المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌إهداء

- ‌مقصد خلق الإنسان

- ‌آياتوردت في الرجال والنساء

- ‌المرأة والمساواة

- ‌القوامة

- ‌نماذجمن إيمان النساء بالغيب وتكذيب المشاهد

- ‌يقين المرأة المسلمة

- ‌من روائعالحب لرسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌امتثالأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الفرح برسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌أحلىوصف لرسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌نساء عاقلات

- ‌مُعيناتعلى الخير

- ‌نساءيراقبن الله جل جلاله

- ‌نساء ورعات

- ‌نساءمخلصات

- ‌نساءخائفات

- ‌نساءعابدات .. قوامات

- ‌نساء فقيهات

- ‌نساءوفيات لأزواجهن

- ‌نساء صابرات

- ‌نساءيُحببن الإنفاق

- ‌نساء مضحيات

- ‌مواقف بطوليةمن صنع النساء

- ‌حب النساءللجهاد والخروج في سبيل الله

- ‌حب الشهادةفى سبيل الله

- ‌أين الملتقي

- ‌أجرالخارج فى سبيل الله

- ‌ثوابالمرأة إذا خَلَفَت زوجها

- ‌حرمة نساء المجاهدين

- ‌وافدة النساء

- ‌المرأة والشورى

- ‌الحثعلى التعليم

- ‌تربية الأولاد

- ‌النيةفى تربية الأولاد

- ‌الصفات الإيمانية

- ‌التربيةعلي الإيمان وأثرها الطيب

- ‌نماذجمن أدب أولاد الصحابة

- ‌الهمة العاليةلشباب سلف الأمة

- ‌النبوغ

- ‌نصائح غاليةفي تربية الأولاد

- ‌من وصايالقمان الحكيم للأبناء

- ‌مرحلة ما قبل التكليف

- ‌القدوة المفقودة

- ‌تعريضالأولاد لرحمة الله

- ‌الصبرعلى تربية الأولاد

- ‌وقرن فى بيوتكن

- ‌الخلوة

- ‌مصافحةالرجل للمرأة الأجنبية

- ‌آداب الطريق للمرأة

- ‌أدلةحجاب المرأة المسلمة

- ‌كلمة لكل فتاة

- ‌زينة المرأة الحياء

- ‌إلي عشاق الموضة

- ‌دعوة لكل مؤمن

- ‌حياة البساطة

- ‌القناعة

- ‌النبى صلى الله عليه وسلميمزح

- ‌حق الزوجة

- ‌حق الزوج

- ‌الخدمة

- ‌رفقا بالقوارير

- ‌أفراحنا

- ‌بنات الصالحين

- ‌قدرة المرأة العقلية

- ‌جرأة وشجاعة

- ‌ورع وتقوى

- ‌رسالة من عالم

- ‌حسن الأخلاق

- ‌مكارم الأخلاق

- ‌مركبانالشكر والصبر

- ‌الرضا

- ‌إنصاف البنات

- ‌رفيدة الأنصارية

- ‌أم عطية الأنصارية

- ‌أم الدرداء الصغرى

- ‌أم البنين

- ‌عمرةتلميذة عائشة

- ‌ذكر الله جل جلاله

- ‌صوامة قوامة

- ‌غيرة عائشة

- ‌خمس بخمس

- ‌نسيان الجميل

- ‌وفى صلاة الخسوف:

- ‌المرأة السوء

- ‌البسوس

- ‌المرأة الصالحة

- ‌سفعاء الخدين

- ‌اظفر بذات الدين

- ‌موجبات الجنة

- ‌من جميلالشعر فى النساء

- ‌من جميلما يروى فى حلم النساء

- ‌لاحت أعلام الهداية

- ‌الضعيفين

- ‌أدوات تجميل

- ‌أطيب الطيب

- ‌صفاتيجب أن تتخلص منها النساء

- ‌كاسيات عاريات

- ‌نساء ملعونات

- ‌امرأة وامرأة

- ‌نصيحة عمرية

- ‌نصائح غالية

- ‌الحذر .. الحذرمن غضب الزوج

- ‌تفقد الزوجة لحال زوجها

- ‌أعظم الناس حقاً

- ‌أجر المرأةالحامل والمرضع

- ‌موت فى طاعةخير من حياة فى معصية الله عز وجل

- ‌أم حارثة

- ‌نصيحة لكل زوج

- ‌الصلاة .. الصلاة

- ‌العفاف

- ‌نساء مؤمنات يوافقهن القرآن

- ‌وصية أم لولدها

- ‌الصبر على الأزواج

- ‌امرأة فرنسية

- ‌صفات تُحبها النساء

- ‌المرأة داعية إلى الله عز وجل

- ‌فتاوى

- ‌مقتطفاتمن بيانات النساء

- ‌من أقوالالشيخ سعيد أحمد رحمه اللهفى جهد النساء

- ‌مذاكرةفي جهد النساء

- ‌آداب وأصولفى الجهد علي النساء

- ‌وختاما

- ‌المراجع

الفصل: ‌دعوة لكل مؤمن

‌دعوة لكل مؤمن

- هل تدري ما كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم في بيته؟

من يخبرنا عن حال رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته؟

وكأني بعائشة رضي الله عنها تقول، أنا أخبركم فعن عروة قال: قلت لعائشة رضي الله عنها ما كان عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته؟ قالت: كان يخصف النعل، ويرقع الثوب.

وعن الأسود قال: سألت عائشة رضي الله عنها ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته؟ قالت: كان يكون في مهنة أهله - تعني خدمة أهله - فإذا حضرت الصلاة خرج إلي الصلاة " رواه البخاري. (1)

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يخصف نعله، ويخيط ثوبه، ويعمل في بيته كما يعمل أحدكم في بيته، وقالت: كان بشراً من البشر، ُيفلي ثوبه ويحلب شاته، ويخدم نفسه 0رواه الترمذي. (2)

ويحدثنا الإمام الحسن بن علي رضي الله عنه .. فيقول: سألت أبي عن دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: كان دخوله لنفسه مأذونا في ذلك .. وكان إذا آوي إلي منزله جزأ دخوله ثلاثة أجزاء .. جزءاً لله .. وجزءاًً لنفسه .. ثم جزأ جزأه بينه وبين الناس فرد ذلك علي العامة والخاصة لا يدخر عنهم شيئاً، وكان في سيرته في جزء الأمة إيثار أهل الفضل بأدبه وقسمه علي قدر فضلهم في الدين، فمنهم ذو الحاجة

(1) مشكاة المصابيح - كتاب الفضائل والشمائل - باب في أخلاقه وشمائله صلى الله عليه وسلم 3/ 1618.

(2)

المرجع السابق 3/ 1619.

ص: 294

ومنهم ذو الحاجتين ‘ ومنهم ذو الحوائج فيتشاغل بهم ويشغلهم فيما أصلحهم، والأمة من مسألته عنهم، وإخبارهم بالذي ينبغي لهم، ويقول: ليبلغ الشاهد الغائب، وأبلغوني حاجة من لا يستطيع إبلاغي حاجته فإن من بلغ سلطان حاجة من لا يستطيع إبلاغها إياه، ثبت الله قدميه يوم القيامة، لا يذكر عنده إلا ذلك، ولا يقبل من أحد غيره .. يدخلون عليه زوارا، ولا يفترقون إلا عن ذواق.

وفى رواية: ولا يفترقون إلا عن ذواق

ويخرجون أدلة يعنى فقهاء " (1)

قال تعالى {لّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لّمَن كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الَاخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيراً} (2)

أسوة في كل قول .. أو فعل .. أو تقرير .. أو صفة.

اتبعوا .. ولا .. تبتدعوا!!!

