الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَانَ وَقت الْعشَاء، لِأَن طلب المصابيح لأمر غَالب لَا يكون إلَاّ فِي شدَّة الظلمَة، وَشدَّة الظلمَة لَا تكون إلَاّ فِي جَوف اللَّيْل. وروى الْبَيْهَقِيّ من حَدِيث عباد بن إِسْحَاق عَن عبد الله بن أبي بكر عَن عمْرَة عَن عَائِشَة أَنَّهَا كَانَت تنْهى النِّسَاء أَن ينظرن إِلَى أَنْفسهنَّ لَيْلًا فِي الْحيض، وَتقول:(إِنَّهَا قد تكون الصُّفْرَة والكدرة) . وَعَن مَالك: لَا يُعجبنِي ذَلِك، وَلم يكن للنَّاس مصابيح. وروى ابْن الْقَاسِم عَنهُ: أَنَّهُنَّ كن لَا يقمن بِاللَّيْلِ. وَقَالَ صَاحب (التَّلْوِيح) يشبه أَن يكون مَا بلغ ابْنة زيد عَن النِّسَاء كَانَ فِي أَيَّام الصَّوْم لينظرن الطُّهْر لنِيَّة الصَّوْم، لِأَن الصَّلَاة لَا تحْتَاج لذَلِك، لِأَن وُجُوبهَا عَلَيْهِنَّ إِنَّمَا يكون بعد طُلُوع الْفجْر.
وَاخْتلف الْفُقَهَاء فِي الْحَائِض تطهر قبل الْفجْر وَلَا تغسل حَتَّى يطلع الْفجْر. فَقَالَ أَبُو حنيفَة: إِن كَانَت أَيَّامهَا أقل من عشرَة صَامت وقضت، وَإِن كَانَت عشرَة صَامت وَلم تقض. وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد: هِيَ بِمَنْزِلَة الْجنب تَغْتَسِل وتصوم، ويجزيها صَوْم ذَلِك الْيَوْم، وَعَن عبد الْملك بن ماجشون: يَوْمهَا ذَلِك يَوْم فطر. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ: تصومه وتقضيه.
وَفِي (الْقَوَاعِد) لِابْنِ رشد: اخْتلف الْفُقَهَاء فِي عَلامَة الطُّهْر، فَرَأى قوم أَن علامته الْقِصَّة أَو الجفوف. قَالَ ابْن حبيب: وَسَوَاء كَانَت الْمَرْأَة من عَادَتهَا انها تطهر بِهَذِهِ، وَفرق قوم فَقَالُوا: إِن كَانَت مِمَّن لَا يَرَاهَا فطهرها الجفوف. وَقَالَ ابْن حبيب: الْحيض أَوله دم ثمَّ يصير صفرَة ثمَّ تربة ثمَّ كدرة ثمَّ يكون ريقا كالقصة ثمَّ يَنْقَطِع، فَإِذا انْقَطع قبل هَذِه الْمنَازل وجف أصلا فَذَلِك إِبْرَاء للرحم. وَفِي (المُصَنّف) عَن عَطاء: الطُّهْر الْأَبْيَض الجفوف الَّذِي لَيْسَ مَعَه صفرَة وَلَا مَاء، وَعَن أَسمَاء بنت أبي بكر، رضي الله عنه: سُئِلت عَن الصُّفْرَة الْيَسِيرَة، قَالَت: اعتزلن الصَّلَاة مَا رأين ذَلِك حَتَّى لَا تَرين إلَاّ لَبَنًا خَالِصا.
