الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا يُقَالُ: لَا يَجُوزُ أَنْ يَثْبُتَ الْحُكْمُ بِبَعْضِ الْعِلَّةِ فَوَجَبَ أَنْ لَا تَبْقَى بِهِ أَيْضًا لِأَنَّا نَقُولُ: يَجُوزُ أَنْ يَبْقَى الْحُكْمُ بِبَعْضِ الْعِلَّةِ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ بِهِ ابْتِدَاءً كَالْحَوْلِ الْمُنْعَقِدِ عَلَى النِّصَابِ يَبْقَى بِبَقَاءِ بَعْضِ النِّصَابِ وَإِنْ لَمْ يَنْعَقِدْ بِهِ ابْتِدَاءً وَمِنْ مَسَائِلِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ أَرْبَعَةٌ شَهِدُوا عَلَى آخَرَ بِأَرْبَعِمِائَةٍ وَقُضِيَ بِهَا فَرَجَعَ وَاحِدٌ عَنْ مِائَةٍ وَآخَرُ عَنْ تِلْكَ الْمِائَةِ وَمِائَةٍ أُخْرَى وَالْآخَرُ عَنْ تِلْكَ الْمِائَتَيْنِ وَمِائَةٍ أُخْرَى فَعَلَى الرَّاجِعِينَ خَمْسُونَ دِرْهَمًا أَثْلَاثًا لِأَنَّ الشَّهَادَةَ قَائِمَةٌ بِقَدْرِ ثَلَاثِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ لِأَنَّ الْقَائِمَ بَقِيَ شَاهِدًا بِأَرْبَعِمِائَةٍ وَالرَّابِعُ بَقِيَ شَاهِدًا بِثَلَاثِمِائَةٍ فَبَقِيَ عَلَى ثَلَاثِمِائَةٍ حُجَّةٌ كَامِلَةٌ فَلَا يَجِبُ ضَمَانُهَا عَلَى أَحَدٍ بَقِيَ عَلَى الْمِائَةِ الزَّائِدَةِ شَاهِدٌ وَاحِدٌ وَهُوَ الْقَائِمُ عَلَى الشَّهَادَةِ فَبَقِيَ مَنْ يَقُومُ بِهِ نِصْفُ الْحَقِّ فَبَقِيَ نِصْفُهَا فَظَهَرَ أَنَّ التَّالِفَ بِرُجُوعِهِمْ نِصْفُ الْمِائَةِ فَيَجِبُ عَلَى الرَّاجِعِينَ لِاسْتِوَائِهِمْ فِي إيجَابِهَا فَإِنْ رَجَعَ الرَّابِعُ عَنْ الْجَمِيعِ ضَمِنُوا الْمِائَةَ أَرْبَاعًا وَضَمِنُوا سِوَى الْأَوَّلِ خَمْسِينَ أَيْضًا أَثْلَاثًا لِأَنَّهُ بَقِيَ عَلَى الشَّهَادَةِ مَنْ يَقُومُ بِهِ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ (قَوْلُهُ فَإِنْ شَهِدَ ثَلَاثَةٌ وَرَجَعَ وَاحِدٌ لَمْ يَضْمَنْ) لِبَقَاءِ مَنْ يَبْقَى بِهِ كُلُّ الْحَقِّ (قَوْلُهُ وَإِنْ رَجَعَ آخَرُ ضَمِنَا النِّصْفَ) أَيْ الْأَوَّلَ وَالثَّانِيَ لِأَنَّهُ لَمَّا رَجَعَ الْأَوَّلُ لَمْ يَظْهَرْ أَثَرُهُ فَلَمَّا رَجَعَ آخَرُ ظَهَرَ أَثَرُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ إلَّا مَنْ يَقُومُ بِهِ النِّصْفُ وَفِي تَلْخِيصِ الْجَامِعِ لَوْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ بِأَرْبَعَةِ دَرَاهِمَ وَقُضِيَ بِهَا وَدُفِعَتْ ثُمَّ رَجَعَ وَاحِدٌ عَنْ وَاحِدٍ وَالثَّانِي عَنْ اثْنَيْنِ وَالثَّالِثُ عَنْ ثَلَاثَةٍ ضَمِنُوا نِصْفَ دِرْهَمٍ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ سُدُسُ دِرْهَمٍ لِبَقَاءِ مَنْ يَبْقَى بِهِ ثَلَاثَةٌ وَنِصْفٌ وَلَوْ رَجَعَ الرَّابِعُ عَنْ الْأَرْبَعَةِ ضَمِنُوا دِرْهَمًا وَنِصْفًا عَلَى الْأَوَّلِ سُدُسُ الْمَضْمُونِ الْأَوَّلِ وَهُوَ رُبْعُ دِرْهَمٍ وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ رُبْعُ دِرْهَمٍ وَسُدُسُ دِرْهَمٍ اهـ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ
شَهِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ فَرَجَعَتْ امْرَأَةٌ
ضَمِنَتْ الرُّبُعَ) لِبَقَاءِ ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الْحَقِّ بِبَقَاءِ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ (قَوْلُهُ وَإِنْ رَجَعَا ضَمِنَتَا النِّصْفَ) لِبَقَاءِ نِصْفِ الْحَقِّ بِبَقَاءِ الرَّجُلِ وَلَوْ شَهِدَ رَجُلَانِ وَامْرَأَتَانِ فَرَجَعَ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ فَعَلَيْهِمَا الرُّبُعُ أَثْلَاثًا وَإِنْ رَجَعَ رَجُلَانِ فَعَلَيْهِمَا النِّصْفُ وَإِنْ رَجَعَتْ امْرَأَتَانِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا (قَوْلُهُ وَإِنْ شَهِدَ رَجُلٌ وَعَشْرُ نِسْوَةٍ فَرَجَعَتْ ثَمَانٍ لَمْ يَضْمَنْ) أَيْ الثَّمَانِ لِبَقَاءِ النِّصَابِ (قَوْلُهُ فَإِنْ رَجَعَتْ أُخْرَى ضَمِنَ رُبُعَهُ) أَيْ التُّسْعَ لِبَقَاءِ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ (قَوْلُهُ فَإِنْ رَجَعُوا فَالْغُرْمُ بِالْأَسْدَاسِ) أَيْ رَجَعَ الرَّجُلُ وَالْعَشْرُ نِسْوَةٍ فَالسُّدُسُ عَلَى الرَّجُلِ وَخَمْسَةُ الْأَسْدَاسِ عَلَى النِّسْوَةِ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا عَلَى الرَّجُلِ النِّصْفُ وَعَلَى النِّسْوَةِ النِّصْفُ لِأَنَّهُنَّ وَإِنْ كَثُرْنَ يَقُمْنَ مَقَامَ رَجُلٍ وَاحِدٍ وَلَهُ أَنَّ كُلَّ امْرَأَتَيْنِ مَقَامُ رَجُلٍ وَاحِدٍ لِلْحَدِيثِ «عَدَلَتْ شَهَادَةُ كُلِّ اثْنَيْنِ مِنْهُنَّ بِشَهَادَةِ رَجُلٍ وَاحِدٍ» وَإِنْ رَجَعَتْ الْعَشْرُ فَقَطْ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ الْحَقِّ اتِّفَاقًا كَمَا إذَا رَجَعَ الرَّجُلُ وَحْدَهُ وَلَوْ رَجَعَ مَعَهُ ثَمَانٍ فَعَلَيْهِ النِّصْفُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِنَّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَهُوَ سَهْوٌ بَلْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ النِّصْفُ أَخْمَاسًا عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا أَنْصَافًا وَذَكَرَ الْإِسْبِيجَابِيُّ وَلَوْ رَجَعَ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ ضَمِنُوا نِصْفَ دِرْهَمٍ) قَالَ الرَّمْلِيُّ وَجْهُهُ كَمَا فِي تَلْخِيصِ الْجَامِعِ أَنَّ الْحُجَّةَ تَشَطَّرَتْ فِي دِرْهَمٍ إذْ ثَبَتَ الْأَوَّلُ عَلَى الثَّلَاثَةِ وَالرَّابِعُ عَلَى الْكُلِّ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ ضَمِنُوا دِرْهَمًا وَنِصْفًا إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ: وَجْهُهُ أَنَّهُمْ اتَّفَقُوا جَمِيعًا عَلَى الرُّجُوعِ عَلَى الرَّابِعِ فَضَمِنُوهُ أَرْبَاعًا عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ رُبْعٌ وَالثَّالِثُ الْأَوَّلُ ثَابِتٌ عَلَيْهِ بِالشَّهَادَةِ وَحْدَهُ فَتَشَطَّرَتْ الْحُجَّةُ فِيهِ فَوَجَبَ نِصْفُهُ عَلَى الثَّلَاثَةِ أَثْلَاثًا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيهِ لِبَقَائِهِ عَلَى الشَّهَادَةِ بِهِ فَتَأَمَّلْ.
[شَهِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ فَرَجَعَتْ امْرَأَةٌ]
(قَوْلُهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَهُوَ سَهْوٌ إلَخْ) هَذِهِ عِبَارَةُ الزَّيْلَعِيِّ وَاخْتَصَرَهَا بِحَذْفِ التَّعْلِيلِ مِنْ كَلَامِ الْمُحِيطِ وَهُوَ قَوْلُهُ لِأَنَّهُنَّ وَإِنْ كَثُرْنَ يَقُمْنَ مَقَامَ رَجُلٍ وَاحِدٍ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ النِّسَاءِ مَنْ يَثْبُتُ بِشَهَادَتِهِنَّ نِصْفُ الْحَقِّ فَيُجْعَلُ الرَّاجِعَاتُ كَأَنَّهُنَّ لَمْ يَشْهَدْنَ وَفِي الشُّرُنْبُلَالِيَّة قُلْت: وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحِيطِ عَلَى قَوْلِ الصَّاحِبَيْنِ وَلِذَا عَلَّلَ بِمَا لَمْ يُعَلِّلْ بِهِ الْإِمَامُ بَلْ بِمَا عَلَّلَا بِهِ إذْ مَا عَلَّلَ بِهِ الْإِمَامُ كَمَا ذَكَرَهُ أَنَّ كُلَّ امْرَأَتَيْنِ يَقُومَانِ مَقَامَ رَجُلٍ وَاحِدٍ ثُمَّ قَالَ: وَعَدَمُ الِاعْتِدَادِ بِكَثْرَتِهِنَّ عِنْدَ انْفِرَادِهِنَّ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ عَدَمُ الِاعْتِدَادِ بِكَثْرَتِهِنَّ عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ مَعَ الرِّجَالِ كَمَا فِي الْمِيرَاثِ اهـ.
وَلَيْسَ فِي كَلَامِ الصَّاحِبَيْنِ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ مَعَ قِيَامِهِنَّ مَقَامَ رَجُلِ يُقَسَّمُ عَلَيْهِنَّ مَا ثَبَتَ بِشَهَادَتِهِنَّ فِي حَقِّ مَنْ رَجَعَ مِنْهُنَّ فَيُفْرَضُ بِقَدْرِهِ وَقَدْ بَقِيَ مِنْهُنَّ مَنْ يَثْبُتُ بِهِ نِصْفُ الْحَقِّ كَمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ بَعْدَ هَذَا بِقَوْلِهِ وَلَوْ شَهِدَ رَجُلٌ وَثَلَاثُ نِسْوَةٍ ثُمَّ رَجَعُوا إلَخْ مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ هُنَا ثُمَّ قَالَ الشُّرُنْبُلَالِيُّ وَمِثْلُهُ فِي الْفَتْحِ عَلَى أَنَّا لَوْ سَلَّمْنَا الِانْقِسَامَ عَلَيْهِنَّ عِنْدَ الرُّجُوعِ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ مِنْ تَعْلِيلِ قَوْلِهِمَا إنَّ الِانْقِسَامَ بِحَسَبِ عَدَدِهِنَّ فَعَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ النِّصْفِ وَعَلَى الرَّجُلِ نِصْفٌ كَامِلٌ وَيَبْقَى خُمُسُ نِصْفِ الْمَالِ بِبَقَاءِ الْمَرْأَتَيْنِ وَالْجَوَابُ عَمَّا ذَكَرَهُ عَنْ الْإِسْبِيجَابِيِّ أَنَّهُ مَشَى عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ لَا عَلَى قَوْلِهِمَا فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ.
قُلْت وَذَكَرَ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ نَحْوَ مَا فِي الْمُحِيطِ وَأَشَارَ إلَى مُخَالَفَةِ الْقِيَاسِ حَيْثُ قَالَ: شَهِدَ رَجُلٌ وَثَلَاثُ نِسْوَةٍ ثُمَّ رَجَعَ الرَّجُلُ وَامْرَأَةٌ ضَمِنَ الرَّجُلُ نِصْفَ الْمَالِ وَلَمْ تَضْمَنْ الْمَرْأَةُ شَيْئًا وَيَنْبَغِي فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنْ يَكُونَ النِّصْفُ أَثْلَاثًا عَلَى الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ أَمَّا عِنْدَهُمَا النِّسْوَةُ وَإِنْ كَثُرْنَ بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ وَاحِدٍ حَالَةَ الِانْفِرَادِ وَحَالَةَ الِاخْتِلَاطِ
وَاحِدٌ وَامْرَأَةٌ كَانَ النِّصْفُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا وَلَوْ كَانَ كَمَا فِي الْمُحِيطِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهَا شَيْءٌ وَلَوْ شَهِدَ رَجُلَانِ وَامْرَأَةٌ ثُمَّ رَجَعُوا فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا دُونَهَا وَلَوْ شَهِدَ رَجُلٌ وَثَلَاثُ نِسْوَةٍ ثُمَّ رَجَعُوا فَعِنْدَهُمَا عَلَى الرَّجُلِ النِّصْفُ وَعَلَى النِّسْوَةِ النِّصْفُ وَعِنْدَهُ عَلَيْهِ الْخُمُسَانِ وَعَلَيْهِنَّ ثَلَاثَةُ الْأَخْمَاسِ وَلَوْ رَجَعَ الرَّجُلُ وَامْرَأَةٌ فَعَلَيْهِ النِّصْفُ كُلُّهُ عِنْدَهُمَا وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمَرْأَةِ وَعِنْدَهُ عَلَيْهِمَا أَثْلَاثًا.
