المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ القضاء على خصم غير حاضر - البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري - جـ ٧

[زين الدين ابن نجيم - ابن عابدين]

فهرس الكتاب

- ‌(بَابُ كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي وَغَيْرِهِ)

- ‌[يَبْطُلُ كِتَاب الْقَاضِي إلَيَّ الْقَاضِي بِمَوْتِ الْكَاتِبِ وَعَزْلِهِ]

- ‌ الْقَضَاءُ بِشَهَادَةِ الزُّورِ فِي الْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ

- ‌ الْقَضَاءُ عَلَى خَصْمٍ غَيْرِ حَاضِرٍ

- ‌ الْقَضَاءَ عَلَى الْمُسَخَّرِ

- ‌(بَابُ التَّحْكِيمِ)

- ‌[شَرْطُ التَّحْكِيم]

- ‌[حُكْمُ المحكم لِأَبَوَيْهِ وَوَلَدِهِ]

- ‌[مَسَائِلُ شَتَّى مِنْ كِتَابِ الْقَضَاءِ]

- ‌ ادَّعَى دَارًا فِي يَدِ رَجُلٍ أَنَّهُ وَهَبَهَا لَهُ فِي وَقْتٍ فَسُئِلَ الْبَيِّنَةَ فَقَالَ جَحَدَنِيهَا

- ‌ قَالَ لِآخَرَ لَك عَلَيَّ أَلْفٌ فَرَدَّهُ ثُمَّ صَدَّقَهُ

- ‌ ادَّعَى دَارًا إرْثًا لِنَفْسِهِ وَلِأَخٍ لَهُ غَائِبٍ وَبَرْهَنَ عَلَيْهِ

- ‌ أَوْصَى إلَيْهِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْوَصِيَّةِ

- ‌ قَالَ قَاضٍ عُزِلَ لِرَجُلٍ أَخَذْت مِنْك أَلْفًا وَدَفَعْته إلَى زَيْدٍ قَضَيْت بِهِ عَلَيْك فَقَالَ الرَّجُلُ أَخَذْته ظُلْمًا

- ‌(كِتَابُ الشَّهَادَاتِ)

- ‌[سَتْر الشَّهَادَةِ فِي الْحُدُود]

- ‌[شَرَطَ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الزِّنَا أَرْبَعَةَ رِجَالٍ]

- ‌[شَرَطَ لِجَمِيعِ أَنْوَاعِهَا لَفْظَ أَشْهَدُ بِالْمُضَارِعِ الشَّهَادَة]

- ‌[وَالْوَاحِدُ يَكْفِي لِلتَّزْكِيَةِ وَالرِّسَالَةِ وَالتَّرْجَمَةِ الشَّهَادَةُ]

- ‌لَا يَعْمَلُ شَاهِدٌ وَقَاضٍ وَرَاوٍ بِالْخَطِّ إنْ لَمْ يَتَذَكَّرُوا)

- ‌(بَابُ مَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَمَنْ لَا تُقْبَلُ)

- ‌[فُرُوعٌ شَهِدَ الْوَصِيُّ بَعْدَ الْعَزْلِ لِلْمَيِّتِ]

- ‌(بَابُ الِاخْتِلَافِ فِي الشَّهَادَةِ)

- ‌يُعْتَبَرُ اتِّفَاقُ الشَّاهِدَيْنِ لَفْظًا وَمَعْنًى)

- ‌[شَهِدَا بِقَرْضِ أَلْفٍ وَشَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قَضَاهُ]

- ‌[شَهِدَ لِرَجُلٍ أَنَّهُ اشْتَرَى عَبْدَ فُلَانِ بِأَلْفٍ وَشَهِدَ آخَرُ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ]

- ‌(بَابُ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ)

- ‌[صِيغَة الْإِشْهَادُ عَلَى الشَّهَادَة]

- ‌[لَا شَهَادَةَ لِلْفَرْعِ إلَّا بِمَوْتِ أَصْلِهِ أَوْ مَرَضِهِ أَوْ سَفَرِهِ]

- ‌(بَابُ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ)

- ‌ شَهِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ فَرَجَعَتْ امْرَأَةٌ

- ‌[شَهِدَا عَلَى شَهَادَةِ أَرْبَعَةٍ وَآخَرَانِ عَلَى شَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ وَقُضِيَ ثُمَّ رَجَعُوا]

- ‌[شُهُودُ الْإِحْصَانِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ]

- ‌[كِتَابُ الْوَكَالَةِ]

- ‌[شَرَائِطِ الْوَكَالَةُ]

- ‌[حُكْمِ الْوَكَالَة]

- ‌[صِفَة الْوَكَالَةِ]

- ‌ التَّوْكِيلُ بِإِيفَاءِ جَمِيعِ الْحُقُوقِ وَاسْتِيفَائِهَا

- ‌(بَابُ الْوَكَالَةِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ)

- ‌[مُفَارَقَةُ الْوَكِيلِ فِي الصَّرْفِ وَالسَّلَمِ]

- ‌[أَمَرَهُ بِشِرَاءِ عَبْدَيْنِ مُعَيَّنَيْنِ وَلَمْ يُسَمِّ ثَمَنًا فَاشْتَرَى لَهُ أَحَدَهُمَا]

- ‌[فَصْلٌ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ لَا يَعْقِدُ مَعَ مَنْ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ لَهُ]

- ‌[رَدَّ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ عَلَى الْوَكِيلِ بِالْعَيْبِ]

- ‌[تَصَرُّفُ أَحَدُ الْوَكِيلَيْنِ وَحْدَهُ]

- ‌ زَوَّجَ عَبْدٌ أَوْ مُكَاتَبٌ أَوْ كَافِرٌ صَغِيرَتَهُ الْحُرَّةَ الْمُسْلِمَةَ

- ‌(بَابُ الْوَكَالَةِ بِالْخُصُومَةِ وَالْقَبْضِ)

- ‌ وَكَّلَهُ بِقَبْضِ مَالِهِ فَادَّعَى الْغَرِيمُ أَنَّ رَبَّ الْمَالِ أَخَذَهُ