320 -
ح دَّثنا عَبْدُ الله بنُ مُحَمَّدٍ قالَ حدَّثنا سُفْيَانُ عنْ هِشَامٍ عنْ أبِيهِ عنْ عائِشَةَ أنَّ فاطِمَةَ بِنْتَ أبِي حُبَيْشٍ كانَتْ تُسْتَحَاضُ فسألَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فقالَ ذَلِكَ عِرْقٌ وَلَيْسَتْ بالحَيْضَةِ فَإذَا أقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلاةَ وإذَا أدْبَرَتْ فَاغْتَسِلِي وَصَلِّي
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وَهِي فِي قَوْله: (فَإِذا أَقبلت، وَإِذا أَدْبَرت) . وَقد مر الْكَلَام فِيهِ مُسْتَوفى فِي بَاب غسل الدَّم وَفِي بَاب الِاسْتِحَاضَة، وسُفْيَان فِي هَذَا الْإِسْنَاد هُوَ ابْن عُيَيْنَة، لِأَن عبد الله بن مُحَمَّد وَهُوَ المسندي لم يسمع من سُفْيَان الثَّوْريّ، وَلَفظ الحَدِيث فِي بَاب غسل الدَّم:(فَإِذا أَدْبَرت فاغسلي عَنْك الدَّم وَصلي) من غير إِيجَاب الْغسْل، وَقَالَ عُرْوَة: ثمَّ توضئي لكل صَلَاة لإِيجَاب الْوضُوء، وَهنا قَالَ:(فاغتسلي وَصلي) لإِيجَاب الْغسْل، لِأَن أَحْوَال المستحاضات مُخْتَلفَة، فيوزع عَلَيْهَا. أَو نقُول: إِيجَاب الْغسْل والتوضىء لَا يُنَافِي عدم التَّعَرُّض لَهما، وَإِنَّمَا يُنَافِي التَّعَرُّض لعدمهما. وَقَوله:(فاغتسلي وَصلي) لَا يَقْتَضِي تكْرَار الِاغْتِسَال لكل صَلَاة، بل يَكْفِي غسل وَاحِد، وَلَا يرد عَلَيْهِ حَدِيث أم حَبِيبَة: كَانَت تَغْتَسِل لكل صَلَاة، على مَا يَأْتِي فِي بَاب عرق الِاسْتِحَاضَة، لِأَنَّهَا لَعَلَّهَا كَانَت من المستحاضات الَّتِي يجب عَلَيْهَا الْغسْل لكل صَلَاة. وَقَالَ [قعالشافعي [/ قع، رَحمَه الله تَعَالَى: إِنَّمَا أمرهَا أَن تَغْتَسِل وَتصلي، وَلَيْسَ فِي أَنه أمرهَا أَن تَغْتَسِل لكل صَلَاة قَالَ: وَلَا أَشك، إِن شَاءَ الله تَعَالَى، أَن غسلهَا كَانَ تَطَوّعا غير مَا أمرت بِهِ. وَذَلِكَ وَاسع.
20 -
(بابٌ لَا تَقْضِي الحائِضُ الصَّلاةَ)
أَي: هَذَا بَاب فِيهِ الْحَائِض لَا تقضي الصَّلَاة، وَإِنَّمَا قَالَ: لَا تقضي الصَّلَاة، وَلم يقل: تدع الصَّلَاة، كَمَا فِي حَدِيث جَابر وَأبي سعيد، لِأَن عدم الْقَضَاء أَعم وأشمل.
والمناسبة بَين الْبَابَيْنِ من حَيْثُ إِن فِي الْبَاب الأول ترك الصَّلَاة عِنْد إقبال الْحيض، وَهَذَا الْبَاب فِيهِ كَذَلِك.
