الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تربية الأولاد
وقال صلى الله عليه وسلم: " كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ". متفق عليه. (2)
وفي وصايا النبي صلى الله عليه وسلم العشر، لمعاذ قال: ...... وأنفق علي عيالك من طولك، ولا ترفع عنهم عصاك أدبا، وأخفهم في الله ". رواه أحمد. (3)
وعن ابن عباس عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: " علقوا السوط حيث يراه أهل البيت، فإنه أدب لهم ". رواه الطبراني (4).
وقال المناوي:
لأن يؤدب الرجل ولده عندما يبلغ من السن والعقل مبلغاً يحتمل ذلك بأن ينشئه على أخلاق صلحاء المؤمنين ويصونه عن مخالطة المفسدين ويعلمه القرآن والأدب ولسان العرب ويسمعه السنن وأقاويل السلف ويعلمه من أحكام الدين ما لا
(1) سورة التحريم - الآية 6.
(2)
رياض الصالحين - باب وجوب أمره أهله وأولاده المميزين ومن في رعيته بطاعة الله صـ165.
(3)
مشكاة المصابيح - كتاب الإيمان - باب الكبائر وعلامات النفاق 1/ 2.
(4)
والحديث: حسّن إسنادَه الهيثمي في " مجمع الزوائد "(8/ 106) .. وحسنه الألباني في صحيح الجامع (4022).
غنى عنه ويهدده ثم يضربه على نحو الصلاة وغير ذلك: خير له من أن يتصدق بصاع؛ لأنه إذا أدبه صارت أفعاله من صدقاته الجارية، وصدقة الصاع ينقطع ثوابها، وهذا يدوم بدوام وَأَهْلِيكُمْ نَاراً} (1)
فوقايتك نفسك وولدك منها أن تعظها وتزجرها بورودها النار وتقيم أودهم بأنواع التأديب فمن الأدب الموعظة والوعيد والتهديد والضرب والحبس والعطية والنوال والبر فتأديب النفس الذكية الكريمة غير تأديب النفس الكريهة اللئيمة. (2)
على العادة نجد الأولاد يقلدون آباءهم فى الخير والشر، وفى ذلك يقول أحد الشعراء:
إذا كان رب البيت بالدف ضارب
…
فشيمة أهل البيت الرقص
وقال أحدهم:
مشى الطاووس يوماً باعوجاج
…
فقلد شكل مشيته بنوه
فقال: علام تختالون؟ قالوا
…
بدأت به ونحن مقلدوه
فغير سيرك المعوج واعدل
…
فإن عدلت فنحن معدلوه
أما تعرف أبانا كل فرع
…
يجارى في الخطى من أدبوه
وينشأ ناشئ الفتيان
…
على ما كان عوده أبوه
وتبدأ التربية منذ نعومة الأظفار، فإذا كبر الطفل يفلت الزمام، وفي ذلك يقول أحدهم:
(1) سورة التحريم – الآية 6.
(2)
فيض القدير (5/ 257).
أدب بنيك صغارا قبل كبرتهم كبرتهم
…
فليس ينفع بعد الكبرة الأدب
إن الغصون إذا قومتها اعتدلت اعتدلت
…
ولا يلين إذا قومته الخشب
وأنا أقول وللمرأة دوراً كبير أكبر من دور الأب، في تربية الأولاد على الدين .. فهو منذ كان طفلا رضيعاً وهو ينظر إلى أمه ويشرب من سلوكها فتجده يقلدها في كثير مما تفعله، بل إن أفعالها تؤثر فيه حتى قبل ولادته .. فإذا خرجت المرأة من بيتها وهى حامل متبرجة لتبدى زينتها أمام الرجال .. فنجد هذا الجنين عندما يخرج إلى الحياة يتطلع إلى معصية الله عز وجل (الزنا) .. وكذلك لو أكلت الحرام .. فيخرج جنينها إلى الدنيا وعينه تتطلع إلى السرقة وأكل الحرام .. والعكس إذا خرجت المرأة من بيتها محتشمة في ثيابها وغضت طرفها وأكلت الحلال فكل ذلك يؤثر في جنينها، ولقد سمعنا قصة أحد ملوك المسلمين أرسل ابنه على رأس جيش يغزو في سبيل الله عز وجل، وبعد أيام جاءه الخبر أن ابنه قد فر من الزحف فجلس حزيناً
…
فعندما رأته زوجته على هذا الحال سألته عن حاله؟ فلم يخبرها .. فألحت عليه، فأخبرها: أن ابنها قد فر من الزحف
…
والفرار من الزحف كبيرة من الكبائر .. فقالت المرأة ما كان ابني ليفعل ذلك .. فلم يأبه الملك لقول زوجته، وبعد أيام قلائل جاءته البشرى بانتصار ولده فى الجهاد .. وعلم أن الخبر السابق لذلك كان كاذباً .. فأرسل إلى زوجته وأخبرها بانتصار ولدها .. وسألها عن قولها: ما كان ابني ليفعل ذلك، قالت: لأني ما أرضعته إلا وأنا
على وضوء .. فأنى لهذا الجسد الذي غُذّىَ بلبن طاهر من جسد طاهر، أن يعصي الله عز وجل!!!.
ويروى:
أن الحسن البصري كانت أمه خيرة مولاة أم سلمة زوج النبى صلى الله عليه وسلم، تذهب لأم سلمة في الحاجة، فربما غابت فيبكى، وتشاغله أم سلمة بثديها تعلله به إلى أن
تجئ أمه، فيدر عليه ثديها .. فيروي أن تلك الحكمة والفصاحة من بركة التغذي بلبن أم المؤمنين. (1)
وذكر ابن الجوزى:
عن أبى عبد الرحمن السلمي، قال: كانت معاذة العدوية أرضعت أم الأسود، وقالت أم الأسود: قالت معاذة العدوية: لا تفسدي رضاعي بأكل الحرام، فإني جهدت جهدي حين أرضعتك حتى أكلت الحلال .. فاجتهدي أن لا تأكلي إلا حلالا، لعلك أن توفقي لخدمة سيدك (الله جل جلاله والرضا بقضائه. (2)
أختي المسلمة:
اعلمي أن كل الصفات الطيبة، والأخلاق الحميدة، التي تتخلقين بها تنتقل إلى وليدك وهو في رحمك مع الدم الذي يصله من الحبل السري، وكذلك مع اللبن في الرضاعة .. فاحرصِي على طاعة ربك وامتثال أوامره.
واعلمي أنك على ثغرة عظيمة .. فاللهَ اللهَ! أن تؤتى البيوت من قِبَلِك. واللهَ اللهَ! أن يؤتى الإسلام من قِبَلِك .. واللهَ اللهَ! أن يؤتى أبناء المسلمين من قبلك.
- - - - -
(1) كتاب تاريخ الإسلام الذهبي ـ ترجمة الحسن البصري 3/ 234.
(2)
صفة الصفوة – 4/ 19.