المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب إذا ذكر في المسجد أنه جنب يخرج كما هو ولا يتيمم) - عمدة القاري شرح صحيح البخاري - جـ ٣

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌(بابُ الوُضُوءِ مَرَّةً مَرَّةً)

- ‌(بَاب الوُضُوءِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ)

- ‌(بابُ الوُضُوءِ ثَلاثاً ثَلاثاً)

- ‌(بابُ الاسْتِنْثَارِ فِي الوُضُوءِ)

- ‌(بابُ الاسْتجْمَارِ وِتْراً)

- ‌(بابُ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ وَلَا يَمْسَحُ عَلَى القَدَمَيْنِ)

- ‌(بابُ المَضْمَضَةِ فِي الوُضُوءِ)

- ‌(بابُ غَسْلِ الَاعْقَابِ)

- ‌(بابُ غَسْلِ الرِّجْليْنِ فِي النَّعْلَيْنِ ولَا يَمْسَحُ عَلَى النَّعْلَيْنِ)

- ‌(بابُ التَّيَمُّنِ فِي الوُضُوءِ والغُسل)

- ‌(بابُ الْتِمَاسِ الوَضُوءِ إِذا حانَتِ الصَّلاةُ)

- ‌(بابُ المَاءِ الَّذِي يُغْسَلُ بِهِ شَعْرُ الاِنْسانِ)

- ‌(بابُ مَنْ لَمْ يَرَ الوُضُوءَ إلَاّ مِنَ المَخْرجَيْنِ القُبُلِ والدُّبُرِ)

- ‌(بابُ الرَّجُلِ يُوَضِّىءُ صَاحبَهُ)

- ‌(بابُ قِرَاءَةِ القُرْآنِ بَعْدَ الحَدَثِ وَغَيْرِهِ)

- ‌(بابُ مَنْ لَمْ يرَ الوُضُوءَ إِلَّا مِنَ الغَشْيِ المُثْقِلِ)

- ‌(بابُ مَسْحِ الرَّأْسِ كُلِّهِ)

- ‌(بابُ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ إلَى الكعْبَيْنِ)

- ‌(بابُ اسْتِعْمالِ فَضْل وَضُوءِ الناسِ)

- ‌(بابُ مَنْ مَضْمَضَ واسْتَنْشَقَ مِنْ غَرْفَةٍ وَاحِدةٍ)

- ‌(بابُ مَسْحِ الرَّأْسِ مَرَّةً)

- ‌(بابُ وُضُوءِ الرَّجُلِ مَعَ إمْرَأَتِهِ وَفَضْلِ وَضُوءِ المَرْأَةِ)

- ‌(بابُ صَبِّ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وَضوءَهُ علَى المُغْمَى عَلَيهِ)

- ‌(بابُ الْغُسْلِ وَالوُضُوءِ فِي المِخْضَبِ والقَدَحِ والخَشَبِ والحِجَارَةِ)

- ‌(بابُ الوُضُوء مِنَ التَّوْرِ)

- ‌(بابُ الوُضُوءِ بالمُدِّ)

- ‌(بابُ المَسْحِ عَلَى الخُفَّيْن)

- ‌(بابٌ إِذا أدْخَلَ رِجْلَيْهِ وهُمَا طَاهِرَتانِ)

- ‌(بابُ مَنْ لَمْ يَتَوَضَّأْ مِنْ لَحْمِ الشَّاةِ والسَّوِيقِ)

- ‌(بابُ مَنْ مَضْمَضَ مِنَ السَّوِيقِ ولَمْ يَتَوَضَّأْ)

- ‌(بَاب هَل يمضم من اللَّبن)

- ‌(بابُ الوُضُوءِ مِنَ النوْمِ)

- ‌(بابُ الوُضُوءِ مِنْ غَيْرِ حَدَثٍ)

- ‌ بَاب:

- ‌(بابُ مَا جاءَ فِي غَسْلِ البَوْلِ)

- ‌(بَاب)

- ‌(بابُ تَرْكِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وَالناس الَاعْرابيَّ حَتَّى فَرَغَ مِنْ بَوْلِه فِي المَسْجِدِ)

- ‌(بابُ صَبِّ المَاءِ عَلَى البَوْلِ فِي المَسْجِدِ)

- ‌(بابُ بَوْلِ الصِّبْيَانِ)

- ‌(بابُ البَوْلِ قائِماً وقاعِداً)

- ‌(بابُ البَوْلِ عنْدَ صاحبِهِ والتَّسَتُّرِ بالحَائِطِ)

- ‌(بابُ البَوْلِ عِنْدَ سُباطَةِ قوْمٍ)

- ‌(بابُ غَسْلِ الدَّمِ)

- ‌(بابُ غسْلِ المَنِيِّ وفَرْكِهِ وغَسْل مَا يُصِيبُ مِنَ المَرْأَةِ)

- ‌(بابُ إِذا غَسَلَ الجَنَابَةَ أَوْ غَيْرَها فَلمْ يَذْهَبْ أَثَرُهُ)

- ‌(بابُ أَبْوَالِ الابِلِ والدَّوابِّ والغَنَمِ ومَرَابِضهَا)

