المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب من لم يتوضأ من لحم الشاة والسويق) - عمدة القاري شرح صحيح البخاري - جـ ٣

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌(بابُ الوُضُوءِ مَرَّةً مَرَّةً)

- ‌(بَاب الوُضُوءِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ)

- ‌(بابُ الوُضُوءِ ثَلاثاً ثَلاثاً)

- ‌(بابُ الاسْتِنْثَارِ فِي الوُضُوءِ)

- ‌(بابُ الاسْتجْمَارِ وِتْراً)

- ‌(بابُ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ وَلَا يَمْسَحُ عَلَى القَدَمَيْنِ)

- ‌(بابُ المَضْمَضَةِ فِي الوُضُوءِ)

- ‌(بابُ غَسْلِ الَاعْقَابِ)

- ‌(بابُ غَسْلِ الرِّجْليْنِ فِي النَّعْلَيْنِ ولَا يَمْسَحُ عَلَى النَّعْلَيْنِ)

- ‌(بابُ التَّيَمُّنِ فِي الوُضُوءِ والغُسل)

- ‌(بابُ الْتِمَاسِ الوَضُوءِ إِذا حانَتِ الصَّلاةُ)

- ‌(بابُ المَاءِ الَّذِي يُغْسَلُ بِهِ شَعْرُ الاِنْسانِ)

- ‌(بابُ مَنْ لَمْ يَرَ الوُضُوءَ إلَاّ مِنَ المَخْرجَيْنِ القُبُلِ والدُّبُرِ)

- ‌(بابُ الرَّجُلِ يُوَضِّىءُ صَاحبَهُ)

- ‌(بابُ قِرَاءَةِ القُرْآنِ بَعْدَ الحَدَثِ وَغَيْرِهِ)

- ‌(بابُ مَنْ لَمْ يرَ الوُضُوءَ إِلَّا مِنَ الغَشْيِ المُثْقِلِ)

- ‌(بابُ مَسْحِ الرَّأْسِ كُلِّهِ)

- ‌(بابُ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ إلَى الكعْبَيْنِ)

- ‌(بابُ اسْتِعْمالِ فَضْل وَضُوءِ الناسِ)

- ‌(بابُ مَنْ مَضْمَضَ واسْتَنْشَقَ مِنْ غَرْفَةٍ وَاحِدةٍ)

- ‌(بابُ مَسْحِ الرَّأْسِ مَرَّةً)

- ‌(بابُ وُضُوءِ الرَّجُلِ مَعَ إمْرَأَتِهِ وَفَضْلِ وَضُوءِ المَرْأَةِ)

- ‌(بابُ صَبِّ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وَضوءَهُ علَى المُغْمَى عَلَيهِ)

- ‌(بابُ الْغُسْلِ وَالوُضُوءِ فِي المِخْضَبِ والقَدَحِ والخَشَبِ والحِجَارَةِ)

- ‌(بابُ الوُضُوء مِنَ التَّوْرِ)

- ‌(بابُ الوُضُوءِ بالمُدِّ)

- ‌(بابُ المَسْحِ عَلَى الخُفَّيْن)

- ‌(بابٌ إِذا أدْخَلَ رِجْلَيْهِ وهُمَا طَاهِرَتانِ)

- ‌(بابُ مَنْ لَمْ يَتَوَضَّأْ مِنْ لَحْمِ الشَّاةِ والسَّوِيقِ)

- ‌(بابُ مَنْ مَضْمَضَ مِنَ السَّوِيقِ ولَمْ يَتَوَضَّأْ)

- ‌(بَاب هَل يمضم من اللَّبن)

- ‌(بابُ الوُضُوءِ مِنَ النوْمِ)

- ‌(بابُ الوُضُوءِ مِنْ غَيْرِ حَدَثٍ)

- ‌ بَاب:

- ‌(بابُ مَا جاءَ فِي غَسْلِ البَوْلِ)

- ‌(بَاب)

- ‌(بابُ تَرْكِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وَالناس الَاعْرابيَّ حَتَّى فَرَغَ مِنْ بَوْلِه فِي المَسْجِدِ)

- ‌(بابُ صَبِّ المَاءِ عَلَى البَوْلِ فِي المَسْجِدِ)

- ‌(بابُ بَوْلِ الصِّبْيَانِ)