(قَوْلُهُ وَإِنْ شَهِدَ رَجُلَانِ عَلَيْهِ أَوْ عَلَيْهَا بِنِكَاحٍ بِقَدْرِ مَهْرِ مِثْلِهَا وَرَجَعَا لَمْ يَضْمَنَا) لِأَنَّهُمَا أَتْلَفَا شَيْئًا بِعِوَضٍ يُقَابِلُهُ وَالْإِتْلَافُ بِعِوَضٍ كَلَا إتْلَافٍ (قَوْلُهُ وَإِنْ زَادَ عَلَيْهِ ضَمِنَاهَا) أَيْ الزِّيَادَةَ لِلزَّوْجِ لِأَنَّهُمَا أَتْلَفَاهَا بِلَا عِوَضٍ وَسَكَتَ الْمُؤَلِّفُ عَمَّا إذَا شَهِدَ بِأَصْلِ النِّكَاحِ بِأَقَلَّ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّهُمَا لَا يَضْمَنَانِ مَا نَقَصَ لِأَنَّ مَنَافِعَ الْبُضْعِ غَيْرُ مُتَقَوِّمَةٍ عِنْدَ الْإِتْلَافِ فَلَا يَضْمَنُ الْمُتَقَوِّمَ إذْ التَّضْمِينُ يَسْتَدْعِي الْمُمَاثَلَةَ أَوْ لِلِاخْتِلَافِ فَفِي الْمَنْظُومَةِ وَشَرْحِهَا أَنَّهُمَا يَضْمَنَانِ مَا نَقَصَ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ وَفِي الْهِدَايَةِ وَشُرُوحِهَا أَنَّهُمَا لَا يَضْمَنَانِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فِي الْمَذْهَبِ قَيَّدَ بِكَوْنِهِمَا شَهِدَا بِالنِّكَاحِ لِأَنَّهُمَا لَوْ شَهِدَا عَلَيْهَا بِقَبْضِ الْمَهْرِ أَوْ بَعْضِهِ ثُمَّ رَجَعَا بَعْدَ الْقَضَاءِ ضَمِنَا لَهَا لِأَنَّهُمَا أَتْلَفَا عَلَيْهَا مَالًا وَهُوَ الْمَهْرُ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا دُونَ الْبُضْعِ وَأَشَارَ بِمَهْرِ الْمِثْلِ إلَى أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا إذَا لَمْ يُطَلِّقْهَا أَوْ طَلَّقَهَا بَعْدَ الدُّخُولِ لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا إذَا طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَحُكْمُهُ مَا ذَكَرَهُ فِي الْمُحِيطِ شَهِدَا أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ وَهُوَ مَهْرُ مِثْلِهَا وَقَالَ الزَّوْجُ بِغَيْرِ التَّسْمِيَةِ فَقُضِيَ بِهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا ثُمَّ رَجَعَا فَعَلَيْهِمَا فَضْلُ مَا بَيْنَ الْمُتْعَةِ إلَى خَمْسِمِائَةٍ فَلَوْ شَهِدَ آخَرَانِ عَلَى الدُّخُولِ ثُمَّ رَجَعُوا فَعَلَى شَاهِدَيْ الدُّخُولِ خَمْسُمِائَةٍ خَاصَّةٌ وَعَلَيْهِمَا وَشَاهِدَيْ التَّسْمِيَةِ فَضْلُ مَا بَيْنَ الْمُتْعَةِ وَالْخَمْسِمِائَةِ نِصْفَانِ وَلَوْ شَهِدَ آخَرَانِ عَلَى الطَّلَاقِ وَقُضِيَ ثُمَّ رَجَعُوا فَعَلَى شَاهِدَيْ الدُّخُولِ خَمْسُمِائَةٍ وَعَلَيْهِمَا وَشَاهِدَيْ التَّسْمِيَةِ مَا بَيْنَ الْمُتْعَةِ إلَى نِصْفِ الْمَهْرِ وَعَلَى الْفِرَقِ الثَّلَاثِ قَدْرُ الْمُتْعَةِ أَثْلَاثًا اهـ.
وَلَوْ شَهِدَا عَلَيْهَا أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ وَمَهْرُ مِثْلِهَا خَمْسُمِائَةٍ وَأَنَّهَا قَبَضَتْ الْأَلْفَ وَهِيَ تُنْكِرُ فَقُضِيَ بِشَهَادَتِهِمَا ثُمَّ رَجَعَا ضَمِنَا لَهَا مَهْرَ الْمِثْلِ لَا الْمُسَمَّى لِأَنَّ حَقَّ الِاسْتِيفَاءِ لَمْ يَثْبُتْ لَهَا فِيهِ إذْ لَمْ يُقْضَ بِوُجُوبِهِ لِأَنَّ الْقَضَاءَ بِالنِّكَاحِ مَعَ قَبْضِ الْمَهْرِ قَضَاءٌ بِإِزَالَةِ مِلْكِهَا عَنْ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ لَا قَضَاءٌ بِالْمُسَمَّى لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مَقْبُوضًا لَا يَحْتَاجُ إلَى الْقَضَاءِ بِهِ فَلَمْ تَقَعْ الشَّهَادَةُ بِالْقَبْضِ إتْلَافًا لِلْمُسَمَّى لِعَدَمِ وُجُوبِهِ أَصْلًا بَلْ وَقَعَتْ إتْلَافًا لِلْبُضْعِ فَيَضْمَنَانِ قِيمَتَهُ هَكَذَا ذَكَرَهُ
ــ
[منحة الخالق]
وَكَأَنْ شَهِدَ رَجُلَانِ لَا غَيْرُ فَكَانَ الثَّابِتُ بِشَهَادَةِ النِّسْوَةِ النِّصْفَ فَإِذَا بَقِيَ مَنْ يَقُومُ بِشَهَادَتِهِ النِّصْفُ مِنْهُنَّ لَمْ يَكُنْ عَلَى الرَّاجِعَةِ شَيْءٌ وَأَمَّا عِنْدَهُ فَلِأَنَّ كُلَّ ثِنْتَيْنِ حَالَةَ الِاخْتِلَاطِ كَرَجُلٍ وَاحِدٍ وَكُلَّ امْرَأَةٍ كَنِصْفِ رَجُلٍ كَأَنَّهُ شَهِدَ رَجُلَانِ وَنِصْفٌ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ فَإِنْ رَجَعَ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ فَكَأَنَّهُ رَجَعَ رَجُلٌ وَنِصْفٌ فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا أَثْلَاثًا. اهـ.
(قَوْلُهُ وَسَكَتَ الْمُؤَلِّفُ عَمَّا إذَا شَهِدَا بِأَصْلِ النِّكَاحِ بِأَقَلَّ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الصُّوَرَ سِتٌّ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَشْهَدَا بِمَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ بِأَقَلَّ أَوْ بِأَكْثَرَ وَعَلَى كُلٍّ فَإِمَّا أَنْ يَشْهَدَا عَلَيْهِ بِأَنْ كَانَتْ هِيَ الْمُدَّعِيَةُ أَوْ عَلَيْهَا بِأَنْ كَانَ هُوَ الْمُدَّعِي فَصَرَّحَ الْمُصَنِّفُ مِنْهَا بِثَلَاثَةٍ وَهِيَ مَا إذَا شَهِدَا بِمَهْرِ الْمِثْلِ عَلَيْهِ أَوْ عَلَيْهَا وَمَا إذَا شَهِدَا عَلَيْهِ بِالْأَكْثَرِ وَصَرَّحَ بِالضَّمَانِ فِي الثَّالِثَةِ وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ شَهِدَا عَلَيْهَا بِالْأَكْثَرِ لَا ضَمَانَ وَصَرَّحَ بِعَدَمِ الضَّمَانِ فِي الْأُولَيَيْنِ وَيُفْهَمُ مِنْهُ عَدَمُهُ أَيْضًا لَوْ شَهِدَا عَلَيْهِ أَوْ عَلَيْهَا بِالْأَقَلِّ بِطَرِيقٍ أَوْلَى فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ إلَّا فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ مَا لَوْ شَهِدَا عَلَيْهِ بِالْأَكْثَرِ فَيَضْمَنَانِ الزَّائِدَ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ وَفِي الْخَمْسَةِ الْبَاقِيَةِ لَا ضَمَانَ أَصْلًا وَهَذَا مُوَافِقٌ لِمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة حَيْثُ قَالَ: وَفِي الزَّائِدِ وَإِنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى امْرَأَةٍ بِالنِّكَاحِ بِمِقْدَارِ مَهْرِ مِثْلِهَا ثُمَّ رَجَعَا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمَا وَكَذَا لَوْ شَهِدَا بِأَقَلَّ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا وَإِنْ شَهِدَا بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا ثُمَّ رَجَعَا ضَمِنَا الزِّيَادَةَ وَفِي الْمُحِيطِ وَإِنْ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى امْرَأَةٍ النِّكَاحَ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً وَالْمَرْأَةُ جَاحِدَةٌ فَقَضَى الْقَاضِي عَلَيْهَا بِالنِّكَاحِ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا لَا يَضْمَنَانِ لِلْمَرْأَةِ شَيْئًا سَوَاءٌ كَانَ الْمُسَمَّى مَهْرَ الْمِثْلِ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ. اهـ.
