المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

حَالَ حَيَاتِهِ وَلِوَرَثَتِهِ بَعْدَهُ) وَهِيَ أَنْ يَجْعَلَ دَارِهِ لَهُ عُمُرَهُ - البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري - جـ ٧

[زين الدين ابن نجيم - ابن عابدين]

فهرس الكتاب

- ‌(بَابُ كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي وَغَيْرِهِ)

- ‌[يَبْطُلُ كِتَاب الْقَاضِي إلَيَّ الْقَاضِي بِمَوْتِ الْكَاتِبِ وَعَزْلِهِ]

- ‌ الْقَضَاءُ بِشَهَادَةِ الزُّورِ فِي الْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ

- ‌ الْقَضَاءُ عَلَى خَصْمٍ غَيْرِ حَاضِرٍ

- ‌ الْقَضَاءَ عَلَى الْمُسَخَّرِ

- ‌(بَابُ التَّحْكِيمِ)

- ‌[شَرْطُ التَّحْكِيم]

- ‌[حُكْمُ المحكم لِأَبَوَيْهِ وَوَلَدِهِ]

- ‌[مَسَائِلُ شَتَّى مِنْ كِتَابِ الْقَضَاءِ]

- ‌ ادَّعَى دَارًا فِي يَدِ رَجُلٍ أَنَّهُ وَهَبَهَا لَهُ فِي وَقْتٍ فَسُئِلَ الْبَيِّنَةَ فَقَالَ جَحَدَنِيهَا

- ‌ قَالَ لِآخَرَ لَك عَلَيَّ أَلْفٌ فَرَدَّهُ ثُمَّ صَدَّقَهُ

- ‌ ادَّعَى دَارًا إرْثًا لِنَفْسِهِ وَلِأَخٍ لَهُ غَائِبٍ وَبَرْهَنَ عَلَيْهِ

- ‌ أَوْصَى إلَيْهِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْوَصِيَّةِ

- ‌ قَالَ قَاضٍ عُزِلَ لِرَجُلٍ أَخَذْت مِنْك أَلْفًا وَدَفَعْته إلَى زَيْدٍ قَضَيْت بِهِ عَلَيْك فَقَالَ الرَّجُلُ أَخَذْته ظُلْمًا

- ‌(كِتَابُ الشَّهَادَاتِ)

- ‌[سَتْر الشَّهَادَةِ فِي الْحُدُود]

- ‌[شَرَطَ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الزِّنَا أَرْبَعَةَ رِجَالٍ]

- ‌[شَرَطَ لِجَمِيعِ أَنْوَاعِهَا لَفْظَ أَشْهَدُ بِالْمُضَارِعِ الشَّهَادَة]

- ‌[وَالْوَاحِدُ يَكْفِي لِلتَّزْكِيَةِ وَالرِّسَالَةِ وَالتَّرْجَمَةِ الشَّهَادَةُ]

- ‌لَا يَعْمَلُ شَاهِدٌ وَقَاضٍ وَرَاوٍ بِالْخَطِّ إنْ لَمْ يَتَذَكَّرُوا)

- ‌(بَابُ مَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَمَنْ لَا تُقْبَلُ)

- ‌[فُرُوعٌ شَهِدَ الْوَصِيُّ بَعْدَ الْعَزْلِ لِلْمَيِّتِ]

- ‌(بَابُ الِاخْتِلَافِ فِي الشَّهَادَةِ)

- ‌يُعْتَبَرُ اتِّفَاقُ الشَّاهِدَيْنِ لَفْظًا وَمَعْنًى)

- ‌[شَهِدَا بِقَرْضِ أَلْفٍ وَشَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قَضَاهُ]

- ‌[شَهِدَ لِرَجُلٍ أَنَّهُ اشْتَرَى عَبْدَ فُلَانِ بِأَلْفٍ وَشَهِدَ آخَرُ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ]

- ‌(بَابُ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ)

- ‌[صِيغَة الْإِشْهَادُ عَلَى الشَّهَادَة]

- ‌[لَا شَهَادَةَ لِلْفَرْعِ إلَّا بِمَوْتِ أَصْلِهِ أَوْ مَرَضِهِ أَوْ سَفَرِهِ]

- ‌(بَابُ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ)

- ‌ شَهِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ فَرَجَعَتْ امْرَأَةٌ

- ‌[شَهِدَا عَلَى شَهَادَةِ أَرْبَعَةٍ وَآخَرَانِ عَلَى شَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ وَقُضِيَ ثُمَّ رَجَعُوا]

- ‌[شُهُودُ الْإِحْصَانِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ]

- ‌[كِتَابُ الْوَكَالَةِ]

- ‌[شَرَائِطِ الْوَكَالَةُ]

- ‌[حُكْمِ الْوَكَالَة]

- ‌[صِفَة الْوَكَالَةِ]

- ‌ التَّوْكِيلُ بِإِيفَاءِ جَمِيعِ الْحُقُوقِ وَاسْتِيفَائِهَا

- ‌(بَابُ الْوَكَالَةِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ)

- ‌[مُفَارَقَةُ الْوَكِيلِ فِي الصَّرْفِ وَالسَّلَمِ]

- ‌[أَمَرَهُ بِشِرَاءِ عَبْدَيْنِ مُعَيَّنَيْنِ وَلَمْ يُسَمِّ ثَمَنًا فَاشْتَرَى لَهُ أَحَدَهُمَا]

- ‌[فَصْلٌ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ لَا يَعْقِدُ مَعَ مَنْ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ لَهُ]

- ‌[رَدَّ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ عَلَى الْوَكِيلِ بِالْعَيْبِ]

- ‌[تَصَرُّفُ أَحَدُ الْوَكِيلَيْنِ وَحْدَهُ]

- ‌ زَوَّجَ عَبْدٌ أَوْ مُكَاتَبٌ أَوْ كَافِرٌ صَغِيرَتَهُ الْحُرَّةَ الْمُسْلِمَةَ

- ‌(بَابُ الْوَكَالَةِ بِالْخُصُومَةِ وَالْقَبْضِ)

- ‌ وَكَّلَهُ بِقَبْضِ مَالِهِ فَادَّعَى الْغَرِيمُ أَنَّ رَبَّ الْمَالِ أَخَذَهُ

- ‌[بَابُ عَزْلِ الْوَكِيلِ]

- ‌[افْتِرَاقُ الشَّرِيكَيْنِ هَلْ يُبْطِل الْوَكَالَة]

- ‌(كِتَابُ الدَّعْوَى)

- ‌[بَابُ التَّحَالُفِ]

- ‌(فَصْلٌ) يَعْنِي فِي دَفْعِ الدَّعْوَى

- ‌(بَابُ دَعْوَى الرَّجُلَيْنِ)

- ‌[كِتَابُ الْإِقْرَارِ]

- ‌[بَابُ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الْإِقْرَارِ]

- ‌(بَابُ إقْرَارِ) (الْمَرِيضِ)

- ‌(كِتَابُ الصُّلْحِ)

- ‌[فَصْلٌ الصُّلْحُ عَنْ دَعْوَى الْمَالِ]