ادخلوا في السلم كافة.

- ليلة في بيت النبي صلى الله عليه وسلم:

كان النبي صلى الله عليه وسلم يجلس مع نساءه ويتحدث معهن ويسامرهن كما في الحديث عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث نساءه حديث النفر الذين خطبوا المرأة، وجعلوا ذكر صفاتهم إلى أحدهم ليصف لها كل واحد منهم لتأخذ منهم من أحبت فتتزوجه بعد أن سمعت صفته، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1) حياة الصحابة 1/ 13.

(2)

سورة الأحزاب – الآية 21.

ص: 295

يقول في حديثه: خذي منى، أخي ذا البجل (1) إذا رعى للقوم غفل، وإذا سعى القوم نسل (2) وإذا عمل القوم اتكل، وإذا قرب الزاد أكل .. قريب من نضيج، ومن نيئ بعيد (3) فلحيا لصحابنا لحيا (4) فقالت المرأة: لا حاجة لي في هذا، هذا رغيب.

قال: خذي مني، أخي ذا البخلة، حانوته يخصف نعلي ونعله، ويحمل ثقلي، ويرحل رحلي ورحله، ويدرك نبلي ونبله، وإذا حل يومه تقدمت قبله. فقالت المرأة: هذا حمارك لا حاجة لي فيه.

قال: خذي مني، أخي هذا الأسد، أفتك منزلا به اللص ملحد، ركاب بحر مزبد (5) أقبل من رأينا اللص ملحد، وأوري من رأينا لزند يزند (6). قلت: هذا اللص لا حاجة لي به

قال: خذي مني، أخي ذا النمر، حصين خضر شجاع ظفر، وهو خير من ذلك إذا شكر، قالت: هذا شكس، لا حاجة لي به.

قال: خذي مني، أخي ذا الحمة يهب المائة البكرة السنمة (7) والمائة البقرة العممة (8) والمائة الشاة الزنمة أو قال: الزلمة (9).

(1) ذو الحسب والكفاية .. تذمه بقصر الهمة، والرضي بأن يكون كلاً علي غيره.

(2)

عدا عدواً.

(3)

كناية علي أنه يألف المنزل ولا يسافر وهو متمهل في أموره.

(4)

أي لوما وعذلا.

(5)

رغوة البحر أو البعير.

(6)

زند الحجارة المجموعة بعضها لبعض ‘ شبهها بزند الساعد.

(7)

عظيمة السنام.

(8)

التامة الخلفه.

(9)

شئ يقطع من أذن الشاة.

ص: 296

وإذا أتت عليَّ عاد ليلة مظلمة ‘ رئب ريوب الكعب وولاهم شربة، وقال: اكفوني الميمنة أكفيكم المشأمة، وليست فيه لعثمة (1) إلا أنه ابن أمة. فقالت المرأة: هذا عيب يسير، قد اخترته، قال لها: كما أنت بقي، خذي مني أخي ذا العفاق! صفاق أفاق يعلم الناقة والساق، عليه من الله إثم لا يطاق، قالت: اخترته، قال: كما أنت، فقد بقي: خذي مني، أخي حربنا إذا غزونا، وآخرنا إذا استجبنا وعصمة أبناءنا إذا سنونا وصاحب خطبنا إذا التجينا، ولا يدع فضله علينا، وفاصل خطة أعيت علينا.

قالت: قد اخترته، قال: كما أنت، فقد بقيت أنا، قالت: فحدثني عن نفسك، قال: أنا لقمان بن عاد، لعاديه لا يعاد، إذا اضجعت لا أجلنطي، ولا تملأ رئتي جنبي، ولا يما ريني أن أري مطمعي ‘ فحدأة تلمع، وألا أري مطمعي فوقاع يصلع، قالت: لا حاجة لي بك، فأنت سارق، وقد أخذت حربنا، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما قال: خذي مني أخي كذا وكذا يقول بعض نساء وفي بعض طرقة أم حبيبة أخذت هذا يا رسول الله فيقول: رويدك، فإني لم أفرغ من حديثهم. وفي رواية: لا تعجلي قد بقي.