- ‌(بابُ البَوْلِ قائِماً وقاعِداً)

- ‌(بابُ البَوْلِ عنْدَ صاحبِهِ والتَّسَتُّرِ بالحَائِطِ)

- ‌(بابُ البَوْلِ عِنْدَ سُباطَةِ قوْمٍ)

- ‌(بابُ غَسْلِ الدَّمِ)

- ‌(بابُ غسْلِ المَنِيِّ وفَرْكِهِ وغَسْل مَا يُصِيبُ مِنَ المَرْأَةِ)

- ‌(بابُ إِذا غَسَلَ الجَنَابَةَ أَوْ غَيْرَها فَلمْ يَذْهَبْ أَثَرُهُ)

- ‌(بابُ أَبْوَالِ الابِلِ والدَّوابِّ والغَنَمِ ومَرَابِضهَا)

- ‌(بابُ مَا يَقَعُ مِنَ النَّجَاسات فِي السِّمْنِ والمَاءِ)

- ‌(بَاب البَولِ فِي الماءِ الدَّائِمِ)

- ‌(بابٌ إذَا أُلْقِيَ عَلى ظهْرِ المصَلِّى قَذَرٌ أَوْ جِيفَةٌ لَمْ تَفْسُدْ عَلَيْهِ صَلاتُهُ)

- ‌(بابٌ لَا يَجُوزُ الوُضُوءُ بالنَّبِيذِ ولاٍ بالمُسْكِرِ)

- ‌(بابُ غَسْلِ المَرّأةِ أَبَاهَا الدَّمَ عنْ وَجْهِهِ)

- ‌(بابُ السِّواكِ)

- ‌(بابُ دَفْعُ السَّوَاكِ إِلَى الأكْبَرَ)

- ‌(بابِ فَضْلِ مَنْ بَاتَ علَى الوُضوُءِ)

- ‌(كتاب الغسْلِ)

- ‌(بابُ الوُضوءِ قَبْلَ الغُسْلِ)

- ‌(بابُ غُسْلِ الرَّجُلِ مَعَ امْرأَتِهِ)

- ‌(بابُ الغُسْلِ بِالصَّاعِ وَنَحْوِهِ)

- ‌(بابُ مَنْ أَفَاضَ عَلَى رَأْسِهِ ثَلاثاً)

- ‌(بابُ الغُسْل مَرَّةً وَاحِدَةً)

- ‌(بابُ مَنْ بَدَأَ بالحِلابِ أَوْ الطِيّبِ عِنْدَ الغُسْلِ)

- ‌(بابُ المَضْمَضَةِ والإِسْتِنْشَاقِ فِي الجَنَابَةِ)

- ‌(بابُ مَسْحِ اليَدِ بالتُّرَابِ لِيَكُونَ أَنْقَى)

- ‌(بابُ هَلْ يُدْهِلُ الجُنُبُ يَدَهُ فِي الإنَاءِ قَبْلَ أنْ يَغْسِلَهَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى يَدِهِ قَذَرُ غَيْرُ الجَنَابَةِ)

- ‌(بابُ تَفْرِيقِ الغُسْلِ والوُضُوءِ)

- ‌(بابُ مَنْ أَفْرَغَ بِيَمِنِهِ عَلَى شِمَالِهِ فِي الغُسْلِ)

- ‌(بابٌ إذَا جامَعَ ثُمَّ عادَ وَمَنْ دَارَ علَى نِسَائِهِ فِي غُسْلٍ وَاحِدٍ)

- ‌(بابُ غَسْلِ المَذْىٍ وَالوُضُوءِ مِنْهُ)

- ‌(بابُ مَنْ تَطَيَّبَ ثُمَّ اغْتَسَلَ وَبَقِيَ أثرُ الطيِّبِ)

- ‌(بابُ تَخْلِيلِ الشِّعَرِ حَتَّى إذَا أنَّهُ قَدْ أرْوَى بَشَرَتَهُ أفَاضَ عَلَيْهِ

- ‌(بابُ مَنْ تَوَضَّلَ فِي الجَنَابَةِ ثُمَّ غَسَلَ جَسَدِهِ وَلَمْ يُعِدْ غَسْلَ مَوَاضِعِ الوُضُوءِ مَرَّةً أُخْرَى