ثُمَّ قَالَ: وَإِذَا ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى امْرَأَتِهِ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ: لَا بَلْ تَزَوَّجَنِي بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَمَهْرُ مِثْلِهَا أَلْفُ دِرْهَمٍ فَشَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ فَقُضِيَ ثُمَّ رَجَعَا حَالَ قِيَامِ النِّكَاحِ ذَكَرَ أَنَّهُمَا يَضْمَنَانِ لِلْمَرْأَةِ تِسْعَمِائَةٍ عِنْدَهُمَا وَلَا يَضْمَنَانِ شَيْئًا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ هَذَا إذَا رَجَعَا قَبْلَ الطَّلَاقِ فَإِنْ رَجَعَا بَعْدَهُ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ أَمَّا إنْ رَجَعَا قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ بِهَا فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ حَالَ قِيَامِ النِّكَاحِ فَأَمَّا إذَا كَانَ الطَّلَاقُ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا فَإِنَّهُمَا لَا يَضْمَنَانِ لِلْمَرْأَةِ شَيْئًا عِنْدَهُمْ جَمِيعًا اهـ.
فَأَفَادَ أَنَّ الْكَلَامَ الْأَوَّلَ فِيمَا إذَا كَانَ أَصْلُ النِّكَاحِ مَجْحُودًا وَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إشَارَةٌ إلَى ذَلِكَ أَمَّا إذَا كَانَا مُقِرِّينَ بِهِ وَاخْتَلَفَا فِي الْمَهْرِ ثُمَّ رَجَعَ الشَّاهِدَانِ فَفِيهِ هَذَا التَّفْصِيلُ وَالْحُكْمُ فِيهِ مَا عَلِمْت فَتَنَبَّهْ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ قَيَّدَ بِكَوْنِهِمَا شَهِدَا بِالنِّكَاحِ لِأَنَّهُمَا لَوْ شَهِدَا بِقَبْضِ الْمَهْرِ إلَخْ) لَمْ يُصَرِّحْ بِكَوْنِ الْمَضْمُونِ مَهْرَ الْمِثْلِ أَوْ الْمُسَمَّى وَلَا أَنَّ الشَّهَادَةَ وَقَعَتْ بَعْدَ الشَّهَادَةِ بِالنِّكَاحِ أَوْ مَعَهَا وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة شَهِدَا عَلَى امْرَأَةٍ أَنَّ فُلَانًا تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَبَضَتْ ذَلِكَ وَهِيَ تُنْكِرُ وَمَهْرُ مِثْلِهَا خَمْسُمِائَةٍ فَقَضَى الْقَاضِي بِذَلِكَ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا ضَمِنَا مَهْرَ الْمِثْلِ دُونَ الْمُسَمَّى وَلَوْ وَقَعَتْ الشَّهَادَةُ بِالْعَقْدِ بِالْأَلْفِ أَوَّلًا فَقَضَى الْقَاضِي بِهِ ثُمَّ شَهِدَا بِقَبْضِ الْأَلْفِ وَقَضَى الْقَاضِي بِهِ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ الشَّهَادَتَيْنِ ضَمِنَ لِلْمَرْأَةِ الْمُسَمَّى.
فِي التَّحْرِيرِ وَهُوَ وَارِدٌ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ قَبْلُ مِنْ الْمَذْهَبِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ أَوْجَبَ عَلَى الشُّهُودِ قِيمَةَ الْبُضْعِ مَعَ عَدَمِ وُجُوبِهِ بِالْقَضَاءِ وَمُقْتَضَى الْمَذْهَبِ أَنْ لَا يَجِبَ شَيْءٌ عَلَى مَا بَيَّنَّا وَهُوَ أَنَّ مَنَافِعَ الْبُضْعِ غَيْرُ مُتَقَوِّمَةٍ عِنْدَ الْإِتْلَافِ وَإِنَّمَا يَتَقَوَّمُ عَلَى الزَّوْجِ عِنْدَ تَمَلُّكِهِ إيَّاهُ هَكَذَا ذَكَرَ الشَّارِحُ رحمه الله وَقُلْتُ: التَّضْمِينُ هُنَا لَيْسَ بِاعْتِبَارِ إتْلَافِ مَنَافِعِ بُضْعِهَا بَلْ بِاعْتِبَارِ إتْلَافِ الْمَهْرِ لِأَنَّهُمَا كَمَا شَهِدَا بِأَصْلِهِ شَهِدَا بِقَبْضِهَا لَهُ وَقَدْ ذَكَرَ هُوَ أَنَّهُمَا لَوْ شَهِدَا عَلَيْهَا بِقَبْضِهِ ثُمَّ رَجَعَا ضَمِنَا وَإِنَّمَا ضَمِنَا بِقَدْرِ مَهْرِ الْمِثْلِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهَا لَمْ تَدَّعِ الْمُسَمَّى لِإِنْكَارِ الْكُلِّ فَتَرْجِعُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَلِهَذَا لَوْ لَمْ يَشْهَدَا بِالْقَبْضِ وَإِنَّمَا شَهِدَا بِالنِّكَاحِ بِأَلْفٍ وَقُضِيَ بِهِ ثُمَّ شَهِدَا بِقَبْضِهَا ثُمَّ رَجَعَا عَنْ الشَّهَادَتَيْنِ فَإِنَّهُمَا يَضْمَنَانِ الْأَلْفَ لِأَنَّهُمَا أَتْلَفَا عَلَيْهَا ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ وَلَمْ يَضْمَنَا فِي الْبَيْعِ إلَّا مَا نَقَصَ) أَيْ عَنْ قِيمَةِ الْمَبِيعِ فَلَوْ شَهِدَا عَلَى الْبَائِعِ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ أَوْ أَكْثَرَ فَلَا ضَمَانَ لِأَنَّهُ إتْلَافٌ بِعِوَضٍ إنْ شَهِدَا بِهِ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ ضَمِنَا النُّقْصَانَ لِأَنَّهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ أَطْلَقَهُ فَشَمَلَ مَا إذَا شَهِدَا بِهِ بَاتًّا أَوْ بِخِيَارِ شَرْطٍ لِلْبَائِعِ وَمَضَتْ الْمُدَّةُ لِاسْتِنَادِ الْحُكْمِ عِنْدَ سُقُوطِهِ إلَى السَّبَبِ السَّابِقِ وَهُوَ الْبَيْعُ بِدَلِيلِ اسْتِحْقَاقِ الْمُشْتَرِي الزَّوَائِدَ وَأَمَّا إذَا رَدَّ الْبَائِعُ الْبَيْعَ فَلَا إتْلَافَ أَوْ أَجَازَهُ اخْتِيَارًا بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ فَرِضَاهُ بِهِ قَيَّدَ الشَّهَادَةَ بِالْبَيْعِ أَيْ فَقَطْ لِأَنَّهُمَا لَوْ شَهِدَا بِهِ مَعَ قَبْضِ الثَّمَنِ فَإِنْ شَهِدَا بِهِمَا مُتَفَرِّقَيْنِ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ الشَّهَادَتَيْنِ فَإِنَّهُمَا يَضْمَنَانِ الثَّمَنَ وَإِنْ كَانَ جُمْلَةً وَاحِدَةً وَجَبَتْ الْقِيمَةُ عَلَيْهِمَا وَلَوْ شَهِدَا بِالْبَيْعِ وَالْإِقَالَةِ مَعًا فَلَا ضَمَانَ وَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ وَلَمْ يَضْمَنَا الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ إلَّا مَا نَقَصَ أَوْ زَادَ لَكَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ مَا إذَا كَانَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ الْمُشْتَرِيَ فَلَا ضَمَانَ لَوْ شَهِدَا بِشِرَائِهِ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ أَوْ أَقَلَّ وَإِنْ كَانَ بِأَكْثَرَ ضَمِنَا مَا زَادَ عَلَيْهَا وَلَوْ كَانَ بِخِيَارٍ لَهُ وَجَازَ الْبَيْعُ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ وَأَمَّا إذَا فَسَخَهُ أَوْ أَجَازَهُ اخْتِيَارًا فَلَا كَمَا فِي الْبَائِعِ وَفِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَإِنْ شَهِدَا عَلَى الْبَائِعِ بِالْبَيْعِ بِأَلْفَيْنِ إلَى سَنَةٍ وَقِيمَتُهُ أَلْفٌ فَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الشُّهُودَ قِيمَتَهُ حَالًّا وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْمُشْتَرِيَ بِالثَّمَنِ إلَى سَنَةٍ وَأَيَّامًا اخْتَارَ بَرِئَ الْآخَرُ فَإِنْ اخْتَارَ الشُّهُودَ رَجَعُوا بِالثَّمَنِ عَلَى الْمُشْتَرِي وَيَتَصَدَّقُونَ بِالْفَضْلِ فَإِنْ رَدَّ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بِعَيْبٍ بِالرِّضَا أَوْ تَقَايُلًا رَجَعَ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الشُّهُودِ وَإِنْ رَدَّ بِقَضَاءٍ فَالضَّمَانُ عَلَى الشُّهُودِ بِحَالِهِ وَإِنْ أَدَّيَا رَجَعَا بِمَا أَدَّيَا اهـ.
وَفِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي شَهِدَا بِالْبَيْعِ بِخَمْسِمِائَةٍ وَقَضَى الْقَاضِي ثُمَّ شَهِدَا أَنَّ الْبَائِعَ أَخَّرَ الثَّمَنَ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ الشَّهَادَتَيْنِ جَمِيعًا ضَمِنَا الثَّمَنَ خَمْسَمِائَةٍ عِنْدَ الْإِمَامِ كَمَا لَوْ شَهِدَا بِأَجَلِ دَيْنٍ ثُمَّ رَجَعَا ضَمِنَا اهـ.
(قَوْلُهُ وَفِي الطَّلَاقِ قَبْلَ الْوَطْءِ ضَمِنَا نِصْفَ الْمَهْرِ) لِأَنَّهُمَا أَكَّدَا ضَمَانًا عَلَى شَرَفِ السُّقُوطِ أَلَا تَرَى أَنَّهَا لَوْ طَاوَعَتْ ابْنَ الزَّوْجِ أَوْ ارْتَدَّتْ سَقَطَ الْمَهْرُ أَصْلًا وَلِأَنَّ الْفُرْقَةَ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي مَعْنَى الْفَسْخِ فَيُوجِبُ سُقُوطَ جَمِيعِ الْمَهْرِ كَمَا مَرَّ فِي النِّكَاحِ ثُمَّ يَجِبُ نِصْفُ الْمَهْرِ ابْتِدَاءً بِطَرِيقِ الْمُتْعَةِ فَكَانَ وَاجِبًا بِشَهَادَتِهِمَا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَالتَّعْلِيلُ الْأَوَّلُ لِلْمُتَقَدِّمَيْنِ وَالثَّانِي لِلْمُتَأَخِّرَيْنِ وَقَالُوا: لَا نُسَلِّمُ التَّأْكِيدَ بِشَهَادَتِهِمْ بَلْ وَجَبَ مُتَأَكِّدًا بِالْعَقْدِ وَلَمْ يَبْقَ بَعْدَهُ إلَّا الْوَطْءُ الَّذِي بِمَنْزِلَةِ الْقَبْضِ وَهَذَا الْعَقْدُ لَا يَتَعَلَّقُ تَمَامُهُ بِالْقَبْضِ وَلَئِنْ سَلَّمْنَا التَّأْكِيدَ فَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ التَّأْكِيدَ الْوَاجِبَ سَبَبٌ لِلضَّمَانِ فَإِنَّ الشُّهُودَ لَوْ شَهِدُوا عَلَى الْوَاهِبِ بِأَخْذِ الْعِوَضِ حَتَّى قَضَى الْقَاضِي بِإِبْطَالِ حَقِّ الرُّجُوعِ ثُمَّ رَجَعُوا وَقَدْ هَلَكَتْ الْهِبَةُ لَمْ يَضْمَنُوا لِلْوَاهِبِ شَيْئًا كَذَا فِي الْأَسْرَارِ.
فَلَمَّا كَانَ قَوْلُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَقْرَبَ إلَى التَّحْقِيقِ اخْتَارَهُ فَخْرُ الْإِسْلَامِ كَذَا فِي شَرْحِهِ التَّقْرِيرَ لِلْأَكْمَلِ مِنْ بَحْثِ الْقَضَاءِ وَفِي الْعَتَّابِيَّةِ لَوْ أَقَرَّ الزَّوْجُ بِالطَّلَاقِ بَعْدَ التَّضْمِينِ أَوْ السَّيِّدُ بِالْإِعْتَاقِ رُدَّ الضَّمَانُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْمُحِيطِ شَهِدَ رَجُلَانِ وَامْرَأَتَانِ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ ثُمَّ رَجَعَ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ فَعَلَيْهِمَا ثَمَنُ الْمَهْرِ أَثْلَاثًا ثُلُثَاهُ عَلَى الرَّجُلِ وَثُلُثُهُ عَلَى الْمَرْأَةِ وَلَوْ شَهِدَ رَجُلَانِ بِالطَّلَاقِ وَرَجُلَانِ بِالدُّخُولِ ثُمَّ رَجَعَ شَاهِدَا الطَّلَاقِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِمَا لِأَنَّهُمَا أَوْجَبَا نِصْفَ الْمَهْرِ وَشَاهِدَا الدُّخُولِ أَوْجَبَا جَمِيعَ الْمَهْرِ وَقَدْ بَقِيَ مَنْ يَثْبُتُ بِشَهَادَتِهِ جَمِيعُ الْمَهْرِ وَهُوَ شَاهِدُ الدُّخُولِ وَإِنْ رَجَعَ شَاهِدُ الدُّخُولِ لَا غَيْرُ يَجِبُ عَلَيْهِمَا نِصْفُ الْمَهْرِ لِأَنَّهُ يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ شُهُودِ الطَّلَاقِ نِصْفُ الْمَهْرِ وَتَلِفَ بِشَهَادَةِ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ وَمُقْتَضَى الْمَذْهَبِ أَنْ لَا يَجِبَ شَيْءٌ إلَخْ) تَأَمَّلْ هَذَا الْكَلَامَ.
(قَوْلُهُ فَإِنَّهُمَا يَضْمَنَانِ الثَّمَنَ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ لِأَنَّ الثَّمَنَ تَقَرَّرَ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي بِالْقَضَاءِ ثُمَّ أَتْلَفَاهُ عَلَيْهِ بِشَهَادَتِهِمَا بِالْقَبْضِ فَيَضْمَنَانِهِ وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الْمَبِيعِ يَضْمَنَانِ الزِّيَادَةَ أَيْضًا مَعَ ذَلِكَ لِأَنَّهُمَا أَتْلَفَا عَلَيْهِ هَذَا الْقَدْرَ بِشَهَادَتِهِمَا الْأُولَى اهـ.
فَإِنْ قُلْت: حَيْثُ ضَمِنَا الزِّيَادَةَ أَيْضًا فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ الثَّانِيَةِ فَإِنَّهُ يَئُولُ إلَى تَضْمِينِ الْقِيمَةِ قُلْت: يَظْهَرُ فِيمَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ أَكْثَرَ مِنْ الْقِيمَةِ فَيَضْمَنُهُ هُنَا وَفِي الثَّانِيَةِ لَا يَضْمَنُ إلَّا الْقِيمَةَ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَجَبَتْ الْقِيمَةُ عَلَيْهِمَا) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ لِأَنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِالْبَيْعِ لَا بِوُجُوبِ الثَّمَنِ لِأَنَّ الْقَضَاءَ بِالثَّمَنِ يُقَارِنُهُ مَا يُوجِبُ سُقُوطَهُ أَيْ الثَّمَنِ وَهُوَ الْقَضَاءُ بِالْقَبْضِ وَالْقَضَاءُ بِالشَّيْءِ إذَا اقْتَرَنَ بِهِ مَا يُوجِبُ بُطْلَانَهُ لَا يُقْضَى بِهِ ثُمَّ اسْتَشْهَدَ عَلَيْهِ بِمَسْأَلَةِ الشَّهَادَةِ بِالْبَيْعِ وَالْإِقَالَةِ مَعًا.
