المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌التربيةعلي الإيمان وأثرها الطيب - صلاح البيوت

[محمد علي محمد إمام]

فهرس الكتاب

- ‌إهداء

- ‌مقصد خلق الإنسان

- ‌آياتوردت في الرجال والنساء

- ‌المرأة والمساواة

- ‌القوامة

- ‌نماذجمن إيمان النساء بالغيب وتكذيب المشاهد

- ‌يقين المرأة المسلمة

- ‌من روائعالحب لرسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌امتثالأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الفرح برسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌أحلىوصف لرسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌نساء عاقلات

- ‌مُعيناتعلى الخير

- ‌نساءيراقبن الله جل جلاله

- ‌نساء ورعات

- ‌نساءمخلصات

- ‌نساءخائفات

- ‌نساءعابدات .. قوامات

- ‌نساء فقيهات

- ‌نساءوفيات لأزواجهن

- ‌نساء صابرات

- ‌نساءيُحببن الإنفاق

- ‌نساء مضحيات

- ‌مواقف بطوليةمن صنع النساء

- ‌حب النساءللجهاد والخروج في سبيل الله

- ‌حب الشهادةفى سبيل الله

- ‌أين الملتقي

- ‌أجرالخارج فى سبيل الله

- ‌ثوابالمرأة إذا خَلَفَت زوجها

- ‌حرمة نساء المجاهدين

- ‌وافدة النساء

- ‌المرأة والشورى

- ‌الحثعلى التعليم

- ‌تربية الأولاد

- ‌النيةفى تربية الأولاد

- ‌الصفات الإيمانية

- ‌التربيةعلي الإيمان وأثرها الطيب

- ‌نماذجمن أدب أولاد الصحابة

- ‌الهمة العاليةلشباب سلف الأمة

- ‌النبوغ

- ‌نصائح غاليةفي تربية الأولاد

- ‌من وصايالقمان الحكيم للأبناء

- ‌مرحلة ما قبل التكليف

- ‌القدوة المفقودة

- ‌تعريضالأولاد لرحمة الله

- ‌الصبرعلى تربية الأولاد

- ‌وقرن فى بيوتكن

- ‌الخلوة

- ‌مصافحةالرجل للمرأة الأجنبية

- ‌آداب الطريق للمرأة

- ‌أدلةحجاب المرأة المسلمة

- ‌كلمة لكل فتاة

- ‌زينة المرأة الحياء

- ‌إلي عشاق الموضة

- ‌دعوة لكل مؤمن

- ‌حياة البساطة

- ‌القناعة

- ‌النبى صلى الله عليه وسلميمزح

- ‌حق الزوجة

- ‌حق الزوج

- ‌الخدمة

- ‌رفقا بالقوارير

- ‌أفراحنا

- ‌بنات الصالحين

- ‌قدرة المرأة العقلية

- ‌جرأة وشجاعة

- ‌ورع وتقوى

- ‌رسالة من عالم

- ‌حسن الأخلاق

- ‌مكارم الأخلاق

- ‌مركبانالشكر والصبر

- ‌الرضا

- ‌إنصاف البنات

- ‌رفيدة الأنصارية

- ‌أم عطية الأنصارية

- ‌أم الدرداء الصغرى

- ‌أم البنين

- ‌عمرةتلميذة عائشة

- ‌ذكر الله جل جلاله

- ‌صوامة قوامة

- ‌غيرة عائشة

- ‌خمس بخمس

- ‌نسيان الجميل

- ‌وفى صلاة الخسوف:

- ‌المرأة السوء

- ‌البسوس

- ‌المرأة الصالحة

- ‌سفعاء الخدين

- ‌اظفر بذات الدين

- ‌موجبات الجنة

- ‌من جميلالشعر فى النساء

- ‌من جميلما يروى فى حلم النساء

- ‌لاحت أعلام الهداية

- ‌الضعيفين

- ‌أدوات تجميل

- ‌أطيب الطيب

- ‌صفاتيجب أن تتخلص منها النساء

- ‌كاسيات عاريات

- ‌نساء ملعونات

- ‌امرأة وامرأة

- ‌نصيحة عمرية

- ‌نصائح غالية

- ‌الحذر .. الحذرمن غضب الزوج

- ‌تفقد الزوجة لحال زوجها

- ‌أعظم الناس حقاً

- ‌أجر المرأةالحامل والمرضع

- ‌موت فى طاعةخير من حياة فى معصية الله عز وجل

- ‌أم حارثة

- ‌نصيحة لكل زوج

- ‌الصلاة .. الصلاة

- ‌العفاف

- ‌نساء مؤمنات يوافقهن القرآن

- ‌وصية أم لولدها

- ‌الصبر على الأزواج

- ‌امرأة فرنسية

- ‌صفات تُحبها النساء

- ‌المرأة داعية إلى الله عز وجل

- ‌فتاوى

- ‌مقتطفاتمن بيانات النساء

- ‌من أقوالالشيخ سعيد أحمد رحمه اللهفى جهد النساء

- ‌مذاكرةفي جهد النساء

- ‌آداب وأصولفى الجهد علي النساء

- ‌وختاما

- ‌المراجع

الفصل: ‌التربيةعلي الإيمان وأثرها الطيب

‌التربية

علي الإيمان وأثرها الطيب

- أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه:

تربي علي رضي الله عنه في بيت النبوة (بمكة المكرمة) .. هذه التربية أكسبته محبة النبي صلى الله عليه وسلم فلما عَرض عليه الإسلام، مع صغر سنه فقبل الإسلام فكان أول من أسلم من الصبيان .. وظهرت هذه الشجاعة في المواقف مع النبي صلى الله عليه وسلم، وقتل صناديد الكفر مثل: عمرو بن عبد ود في غزوة بدر .. ومرحب اليهودي في غزوة خيبر .. وأهلته لأن يتزوج خير نساء العالمين فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم رضي الله عنها وأبا الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة .. وكان من رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنزلة هارون من موسى .. ورابع الخلفاء الراشدين. .

فلا عجب فقد تربي علي يد امرأتين عظمتين وهما أمه فاطمة بنت أسد ثم علي يد أمه وأم المؤمنين جميعا خديجة بنت خويلد (رضى الله عنها).

- أسامة بن زيد حب رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله عنهما:

تربي أسامة بن زيد رضي الله عنه في حجر أمه " أم أيمن " وأبيه زيد بن حارثة واتصاله ببيت النبوة وأمهات المؤمنين، أهلته ليكون أهلا لحب النبي صلى الله عليه وسلم له، ولأن يوليه

ص: 215

- صلى الله عليه وسلم أميراً علي جيش فيه كبار الصحابة رضي الله عنهم، وفيهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه وكان عمر رضي الله عنه لا يلقي أسامة إلا قال له: السلام عليك أيها الأمير ورحمة الله! توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنت علي أمير. (1)

قال الذهبي: لما أمره النبي صلى الله عليه وسلم علي جيش الشام كان عمره ثماني عشرة سنة.

- التربية علي الإيمان جعلت البنات تخافن علي أبيهن:

عن الهيثم بن خلف الدوري أن محمد بن سويد الطحان حدثه قال: كنا عند عاصم بن علي ومعنا أبو عبيد، وإبراهيم بن أبي الليث وجماعة ‘ وأحمد بن حنبل يُضرب فجعل عاصم يقول: ألا رجل يقوم معيَّ فنأتي هذا الرجل ‘ فنكلمه؟ قال: فما يجيبه أحد ثم قال ابن أبي الليث: أنا أقوم معك يا أبا الحسين، فقال: يا غلام، خُفي، فقال ابن أبي الليث: يا أبا الحسين! أبلغ إلي بناتي فأوصيهم، فظننا أنه ذهب يتكفن ويتحنط، ثم جاء فقال: إني ذهبت إليهن، فبكين، قال: وجاء كتاب ابنتي عاصم من واسط: يا أبانا إنه بلغنا أن هذا الرجل أخذ أحمد بن حنبل، فضربه علي أن يقول: القرآن مخلوق، فاتق الله! ولا تجبه فو الله! لأن يأتينا نعيك أحبُ إلينا من أن يأتينا أنك أجبت.

(1) انظر سير أعلام النبلاء 2/ 500.

ص: 216

ويروي أنه:

قالت بنات رجل لأبيهن: يا أبه! لا تطعمنا إلا من حلال، فإن الصبر علي الجوع أيسر من الصبر علي النار. (1)

وكان ليحيي بن معاذ ابنة صغيرة السن، فطلبت من أبيها شيئا، فقال لها: يا بنيتي! اطلبي ذاك من الله! أو ما أستحي من الله أن أطلب منه شيئا يؤكل؟!!! 0 (2)

- التربية علي الإيمان وأثرها في التضحية بالنفس من أجل هداية البشرية:

فنذكر لهم قصة الغلام والساحر، التي رواها الإمام مسلم في صحيحه، عن صهيب رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " كَانَ مَلِكٌ فيمن قبلكم وكان له ساحر، فلما كبر قال للملك: إني قد كبرت فابعث إليَّ غلاماً أعلِّمْه السحر، فبعث إليه غلاماً يعلمه فكان في طريقه إذا سلك راهبٌ فقعد إليه وسمع كلامه فأعجبه فكان إذا أتى الساحر مرَّ بالراهب وقعد إليه فإذا أتى الساحر ضربه فشكا ذلك إلى الراهب فقال: إذا خشيت الساحر فقل: حبسني أهلي، وإذا خشيت أهلك فقل: حبسني الساحر، فبينما هو كذلك إذ أتى على دابة عظيمة قد حبست الناس فقال: اليوم أعلم الساحر أفضل أم الراهب أفضل، فأخذ حجراً فقال: اللهمَّ إن كان أمرُ

(1) صفة الصفوة 4/ 0261

(2)

المرجع لسابق 4/ 0260

ص: 217

الراهب أحبَّ إليك من أمر الساحر فاقتل هذه الدابة حتى يمضي الناس فمرماها فقتلها ومضى الناس، فأتى الراهب فأخبره فقال له الراهب: أيْ بنيَّ أنت اليوم أفضل منِّي قد بلغ من أمرك ما أرى وإنك ستُبْتَلى فإِنِ ابتليتَ فلا تَدُلَّ عليَّ، وكان الغلام يُبْرئ الأكمه والأبرص ويُداوي الناسَ من سائرِ الأدواءِ، فسمع جليسٌ للملكِ كان قد عَمِيَ فأتاه بهدايا كثيرةٍ فقال: ما ها هنا لك أجمعُ إن أنت شفيتني، فقال: إني لا أشفي أحداً إنما يشفي الله فإنْ أنت آمنت بالله دعوتُ اللهَ فشفاكَ، فآمن بالله فشفاه الله فأتى الملك فجلس إليه كما كان يجلس فقال له الملك: مَنْ ردَّ عليكَ بَصَرَكَ؟ قال: ربي، قال: ولك ربٌّ غيري؟! قال: ربِّي وربُّكَ اللهُ، فأخذه فلم يزل يُعَذِّبُهُ حتى دلَّ على الغلام، فجيء بالغلام فقال له الملك: أَيْ بُنَيَّ قَدْ بلغ من سِحْرِكَ ما تُبْرِئ الأكمه والأبرص وتفعل وتفعل، فقال: إنِّي لَا أَشْفِي أحداً إنما يشفي الله، فأخذه فلم يزل يعذبه حتى دل على الراهب، فجيء بالراهب فقيل له: ارجع عن دينك، فأبى فدعا بالمنشار فوضع المنشار في مفرق رأسه فشقَّهُ حتَّى وقع شِقَّاهُ ثم جيء بجليس الملك فقيل له: ارجع عن دينك، فأبى فوضع المنشار في مفرق رأسه فشقَّهُ به حتى وقع شِقَّاهُ ثم جيء بالغلام فقيل له: ارجع عن دينك، فأبى فدفعه إلى نفر من أصحابه فقال: اذهبوا به إلى جبل كذا وكذا فاصعدوا به الجبل فإذا بلغتم ذروته فإن رجع عن دينه وإلا فاطرحوه، فذهبوا به فصعدوا به الجبل فقال: اللهم اكفنيهم بما شئت، فرجف بهم الجبل فسقطوا وجاء يمشى إلى الملك فقال له الملك: ما فعل أصحابك؟ قال: كفانِيْهِمُ الله، فدفعه إلى نفر من أصحابه فقال: اذهبوا به فاحملوه في قُرْقُورٍ فتوسطوا به البحر فإن رجع عن دينه وإلا فاقذفوه، فذهبوا به فقال: اللهم اكفنيهم بما شئت، فانكفأت بهم السفينة فغرقوا وجاء يمشى إلى الملك فقال له الملك: ما فعل أصحابك؟ قال: كفانيهم الله، فقال للملك: إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به، قال: وما هو؟ قال: تجمع الناس في صعيد واحد وتصلبني على جذع ثم خذ سهماً من كنانتي ثم ضع السهم في كبد

