الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالْإِجَارَةِ فَإِنْ كَانَ مَأْذُونًا فِي التِّجَارَةِ صَحَّ تَوْكِيلُهُ مُطْلَقًا وَإِلَّا تَوَقَّفَ عَلَى إجَازَةِ وَلِيِّهِ وَلَا يَصِحُّ تَوْكِيلُ عَبْدٍ مَحْجُورٍ وَصَحَّ مِنْ مَأْذُونٍ وَمُكَاتَبٍ وَأَمَّا تَوْكِيلُ الْمُرْتَدِّ فَمَوْقُوفٌ إنْ أَسْلَمَ نَفَذَ وَإِلَّا بِأَنْ قُتِلَ أَوْ مَاتَ أَوْ لَحِقَ بَطَلَ عِنْدَهُ وَقَالَا: نَافِذٌ وَشَمَلَ قَوْلُهُ مِمَّنْ يَمْلِكُهُ الْأَبُ وَالْوَصِيُّ فِي مَالِ الصَّبِيِّ فَلَهُمَا أَنْ يُوَكِّلَا بِكُلِّ مَا يَفْعَلَانِهِ وَأُورِدَ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ تَوْكِيلُ الْمُسْلِمِ ذِمِّيًّا بِبَيْعِ خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ وَتَوْكِيلُ الْمُحْرِمِ الْحَلَالَ بِبَيْعِ الصَّيْدِ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ عِنْدَهُ وَلَا يَمْلِكُهُ الْمُوَكِّلُ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ يَمْلِكُهُ بِأَصْلِ التَّصَرُّفِ وَإِنْ امْتَنَعَ بِعَارِضِ النَّهْيِ وَيَرُدُّ عَلَيْهِ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ فِي تَزْوِيجِ نَفْسِهِ لَا يَمْلِكُ التَّوْكِيلَ كَمَا فِي الْمُحِيطِ مَعَ أَنَّهُ يَمْلِكُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِنَفْسِهِ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْوَكِيلِ عَنْ سَيِّدِهِ وَإِنْ كَانَ عَامِلًا لِنَفْسِهِ وَالْوَكِيلُ لَا يُوَكِّلُ إلَّا بِإِذْنٍ أَوْ تَعْمِيمٍ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالْوَكَالَةُ عَلَى الْيَمِينِ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ: وَكَّلْتُك أَنْ تَحْلِفَ عَنِّي لَا يَجُوزُ اهـ.
وَأُورِدَ أَيْضًا لَوْ قَالَ: بِعْ عَبْدِي هَذَا بِعَبْدٍ صَحَّ وَلَوْ قَالَ: اشْتَرَيْت مِنْك هَذَا بِعَبْدٍ لَمْ يَصِحَّ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمَنْعَ لِلْجَهَالَةِ فِي الْمُبَاشَرَةِ لِلْإِفْضَاءِ إلَى الْمُنَازَعَةِ لَا لِذَاتِهَا وَلِذَا لَمْ تُمْنَعْ فِي بَيْعِ قَفِيزٍ مِنْ صُبْرَةٍ وَلَا يُفْضِي إلَيْهَا فِي الْوَكَالَةِ وَزَادَ فِي الْهِدَايَةِ فَقَالَ: وَمِنْ شَرْطِهَا أَنْ يَكُونَ الْمُوَكِّلُ مِمَّنْ يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ وَتَلْزَمُهُ الْأَحْكَامُ فَقِيلَ: هُوَ احْتِرَازٌ عَنْ الْوَكِيلِ فَإِنَّهُ وَإِنْ مَلَكَ التَّصَرُّفَ لَا تَلْزَمُهُ الْأَحْكَامُ بِمَعْنَى لَا تَثْبُتُ لَهُ فَلَا يَصِحُّ تَوْكِيلُهُ وَقِيلَ: احْتِرَازٌ عَنْ الْمَحْجُورِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ تَوْكِيلُهُ كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَاقْتَصَرَ الشَّارِحُ عَلَى الثَّانِي وَلَا حَاجَةَ إلَى هَذَا الْقَيْدِ فَإِنَّ الْمَحْجُورَ لَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فَخَرَجَ بِهِ وَسَيَأْتِي إخْرَاجُ الْوَكِيلِ بِالضَّابِطِ وَفِي الْجَوْهَرَةِ وَلَيْسَ الْمُعْتَبَرُ أَنْ يَكُونَ الْمُوَكِّلُ مَالِكًا لِلتَّصَرُّفِ فِيمَا وَكَّلَ بِهِ وَإِنَّمَا الْمُعْتَبَرُ أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يَصِحُّ مِنْهُ التَّصَرُّفُ فِي الْجُمْلَةِ لِأَنَّهُمْ قَالُوا: لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْآبِقِ وَيَجُوزُ أَنْ يُوَكِّلَ بِبَيْعِهِ وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ لَوْ وَكَّلَ الدَّائِنُ عَبْدَ الْمَدْيُونِ فِي قَبْضِ دَيْنِهِ مِنْ مَوْلَاهُ جَازَ وَلَوْ أَقَرَّ الْعَبْدُ بِالْقَبْضِ وَالْهَلَاكِ بَرِئَ الْمَوْلَى وَلَوْ وَكَّلَ الْغَرِيمُ مَوْلَى الْعَبْدِ الْمَدْيُونِ بِالْقَبْضِ مِنْ عَبْدِهِ لَمْ يَجُزْ تَوْكِيلُهُ وَلَا قَبْضُهُ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُرَدُّ عَلَى مَنْطُوقِ قَوْلِهِ مِمَّنْ يَمْلِكُهُ تَوْكِيلُ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ بِالتَّزْوِيجِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ مَعَ أَنَّهُ يَمْلِكُهُ وَمَا لَوْ وَكَّلَ بِبَيْعِ عَبْدِهِ بِعَبْدٍ يَصِحُّ مَعَ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ وَيُرَدُّ عَلَى مَفْهُومِهِ تَوْكِيلُ الْمُسْلِمِ ذِمِّيًّا بِبَيْعِ الْخَمْرِ وَتَوْكِيلُ الْمُحْرِمِ حَلَالًا وَالتَّوْكِيلُ بِبَيْعِ الْآبِقِ وَالتَّوْكِيلُ بِالِاسْتِقْرَاضِ.