- ‌(بابُ إذَا ذَكَرَ فِي المَسْجِدِ أنَّهُ جُنُبٌ يَخْرُجُ كَمَا هُوَ وَلَا يَتَيَمَّمُ)

- ‌(بابُ نَفْضِ اليدَيْنِ مِنْ الغُسْلِ عَنُ الجَنَابَةِ)

- ‌(بابُ مَنْ بَدَأَ رَأْسِهِ الأيْمَنِ فِي الغُسْلِ)

- ‌(بابُ مَنِ اغْتَسَل عُرْيَاناً وَحْدَهُ فِي الخَلْوَةِ وَمَنْ تَسَتَّرَ فالتَّسَتُّرُ أَفْضَلُ)

- ‌(بابُ التَسَتَّرِ فِي الغُسْلِ عِنْدَ النَّاس)

- ‌(بابٌ إذَا احتَلَمَتِ المَرْأَةُ)

- ‌(بابُ عَرَق الجَنُبٍ وَإنَّ المُسْلِمَ لَا يَنْجُسُ)

- ‌(بابُ الجُنُبُ يَخْرُجُ وَيَمْشِي فِي السُّوقِ وَغَيْرِهِ)

- ‌(بابُ كَيْنُونَةِ الجُنُبِ فِي الَبْيتِ إذَا تَوَضَّأَ قَبْلَ أَنْ يَغْتَسِلَ

- ‌(بابُ نَوْم الجُنُبُ)

- ‌(بابُ الجنُبِ يَتَوَضَأُ ثُمَّ يَنَامُ)

- ‌(بابٌ إذَا التَقَى الخِتَانانِ)

- ‌(بابُ غَسْلِ مَا يُصيبُ منْ رُطُوبَةِ فَرْجِ المَرْأَةِ)

- ‌(كتاب الحيضِ)

- ‌(بابُ كَيْفَ كانَ بَدْءَ الحَيْضِ)

- ‌(بابُ غَسْلِ الحَائِضِ رَأْسَ زَوْجِها وَتَرْجِيلِهِ)

- ‌(بابُ قِرَاءَةِ الرَّجُلِ فِي حِجْرِ امْرَأَتِهِ وَهِيَ حائِضٌ)

- ‌(بابُ مَنْ سَمَّى النِّفَاسَ حَيْضاً)

- ‌(بابُ مُبَاشَرَةِ الحَائِضِ)

- ‌(بابُ تَرْكِ الحَائِضِ الصَّوْمَ)

- ‌(بابُ تَقْضِي الحَائِضُ المَنَاسِكَ كُلَّها إلَاّ الطَّوافَ بالبَيْتِ)

- ‌(بابُ الاسْتِحَاضَةِ)

- ‌(بابُ غَسْلِ دَمِ المَحِيضِ)

- ‌(بابُ الاعْتِكَافِ لِلْمُسْتَحاضَةِ)

- ‌(بابٌ هَلْ تُصَلِّى المَرْأَةُ فِي ثَوْبٍ حاضَتْ فِيهِ

- ‌(بابُ الَطِّيبِ لِلْمَرْأَةِ عِنْدَ غَسْلِهَا مِنَ الحَيْضِ)

- ‌(بابُ دَلْكِ المَرْأَةِ نَفْسَها أذَا تَطَهَّرَتْ مِنَ المَحِيضِ وَكَيْفَ تَغْتَسِلُ وَتَأْخُذُ فِرْصَةً مُمَسَّكَةً فَتَتَّبِعُ بِهَا أَثَرَ الدَّمِ)

- ‌(بابُ غُسْلِ المَحِيضِ)

- ‌(بابُ امْتِشاطِ المَرْأَةِ عِنْدَ غُسْلِها مِنَ المَحِيضِ)

- ‌(بابُ نَقْضِ المَرْأَةِ شَعْرَهَا عِنْدَ غُسَلِ المَحِيضِ)

- ‌(بابٌ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرَ مُخَلَّقَةٍ}

- ‌(بابُ كَيفَ تُهِلُّ الحائِضُ بالحَجِّ والعُمْرَةِ)

- ‌(بابُ إقْبالِ المَحِيضِ وإدْبارِهِ)

- ‌(بابٌ لَا تَقْضِي الحائِضُ الصَّلاةَ)