ص: 218

القوس ثم قل: باسم الله رب الغلام ثم ارمني فإنك إذا فعلت ذلك قتلتني، فجمع الناس في صعيد واحد وصلبه على جذع ثم أخذ سهما من كنانته ثم وضع السهم في كبد القوس ثم قال: باسم الله رب الغلام ثم رماه فوقع السهم في صدغه فوضع يده في صدغه في موضع السهم فمات، فقال الناس: آمنا برب الغلام، آمنا برب الغلام، آمنا برب الغلام، فأُتِيَ الملك فقيل له: أرأيت ما كنت تحذر قد والله نزل بك حَذَرُكَ قد آمن الناسُ، فأمر بالأخدود في أفواه السِّكَكِ فَخُدَّتْ وَأَضْرَمَ النيران وقال: من لم يرجع عن دينه فأحموه فيها أو قيل له: اقتحم، ففعلوا حتى جاءت امرأةٌ ومعها صبي لها فتقاعست أن تقع فيها فقال لها الغلام: يَا أُمَّهْ اصْبِرِي فَإِنَّكِ عَلَى الْحَقِّ. رواه مسلم

وفي هذه القصة من الفوائد العظيمة منها:

1) التربية بالقصص.

2) أهمية وعي التاريخ.

3) أثر القصة في تقريب الفهم.

4) أهل الطغيان والفساد لا يملكون الحجج العقلية والقدرة الإدارية على إدارة الناس فيلجؤون إلى السحر والشغوذة.

5) اهتمام أهل السوء والفساد بمن يخلفهم في أعمالهم.

6) من هذه القصة يتبين لنا كيف نهتم بالنشء ونعتني بأصحاب المواهب من الصغر وتنمية مواهبهم وقدراتهم العقلية والفكرية والإرادية.

7) أهمية تهيئة من يراد لأمر عظيم من الصغر واستثمار جميع قدراته فيما يراد منه.

8) قوة تلبيس السحرة وأعوانهم على الناس، فلم يزل الشك عند الغلام رغم تعليم الراهب له حتى عرضت له الدابة وقال تلك المقالة.

9) إن إرادة الله فوق كل إرادة، وقدرة الله فوق كل قدرة، وأمر الله فوق كل أمر لا رادَّ لقضائه ولا معقب لحكمه إذا قال للشيء: كن فيكون، يري العباد ضعفهم وعجزهم مهما تجبروا وطغوا وبغوا، لقد اختار الملك الغلام ليكون الساحر الذي يثبت به دعائم ملكه،

ص: 219

وأراد الله تعالى أن يكون الداعي الصالح الذي يدمر ملكه ويهدي الناس إلى الدين الحق، وفي ذلك آية للمعتبرين، فالله يهيئ لدينه رجالاً ينبتون من بيوت الطواغيت الكفرة ليكونوا الدعاة الهداة البررة. انظر: صحيح القصص النبوي للأشقر.

10) الكذب للمصلحة الشرعية وخوف الفتنة.

11) تربية العالم لتلميذه وإعداده وتهيئته لتحمل أعباء الدعوة: ((وإنك ستبتلى)) استشرافاً للمستقبل من خلال التحديات وتهيئة النفس وترتيب الحسابات لذلك.

12) الأصل البلاء للمؤمنين: (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ)(العنكبوت:2)

13) الحفاظ الأمني على شيخه: ((فإذا ابتليت فلا تدل علي)).

14) عدم تمني الراهب الفتنة أو التعرض لها مع قوة صبره وتحمله.

15) التواضع والاعتراف بالحق مهما كان صاحبه والتعالي على الحسد والكبر، فهذا الراهب مع أنه معلم الغلام ومربيه ومخرجه من الظلمات إلى النور، ومع ذلك لما علم أنه أفضل منه جهر بذلك أمام تلميذه الصغير:((أنت اليوم أفضل مني)).

16) استغلال المهنة الطبية في الدعوة، مع الحرص على نفع الناس وحل مشكلاتهم.

17) الدعوة إلى دين الله لا تعرف سناًّ معيَّناً وانظر فعل الغلام.

18) إجراء الآيات كرامة للعبد التقي النقي.

19) الطغيان ليس له حد، بل يصل بصاحبه الضعيف إلى ادعاء الربوبية.

20) أصبحت سير أولئك الطغاة المجرمين أُضْحُوكةً يضحك منها اليوم الصغير والكبير.

21) قد يضعف الإنسان ويدل على أصحابه من جراء التعذيب، فلا يغض هذا من مكانته، كما فعل جليس الملك والغلام مع صبريهما وتقديم أنفسهما فداء لدين الله.

22) الاعتراف بالفضل لأهله وبيان عجز الإنسان وفاقته إلى معونة ربه: ((إنما يشفي الله)).

23) محاولة دغدغة عواطف الغلام واستمالته إلى الباطل وحرفه عن الصراط المستقيم: ((أي بني قد بلغ من سحرك

)).

24) ليس لدى أهل الطغيان القدرة على إفحام الخصم فيلجئون إلى القوة والتعذيب وهذا من سنتهم وسبيلهم.

