الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نساء
يُحببن الإنفاق
في سبيل الله
- إنفاق أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها:
عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما، قال: مات رأيت امرأتين أجود من عائشة وأسماء رضي الله عنهما وجودهما مختلف، أما عائشة فكانت تجمع الشيء إلي الشيء، حتى إذا كان اجتمع عندها قسمت، أما أسماء فكانت لا تمسك شيئا لغد (1).
وأخرج ابن سعد عن أم درة، قالت: أتيت عائشة رضي الله عنها بمائة ألف ففرقتها وهي يومئذ صائمة، فقلت لها ما استطعت فيما أنفقت أن تشتري بدرهم لحما تفطرين عليه؟ فقالت لو كنت أذكرتين لفعلت 0 (2)
وكانت رضي الله عنها إذا أخرجت الصدقة تعطرها، وتقول: إنها تقع في يد الله قبل أن تقع في يد السائل0
(1) رواه البخاري في الأدب المفرد ص 43.
(2)
كذا في الإصابة (حياة الصحابة - باب الإنفاق - قسم عائشة 2/ 219).
وإذا قال السائل: جزاك الله خيرا، تقول للخادم قول له: جزاك الله خيرا0 (لا نريد منكم جزاء ولا شكورا)
- إنفاق أم المؤمنين سودة بنت زمعة رضي الله عنها:
أخرج ابن سعد، عن محمد بن سيرين: أن عمر رضي الله عنه بعث إلي سودة رضي الله عنها بغرارة من دراهم، فقالت: ما هذه؟ قالوا: دراهم، قالت في غرارة مثل التمر! ففرقتها 0
- إنفاق زينب بنت جحش رضي الله عنها:
عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أسرعكن لحاقا بي أطولكن يدا "، قالت: فكن يتطاولن، أيتهن أطول يداً، قالت: وكان أطولنا يداً زينب لأنها كانت تعمل بيدها وتتصدق0 رواه البخاري ومسلم وللفظ لمسلم 0 (1)
وفي لفظ البخاري:
قالت عائشة رضي الله عنها: فكنَّ إذا اجتمعنا في بيت إحدانا بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، نمد أيدينا في الجدار نتطاول، فلم نزل نفعل ذلك حتى توفيت زينب
(1) صحيح مسلم شرح النووي – باب فضائل أم المؤمنين زينب 16/ 8
بنت جحش وكانت امرأة قصيرة، ولم تكن بأطولنا، فعرفنا حينئذ أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أراد طول اليد بالصدقة 0 (1).
وكانت زينب امرأة صناع اليد، فكانت تدبغ وتخرز وتتصدق به في سبيل الله0 كذا في الإصابة لابن حجر0
وكانت زينب رضي الله عنها تخاف من فتنة المال00 ويروي لنا ذلك بن سعد عن برة بنت رافع، قالت: لما خرج العطاء، أرسل عمر رضي الله عنه إلي زينب بنت جحش بالذي لها، فلما دخل عليها، قالت: غفر الله لعمر! غيري من إخواني كان أقوي علي قسم هذا مني، قالوا: هذا كله لك، قالت: سبحان الله! واستترت منه بثوب، وقالت: صفوه واطرحوا عليه ثوبا، ثم قالت: أدخلي يدك فاقبضي منه قبضة، فاذهبي به إلي بني فلان، وبني فلان من أهل رحمها وأيتامها! حتى بقيت منه بقية تحت الثوب، فقالت لها برة: غفر الله لك يا أم المؤمنين والله! لقد كان لنا في هذا حق! قالت: فلكم ما تحت الثوب، قالت: فوجدنا ما تحته خمسة وثمانين درهما، ثم رفعت يدها إلي السماء، فقالت: اللهم! لا يدركني عطاء عمر بعد عامي هذا، فماتت0
وفي رواية أخري لابن سعد:
عن محمد بن كعب قال: كان عطاء زينب بنت جحش رضي الله عنها اثني عشر ألفا، لم تأخذه إلا عاما واحدا، فجعلت تقول: اللهم لا يدركني هذا المال
(1) مشكاة المصابيح - باب الإنفاق وكراهية الإمسك1/ 586.
من قابل فإنه فتنة، ثم قسمته في أهل رحمها، وفي أهل الحاجة، فبلغ عمر رضي الله عنه، فقال: هذه امرأة يراد بها خير، فوقف عليها وأرسل بالسلام، وقال: بلغني ما فرقت، فأرسل بألف درهم تستبقيها، فسلكت به هذا المسلك كذا في الإصابة
- أم الدحداح رضي الله عنها:
عن أنس رضي الله عنه أن رجلا قال: يا رسول الله! إن لفلان نخلة وأنا أقيم حائطي بها، فأمره أن يعطيني حتى أقيم حائطي بها، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أعطه إياها بنخلة في الجنة، فأبي، قال: فأتاه أبو الدحداح رضي الله عنه فقال: بعني نخلتك بحائطي، قال: ففعل، فأتي النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! ابتعت النخلة بحائطي، فاجعلها له فقد أعطيتكها، فقال:" كم من عزق رداح لأبي الدحداح في الجنة " قالها مرارا، قال: فأتي امرأته فقال: يا أم الدحداح! أخرجي من الحائط فإني قد بعته بنخلة في الجنة0
وعن عبد الله بن مسعود قال: لما نزلت: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} (1) قال أبو الدَّحداح: يا رسول الله أو إن الله تعالى يريد منا القَرْضَ؟ قال: " نعم يا أبا الدَّحداح قال: أرني يدك؛ قال فناوله؛ قال: فإني أقرضتُ الله حائطًا فيه ستمائة نخلةٍ، ثم جاء يمشي حتى أتى الحائط وأم الدَّحداح فيه وعياله؛
(1) سورة البقرة _ الآية 245.
فناداها: يا أم الدَّحداح؛ قالت: لبيك؛ قال: اخرجي، قد أقرضتُ ربي عز وجل الحائط. قالت أمُّ الدَّحداح: ربح بيعك بارك الله لك فيما اشتريت، ثم أقبلت على صبيانها تخرج ما في أفواههم وتنفض ما في أكمامهم؛ حتى أفضت إلى الحائط الآخر (1).
ماذا تقولين لو كنت مكانها؟
تصوري، لو أن زوجك عاد إليك يوما من عمله، فقال: يا أم فلان! وأنا في عودتي إليك من العمل، وجدت قوما منكوبين، ويحتاجون إلي المال، فأعطيتهم كل مرتبي لهذ الشهر؟ أدع لك الإجابة، أما أم الدحداح فقد تصدق زوجها بالحائط كله، الذي يقتاتون منه طول العام، ولكن السعادة تملأ قلبها، وتقول: ربح البيع .. يا لها من كلمة مملوءة بالإيمان بالله جل جلاله، والثقة فيما عند الله عز وجل (2).
وجدير بنا أن نختم هذا الباب بوصية النبي صلى الله عليه وسلم لأسماء بنت أبي بكر: " انفقي ولا تحصي فيحصي الله عليك، ولا توعي فيوعي الله عليك، ارضخي ما استطعت" متفق عليه (3).
- - - - -
(1) تفسير القرطبي - الآية 245 من سورة البقرة.
(2)
رواه أحمد والطبراني والحاكم والبغوي (انظر كتاب حياة الصحابة2/ 14).
(3)
مشكاة المصابيح – باب الإنفاق وكراهية الإمسك1/ 583