- ‌(بابُ النَّوْمَ مَعَ الحَائِضِ وهْيَ فِي ثِيَابِهَا)

- ‌(بابُ مَنْ اتخَذَ ثِيَابَ الْحَيْضِ سِوَى ثِيَابِ الطُّهْرِ)

- ‌(بابُ شُهُودِ الحَائِضِ الْعِيدَيْنِ وَدَعْوَةَ المُسْلِمِينَ وَيَعْتَزِلْنَ الْمُصَلَّى)

- ‌(بابٌ إذَا حاضَتْ فِي شَهْرٍ ثَلَاثَ حِيَضٍ وَمَا يُصَدَّقُ النِّساءُ فِي الْحَيْضِ وَالْحَمْلِ فِيما يُمْكِنُ مِنَ الْحَيْضِ لِقَوْلِ الله تَعَالَى وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ الله فِي أرْحَامِهِنَّ)

- ‌(بابُ الصُّفْرَةِ والْكُدْرَةِ فِي غَيْرِ أيَّامِ الْحَيْضِ)

- ‌(بابُ عِرْق الإسْتِحَاضَة)

- ‌(بابُ الْمَرأةِ تَحِيضُ بَعْدَ الإفَاضَة)

- ‌(بابٌ إذَا رَأَتِ الْمُسْتَحَاضَةُ الطُّهْرَ)

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ عَلَى النُّفَسَاءِ وَسُنَّتِهَا)

- ‌(بابٌ)

الفصل: ‌(باب من لم يتوضأ من لحم الشاة والسويق)

الْحَدث، وتقييده بِوَقْت اللّبْس أَمر زَائِد لَا يفهم من الْعبارَة. فَإِذا تقرر هَذَا على هَذَا لم يكن الحَدِيث حجَّة على صَاحب (الْهِدَايَة) ، بل هُوَ حجَّة لَهُ، حَيْثُ اشْترط الطَّهَارَة لأجل جَوَاز الْمسْح، وَحجَّة عَلَيْهِ حَيْثُ يَأْخُذ مِنْهُ مَا لَيْسَ يدل على مدعاه. وَقَالَ الطَّحَاوِيّ: معنى قَوْله صلى الله عليه وسلم: أدخلتهما طاهرتين، يجوز أَن يُقَال: غسلتهما، وَإِن لم يكمل الطَّهَارَة صلى رَكْعَتَيْنِ قبل أَن يتم صلَاته، وَيحْتَمل أَن يُرِيد: طاهرتان من جَنَابَة أَو خبث. وَلَو قلت: دَخَلنَا الْبَلَد وَنحن ركبان، يشْتَرط أَن يكون كل وَاحِد رَاكِبًا عِنْد دُخُوله، وَلَا يشْتَرط افترانهم فِي الدُّخُول، فَتكون كل وَاحِدَة من رجلَيْهِ عِنْد إدخالها الْخُف طَاهِرَة إِذا لم يدخلهما الْخُفَّيْنِ مَعًا، وهما طاهرتان، لِأَن إدخالهما مَعًا غير مُتَصَوّر عَادَة، وَإِن أَرَادَ إِدْخَال كل وَاحِدَة الْخُف وَهِي طَاهِرَة بعد الْأُخْرَى فقد وجد الْمُدَّعِي، وَمَعَ هَذَا فَإِن هَذِه الْمَسْأَلَة مَبْنِيَّة على أَن التَّرْتِيب شَرط عِنْد الشَّافِعِي وَلَيْسَ بِشَرْط عندنَا، وَقَالَ: هَذَا الْقَائِل أَيْضا: وَلابْن خُزَيْمَة، من حَدِيث صَفْوَان بن عَسَّال:(أمرنَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَن نمسح على الْخُفَّيْنِ إِذا نَحن أدخلناهما على طهر ثَلَاثًا إِذا سافرنا، وَيَوْما وَلَيْلَة إِذا أَقَمْنَا) . قَالَ ابْن خُزَيْمَة: ذكرته للمزني فَقَالَ لي: حدث بِهِ أَصْحَابنَا، فَإِنَّهُ أقوى حجَّة للشَّافِعِيّ. قلت: فَإِن كَانَ مُرَاده من قَوْله: فَإِنَّهُ من أقوى حجَّة، كَون مُدَّة الْمسْح للْمُسَافِر ثَلَاثَة أَيَّام وللمقيم يَوْمًا وَلَيْلَة، فَمُسلم. وَنحن نقُول بِهِ، وَإِن كَانَ مُرَاده اشْتِرَاط الطَّهَارَة وَقت اللّبْس فَلَا نسلم ذَلِك، لِأَنَّهُ لَا يفهم ذَلِك من نَص الحَدِيث على مَا ذَكرْنَاهُ الْآن. وَقَالَ أَيْضا: وَحَدِيث صَفْوَان، وَإِن كَانَ صَحِيحا، لكنه لَيْسَ على شَرط البُخَارِيّ، لَكِن حَدِيث الْبَاب مُوَافق لَهُ فِي الدّلَالَة على اشْتِرَاط الطَّهَارَة عِنْد اللّبْس. قلت: بعد أَن صَحَّ حَدِيث صَفْوَان عِنْد جمَاعَة من الْمُحدثين لَا يلْزم أَن يكون على شَرط البُخَارِيّ. وَقَوله: مُوَافق لَهُ فِي الدّلَالَة. إِلَى آخِره، غير مُسلم فِي كَون الطَّهَارَة عِنْد اللّبْس. نعم، مُوَافق لَهُ فِي مُطلق اشْتِرَاط الطَّهَارَة لَا غير، فَإِن ادّعى هَذَا الْقَائِل أَنه يدل على كَونهَا عِنْد اللّبْس، فَعَلَيهِ الْبَيَان بِأَيّ نوع من أَنْوَاع الدّلَالَة. الثَّالِث: من الْأَحْكَام، فِيهِ: خدمَة الْعَالم، وللخادم أَن يقْصد إِلَى مَا يعرف من خدمته دون أَن يَأْمر بهَا. الرَّابِع: فِيهِ إِمْكَان الْفَهم عَن الْإِشَارَة ورد الْجَواب بِالْعلمِ على مَا يفهم من الْإِشَارَة، لِأَن الْمُغيرَة أَهْوى لينزع الْخُفَّيْنِ، ففهم عَنهُ صلى الله عليه وسلم مَا أَرَادَ، فَأجَاب بِأَنَّهُ يجْزِيه الْمسْح. الْخَامِس: فِيهِ: أَن من لبس خفيه على غير طَهَارَة انه لَا يمسح عَلَيْهِمَا بِلَا خلاف.