(قَوْلُهُ إذَا كَانَ الْوَكِيلُ يَعْقِلُ الْعَقْدَ وَلَوْ صَبِيًّا أَوْ عَبْدًا مَحْجُورًا) بَيَانٌ لِلشَّرْطِ فِي الْوَكِيلِ فَلَا يَصِحُّ تَوْكِيلُ غَيْرِ الْعَاقِلِ وَفِي يَتِيمَةِ الدَّهْرِ وَذَكَرَ السَّرَخْسِيُّ فِي الْوَكَالَةِ فِي بَابِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَإِنْ كَانَ الْوَكِيلُ مَجْنُونًا فَبَيْعُهُ بَاطِلٌ فَإِنْ كَانَ يَعْقِلُ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الصَّبِيِّ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ وَذَكَرَ فِي بَابِ تَوْكِيلِ الزَّوْجِ بِالطَّلَاقِ وَلَوْ وَكَّلَ مَجْنُونًا بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ فَقَبِلَ الْوَكَالَةَ فِي حَالِ جُنُونِهِ ثُمَّ أَفَاقَ فَهُوَ عَلَى وَكَالَتِهِ لِأَنَّ بِالْإِفَاقَةِ يَزْدَادُ التَّمَكُّنُ مِنْ التَّصَرُّفِ وَلَا يَزُولُ مَا كَانَ ثَابِتًا اهـ.
وَذَكَرَ فِي الْهِدَايَةِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْوَكِيلُ مِمَّنْ يَعْقِلُ الْعَقْدَ وَيَقْصِدُهُ فَقَالَ الشَّارِحُونَ: إنَّ الْمُرَادَ بِعَقْلِ الْعَقْدِ أَنْ يَعْرِفَ أَنَّ الشِّرَاءَ جَالِبٌ لِلْمَبِيعِ سَالِبٌ لِلثَّمَنِ وَالْبَيْعَ عَلَى عَكْسِهِ وَيَعْرِفُ الْغَبْنَ الْفَاحِشَ مِنْ الْيَسِيرِ وَالْمُرَادُ بِقَصْدِهِ أَنْ يَقْصِدَ ثُبُوتَ الْحُكْمِ أَوْ الرِّبْحَ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ بَيْعِ الْمُكْرَهِ وَالْهَازِلِ فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ عَنْ الْآمِرِ اهـ.
وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى اشْتِرَاطِ عَقْلِيَّةِ الْغَبْنِ الْفَاحِشِ مِنْ الْيَسِيرِ لِجَوَازِ بَيْعِ
ــ
[منحة الخالق]
[صِفَة الْوَكَالَةِ]
(قَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَخْ) قَالَ فِي الْمِنَحِ: أَقُولُ: لَيْسَ مَا ذَكَرَهُ مِنْ النَّظَرِ وَاقِعًا مَوْقِعَهُ لِأَنَّ التَّعْرِيفَ إنَّمَا هُوَ لِلصَّبِيِّ الْعَاقِلِ وَهُوَ الْمُمَيِّزِ مُطْلَقًا كَمَا ذَكَرَهُ الْمُحَقِّقُونَ فِي تَعْرِيفِهِ لَا بِالنَّظَرِ إلَى خُصُوصِ الْوَكَالَةِ حَتَّى يَحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ هَذَا النَّظَرِ وَالْجَوَابُ عَنْهُ اهـ.
وَيَرُدُّ عَلَيْهِ مَا فِي الْيَعْقُوبِيَّةِ حَيْثُ قَالَ قَوْلُهُ وَيَعْرِفُ الْغَبْنَ الْيَسِيرَ مِنْ الْفَاحِشِ كَذَا فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ وَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّهُمْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ تَوْكِيلَ الصَّبِيِّ الْعَاقِلِ صَحِيحٌ وَفَرْقُ الْغَبْنِ الْيَسِيرِ مِنْ الْفَاحِشِ مِمَّا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ أَحَدٌ إلَّا بَعْدَ الِاشْتِغَالِ بِعِلْمِ الْفِقْهِ فَلَا وَجْهَ لِصِحَّةِ اشْتِرَاطِهِ فِي صِحَّةِ التَّوْكِيلِ كَمَا لَا يَخْفَى اهـ.
وَلَا يَخْفَى عَلَيْك أَنَّهُ حَيْثُ كَانَ تَصْرِيفُ الصَّبِيِّ الْعَاقِلِ مَأْخُوذًا فِيهِ مَعْرِفَةُ الْغَبْنِ الْفَاحِشِ مِنْ الْيَسِيرِ كَانَ شَرْطًا فِي الْوَكَالَةِ أَيْضًا ثُمَّ كَانَ الظَّاهِرُ أَنْ يَقُولَ إلَّا بَعْدَ الِاشْتِغَالِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَمَعْرِفَةِ أَثْمَانِ الْمَبِيعَاتِ لِأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ أَنْ يَعْرِفَ مَا حَدَّهُ الْفُقَهَاءُ بَلْ أَنْ يَعْرِفَ أَنَّ هَذَا الشَّيْءَ قِيمَتُهُ كَذَا وَأَنَّهُ لَوْ اشْتَرَاهُ أَوْ بَاعَهُ بِكَذَا يَكُونُ مَغْبُونًا تَأَمَّلْ وَعَلَى كُلٍّ فَاشْتِرَاطُ مَعْرِفَةِ الْغَبْنِ مُشْكِلٌ فَقَدْ يَكُونُ الرَّجُلُ مِنْ أَعْقَلِ النَّاسِ وَأَذْكَاهُمْ وَيَغْبِنُ فِي بَعْضِ الْأَشْيَاءِ بِعَدَمِ وُقُوفِهِ عَلَى مِقْدَارِ قِيمَةِ مِثْلِهَا وَلَعَلَّ مُرَادَهُمْ اشْتِرَاطُ ذَلِكَ فِيمَا تَكُونُ قِيمَتُهُ مَعْرُوفَةً مَشْهُورَةً.
وَانْظُرْ مَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ وَتَقَيَّدَ شِرَاؤُهُ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ ثُمَّ بَعْدَ كِتَابَتِي ذَلِكَ رَأَيْت فِي الْحَوَاشِي السَّعْدِيَّةِ قَالَ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ مِمَّا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ أَحَدٌ إلَخْ مَمْنُوعٌ فَإِنَّا نَرَى كَثِيرًا مِنْ الصِّبْيَانِ يَعْرِفُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ اشْتِغَالٍ بِعِلْمِ الْفِقْهِ بَلْ بِالسَّمَاعِ مِنْ الثِّقَاتِ وَكَثُرَتْ الْمُبَاشَرَةُ بِالْمُعَامَلَاتِ ثُمَّ قَدْ يُقَامُ الْمُتَمَكِّنُ مِنْ الشَّيْءِ مَقَامَ ذَلِكَ الشَّيْءِ كَمَا سَبَقَ فِي مَبَاحِثِ عَدَمِ قَبُولِ شَهَادَةِ الْأَعْمَى فِي هَذَا الْكِتَابِ وَأَمَّا فِيمَا نَحْنُ فِيهِ فَالتَّمَكُّنُ مِنْ الْمَعْرِفَةِ بِالْعَقْلِ وَذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي الصَّبِيِّ الَّذِي كَلَامُنَا فِيهِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ.
