّكَاةِ فَشَمِلَ جَمِيعَ الْأَجْنَاسِ كَالسَّوَائِمِ وَالنَّقْدَيْنِ وَعُرُوضِ التِّجَارَةِ بَلَغَتْ نِصَابًا أَوْ لَا سَوَاءٌ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ لَهَا أَوْ لَا؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ جِنْسُ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ قَدْرِهَا وَشُرُوطِهَا فَإِنْ قَضَى دَيْنَهُ لَزِمَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بَعْدَهُ بِقَدْرِهِ وَشَمِلَ الْأَرْضَ الْعُشْرِيَّةُ عِنْدَ الثَّانِي لِكَوْنِهَا مَصْرِفُهَا مَصْرِفُ الزَّكَاةِ وَمَنَعَهُ مُحَمَّدٌ لِمَا فِيهَا مِنْ مَعْنَى الْمُؤْنَةِ وَلِذَا وَجَبَ الْعُشْرُ فِي أَرْضِ الصَّبِيِّ وَالْمُكَاتَبِ وَالْأَوْقَافِ وَضَمَّ أَبَا حَنِيفَةَ إلَيْهِ فِي النِّهَايَةِ مَعْزِيًّا إلَى التُّمُرْتَاشِيِّ وَلَا تَدْخُلُ الْخَرَاجِيَّةُ لِتَمَحُّضِهَا لِلْمُؤْنَةِ وَخَرَجَ رَقِيقُ الْخِدْمَةِ وَدُورُ السُّكْنَى وَأَثَاثُ الْمَنَازِلِ وَمَا كَانَ مِنْ الْحَوَائِجِ الْأَصْلِيَّةِ وَتَسْوِيَةُ الْمُصَنِّفِ بَيْنَ قَوْلِهِ مَالِي وَبَيْنَ قَوْلِهِ مَا أَمْلِكُ هُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّهُمَا يُسْتَعْمَلَانِ اسْتِعْمَالًا وَاحِدًا فَكَانَ فِيهِمَا الْقِيَاسُ وَالِاسْتِحْسَانُ خِلَافًا لِلْبَعْضِ.
وَاخْتَارَهُ فِي الْمَجْمَعِ وَمَا صَحَّحْنَاهُ تَبَعًا لِلشَّارِحِ هُوَ مُخْتَارُ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ وَذَكَرَ الْقَاضِي الْإِسْبِيجَابِيُّ أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْمَالِ وَالْمِلْكِ إنَّمَا هُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَأَبُو حَنِيفَةَ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَهُمَا وَاخْتَارَهُ الطَّحَاوِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ وَقَيَّدَهُ بِالتَّنْجِيزِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مُعَلَّقًا بِالشَّرْطِ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ) أَيْ غَيْرِ الْوَارِثِ تَكُونُ الْعَيْنُ فِي يَدِهِ فَيَدَّعِي عَلَيْهِ فَلَا يَتَعَدَّى الْقَضَاءُ عَلَيْهِ إلَى غَيْرِهِ بِأَنْ تَكُونَ شَرِكَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ فَلَا يَكُونُ الشَّرِيكُ لِلْغَائِبِ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ أَبُو السُّعُودِ عَنْ شَيْخِهِ (قَوْلُهُ فَلَوْ قَضَى عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى ذِي الْيَدِ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ أَنَّ وَكِيلَ بَيْتِ الْمَالِ لَيْسَ بِخَصْمٍ) قَالَ الرَّمْلِيُّ يَجِبُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا وَكَّلَهُ السُّلْطَانُ بِجَمْعِهِ وَحِفْظِهِ أَمَّا إذَا وَكَّلَهُ بِأَنْ يَدَّعِيَ وَيُدَّعَى عَلَيْهِ أَيْضًا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَالدَّعْوَى عَلَيْهِ وَيَمْلِكُ فِي ذَلِكَ مَا يَمْلِكُهُ السُّلْطَانُ؛ لِأَنَّهُ فَوَّضَ إلَيْهِ مَا يَمْلِكُهُ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ كَثِيرَةُ الْوُقُوعِ وَيَتَفَرَّعُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْمُزَارِعَ لَا يَصْلُحُ خَصْمًا مِمَّنْ يَدَّعِي الْمِلْكَ فِي الْأَرْضِ، وَكَذَلِكَ الْمُقَاطَعُ الْمُسَمَّى بِلُغَتِهِمْ تيماريا تَأَمَّلْ هَذَا وَسُئِلَ شَيْخُنَا ابْنُ الْحَانُوتِيِّ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَأَجَابَ بِمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ زَيْنٌ هُنَا.