(قَوْلُهُ كَذَا فِي شَرْحِهِ التَّقْرِيرَ) الضَّمِيرُ فِي شَرْحِهِ عَائِدٌ إلَى فَخْرِ الْإِسْلَامِ عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ شَرْحِ أُصُولِ فَخْرِ الْإِسْلَامِ وَقَوْلُهُ التَّقْرِيرَ بَدَلٌ مِنْ شَرْحِ فَإِنَّ الشَّيْخَ أَكْمَلَ الدِّينِ صَاحِبَ الْعِنَايَةِ شَرَحَ أُصُولَ فَخْرِ الْإِسْلَامِ الشَّهِيرِ بِالْبَزْدَوِيِّ وَسَمَّاهُ التَّقْرِيرَ.
شَاهِدَيْ الدُّخُولِ نِصْفُ الْمَهْرِ وَإِنْ رَجَعَ مِنْ كُلِّ طَائِفَةٍ وَاحِدٌ لَا يَجِبُ عَلَى شَاهِدَيْ الطَّلَاقِ شَيْءٌ وَيَجِبُ عَلَى شَاهِدَيْ الدُّخُولِ الرُّبُعُ اهـ.
ثُمَّ قَالَ: شَهِدَا أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا وَآخَرَانِ أَنَّهُ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً قَبْلَ الدُّخُولِ ثُمَّ رَجَعُوا فَضَمَانُ نِصْفِ الْمَهْرِ عَلَى شُهُودِ الثَّلَاثِ لَا غَيْرُ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْضِ بِشَهَادَةِ شُهُودِ الْوَاحِدَةِ لِأَنَّهُ لَا يُفِيدُ لِأَنَّ حُكْمَ الْوَاحِدَةِ حُرْمَةٌ خَفِيفَةٌ وَحُكْمَ الثَّلَاثِ حُرْمَةٌ غَلِيظَةٌ وَلَوْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى أَحَدٍ اهـ.
وَأَشَارَ بِالْمَهْرِ إلَى أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا إذَا كَانَ مُسَمًّى فَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُسَمًّى ضَمِنَا الْمُتْعَةَ لِأَنَّهَا الْوَاجِبَةُ وَقَدْ أَتْلَفَاهَا وَفِي الْمُحِيطِ تَزَوَّجَهَا بِلَا مَهْرٍ وَطَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَشَهِدَ أَنَّهُ صَالَحَهَا مِنْ الْمُتْعَةِ عَلَى عَبْدٍ وَقَبَضَتْهُ وَهِيَ تُنْكِرُ ثُمَّ رَجَعَا لَا يَضْمَنَانِ الْعَبْدَ بَلْ الْمُتْعَةَ وَإِنْ كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا عَشَرَةً ضَمِنَا لَهَا خَمْسَةَ دَرَاهِمَ لِأَنَّ الْقَاضِيَ لَمْ يَقْضِ لَهَا بِالْعَبْدِ لِكَوْنِهِ مَقْبُوضًا فَقَدْ أَتْلَفَا بِشَهَادَتِهِمَا عَلَى الْمَرْأَةِ الْمُتْعَةَ لَا الْعَبْدَ بِخِلَافِ مَا لَوْ شَهِدَا أَنَّهُ صَالَحَهَا عَنْهَا بِعَبْدٍ وَقُضِيَ لَهَا بِهِ ثُمَّ شَهِدَا بِقَبْضِهِ ثُمَّ رَجَعَا ضَمِنَا قِيمَةَ الْعَبْدِ لِوُقُوعِ الْقَضَاءِ بِالْعَبْدِ اهـ.
وَلَوْ قَالَ قَبْلَ الْوَطْءِ وَالْخَلْوَةِ لَكَانَ أَوْلَى وَإِنْ كَانَتْ كَالْوَطْءِ فِي إيجَابِ الْمَهْرِ وَأَطْلَقَ فِي ضَمَانِهَا فَشَمَلَ مَا بَعْدَ مَوْتِ الزَّوْجِ لِمَا فِي الْمُحِيطِ شُهُودُ الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ إذَا رَجَعُوا بَعْدَ مَوْتِ الزَّوْجِ ضَمِنَا لِوَرَثَتِهِ نِصْفَ الْمَهْرِ لِأَنَّهُمْ قَائِمُونَ مَقَامَ الْمُوَرِّثِ وَلَا مِيرَاثَ لِلْمَرْأَةِ ادَّعَتْ الطَّلَاقَ أَوْ لَا أَقَرَّتْ الْوَرَثَةُ أَنَّهُ طَلَّقَهَا أَوْ لَا وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا: تَرِثُ وَلَا يَضْمَنُ الشَّاهِدَانِ مِيرَاثَهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ قَضَاءَ الْقَاضِي بِالطَّلَاقِ بِشَهَادَةِ الزُّورِ يَنْفُذُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا وَلَوْ شَهِدَا بِذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِ الزَّوْجِ وَادَّعَى ذَلِكَ الْوَرَثَةُ فَقُضِيَ لَهَا بِنِصْفِ الْمَهْرِ ثُمَّ رَجَعَا ضَمِنَا لِلْمَرْأَةِ نِصْفَ الْمَهْرِ وَالْمِيرَاثَ اهـ.
(قَوْلُهُ وَلَمْ يَضْمَنَا لَوْ بَعْدَ الْوَطْءِ) لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ الضَّمَانِ الْمُمَاثَلَةَ وَلَا مُمَاثَلَةَ بَيْنَ الْبُضْعِ وَالْمَالِ وَقَدْ ذَكَرَهُ الْأُصُولِيُّونَ فِي بَحْثِ الْقَضَاءِ وَفِي الْمُحِيطِ شَهِدَا عَلَى الطَّلَاقِ وَآخَرَانِ عَلَى الدُّخُولِ وَلَمْ يُفْرَضْ لَهَا مَهْرٌ ثُمَّ رَجَعُوا ضَمِنَ شَاهِدَا الطَّلَاقِ نِصْفَ الْمُتْعَةِ وَشَاهِدَا الدُّخُولِ بَقِيَّةَ الْمَهْرِ اهـ.
وَمِمَّا يُنَاسِبُ هَذَا النَّوْعَ مَسْأَلَتَا الشَّهَادَةِ بِالْخُلْعِ وَالنَّفَقَةِ أَمَّا الْأَوَّلُ فَفِي الْمُحِيطِ شَهِدَا عَلَى امْرَأَةٍ أَنَّهَا اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ عَلَى أَنَّهَا أَبْرَأْتُهُ مِنْ الْمَهْرِ وَهِيَ تَجْحَدُ ضَمِنَا لَهَا نِصْفَ الْمَهْرِ لِأَنَّهُمَا أَوْجَبَا عَلَيْهَا ذَلِكَ بِغَيْرِ عِوَضٍ وَلَوْ كَانَ دَخَلَ بِهَا يَضْمَنَانِ كُلَّ الْمَهْرِ اهـ.