- ليلة أخري في بيت النبي صلى الله عليه وسلم:

في هذه الليلة تحدث النبي صلى الله عليه وسلم مع نساءه كعادته، فتحدث معهم حديث خرافة، فعن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: حدث رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه ذات ليلة حديثا، فقالت امرأة منهن: كأن الحديث خرافة فقال: " أتدرين ما خرافة "؟ إن

(1) أي لا توقف في ذكر مناقبه.

ص: 297

خرافة كان رجلا من عذره (1) سرقه الجن، فمكث دهرا ثم رجع، فكان يحدثهم بما رأي منهم من الأعاجيب فقال الناس: حديث خرافة. (2)

وروي ابن أبي الدنيا في كتاب ذم الهوي، عن أنس رضي الله عنه فجعل يقول الكلمة، كما يقول الرجل عند أهله، فقالت: إحداهن كأن هذا حديث خرافة، فقال:" أتدرين ما خرافة "؟ إنه رجل من بني عذره، أصابته الجن، فكان فيهم حيناً فرجع إلي الإنس فجعل يحدث بأحاديث تكون في الجن ولا تكون في الإنس فحدث أن رجلا من الجن كان له أم فأمرته أن يتزوج فقال: إني أخشي أن أدخل عليك من ذلك مشقة أو بعض ما تكرهين فلم تدعه حتى زوجته فتزوج امرأة لها أم، فكان يقسم لامرأته ليلة ولأمه ليلة عند هذه .. وليلة عند هذه، فكان ليلة امرأته وأمه وحدها، فسلم عليها مسلم فردت السلام، فقال: هل من مبيت؟ قالت: نعم، قال: هل من عشاء؟ قالت: نعم، قال: هل من محدث بحديث الليلة؟، قالت: نعم، أرسل إلي ابني يأتيكم، قالوا: فما هذه الخشفة التي نسمعها في دارك؟ قالت: إبل وغنم، قال أحدهما لصاحبه: أعطي متمن ما تمن، وإن كان خيراً، فأصبحت وقد ملئت دارها إبلا وغنماً، فرأت ابنها خبيث النفس قالت: ما شأنك؟ لعل امرأتك أرادت أن تحول إلي منزلي وتحولني إلي منزلها؟ قال: نعم، قالت: فحولها إلي منزلي، وحولني إلي منزلها، فتحولت إلي منزل امرأته، وتحولت امرأته إلي منزل أمه، فلبثا ثم إنهما عادا والفتي عند أمه، فسلما فلم ترد السلام، فقالا: هل من مبيت؟ قالت: لا، قال: فعشاء؟ قالت: لا، قالا: فإنسان يحدثنا الليلة؟ قالت: لا، قالا: فما هذه الخشفة التي نسمعها في دراك؟ قالت:

(1) قبيلة من اليمن مشهورة.

(2)

رواه ابن أبي شيبة، وأبو يعلي، والبزار، والطبراني، والإمام أحمد ورجاله ثقات (سبل الهدي والرشاد في سيرة خير لعباد 12/ 31.

ص: 298

هذه السباع، فقال أحدهما لصاحبه: أعطي متمن ما تمني، إن كان شراً، فامتلأت عليها دارها سباعاً، فأصبحت وقد أكلت. (1)

- في بيت أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق:

هيا معي لنستمع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لحديث عائشة وهي تحدث حديث أم زرع .. وبماذا أجابها النبي صلى الله عليه وسلم .. فعن عروة فعن عائشة أنها قالت: جلس إحدى عشرة نسوة فتعاهدن أن لا يكتمن من أخبار أزوجهن شيئاً.

قالت الأولي: زوجي لحم جمل غث علي رأس جبل لا سهل فيرتقي، ولا سمين فينتقل.