- ‌[بَابُ الصُّلْحِ فِي الدَّيْنِ]

- ‌(فَصْلٌ فِي الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ)

- ‌[فَصْلٌ فِي صُلْحِ الْوَرَثَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْمُضَارَبَةِ]

- ‌[فُرُوعٌ ادَّعَى أَرْضًا أَنَّهَا وَقْفٌ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ فَصَالَحَهُ الْمُنْكِرُ لِقَطْعِ الْخُصُومَةِ]

- ‌(بَابُ " الْمُضَارِبُ يُضَارِبُ

- ‌[فَصْلٌ دَفْعِ مَالِ الْمُضَارَبَةُ إلَى الْمَالِكِ بِضَاعَةً]

- ‌[كِتَابُ الْوَدِيعَةِ]

- ‌[لِلْمُودَعِ أَنْ يَحْفَظ الْوَدِيعَة بِنَفْسِهِ وَبِعِيَالِهِ]

- ‌[طَلَبَ الْوَدِيعَة رَبُّهَا فَحَبَسَهَا قَادِرًا عَلَى تَسْلِيمِهَا فَمَنَعَهَا]

- ‌[كِتَابُ الْعَارِيَّةِ]

- ‌[هَلَكَتْ الْعَارِيَّة بِلَا تَعَدٍّ]

- ‌[كِتَابُ الْهِبَةِ]

- ‌[مُؤْنَةُ رد الْوَدِيعَةِ عَلَى الْمَالِكِ]

- ‌[هِبَةُ الْأَبِ لِطِفْلَةِ]

- ‌[قَبْضُ زَوْجِ الصَّغِيرَةِ مَا وُهِبَ بَعْدَ الزِّفَافِ]

- ‌(بَابُ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ)

- ‌[فَصْلٌ مَسَائِلَ شَتَّى فِي الْهِبَة]

- ‌[الرُّقْبَى]

- ‌[كِتَابُ الْإِجَارَةِ]

- ‌[لِرَبِّ الدَّارِ وَالْأَرْضِ طَلَبُ الْأَجْرِ كُلَّ يَوْمٍ]

- ‌[اسْتَأْجَرَهُ لِيَجِيءَ بِعِيَالِهِ فَمَاتَ بَعْضُهُمْ فَجَاءَ بِمَا بَقِيَ]

- ‌[بَابُ مَا يَجُوزُ مِنْ الْإِجَارَةِ وَمَا يَكُونُ خِلَافًا فِيهَا]

- ‌[الزَّرْعُ يُتْرَكُ بِأَجْرِ الْمِثْلِ إلَى أَنْ يُدْرَكَ إذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ]

- ‌[بَابُ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ]

الفصل: حَالَ حَيَاتِهِ وَلِوَرَثَتِهِ بَعْدَهُ) وَهِيَ أَنْ يَجْعَلَ دَارِهِ لَهُ عُمُرَهُ

حَالَ حَيَاتِهِ وَلِوَرَثَتِهِ بَعْدَهُ) وَهِيَ أَنْ يَجْعَلَ دَارِهِ لَهُ عُمُرَهُ فَإِذَا مَاتَ يَرُدُّ عَلَيْهِ لِحَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ مَرْفُوعًا «الْعُمْرَى لِمَنْ وُهِبَتْ لَهُ»

[الرُّقْبَى]

(قَوْلُهُ لَا الرُّقْبَى) أَيْ إنْ مِتُّ قَبْلَك فَهِيَ لَك لِحَدِيثِ أَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ مَرْفُوعًا «مَنْ أَعْمَرَ عُمْرَى فَهِيَ لِمُعَمَّرِهِ مَحْيَاهُ وَمَمَاتَهُ لَا تَرْقُبُوا مَنْ أَرْقَبَ شَيْئًا فَهُوَ سَبِيلُ الْمِيرَاثِ» فَهِيَ بَاطِلَةٌ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَأَجَازَهَا أَبُو يُوسُفَ وَأَبْطَلَ الشَّرْطَ قِيَاسًا عَلَى الْعُمْرَى

(قَوْلُهُ وَالصَّدَقَةُ كَالْهِبَةِ لَا تَصِحُّ إلَّا بِالْقَبْضِ وَلَا فِي مُشَاعٍ يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ) لِأَنَّهَا تَبَرُّعٌ كَالْهِبَةِ فَإِنْ قُلْت قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الصَّدَقَةَ لِفَقِيرَيْنِ جَائِزَةٌ فِيمَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ بِقَوْلِهِ وَصَحَّ تَصَدُّقُ عَشَرَةٍ لِفَقِيرَيْنِ قُلْت الْمُرَادُ هُنَا مِنْ الْمُشَاعِ أَنْ يَهَبَ بَعْضَهُ لِوَاحِدٍ فَقَطْ فَحِينَئِذٍ هُوَ مُشَاعٌ يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ بِخِلَافِ الْفَقِيرَيْنِ فَإِنَّهُ لَا شُيُوعَ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ وَلَا رُجُوعَ فِيهَا) أَيْ فِي الصَّدَقَةِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُوَ الثَّوَابُ وَقَدْ حَصَلَ وَلَوْ اخْتَلَفَا فَقَالَ الْوَاهِبُ كَانَتْ هِبَةً وَقَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ صَدَقَةً فَالْقَوْلُ لِلْوَاهِبِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خان وَأَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا تَصَدَّقَ عَلَى غَنِيٍّ وَاخْتَارَهُ فِي الْهِدَايَةِ مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ قَدْ يَقْصِدُ بِالصَّدَقَةِ عَلَى الْغَنِيِّ الثَّوَابَ لِكَثْرَةِ عِيَالِهِ وَكَذَا إذَا وَهَبَ لِفَقِيرٍ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الثَّوَابُ وَقَدْ حَصَلَ وَفِي الْمُحِيطِ رَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ ثُمَّ تَقَايَلَا الصَّدَقَةَ لَمْ يَجُزْ حَتَّى يَقْبِضَ لِأَنَّهَا هِبَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ لِأَنَّهُ لَا رُجُوعَ فِيهَا وَكَذَلِكَ الْهِبَةُ إذَا كَانَتْ لِذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ قَالَ أَبُو يُوسُفَ لَوْ تَنَاقَضَا الصَّدَقَةَ فَمَاتَ الْمُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهَا الْمُتَصَدِّقُ فَالْمُنَاقَضَةُ بَاطِلَةٌ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي هِبَةٍ كَانَتْ الْمُنَاقَضَةُ جَائِزَةً لِأَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ فِيهَا فَإِذَا فَعَلَا شَيْئًا لَوْ تَقَدَّمَا إلَى الْقَاضِي فَعَلَهُ أَجْزَأَتْهُ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ. اهـ.