وَأَمَّا النَّفَقَةُ فَفِي الْمُحِيطِ فَرَضَ الْقَاضِي لَهَا النَّفَقَةَ أَوْ الْمُتْعَةَ ثُمَّ شَهِدَا بِالِاسْتِيفَاءِ وَقَضَى ثُمَّ رَجَعَا ضَمِنَا لِلْمَرْأَةِ وَكَذَلِكَ نَفَقَةُ الْأَقَارِبِ قِيلَ فِي نَفَقَةِ الْأَقَارِبِ سَهْوٌ لِأَنَّهَا لَا يَصِيرُ دَيْنًا بِقَضَاءٍ فَمَا أَتْلَفَهُ شَيْئًا وَقِيلَ: إنَّهَا مُؤَوَّلَةٌ وَتَأْوِيلُهَا أَنَّ الْقَاضِيَ قَضَى لَهُ وَأَمَرَهُ بِالِاسْتِدَانَةِ عَلَيْهِ حَتَّى يَرْجِعَ بِمَا اسْتَدَانَ عَلَى الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ بِالنَّفَقَةِ وَقَدْ اسْتَدَانَ وَصَارَ دَيْنًا لَهُ عَلَى الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ فَقَدْ شَهِدَا عَلَيْهِ بِاسْتِيفَاءِ دَيْنٍ مُسْتَحَقٍّ لَهُ عَلَى الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ فَضَمِنَا بِالرُّجُوعِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَفِي الْعِتْقِ ضَمِنَا الْقِيمَةَ) لِأَنَّهُمَا أَتْلَفَا مَالِيَّةَ الْعَبْدِ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ وَالْوَلَاءُ لِلْمُعْتِقِ لِأَنَّ الْعِتْقَ لَا يَتَحَوَّلُ إلَيْهِمَا بِهَذَا الضَّمَانِ وَهُوَ لَا يَصْلُحُ عِوَضًا أَطْلَقَهُ فَشَمَلَ مَا إذَا كَانَا مُوسِرَيْنِ أَوْ مُعْسِرَيْنِ لِأَنَّهُ ضَمَانُ إتْلَافِ الْمِلْكِ بِخِلَافِ ضَمَانِ الْإِعْتَاقِ لِأَنَّهُ لَمْ يُتْلِفْ إلَّا مِلْكَهُ وَلَزِمَ مِنْهُ فَسَادُ مِلْكِ صَاحِبِهِ فَضَمَّنَهُ الشَّارِعُ صِلَةً وَمُوَاسَاةً لَهُ أَطْلَقَ الْعِتْقَ فَانْصَرَفَ إلَى الْعِتْقِ بِلَا مَالٍ فَلَوْ شَهِدَا أَنَّهُ أَعْتَقَ عَبْدَهُ عَلَى خَمْسِمِائَةٍ وَقِيمَتُهُ أَلْفٌ فَقَضَى ثُمَّ رَجَعَا إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الشَّاهِدَيْنِ الْأَلْفَ وَرَجَعَا عَلَى الْعَبْدِ بِخَمْسِمِائَةٍ وَوَلَاءُ الْعَبْدِ لِلْمَوْلَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ بِإِعْتَاقِ عَبْدِهِ وَأَرْبَعَةٌ أُخَرُ أَنَّهُ زَنَى وَهُوَ مُحْصَنٌ فَحُكِمَ بِالْعِتْقِ وَالرَّجْمِ وَرُجِمَ ثُمَّ رَجَعُوا فَالْقِيمَةُ عَلَى شُهُودِ الْعِتْقِ لِلْمَوْلَى وَالدِّيَةُ عَلَى شُهُودِ الزِّنَا لِلْمَوْلَى أَيْضًا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ آخَرُ وَالْمَوْلَى إنْ كَانَ جَاحِدًا لِلْعِتْقِ يُمْنَعُ أَخْذَ الدِّيَةِ لَكِنَّ زَعْمَهُ بَاطِلٌ بِالْحُكْمِ وَصَارَ كَالْمَعْدُومِ وَوُجُوبُ الْقِيمَةِ بَدَلُ الْمَالِيَّةِ وَوُجُوبُ الدِّيَةِ بَدَلُ النَّفْسِ ثُمَّ الدِّيَةُ لِلْمَقْتُولِ حَتَّى تُقْضَى بِهَا دُيُونُهُ فَلَا يَلْزَمُ بَدَلَانِ عَنْ مُبْدَلٍ وَاحِدٍ اهـ.
وَلَوْ شَهِدَا أَنَّهُ أَعْتَقَ عَبْدَهُ عَامَ الْأَوَّلِ فِي رَمَضَانَ وَقَضَى الْقَاضِي بِعِتْقِهِ ثُمَّ رَجَعَا ضَمِنَا قِيمَةَ الْعَبْدِ يَوْمَ أَعْتَقَهُ الْقَاضِي وَحُكْمُهُ فِي حُدُودِهِ وَجَزَاءُ جِنَايَةٍ فِيمَا بَيْنَ رَمَضَانَ إلَى أَنْ أَعْتَقَهُ
ــ
[منحة الخالق]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْقَاضِي حُكْمُ الْحُرِّ لِأَنَّ الْقَاضِيَ أَثْبَتَ حُرِّيَّتَهُ مِنْ رَمَضَانَ بِالْبَيِّنَةِ وَالثَّابِتَةُ بِالْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ كَالثَّابِتِ بِالْمُعَايَنَةِ وَفِي حَقِّ إيجَابِ الضَّمَانِ يُعْتَبَرُ حُرًّا يَوْمَ الْقَضَاءِ لِأَنَّ التَّلَفَ حَصَلَ يَوْمَ الْقَضَاءِ لِأَنَّ الْمَنْعَ وَالْحَيْلُولَةَ بَيْنَ الْمَوْلَى وَعَبْدِهِ حَصَلَ يَوْمَ الْقَضَاءِ وَلَوْ شَهِدَا أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ عَامَ أَوَّلَ فِي رَمَضَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَقَضَى بِهِ وَأَلْزَمَهُ نِصْفَ الْمَهْرِ ثُمَّ رَجَعَا وَضَمِنَا ثُمَّ شَهِدَ آخَرَانِ أَنَّهُ طَلَّقَهَا عَامَ أَوَّلَ فِي شَوَّالٍ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا لَمْ تُقْبَلْ وَلَا يَقَعُ الْأَوَّلَانِ لِأَنَّهَا صَارَتْ مُبَانَةً بِالطَّلَاقِ الْأَوَّلِ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا يُتَصَوَّرُ تَطْلِيقُهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَكَانَتْ الشَّهَادَةُ الْأَخِيرَةُ بَاطِلَةً وَبَقِيَ الضَّمَانُ عَلَى الْفَرِيقِ الْأَوَّلِ بِحَالِهِ وَلَوْ أَقَرَّ الزَّوْجُ بِذَلِكَ يُرَدُّ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ مَا ضَمِنَا.
وَكَذَلِكَ إقْرَارُ الْمَوْلَى بِالْعِتْقِ قِيلَ هَذَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ بِنَاءً عَلَى نَفَاذِ الْقَضَاءِ بَاطِنًا فَمَتَى نَفَذَ الْقَضَاءُ فِي رَمَضَانَ بَاطِنًا عِنْدَهُ لَمْ يَصِحَّ إقْرَارُهُ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ فِي شَوَّالٍ مِنْ هَذَا الْعَامِ فَبَقِيَ التَّلَفُ مُضَافًا إلَى شَهَادَتِهِمَا لَا إلَى إقْرَارِهِ وَعِنْدَهُمَا لَمْ يَنْفُذْ الْقَضَاءُ بَاطِنًا بَقِيَ النِّكَاحُ وَالرِّقُّ إلَى شَوَّالٍ بَاطِنًا فَصَحَّ إقْرَارُهُ فِي شَوَّالٍ وَكَانَ التَّلَفُ مُضَافًا إلَى إقْرَارِهِ لَا إلَى الشَّهَادَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ ثُمَّ قَالَ: وَلَوْ شَهِدَا بِالتَّدْبِيرِ وَآخَرَانِ بِالْعِتْقِ فَرَجَعُوا فَالضَّمَانُ عَلَى شُهُودِ الْعِتْقِ لِأَنَّ الْقَضَاءَ بِالتَّدْبِيرِ مَعَ الْعِتْقِ لَا يُفِيدُ لِأَنَّ حُكْمَ التَّدْبِيرِ بَقَاءُ الرِّقِّ إلَى وَقْتِ الْمَوْتِ وَلَا يَبْقَى الرِّقُّ مَعَ الْعِتْقِ الْبَاتِّ فَلَا يُقْضَى بِالتَّدْبِيرِ فَإِنْ قُضِيَ بِشَهَادَةِ التَّدْبِيرِ ثُمَّ شَهِدَ آخَرَانِ بِالْعِتْقِ الْبَاتِّ فَقُضِيَ بِهِ ثُمَّ رَجَعُوا ضَمِنَ شُهُودُ التَّدْبِيرِ مَا نَقَصَهُ التَّدْبِيرُ وَشُهُودُ الْعِتْقِ قِيمَتَهُ مُدَبَّرًا لِأَنَّ الْقَضَاءَ بِالتَّدْبِيرِ يُفِيدُ حُكْمَهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ حَالَةُ الْقَضَاءِ بِالتَّدْبِيرِ شَهَادَةً قَائِمَةً بِالْعِتْقِ فَأَمْكَنَ الْقَضَاءُ بِالتَّدْبِيرِ وَشَاهِدَا الْعِتْقِ أَزَالَا الْمُدَبَّرَ عَنْ مِلْكِهِ بِغَيْرِ عِوَضٍ فَيَضْمَنَانِ قِيمَتَهُ مُدَبَّرًا اهـ.