قالت الثانية: زوجي لا أبث خبره، إني أخاف لا أذره أن أذكره أذكر

عجره وبجره.

قالت الثالثة: زوجي العشنق، إن أنطق أطلق، وإن أسكت أعلق.

قالت الرابعة: زوجي كليل تهامة، لا حر ولا قر، ولا مخافة ولا سآمة.

قالت الخامسة: زوجي إن دخل فهد، وإن خرج أسد، ولا يسأل عما عهد.

قالت السادسة: زوجي إن أكل لف، وإن شرب اشتف ‘ وإن ضجع التف، ولا يولج الكف ليعلم البث.

قالت السابعة: زوجي غياياه أو عياياه طباقا، كل داء له داء، شجك أو فلك، أو جمع كلا لك.

قالت الثامنة: زوجي الريح ريح زر نب، والمس مس أرنب.

(1) سبل الهدي والرشاد في سيرة خير العباد 12/ 31.

ص: 299

قالت التاسعة: زوجي رفيع العماد، طويل النجاد، عظيم الرماد، قريب البيت من الناد.

قالت العاشرة: زوجي مالك، ومالك مالك خير من ذلك، له إبل كثيرات المبارك، قليلات المسارح، إذا سمعن صوت المزهر أيقن أنهن هوالك.

قالت الحادية عشر: زوجي أبو زرع، فما زرع؟ أناس من حلي أذني، وملأ من شحم عضدي، وبجحني فبجحت إليَّ نفسي، وجدني في أهل غنيمة بشق، فجعلني في أهل صهيل وأطيط ودائس ومنق، وعنده أقول فلا أقبح، وأرقد فأتصبح، وأشرب فأتفتح ‘ أم أبي زرع، فما أم زرع عكومها رداح، وبيتها فساح .. ابن أبي زرع فما ابن أبي زرع؟ مضجعه كمثل شطبه، ويُشبعه ذراع الجفرة، بنت أبي زرع فما بنت أبي زرع؟ طوعُ أبيها، وطوعُ أمها وملء كسائها، وغيظ جارتها. جارية أبي زرع، فما جارية أبي زرع؟ لا تبث حديثنا تبثيثا، ولا تنقث ميرتنا تنقيثا، ولا تملأ بيتنا تعشيشا .. قالت: خرج أبو زرع والأوطاب تُمخضُ فلقي امرأة معها ولدان كالفهدين يلعبان من تحت خصرهما برمانتين فطلقني ونكحها، فنكحت بعده رجلا سريا ركب شرياً، وأخذ خطيا، وأراح علي نعما ثريا، وأعطاني من كل رائحة زوجا،

قال: كلي أم زرع وميري أهلك .. فلو جمعت كل شيء أعطاني ما بلغ أصغر آنية أبي زرع .. قالت عائشة: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم كنت لك كأبي زرع لأم زرع إلا أني لا أطلقك، فقلت: أنت لي خير من أبي زرع. رواه مسلم. (1)

وهذا ما ذكرناه من مسامرته ومؤانسته صلى الله عليه وسلم لأزواجه من الترويح لقلوبهن، ومن حسن العشرة لهن.

(1) صحيح مسلم شرح النووي - حديث أم زرع 5/ 212.

ص: 300

- ومن حسن العشرة أيضاً:

الحرص علي ملاطفة الزوجات، ولا سيما إن كن حديثات السن، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إني لأعلم إن كنت عني راضية، وإذا كنت عليَّ غضبي ". فقلت: من أين تعرف ذلك؟ فقال: " إذا كنت عني راضية، فإنك تقولين: لا ورب محمد، وإذا كنت عليَّ غضبي؛ قلت: لا ورب إبراهيم " قالت: قلت: أجل والله يا رسول الله! ما أهجر إلا اسمك 0 متفق عليه. (1)