قُلْت: وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُمْ أَنْ يَعْرِفَ أَنَّ الْخَمْسَةَ فِيمَا قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ مَثَلًا غَبْنٌ فَاحِشٌ وَأَنَّ الْوَاحِدَ فِيهَا يَسِيرٌ فَإِنَّ مَنْ لَمْ يُدْرِكْ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا غَيْرُ عَاقِلٍ كَصَبِيٍّ دَفَعَ لَهُ رَجُلٌ كَعْبًا وَأَخَذَ ثَوْبَهُ فَإِذَا فَرِحَ بِهِ وَلَا يَعْرِفُ أَنَّهُ مَغْبُونٌ فِي ذَلِكَ لَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ أَصْلًا
الْوَكِيلِ عِنْدَ الْإِمَامِ بِمَا قَلَّ وَكَثُرَ نَعَمْ إنْ قَيَّدَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَبِيعَهُ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ اُشْتُرِطَ وَأَمَّا تَفْسِيرُ الْقَصْدِ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ بَيْعِ الْهَازِلِ وَالْمُكْرَهِ فَخَارِجٌ عَنْ الْمَقْصُودِ لِأَنَّ الْكَلَامَ الْآنَ فِي صِحَّةِ الْوَكَالَةِ لَا فِي صِحَّةِ بَيْعِ الْوَكِيلِ وَلِذَا تَرَكَهُ الْمُصَنِّفُ وَفِي الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ الْوَكِيلُ إذَا اخْتَلَطَ عَقْلُهُ بِشَرَابِ نَبِيذٍ وَيَعْرِفُ الشِّرَاءَ وَالْقَبْضَ جَازَ عَلَى الْمُوَكِّلِ شِرَاؤُهُ وَلَوْ اخْتَلَطَ بِبَنْجٍ وَيَعْرِفُ الشِّرَاءَ لَمْ يَجُزْ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمَعْتُوهِ اهـ.
(قَوْلُهُ بِكُلِّ مَا يَعْقِدُهُ بِنَفْسِهِ) بَيَانٌ لِضَابِطِ الْمُوَكِّلِ فِيهِ وَلَيْسَ حَدًّا فَلَا يَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَمْلِكُ بَيْعَ الْخَمْرِ وَيَمْلِكُ تَوْكِيلَ الذِّمِّيِّ بِهِ لِأَنَّ إبْطَالَ الْقَوَاعِدِ بِإِبْطَالِ الطَّرْدِ لَا الْعَكْسِ وَلَا يُمْكِنُ طَرْدُهُ عَدَمَ تَوْكِيلِ الذِّمِّيِّ مُسْلِمًا بِبَيْعِ خَمْرِهِ وَهُوَ يَمْلِكُهُ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ التَّوَصُّلَ بِهِ بِتَوْكِيلِ الذِّمِّيِّ بِهِ فَصَدَقَ الضَّابِطُ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ كُلُّ عَقْدٍ يَمْلِكُهُ يَمْلِكُ تَوْكِيلَ كُلِّ أَحَدٍ بِهِ بَلْ التَّوَصُّلُ بِهِ فِي الْجُمْلَةِ وَإِنَّمَا يَرُدُّ عَلَيْهِ تَوْكِيلُ الْوَكِيلِ بِلَا إذْنٍ وَتَعْمِيمٍ فَإِنَّهُ يَمْلِكُ الْعَقْدَ الَّذِي وَكَّلَ بِهِ وَلَا يَمْلِكُ التَّوْكِيلَ وَأَجَابُوا بِأَنَّ الْمُرَادَ لِنَفْسِهِ لَكِنْ يَرُدُّ عَلَيْهِ الْأَبُ وَالْجَدُّ يَمْلِكَانِ شِرَاءَ مَالِ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ وَلَا يَمْلِكَانِ التَّوْكِيلَ بِهِ كَمَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَالِاسْتِقْرَاضَ فَإِنَّهُ يُبَاشِرُهُ بِنَفْسِهِ وَلَا يَمْلِكُ التَّوْكِيلَ بِهِ فَيَقَعُ لِلْوَكِيلِ كَذَا ذَكَرَ الشَّارِحُ وَلَمْ يَجِبْ عَنْهُ وَالْجَوَابُ مَنْعُ عَدَمِ صِحَّتِهِ بِهِ لِمَا فِي الْخَانِيَّةِ إنْ وَكَّلَ بِالِاسْتِقْرَاضِ فَإِنْ أَضَافَ الْوَكِيلُ الِاسْتِقْرَاضَ إلَى الْمُوَكِّلِ كَانَ لِلْمُوَكِّلِ وَإِلَّا كَانَ لِلْوَكِيلِ اهـ.
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ اسْتَقْرَضَ مِنْهُ أَلْفًا وَأَمَرَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ رَسُولَهُ فُلَانًا وَزَعَمَ الْإِعْطَاءَ وَأَقَرَّ الرَّسُولُ وَأَنْكَرَ الْمُسْتَقْرِضُ دَفْعَ الْمُقْرِضِ لَا يَلْزَمُ الْمُسْتَقْرِضَ شَيْءٌ اهـ.
ثُمَّ قَالَ بَعْدَهُ: صَحَّ التَّوْكِيلُ بِالْإِقْرَاضِ لَا بِالِاسْتِقْرَاضِ وَفِي الْقُنْيَةِ التَّوْكِيلُ بِالِاسْتِقْرَاضِ لَا يَصِحُّ وَالتَّوْكِيلُ بِقَبْضِ الْقَرْضِ يَصِحُّ بِأَنْ يَقُولَ لِرَجُلٍ: أَقْرِضْنِي ثُمَّ يُوَكِّلَ رَجُلًا بِقَبْضِهِ يَصِحُّ اهـ.
وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ بِكُلِّ مَا يُبَاشِرُهُ لَكَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ الْعَقْدَ وَغَيْرَهُ فَكَانَ يَسْتَغْنِي عَنْ إفْرَادِ بَعْضِ الْأَشْيَاءِ.