وَفِي الْعَتَّابِيَّةِ وَلَوْ شَهِدَ وَاحِدٌ بِإِقْرَارِهِ بِالْعِتْقِ أَمْسِ وَآخَرُ بِإِقْرَارِهِ بِالْعِتْقِ مِنْ سَنَةٍ وَقُضِيَ بِهِ ثُمَّ أَقَامَ الشَّاهِدَانِ بَيِّنَةً عَلَى إعْتَاقِهِ مِنْ سِنِينَ بَرِئَا عَنْ الضَّمَانِ وَهَذَا قَوْلُهُمَا لِأَنَّ عِنْدَهُمَا الدَّعْوَى لَيْسَ بِشَرْطٍ اهـ.
يَعْنِي ثُمَّ رَجَعَا بَعْدَ الْقَضَاءِ ثُمَّ بَرْهَنَا وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُؤَلِّفُ رحمه الله التَّدْبِيرَ وَالْكِتَابَةَ وَالِاسْتِيلَادَ وَالْوَلَاءَ أَمَّا الْأَوَّلُ فَفِي الْمُحِيطِ لَوْ شَهِدَا أَنَّهُ دَبَّرَ عَبْدَهُ فَقُضِيَ ثُمَّ رَجَعَا ضَمِنَا مَا نَقَضَهُ التَّدْبِيرُ فَإِنَّهُ بِالتَّدْبِيرِ فَاتَ بَعْضُ الْمَنَافِعِ مِنْ حَيْثُ التِّجَارَةُ بِالْإِخْرَاجِ عَنْ مِلْكِهِ فَانْتَقَضَ مِلْكُهُ فَضَمِنَا نُقْصَانَهُ بِتَفْوِيتِهِمَا وَإِنْ مَاتَ الْمَوْلَى وَالْعَبْدُ يُخْرَجُ مِنْ ثُلُثِهِ عَتَقَ وَضَمِنَ الشَّاهِدَانِ قِيمَتَهُ مُدَبَّرًا لِأَنَّهُمَا أَزَالَا الْبَاقِيَ عَنْ مِلْكِ الْوَرَثَةِ بِغَيْرِ عِوَضٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُ الْعَبْدِ عَتَقَ ثُلُثُهُ وَسَعَى فِي ثُلُثَيْهِ وَضَمِنَ الشَّاهِدَانِ ثُلُثَ الْقِيمَةِ بِغَيْرِ عِوَضٍ وَلَمْ يَرْجِعَا بِهِ عَلَى الْعَبْدِ فَإِنْ عَجَزَ الْعَبْدُ عَنْ الثُّلُثَيْنِ يَرْجِعُ بِهِ الْوَرَثَةُ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ وَيَرْجِعُ بِهِ الشَّاهِدُ عَلَى الْعَبْدِ عِنْدَهُمَا اهـ.
وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ الزَّيْلَعِيُّ مِنْ أَنَّ الْعَبْدَ إذَا كَانَ مُعْسِرًا فَإِنَّهُمَا يَضْمَنَانِ جَمِيعَ قِيمَتِهِ مُدَبَّرًا وَيَرْجِعَانِ بِهِ عَلَيْهِ إذَا أَيْسَرَ سَهْوًا لِمَا عَلِمْت أَنَّهُ إنَّمَا يَرْجِعَانِ عَلَيْهِ بِالثُّلُثَيْنِ وَهُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ لِمَا فِي الْمَبْسُوطِ وَصَرَّحَ فِيهِ بِأَنَّهُمَا يَضْمَنَانِ ثُلُثَ قِيمَتِهِ مُدَبَّرًا وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا فِي الْمُحِيطِ وَقَدَّمْنَا أَنَّ الْفَتْوَى أَنَّ قِيمَتَهُ مُدَبَّرًا نِصْفُ قِيمَتِهِ لَوْ كَانَ قِنًّا وَأَمَّا الثَّانِي فَفِي الْمُحِيطِ شَهِدَا أَنَّهُ كَاتَبَ عَبْدَهُ عَلَى أَلْفٍ إلَى سَنَةٍ فَقُضِيَ ثُمَّ رَجَعَا يَضْمَنَانِ قِيمَتَهُ وَلَا يَعْتِقُ حَتَّى يُؤَدِّيَ مَا عَلَيْهِ إلَيْهِمَا فَإِذَا أَدَّاهُ عَتَقَ وَالْوَلَاءُ لِلَّذِي كَاتَبَهُ فَإِنْ عَجَزَ فَرُدَّ فِي الرِّقِّ كَانَ لِمَوْلَاهُ أَنْ يَرُدَّ مَا أَخَذَهُ عَلَى الشُّهُودِ اهـ.
وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ مَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مِنْ أَنَّ الْوَلَاءَ لِلَّذِينَ شَهِدُوا عَلَيْهِ بِالْكِتَابَةِ سَهْوٌ وَالصَّوَابُ لِلَّذِي بَدَلَ الَّذِينَ وَيَطِيبُ لَهُمَا مَا أَخَذَا مِنْ الْمُكَاتَبِ إنْ كَانَ بَدَلُ الْكِتَابَةِ مِثْلَ قِيمَتِهِ أَوْ أَقَلَّ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ تَصَدَّقَا بِالْفَضْلِ وَإِنْ أَرَادَ الْمَوْلَى اتِّبَاعَ الْمُكَاتَبِ وَلَا يُضَمِّنُهُمْ كَانَ لَهُ ذَلِكَ ذَكَرَهُ الشَّارِحُ.
وَفِي الْمُحِيطِ شَهِدَا أَنَّهُ كَاتَبَ عَبْدَهُ عَلَى أَلْفٍ إلَى سَنَةٍ وَقِيمَتُهُ خَمْسُمِائَةٍ ثُمَّ رَجَعَا يُخَيَّرُ الْمَوْلَى بَيْنَ تَضْمِينِ الشَّاهِدَيْنِ وَبَيْنَ اتِّبَاعِ الْعَبْدِ بِالْكِتَابَةِ إلَى أَجَلِهِ فَإِنْ اخْتَارَ الْمَوْلَى ضَمَانَ الشَّاهِدَيْنِ وَقَبَضَ مِنْهُمَا الْقِيمَةَ لَمْ يَعْتِقْ الْمُكَاتَبُ حَتَّى يُؤَدِّيَ أَلْفًا إلَى الشَّاهِدَيْنِ وَيَتَصَدَّقَانِ بِالْفَضْلِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَطِيبُ لَهُ الْفَضْلُ فَإِنْ تَقَاضَى الْمَوْلَى الْمُكَاتَبَ وَهُوَ يَعْلَمُ بِرُجُوعِ الشَّاهِدَيْنِ أَوْ لَا يَعْلَمُ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ وَالصَّوَابُ لِلَّذِي بَدَلَ الَّذِينَ) أَيْ الصَّوَابُ أَنْ يُبْدِلَ قَوْلَهُ لِلَّذِينَ شَهِدُوا عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ لِلَّذِي شَهِدُوا عَلَيْهِ فَيَأْتِيَ بَدَلَ الْجَمْعِ بِالْمُفْرَدِ فَيَكُونَ وَاقِعًا عَلَى الْمَوْلَى عَلَى الشُّهُودِ