- ‌(بابُ مَا يَقَعُ مِنَ النَّجَاسات فِي السِّمْنِ والمَاءِ)

- ‌(بَاب البَولِ فِي الماءِ الدَّائِمِ)

- ‌(بابٌ إذَا أُلْقِيَ عَلى ظهْرِ المصَلِّى قَذَرٌ أَوْ جِيفَةٌ لَمْ تَفْسُدْ عَلَيْهِ صَلاتُهُ)

- ‌(بابٌ لَا يَجُوزُ الوُضُوءُ بالنَّبِيذِ ولاٍ بالمُسْكِرِ)

- ‌(بابُ غَسْلِ المَرّأةِ أَبَاهَا الدَّمَ عنْ وَجْهِهِ)

- ‌(بابُ السِّواكِ)

- ‌(بابُ دَفْعُ السَّوَاكِ إِلَى الأكْبَرَ)

- ‌(بابِ فَضْلِ مَنْ بَاتَ علَى الوُضوُءِ)

- ‌(كتاب الغسْلِ)

- ‌(بابُ الوُضوءِ قَبْلَ الغُسْلِ)

- ‌(بابُ غُسْلِ الرَّجُلِ مَعَ امْرأَتِهِ)

- ‌(بابُ الغُسْلِ بِالصَّاعِ وَنَحْوِهِ)

- ‌(بابُ مَنْ أَفَاضَ عَلَى رَأْسِهِ ثَلاثاً)

- ‌(بابُ الغُسْل مَرَّةً وَاحِدَةً)

- ‌(بابُ مَنْ بَدَأَ بالحِلابِ أَوْ الطِيّبِ عِنْدَ الغُسْلِ)

- ‌(بابُ المَضْمَضَةِ والإِسْتِنْشَاقِ فِي الجَنَابَةِ)

- ‌(بابُ مَسْحِ اليَدِ بالتُّرَابِ لِيَكُونَ أَنْقَى)

- ‌(بابُ هَلْ يُدْهِلُ الجُنُبُ يَدَهُ فِي الإنَاءِ قَبْلَ أنْ يَغْسِلَهَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى يَدِهِ قَذَرُ غَيْرُ الجَنَابَةِ)

- ‌(بابُ تَفْرِيقِ الغُسْلِ والوُضُوءِ)

- ‌(بابُ مَنْ أَفْرَغَ بِيَمِنِهِ عَلَى شِمَالِهِ فِي الغُسْلِ)

- ‌(بابٌ إذَا جامَعَ ثُمَّ عادَ وَمَنْ دَارَ علَى نِسَائِهِ فِي غُسْلٍ وَاحِدٍ)

- ‌(بابُ غَسْلِ المَذْىٍ وَالوُضُوءِ مِنْهُ)

- ‌(بابُ مَنْ تَطَيَّبَ ثُمَّ اغْتَسَلَ وَبَقِيَ أثرُ الطيِّبِ)

- ‌(بابُ تَخْلِيلِ الشِّعَرِ حَتَّى إذَا أنَّهُ قَدْ أرْوَى بَشَرَتَهُ أفَاضَ عَلَيْهِ

- ‌(بابُ مَنْ تَوَضَّلَ فِي الجَنَابَةِ ثُمَّ غَسَلَ جَسَدِهِ وَلَمْ يُعِدْ غَسْلَ مَوَاضِعِ الوُضُوءِ مَرَّةً أُخْرَى

- ‌(بابُ إذَا ذَكَرَ فِي المَسْجِدِ أنَّهُ جُنُبٌ يَخْرُجُ كَمَا هُوَ وَلَا يَتَيَمَّمُ)

- ‌(بابُ نَفْضِ اليدَيْنِ مِنْ الغُسْلِ عَنُ الجَنَابَةِ)

- ‌(بابُ مَنْ بَدَأَ رَأْسِهِ الأيْمَنِ فِي الغُسْلِ)

- ‌(بابُ مَنِ اغْتَسَل عُرْيَاناً وَحْدَهُ فِي الخَلْوَةِ وَمَنْ تَسَتَّرَ فالتَّسَتُّرُ أَفْضَلُ)

- ‌(بابُ التَسَتَّرِ فِي الغُسْلِ عِنْدَ النَّاس)

- ‌(بابٌ إذَا احتَلَمَتِ المَرْأَةُ)

- ‌(بابُ عَرَق الجَنُبٍ وَإنَّ المُسْلِمَ لَا يَنْجُسُ)

- ‌(بابُ الجُنُبُ يَخْرُجُ وَيَمْشِي فِي السُّوقِ وَغَيْرِهِ)

- ‌(بابُ كَيْنُونَةِ الجُنُبِ فِي الَبْيتِ إذَا تَوَضَّأَ قَبْلَ أَنْ يَغْتَسِلَ

- ‌(بابُ نَوْم الجُنُبُ)

- ‌(بابُ الجنُبِ يَتَوَضَأُ ثُمَّ يَنَامُ)

- ‌(بابٌ إذَا التَقَى الخِتَانانِ)

- ‌(بابُ غَسْلِ مَا يُصيبُ منْ رُطُوبَةِ فَرْجِ المَرْأَةِ)