[كِتَابُ الْإِجَارَةِ]

لَمَّا اشْتَرَكَتْ الْهِبَةُ وَالْإِجَارَةُ فِي مَعْنَى التَّمْلِيكِ وَكَانَتْ الْهِبَةُ تَمْلِيكَ عَيْنٍ وَالْإِجَارَةُ تَمْلِيكَ مَنْفَعَةٍ قَدَّمَ تِلْكَ وَأَخَّرَ هَذِهِ لِكَوْنِ الْعَيْنِ أَقْوَى وَهِيَ فِي اللُّغَةِ اسْمٌ لِلْأُجْرَةِ وَهِيَ مَا يُسْتَحَقُّ عَلَى عَمَلِ الْخَيْرِ وَتَمَامُهُ فِي الْمُغْرِبِ وَفِي الِاصْطِلَاحِ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَرُكْنُهَا الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ سَوَاءٌ كَانَ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ أَوْ بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهَا فَتَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْعَارِيَّةِ حَتَّى لَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ أَعَرْتُك هَذِهِ الدَّارَ شَهْرًا بِكَذَا أَوْ قَالَ كُلَّ شَهْرٍ بِكَذَا وَقَبِلَ الْمُخَاطَبُ كَانَتْ الْإِجَارَةُ صَحِيحَةً لِأَنَّهَا مَأْخُوذَةٌ مِنْ التَّعَاوُرِ وَالتَّدَاوُلِ وَهُوَ كَمَا يَكُونُ بِغَيْرِ عِوَضٍ يَكُونُ بِعِوَضٍ وَالتَّعَاوُرُ بِعِوَضٍ إجَارَةٌ بِخِلَافِ الْعَارِيَّةِ حَيْثُ لَا تَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ حَتَّى لَوْ قَالَ آجَرْتُك هَذِهِ الدَّارَ بِغَيْرِ عِوَضٍ كَانَتْ إجَارَةً فَاسِدَةً وَلَا تَكُونُ عَارِيَّةً لِأَنَّهَا عَقْدٌ خَاصٌّ لِتَمْلِيكِ الْمَنْفَعَةِ كَمَا لَوْ قَالَ بِعْتُك هَذَا الْعَيْنَ بِغَيْرِ عِوَضٍ كَانَ بَاطِلًا أَوْ فَاسِدًا وَلَا تَكُونُ هِبَةً كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خان وَلَوْ قَالَ وَهَبْتُك مَنَافِعَ هَذِهِ الدَّارِ شَهْرًا بِكَذَا يَجُوزُ وَتَكُونُ إجَارَةً وَفِي الْفَتَاوَى لَوْ قَالَ لِآخَرَ اشْتَرَيْت مِنْك خِدْمَةَ عَبْدِك هَذَا شَهْرًا بِكَذَا فَهِيَ إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ وَعَنْ مُحَمَّدٍ لَوْ قَالَ أَعْطَيْتُك هَذَا الْعَبْدَ سَنَةً يَخْدُمُك بِكَذَا جَازَ وَتَكُونُ إجَارَةً وَفِي الْمُحِيطِ وَلَوْ قَالَ بِعْت مِنْك مَنَافِعَ الدَّارِ شَهْرًا بِكَذَا ذَكَرَ فِي الْعُيُونِ أَنَّ الْإِجَارَةَ فَاسِدَةٌ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ مَعْدُومَةٌ وَهِيَ لَيْسَتْ بِمَحَلٍّ لِلْبَيْعِ.

وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَنَّ فِيهِ اخْتِلَافَ الْمَشَايِخِ وَقَالَ الْحُرُّ إذَا قَالَ لِغَيْرِهِ بِعْتُك نَفْسِي شَهْرًا بِكَذَا لِعَمَلِ كَذَا فَهُوَ إجَارَةٌ وَعَنْ الْكَرْخِيِّ أَنَّ الْإِجَارَةَ لَا تَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْبَيْعِ ثُمَّ رَجَعَ وَقَالَ تَنْعَقِدُ وَلَا تَنْعَقِدُ الْإِجَارَةُ الطَّوِيلَةُ بِالتَّعَاطِي لِأَنَّ الْأُجْرَةَ غَيْرُ مَعْلُومَةٍ قَدْ يَجْعَلُونَ لِكُلِّ سَنَةٍ دَانِقًا وَقَدْ يَجْعَلُونَ طَسُّوجًا وَفِي غَيْرِ الطَّوِيلَةِ الْإِجَارَةُ تَنْعَقِدُ بِالتَّعَاطِي الْكُلُّ مِنْ الْخُلَاصَةِ مِنْ الْفَصْلِ الثَّانِي فِي صِحَّةِ الْإِجَارَةِ وَفَسَادِهَا وَشَرْطُهَا أَنْ تَكُونَ الْأُجْرَةُ وَالْمَنْفَعَةُ مَعْلُومَتَيْنِ لِأَنَّ جَهَالَتَهُمَا تُفْضِي إلَى الْمُنَازَعَةِ وَحُكْمُهَا وُقُوعُ الْمِلْكِ فِي الْبَدَلَيْنِ سَاعَةً فَسَاعَةً وَهِيَ مَشْرُوعَةٌ بِالْكِتَابِ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق: 6] وَغَيْرِهِ وَالسُّنَّةِ حَدِيثِ الْبُخَارِيِّ «وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَمْ يُعْطِهِ أَجْرَهُ» وَالْإِجْمَاعِ.

(قَوْلُهُ هِيَ بَيْعُ مَنْفَعَةٍ مَعْلُومَةٍ بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ) يَعْنِي الْإِجَارَةَ شَرْعًا تَمْلِيكُ مَنْفَعَةٍ بِعِوَضٍ فَخَرَجَ الْبَيْعُ وَالْهِبَةُ وَالْعَارِيَّةُ وَالنِّكَاحُ فَإِنَّهُ اسْتِبَاحَةُ الْمَنَافِعِ بِعِوَضٍ لَا تَمْلِيكُهَا وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -

ــ

[منحة الخالق]

كِتَابُ الْإِجَارَةِ)

(قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ وَهَبْتُك مَنَافِعَ هَذِهِ الدَّارِ شَهْرًا بِكَذَا يَجُوزُ وَتَكُونُ إجَارَةً) قَالَ الرَّمْلِيُّ سَيَأْتِي قَرِيبًا أَنَّهُ لَوْ أُضِيفَ الْعَقْدُ إلَى الْمَنَافِعِ لَا يَجُوزُ اهـ. فَتَأَمَّلْهُ. اهـ.