- ‌[بَابُ عَزْلِ الْوَكِيلِ]

- ‌[افْتِرَاقُ الشَّرِيكَيْنِ هَلْ يُبْطِل الْوَكَالَة]

- ‌(كِتَابُ الدَّعْوَى)

- ‌[بَابُ التَّحَالُفِ]

- ‌(فَصْلٌ) يَعْنِي فِي دَفْعِ الدَّعْوَى

- ‌(بَابُ دَعْوَى الرَّجُلَيْنِ)

- ‌[كِتَابُ الْإِقْرَارِ]

- ‌[بَابُ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الْإِقْرَارِ]

- ‌(بَابُ إقْرَارِ) (الْمَرِيضِ)

- ‌(كِتَابُ الصُّلْحِ)

- ‌[فَصْلٌ الصُّلْحُ عَنْ دَعْوَى الْمَالِ]

- ‌[بَابُ الصُّلْحِ فِي الدَّيْنِ]

- ‌(فَصْلٌ فِي الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ)

- ‌[فَصْلٌ فِي صُلْحِ الْوَرَثَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْمُضَارَبَةِ]

- ‌[فُرُوعٌ ادَّعَى أَرْضًا أَنَّهَا وَقْفٌ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ فَصَالَحَهُ الْمُنْكِرُ لِقَطْعِ الْخُصُومَةِ]

- ‌(بَابُ " الْمُضَارِبُ يُضَارِبُ

- ‌[فَصْلٌ دَفْعِ مَالِ الْمُضَارَبَةُ إلَى الْمَالِكِ بِضَاعَةً]

- ‌[كِتَابُ الْوَدِيعَةِ]

- ‌[لِلْمُودَعِ أَنْ يَحْفَظ الْوَدِيعَة بِنَفْسِهِ وَبِعِيَالِهِ]

- ‌[طَلَبَ الْوَدِيعَة رَبُّهَا فَحَبَسَهَا قَادِرًا عَلَى تَسْلِيمِهَا فَمَنَعَهَا]

- ‌[كِتَابُ الْعَارِيَّةِ]

- ‌[هَلَكَتْ الْعَارِيَّة بِلَا تَعَدٍّ]

- ‌[كِتَابُ الْهِبَةِ]

- ‌[مُؤْنَةُ رد الْوَدِيعَةِ عَلَى الْمَالِكِ]

- ‌[هِبَةُ الْأَبِ لِطِفْلَةِ]

- ‌[قَبْضُ زَوْجِ الصَّغِيرَةِ مَا وُهِبَ بَعْدَ الزِّفَافِ]

- ‌(بَابُ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ)

- ‌[فَصْلٌ مَسَائِلَ شَتَّى فِي الْهِبَة]

- ‌[الرُّقْبَى]

- ‌[كِتَابُ الْإِجَارَةِ]

- ‌[لِرَبِّ الدَّارِ وَالْأَرْضِ طَلَبُ الْأَجْرِ كُلَّ يَوْمٍ]

- ‌[اسْتَأْجَرَهُ لِيَجِيءَ بِعِيَالِهِ فَمَاتَ بَعْضُهُمْ فَجَاءَ بِمَا بَقِيَ]

- ‌[بَابُ مَا يَجُوزُ مِنْ الْإِجَارَةِ وَمَا يَكُونُ خِلَافًا فِيهَا]

- ‌[الزَّرْعُ يُتْرَكُ بِأَجْرِ الْمِثْلِ إلَى أَنْ يُدْرَكَ إذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ]

- ‌[بَابُ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ]

الفصل: ‌ القضاء على خصم غير حاضر

وَأَمَّا مِثَالُ الثَّانِي فَإِنْ يَعْتَقِدْ الثَّلَاثَ فِي قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ أَلْبَتَّةَ فَإِنَّهَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ فَإِنْ تَحَوَّلَ رَأْيُهُ إلَى أَنَّهَا رَجْعِيَّةٌ لَمْ تَحِلَّ وَمِثَالُ الثَّالِثِ أَنْ يَحْكُمَ الْقَاضِي بِكَوْنِهَا رَجْعِيَّةً فَإِنَّ هَذَا الْقَضَاءَ يَهْدِمُ رَأْيَهُ مِنْ أَنَّهَا ثَلَاثٌ وَمِثَالُ الرَّابِعِ إذَا قَضَى قَاضٍ ثُمَّ تَحَوَّلَ رَأْيُهُ فَإِنَّهُ لَا يَنْقُضُ مَا مَضَى؛ لِأَنَّ الرَّأْيَ لَا يَهْدِمُ الْقَضَاءَ وَإِنَّمَا يُعْمَلُ بِرَأْيِهِ فِي الْمُسْتَقْبِلِ اهـ. مُخْتَصَرًا.

(قَوْلُهُ وَلَا يُقْضَى عَلَى غَائِبٍ) أَيْ لَا يَصِحُّ‌

‌ الْقَضَاءُ عَلَى خَصْمٍ غَيْرِ حَاضِرٍ

لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام لِعَلِيٍّ «لَا تَقْضِ لِأَحَدٍ الْخَصْمَيْنِ حَتَّى تَسْمَعَ كَلَامَ الْآخَرِ فَإِنَّك إذَا سَمِعْت كَلَامَ الْآخَرِ عَلِمْت كَيْفَ تَقْضِي» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَلِأَنَّ الْقَضَاءَ لِقَطْعِ الْمُنَازَعَةِ وَلَا مُنَازَعَةَ هُنَا لِعَدَمِ الْإِنْكَارِ فَلَا يَصِحُّ كَذَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَصَرَّحَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بِأَنَّ حَضْرَةَ الْخَصْمِ لِيَتَحَقَّقَ إنْكَارُهُ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الْحُكْمِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْقَضَاءِ قَضَى لِلْغَائِبِ أَوْ عَلَيْهِ لَا يَصِحُّ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَنْهُ خَصْمٌ حَاضِرٌ اهـ.