(قَوْلُهُ وَبِالْخُصُومَةِ فِي الْحُقُوقِ بِرِضَا الْخَصْمِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُوَكِّلُ مَرِيضًا أَوْ غَائِبًا مُدَّةَ السَّفَرِ أَوْ مُرِيدًا لِلسَّفَرِ أَوْ مُخَدَّرَةً) أَيْ وَصَحَّ التَّوْكِيلُ بِالْخُصُومَةِ بِشَرْطِ رِضَا الْخَصْمِ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا: يَجُوزُ بِغَيْرِ رِضَاهُ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ وَأَمَّا تَفْسِيرُ الْقَصْدِ بِالِاحْتِرَازِ عَنْ بَيْعِ الْهَازِلِ وَالْمُكْرَهِ فَخَارِجٌ عَنْ الْمَقْصُودِ إلَخْ) سَبَقَهُ إلَى هَذَا الِاعْتِرَاضِ يَعْقُوبُ بَاشَا ثُمَّ قَالَ: وَالْأَوْلَى أَنَّ قَوْلَهُ وَيَقْصِدُهُ تَأْكِيدٌ لِقَوْلِهِ يَعْقِدُ وَالْعَطْفُ عَطْفُ تَفْسِيرٍ لِأَنَّهُ بِالْقَصْدِ يُعْلَمُ كَمَالُ الْعَقْدِ كَمَا لَا يَخْفَى فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ وَلَا يُمْكِنُ طَرْدُهُ إلَخْ) لَعَلَّهُ وَلَا يَبْطُلُ طَرْدُهُ (قَوْلُهُ لَكِنْ يَرُدُّ عَلَيْهِ الْأَبُ وَالْجَدُّ إلَخْ) وَفِي التَّبْيِينِ قُبَيْلَ الْغَصْبِ أَنَّهُ يَصِحُّ فَلَا يُرَدُّ قَالَ شَيْخُنَا ثُمَّ ظَهَرَ لِي تَسْلِيمُ الْوُرُودِ وَأَنَّهُ لَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ مَا فِي السِّرَاجِ وَالتَّبْيِينِ وَذَلِكَ أَنَّ مَا فِي السِّرَاجِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ تَمَلُّكَ مَالِ وَلَدِهِ بِالتَّوْكِيلِ بِشِرَائِهِ أَيْ قَصْدًا وَمَا فِي التَّبْيِينِ إنَّمَا مَلَكَ تَمَلُّكَهُ لِكَوْنِهِ فِي ضِمْنِ التَّوْكِيلِ بِبَيْعِهِ فَمَلَكَ الشِّرَاءَ مَنْ وَكَّلَهُ الْبَيْعَ اهـ.
فَإِنْ قَالَ الْأَبُ لِشَخْصٍ: وَكَّلْتُك بِبَيْعِ عَبْدِ ابْنِي مِنِّي كَذَا فِي حَاشِيَةِ أَبِي السُّعُودِ (قَوْلُهُ وَالْجَوَابُ مَنْعُ عَدَمِ صِحَّتِهِ بِهِ إلَخْ) قَالَ فِي الْحَوَاشِي الْيَعْقُوبِيَّةِ وَلَا يُرَدُّ الِاسْتِقْرَاضُ لِأَنَّ مَحِلَّ الْعَقْدِ مِنْ شُرُوطِهِ وَلَيْسَ بِمَوْجُودٍ فِي التَّوْكِيلِ بِالِاسْتِقْرَاضِ لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ الَّتِي يَسْتَقْرِضُهَا الْوَكِيلُ مِلْكُ الْمُقْرِضِ وَالْأَمْرُ بِالتَّصَرُّفِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بَاطِلٌ وَهَذَا مِنْ بَابِ التَّخَلُّفِ الْمَانِعِ وَقَيْدُ عَدَمِ الْمَانِعِ فِي الْأَحْكَامِ الْكُلِّيَّةِ غَيْرُ لَازِمٍ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ التَّوْكِيلَ بِالِاسْتِقْرَاضِ جَائِزٌ فَعَلَى هَذَا لَا نَقْضَ بِهِ عَلَى مَذْهَبِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ.
وَقَالَ فِي أَوَاخِرِ الْفَصْلِ التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ كِتَابِ نُورِ الْعَيْنِ رَجُلٌ بَعَثَ رَجُلًا لِيَسْتَقْرِضَهُ فَأَقْرَضَهُ فَضَاعَ فِي يَدِهِ فَلَوْ قَالَ: أَقْرِضْ لِلْمُرْسِلِ ضَمِنَ مُرْسِلُهُ وَلَوْ قَالَ: أَقْرِضْنِي لِلْمُرْسِلِ ضَمِنَ رَسُولُهُ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّوْكِيلَ بِالْإِقْرَاضِ جَائِزٌ لَا بِالِاسْتِقْرَاضِ وَالرِّسَالَةُ بِالِاسْتِقْرَاضِ تَجُوزُ وَلَوْ أَخْرَجَ وَكِيلُ الِاسْتِقْرَاضِ كَلَامَهُ مَخْرَجَ الرِّسَالَةِ يَقَعُ الْقَرْضُ لِلْآمِرِ وَلَوْ مَخْرَجَ الْوَكَالَةِ بِأَنْ أَضَافَهُ إلَى نَفْسِهِ يَقَعُ لِلْوَكِيلِ وَلَهُ مَنْعُهُ مِنْ أَمْرِهِ يَقُولُ الْحَقِيرُ إنَّمَا لَمْ يُجَوِّزُوا التَّوْكِيلَ بِالِاسْتِقْرَاضِ ظَنًّا أَنَّهُ لَا مَحِلَّ فِيهِ لِعَقْدِ الْوَكَالَةِ وَقَدْ أَطَالَ شُرَّاحُ الْهِدَايَةِ الْكَلَامَ فِي هَذَا الْمَقَامِ وَفِي زَمَانِ تَدْرِيسِي كُنْت كَتَبْت فِي هَذَا الْمَبْحَثِ رِسَالَةً طَوِيلَةَ الذُّيُولِ لَطِيفَةً بِحَيْثُ قَبِلَهَا كَثِيرٌ مِنْ الْفُحُولِ وَحَاصِلُهَا أَنَّ مَحِلَّ الْعَقْدِ فِيهِ عِبَارَةُ الْمُوَكِّلِ كَمَا فِي التَّوْكِيلِ بِالنِّكَاحِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يَكُونُ فِيهِ الْوَكِيلُ سَفِيرًا مَحْضًا فَلَا بَأْسَ أَصْلًا فِي أَنْ تُسَمَّى الرِّسَالَةُ بِالِاسْتِقْرَاضِ وَكَالَةً كَمَا تُسَمَّى الرِّسَالَةُ بِالنِّكَاحِ وَنَحْوِهِ وَكَالَةً وَيُؤَيِّدُ مَا ذَكَرْنَاهُ مَا قَالَ الْإِمَامُ الْكَاشَانِيُّ فِي الْبَدَائِعِ: وَيَجُوزُ التَّوْكِيلُ فِي الْقَرْضِ وَالِاسْتِقْرَاضِ وَمَا قَالَ الْإِمَامُ الزَّيْلَعِيُّ أَيْضًا فِي شَرْحِ الْكَنْزِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ التَّوْكِيلَ بِالِاسْتِقْرَاضِ جَائِزٌ لَا يُقَالُ لَوْ كَانَ وَكَالَةً لَمَا دُفِعَ لِلْمُوَكِّلِ فِيمَا إذَا أَضَافَهُ إلَى نَفْسِهِ لِأَنَّا نَقُولُ: حَالُ الْوَكَالَةِ بِالشِّرَاءِ أَيْضًا كَذَلِكَ لِأَنَّ الْوَكِيلَ بِشِرَاءِ شَيْءٍ لَا بِعَيْنِهِ إذَا اشْتَرَاهُ يَكُونُ هُوَ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الشِّرَاءَ لِمُوَكِّلِهِ إذْ الْعَقْدُ إلَى دَرَاهِمِ مُوَكِّلِهِ كَمَا ذَكَرَ فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ اهـ.