قُلْت وَسَيَأْتِي عَنْ الْمُحَشِّيِّ نَقْلُ قَوْلَيْنِ فِي الْمَسْأَلَةِ فَلَعَلَّ مَا هُنَا عَلَى أَحَدِهِمَا

ص: 297

إلَى أَنَّ عَقْدَ الْإِجَارَةِ يَنْعَقِدُ بِإِقَامَةِ الْعَيْنِ مَقَامَ الْمَنْفَعَةِ فِي حَقِّ الِانْعِقَادِ لَا فِي حَقِّ الْمِلْكِ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ مَحَلٍّ لِأَنَّهُ شَرْطٌ لِلصِّحَّةِ لِقَوْلِ الْفُقَهَاءِ الْمَحَالُّ شُرُوطٌ وَمَحَلُّ الْعَقْدِ هُنَا الْمَنَافِعُ وَهِيَ مَعْدُومَةٌ وَالْمَعْدُومُ لَا يَصْلُحُ مَحَلًّا فَجُعِلَتْ الدَّارُ مَحَلًّا بِإِقَامَتِهَا مَقَامَ الْمَنَافِعِ وَلِهَذَا لَوْ أَضَافَ الْعَقْدَ إلَى الْمَنَافِعِ لَا يَجُوزُ بِأَنْ قَالَ آجَرْتُك مَنَافِعَ هَذِهِ الدَّارِ شَهْرًا بِكَذَا وَإِنَّمَا يَصِحُّ بِإِضَافَتِهِ إلَى الْعَيْنِ وَالْمُرَادُ مِنْ انْعِقَادِ الْعِلَّةِ سَاعَةً فَسَاعَةً فِي كَلَامِ مَشَايِخِنَا عَلَى حَسَبِ حُدُوثِ الْمَنَافِعِ هُوَ عَمَلُ الْعِلَّةِ وَنَفَاذُهَا فِي الْمَحَلِّ سَاعَةً فَسَاعَةً لَا ارْتِبَاطُ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ كُلَّ سَاعَةٍ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ كَلَامِ مَشَايِخِنَا يُوهِمُ ذَلِكَ وَالْحُكْمُ تَأَخَّرَ مِنْ زَمَانِ انْعِقَادِ الْعِلَّةِ إلَى حُدُوثِ الْمَنَافِعِ سَاعَةً فَسَاعَةً لِأَنَّ الْحُكْمَ قَابِلٌ لِلتَّرَاخِي كَمَا فِي الْبَيْعِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ.

ثُمَّ عَقْدُ الْإِجَارَةِ عَلَى مَا عُرِفَ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ عِلَّةٌ اسْمًا لِإِضَافَةِ الْحُكْمِ إلَيْهِ وَمَعْنًى لِكَوْنِهِ مُؤَثِّرٌ إلَّا حُكْمًا لِتَرَاخِي الْحُكْمِ عَنْهُ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَبِهَذَا تَبَيَّنَ أَنَّ تَعْرِيفَ الْمُصَنِّفِ أَوْلَى مِنْ تَعْرِيفِ الْقُدُورِيِّ بِقَوْلِهِ عَقْدٌ عَلَى الْمَنَافِعِ بِعِوَضٍ لِمَا عَلِمْت أَنَّهَا عَقْدٌ عَلَى الْعَيْنِ وَإِنَّمَا الْمَمْلُوكُ الْمَنَافِعُ وَالْمُرَادُ مِنْ الْمَنْفَعَةِ الْمَنْفَعَةُ الْمَقْصُودَةُ مِنْ الْعَيْنِ حَتَّى لَوْ اسْتَأْجَرَ ثِيَابًا لِيَبْسُطَهَا وَلَا يَقْعُدَ عَلَيْهَا وَلَا يَنَامَ أَوْ دَابَّةً لِيَرْبِطَهَا فِي فِنَائِهِ وَيَظُنَّ النَّاسُ أَنَّهَا لَهُ أَوْ لِيَجْعَلَهَا جَنِيبَةً بَيْنَ يَدَيْهِ أَوْ آنِيَةً يَضَعَهَا فِي بَيْتِهِ يَتَجَمَّلُ بِهَا وَلَا يَسْتَعْمِلُهَا أَوْ دَارًا لَا يَسْكُنُهَا لَكِنْ يَظُنُّ النَّاسُ أَنَّهَا لَهُ مِلْكًا أَوْ عَبْدًا عَلَى أَنْ لَا يَسْتَخْدِمَهُ أَوْ دَرَاهِمَ يَضَعُهَا فَالْإِجَارَةُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ فَاسِدَةٌ وَلَا أُجْرَةَ لَهُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ مِنْ الْجِنْسِ الثَّالِثِ فِي الدَّوَابِّ وَعَلَّلَ الْبَزَّازِيُّ فِي فَتَاوِيهِ بِأَنَّهَا مَنْفَعَةٌ غَيْرُ مَقْصُودَةٍ مِنْ الْعَيْنِ وَذَكَرَ فِي الْخُلَاصَةِ فِي كِتَابِ الْعَارِيَّةِ أَنَّهُ لَوْ اسْتَعَارَ دَرَاهِمَ لِيَتَجَمَّلَ بِهَا كَانَتْ عَارِيَّةً لَا قَرْضًا اهـ.

فَأَفَادَ أَنَّ الْعَارِيَّةَ تُخَالِفُ الْإِجَارَةَ فِي اشْتِرَاطِ كَوْنُ الْمَنْفَعَةِ مَقْصُودَةً وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ بَيْعُ مَنْفَعَةٍ إلَى أَنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَ خَيَّاطًا لِيَخِيطَ لَهُ هَذَا الْقَمِيصَ وَالْكُمَّ مِنْهُ أَوْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَجْرَ مِنْهُ فَهِيَ فَاسِدَةٌ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِبَيْعِ عَيْنٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ عَمَّا إذَا كَانَ مَجْهُولًا كَمَا إذَا اسْتَأْجَرَ عَبْدًا بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ وَبِطَعَامِهِ لَا يَجُوزُ وَكَذَا لَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً بِعَلْفِهَا لَا يَجُوزُ لِلْجَهَالَةِ بِخِلَافِ الظِّئْرِ كَمَا سَيَأْتِي كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَفِيهَا أَيْضًا رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ مِنْ آخَرَ غُلَامًا فَقَالَ صَاحِبُ الْغُلَامِ بِعِشْرِينَ وَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ بِعَشَرَةٍ فَافْتَرَقُوا عَلَى ذَلِكَ قَالَ هُوَ بِعِشْرِينَ إلَّا أَنْ يَرْضَى الَّذِي آجَرَهُ بِعَشَرَةٍ