فَلِذَا فَسَّرْنَا كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ لَا بِعَدَمِ الْحِلِّ وَالْأَوْلَى أَنْ يُفَسَّرَ بِعَدَمِ النَّفَاذِ لِقَوْلِهِمْ إذَا نَفَذَهُ قَاضٍ آخَرُ يَرَاهُ فَإِنَّهُ يَنْفُذُ وَقَدَّمْنَا خِلَافَ التَّصْحِيحِ فِي نَفَذَ الْقَضَاءُ عَلَى الْغَائِبِ فَصَحَّحَ الشَّارِحُ عَدَمَهُ وَفِي الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ الْفَتْوَى عَلَى النَّفَاذِ وَرَجَّحَ الْأَوَّلَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إمْضَاءِ قَاضٍ آخَرَ؛ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي نَفْسِ الْقَضَاءِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْقَضَاءِ قَالَ الْإِمَامُ ظَهِيرُ الدِّينِ فِي نَفَاذِ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ رِوَايَتَانِ وَنَحْنُ نُفْتِي بِعَدَمِ النَّفَاذِ كَيْ لَا يَتَطَرَّقُوا إلَى إبْطَالِ مَذْهَبِ أَصْحَابِنَا اهـ.

وَالْقَائِلُ بِأَنَّ الْفَتْوَى عَلَى النَّفَاذِ خواهر زاده وَفِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي الْقَضَاءُ عَلَى الْغَائِبِ بِلَا خَصْمٍ فِيهِ رِوَايَتَانِ وَيُفْتَى بِعَدَمِ النَّفَاذِ وَقِيلَ إنْ رَآهُ قَاضٍ فَقَضَى بِهِ يَنْفُذُ. اهـ.

لَكِنْ اشْتَبَهَ عَلَى كَثِيرٍ أَنَّ قَوْلَهُمْ الْفَتْوَى عَلَى النَّفَاذِ أَعَمُّ مِنْ كَوْنِ الْقَاضِي شَافِعِيًّا يَرَاهُ أَوْ حَنَفِيًّا لَا يَرَاهُ وَهُوَ إنَّمَا هُوَ فِيمَنْ يَرَاهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ فِي حَقِّ مَنْ يَرَاهُ لِإِجْمَاعِ الْحَنَفِيَّةِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُقْضَى عَلَى غَائِبٍ كَمَا ذَكَرَهُ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَضَاءِ وَلَوْ كَانَ أَعَمَّ لَلَزِمَ هَدْمُ مَذْهَبِ أَصْحَابِنَا وَالْعَجَبُ مِنْ الْبَزَّازِيِّ حَيْثُ قَالَ فِي الْفَتَاوَى مِنْ الْمَفْقُودِ وَهَلْ يَنْصِبُ الْقَاضِي وَكِيلًا عَلَى الْغَائِبِ وَعَنْ الْغَائِبِ عِنْدَنَا لَا يَفْعَلُ أَمَّا لَوْ فَعَلَ بِأَنْ حَكَمَ عَلَى الْغَائِبِ نَفَذَ إجْمَاعًا؛ لِأَنَّ الْمُجْتَهِدَ سَبَبُ الْقَضَاءِ وَهُوَ أَنَّ الْبَيِّنَةَ هَلْ تَكُونُ حُجَّةً بِلَا خَصْمٍ حَاضِرٍ لِلْقَضَاءِ أَمْ لَا فَإِذَا رَآهَا حُجَّةً وَحَكَمَ نَفَذَ كَمَا لَوْ حَكَمَ بِشَهَادَةِ الْفُسَّاقِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى اهـ.

فَإِنَّ دَعْوَى الْإِجْمَاعِ لَيْسَتْ بِصَحِيحَةٍ وَهُوَ مَسْبُوقٌ بِهَا عَنْ خواهر زاده وَفِي قَوْلِهِ فَإِذَا رَآهَا حُجَّةً إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ مِمَّنْ يَرَى الْقَضَاءَ عَلَى الْغَائِبِ فَخَرَجَ الْحَنَفِيُّ الْمُقَلِّدُ وَلَقَدْ صَدَقَ الْعَلَّامَةُ مَحْمُودٌ حَيْثُ قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ قَدْ اضْطَرَبَ آرَاؤُهُمْ وَبَيَانُهُمْ فِي مَسَائِلِ الْحُكْمِ لِلْغَائِبِ وَعَلَيْهِ وَلَمْ يَصْفُ وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْهُمْ أَصْلٌ قَوِيٌّ ظَاهِرٌ يُبْنَى عَلَيْهِ الْفُرُوعُ بِلَا اضْطِرَابٍ وَلَا إشْكَالٍ فَالظَّاهِرُ عِنْدِي أَنْ يُتَأَمَّلَ فِي الْوَقَائِعِ وَيُحْتَاطَ وَيُلَاحَظَ الْحَرَجُ وَالضَّرُورَاتُ فَيُفْتَى بِحَسْبِهَا جَوَازًا أَوْ فَسَادًا. اهـ.

وَاَلَّذِي

ــ

[منحة الخالق]

[الْقَضَاءُ عَلَى خَصْمٍ غَيْرِ حَاضِرٍ]

