الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نساء ورعات
- ورع أم المؤمنين عائشة بنت أبى بكر رضي الله عنها:
عن عائشة رضي الله عنها قالت: لما مضت تسع وعشرون ليلة أعدهن دخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بدأ بي، فقلت: يا رسول الله! إنك أقسمت ألا تدخل علينا شهرا وإنك دخلت علينا من تسع وعشرون أعدهن، فقال: إن الشهر تسع وعشرون " رواه مسلم (1) وذلك حين اجتمع عليه نساءه وطلبن منه النفقة.
- ورع أم المؤمنين زينب بنت جحش رضي الله عنها:
قالت عائشة رضي الله عنها: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل زينب بنت جحش عن أمري (2)، فقال:"يا زينب ما علمت وما رأيت"؟ فقالت: يا رسول الله! أحمي سمعي وبصري، والله! ماعلمت عليها إلا خيرا 0
قالت: هي التي كانت تساميني من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فعصمها الله تعالي بالورع. متفق عليه. (3)
المتأمل يجد الصدق .. الإخلاص .. التقوي .. الورع .. الحب .. حفظ اللسان .. وفيمن؟ في ضرتها، فكم من امرأة فرحت بما يقال عن ضرتها، وقامت بترويجه وإشاعته، وتنتظر طلاقها ليخلو لها الجو، وتحظي بزوجها وحدها 0
(1) انظر صحيح مسلم شرح النووى 10/ 93.
(2)
أي في حديث الإفك.
(3)
انظر الحديث بطوله في صحيح مسلم شرح التقوى 17/ 112.
فما كان من عائشة رضي الله عنها بعد أن سمعت من قول زينب فيها إلا أن ترد لها الجميل وتشهد لها بحب رسول الله صلى الله عليه وسلم لها ومكانتها عنده، فتقول: وهي التي كانت تساميني من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم .. بل كررت هذه الشهادة وهي تروي لنا قصة اجتماع نساء النبي صلى الله عليه وسلم يسألنه العدل في ابنة أبي قحافة، لأن الناس كانوا يتحرون بهداياهم يوم عائشة يبتغون مرضاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش زوج النبي صلى الله عليه وسلم وهي كانت تساميني في المنزلة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم أر امرأة قط خيرا في الدين من زينب وأتقي لله، وأصدق حديثا وأوصل للرحم، وأعظم صدقة، وأشد ابتذالا لنفسها في العمل الذي تصدق به، وتقرب به إلى الله تعالى، ماعدا سورة من حدة كانت فيها تسرع منها الفيئة ..... الخ الحديث. متفق عليه. . (1)
- ورع المرأة الدمشقية:
روى ابن عساكر في تاريخ دمشق عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال: باعت امرأة (طشت)، في سوق الصفر (النحاس) بدمشق فوجده المشتري ذهبا فقال لها: أما إني لم أشتره إلا علي أنه صفر (نحاس) وهو ذهب فهو لك: فقالت: ما ورثناه إلا علي أنه صفر (نحاس)، فإن كان ذهبا فهو لك، فاختصما إلى الوليد بن عبد الملك، فأحضر رجاء بن حيوة، فقال: انظر فيما بينهما .. فعرضه رجاء علي المرأة، فأبت أن تقبله، فقال: يا أمير المؤمنين! أعطها ثمنه واطرحه في بيت المسلمين .. هذه القصة دليل علي ورع المرأة وتقواها
(1) انظر صحيح مسلم شرح النووي _ باب فضائل أم المؤمنين عائشة 15/ 205.
حيث أنها لم تقبل الذهب مع أنه ملكها ورثته، كما أشارت إلي ذلك في قولها " ما ورثناه إلا علي أنه صفر " .. ودلت علي ورع الرجل أيضا.
وهذه القصة شبيه جدا بما حدث فيمن كان قبلنا، كما في الحديث المتفق عليه، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" اشترى رجل من رجل عقاراً، فوجد الذي اشترى العقار في عقاره جرة فيها ذهب، فقال له الذي اشترى العقار: خذ ذهبك، إنما اشتريت منك الأرض ولم اشتر الذهب، قال الذي له الأرض: إنما بعتك الأرض وما فيها، فتحاكما إلى رجل، فقال الذي تحاكما إليه: ألكم ولد؟ قال أحدهما: لي غلام، وقال الآخر: لي جارية. قال: أنكحا الغلام الجارية وأنفقا علي أنفسكما منه وتصدقا ". (1)
وعندما كنت أقرأ هذا الحديث، أقول في نفسي هذا الخبر يحكيه لنا النبي صلى الله عليه وسلم عمن كان قبلنا .. أليس في أمتنا (خير أمة أخرجت الناس) مثل هذه الصفات التي وجدت في هذان الرجلان، فعندما قرأت هذه القصة يعلم الله عز وجل كم ملء قلبي من الفرحة، أن وجدت في أمة محمد صلى الله عليه وسلم من يفعل هذا الفعل.