- ‌(كتاب الحيضِ)

- ‌(بابُ كَيْفَ كانَ بَدْءَ الحَيْضِ)

- ‌(بابُ غَسْلِ الحَائِضِ رَأْسَ زَوْجِها وَتَرْجِيلِهِ)

- ‌(بابُ قِرَاءَةِ الرَّجُلِ فِي حِجْرِ امْرَأَتِهِ وَهِيَ حائِضٌ)

- ‌(بابُ مَنْ سَمَّى النِّفَاسَ حَيْضاً)

- ‌(بابُ مُبَاشَرَةِ الحَائِضِ)

- ‌(بابُ تَرْكِ الحَائِضِ الصَّوْمَ)

- ‌(بابُ تَقْضِي الحَائِضُ المَنَاسِكَ كُلَّها إلَاّ الطَّوافَ بالبَيْتِ)

- ‌(بابُ الاسْتِحَاضَةِ)

- ‌(بابُ غَسْلِ دَمِ المَحِيضِ)

- ‌(بابُ الاعْتِكَافِ لِلْمُسْتَحاضَةِ)

- ‌(بابٌ هَلْ تُصَلِّى المَرْأَةُ فِي ثَوْبٍ حاضَتْ فِيهِ

- ‌(بابُ الَطِّيبِ لِلْمَرْأَةِ عِنْدَ غَسْلِهَا مِنَ الحَيْضِ)

- ‌(بابُ دَلْكِ المَرْأَةِ نَفْسَها أذَا تَطَهَّرَتْ مِنَ المَحِيضِ وَكَيْفَ تَغْتَسِلُ وَتَأْخُذُ فِرْصَةً مُمَسَّكَةً فَتَتَّبِعُ بِهَا أَثَرَ الدَّمِ)

- ‌(بابُ غُسْلِ المَحِيضِ)

- ‌(بابُ امْتِشاطِ المَرْأَةِ عِنْدَ غُسْلِها مِنَ المَحِيضِ)

- ‌(بابُ نَقْضِ المَرْأَةِ شَعْرَهَا عِنْدَ غُسَلِ المَحِيضِ)

- ‌(بابٌ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرَ مُخَلَّقَةٍ}

- ‌(بابُ كَيفَ تُهِلُّ الحائِضُ بالحَجِّ والعُمْرَةِ)

- ‌(بابُ إقْبالِ المَحِيضِ وإدْبارِهِ)

- ‌(بابٌ لَا تَقْضِي الحائِضُ الصَّلاةَ)

- ‌(بابُ النَّوْمَ مَعَ الحَائِضِ وهْيَ فِي ثِيَابِهَا)

- ‌(بابُ مَنْ اتخَذَ ثِيَابَ الْحَيْضِ سِوَى ثِيَابِ الطُّهْرِ)

- ‌(بابُ شُهُودِ الحَائِضِ الْعِيدَيْنِ وَدَعْوَةَ المُسْلِمِينَ وَيَعْتَزِلْنَ الْمُصَلَّى)

- ‌(بابٌ إذَا حاضَتْ فِي شَهْرٍ ثَلَاثَ حِيَضٍ وَمَا يُصَدَّقُ النِّساءُ فِي الْحَيْضِ وَالْحَمْلِ فِيما يُمْكِنُ مِنَ الْحَيْضِ لِقَوْلِ الله تَعَالَى وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ الله فِي أرْحَامِهِنَّ)

- ‌(بابُ الصُّفْرَةِ والْكُدْرَةِ فِي غَيْرِ أيَّامِ الْحَيْضِ)

- ‌(بابُ عِرْق الإسْتِحَاضَة)

- ‌(بابُ الْمَرأةِ تَحِيضُ بَعْدَ الإفَاضَة)

- ‌(بابٌ إذَا رَأَتِ الْمُسْتَحَاضَةُ الطُّهْرَ)

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ عَلَى النُّفَسَاءِ وَسُنَّتِهَا)

- ‌(بابٌ)

الفصل: ‌(باب إذا ذكر في المسجد أنه جنب يخرج كما هو ولا يتيمم)