(قَوْلُهُ وَمَا صَحَّ ثَمَنًا صَحَّ أُجْرَةً) أَيْ مَا جَازَ أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا فِي الْبَيْعِ جَازَ أَنْ يَكُونَ أُجْرَةً فِي الْإِجَارَةِ لِأَنَّ الْأُجْرَةَ ثَمَنُ الْمَنْفَعَةِ فَتُعْتَبَرُ بِثَمَنِ الْمَبِيعِ وَمُرَادُهُ مِنْ الثَّمَنِ مَا كَانَ بَدَلًا عَنْ شَيْءٍ فَدَخَلَ فِيهِ الْأَعْيَانُ فَإِنَّ الْعَيْنَ تَصْلُحُ بَدَلًا فِي الْمُقَايَضَةِ فَتَصْلُحُ أُجْرَةً وَأَشَارَ إلَى أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ الْأُجْرَةُ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ انْصَرَفَتْ إلَى غَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ فَإِنْ كَانَتْ الْغَلَبَةُ مُخْتَلِفَةً فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةً مَا لَمْ يُبَيِّنْ نَقْدًا مِنْهَا فَإِنْ بَيَّنَ جَازَ فَإِنَّهَا لَوْ كَانَتْ كَيْلِيًّا أَوْ وَزْنِيًّا أَوْ عَدَدِيًّا مُتَقَارِبًا فَالشَّرْطُ فِيهِ بَيَانُ الْقَدْرِ وَالصِّفَةِ وَيَحْتَاجُ فِيهِ إلَى بَيَانِ مَكَانِ الْإِيفَاءِ إذَا كَانَ لَهُ حِمْلٌ وَمُؤْنَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حِمْلٌ وَمُؤْنَةٌ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى بَيَانِ مَكَانِ الْإِيفَاءِ وَعِنْدَهُمَا لَيْسَ بِشَرْطٍ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى بَيَانِ الْأَجَلِ فَإِنْ بَيَّنَ جَازَ وَثَبَتَ وَأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ ثِيَابًا أَوْ عُرُوضًا فَالشَّرْطُ فِيهِ بَيَانُ الْقَدْرِ وَالْأَجَلِ وَالصِّفَةِ لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ إلَّا مِنْ جِهَةِ السَّلَمِ فَكَانَ لِثُبُوتِهِ أَصْلٌ وَاحِدٌ هُوَ السَّلَمُ فَلَا يَجُوزُ إلَّا عَلَى شَرَائِطِ السَّلَمِ بِخِلَافِ الْكَيْلِيِّ وَالْوَزْنِيِّ لِأَنَّ لِثُبُوتِهِمَا أَصْلَيْنِ الْقَرْضَ وَالسَّلَمَ وَالْأَجَلُ فِي الْقَرْضِ لَيْسَ بِشَرْطٍ فَإِنْ بَيَّنَ جَازَ كَالسَّلَمِ وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ جَازَ كَالْقَرْضِ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يُشِرْ إلَيْهَا فَإِنْ أَشَارَ فَهِيَ كَافِيَةٌ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى بَيَانِ الْقَدْرِ وَالْوَصْفِ وَالْأَجَلِ وَأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ حَيَوَانًا فَلَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُعَيَّنًا كَذَا ذَكَرَ الْإِسْبِيجَابِيُّ فِي شَرْحِ مُخْتَصَرِ الطَّحَاوِيِّ.

وَأَشَارَ أَيْضًا إلَى أَنَّ هَذَا الضَّابِطَ لَا يَنْعَكِسُ كَيْلِيًّا فَلَا يُقَالُ مَا لَا يَجُوزُ أُجْرَةً لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ أُجْرَةً لِلْمَنْفَعَةِ إذَا كَانَتْ مُخْتَلِفَةَ الْجِنْسِ كَاسْتِئْجَارِ سُكْنَى الدَّارِ بِزِرَاعَةِ الْأَرْضِ وَإِنْ اتَّحَدَ جِنْسُهُمَا لَا يَجُوزُ كَاسْتِئْجَارِ الدَّارِ لِلسُّكْنَى بِالسُّكْنَى وَكَاسْتِئْجَارِ الْأَرْضِ لِلزِّرَاعَةِ بِزِرَاعَةِ أَرْضٍ أُخْرَى لِأَنَّ الْجِنْسَ بِانْفِرَادِهِ يَحْرُمُ لِلنِّسَاءِ

(قَوْلُهُ وَالْمَنْفَعَةُ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَلِهَذَا لَوْ أَضَافَ الْعَقْدَ إلَى الْمَنَافِعِ لَا يَجُوزُ) قَالَ الرَّمْلِيُّ ذَكَرَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَكَثِيرٌ مِنْ الْكُتُبِ قَوْلَيْنِ فِي الْمَسْأَلَةِ (قَوْلُهُ فَهِيَ فَاسِدَةٌ) قَالَ الرَّمْلِيُّ إنَّمَا كَانَتْ فَاسِدَةً لِأَنَّهُ شَرَطَ فِيهَا بَيْعَ عَيْنٍ حَتَّى لَوْ وَقَعَتْ عَلَى نَفْسِ الْعَيْنِ كَانَتْ بَاطِلَةً لَا فَاسِدَةً بِمَا صَرَّحُوا بِهِ مِنْ أَنَّهَا لَوْ وَقَعَتْ عَلَى إتْلَافِ الْأَعْيَانِ قَصْدًا لَا تَنْعَقِدُ فَتَأَمَّلْ وَقَوْلُهُ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ أَيْ الْإِجَارَةُ

(قَوْلُهُ وَعِنْدَهُمَا لَيْسَ بِشَرْطٍ) قَالَ الرَّمْلِيُّ وَقَدَّمَ فِي السَّلَمِ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ عِنْدَهُمَا مَكَانُ الدَّارِ وَمَكَانُ تَسْلِيمِ الدَّابَّةِ وَفِي الْجَوْهَرَةِ وَعِنْدَهُمَا لَا يُشْتَرَطُ وَيُسَلِّمُهُ عِنْدَ الْأَرْضِ الْمُسْتَأْجَرَةِ (قَوْلُهُ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى بَيَانِ الْأَجَلِ فَإِنْ بَيَّنَ جَازَ وَثَبَتَ) قَالَ الرَّمْلِيُّ قَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى بَيَانِ الْأَجَلِ فَإِنَّ الْأَجْرَ صَارَ مُؤَجَّلًا كَالثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ اهـ.

يَعْنِي بِبَيَانِ الْمُدَّةِ كَمَا لَوْ قَالَ بِعْتُك بِكَذَا إلَى شَهْرٍ مَثَلًا تَأَمَّلْ