- أخت بشر الحافي (رحمها الله):
يروى أن أخت بشر الحافي ذهبت إلى الإمام أحمد فقالت: إنا قوم نغزل بالليل ومعاشنا منه، وربما يمر بنا مشاعل الظاهرية ـ حرس بني ظاهر ولاة بغداد ـ ونحن علي السطح فنغزل في ضوئها الطاقة والطاقتين، أفتحله لنا أم تحرمه؟! فقال لها: من أنت؟ قالت: أخت بشر .. فقال: آه، يا آل بشر لا عدمتكم .. لا
(1) رياض الصالحين ـ باب المنثورات والملح ص 620.
أزال أسمع الورع الصافي من قبلكم .. ! ويروى أن أحمد رحمه الله بكى وقال: من بيتكم يخرج الورع الصادق .. لا تغزلي في شعاعها. (1)
- يقول ابن الجوزي:
بلغني أنه كان ببغداد رجل بزاز له ثروة، فبينما هو في حانوته أقبلت إليه صبية، فالتمست منه شيئا تشتريه، فبينما هي تحادثه كشفت وجهها في خلال ذلك فتحير، وقال: قد تحيرت والله مما رأيت! فقالت: ما جئت لأشتري شيئا، إنما لي أيام أتردد إلي السوق ليقع بقلبي رجل أتزوجه، وقد وقعت أنت بقلبي ولي مال، فهل لك بالتزوج بي؟ فقال لها: لي ابنة عم، وهي زوجتي وقد عاهدتها ألا أغيرها، ولي منها ولد، فقالت: قد رضيت أن تجئ إلي في الأسبوع نوبتين، فرضي، وقام معها، فعقد العقد، ومضي إلي منزلها فدخل بها.
ثم ذهب إلي منزله، فقال لزوجته: إن بعض أصدقائي قد سألني أن أكون الليلة عنده، ومضي فبات عندها .. وكان يمضي كل يوم الظهر إليها .. فبقي علي ذلك ثمانية أشهر .. فأنكرت ابنة عمه أحواله، فقالت لجارية لها: إذا خرج فانظري أين يمضي؟ فتبعته الجارية، فجاء إلي الدكان، فلما جاء الظهر قام، وتبعته الجارية، وهو لا يدري، إلي أن دخل البيت تلك المرأة، فجاءت الجارية إلي الجيران، فسألتهم لمن هذه الدار، فقالوا: لصبية قد تزوجت برجل تاجر
(1) انظر القصة في صفة الصفوة لابن الجوزي – وقد رويت من وجه آخر كما في البداية والنهاية لابن كثير.
بزاز، فعادت إلي سيدتها، فأخبرتها، فقالت لها: إياك أن يعلم بهذا أحد .. ولم تظهر لزوجها شيئا .. فأقم الرجل تمام السنة، ثم مرض ومات .. وخلف ثمانية آلاف دينار .. فعمدت المرأة التي هي ابنة عمه إلي ما يستحقه الولد من التركة وهو سبعة آلاف دينار، فأفردتها، وقسمت الأف الباقية نصفين، وتركت النصف في كيس، وقالت للجارية: خذي هذا الكيس، واذهبي إلي بيت المرأة واعلميها أن الرجل مات، وقد خلف ثمانية آلاف دينار وقد أخذ الإبن سبعة آلاف بحقه، وبقيت ألف، وقسمتها بيني وبينك وهذا حقك وسلميه إليها.
فمضت الجارية فطرقت عليها الباب، ودخلت وأخبرتها خبر الرجل وحدثتها بموته، وأعلمتها الحال، فبكت وفتحت صندوقها وأخرجت منه رقعة، وقالت للجارية: عودي إلي سيدتك، وسلمي عليه مني وأعلميها أن الرجل طلقني، وكتب لي براءة، وردي عليها المال، فإني ما أستحق في تركته شيئا، فرجعت الجارية إلي سيدتها فأخبرتها. (1)
- ورع امرأة من آل بيت النبوة رضوان الله عليهم:
عن عطاء بن السائب قال: أوصى إلي رجل من أهل الكوفة في تركته وذكر أنه مولي لآل علي بن أبي طالب فقدمت المدينة فدخلت علي أبي جعفر (محمد بن علي) فقال: ما أعرفه، ودلني على أخته (أم كلثوم بنت علي) فإذا عجوز علي سرير في بيت رث، فإذا في اليت سقاء معلق، فجعلت أقلب بصرى في البيت، فقالت: يابني! لا يحزنك ما تري فأنا بخير، قلت أوصي إلي رجل بتركته، وذكر أنه مولي لكم، قالت ما أعفه وإن مولي لنا يقال له هرمز أو كيسان أخبرني أن
(1) صفة الصفوة لابن الجوزي 2/ 246.
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " يا كيسان إن آل محمد لا يأكلون الصدقة، وإن مولي القوم من أنفسهم، فلا تأكلها ".
أختي المسلمة: تأملي وأنت تقرأين هذه القصه فإنك ستجدين الرضا والقناعة .. والورع والتقوي .. فتأملي وتأسي.
- - - - -