الْقِصَّة غير تِلْكَ الْقِصَّة. وَقَالَ: فِي كَلَام السكرماني لَازم هَذَا التَّقْدِير أَن الحَدِيث غير مُطَابق للتَّرْجَمَة، ثمَّ قَالَ هَذَا الْقَائِل: وَالَّذِي يظْهر لي أَن البُخَارِيّ حمل قَوْله: ثمَّ غسل جسده على الْمجَاز أَي: مَا بَقِي، وَدَلِيل ذَلِك قَوْله بعد فَغسل رجلَيْهِ، إِذْ لَو كَانَ قَوْله:(غسل جسده) مَحْمُولا، على عُمُومه لم يحْتَج لغسل رجلَيْهِ ثَانِيًا، لِأَن غسلهمَا دخل فِي الْعُمُوم، وَهَذَا أشبه بتصرفات البُخَارِيّ، إِذْ من شَأْنه الاعتناء بالأخفى أَكثر من الأجلى. قلت: مَا ثمَّ فِي هَذَا الَّذِي ذكره هَؤُلَاءِ المذكورون أَكثر كلفة من كَلَام هَذَا الْقَائِل لِأَنَّهُ تصرف فِي كَلَامهم من غير تَحْقِيق وَأبْعد من هَذَا دَعْوَاهُ أَن البُخَارِيّ حمل لفظ الْجَسَد على الْمجَاز، فَلَا يعلم هُوَ أَن الْمجَاز لَا يُصَار أليه إلَاّ عِنْد تعذر الْحَقِيقَة أَو لنكة أُخْرَى، وَأي ضَرُورَة هَاهُنَا إِلَى الْمجَاز، وَمن قَالَ: إِن البُخَارِيّ قصد هَذَا وَأبْعد من ذَلِك أَنه علل مَا ادَّعَاهُ بِغسْل النَّبِي صلى الله عليه وسلم رجلَيْهِ ثَانِيًا؟ وَمَا ذَاك إِلَّا لكَون رجلَيْهِ فِي مستنقع المَاء، وَحَاصِل الْكَلَام، كَلَام ابْن الْمُنِير أقرب فِي وَجه مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة.

ذكر رِجَاله وهم سَبْعَة: يُوسُف بن عِيسَى بن يَعْقُوب الْمروزِي، وَالْفضل بن مُوسَى أَبُو عبد الله السينَانِي، والبقية ذكرُوا عَن قريب.

ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين عِنْد أبي ذَر فِي الثَّانِي، وَعند غَيره أخبرنَا وَكَذَا أخبرنَا الْأَعْمَش. وَفِيه: العنعنة فِي أَرْبَعَة مَوَاضِع.

ذكر مَعَانِيه قَوْله: (وضوء للجنابة) بِفَتْح الْوَاو، فِي رِوَايَة كَرِيمَة وضوء لجنابة بلام وَاحِدَة فِي رِوَايَة الْكشميهني. وضوء الْجَنَابَة وَقَوله:(وضع) على بِنَاء الْمَعْلُوم، وَرَسُول الله فَاعله، ويروي على بِنَاء الْمَجْهُول، وضع لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَي: لأَجله قَوْله: (فاكفأ) كَذَا هُوَ فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَرِوَايَة أبي ذَر فكفأ، أَي: قلب قَوْله: (على يسَار) كَذَا هُوَ للأكثرين، ولكريمه وَالْمُسْتَمْلِي على شِمَاله قَوْله:(ضرب يَده بِالْأَرْضِ) كَذَا هُوَ للأكثرين وللكشميهني، بِيَدِهِ الأَرْض.

قالَتْ فاتَيْتُهُ بِخِرْقَةٍ فَلَمْ يُرِدْها فَجَعَلَ يَنْفُضُ بِيَدِهِ

فَاعل. قَالَت مَيْمُونَة وَوَقع فِي رِوَايَة الْأصيلِيّ: قَالَت عَائِشَة، وَهُوَ غلط ظَاهر، وَبَيَان الْأَحْكَام قد تقدم فِيمَا مضى.

17 -

(بابُ إذَا ذَكَرَ فِي المَسْجِدِ أنَّهُ جُنُبٌ يَخْرُجُ كَمَا هُوَ وَلَا يَتَيَمَّمُ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم من إِذا ذكر فِي الْمَسْجِد أَنه جنب، وَحكمه أَنه يخرج على حَالَته وَلَا يحْتَاج إِلَى التَّيَمُّم قَوْله:(ذكر) من الْبَاب الَّذِي مصدره الذّكر بِضَم الذَّال، لَا من الْبَاب الَّذِي مصدره الذّكر بِالْكَسْرِ؟ وَهَذِه دقة لَا يفهمها إلَاّ من لَهُ ذوق من نكات الْكَلَام، فَلذَلِك فسر بَعضهم قَوْله: ذكر بقوله: تذكر فَلَو ذاق هَذَا مَا ذَكرْنَاهُ لما احْتَاجَ إِلَى تَفْسِير، فعل يتفعل. قَوْله:(يخرج) رِوَايَة أبي ذَر وكريمة وَرِوَايَة غَيرهمَا. (خرج) قَوْله: (كَمَا هُوَ) أَي: على هَيئته وحاله جنياً وَقَوله: (وَلَا يتَيَمَّم) توضيح لقَوْله كَمَا هُوَ وَقَالَ الْكرْمَانِي: مَا مَوْصُولَة وموصوفة وَهُوَ مُبْتَدأ وَخَبره مَحْذُوف أَي كالأمر الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ أَو كحالة هُوَ عَلَيْهَا قلت على كل تَقْدِير هَذِه الْجُمْلَة محلهَا النصب على الْحَال من الضَّمِير الَّذِي يخرج وَقَالَ الْكرْمَانِي أَيْضا فَإِن قلت: تَسْمِيَة هَذِه الْكَاف، بكاف الْمُقَارنَة تصرف مِنْهُ، واصطلاح، بل الْكَاف، هُنَا للتشبيه على أَصله وَنظر ذَلِك قَوْلك لشخص: كن أَنْت عَلَيْهِ وَالْمعْنَى: على مَا أَنْت عَلَيْهِ، ثمَّ فِي هَذَا وُجُوه من الْإِعْرَاب. الأول: أَن تكون مَا مَوْصُولَة وَهُوَ مُبْتَدأ وَخَبره مَحْذُوف، وَالتَّقْدِير: كَالَّذي هُوَ عَلَيْهِ من الْجَنَابَة. الثَّانِي: أَن يكون هُوَ خَبرا مَحْذُوف الْمُبْتَدَأ، وَالتَّقْدِير: كَالَّذي هُوَ عَلَيْهِ، كَمَا قيل فِي قَوْله تَعَالَى:{اجْعَل لنا إِلَهًا كَمَا لَهُم آلِهَة} (سُورَة الْأَعْرَاف: 138) أَي: كَالَّذي هُوَ لَهُم آلِهَة. وَالثَّالِث: أَن تكون مَا زَائِدَة ملغاة عَن الْعَمَل وَالْكَاف، جَارة، وَهُوَ ضمير مَرْفُوع أنيب عَن الْمَجْرُور، كَمَا فِي قَوْله: مَا أَنا كَانَت وَالْمعْنَى: يخرج فِي الْمُسْتَقْبل مماثلاً لنَفسِهِ فِيمَا مضى. وَالرَّابِع: أَن تكون مَا، كَافَّة، وَهُوَ مُبْتَدأ مَحْذُوف الْخَبَر، أَي: عَلَيْهِ، أَو كَائِن. وَالْخَامِس: أَن تكون مَا كَافَّة، وه، فَاعل، وَالْأَصْل: يخرج كَمَا كَانَ، ثمَّ حذفت كَانَ فانفصل الضَّمِير، وعَلى هَذَا الْوَجْه يجوز أَن تكون مَا مَصْدَرِيَّة.