ص: 298

تُعْلَمُ بِبَيَانِ الْمُدَّةِ كَالسُّكْنَى وَالزِّرَاعَةِ فَتَصِحُّ عَلَى مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ أَيِّ مُدَّةٍ كَانَتْ) لِأَنَّ الْمُدَّةَ إذَا كَانَتْ مَعْلُومَةً كَانَ قَدْرُ الْمَنْفَعَةِ فِيهَا مَعْلُومًا فَأَفَادَ أَنَّهَا تَجُوزُ وَلَوْ كَانَتْ الْمُدَّةُ لَا يَعِيشُ إلَى مِثْلِهَا عَادَةً وَاخْتَارَهُ الْخَصَّافُ وَمَنَعَهُ بَعْضُهُمْ وَأَفَادَ أَنَّهَا تَجُوزُ مُضَافًا كَمَا لَوْ قَالَ آجَرْتُك هَذِهِ الدَّارَ غَدًا وَلِلْمُؤَجِّرِ بَيْعُهَا الْيَوْمَ وَتَنْتَقِضُ الْإِجَارَةُ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خان الْوَصِيُّ إذَا أَجَرَ أَرْضَ الْيَتِيمِ أَوْ اسْتَأْجَرَ لِلْيَتِيمِ أَرْضًا بِمَالِ الْيَتِيمِ إجَارَةً طَوِيلَةً رَسْمِيَّةً ثَلَاثَ سِنِينَ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ أَبُو الصَّغِيرِ وَمُتَوَلِّي الْوَقْفِ لِأَنَّ الرَّسْمَ فِي الْإِجَارَةِ الطَّوِيلَةِ أَنْ يُجْعَلَ شَيْءٌ يَسِيرٌ مِنْ مَالِ الْإِجَارَةِ بِمُقَابَلَةِ السِّنِينَ الْأَوَّلُ وَمُعْظَمُ الْمَالِ بِمُقَابَلَةِ السَّنَةِ الْأَخِيرَةِ فَإِنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ لِأَرْضِ الْيَتِيمِ أَوْ الْوَقْفِ لَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ فِي السِّنِينَ الْأُوَلِ لِأَنَّهَا تَكُونُ بِأَقَلَّ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ فَلَا تَصِحُّ فَإِنْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِلْيَتِيمِ أَوْ الْوَقْفِ بِمَالِ الْوَقْفِ فَفِي السَّنَةِ الْأَخِيرَةِ يَكُونُ الِاسْتِئْجَارُ بِأَكْثَرَ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ فَلَا يَصِحُّ فَإِذَا فَسَدَتْ الْإِجَارَةُ فِي الْبَعْضِ فِي الْوَجْهَيْنِ هَلْ يَصِحُّ فِيمَا كَانَ خَيْرًا لِلْيَتِيمِ وَالْوَقْفِ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَجْعَلَ الْإِجَارَةَ الطَّوِيلَةَ عَقْدًا وَاحِدًا لَا يَصِحُّ وَعَلَى قَوْلِ مَنْ يَجْعَلُهَا عُقُودًا يَصِحُّ فِيمَا كَانَ خَيْرًا لِلْيَتِيمِ وَلَا يَصِحُّ فِيمَا كَانَ شَرًّا لَهُ وَالظَّاهِرُ هُوَ الْفَسَادُ فِي الْكُلِّ. اهـ.

(قَوْلُهُ وَلَا تُزَادُ فِي الْأَوْقَافِ عَلَى ثَلَاثِ سِنِينَ) كَيْلًا يَدَّعِي الْمُسْتَأْجِرُ مِلْكَهَا قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ الضَّيَاعَ وَغَيْرَهُ وَقَدْ أَفْتَى الصَّدْرُ الشَّهِيدُ بِعَدَمِ الزِّيَادَةِ عَلَى ثَلَاثِ سِنِينَ فِي الضَّيَاعِ وَعَلَى سَنَةٍ فِي غَيْرِهَا إلَّا إذَا كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي غَيْرِهِ قَالَ فِي الْمُحِيطِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى. اهـ.

وَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ عِنْدَ عَدَمِ شَرْطِ الْوَاقِفِ فَإِنْ نَصَّ عَلَى شَيْءٍ فَآجَرَهُ النَّاظِرُ أَكْثَرَ مِنْهُ لَا يَجُوزُ إلَّا إذَا كَانَتْ إجَارَتُهَا أَكْثَرَ أَنْفَعَ لِلْفُقَرَاءِ وَالنَّاسُ لَا يَرْغَبُونَ فِي اسْتِئْجَارِهَا فَلِلْقَيِّمِ أَنْ يَرْفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي حَتَّى يُؤَاجِرَهَا أَكْثَرَ لِأَنَّ لِلْقَاضِي وِلَايَةَ النَّظَرِ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَعَلَى الْمَيِّتِ أَيْضًا وَلَيْسَ لِلْقَيِّمِ أَنْ يُؤَاجِرَهَا بِنَفْسِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خان وَالْمُرَادُ بِعَدَمِ الْجَوَازِ عَدَمُ الصِّحَّةِ يَعْنِي لَوْ آجَرَ النَّاظِرُ الْوَقْفَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِ سِنِينَ لَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ وَقِيلَ تَصِحُّ وَتَنْفَسِخُ ذَكَرَهُ الشُّمُنِّيُّ.

وَاعْلَمْ أَنَّ إجَارَةَ الْوَقْفِ لَا تَجُوزُ إلَّا بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ أَوْ أَكْثَرَ فَلَوْ أَجَرَ النَّاظِرُ بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ لَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ وَيَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ تَمَامُ أَجْرِ الْمِثْلِ وَقَدْ وَقَعَ فِي الْخُلَاصَةِ عِبَارَةٌ أَوْهَمَتْ أَنَّ النَّاظِرَ يَضْمَنُ تَمَامَ أَجْرِ الْمِثْلِ فَقَالَ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ أَجَرَ بِدُونِ أَجْرِ الْمِثْلِ يَلْزَمُهُ تَمَامُ أَجْرِ الْمِثْلِ. اهـ.

وَقَدْ رَدَّهُ الشَّيْخُ قَاسِمٌ فِي فَتَاوِيهِ بِأَنَّ الضَّمِيرَ يَرْجِعُ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَهُ فِي تَلْخِيصِ الْفَتَاوَى الْكُبْرَى وَعِبَارَتُهُ وَمُتَوَلِّي الْوَقْفِ أَجَرَهَا بِغَيْرِ أَجْرِ الْمِثْلِ يَلْزَمُ مُسْتَأْجِرَهَا تَمَامُ أَجْرِ الْمِثْلِ عِنْدَ بَعْضِ عُلَمَائِنَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى اهـ.

وَقَالَ فِي الذَّخِيرَةِ وَإِذَا أَجَرَ الْقَيِّمُ دَارًا بِأَقَلَّ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ قَدْرَ مَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ حَتَّى لَمْ تَجُزْ الْإِجَارَةُ لَوْ تَسَلَّمَهَا الْمُسْتَأْجِرُ كَانَ عَلَيْهِ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ عَلَى مَا أَجَازَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ الْمَشَايِخِ اهـ.