(قَوْلُهُ وَزَعَمَ) أَيْ الْمُقْرِضُ وَقَوْلُهُ وَأَقَرَّ الرَّسُولُ أَيْ بِالْقَبْضِ رَمْلِيٌّ (قَوْلُهُ لَا يَلْزَمُ الْمُسْتَقْرِضَ شَيْءٌ) قَالَ الرَّمْلِيُّ: وَهَلْ يَلْزَمُ الرَّسُولَ الْجَوَابُ؟ لَا لِأَنَّهُ أَمِينٌ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي حَقِّ بَرَاءَةِ نَفْسِهِ لَا فِي لُزُومِ الدَّيْنِ ذِمَّةَ الْمُسْتَقْرِضِ كَرَسُولِ الْمَدْيُونِ بِالدَّيْنِ إلَى الدَّائِنِ إذَا أَنْكَرَ وُصُولَهُ إلَيْهِ وَادَّعَى الرَّسُولُ إيصَالَهُ إلَيْهِ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ لَا فِي حَقِّ بَرَاءَةِ الدَّائِنِ تَأَمَّلْ.
وَلَا خِلَافَ فِي الْجَوَازِ إنَّمَا الْخِلَافُ فِي اللُّزُومِ لَهُمَا أَنَّ التَّوْكِيلَ تَصَرُّفٌ فِي خَالِصِ حَقِّهِ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى رِضَا غَيْرِهِ كَالتَّوْكِيلِ بِتَقَاضِي الدُّيُونِ وَلَهُ أَنَّ الْجَوَابَ مُسْتَحَقٌّ عَلَى الْخَصْمِ وَلَهَا يَسْتَحْضِرُهُ وَالنَّاسُ مُتَفَاوِتُونَ فِي الْخُصُومَةِ فَلَوْ قُلْنَا بِلُزُومِهِ يَتَضَرَّرُ بِهِ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى رِضَاهُ كَالْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ إذَا كَاتَبَهُ أَحَدُهُمَا يَتَخَيَّرُ الْآخَرُ بِخِلَافِ الْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ لِأَنَّ الْجَوَابَ غَيْرُ مُسْتَحَقٍّ عَلَيْهِمَا هُنَالِكَ وَمَرِيدُهُ كَهُوَ لِتَحْقِيقِ الضَّرُورَةِ وَالْمُخَدَّرَةُ لَوْ حَضَرَتْ لَا يُمْكِنُهَا أَنْ تَنْطِقَ بِحَقِّهَا لِحَيَائِهَا فَيَلْزَمُ تَوْكِيلُهَا وَهَذَا شَيْءٌ اسْتَحْسَنَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُخَدَّرَةَ لَا نَصَّ عَلَيْهَا فِي الْمُذْهَبِ وَلِهَذَا قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ: أَمَّا عَلَى ظَاهِرِ إطْلَاقِ الْأَصْلِ وَغَيْرِهِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ وَالْمُخَدَّرَةِ وَالْمُبَرَّزَةِ وَالْفَتْوَى عَلَى مَا اخْتَارُوهُ مِنْ ذَلِكَ اهـ.
وَالْخُصُومَةُ الْجَدَلُ خَاصَمَهُ مُخَاصَمَةً وَخُصُومَةً فَخَصَمَهُ يَخْصِمُهُ غَلَبَهُ وَهُوَ شَاذٌّ لِأَنَّ فَاعَلْتُهُ فَفَعَلْتُهُ يَرِدُ يَفْعَلُ مِنْهُ إلَى الضَّمِّ إنْ لَمْ تَكُنْ عَيْنُهُ حَرْفَ حَلْقٍ فَإِنَّهُ بِالْفَتْحِ كَفَاخَرَهُ فَفَخَرَهُ وَأَمَّا الْمُعْتَلُّ كَوَجَدْتُ وَبِعْت فَيُرَدُّ إلَى الْكَسْرِ إلَّا ذَوَاتِ الْوَاوِ فَإِنَّهَا تُرَدُّ إلَى الضَّمِّ كَرَاضَيْتُهُ فَرَضَوْتُهُ أَرْضُوهُ وَخَاوَفَنِي أَخُوَّفُهُ وَلَيْسَ فِي كُلِّ شَيْءٍ يُقَالُ نَازَعْتُهُ لِأَنَّهُمْ اسْتَغْنَوْا عَنْهُ بِغَلَبَتِهِ وَاخْتَصَمُوا تَخَاصَمُوا وَالْخَصْمُ الْمُخَاصِمُ وَالْجَمْعُ الْخُصُومُ وَقَدْ يَكُونُ لِلْجَمْعِ وَالِاثْنَيْنِ وَالْمُؤَنَّثِ وَالْخَصْمُ الْمُخَاصِمُ وَالْجَمْعُ خُصَمَاءُ كَذَا فِي الْقَامُوسِ هَذَا مَعْنَاهَا لُغَةً وَأَمَّا شَرْعًا فَهُوَ الْجَوَابُ بِنَعَمْ أَوْ لَا كَمَا سَيَأْتِي وَفَسَّرَهَا فِي الْجَوْهَرَةِ بِالدَّعْوَى الصَّحِيحَةِ أَوْ بِالْجَوَابِ الصَّرِيحِ وَلَوْ وَكَّلَهُ فِي الْخُصُومَةِ لَهُ لَا عَلَيْهِ فَلَهُ إثْبَاتُ مَا لِلْمُوَكِّلِ فَلَوْ أَرَادَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّفْعَ لَمْ تُسْمَعْ كَذَا فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا تُخَصَّصُ بِتَخْصِيصِ الْمُوَكِّلِ وَتُعَمَّمُ بِتَعْمِيمِهِ وَالْأَلْفُ وَاللَّامُ فِي الْحُقُوقِ لِلْجِنْسِ فَشَمِلَ بَعْضًا مُعَيَّنًا وَجَمِيعَهَا وَفِي الْقُنْيَةِ لَوْ رَضِيَ ثُمَّ مَضَى يَوْمٌ فَقَالَ: لَا أَرْضَى لَهُ ذَلِكَ اهـ وَذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ مَعْزِيًّا إلَيْهَا وَالتَّقْيِيدُ بِالْيَوْمِ اتِّفَاقِيٌّ وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ عَنْ الرِّضَا مَا لَمْ يَسْمَعْ الْقَاضِي الدَّعْوَى لِمَا فِي الْقُنْيَةِ أَيْضًا لَوْ ادَّعَى وَكِيلُ الْمُدَّعِي عِنْدَ الْقَاضِي ثُمَّ أَتَى بِشُهُودٍ لِيُقِيمَهَا وَلَمْ يَرْضَ الْخَصْمُ أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْوَكِيلِ وَيُرِيدُ أَنْ يُخَاصِمَ مَعَ الْخَصْمِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ بَعْدَ سَمَاعِ الدَّعْوَى عَلَى أَصْلِ أَبِي حَنِيفَةَ.