27 -

(حَدثنَا عبد الله بن مُحَمَّد قَالَ حَدثنَا عُثْمَان بن عمر قَالَ أخبرنَا يُونُس عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ أُقِيمَت الصَّلَاة وَعدلت الصُّفُوف قيَاما وَخرج إِلَيْنَا رَسُول الله

ص: 223

- صلى الله عليه وسلم َ - فَلَمَّا قَامَ فِي مُصَلَّاهُ ذكر أَنه جنب فَقَالَ لنا مَكَانكُمْ ثمَّ رَجَعَ فاغتسل ثمَّ خرج إِلَيْنَا وَرَأسه يقطر فَكبر فصلينا مَعَه) مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. (ذكر رِجَاله) وهم سِتَّة. عبد الله بن مُحَمَّد الْجعْفِيّ المسندي تقدم فِي بَاب أُمُور الْإِيمَان وَعُثْمَان بن عَمْرو بن فَارس أَبُو مُحَمَّد الْبَصْرِيّ وَيُونُس بن يزِيد وَالزهْرِيّ مُحَمَّد بن مُسلم وَأَبُو سَلمَة عبد الرَّحْمَن بن عَوْف تقدمُوا فِي بَاب الْوَحْي (ذكر لطائف إِسْنَاده) فِيهِ التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين والإخبار بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع وَاحِد والعنعنة فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع وَفِيه أَن رُوَاته مَا بَين بَصرِي وأيلي ومدني. (ذكر من أخرجه غَيره) أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الصَّلَاة عَن إِسْحَاق الكوسج عَن مُحَمَّد بن يُوسُف عَن الْأَوْزَاعِيّ بِهِ وَأخرجه مُسلم فِي الصَّلَاة أَيْضا عَن زُهَيْر بن حَرْب عَن الْوَلِيد بن مُسلم عَن الْأَوْزَاعِيّ نَحوه وَعَن إِبْرَاهِيم بن مُوسَى عَن الْوَلِيد بن مُسلم بِهِ مُخْتَصرا وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الطَّهَارَة عَن أبي بكر بن الْفضل عَن الْوَلِيد بن مُسلم نَحْو حَدِيث زُهَيْر بن حَرْب فِي الصَّلَاة عَن مَحْمُود بن خَالِد وَدَاوُد بن رشيد كِلَاهُمَا عَن الْوَلِيد بن مُسلم نَحْو حَدِيث إِبْرَاهِيم بن مُوسَى وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الطَّهَارَة عَن عَمْرو بن عُثْمَان الْحِمصِي عَن الْوَلِيد بن مُسلم نَحوه. (ذكر مَعَانِيه) قَوْله " أُقِيمَت الصَّلَاة " المُرَاد من الْإِقَامَة ذكر الْأَلْفَاظ الْمَخْصُوصَة الْمَشْهُورَة المشعرة بِالشُّرُوعِ فِي الصَّلَاة وَهِي أُخْت الْأَذَان كَذَا قَالَه الْكرْمَانِي قلت مَعْنَاهُ إِذا نَادَى الْمُؤَذّن بِالْإِقَامَةِ فأقيم الْمُسَبّب مقَام السَّبَب قَوْله " وَعدلت " أَي سويت وتعديل الشَّيْء تقويمه يُقَال عدلته فاعتدل أَي قومته فاستقام وَفِي رِوَايَة فعدلت الصُّفُوف قبل أَن يخرج إِلَيْنَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - وَبَين البُخَارِيّ ذَلِك فِي الصَّلَاة فِي رِوَايَة صَالح بن كيسَان أَنه كَانَ قبل أَن يكبر النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - للصَّلَاة قَوْله " قيَاما " جمع قَائِم كتجار بِكَسْر التَّاء جمع تَاجر وَيجوز أَن يكون مصدرا جَارِيا على حَقِيقَته وَقَالَ الْكرْمَانِي فَهُوَ تَمْيِيز أَو مَحْمُول على اسْم الْفَاعِل فَهُوَ حَال (قلت) إِذا كَانَ لفظ قيَاما مصدرا يكون مَنْصُوبًا على التَّمْيِيز لِأَن فِي قَوْله وَعدلت الصُّفُوف