وَذَكَرَ الْإِسْبِيجَابِيُّ فِي الْمُزَارَعَةِ إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ أَرْضَ وَقْفٍ اسْتَأْجَرَهَا مِنْ الْمُتَوَلِّي إلَى طَوِيلِ الْمُدَّةِ يُنْظَرُ إنْ كَانَ السِّعْرُ بِحَالِهِ لَمْ يَزْدَدْ وَلَمْ يَنْقُصْ كَمَا كَانَ وَقْتَ الْعَقْدِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَإِنْ غَلَا أَجْرُ مِثْلِهَا فَإِنَّهُ يُفْسَخُ ذَلِكَ الْعَقْدُ وَيَحْتَاجُ إلَى تَجْدِيدِ ذَلِكَ الْعَقْدِ ثَانِيًا وَكَذَلِكَ إذَا اسْتَأْجَرَهَا بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ إلَى سَنَةٍ فَلَمَّا مَضَى نِصْفُ السَّنَةِ غَلَا سِعْرُهَا وَازْدَادَ أَجْرُ مِثْلِهَا فَإِنَّهُ يُفْسَخُ ذَلِكَ الْعَقْدُ وَيُعْقَدُ ثَانِيًا عَلَى أُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ وَلَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ بِحَالٍ لَمْ يُمْكِنْ فَسْخُهَا نَحْوُ مَا إذَا كَانَ فِيهَا زَرْعٌ لَمْ يُحْصَدْ بَعْدُ وَلَمْ يُدْرَكْ بَعْدُ فَلَا يُمْكِنُ فَسْخُهَا وَلَكِنْ إلَى وَقْتِ زِيَادَتِهِ يَجِبُ الْمُسَمَّى بِقَدْرِهِ وَبَعْدَ الزِّيَادَةِ إلَى تَمَامِ السَّنَةِ يَجِبُ أَجْرُ مِثْلِهَا وَأَمَّا إذَا كَانَ يُنْتَقَصُ مِنْ أُجْرَتِهَا يَعْنِي رُخْصَ أُجْرَتِهَا وَسِعْرِهَا قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ فَإِنَّ الْإِجَارَةَ لَا تَبْطُلُ وَلَا تَنْفَسِخُ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ قَدْ رَضِيَ بِذَلِكَ حَيْثُ عَقَدَ عَلَيْهَا وَزِيَادَةُ الْأُجْرَةِ إنَّمَا تُعْتَبَرُ إذَا زَادَتْ عِنْدَ الْكُلِّ فَأَمَّا إذَا زَادَ وَاحِدٌ فِي أُجْرَتِهَا تَعَنُّتًا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ فَلَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ وَلَا يَبْطُلُ الْعَقْدُ وَلَا يُفْسَخُ مَا لَمْ تَمْضِ الْمُدَّةُ وَكَذَلِكَ حُكْمُ الْحَانُوتِ وَالطَّاحُونَةِ وَجَمِيعِ مَا يَكُونُ وَقْفًا اُسْتُؤْجِرَ مِنْ الْمُتَوَلِّي. اهـ. وَكَذَا ذَكَرَ قَاضِي خان فِي فَتَاوِيهِ وَرَجَّحَهُ الْعَلَامَةُ قَاسِمٌ فِي فَتَاوِيهِ بِأَنَّهُ أَنْفَعُ لِلْوَقْفِ

ــ

[منحة الخالق]

قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَا تُزَادُ فِي الْأَوْقَافِ عَلَى ثَلَاثِ سِنِينَ) قَالَ الرَّمْلِيُّ وَفِي الْجَوْهَرَةِ وَعَلَى هَذَا أَرْضُ الْيَتِيمِ وَقَدْ أَفْتَى صَاحِبُ الْبَحْرِ بِإِلْحَاقِ عَقَارِ الْيَتِيمِ بِالْوَقْفِ وَكَذَا تِلْمِيذُهُ الشَّيْخُ الْعَلَّامَةُ الْغَزِّيِّ وَأَكْثَرُ كَلَامِهِمْ فِي الْمَسْأَلَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ الْمُخْتَارُ وَأَنَّهُ الْمُفْتَى بِهِ وَعِلَّتُهُ أَنَّهُ كَمَا يُصَانُ الْوَقْفُ يُصَانُ مَالُ الْيَتِيمِ عَنْ دَعْوَى الْمِلْكِ بِطُولِ الْمُدَّةِ بَلْ مَالُ الْيَتِيمِ أَوْلَى لِلنُّصُوصِ الْمُوجِبَةِ لَهُ الْمُصَرَّحَةِ بِالنَّهْيِ عَنْ قُرْبَانِهِ فَلْيَكُنْ عَلَيْهِ الْمُعَوَّلُ وَأَقُولُ: أَيْضًا وَمِثْلُ عَقَارِ الْيَتِيمِ عَقَارُ بَيْتِ الْمَالِ فَتَأَمَّلْ

ص: 299

(قَوْلُهُ أَوْ بِالتَّسْمِيَةِ كَالِاسْتِئْجَارِ عَلَى صَبْغِ الثَّوْبِ وَخِيَاطَتِهِ) يَعْنِي تُعْرَفُ الْمَنْفَعَةُ بِالتَّسْمِيَةِ كَالصَّبْغِ وَنَحْوِهِ وَمِنْهُ اسْتِئْجَارُ الدَّابَّةِ لِلْحَمْلِ أَوْ لِلرُّكُوبِ وَالْإِجَارَةُ عَلَى الْعَمَلِ كَاسْتِئْجَارِ الْقَصَّارِ وَنَحْوِهِ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ مَعْلُومًا وَذَلِكَ فِي الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ وَأَمَّا الْأَجِيرُ الْوَاحِدُ فَمِنْ النَّوْعِ الْأَوَّلِ وَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ بَيَانِ الْوَقْتِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَصَرَّحَ فِي تُحْفَةِ الْفُقَهَاءِ بِأَنَّهُ مِنْ نَوْعِ الِاسْتِئْجَارِ عَلَى الْعَمَلِ لَكِنْ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ بَيَانِ الْوَقْتِ وَاخْتَارَهُ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ عَلَى صَبْغِ الثَّوْبِ إلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يُعَيِّنَ الثَّوْبَ الَّذِي يُصْبَغُ وَلَوْنَ الصِّبْغِ بِأَنَّهُ أَحْمَرُ أَوْ نَحْوُهُ وَقَدْرَ الصِّبْغِ إذَا كَانَ مِمَّا يَخْتَلِفُ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ وَخِيَاطَتِهِ إلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الثَّوْبُ مَعْلُومًا وَلِهَذَا قَالَ فِي الْمُحِيطِ لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِقَصْرِ عَشَرَةِ أَثْوَابٍ وَلَمْ يَرَهَا فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ وَإِنْ سُمِّيَ جِنْسُهَا لِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِغِلَظِهِ وَرِقَّتِهِ وَاعْلَمْ أَنَّ اسْتِئْجَارَ الدَّابَّةِ لِلرُّكُوبِ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ بَيَانِ الْوَقْتِ أَوْ الْمَوْضِعِ حَتَّى لَوْ خَلَا عَنْهُمَا فَهِيَ فَاسِدَةٌ ذَكَرَهُ الْبَزَّازِيُّ فِي فَتَاوِيهِ وَبِهِ يُعْلَمُ فَسَادُ إجَارَةِ دَوَابِّ الْعَلَّافِينَ الْوَاقِعَةِ فِي زَمَانِنَا لِعَدَمِ بَيَانِ الْوَقْتِ وَالْمَوْضِعِ

(قَوْلُهُ أَوْ بِالْإِشَارَةِ كَالِاسْتِئْجَارِ عَلَى نَقْلِ هَذَا الطَّعَامِ إلَى كَذَا) يَعْنِي تُعْرَفُ الْمَنْفَعَةُ بِالْإِشَارَةِ لِأَنَّهُ إذَا أَرَاهُ مَا يَنْقُلُهُ وَالْمَوْضِعَ الَّذِي يَحْمِلُ إلَيْهِ كَانَتْ الْمَنْفَعَةُ مَعْلُومَةً فَيَصِحُّ الْعَقْدُ