(قَوْلُهُ فَلِذَا فَسَّرْنَا كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ) قَالَ الرَّمْلِيُّ هَذَا لَا يَتَأَتَّى عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْخِلَافَ فِي حِلِّ الْإِقْدَامِ لَا فِي حِلِّ النَّفَاذِ فَتَنَبَّهْ (قَوْلُهُ كَيْ لَا يَتَطَرَّقُوا إلَى إبْطَالِ مَذْهَبِ أَصْحَابِنَا) قَالَ الرَّمْلِيُّ فَإِنْ قُلْتُ: مَا وَجْهُ التَّطَرُّقِ إلَى إبْطَالِ الْمَذْهَبِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ دُونَ غَيْرِهَا مِنْ الْخِلَافِيَّاتِ قُلْتُ: لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ وَجْهَهُ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ لِأَنَّ الْقَضَاءَ لَا يَخْلُو إمَّا عَلَى حَاضِرٍ أَوْ عَلَى غَائِبٍ فَإِذَا فُتِحَ بَابُ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ فَقَدْ تَرَكَ مِنْهُ النِّصْفَ بِخِلَافِ غَيْرِهَا مِنْ الْمَسَائِلِ الْخِلَافِيَّةِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ فِي حَقِّ مَنْ يَرَاهُ إلَخْ) لَمْ يَذْكُرْ مَا لَوْ كَانَ مِمَّنْ لَا يَرَاهُ الْحَنَفِيُّ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ يَجْرِي فِيهِ الْكَلَامِ الْمَارِّ فِيمَا لَوْ قَضَى فِي الْمُجْتَهَدِ فِيهِ مُخَالِفًا لِرَأْيِهِ مِنْ كَوْنِهِ نَاسِيًا أَوْ عَامِدًا وَمَا فِيهِ مِنْ الْخِلَافِ بَيْنَ الْإِمَامِ وَصَاحِبَيْهِ وَاخْتِلَافِ التَّرْجِيحِ وَإِنَّ هَذَا فِي غَيْرِ قُضَاةِ زَمَانِنَا قَالَ الرَّمْلِيُّ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ قُنْيَةٌ مج لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَقْضِيَ بِالْفُرْقَةِ بِسَبَبِ الْعَجْزِ عَنْ النَّفَقَةِ وَأَجَابَ هُوَ مِرَارًا فِيمَنْ غَابَ عَنْ امْرَأَتِهِ وَتَرَكَهَا بِلَا نَفَقَةٍ أَنَّهُ لَوْ قَضَى بِالْفُرْقَةِ بِسَبَبِ الْعَجْزِ عَنْ النَّفَقَةِ يَنْفُذُ قَالَ وَإِنَّمَا فَرَّقْت بَيْنَ الْجَوَابَيْنِ إذْ الْخِلَافُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي حِلِّ الْإِقْدَامِ عَلَى الْقَضَاءِ فَعِنْدَهُ يَحِلُّ وَعِنْدَنَا لَا يَحِلُّ وَلَا خِلَافَ فِي النَّفَاذِ فَالْجَوَابُ الْأَوَّلُ جَوَابٌ عَنْ الْإِقْدَامِ وَالثَّانِي عَنْ النَّفَاذِ مَعَ حُرْمَةِ الْإِقْدَامِ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ شَفْعَوِيُّ الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي نَفَاذِ الْقَضَاءِ. اهـ.

فَهُوَ كَمَا تَرَى صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ أَعَمُّ وَقَوْلُهُ فِيمَا يَأْتِي بَعْدَ أَوْرَاقٍ ثَلَاثٍ وَفَرْقُهُمْ بَيْنَ سَبَبٍ وَبَيْنَ السَّبَبِ وَالشَّرْطِ أَدَلُّ دَلِيلٍ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُمْ بِنَفَاذِ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ فِي أَظْهَرْ الرِّوَايَتَيْنِ إنَّمَا هُوَ فِي قَضَاءِ الشَّافِعِيِّ، وَأَمَّا الْحَنَفِيُّ فَلَا؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا مَعْنَى لِلْفَرْقِ الْمَذْكُورِ يَرُدُّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْخِلَافِ فِي حِلِّ الْإِقْدَامِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَإِنَّ دَعْوَى الْإِجْمَاعِ لَيْسَتْ بِصَحِيحَةٍ) أَيْ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى عَدَمِ النَّفَاذِ لَكِنْ مَرَّ أَيْضًا أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى النَّفَاذِ وَعَلَيْهِ مَشَى الْبَزَّازِيُّ فِيمَا مَرَّ فَكَلَامُهُ هُنَا مَبْنِيٌّ عَلَيْهِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ عِنْدِي أَنْ يُتَأَمَّلَ إلَخْ) تَمَامُ عِبَارَتِهِ مَثَلًا لَوْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ عِنْدَ الْعَدْلِ فَغَابَ عَنْ الْبَلَدِ وَلَا يُعْرَفُ مَكَانَهُ أَوْ يُعْرَفُ وَلَكِنْ يَعْجِزُ عَنْ إحْضَارِهِ أَوْ عَنْ أَنْ تُسَافِرَ إلَيْهِ هِيَ أَوْ وَكِيلُهَا لِبُعْدِهِ أَوْ لِمَانِعٍ آخَرَ بِأَنْ كَانَ لَا يَرْضَى أَحَدٌ بِالْوَكَالَةِ وَكَذَا الْمَدْيُونُ لَوْ غَابَ عَنْ الْبَلَدِ وَلَهُ نَقْدٌ فِي الْبَلَدِ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ فَفِي مِثْلِ هَذِهِ الْمَوَاضِعِ لَوْ بَرْهَنَ عَلَى الْغَائِبِ بِحَيْثُ اطْمَأَنَّ قَلْبُ الْقَاضِي وَغَلَبَ ظَنُّهُ أَنَّهُ حَقٌّ لَا تَزْوِيرٌ وَلَا حِيلَةَ فِيهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَحْكُمَ عَلَى الْغَائِبِ وَلِلْغَائِبِ وَكَذَا لِلْمُفْتِي أَنْ يُفْتِيَ بِجَوَازِهِ