وقالَ جابرٌ وَأبُو سَعِيدٍ عنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تَدَعُ الصَّلَاةَ
مُطَابقَة هَذَا التَّعْلِيق للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن ترك الصَّلَاة يسْتَلْزم عدم الْقَضَاء، وَلِأَن الشَّارِع أَمر بِالتّرْكِ، ومتروك الشَّرْع لَا يجب فعله فَلَا يجب قَضَاؤُهُ إِذا ترك. أما التَّعْلِيق عَن جَابر فقد أخرجه البُخَارِيّ فِي كتاب الْأَحْكَام من طَرِيق حبيب عَن جَابر فِي قصَّة حيض عَائِشَة فِي الْحَج، وَفِيه:(غير أَنَّهَا لَا تَطوف وَلَا تصلي) . وَمعنى قَوْله: (وَلَا تصلي) تدع الصَّلَاة، وَرَوَاهُ مُسلم نَحوه
من طَرِيق أبي الزبير عَن جَابر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. وَأما التَّعْلِيق عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ فَأخْرجهُ فِي بَاب ترك الْحَائِض الصَّوْم، وَفِيه:(إِذا حَاضَت لم تصم) . وَقَالَ الْكرْمَانِي: (فَإِن قلت: عقد الْبَاب فِي الْقَضَاء لَا فِي التّرْك! قلت: التّرْك مُطلق أَدَاء وَقَضَاء. قلت: عقد الْبَاب فِي عدم الْقَضَاء، وَعدم الْقَضَاء ترك، وَالتّرْك أَعم. وَقَالَ بَعضهم: وَالَّذِي يظْهر لي أَن هَذَا كَلَام صادر من غير تَأمل، لِأَن التّرْك وَعدم الْقَضَاء بِمَعْنى وَاحِد فِي الْحَقِيقَة، وَكَلَامه يشْعر بالتغاير بَينهمَا، فَإِذا سلمنَا ذَلِك كَانَ يتَعَيَّن عَلَيْهِ أَن يُشِير إِلَيْهِمَا فِي التَّرْجَمَة، وَحَيْثُ لم يشر إِلَى ذَلِك فِيهَا، علمنَا أَن مَا بَينهمَا مُغَايرَة، فَلذَلِك اقْتصر فِي التَّرْجَمَة على أَحدهمَا.
26 -
(حَدثنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل قَالَ حَدثنَا همام قَالَ حَدثنَا قَتَادَة قَالَ حَدَّثتنِي معَاذَة أَن امْرَأَة قَالَت لعَائِشَة أتجزي إحدانا صلَاتهَا إِذا طهرت فَقَالَت أحرورية أَنْت كُنَّا نحيض مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - فَلَا يَأْمُرنَا بِهِ أَو قَالَت فَلَا نفعله) مُطَابقَة للتَّرْجَمَة فِي قَوْله " فَلَا يَأْمُرنَا بِهِ " أَي بِقَضَاء الصَّلَاة. (ذكر رِجَاله) وهم خَمْسَة الأول مُوسَى بن إِسْمَاعِيل الْمنْقري التَّبُوذَكِي الثَّانِي همام بِالتَّشْدِيدِ بن يحيى بن دِينَار الْعَدوي قَالَ أَحْمد همام ثَبت فِي كل الْمَشَايِخ مَاتَ سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَمِائَة الثَّالِث قَتَادَة الأكمه الْمُفَسّر الرَّابِع معَاذَة بِضَم الْمِيم وبالعين الْمُهْملَة وبالذال الْمُعْجَمَة بنت عبد الله العدوية الثِّقَة الْحجَّة الزاهدة روى لَهَا الْجَمَاعَة وَكَانَت تحيي اللَّيْل مَاتَت سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ الْخَامِس عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا (ذكر لطائف إِسْنَاده) فِيهِ التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع وبصيغة الْإِفْرَاد فِي مَوضِع وَاحِد وَفِيه تَصْرِيح لسَمَاع قَتَادَة عَنهُ معَاذَة وَهُوَ رد على مَا ذكره شُعْبَة وَأحمد أَنه لم يسمع مِنْهَا وَفِيه أَن رُوَاته كلهم بصريون. (ذكر من أخرجه غَيره) هَذَا