فِيهِ إِبْهَام فيفسره قَوْله قيَاما أَي من حَيْثُ الْقيام وَإِذا كَانَ جمعا لقائم يكون انتصابه على الحالية وَذُو الْحَال مَحْذُوف تَقْدِيره وَعدل الْقَوْم الصُّفُوف حَال كَونهم قَائِمين قَوْله " فِي مُصَلَّاهُ " بِضَم الْمِيم وَهُوَ مَوضِع صلَاته قَوْله " ذكر " من بَاب الذّكر بِضَم الذَّال وَهُوَ الذّكر القلبي فَلَا يحْتَاج إِلَى تَفْسِير ذكر بِمَعْنى تذكر كَمَا فسره بَعضهم هَكَذَا قَوْله " فَقَالَ لنا مَكَانكُمْ " بِالنّصب أَي الزموا مَكَانكُمْ وَقَالَ بَعضهم وَفِيه إِطْلَاق القَوْل على الْفِعْل فَإِن فِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ فَأَشَارَ بِيَدِهِ أَن مَكَانكُمْ (قلت) لَيْسَ فِيهِ إِطْلَاق القَوْل على الْفِعْل بل القَوْل على حَاله وَرِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ لَا تَسْتَلْزِم ذَلِك لاحْتِمَال الْجمع بَين الْكَلَام وَالْإِشَارَة (فَإِن قلت) إِذا كَانَ القَوْل على بَابه فَيكون وَاقعا فِي الصَّلَاة (قلت) لَيْسَ كَذَلِك بل كَانَ ذكره أَنه جنب قبل أَن يكبر وَقبل أَن يدْخل فِي الصَّلَاة كَمَا ثَبت فِي الصَّحِيح (فَإِن قلت) فِي رِوَايَة ابْن مَاجَه (قَامَ إِلَى الصَّلَاة وَكبر ثمَّ أَشَارَ إِلَيْهِم فَمَكَثُوا ثمَّ انْطلق فاغتسل وَكَانَ رَأسه يقطر مَاء فصلى بهم فَلَمَّا انْصَرف قَالَ إِنِّي خرجت إِلَيْكُم جنبا وَإِنِّي أنسيت حَتَّى قُمْت فِي الصَّلَاة) وَفِي رِوَايَة الدَّارَقُطْنِيّ من حَدِيث أنس (دخل فِي صَلَاة فَكبر وَكَبَّرْنَا مَعَه ثمَّ أَشَارَ إِلَى الْقَوْم كَمَا أَنْتُم) وَفِي رِوَايَة لِأَحْمَد من حَدِيث عَليّ (كَانَ قَائِما فصلى بهم إِذا انْصَرف) وَفِي رِوَايَة لأبي دَاوُد من حَدِيث أبي بكرَة (دخل فِي صَلَاة الْفجْر فَأَوْمأ بِيَدِهِ أَن مَكَانكُمْ) وَفِي رِوَايَة أُخْرَى (ثمَّ جَاءَ وَرَأسه يقطر فصلى بهم) وَفِي أُخْرَى لَهُ مُرْسلَة " فَكبر ثمَّ أَوْمَأ إِلَى الْقَوْم أَن اجلسوا " وَفِي مُرْسل ابْن سِيرِين وَعَطَاء وَالربيع بن أنس " كبر ثمَّ أَوْمَأ إِلَى الْقَوْم أَن اجلسوا "(قلت) هَذَا كُله لَا يُقَاوم الَّذِي فِي الصَّحِيح وَأَيْضًا من حَدِيث أبي هُرَيْرَة هَذَا " ثمَّ رَجَعَ فاغتسل فَخرج إِلَيْنَا وَرَأسه يقطر فَكبر " فَلَو كَانَ كبر أَولا لما كَانَ يكبر ثَانِيًا على أَنه اخْتلف فِي الْجمع بَين هَذِه الرِّوَايَات فَقيل أُرِيد بقوله كبر أَرَادَ أَن يكبر عملا بِرِوَايَة الصَّحِيح قبل أَن يكبر وَفِي رِوَايَة أُخْرَى فِي البُخَارِيّ فانتظرنا تكبيره وَقيل إنَّهُمَا قضيتان أبداه الْقُرْطُبِيّ احْتِمَالا وَقَالَ النَّوَوِيّ أَنه الْأَظْهر وأبداه ابْن حبَان فِي صَحِيحه فَقَالَ بعد أَن أخرج الرِّوَايَتَيْنِ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة وَحَدِيث أبكر بكرَة وَهَذَانِ فعلان فِي موضِعين متباينين خرج صلى الله عليه وسلم َ - مرّة فَكبر ثمَّ ذكر أَنه جنب فَانْصَرف فاغتسل ثمَّ جَاءَ فاستأنف بهم الصَّلَاة وَجَاء مرّة أُخْرَى فَلَمَّا وَقع ليكبر ذكر أَنه جنب قبل أَن يكبر فَذهب فاغتسل ثمَّ رَجَعَ فَأَقَامَ