ص: 17

ظَهَرَ لِي مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْمَذْهَبَ عَنْ أَصْحَابِنَا عَدَمُ صِحَّةِ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ وَأَنَّ الْقَاضِيَ الَّذِي يَرَاهُ إنْ قَضَى عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِمْضَاءِ؛ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي نَفْسِ الْقَضَاءِ وَمَا عَدَا هَذَا مِنْ الْأَقْوَالِ مِنْ تَصَرُّفَاتِ بَعْضِ الْمَشَايِخِ ثُمَّ ظَهَرَ لِي بِحَمْدِ اللَّهِ مَا يَجِبُ الْمَصِيرُ إلَيْهِ وَهُوَ أَنَّهُمْ قَالُوا بِأَنَّ الْفَتْوَى عَلَى النَّفَاذِ فِيمَا إذَا قَضَى عَلَى مَفْقُودٍ لَا فِي مُطْلَقِ الْغَائِبِ وَيَدُلُّ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَفْقُودِ وَغَيْرِهِ مَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ مِنْ بَابِ فَصْلِ الْقَضَاءِ فِي الْمُجْتَهَدَاتِ رَجُلٌ قَدَّمَ رَجُلًا إلَى قَاضٍ وَقَالَ إنَّ لِأَبِي عَلَى هَذَا الرَّجُلِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَأَبِي غَائِبٌ وَإِنِّي أَخَاف أَنْ يَتَوَارَى هَذَا الرَّجُلُ فَجَعَلَهُ الْقَاضِي وَكِيلًا لِأَبِيهِ وَقَبِلَ بَيِّنَةَ الِابْنِ عَلَى الْمَالِ وَحَكَمَ بِذَلِكَ ثُمَّ رَفَعَ ذَلِكَ إلَى قَاضٍ آخَرَ فَإِنَّ الثَّانِيَ لَا يُجِيزُ قَضَاءَ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ بَيِّنَةَ الِابْنِ مَا قَامَتْ بِحَقٍّ عَلَى الْغَائِبِ حَتَّى يَكُونَ الْقَضَاءُ عَلَى الْغَائِبِ وَإِنَّمَا قَامَتْ لِغَائِبٍ وَهَذَا بِخِلَافِ الْمَفْقُودِ إذَا أَقَامَ الْقَاضِي ابْنَهُ وَكِيلًا فِي طَلَبِ حُقُوقِهِ؛ لِأَنَّ الْمَفْقُودَ بِمَنْزِلَةِ الْمَيِّتِ فَكَانَ لِلْقَاضِي التَّصَرُّفُ فِي مَالِهِ. اهـ.

أَطْلَقَ فِي عَدَمِ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا ثَبَتَ الْحَقَّ بِبَيِّنَةٍ سَوَاءٌ كَانَ غَائِبًا وَقْتَ الشَّهَادَةِ أَوْ غَابَ بَعْدَهَا قَبْلَ التَّزْكِيَةِ وَسَوَاءٌ كَانَ غَائِبًا عَنْ الْمَجْلِسِ حَاضِرًا فِي الْبَلَدِ أَوْ غَائِبًا عَنْ الْبَلَدِ، وَأَمَّا إذَا أَقَرَّ عِنْدَ الْقَاضِي فَغَابَ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ عَلَيْهِ قَضَى عَلَيْهِ وَهُوَ غَائِبٌ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَطْعَنَ فِي الْبَيِّنَةِ دُونَ الْإِقْرَارِ وَلِأَنَّ الْقَضَاءَ بِالْإِقْرَارِ قَضَاءُ إعَانَةٍ وَإِذَا نَفَذَ الْقَاضِي إقْرَارَهُ سُلِّمَ إلَى الْمُدَّعِي حَقَّهُ عَيْنًا كَانَ أَوْ دَيْنًا أَوْ عَقَارًا إلَّا أَنَّ فِي الدَّيْنِ يُسَلَّمُ إلَيْهِ جِنْسُ حَقِّهِ إذَا وُجِدَ فِي يَدِ مَنْ يَكُونُ مُقِرًّا بِأَنَّهُ مَالُ الْغَائِبِ الْمُقِرِّ وَلَا يَبِيعُ فِي ذَلِكَ الْعُرُوضَ وَالْعَقَارَ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ قَضَاءٌ عَلَى الْغَائِبِ فَلَا يَجُوزُ كَذَا فِي شَرْحِ الزِّيَادَاتِ لِلْعَتَّابِيِّ وَالْإِخْبَارُ بِالْقَضَاءِ مِنْهُ كَالْإِنْشَاءِ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ الْحَضْرَةِ قَالَ فِي شَهَادَاتِ الْقُنْيَةِ أَشْهَدَ الْقَاضِي شُهُودًا إنِّي حَكَمْت لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ بِكَذَا فَهُوَ إشْهَادٌ بَاطِلٌ وَالْحُضُورُ شَرْطٌ وَقَالَ قَبْلَهُ خَرَجَ الْحَاكِمُ عَنْ الْمَحْكَمَةِ ثُمَّ أَشْهَدَ عَلَى حُكْمِهِ يَصِحُّ إشْهَادُهُ اهـ.

وَفِي تَهْذِيبِ الْقَلَانِسِيِّ إذَا قَالَ الْقَاضِي حَكَمْتُ عَلَى فُلَانٍ بِكَذَا وَهُوَ غَائِبٌ لَمْ يُصَدَّقْ اهـ.

وَقُلْنَا عَلَى غَيْرِ خَصْمٍ حَاضِرٍ لِإِخْرَاجِ مَا لَوْ قَضَى عَلَى حَاضِرٍ لَيْسَ بِخَصْمٍ وَعَلَى خَصْمٍ غَائِبٍ فَالْخَصْمُ مَنْ تُسْمَعُ الدَّعْوَى عَلَيْهِ بِانْفِرَادِهِ شَرْعًا فَخَرَجَ مَا لَوْ قَضَى عَلَى رَاهِنٍ فِي غَيْبَةِ مُرْتَهِنٍ وَعَكْسُهُ وَكَذَا فِي الْمُؤَجِّرِ مَعَ الْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُعِيرِ مَعَ الْمُسْتَعِيرِ وَالْمُوصَى لَهُ لَيْسَ بِخَصْمٍ إلَّا فِي إثْبَاتِ الْوِصَايَةِ أَوْ الْوَكَالَةِ وَغَرِيمُ الْمَيِّتِ لَيْسَ بِخَصْمٍ لِمُدَّعِي الدَّيْنِ عَلَى الْمَيِّتِ إنَّمَا الْخَصْمُ وَارِثٌ أَوْ وَصِيٌّ وَأَحَدُ الْوَرَثَةِ خَصْمٌ عَنْ الْبَاقِي فِيمَا لِلْمَيِّتِ وَمَا عَلَيْهِ وَالْخَصْمُ فِي دَعْوَى السِّعَايَةِ الْمَأْمُورُ لَا الْآمِرُ إنْ كَانَ الْآمِرُ سُلْطَانًا وَإِلَّا فَالْآمِرُ وَالْمُسْتَأْجِرُ لَيْسَ بِخَصْمٍ لِمُدَّعِي إجَارَةٍ أَوْ رَهْنٍ أَوْ شِرَاءٍ كَالْمُسْتَعِيرِ وَالْمُشْتَرِي خَصْمٌ لِلْكُلِّ وَكَذَا الْمَوْهُوبُ لَهُ وَالْخَصْمُ فِي دَعْوَى الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ الْعَاقِدَانِ وَفِي الْمَبِيعِ الْفَاسِدِ قَبْلَ الْقَبْضِ الْبَائِعُ وَحْدَهُ وَبَعْدَهُ الْمُشْتَرِي وَحْدَهُ وَسَيَأْتِي تَمَامُهُ فِي كِتَابِ الدَّعْوَى.

(قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَحْضُرَ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ كَالْوَكِيلِ وَالْوَصِيِّ) ذَكَرَ الْمِثَالَيْنِ لِيُبَيِّنَ أَنَّ الْقَائِمَ مَقَامَهُ قَدْ يَكُونُ بِإِنَابَتِهِ أَوْ بِإِنَابَةِ الشَّرْعِ فَالْوَصِيُّ إنْ كَانَ مِنْ قِبَلِ الْمَيِّتِ فَهُوَ بِإِنَابَتِهِ وَإِنْ كَانَ مَنْصُوبَ الْقَاضِي فَهُوَ بِإِنَابَةِ الشَّرْعِ وَظَاهِرُ الِاسْتِثْنَاءِ أَنَّ الْوَكِيلَ أَوْ الْوَصِيَّ إذَا حَضَرَ فَإِنَّ الْقَاضِيَ إنَّمَا يَحْكُمُ عَلَى الْغَائِبِ وَعَلَى الْمَيِّتِ وَلَا يَحْكُمُ عَلَى الْوَكِيلِ وَالْوَصِيِّ وَيَكْتُبُ فِي السِّجِلِّ أَنَّهُ حَكَمَ عَلَى الْمَيِّتِ وَعَلَى الْغَائِبِ بِحَضْرَةِ وَكِيلِهِ وَبِحَضْرَةِ وَصِيِّهِ كَذَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْيَمِينِ ادَّعَى أَنَّهُ وَكِيلُ الْغَائِبِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ أَوْ الْعَيْنِ إنْ بَرْهَنَ عَلَى الْوَكَالَةِ وَالْمَالِ قُبِلَتْ وَإِنْ أَقَرَّ بِالْوَكَالَةِ وَأَنْكَرَ الْمَالَ لَا يَصِيرُ خَصْمًا وَلَا تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ كَوْنُهُ خَصْمًا بِإِقْرَارِ الْمَطْلُوبِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ فِي حَقِّ الطَّالِبِ وَإِنْ أَقَرَّ بِالْمَالِ وَأَنْكَرَ الْوَكَالَةَ لَا يَسْتَحْلِفُ عَلَى الْوَكَالَةِ؛ لِأَنَّ التَّحْلِيفَ يَتَرَتَّبُ عَلَى دَعْوَى صَحِيحَةٍ وَلَمْ تُوجَدْ لِعَدَمِ ثُبُوتِ الْوَكَالَةِ.

وَذَكَرَ الْخَصَّافُ أَنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى الْوَكَالَةِ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ وَلَوْ أَنْكَرَ الْكُلَّ فَهُوَ كَإِنْكَارِ الْوَكَالَةِ وَحْدَهَا وَلَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمَالِ وَالْوَكَالَةُ تُقْبَلُ عِنْدَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ بِقَبْضِ الدَّيْنِ خَصْمٌ وَفَصْلُ الْوِصَايَةِ فِي الْمَالِ كَفَصْلِ الْوَكَالَةِ إلَّا فِي فَصْلٍ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا ادَّعَى أَنَّ فُلَانًا الْمَيِّتَ أَوْصَى إلَيْهِ بِحِفْظِ مَالِهِ

ــ

[منحة الخالق]

دَفْعًا لِلْحَرَجِ وَالضَّرُورَاتِ وَصِيَانَةً لِلْحُقُوقِ عَنْ الضَّيَاعِ مَعَ أَنَّهُ مُجْتَهَدٌ فِيهِ ذَهَبَ إلَى جَوَازِهِ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَفِيهِ رِوَايَتَانِ عَنْ أَصْحَابِنَا وَالْأَحْوَطُ أَنْ يُنْصَبَ عَنْ الْغَائِبِ وَكِيلٌ يُعْرَفُ أَنَّهُ يُرَاعِي جَانِبَ الْغَائِبِ وَلَا يُفَرِّطُ فِي حَقِّهِ فَيُنْصَبُ الْأَوْلَى ثُمَّ الْأَوْلَى وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَأَقَرَّهُ فِي نُورِ الْعَيْنِ إصْلَاحِ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ.

(قَوْلُهُ ثُمَّ ظَهَرَ لِي إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ لَا يَظْهَرُ التَّخْصِيصُ بِالْمَفْقُودِ فِي كَلَامِهِمْ بَلْ الظَّاهِرُ التَّعْمِيمُ ثُمَّ إذَا لُوحِظَ الْحَرَجُ وَالضَّرُورَةُ يَجِبُ اعْتِبَارُ عَدَمِ مُرَاجَعَةِ الْغَائِبِ وَإِحْضَارِهِ حَتَّى لَوْ أَمْكَنَ لَا يَصِحُّ لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ وَفَرْعُ قَاضِي خَانْ لَا يَدُلُّ عَلَى الْمُدَّعَى تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْمَفْقُودَ بِمَنْزِلَةِ الْمَيِّتِ فَكَانَ لِلْقَاضِي تَصَرُّفٌ فِي مَالِهِ) قَالَ الرَّمْلِيُّ وَقَدْ كَثُرَ فِي كَلَامِهِمْ لِلْقَاضِي بُسُوطَةُ يَدٍ فِي مَالِ الْمَفْقُودِ مَا لَيْسَ فِي مَالِ الْغَائِبِ (قَوْلُهُ وَقَالَ قَبْلَهُ خَرَجَ الْحَاكِمُ عَنْ الْمَحْكَمَةِ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَا يُلَائِمُ مَذْهَبَ الْمُتَأَخِّرِينَ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ عِلْمَ الْقَاضِي غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فَتَأَمَّلْ.