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَلَوْ وَكَّلَهُ بِكُلِّ حَقٍّ هُوَ لَهُ وَبِخُصُومَتِهِ فِي كُلِّ حَقٍّ لَهُ وَلَمْ يُعَيِّنْ الْمُخَاصِمَ بِهِ وَالْمُخَاصِمَ فِيهِ جَازَ وَإِذَا وَكَّلَهُ بِقَبْضِ كُلِّ حَقٍّ يَحْدُثُ لَهُ وَالْخُصُومَةُ فِيهِ جَائِزٌ أَمْرُهُ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ الدَّيْنُ الْوَدِيعَةُ وَالْعَارِيَّةُ وَكُلُّ حَقٍّ مَلَكَهُ الْمُوَكِّلُ أَمَّا النَّفَقَةُ فَمِنْ الْحُقُوقِ الَّتِي لَا يَمْلِكُهَا كَذَا فِي الْخِزَانَةِ وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَكَّلَهُ بِالْخُصُومَةِ وَلَمْ يُبَيِّنْ أَيَّ الْخُصُومَةِ لَمْ تَجُزْ الْوَكَالَةُ لِأَنَّهَا تَقَعُ فِي الْأَجْنَاسِ الْمُخْتَلِفَةِ وَأَطْلَقَ فِي الْخَصْمِ فَشَمَلَ الطَّالِبَ وَالْمَطْلُوبَ كَمَا شَمَلَهُمَا الْمُوَكِّلُ وَالشَّرِيفُ وَالْوَضِيعُ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَأَطْلَقَ الْمَرِيضَ وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْمَشْيِ عَلَى قَدَمَيْهِ إلَى مَجْلِسِ الْقَاضِي مُدَّعِيًا كَانَ أَوْ مُدَّعَى عَلَيْهِ وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْحُضُورِ عَلَى ظَهْرِ الدَّابَّةِ أَوْ ظَهْرِ إنْسَانٍ فَإِنْ زَادَ مَرَضُهُ بِذَلِكَ لَزِمَ تَوْكِيلُهُ فَإِنْ لَمْ يَزِدْ قِيلَ: عَلَى الْخِلَافِ وَالصَّحِيحُ لُزُومُهُ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَفِي الْجَوْهَرَةِ أَمَّا الْمَرِيضُ الَّذِي لَا يَمْنَعُهُ مِنْ الْحُضُورِ فَهُوَ كَالصَّحِيحِ اهـ.
وَقَيَّدَ بِمُدَّةِ السَّفَرِ لِأَنَّ مَا دُونَهَا كَالْحَاضِرِ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ وَفِي الْمُحِيطِ إنْ كَانَ الْمُوَكِّلُ مَرِيضًا أَوْ مُسَافِرًا فَالتَّوْكِيلُ مِنْهُمَا لَا يَلْزَمُ بِدُونِ رِضَا الْخَصْمِ بَلْ يُقَالُ لِلْمُدَّعِي إنْ شِئْت جَوَابَ خَصْمِك فَاصْبِرْ حَتَّى يَرْتَفِعَ الْعُذْرُ وَإِنْ لَمْ تَصْبِرْ فَسَبِيلُك الرِّضَا بِالتَّوْكِيلِ فَإِذَا رَضِيَ لَزِمَهُ بِرِضَاهُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ اهـ.
وَهُوَ خَاصٌّ بِتَوْكِيلِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَمَا لَا يَخْفَى وَإِرَادَةُ السَّفَرِ أَمْرٌ بَاطِنِيٌّ فَلَا بُدَّ مِنْ دَلِيلِهَا وَهُوَ إمَّا تَصْدِيقُ الْخَصْمِ بِهَا أَوْ الْقَرِينَةُ الظَّاهِرَةُ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إنِّي أُرِيدُ السَّفَرَ لَكِنَّ الْقَاضِيَ يَنْظُرُ فِي حَالِهِ وَفِي عُدَّتِهِ فَإِنَّهَا لَا تَخْفَى هَيْئَةُ مَنْ يُسَافِرُ كَذَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَإِنْ قَالَ: أَخْرُجُ بِالْقَافِلَةِ الْفُلَانِيَّةِ سَأَلَهُمْ عَنْهُ كَمَا فِي فَسْخِ الْإِجَارَةِ. اهـ.
وَفِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَلَوْ قَالَ: إنِّي أُرِيدُ السَّفَرَ يَلْزَمُ مِنْهُ التَّوْكِيلُ طَالِبًا كَانَ أَوْ مَطْلُوبًا لَكِنْ يَكْفُلُ الْمَطْلُوبُ لِيَتَمَكَّنَ الطَّالِبُ مِنْ اسْتِيفَاءِ دَيْنِهِ وَإِنْ كَذَّبَهُ الْخَصْمُ فِي إرَادَتِهِ السَّفَرَ يُحَلِّفُهُ الْقَاضِي بِاَللَّهِ أَنَّك تُرِيدُ السَّفَرَ اهـ. وَأَمَّا.
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ وَلَا خِلَافَ فِي الْجَوَازِ إنَّمَا الْخِلَافُ فِي اللُّزُومِ) قَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ: يَعْنِي هَلْ تُرَدُّ الْوَكَالَةُ بِرَدِّ الْخَصْمِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ نَعَمْ، وَعِنْدَهُمَا لَا وَيُجْبَرُ وَاخْتَارَهُ أَبُو اللَّيْثِ لِلْفَتْوَى. اهـ.
الْمُخَدَّرَةُ فِيهِ فِي اللُّغَةِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ مِنْ الْخِدْرِ كَالْإِخْدَارِ وَالتَّخْدِيرُ بِفَتْحِ الْخَاءِ إلْزَامُ الْبِنْتِ الْخِدْرُ بِكَسْرِ الْخَاءِ وَهُوَ سِتْرٌ يُمَدُّ لِلْجَارِيَةِ فِي نَاحِيَةِ الْبَيْتِ وَهِيَ مَخْدُورَةٌ وَمُخَدَّرَةٌ اهـ.