وعنها قالت: والله لقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقوم علي باب حجرتي والحبشة يلعبون بالحراب في المسجد، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يسترني بردائه، لأنظر إلي لعبهم بين أذنه وعاتقة، ثم يقوم من أجلي حتى أكون أنا التي أنصرف، فاقدروا قدر الجارية الحديثة السن الحريصة علي اللهو. متفق عليه. (2)

وعنها قالت: كنت ألعب بالبنات (3) عند النبي صلى الله عليه وسلم، وكان لي صواحب يلعبن معي، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا دخل ينقمعن (4) فيسر بهن (5) إلي فيلعبن معي"متفق عليه (6)

(1) مشكاة المصابيح - باب عشرة النساء وما لكل واحدة من الحقوق 2/ 968.

(2)

المرجع السابق.

(3)

المراد بها اللُعب التي تلعب بها الصبية.

(4)

أي يستترن حياءً منه

(5)

أي يرسلهن سربا ويردهن إليَّ

(6)

المرجع السابق.

ص: 301

وهذا من حسن خلقه صلى الله عليه وسلم كان يراعي سن عائشة رضي الله عنها .. بل كان يلاطفها أثناء السفر ليهون عليها مشقة السفر فعن عائشة رضي الله عنها قالت: خرجت مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره، وأنا جارية لم أحمل اللحم ولم أبدن، فقال للناس: تقدمواً، فتقدموا، ثم قال لي:" تعالي حتى أسابقك " فسابقته فسبقته، فسكت عني حتى إذا حملت اللحم وبدنت ونسيت، خرجت معه في بعض أسفاره ، فقال للناس:" تقدموا " فتقدموا، ثم قال لي " تعالي حتى أسابقك " فسابقته فسبقني، فجعل يضحك وهو يقول:" هذه بتلك ". رواه أحمد وأبو داود وصححه الألباني.

وأوضح صلى الله عليه وسلم أن ملاعبة المرأة ليست من جنس اللهو واللعب فقال صلى الله عليه وسلم: " كل شئ ليس من ذكر الله، لهو ولعب، إلا أن يكون أربعة: " ملاعبة الرجل امرأته

ألخ الحديث ". رواه النسائي وصححه الألباني.

اللهم طوع لنا نفوسنا لقبول هذه الحياة .. وأذهب عن الغلظة والشدة

وسوء الخلق.

- فض النزاع:

الود بين الزوجات إن كن أكثر من واحدة، هو أساس السعادة والمحبة في البيت فكان صلى الله عليه وسلم لدوام هذا الود إذا أخطأت إحداهن عاقبها، ولو كانت من أحب الناس إليه مثل عائشة رضي الله عنها، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت للنبي صلى الله عليه وسلم قلت للنبي صلى الله عليه وسلم: حسبك من صفية كذا وكذا - تعني قصيرة - فماذا فعل

ص: 302

رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان يحب عائشة رضي الله عنها، فقد سأله عمرو بن العاص رضي الله عنه عن أحب الناس إليه فقال صلى الله عليه وسلم:" عائشة "(1)

فهل يحابيها وهي تخطأ في حق صفية رضي الله عنها، رغم أن صفية غير موجودة، ولكن ما حدث من عائشة فهو غيبة محرمة .. لم يقبله النبي صلى الله عليه وسلم فقال:" لقد قلت كلمة لو مزج بها البحر لمزجته " رواه أحمد والترمذي وأبو داود (2) 0

وكيف لو بلغ صفية قول النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة؟ .. إنه الحب لرسول الله صلى الله عليه وسلم فعن أنس رضي الله عنه قال بلغ صفية أن حفصة قالت: بنت يهودي، فبكت، فدخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم وهي تبكي ‘ فقال:" ما يبكيك "؟ فقالت: قالت لي حفصة: إني ابنة يهودي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إنك لأبنة نبي (3)، وإن عمك لنبي (4)، وإنك لتحت نبي، ففيم تفخر عليك؟ " ثم قال:" اتقي الله يا حفصة! " رواه الترمذي والنسائي (5)