ص: 224

بهم الصَّلَاة من غير أَن يكون بَين الْخَبَرَيْنِ تضَاد وَلَا تهاتر وَقَول أبي بكرَة فصلى بهم أَرَادَ بذلك بَدَأَ بتكبير مُحدث لِأَنَّهُ رَجَعَ فَبنى على صلَاته إِذْ محَال أَنه يذهب صلى الله عليه وسلم َ - ليغتسل وَيبقى النَّاس كلهم قيَاما على حالتهم من غير إِمَام إِلَى أَن يرجع انْتهى. وَلما رأى مَالك هَذَا الحَدِيث مُخَالفا لأصل الصَّلَاة قَالَ أَنه خَاص بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم َ - وروى بعض أَصْحَابنَا أَن انتظارهم لَهُ هَذَا الزَّمن الطَّوِيل بعد أَن كبروا من قبيل الْعَمَل الْيَسِير فَيجوز مثله (فَإِن قلت) كَيفَ قلت كبروا (قلت) لِأَن الْعَادة جَارِيَة بِأَن تَكْبِير الْمَأْمُومين يَقع عقيب تَكْبِير إمَامهمْ وَلَا يُؤَخر ذَلِك إِلَّا الْقَلِيل من أهل الوسوسة (فَإِن قلت) إِذا ثَبت أَنه صلى الله عليه وسلم َ - لم يكبر فَكيف كبروا وَأَيْضًا فَكيف أَشَارَ إِلَيْهِم وَلم يتَكَلَّم وَلم انتظروه قيَاما (قلت) أما تكبيرهم فعلى رِوَايَة تَكْبِير النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - وَأما قَوْلك وَلم يتَكَلَّم فَيردهُ مَجِيء قَوْله صلى الله عليه وسلم َ - مَكَانكُمْ (فَإِن قلت) إِذا أثبت أَنه تكلم بِهَذِهِ اللَّفْظَة فالإشارة لماذا (قلت) يحْتَمل أَنه جمع بَين الْكَلَام وَالْإِشَارَة أَو يكون الرَّاوِي روى أَحدهمَا بِالْمَعْنَى (فَإِن قلت) هَل اقْتصر على الْإِقَامَة الأولى أَو أنشأ إِقَامَة ثَانِيَة (قلت) لم يَصح فِيهِ نقل وَلَو فعله لنقل قَوْله " ثمَّ رَجَعَ " أَي إِلَى الْحُجْرَة قَوْله " وَرَأسه يقطر " جملَة اسمية وَقعت حَالا على أَصْلهَا بِالْوَاو وَقَوله " يقطر " أَي من مَاء الْغسْل وَنسبَة الْقطر إِلَى الرَّأْس مجَاز من قبيل ذكر الْمحل وَإِرَادَة الْحَال. (ذكر استنباط الْأَحْكَام) فِيهِ تَعْدِيل الصُّفُوف وَهُوَ مُسْتَحبّ بِالْإِجْمَاع وَقَالَ ابْن حزم فرض على الْمَأْمُومين تَعْدِيل الصُّفُوف الأول فَالْأول والتراص فِيهَا والمحاذاة بالمناكب والأرجل (فَإِن قلت) فِي رِوَايَة أُقِيمَت الصَّلَاة فقمنا فعدلنا الصُّفُوف قبل أَن يخرج فَكيف هَذَا وَقد جَاءَ " إِذا أُقِيمَت الصَّلَاة فَلَا تقوموا حَتَّى تروني "(قلت) لَعَلَّه كَانَ مرّة أَو مرَّتَيْنِ لبَيَان الْجَوَاز أَو لعذر أول لَعَلَّ قَوْله " فَلَا تقوموا حَتَّى تروني " بعد ذَلِك (فَإِن قلت) مَا الْحِكْمَة فِي هَذَا النَّهْي (قلت) لِئَلَّا يطول عَلَيْهِم الْقيام وَلِأَنَّهُ قد يعرض لَهُ عَارض فَيتَأَخَّر بِسَبَب. وَقد اخْتلف الْعلمَاء من السّلف فَمن بعدهمْ مَتى يقوم النَّاس إِلَى الصَّلَاة وَمَتى يكبر الإِمَام فَذهب الشَّافِعِي وَطَائِفَة إِلَى أَنه يسْتَحبّ أَن لَا يقوم أحد حَتَّى يفرغ الْمُؤَذّن من الْإِقَامَة وَكَانَ أنس يقوم إِذا قَالَ الْمُؤَذّن قد قَامَت الصَّلَاة وَبِه قَالَ أَحْمد وَقَالَ أَبُو حنيفَة والكوفيون يقومُونَ فِي الصَّفّ إِذا