وَفِي الشَّرْعِ هِيَ الَّتِي لَمْ تَجْرِ عَادَتُهَا بِالْبُرُوزِ وَمُخَالَطَةِ الرِّجَالِ قَالَ الْحَلْوَانِيُّ: وَاَلَّتِي تَخْرُجُ فِي حَوَائِجِهَا بَرَزَةً وَقَالَ الْبَزْدَوِيُّ: مَنْ لَا يَرَاهَا غَيْرُ الْمَحَارِمِ مُخَدَّرَةً إذَا لَمْ تُخَالِطْ الرِّجَالَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي الْفَتَاوَى وَكَلَامُ الْحَلْوَانِيِّ عَلَى هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى الْمُخَالَطَةِ بِالرِّجَالِ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي كَوْنِهَا مُخَدَّرَةً فَإِنْ كَانَتْ مِنْ بَنَاتِ الْأَشْرَافِ فَالْقَوْلُ لَهَا بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا لِأَنَّهُ الظَّاهِرُ مِنْ حَالِهَا وَفِي الْأَوْسَاطِ قَوْلُهَا لَوْ بِكْرًا وَفِي الْأَسَافِلِ يُقْبَلُ قَوْلُهُمَا فِي الْوَجْهَيْنِ وَالْخُرُوجُ لِلْحَاجَةِ لَا يَقْدَحُ فِيهِ مَا لَمْ يَكْثُرْ بِأَنْ تَخْرُجَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَأَشَارَ الْمُؤَلِّفُ بِقَبُولِ تَوْكِيلِ الْمُخَدَّرَةِ إلَى أَنَّ الطَّالِبَ لَيْسَ لَهُ مُخَاصَمَةُ زَوْجِهَا وَلَكِنْ لَا يَمْنَعُهُ الزَّوْجُ مِنْ الْخُصُومَةِ مَعَ وَكِيلِ امْرَأَتِهِ أَوْ مَعَهَا كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَفِيهَا امْرَأَةٌ وَكَّلَتْ وَكِيلًا بِالْخُصُومَةِ فَوَجَبَ عَلَيْهَا الْيَمِينُ وَهِيَ لَا تُعْرَفُ بِالْخُرُوجِ وَمُخَالَطَةِ الرِّجَالِ فِي الْحَوَائِجِ يَبْعَثُ إلَيْهَا الْحَاكِمُ ثَلَاثَةً مِنْ الْعُدُولِ يَسْتَحْلِفُهَا أَحَدُهُمْ وَيَشْهَدُ الْآخَرَانِ عَلَى حَلِفِهَا أَوْ نُكُولِهَا اهـ.
وَمُرَادُ الْمُؤَلِّفِ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ اسْتِثْنَاءُ الْمُوَكِّلِ إذَا كَانَ لَهُ عُذْرٌ وَلَا يَخْتَصُّ بِالْأَرْبَعَةِ فَشَمَلَ حَيْضُ الْمُدَّعَى عَلَيْهَا إذَا كَانَ الْحُكْمُ فِي الْمَسْجِدِ كَذَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ الطَّالِبُ لَا يَرْضَى بِالتَّأْخِيرِ فِيمَا إذَا كَانَ الْحُكْمُ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ وَأَمَّا إذَا رَضِيَ بِهِ فَلَا يَكُونُ عُذْرًا وَأَمَّا حَيْضُ الطَّالِبَةِ فَهُوَ عُذْرٌ مُطْلَقًا وَالنِّفَاسُ كَالْحَيْضِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَمِنْ الْعُذْرِ الْحَبْسُ إذَا كَانَ مِنْ غَيْرِ الْقَاضِي الَّذِي تَرَافَعُوا إلَيْهِ ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَكَوْنُهُ مَحْبُوسًا مِنْ الْأَعْذَارِ يَلْزَمُهُ تَوْكِيلُهُ فَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ الشَّاهِدُ مَحْبُوسًا لَهُ أَنْ يُشْهِدَ عَلَى شَهَادَتِهِ قَالَ الْقَاضِي: إنْ كَانَ فِي سِجْنِ الْقَاضِي لَا يَكُونُ عُذْرًا لِأَنَّهُ يُخْرِجُهُ حَتَّى يَشْهَدَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَعَلَى هَذَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ فِي الدَّعْوَى أَيْضًا كَذَلِكَ بِأَنْ يُجِيبَ عَنْ الدَّعْوَى ثُمَّ يُعَادُ وَلَوْ مُدَّعِيًا يَدَّعِي إنْ لَمْ يُؤَخِّرْ دَعْوَاهُ ثُمَّ يُعَادُ اهـ.
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْمُؤَلِّفَ اخْتَارَ قَوْلَ الْإِمَامِ كَمَا هُوَ دَأْبُهُ وَقَدْ اخْتَلَفَ تَرْجِيحُ الْمَشَايِخِ فَأَفْتَى الْفَقِيهُ بِقَوْلِهِمَا وَقَالَ الْغِيَاثِيُّ: وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَبِهِ أَخَذَ الصَّفَّارُ أَيْضًا وَفِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ الْمُخْتَارُ قَوْلُهُمَا وَالشَّرِيفُ وَغَيْرُهُ سَوَاءٌ وَفِي النِّهَايَةِ وَالصَّحِيحُ قَوْلُهُمَا وَقَالَ الْحَلْوَانِيُّ: يُخَيَّرُ الْمُفْتِي قَالَ: وَنَحْنُ نُفْتِي أَنَّ الرَّأْيَ لِلْحَاكِمِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَمِنْ الْمَعْلُومِ الْمُقَرَّرِ أَنَّ تَفْوِيضَ الْخِيَارِ إلَى قُضَاةِ عَهْدِ الْفَسَادِ كَمَا هُوَ الْمُقَرَّرُ مِنْ أَنَّ عِلْمَهُمْ لَيْسَ بِحُجَّةٍ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ: الصَّحِيحُ أَنَّهُ إذَا عَلِمَ مِنْ الْآبِي التَّعَنُّتَ فِي إبَاءِ الْوَكِيلِ يُفْتِي بِالْقَبُولِ وَإِنْ عَلِمَ مِنْهُ قَصْدَهُ الْإِضْرَارَ بِالْحِيَلِ كَمَا هُوَ صَنِيعُ وُكَلَاءِ الْمَحْكَمَةِ لَا يُقْبَلُ وَغَرَضُ مَنْ فَوَّضَ الْخِيَارَ إلَى الْقَاضِي مِنْ الْقُدَمَاءِ كَأَنَّ هَذَا لَمَّا عَلِمُوا مِنْ أَحْوَالِ قُضَاتِهِمْ الدَّيْنَ وَالصَّلَاحَ اهـ.
وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ الْأَوْلَى أَنْ لَا يَحْضُرَ مَجْلِسَ الْخُصُومَةِ بِنَفْسِهِ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الْعَامَّةِ وَقَالَ الْبَعْضُ: الْأَوْلَى أَنْ يَحْضُرَ بِنَفْسِهِ لِأَنَّ الِامْتِنَاعَ مِنْ الْحُضُورِ إلَى مَجْلِسِ الْقَاضِي مِنْ عَلَامَاتِ الْمُنَافِقِينَ وَالْجَوَابُ الرَّدُّ مِنْ الْمُنَافِقِينَ وَالْإِجَابَةُ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اعْتِقَادًا اهـ.
وَفِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَإِذَا وَكَّلَهُ بِالْخُصُومَةِ عِنْدَ الْقَاضِي فُلَانٍ كَانَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يُخَاصِمَهُ إلَى قَاضٍ آخَرَ وَلَوْ وَكَّلَهُ بِالْخُصُومَةِ إلَى فُلَانٍ الْفَقِيهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَهُ إلَى فَقِيهٍ آخَرَ اهـ.
وَأَطْلَقَ الْوَكِيلَ بِهَا فَشَمَلَ الصَّبِيَّ الْعَاقِلَ كَمَا فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي وَعَبْدَ الْمَوْلَى فِي خُصُومَتِهِ لِمَا فِي الْخِزَانَةِ عَبْدٌ فِي يَدِ رَجُلٍ فَقَالَ: كُنْت عَبْدًا لِفُلَانٍ وُلِدْت فِي مِلْكِهِ وَقَدْ وَكَّلَنِي بِخُصُومَتِك فِي نَفْسِي لَيْسَ لِمَوْلَاهُ أَنْ يَمْنَعَهُ إذَا كَانَ لِلْعَبْدِ بَيِّنَةٌ عَلَى الْوَكَالَةِ وَلَوْ قَالَ: بَاعَنِي مِنْك وَلَمْ يَقْبِضْ الثَّمَنَ فَوَكَّلَنِي بِقَبْضِ الثَّمَنِ مِنْك فَلِمَوْلَاهُ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ الْخُصُومَةِ اهـ.
وَالْقَاضِي وَلَوْ عُزِلَ عَنْ الْقَضَاءِ يَبْقَى عَلَى وَكَالَتِهِ كَمَا فِي قَضَاءِ الْخِزَانَةِ وَمِنْ أَحْكَامِ الْوَكِيلِ بِالْخُصُومَةِ أَنَّ الْحَقَّ إذَا ثَبَتَ عَلَى مُوَكِّلِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ وَلَا يُحْبَسُ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ وَكِيلًا عَامًّا لِأَنَّهَا لَمْ تَنْتَظِمْ الْأَمْرَ بِالْأَدَاءِ وَلَا الضَّمَانَ كَمَا فِي الْخِزَانَةِ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ طَرِيقَ إثْبَاتِ الْوَكَالَةِ بِالْخُصُومَةِ أَنْ يَشْهَدُوا بِهَا عَلَى غَرِيمِ الْمُوَكِّلِ سَوَاءٌ كَانَ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ الطَّالِبُ لَا يَرْضَى بِالتَّأْخِيرِ إلَخْ) قَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ: إنْ كَانَتْ هِيَ طَالِبَةً قُبِلَ مِنْهَا التَّوْكِيلُ بِغَيْرِ رِضَا الْخَصْمِ وَإِنْ كَانَتْ مَطْلُوبَةً إنْ أَخَّرَهَا الطَّالِبُ حَتَّى يَخْرُجَ الْقَاضِي مِنْ الْمَسْجِدِ لَا يُقْبَلُ مِنْهَا التَّوْكِيلُ بِغَيْرِ رِضَا الْخَصْمِ الطَّالِبِ لِأَنَّهُ لَا عُذْرَ لَهَا إلَى التَّوْكِيلِ اهـ.
وَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ فِيمَا إذَا كَانَ إلَخْ مُحَرَّفٌ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ كَمَا هُوَ الْمُقَرَّرُ) قَالَ الرَّمْلِيُّ هُوَ خَبَرَانِ أَيْ الْمُقَرَّرُ فِي هَذَا مِثْلُ الْمُقَرَّرِ فِي ذَلِكَ وَفِي نُسْخَةِ قُضَاةِ الْعَهْدِ فَسَادٌ فَفَسَادُ خَبَرُ إنَّ وَقَوْلُهُ كَمَا هُوَ الْمُقَرَّرُ تَشْبِيهُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَهُ إلَى فَقِيهٍ آخَرَ) كَانَ وَجْهُهُ أَنَّهُ جَعَلَ هَذَا الْفَقِيهَ حَكَمًا فَلَا يَكُونُ الْآخَرُ حَكَمًا بِدُونِ أَمْرِهِ بِخِلَافِ الْقَاضِي الْآخَرِ فَإِنَّ وِلَايَتَهُ ثَابِتَةٌ وَإِنْ لَمْ يَأْمُرْ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَالْقَاضِي) مَعْطُوفٌ عَلَى الصَّبِيِّ (قَوْلُهُ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ طَرِيقَ إثْبَاتِ الْوَكَالَةِ إلَخْ) قَالَ قَاضِي خَانْ وَكَّلَهُ بِقَبْضٍ فَأَقَرَّ الْمَدْيُونُ بِوَكَالَتِهِ وَأَنْكَرَ الدَّيْنَ فَبَرْهَنَ عَلَيْهِ الْوَكِيلُ لَا يُقْبَلُ إذْ الْبَيِّنَةُ لَا تُقْبَلُ إلَّا عَلَى خَصْمٍ وَبِإِقْرَارِ الْمَدْيُونِ لَنْ تَثْبُتَ الْوَكَالَةُ فَلَمْ يَكُنْ خَصْمًا أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِالْوَكَالَةِ فَقَالَ الْوَكِيلُ: إنِّي أُبَرْهِنُ عَلَى وَكَالَتِي مَخَافَةَ أَنْ يَحْضُرَ الطَّالِبُ وَيُنْكِرَ الْوَكَالَةَ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَلَوْ قَامَتْ عَلَى الْمُقِرِّ وَكَذَا وَصِيٌّ أَقَرَّ الْمَدْيُونُ بِوِصَايَتِهِ وَأَنْكَرَ الدَّيْنَ فَأَثْبَتَ الْوَصِيُّ وِصَايَتَهُ بِبَيِّنَةٍ تُقْبَلُ وَكَذَا مَنْ ادَّعَى دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