(قَوْلُهُ وَالْأُجْرَةُ لَا تُمْلَكُ بِالْعَقْدِ) لِأَنَّ الْعَقْدَ يَنْعَقِدُ شَيْئًا فَشَيْئًا عَلَى حَسَبِ حُدُوثِ الْمَنْفَعَةِ عَلَى مَا بَيَّنَّا وَالْعَقْدُ مُعَاوَضَةٌ وَمِنْ قَضِيَّتِهَا الْمُسَاوَاةُ فَمِنْ ضَرُورَةِ التَّرَاخِي فِي جَانِبِ الْمَنْفَعَةِ التَّرَاخِي فِي جَانِبِ الْبَدَلِ الْآخَرِ فَلَا يَعْتِقُ قَرِيبُ الْمُؤَجِّرِ لَوْ كَانَ أُجْرَةً وَلَا يَمْلِكُ الْمُطَالَبَةَ بِتَسْلِيمِهَا لِلْحَالِ وَلَا يَلْزَمُ عَلَيْنَا صِحَّةُ الْإِبْرَاءِ عَنْ الْأُجْرَةِ وَالْكَفَالَةِ وَالرَّهْنِ بِهَا لِأَنَّا نَقُولُ ذَاكَ بِنَاءً عَلَى وُجُودِ السَّبَبِ فَصَارَ كَالْعَفْوِ عَنْ الْقِصَاصِ بَعْدَ وُجُودِ الْجُرْحِ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ لَكِنْ فِي الْمُحِيطِ أَنَّ جَوَازَ الْإِبْرَاءِ قَوْلُ مُحَمَّدٍ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى أَنَّهُمَا لَوْ تَصَارَفَا بِالْأُجْرَةِ فَأَخَذَ بِالدَّرَاهِمِ دَنَانِيرَ لَا يَجُوزُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ وَإِنْ كَانَتْ الْأُجْرَةُ نَقْرَةً بِعَيْنِهَا لَا تَجُوزُ الْمُصَارَفَةُ بِهَا بِالْإِجْمَاعِ وَالْإِبْرَاءُ عَنْ بَعْضِ الْأُجْرَةِ صَحِيحٌ اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْحَطِّ كَذَا ذَكَرَهُ الْوَلْوَالِجِيُّ

(قَوْلُهُ بَلْ بِالتَّعْجِيلِ أَوْ بِشَرْطِهِ أَوْ بِالِاسْتِيفَاءِ أَوْ بِالتَّمَكُّنِ) يَعْنِي لَا يَمْلِكُ الْأُجْرَةَ إلَّا بِوَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّهَا الْمُؤَجِّرُ إلَّا بِذَلِكَ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْقُدُورِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ دَيْنًا لَا يُقَالُ أَنَّهُ مَلَكَهُ الْمُؤَجِّرُ قَبْلَ قَبْضِهِ وَإِذَا اسْتَحَقَّهَا الْمُؤَجِّرُ قَبْلَ قَبْضِهَا فَلَهُ الْمُطَالَبَةُ بِهَا وَحُبِسَ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَيْهَا وَحُبِسَ الْعَيْنُ عَنْهُ وَلَهُ حَقُّ الْفَسْخِ إنْ لَمْ يُعَجِّلْ لَهُ الْمُسْتَأْجِرُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ لَكِنْ لَيْسَ لَهُ بَيْعُهَا قَبْلَ قَبْضِهَا وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إلَى أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لَوْ بَاعَ الْمُؤَجِّرَ بِالْأَجْرِ شَيْئًا وَسَلَّمَ جَازَ لِتَضَمُّنِهِ اشْتِرَاطَ التَّعْجِيلِ فَتَقَعُ الْمُقَاصَّةُ بَيْنَهُمَا فَإِنْ تَعَذَّرَ إيفَاءُ الْعَمَلِ رَجَعَ بِالدَّرَاهِمِ دُونَ الْمَتَاعِ وَالْمُرَادُ مِنْ التَّمَكُّنِ تَسْلِيمُ الْمَحَلِّ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ بِحَيْثُ لَا مَانِعَ مِنْ الِانْتِفَاعِ فَلَوْ سَلَّمَهُ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الِامْتِنَاعُ مِنْ التَّسْلِيمِ وَالتَّسَلُّمِ فِي الْبَاقِي إذَا لَمْ يَكُنْ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَقْتٌ يَرْغَبُ فِي الْإِجَارَةِ لِأَجَلِهِ فَإِنْ كَانَ فِي الْمُدَّةِ وَقْتٌ كَذَلِكَ كَحَانُوتٍ يُسْتَأْجَرُ سَنَةً لِرَوَاجِ السُّوقِ فِي بَعْضِهَا أَوْ دَارٍ بِمَكَّةَ تُسْتَأْجَرُ سَنَةً لِأَجْلِ الْمَوْسِمِ فَلَمْ يُسَلِّمْ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَرْغَبُ لِأَجَلِهِ فَإِنَّهُ يَتَخَيَّرُ فِي قَبْضِ الْبَاقِي كَمَا فِي الْبَيْعِ وَفِي الذَّخِيرَةِ مِنْ الْفَصْلِ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ فِي الِاخْتِلَافِ لَوْ اخْتَلَفَ الْمُسْتَأْجِرُ وَالْآجِرُ بَعْدَ شَهْرٍ وَالْمِفْتَاحُ مَعَ الْمُسْتَأْجِرِ وَقَالَ لَمْ أَقْدِرْ عَلَى فَتْحِهِ وَقَالَ الْمُؤَجِّرُ بَلْ قَدَرْت عَلَى فَتْحِهِ وَسَكَنْت وَلَا بَيِّنَةَ لَهُمَا بِحُكْمِ الْحَالِ وَإِنْ أَقَامَاهَا فَالْبَيِّنَةُ لِرَبِّ الْمَنْزِلِ لِأَنَّهُ لَا عِبْرَةَ لِتَحْكِيمِ الْحَالِ مَتَى جَاءَتْ الْبَيِّنَةُ بِخِلَافِهِ وَفِي الْقُنْيَةِ تَسْلِيمُ الْمِفْتَاحِ فِي الْمِصْرِ مَعَ التَّخْلِيَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الدَّارِ تَسْلِيمٌ لِلدَّارِ حَتَّى يَجِبَ الْأَجْرُ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ وَإِنْ لَمْ يَسْكُنْ وَتَسْلِيمُ الْمِفْتَاحِ فِي السَّوَادِ لَيْسَ بِتَسْلِيمِ الدَّارِ وَإِنْ حَضَرَ الْمِصْرَ وَالْمِفْتَاحُ فِي يَدِهِ. اهـ.

وَفِي فَتَاوَى الْوَلْوَالِجيَّةِ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ دَارًا عَلَى عَبْدٍ بِعَيْنِهِ ثُمَّ وَهَبَ الْعَبْدَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَإِذَا قَالَ الْمُسْتَأْجِرُ قَبِلْت كَانَ هَذَا إقَالَةً كَالْمُشْتَرِي إذَا قَالَ لِلْبَائِعِ وَهَبْت مِنْك الْعَبْدَ قَبْلَ الْقَبْضِ انْتَقَضَ الْبَيْعُ كَذَا هُنَا. اهـ.

وَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْإِجَارَةُ الْمُنْجَزَةُ إذْ الْإِجَارَةُ الْمُضَافَةُ

ــ

[منحة الخالق]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 300