ص: 18

وَقَبْضِهِ وَلَهُ كَذَا عِنْدَ هَذَا الْحَاضِرِ فَأَقَرَّ الْحَاضِرُ بِالْكُلِّ يُؤْمَرُ بِتَسْلِيمِ الدَّيْنِ وَالْعَيْنِ بِخِلَافِ الْوَكَالَةِ وَإِنْ أَقَرَّ بِالْوِصَايَةِ وَالْمَوْتِ وَأَنْكَرَ الْمَالَ يَحْلِفُ وَإِنْ أَقَرَّ بِالْمَالِ وَالْمَوْتِ وَأَنْكَرَ الْوِصَايَةَ يَنْصِبُ الْقَاضِي وَصِيًّا وَلَا يُحَلِّفُهُ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ دَعْوَى الْوِصَايَةِ لَيْسَتْ بِلَازِمَةٍ وَإِنْ أَقَرَّ بِالْوِصَايَةِ وَالْمَالِ وَأَنْكَرَ الْمَوْتَ يُحَلِّفُهُ عَلَى عِلْمِهِ كَمَا فِي الْوَارِثِ وَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى كُلِّ ذَلِكَ تُقْبَلُ فِي الْكُلِّ. اهـ.

وَفِيهَا مِنْ التَّاسِعِ فِي نَصْبِ الْوَصِيِّ الْخَصْمَ فِي إثْبَاتِ الْوِصَايَةِ الْوَارِثُ الْبَالِغُ أَوْ مَدْيُونُ الْمَيِّتِ أَوْ الْمُوصَى لَهُ وَاخْتَلَفُوا فِي ابْنِ الْمَيِّتِ فَهُوَ خَصْمٌ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْخَصَّافُ وَخَالَفَهُ بَعْضُ الْمَشَايِخِ وَلَا تَثْبُتُ بِإِقْرَارِ مَدْيُونِ الْمَيِّتِ أَوْ مُودَعِهِ وَإِذَا ثَبَتَتْ الْوِصَايَةُ بِالْبَيِّنَةِ لِمُدَّعِي الدَّيْنِ ثُمَّ حَضَرَ غَرِيمٌ آخَرُ أَوْ مُوصًى لَهُ آخَرُ لَا يُقْضَى لِلثَّانِي بِبَيِّنَةِ الْأَوَّلِ وَعِنْدَ الثَّانِي يُقْضَى وَفِي الْوَصِيَّةِ بِأَنْوَاعِ الْبِرِّ يَكْتَفِي بِتِلْكَ الْبَيِّنَةِ بِالْإِجْمَاعِ اهـ.

وَأَطْلَقَ فِي الْوَكِيلِ فَشَمِلَ مَا إذَا كَانَ وَكِيلًا فِي الْخُصُومَةِ وَالدَّعْوَى وَمَا إذَا كَانَ وَكِيلًا لِلْقَضَاءِ كَمَا إذَا أُقِيمَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ فَوَكَّلَ لِيَقْضِيَ عَلَيْهِ ثُمَّ غَابَ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ وَفِيهَا مِنْ بَابِ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ اسْتَمْهَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ الْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ الْقَاضِي مُدَّةً مُعَيَّنَةً وَغَابَ وَمَضَتْ تِلْكَ الْمُدَّةُ فَإِنْ ظَهَرَ تَعَنُّتُهُ فَلَهُ الْقَضَاءُ حَالَ غَيْبَتِهِ وَمِثْلُهُ عَنْ الْخُجَنْدِيِّ قَالَ رضي الله عنه وَاشْتِرَاطُهُمَا التَّغَيُّبُ لِلْقَضَاءِ عَلَيْهِ اخْتِيَارٌ حَسَنٌ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْوَكِيلِ فَغَابَ فَحَضَرَ مُوَكِّلُهُ أَوْ عَلَى الْعَكْسِ أَوْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُوَرِّثِ فَمَاتَ وَحَضَرَ وَارِثُهُ أَوْ قَامَتْ عَلَى وَارِثٍ فَغَابَ وَحَضَرَ وَارِثٌ آخَرُ فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَقْضِي عَلَى الَّذِي حَضَرَ بِتِلْكَ الْبَيِّنَةِ اهـ.

وَفِيهَا مِنْ كِتَابِ الْوَكَالَةِ لَا تُقْبَلُ مِنْ الْوَكِيلِ بِالْخُصُومَةِ بَيِّنَةٌ عَلَى وَكَالَتِهِ مِنْ غَيْرِ خَصْمٍ حَاضِرٍ وَلَوْ قَضَى عَلَيْهِ صَحَّ؛ لِأَنَّهُ قَضَاءٌ فِي الْمُخْتَلَفِ اهـ.

وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مِنْ الْخَامِسِ أَرَادَ وَكِيلُ الْبَيْعِ إثْبَاتَ وَكَالَتِهِ بِحَيْثُ لَوْ أَنْكَرَ مُوَكِّلُهُ لَا يُسْمَعُ إنْكَارُهُ فَلَهُ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ يُسْلِمَ الْوَكِيلُ الْعَيْنَ إلَى رَجُلٍ ثُمَّ يَدَّعِي أَنَّهُ وَكِيلٌ بِقَبْضِهِ وَبَيْعِهِ فَسَلِّمْهُ إلَيَّ فَيَقُولُ ذُو الْيَدِ لَا أَعْلَمُ وَكَالَتَهُ فَيُبَرْهِنُ فَيَأْمُرُ الْقَاضِي بِتَسْلِيمِهِ إلَيْهِ فَيَبِيعُهُ وَالثَّانِي أَنْ يَقُولَ هَذَا لِفُلَانٍ فَأَبِيعهُ مِنْك فَإِذَا بَاعَهُ وَقَبَضَ ثَمَنَهُ يَقُولُ الْمُشْتَرِي لَا أَقْبِضُ الْمَبِيعَ لِأَنِّي أَخَاف أَنْ يُنْكِرَ الْمَالِكُ وَكَالَتَك وَرُبَّمَا يَهْلِكُ الْمَبِيعُ فِي يَدِي أَوْ يَنْقُصُ فَيُضَمِّنُنِي فَيُبَرْهِنُ الْوَكِيلُ أَنَّهُ وَكِيلُهُ بِذَلِكَ وَيُجْبِرُهُ عَلَى الْقَبْضِ وَيُثْبِتُ بِالْبَيِّنَةِ وِلَايَةَ الْجَبْرِ عَلَى الْقَبْضِ وَهُنَا وَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَنْ يَبِيعَ فَيَقُولَ إنِّي فُضُولِيٌّ فَلَا أُسَلِّمُ الْمَبِيعَ فَيُبَرْهِنُ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ وَكِيلُ فُلَانٍ بِالْبَيْعِ فَهُوَ خَصْمٌ فَيَثْبُتُ أَنَّهُ وَكِيلٌ بِالْبَيْعِ اهـ وَفِيهِ أَيْضًا وَكَّلَهُمَا بِقَبْضِ دَيْنِهِ فَغَابَ الْمُوَكِّلُ وَأَحَدُ الْوَكِيلَيْنِ فَادَّعَى الْوَكِيلُ الْآخَرُ فَأَقَرَّ الْغَرِيمُ بِدَيْنِهِ وَجَحَدَ وَكَالَتَهُ فَبَرْهَنَ الْوَكِيلُ أَنَّ الدَّائِنَ وَكَّلَهُ وَفُلَانًا الْغَائِبَ بِقَبْضِ دَيْنِهِ يَحْكُمُ بِوَكَالَتِهِمَا حَتَّى لَوْ حَضَرَ الْغَائِبُ لَا يُكَلَّفُ إعَادَةَ الْبَيِّنَةِ وَكَذَا لَوْ جَحَدَ الْغَرِيمُ الدَّيْنَ وَالتَّوْكِيلَ فَبَرْهَنَ عَلَيْهِمَا الْحَاضِرُ يُحْكَمُ بِالدَّيْنِ وَبِوَكَالَتِهِمَا اهـ.

وَأَطْلَقَ فِي الْوَكِيلِ أَيْضًا فَشَمِلَ مَا إذَا نَصَبَهُ الْقَاضِي عَنْ الْغَائِبِ وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالْمُسَخَّرِ وَفِيهِ اخْتِلَافٌ قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ ادَّعَى عَلَى غَائِبٍ دَيْنًا بِحَضْرَةِ رَجُلٍ يَدَّعِي أَنَّهُ وَكِيلُ الْغَائِبِ فِي الْخُصُومَةِ فَأَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْوَكَالَةِ لَمْ يَصِحَّ إقْرَارُهُ حَتَّى لَوْ بَرْهَنَ عَلَى الْغَائِبِ لَمْ يُقْبَلْ وَكَذَا لَوْ ادَّعَى دَيْنًا عَلَى مَيِّتٍ بِحَضْرَةِ رَجُلٍ يَدَّعِي أَنَّهُ وَصِيُّ الْمَيِّتِ وَأَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْوِصَايَةِ كَذَا فِي آخِرِ فَصْلِ الدَّعَاوَى ثُمَّ رَقَمَ لِآخَرَ الْقَاضِي لَوْ عَلِمَ أَنَّ الْمُحْضَرَ لَيْسَ بِخَصْمٍ لَا تُسْمَعُ الْخُصُومَةُ وَالْحُكْمُ عَلَى الْمُسَخَّرِ لَمْ يَجُزْ وَتَفْسِيرُ الْمُسَخَّرِ أَنْ يَنْصِبَ الْقَاضِي وَكِيلًا عَنْ الْغَائِبِ لِيَسْمَعَ الْخُصُومَةَ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا يَجُوزُ نَصْبُ الْوَكِيلِ عَمَّنْ اخْتَفَى فِي بَيْتِهِ بَعْدَمَا نَادَى أَمِينُ الْقَاضِي عَلَى بَابِ دَارِهِ أَيَّامًا ثُمَّ رَقَمَ لِآخَرَ الْحُكْمَ عَلَى الْمُسَخَّرِ لَا يَجُوزُ وَقِيلَ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ إذْ حَاصِلُهُ الْحُكْمُ عَلَى الْغَائِبِ وَفِيهِ رِوَايَتَانِ عَنْ أَصْحَابِنَا وَكَانَ ظَهِيرُ الدِّينِ يُفْتِي بِأَنَّ الْحُكْمَ عَلَى الْغَائِبِ لَا يَنْفُذُ كَيْ لَا يَتَطَرَّقُوا إلَى هَدْمِ مَذْهَبِ أَصْحَابِنَا. اهـ.

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ نَصْبَ الْمُسَخَّرِ عِنْدَ الْقَائِلِ بِهِ شَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ الْغَائِبُ فِي وِلَايَةِ الْقَاضِي لِمَا فِي الْخِزَانَةِ الْقَاضِي إذَا جَعَلَ نَائِبًا عَنْ الْغَائِبِ حَتَّى يَسْمَعَ عَلَيْهِ الْخُصُومَةَ وَيُسَمَّى هَذَا الْمُسَخَّرَ فَإِذَا كَانَ الْغَائِبُ لَيْسَ فِي وِلَايَةِ هَذَا الْقَاضِي

ــ

[منحة الخالق]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 19