(1) فعن عمر بن العاص رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه علي جيش ذات السلاسل، قال: فأتيته فقلت: أي الناس أحب إليك؟ قال: " عائشة "، قلت: من الرجال؟ قال: " أبوها "، قلت: ثم من؟ قال: "عمر "، فعد رجالا، فسكت مخافة أن تجعلني في أخرهم. متفق عليه. (مشكاة المصابيح ـ كتاب المناقب ـ باب مناقب أبي بكر رضا الله عنها 3/ 1698).

(2)

مشكاة المصابيح ـ كتاب الآداب ـ باب حفظ اللسان والغيبة ولشتم 3/ 1362.

(3)

يريد هارون عليه السلام.

(4)

يريد موسى عليه السلام.

(5)

مشكاة المصابيح ـ كتاب المناقب ـ مناقب أزواج النبي صلى الله عليه وسلم 3/ 1745.

ص: 303

انظر كيف عالج رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الموقف بحكمة عجيبة أرضي صفية ورفع شأنها ‘ ولم يتعرض لحفصة بسوء غير أن قال لها:" اتقي الله ‘ ولاسيما وهي بنت حبيبه عمر بن الخطاب.

وعن صفية رضي الله عنها قالت: حج رسول الله صلى الله عليه وسلم بنسائه، فلما كان ببعض الطريق برك جملي، وكنت من أحسرهن ظهراً فبكيت، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فجعل يمسح دموعي بردائه وبيده، وتقول: وجعلت لا أزداد إلا بكاءً وهو صلى الله عليه وسلم ينهاني فلما أكثرت زبرني وانتهرني، وأمر الناس بالنزول، فنزلوا، ولم يكن يريد أن ينزل، قالت: فنزلوا، وكان يومي، فلما نزلوا ضرب خباء النبي صلى الله عليه وسلم ودخل فيه، قالت: فلم أدر علام أهجم من رسول الله صلى الله عليه وسلم. وخشيت أن يكون في نفسه شئ مني، فانطلقت إلي عائشة، فقلت لها: تعلمين أني لم أكن أبيع يومي من رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء أبداً، وإني وقد وهبت يومي لك علي أن ترضي رسول الله صلى الله عليه وسلم عني، قالت: نعم، فأخذت عائشة لها قد دثرته بزعفران فرشته بالماء ليذكي ريحه، ثم لبست ثيابها، ثم انطلقت إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم فرفعت طرف الخباء، فقال لها:" مالك يا عائشة، إن هذا ليس يومك؟ " قالت: ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء. فقال مع أهله فلما كان عند الرواح، قال لزينب بنت جحش: " يا زينب أفقري أختك صفية جملا، وكانت من أكثرهن ظهراً، فقالت: أنا أفقر يهوديتك، فغضب النبي صلى الله عليه وسلم حين سمع ذلك منها، فهجرها فلم يكلمها، حتى قدم مكة، وأيام مني في سفره حتى رجع إلي المدينة والمحرم وصفر فلم يأتيها ولم

ص: 304

يقسم لها، ويئست منه فلم كان شهر ربيع الأول دخل عليها فرأت ظله، فقالت: إن هذا لظل رجل، وما يدخل عليَّ النبي صلى الله عليه وسلم فمن هذا؟ دخل النبي صلى الله عليه وسلم، فلما رأته قالت: يا رسول الله! ما أدري ما أصنع حين دخلت عليّ؟ قالت: وكان لها جارية، فكانت تخبؤها من النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: فلانة لك، فمشي النبي صلى الله عليه وسلم إلي سرير زينب وكان قد رفع فوضعه بيده ثم أصاب أهله ورضي عنهم (1)

- - - - -

(1) سُبل الهدي والرشاد في سيرة خير العباد 12/ 132.

ص: 305