25) صبر العالم وتحمله للبلاء وتقديم دمه فداء لدينه.

ص: 220

26) الإيمان لا يوازيه أي رتبة أو مكانة أو دنيا، ولهذا قدم جليس الملك دنياه فداء لدينه.

27) الإيمان إذا خالطت بشاشته القلوب استخف صاحبه بكل عقوبة كما فعل الغلام، حين تفنن الملك في قتله.

28) المحن تولد المنح، لقد مات الراهب والوزير والغلام كما مات الملك وأعوانه، لكن أين منازلهم؟! وأيهم ترك أسوة وسيرة يقتدي بها وينال أجرها؟!

29) اهتمام الملك بأمر الغلام ليكون سنداً له نظراً لفرط ذكائه، ولكنه إذا خالف أمره ولم يرجع عن دينه فالقتل جزاؤه، ولا قيمة للطاقات البشرية والثروة الفكرية عند الطغاة.

30) إرجاع الأمر في الأمن والخوف إلى الله تعالى: ((كفانيهم الله)) وذلك قمة اليقين.

31) دعاء الله في كل حال وطلب نصرته وعدم الاعتماد على النفس وإظهار الفقر والفاقة والحاجة إلى القوي العزيز: ((اللهمَّ اكفنيهم بما شئت)) وإيكال أمرهم إلى الله يفعل بهم ما يشاء وعدم اختيار العقوبة والاقتراح على الله.

32) يلاحظ أن الغلام لم يفر بعد أن أنجاه الله تعالى كل مرة من عقوبة الملك، وذلك لأنه لم يكن ينشد السلامة لنفسه، بل كان يهدف إلى إظهار دين الله وإعلاء كلمته، ولعل الناس كانوا يتابعون قصته في مجالسهم وينتظرون النتيجة في معركة الغلام مع السلطان المتجبر مدعي الربوبية، وكيف يواجه الغلام الملك غير هياب ولا وجل، مع ما عرف عن السلطان من سفك الدماء. انظر: صحيح القصص النبوي للأشقر.

33) الاعتزاز بدين الله: ((حتى تفعل ما آمرك به)).

34) أهمية الدعوة إلى توحيد الله حتى احتاجت إلى تقديم النفس فداء في دعوة الناس إلى الله جل وعلا.

35) الاحتيال في الدعوة إلى توحيد الله.

36) الصدق والإخلاص يحطم دم المؤمن أصول الوثنية في قلوب الناس.

37) مهما بدا بنيان الكفر ضخماً عظيماً فإنه كانتفاخ البالون سرعان ما يتحطم بأول وخزة، (أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (التوبة:109)}، فبعد هذا التلبيس الطويل على المجتمع وتضليله وتربيته على الخنوع والخضوع لمدعي الربوبية سرعان ما انتهى كل ذلك بموقف واحد، كمثل ظلمة عظيمة انقشعت بشمعة صغيرة.

38) دم المؤمن ينبغي أن لا يضيع هدراً فحياته دعوة وموته دعوة وقطرات دمه دعوة.

ص: 221

39) البطانة السيئة وأثرها السيئ على السلطان: ((أرأيت ما كنت تحذر قد والله نزل بك حذرك قد آمن الناس)).

40) أهل الطغيان لا يعرفون الحوار ولا المناظرة ولا المجادلة، وإنما حججهم هي البطش والعقوبة، ولا بأس في إبادة الشعب إبقاء لمذهب السلطان، وتغطية لدعاويه الباطلة.

41) ماذا فعل هؤلاء حتى يعاقبوا تلك العقوبة النكراء، قال تعالى:{وَمَا نَقَمُواْ مِنْهُمْ إِلاّ أَن يُؤْمِنُواْ بِاللهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ٍ} (1) فكان السبب أنهم اختاروا لأنفسهم عقيدة الإيمان والتوحيد، أين حرية الرأي والتفكير عندكم يا أهل الكفر والفساد؟.

42) آية من آيات الله في نطق الغلام، ونصرة المؤمن وتأييد الله له وبعث من يثبته على الخير إذا علم منه الصدق والإخلاص:((اصبري فإنك على الحق)).

لقد انتصر هذا المجتمع وعلوا فاستهانوا بكل العقوبات وسخروا من الإحراق والعذاب، وبقيت سيرهم مثلاً أعلى فكم من الأمم انتصرت بسببهم، ثم ما يعايشونه الآن من النعيم:(وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} (2).

- - - - -

(1) سورة: البروج - الآية: 8

(2)

سورةآل عمران – الآية169.

ص: 222