الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نصائح غالية
في تربية الأولاد
- قال سهل بن عبد الله التستري:
كنت وأنا ابن ثلاث سنين أقوم الليل، فأنظر إلي صلاة خالي محمد بن سوار، فقال لي يوما: ألا تذكر الله الذي خلقك؟ فقلت: كيف أذكره؟ قال: قل بقلبك عند تقلبك في ثيابك، ثلاث مرات من غير أن تحرك به لسانك: الله معي .. الله ناظر إليًّ .. الله شاهدي. فقلت ذلك ليالي، ثم أعلمته، فقال: قل في كل ليلة سبع مرات. فقلت ذلك، ثم أعلمته. فقال: قل ذلك كل ليلة إحدى عشرة مرة. فقلته، فوقع في قلبي حلاوته. فلما كان بعد سنة، قال لي خالي: أحفظ ما علمتك، ودم عليه إلي أن تدخل القبر، فإنه ينفعك في الدنيا والآخرة.
فلم أزل علي ذلك سنين، فوجدت لذلك حلاوة في سري. ثم قال لي خالي يوماً: يا سهل، من كان الله معه، وناظراً إليه، وشاهده، أيعصيه؟ إياك والمعصية.
فكنت أخلو بنفسي، فبعثوا بي إلي المكتب، واشترطوا علي المعلم أني أذهب إليه ساعة فأتعلم ثم أرجع. فمضيت إلي الكتاب، فتعلمت القرآن وحفظته، وأنا ابن ست سنين أو سبع سنين. (1)
(1) انظر كتاب إحياء علوم الدين للإمام الغزالي - بيان الطريق في رياضة الصبيان 3/ 64.
- وقال عتبة بن أبي سفيان، لعبد الصمد مؤدب ولده:
ليكن أول إصلاحك لولدي إصلاحك لنفسك، فإن عيونهم معقودة بك، فالحسن عندهم ما صنعت ،والقبيح عندهم ما تركت ، علمهم كتاب الله ، ولا تملهم فيه فيتركوه ، ولا تتركهم منه فيهجروه ، وروهم من الحديث أشرفه ، ومن الشعر أعفه، ولا تنقلهم من علم إلي علم حتي يحكموه ، فإن ازدحام الكلام في السمع مشغلة للفهم ، وعلمهم سنن الحكماء ، وجنبهم محادثة النساء، ولا تتكل علي عذر مني لك ، فقد اتكلت علي كفاية منك.
وفي رواية أخرى: وعلمهم سير الحكماء ، وأخلاق الأدباء ، وكن لهم كالطبيب الذي لايعجل بالدواء حتى يعرف الداء.
- وصية عبد الملك بن مروان لمؤدب ولده:
علمهم الصدق كما تعلمهم القرآن ، وجنبهم السفلة ، فإنهم أسوأ الناس رعه ، وأقلهم أدبا، وجنبهم الحشم، فإنهم لهم مفسدة، وأطعمهم اللحم يقووا، وعلمهم الشعر يمجدوا وينجدوا، ومرهم أن يستاكوا عرضا ويمصوا الماء مصا، ولا يعبوه عبا، وإذا احتجت إلي أن تتناولهم بأدب فليكن ذلك في ستر، لا يعلمه أحد من الفاشية فيهونوا عليه.
- وصية هشام بن عبد الملك لمؤدب ولده:
إن ابني هذا هو جلدة ما بين عيني، وقد وليتك تأديبه، فعليك بتقوى الله، وأد الأمانة
…
إلخ.
- قال الإمام الغزالي:
اعلم أن الطريق في رياضة الصبيان من أهم الأمور وأوكدها .. والصبى أمانة عند والديه .. فإن عود الخير وعلمه نشأ عليه .. وإن عود الشر وأهمل إهمال البهائم شقي وهلك .. وإذا أخطأ فإنه يعاتب سراً، ويقال له: إياك وأن تعود بعد ذلك لمثل هذا .. ولا تكثر القول عليه بالعتاب في كل حين، فإنه يهون عليه سماع الملامة، وركوب القبائح، ويسقط وقوع الكلام من قلبه .. وليكن الأب حافظاً هيبة الكلام معه، فلا يوبخه إلا أحياناً.
وينبغي أن يعود في بعض النهار المشي والحركة والرياضة، حتى لا يغلب عليه الكسل وينبغي أن يؤذن له بعد الانصراف من الكتاب أن يلعب لعباً جميلاً يستريح إليه من تعب المكتب، بحيث لا يتعب في اللعب. وينبغي أن يُعلم طاعة والديه ومعلمه ومؤدبه، وكل من هو أكبر منه سنناً من قريب وأجنبي. (1)
- - - -
(1) المرجع السابق 3/ 62.