(قَوْلُهُ وَلَكِنَّا فَرَّقْنَا بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ الصَّدَقَةِ وَبَيْنَ الْوَصِيَّةِ وَقَوْلُهُ بِخِلَافِهَا أَيْ الْوَصِيَّةِ (قَوْلُهُ وَقَيَّدَهُ بِالتَّنْجِيزِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ بِدُونِ التَّنْجِيزِ لَا يَشْمَلُ الْحَادِثَ بَعْدَ الْيَمِينِ وَهَذَا بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ لِمَا فِي وَصَايَا الْخَانِيَّةِ وَلَوْ قَالَ أَوْصَيْت بِثُلُثِ مَالِي لِفُلَانٍ وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ ثُمَّ اسْتَفَادَ مَالًا وَمَاتَ كَانَ لِلْمُوصَى لَهُ ثُلُثُ مَا تَرَكَ ثُمَّ قَالَ بَعْدَهُ وَلَوْ قَالَ عَبِيدِي لِفُلَانٍ أَوْ بَرَاذِينِي لِفُلَانٍ وَلَمْ يُضِفْ إلَى شَيْءٍ وَلَمْ يَنْسُبْهُمْ يَدْخُلُ فِيهِ مَا كَانَ لَهُ فِي الْحَالِ وَمَا يَسْتَفِيدُ قَبْلَ الْمَوْتِ اهـ.
لَكِنْ قَدْ يُقَالُ الْوَصِيَّةُ فِي مَعْنَى الْمُعَلَّقِ وَفِي حَاشِيَةِ أَبِي السُّعُودِ وَقَوْلُهُ وَالْحَادِثُ بَعْدَهُ ظَاهِرُهُ وَلَوْ بَعْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ لَكِنْ ذَكَرَ
نَحْوُ قَوْلُهُ مَالِي صَدَقَةٌ فِي الْمَسَاكِينِ إنْ فَعَلْت كَذَا دَخَلَ الْمَالُ الْقَائِمُ عِنْدَ الْيَمِينِ وَالْحَادِثُ بَعْدَهُ وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ فَهُوَ صَدَقَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُهْدِيَ جَمِيعَ مَالِي إنْ فَعَلْت كَذَا أَوْ جَمِيعَ مِلْكِي فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ جَمِيعُ مَا يَمْلِكُهُ وَقْتَ الْحَلِفِ بِالْإِجْمَاعِ فَيَجِبُ أَنْ يُهْدِيَ ذَلِكَ كُلَّهُ إلَّا قَدْرَ قُوتِهِ فَإِذَا اسْتَفَادَ شَيْئًا آخَرَ تَصَدَّقَ بِمِثْلِهِ كَذَا ذَكَرَ الْإِسْبِيجَابِيُّ وَفِي حِيَلِ الْوَلْوَالِجيَّةِ مِنْ آخِرِهَا رَجُلٌ قَالَ إنْ فَعَلْت كَذَا فَجَمِيعُ مَا أَمْلِكُهُ صَدَقَةٌ فِي الْمَسَاكِينِ فَأَرَادَ أَنْ يَفْعَلَ وَلَا يَحْنَثَ يَبِيعُ جَمِيعَ مَا يَمْلِكُهُ مِنْ رَجُلٍ بِثَوْبٍ فِي مِنْدِيلٍ يَقْبِضُهُ وَلَمْ يَرَهُ ثُمَّ يَفْعَلُ ذَلِكَ ثُمَّ يَنْظُرُ إلَى الثَّوْبِ وَيَرُدُّهُ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ. اهـ.
وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ فَهُوَ عَلَى مَالِ الزَّكَاةِ دُونَ أَنْ يَقُولَ يَتَصَدَّقُ بِمَالِ الزَّكَاةِ إلَى أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ سِوَى مَا دَخَلَ تَحْتَ الْإِيجَابِ يَمْسِكُ مِنْ ذَلِكَ قَدْرَ قُوتِهِ فَإِذَا أَصَابَ شَيْئًا بَعْدَ ذَلِكَ تَصَدَّقَ بِمِثْلِ مَا أَمْسَكَ؛ لِأَنَّ حَاجَتَهُ مُقَدَّمَةٌ وَلَمْ يُبَيِّنْ فِي الْمَبْسُوطِ قَدْرَ مَا يُمْسِكُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْعِيَالِ وَبِاعْتِبَارِ مَا يَتَجَدَّدُ لَهُ مِنْ التَّحْصِيلِ فَيُمْسِكُ أَهْلَ كُلِّ صَنْعَةٍ قَدْرَ مَا يَكْفِيهِ إلَى أَنْ يَتَجَدَّدَ لَهُ شَيْءٌ وَقَيَّدَ بِالْمَالِ وَالْمِلْكِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ شَيْءٍ لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا إذَا قَالَ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ مَالِي صَدَقَةٌ إنْ فَعَلْت كَذَا فَفَعَلَهُ وَهُوَ لَا يَمْلِكُ الْأَمَانَةَ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا بِقَدْرِ مَا يَمْلِكُ رَوَاهُ ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ وَكَذَا عَنْ نُصَيْرٍ وَبِهِ أَخَذَ الْفَقِيهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ كَذَا فِي مَآلِ الْفَتَاوَى مِنْ الْإِيمَانِ وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ فَهُوَ عَائِدٌ إلَى الْمَالِ وَكَذَا لَوْ أَوْصَى بِمَالِهِ وَلَا وَارِثَ لَهُ أَوْ كَانَ لَهُ وَأَجَازَهَا فَإِنَّ الْمُوصَى لَهُ يَسْتَحِقُّ جَمِيعَ مَالِهِ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ وَقَعَ فِي الْهِدَايَةِ هُنَا أَنَّ الْوَصِيَّةَ خِلَافَةُ كَالْوِرَاثَةِ وَهُوَ مُشْكِلٌ فَإِنَّ الْمُصَرَّحَ بِهِ أَنَّ مِلْكَ الْمُوصَى لَهُ لَيْسَ بِطَرِيقِ الْخِلَافَةِ كَمِلْكِ الْوَارِثِ قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَضَاءِ أَنَّ الْمُوصَى لَهُ لَيْسَ بِخَلِيفَةٍ عَنْ الْمَيِّتِ وَلِهَذَا لَا يَصِحُّ إثْبَاتُ دَيْنِ الْمَيِّتِ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا يَصِحُّ عَلَى وَارِثٍ أَوْ وَصِيٍّ
وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِعَبْدٍ اشْتَرَاهُ فَوَجَدَ بِهِ الْمُوصَى لَهُ عَيْبًا فَإِنَّهُ لَا يَرُدُّهُ بِخِلَافِ الْوَارِثِ وَيَصِيرُ الْوَارِثُ مَغْرُورًا لَوْ اُسْتُحِقَّتْ الْجَارِيَةُ بَعْدَ الْوِلَادَةِ كَالْمُورِثِ بِخِلَافِ الْمُوصَى لَهُ اهـ.
وَلَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْ الشَّارِحِينَ بَيَّنَهُ وَقَدْ ظَهَرَ لِي أَنَّ صَاحِبَ الْهِدَايَةِ أَرَادَ بِالْخِلَافَةِ أَنَّ مِلْكَ كُلٍّ مِنْهُمَا يَكُونُ بَعْدَ الْمَوْتِ لَا بِمَعْنَى أَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَهُ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْخِلَافَةِ مَا فِي التَّلْخِيصِ بَعْدَ بَيَانِ أَنَّ مِلْكَهُ لَيْسَ خِلَافَهُ أَنَّهُ يَصِحُّ شِرَاؤُهُ مَا بَاعَ الْمَيِّتُ بِأَقَلَّ مِمَّا بَاعَ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ بِخِلَافِ الْوَارِثِ وَقَدَّمْنَا تَعْرِيفَ الْمَالِ أَوَّلَ كِتَابِ الْبُيُوعِ وَلَا فَرْقَ فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ بَيْنَ أَنْ يَقُولَ ثُلُثُ مَالِي لِلْفُقَرَاءِ أَوْ لِفُلَانٍ وَكَذَا لَوْ قَالَ ثُلُثَيْ لِفُلَانٍ أَوْ سُدُسَيْ فَهُوَ وَصِيَّةٌ جَائِزَةٌ وَقَيَّدَ بِالْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ ثُلُثُ مَالِي وَقْفٌ وَلَمْ يَزِدْ قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْوَصَايَا إنَّ مَالَهُ دَرَاهِمُ أَوْ دَنَانِيرُ فَقَوْلُهُ بَاطِلٌ وَإِنْ ضَيَاعًا صَارَ وَقْفًا عَلَى الْفُقَرَاءِ وَلَوْ قَالَ ثُلُثُ مَالِي لِلَّهِ تَعَالَى فَالْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَنْصَرِفُ إلَى وُجُوهِ الْبِرِّ وَلَوْ قَالَ ثُلُثُ مَالِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ لِلْغَزْوِ فَإِنْ أَعْطَوْهُ حَاجًّا مُنْقَطِعًا جَازَ وَفِي النَّوَازِلِ لَوْ صَرَفَ إلَى سِرَاجِ الْمَسْجِدِ يَجُوزُ اهـ.
وَسَيَأْتِي تَمَامُهُ فِي الْوَصَايَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَهَلْ يَدْخُلُ تَحْتَ الْوَصِيَّةِ بِالْمَالِ مَا عَلَى النَّاسِ مِنْ الدُّيُونِ قَالُوا إنَّ الدَّيْنَ لَيْسَ بِمَالٍ حَتَّى لَوْ حَلَفَ أَنْ لَا مَالَ لَهُ وَلَهُ دَيْنٌ عَلَى النَّاسِ لَمْ يَحْنَثْ
ــ
[منحة الخالق]
الْأَبْيَارِيُّ مَا نَصُّهُ لَوْ عَلَّقَهُ بِشَرْطٍ دَخَلَ الْمَالُ الْمَوْجُودُ عِنْدَ الْيَمِينِ وَالْحَادِثُ بَعْدَهُ إلَى وُجُودِ الشَّرْطِ. اهـ.
(قَوْلُهُ ثُمَّ يَفْعَلُ ذَلِكَ) أَيْ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ يُعْلَمُ مِنْهُ كَمَا نُقِلَ عَنْ الْمَقْدِسِيَّ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْمِلْكُ حِينَ الْحِنْثِ لَا حِينَ الْحَلِفِ اهـ.
وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَيْضًا أَنَّ مَا فِيهِ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ لَا يَمْلِكُهُ الْمُشْتَرِي حَتَّى يَرَاهُ وَيَرْضَى بِهِ.