قَالَ حَيّ على الصَّلَاة فَإِذا قَالَ قد قَامَت الصَّلَاة كبر الإِمَام وَحَكَاهُ ابْن أبي شيبَة عَن سُوَيْد بن غَفلَة وَقيس بن أبي سَلمَة وَحَمَّاد وَقَالَ جُمْهُور الْعلمَاء من السّلف وَالْخلف لَا يكبر الإِمَام حَتَّى يفرغ الْمُؤَذّن (قلت) مَذْهَب مَالك أَن السّنة عِنْده أَن يشرع الإِمَام فِي الصَّلَاة بعد فرَاغ الْمُؤَذّن من الْإِقَامَة وندائه باستواء الصَّفّ وَعِنْدنَا يشرع عِنْد التَّلَفُّظ بقوله قد قَامَت الصَّلَاة وَقَالَ زفر إِذا قَالَ قد قَامَت الصَّلَاة قَامُوا وَإِذا قَالَ ثَانِيًا افتتحوا وَعَن أبي يُوسُف أَنه يشرع عقيب الْفَرَاغ من الْإِقَامَة مُحَافظَة على القَوْل بِمثل مَا يَقُوله الْمُؤَذّن وَبِه قَالَ أَحْمد وَالشَّافِعِيّ. وَفِيه أَن الإِمَام إِذا طَرَأَ لَهُ مَا يمنعهُ من التَّمَادِي اسْتخْلف بِالْإِشَارَةِ لَا بالْكلَام وَهُوَ أحد الْقَوْلَيْنِ لأَصْحَاب مَالك حَكَاهُ الْقُرْطُبِيّ وَفِيه جَوَاز الْبناء فِي الْحَدث وَهُوَ قَوْله أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى. وَفِيه جَوَاز النسْيَان على الْأَنْبِيَاء عليهم السلام فِي الْعِبَادَات. وَفِيه كَمَا قَالَ ابْن بطال حجَّة لمَذْهَب مَالك وَأبي حنيفَة أَن تَكْبِير الْمَأْمُوم يَقع بعد تَكْبِير الإِمَام وَهُوَ قَول عَامَّة الْفُقَهَاء قَالَ وَالشَّافِعِيّ أجَاز تَكْبِير الْمَأْمُوم قبل إِمَامه أَي فِيمَا إِذا أحرم مُنْفَردا ثمَّ نوى الِاقْتِدَاء فِي أثْنَاء الصَّلَاة لِأَنَّهُ روى حَدِيث أبي هُرَيْرَة على مَا رَوَاهُ مَالك عَن إِسْمَاعِيل بن أبي الحكم عَن عَطاء بن يسَار أَنه صلى الله عليه وسلم َ - كبر فِي صَلَاة من الصَّلَوَات ثمَّ أَشَارَ إِلَيْهِم بِيَدِهِ أَن امكثوا فَلَمَّا قدم كبر وَالشَّافِعِيّ لَا يَقُول بالمرسل وَمَالك الَّذِي رَوَاهُ لم يعْمل بِهِ لِأَنَّهُ الَّذِي صَحَّ عِنْده أَنه لم يكبر انْتهى. (قلت) ذكر ابْن بطال أَن أَبَا حنيفَة مَعَ مَالك غير صَحِيح لِأَن مَذْهَب أبي حنيفَة أَن الْمَأْمُوم يجب عَلَيْهِ أَن يكبر مَعَ الإِمَام مُقَارنًا وَعند أبي يُوسُف وَمُحَمّد يكبر بعده ثمَّ قيل الْخلاف فِي الْأَفْضَلِيَّة. وَفِيه مَا اسْتدلَّ بِهِ البُخَارِيّ على أَن الْجنب إِذا دخل فِي الْمَسْجِد نَاسِيا فَذكر فِيهِ أَنه جنب يخرج وَلَا يتَيَمَّم فَلذَلِك ذكر فِي التَّرْجَمَة بقوله يخرج كَمَا هُوَ وَلَا يتَيَمَّم وَقَالَ ابْن بطال من التَّابِعين من يَقُول أَن الْجنب إِذا نسي فَدخل الْمَسْجِد فَإِنَّهُ يتَيَمَّم وَيخرج قَالَ والْحَدِيث يرد عَلَيْهِم (قلت) من الَّذين ذَهَبُوا إِلَى التَّيَمُّم الثَّوْريّ واسحق قَالَ وَكَذَا قَول أبي حنيفَة فِي الْجنب الْمُسَافِر يمر على مَسْجِد فِيهِ عين مَاء فَإِنَّهُ يتَيَمَّم وَيدخل الْمَسْجِد فيستقي ثمَّ يخرج المَاء من الْمَسْجِد وَفِي نَوَادِر ابْن أبي زيد من نَام فِي الْمَسْجِد ثمَّ احْتَلَمَ يَنْبَغِي أَن يتَيَمَّم

ص: 225