الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نساء
يراقبن الله جل جلاله
- بائعة اللبن:
كان من عادة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، يطوف بالليل في شوارع المدينة المنورة ليتفقد أحوال رعيته، وفي ذات ليلة كان يسير ومعه مولاه " أسلم " فلما طال به المطاف استند إلى جدار بيت في جوف الليل، وإذا به يسمع امرأة داخل البيت تقول لابنتها: يا ابنتاه، قومي إلى اللبن فامذقيه بالماء (أي اخلطيه)، فإنك قد أصبحت! فقالت البنت: أو ما علمت بما كان من عزمة أمير المؤمنين؟ قالت الأم: وما كان من عزمته يا بنيتي؟
قالت البنت: لقد أمر مناديه فنادي في الناس ألا يشاب (أي يخلط) اللبن بالماء. فقالت الأم: قومي يا بنيتي إلى اللبن فامذقية بالماء .. فإنك بموضع لا يراك فيه عمر، ولا منادي عمر!. فقالت البنت: يا أماه، والله ما كنت لأطيعه في الملأ وأعصيه في الخلاء، وإن كان عمر لا يري، فرب عمر يرى!، والله ما كنت لأفعله وقد نهى عنه. وهمس عمر إلي (أسلم) بأن يعرف المكان ويميز البيت، ولما أصبح الصباح، قال لأسلم: امضي لذلك الموضع فانظر من القائلة ومن المقول لها، وهل لها بعل (أي زوج). يقول أسلم: فأتيت الموضع، فنظرت فإذا الجارية أيم، لا رجل لها، وإذا تيك أمها، وإذا ليس لها رجل .. فأتت عمر بن الخطاب فأخبرته. وجمع عمر أولاده، وأخبرهم الخبر وعرض عليهم الزواج من هذه البنت، وان لم يتزوجها منهم أحد تزوجها هو رضي الله عنه .. فقبل
عاصم فزوجه .. فولدت له بنتا سموها " أم عاصم " .. وتزوجت أم عاصم عبد العزيز بن مروان وأنجبت له عمر بن عبد العزيز
…
من هنا تحققت رؤيا عمر بن الخطاب .. فقد استيقظ من نومه، فمسح النوم عن وجهه. وهو يقول:" من هذا الذي من ولد عمر، يٌسمى عمر، يسير بسيرة عمر!
وفي رواية: كان يقول: ليت شعري، من ذو الشج من ولدي الذي يملأ الأرض عدلا كما ملأت جورا. (1)
فهذه البنت الفقيرة بسبب صلاحها تتزوج " عاصم بن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب " وكان من ثمار صلاحها عمر بن عبد العزيز .. الذي بسبب عدله اصطلح الذئب علي الغنم .. فهل لنا فيها أسوة؟
- امرأة مؤمنة خرج زوجها في الجهاد:
أخرج عبد الرازق عن ابن جريج قال: أخبرني من أصدق أن عمر رضي الله عنه بينما هو يطوف سمع امرأة تقول:
تطاول هذا الليل واسود جانبه
…
وأرقنى أن لا حبيب ألاعبه
فلولا حذار الله لاشئ مثله (2)
…
لزعزع من هذا السرير جوانبه
اللبن:
فقال لها عمر رضي الله عنه: مالك؟ قالت: أغربت زوجي منذ أشهر، وقد اشتقت إليه. قال: أردت سوءاً. قالت: معاذ الله! قال: فاملكي عليك نفسك، فإنما هو البريد إليه فبعث إليه؛ ثم دخل على حصفة (رضى الله عنها) فقال: إنى سائلك
(1) صفة الصفوة لابن الجوزي 4/ 92.
(2)
وفي تفسير ابن كثير: فو الله لولا الله أني أراقبه (مختصر تفسير ابن كثير 1/ 201).
عن أمر قد أهمني فافرجيه عنى، في كم تشتاق المرأة إلى زوجها؟ فخفضت رأسها واستحيت، قال: فإن الله لا يستحيى من الحق، فأشارت بيدها ثلاثة أشهر وإلا فأربعة .. فكتب عمر رضي الله عنه: أن لا تحبس الجيوش فوق أربعة أشهر كذا في الكنز. (1)
وهذه القصة دليل قوى على شدة مراقبتها لله عز وجل.
- المرأة البدوية:
تعلق قلب رجل بامرأة بدوية، وقد ذهبت ذات ليلة إلى حاجة لها فتبعها الرجل، فلما خلا بها في البادية، والناس نيام حولهما، راودها عن نفسها، فقالت له: انظر أنام الناس جميعا؟ ففرح الرجل، وظن أنها قد أجابته إلى ما ابتغى، فقام وطاف حول مضارب الحي، فإذا الناس نيام، فرجع مسرورا وأخبرها بخلو المكان إلا من النيام، فقالت: ما تقول في الله تبارك وتعالى، أنائم في هذه الساعة؟ قال الرجل: إن الله لا ينام ولا تأخذه سنة. فقالت المرأة: إن الذي لم ينم ولا ينام، يرانا، وإن كان الخلق لا يروننا، فذلك أولى أن يخاف، فاتعظ الرجل وتركها وتاب خوفا من الله تعالى .. ولما مات رئي في المنام فقيل له: ما فعل الله بك؟ فقال غفر لي لخوفي منه وتوبتي إليه
(1) حياة الصحابة - باب الجهاد - 1/ 458.