(قَوْلُهُ وَقَدْ ظَهَرَ لِي أَنَّ صَاحِبَ الْهِدَايَةِ إلَخْ) مَا ظَهَرَ لَهُ سَبَقَهُ إلَيْهِ صَاحِبُ الْكِفَايَةِ حَيْثُ قَالَ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا خِلَافَةٌ كَهِيَ أَيْ كَالْوِرَاثَةِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُمَا يُثْبِتَانِ الْمِلْكَ بَعْدَ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ وَهَلْ يَدْخُلُ تَحْتَ الْوَصِيَّةِ بِالْمَالِ مَا عَلَى النَّاسِ مِنْ الدُّيُونِ) أَقُولُ: فِي وَصَايَا الْمَنْظُومَةِ الْوَهْبَانِيَّةِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافًا وَرَجَّحَ الدُّخُولَ حَيْثُ قَالَ وَفِي ثُلُثِ مَالِي يَدْخُلُ الدَّيْنُ أَجْدَرُ قَالَ شَارِحُهَا الْعَلَّامَةُ ابْنُ الشِّحْنَةِ الْمَسْأَلَةُ فِي الْقُنْيَةِ رَمَزَ لِبُرْهَانَ صَاحِبِ الْمُحِيطِ وَقَالَ لَوْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لَا يَدْخُلُ الدَّيْنُ ثُمَّ رَمَزَ لِلْأَصْلِ وَقَالَ يَدْخُلُ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَفِي حِفْظِي مِنْ فَتَاوَى قَاضِي خَانْ رِوَايَةُ دُخُولِ الدَّيْنِ فِي الْوَصِيَّةِ بِثُلُثِ الْمَالِ وَالْمُرَادُ بِدُخُولِهَا أَنْ يَدْخُلَ ثُلُثُهَا فِي الْوَصِيَّةِ وَلَا يَسْقُطُ فَيُجْعَلُ كَأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ اهـ.
وَفِي وَصَايَا الْكَنْزِ أَوْصَى لَهُ بِأَلْفٍ وَلَهُ عَيْنٌ وَدَيْنٌ فَإِنْ خَرَجَ الْأَلْفُ مِنْ ثُلُثِ الْعَيْنِ دُفِعَ إلَيْهِ وَإِلَّا فَثُلُثُ الْعَيْنِ وَكُلَّمَا خَرَجَ شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ لَهُ ثُلُثُهُ حَتَّى يُسْتَوْفَى الْأَلْفُ وَهَذِهِ غَيْرُ مَسْأَلَتِنَا وَمَا نَقَلَهُ عَنْ حِفْظِ ابْنِ وَهْبَانَ يُخَالِفُهُ مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ هُنَا عَنْ الْخَانِيَّةِ وَرَأَيْت فِي وَصَايَا الظَّهِيرِيَّةِ إذَا كَانَ مِائَةُ دِرْهَمٍ عَيْنٌ وَمِائَةُ دِرْهَمٍ عَلَى أَجْنَبِيٍّ دَيْنٌ فَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِثُلُثِ مَالِهِ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ ثُلُثَ الْعَيْنِ دُونَ الدَّيْنِ أَلَا تَرَى إنْ حَلَفَ أَنْ لَا مَالَ لَهُ وَلَهُ دُيُونٌ عَلَى النَّاسِ لَمْ يَحْنَثْ ثُمَّ مَا خَرَجَ مِنْ الدَّيْنِ أُخِذَ مِنْهُ ثُلُثُهُ حَتَّى يَخْرُجَ الدَّيْنُ كُلُّهُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا تَعَيَّنَ الْخَارِجُ مَالًا الْتَحَقَ بِمَا كَانَ عَيْنًا فِي الِابْتِدَاءِ وَلَا يُقَالُ لَمَّا لِمَ يَثْبُتْ حَقُّهُ فِي الدَّيْنِ قَبْلَ أَنْ يَتَعَيَّنَ كَيْفَ يَثْبُتُ حَقُّهُ فِيهِ إذَا تَعَيَّنَ؛ لِأَنَّا نَقُولُ مِثْلُ هَذَا غَيْرُ مُمْتَنِعٍ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ الْمَالِ لَا يَثْبُتُ حَقُّهُ فِي الْقِصَاصِ وَمَتَى انْقَلَبَ مَالًا يَثْبُتُ حَقُّهُ فِيهِ اهـ. وَيُمْكِنُ أَنْ يُوَفِّقَ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ بِهَذَا فَتَدَبَّرْ. وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