الحَدِيث أخرجه السِّتَّة مُسلم عَن أبي الرّبيع الزهْرَانِي عَن حَمَّاد بن زيد وَعَن مُحَمَّد بن الْمثنى عَن غنْدر وَعَن عبد بن حميد عَن عبد الرَّزَّاق وَأَبُو دَاوُد عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل وَعَن الْحسن بن عَمْرو وَالتِّرْمِذِيّ عَن قُتَيْبَة عَن حَمَّاد بن زيد وَالنَّسَائِيّ عَن عمر بن زُرَارَة وَابْن مَاجَه عَن أبي بكر بن أبي شيبَة كلهم أَخْرجُوهُ فِي الطَّهَارَة وَالنَّسَائِيّ أخرجه فِي الصَّوْم عَن عَليّ بن مسْهر. (ذكر لغاته وَمَعْنَاهُ) قَوْلهَا " إِن امْرَأَة " هَاهُنَا مُبْهمَة أبهما همام وَبَين فِي رِوَايَته عَن قَتَادَة أَنَّهَا هِيَ معَاذَة الراوية وَأخرجه الْإِسْمَاعِيلِيّ من طَرِيقه وَكَذَا مُسلم من طَرِيق عَاصِم وَغَيره عَن معَاذَة قَالَت " سَأَلت عَائِشَة مَا بَال الْحَائِض تقضي الصَّوْم وَلَا تقضي الصَّلَاة فَقَالَت أحرورية أَنْت قلت لست بحرورية وَلَكِن أسأَل كَانَ يصيبنا ذَلِك فنؤمر بِقَضَاء الصَّوْم وَلَا نؤمر بِقَضَاء الصَّلَاة " وَفِي لفظ آخر " قد كَانَت إحدانا تحيض على عهد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - لَا نؤمر بِقَضَاء " وَفِي لفظ آخر " قد كُنَّا نسَاء رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - يحضن وَلَا يؤمرن أَن يجزين " قَالَ مُحَمَّد بن جَعْفَر يَعْنِي يقضين قَوْلهَا " أتجزي إحدانا " بِفَتْح التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَكسر الزَّاي غير مَهْمُوز وَحكى بَعضهم الْهمزَة وَمَعْنَاهُ أتقضي وَبِه فسروا قَوْله تَعَالَى {لَا تجزي نفس عَن نفس شَيْئا} وَلَا يُقَال هَذَا الشَّيْء يَجْزِي عَن كَذَا أَي يقوم مقَامه قَوْلهَا " صلَاتهَا " بِالنّصب على المفعولية ويروى " أتجزي " على صِيغَة الْمَجْهُول وعَلى هَذَا صلَاتهَا بِالرَّفْع لِأَنَّهُ مفعول قَامَ مقَام الْفَاعِل وَمَعْنَاهُ أتكفي الْمَرْأَة الصَّلَاة الْحَاضِرَة وَهِي طَاهِرَة وَلَا تحْتَاج إِلَى قَضَاء عَن الْفَائِتَة. قَوْلهَا " أحرورية أَنْت " من الْجُمْلَة من الْمُبْتَدَأ وَهُوَ أَنْت وَالْخَبَر وَهُوَ أحرورية دخلت عَلَيْهَا همزَة الِاسْتِفْهَام الإنكارية وَفَائِدَة تقدم الْخَبَر للدلالة على الْحصْر أَي أحرورية أَنْت لَا غير وَهِي نِسْبَة إِلَى حروراء قَرْيَة بِقرب الْكُوفَة وَكَانَ أول اجْتِمَاع الْخَوَارِج فِيهَا وَقَالَ الْهَرَوِيّ تعاقدوا فِي هَذِه الْقرْيَة فنسبوا إِلَيْهَا فَمَعْنَى كَلَام عَائِشَة هَذَا أخارجية أَنْت لِأَن طَائِفَة من الْخَوَارِج يوجبون على الْحَائِض قَضَاء الصَّلَاة الْفَائِتَة فِي زمن الْحيض وَهُوَ خلاف الْإِجْمَاع وكبار فرق الحروية سِتَّة الْأزَارِقَة والصفرية والنجدات والعجاردة والأباضية والثعالبة وَالْبَاقُونَ فروع وهم الَّذين خَرجُوا على عَليّ رضي الله عنه ويجمعهم القَوْل بالتبري من عُثْمَان وَعلي رضي الله عنهما ويقدمون ذَلِك على كل طَاعَة وَلَا يصححون المناكحات إِلَّا على ذَلِك وَكَانَ خُرُوجهمْ على عهد عَليّ رضي الله عنه لما حكم أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ وَعَمْرو بن