50 -

(بابُ مَنْ لَمْ يَتَوَضَّأْ مِنْ لَحْمِ الشَّاةِ والسَّوِيقِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي حكم من لم يتَوَضَّأ من أكل لحم الشَّاة، قيد بِلَحْم الشَّاة ليندرج مَا هُوَ مثلهَا وَمَا هُوَ دونهَا فِي حكمهَا. قَوْله:(والسويق) بِالسِّين وَالصَّاد، لُغَة فِيهِ لمَكَان المضارعة، وَالْجمع: أسوقة. وَسمي بذلك لانسياقه فِي الْخلق، والقطعة من السويق سويقة، وَعَن أبي حنيفَة: الجذيذة السويق، لِأَن الْحِنْطَة جذت لَهُ. يُقَال: جذذت الْحِنْطَة للسويق. وَقَالَ أَبُو حَاتِم: إِذا أَرَادوا أَن يعملوا الفريصة، وَهِي ضرب من السويق، ضربوا من الزَّرْع مَا يُرِيدُونَ حِين يستفرك، ثمَّ يسهمونه، وتسهيمه أَن يسخن على المقلى حَتَّى ييبس، وَإِن شاؤا جعلُوا مَعَه على المقلى الفودنج، وَهُوَ أطيب الْأَطْعِمَة. وَعَابَ رجل السويق بِحَضْرَة أَعْرَابِي فَقَالَ: لَا تَعبه، فَإِنَّهُ عدَّة الْمُسَافِر، وَطَعَام العجلان، وغذاء المبتكر، وبلغة الْمَرِيض، وَهُوَ يسر فؤاد الحزين، وَيرد من نفس المحرور، وجيد فِي التسمين، ومنعوت فِي الطِّبّ، وفقارة لحلق البلغم، وملتوته يصفي الدَّم؛ وَإِن شِئْت كَانَ شرابًا، وَإِن شِئْت كَانَ طَعَاما، وَإِن شِئْت ثريداً وَإِن شِئْت خبيصاً. وثريت السويق: صببت عَلَيْهِ مَاء ثمَّ لتيته، وَفِي (مجمع الغرائب) : ثرى يثري ثرية: إِذا بل التُّرَاب، وَإِنَّمَا بل السويق لما كَانَ لحقه من اليبس والقدم، وَهُوَ شَيْء يتَّخذ من الشّعير أَو الْقَمْح، يدق فَيكون شبه الدَّقِيق إِذا احْتِيجَ إِلَى أكله خلط بِمَاء، أَو لبن أَو رب أَو نَحوه. وَقَالَ قوم: الكعك. قَالَ السفاقسي: قَالَ بَعضهم: كَانَ ملتوتاً بِسمن. وَقَالَ الدَّاودِيّ: هُوَ دَقِيق الشّعير والسلت المقلو، وَيرد قَول من قَالَ: إِن السويق هُوَ الكعك قَول الشَّاعِر:

(يَا حبذا الكعك بِلَحْم مثرود

وخشكنان مَعَ سويق مقنود.)

وَقَالَ ابْن التِّين لَيْسَ فِي حَدِيثي الْبَاب ذكر السويق، وَقَالَ بَعضهم: أُجِيب بِأَنَّهُ دخل من بَاب أولى، لِأَنَّهُ إِذا لم يتَوَضَّأ من اللَّحْم مَعَ دسومته، فعدمه من السويق أولى، وَلَعَلَّه أَشَارَ بذلك إِلَى الحَدِيث فِي الْبَاب الَّذِي بعد. قلت: وَإِن سلمنَا مَا قَالَه،

ص: 103

فتخصيص السويق بِالذكر لماذا؟ وَقَوله: وَلَعَلَّه

إِلَى آخِره، أبعد من الْجَواب الأول، لِأَنَّهُ عقد على السويق بَابا، فَلَا يذكر إلَاّ فِي بَابه، وَذكره إِيَّاه هَهُنَا لَا طائل تَحْتَهُ. لِأَنَّهُ لَا يُفِيد شَيْئا زَائِدا.

وَجه الْمُنَاسبَة بَين الْبَابَيْنِ ظَاهر، لِأَن أَكثر هَذِه الْأَبْوَاب فِي أَحْكَام الْوضُوء.

وأكَلَ أبُو بَكْرٍ وعُمَرُ وعُثْمانُ رضي الله عنهم فَلَمْ يَتَوَضَّؤوُا

لَيْسَ فِي رِوَايَة أبي ذَر لَحْمًا، وَإِنَّمَا روى: أكل أَبُو بكر وَعمر وَعُثْمَان فَلم يتوضؤوا، وَوجد ذَلِك فِي رِوَايَة الْكشميهني، وَالْأولَى أَعم، لِأَن فِيهَا حذف الْمَفْعُول، وَهُوَ يتَنَاوَل أكل كل مَا مسته النَّار لَحْمًا أَو غَيره، وَكَذَا وصل هَذَا التَّعْلِيق الطَّبَرَانِيّ فِي (مُسْند الشاميين) بِإِسْنَاد حسن من طَرِيق سُلَيْمَان بن عَامر، قَالَ:(رَأَيْت أَبَا بكر وَعمر وَعُثْمَان أكلُوا مِمَّا مست النَّار وَلم يتوضؤوا) وروى ابْن أبي شيبَة عَن هَيْثَم: أخبرنَا عَليّ بن زيد حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر، قَالَ:(أكلت مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَمَعَ أبي بكر وَعمر وَعُثْمَان خبْزًا وَلَحْمًا فصلوا وَلم يتوضؤوا) وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ عَن ابْن أبي عمر عَن ابْن عُيَيْنَة حَدثنَا ابْن عقيل فَذكره مطولا، وَرَوَاهُ ابْن حبَان عَن عبد الله بن مُحَمَّد حَدثنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم حَدثنَا أَبُو عَلْقَمَة عبد الله بن مُحَمَّد بن أبي فَرْوَة حَدثنِي مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر عَنهُ، وَرَوَاهُ ابْن خُزَيْمَة حَدثنَا مُوسَى بن سهل حَدثنَا عَليّ بن عَبَّاس حَدثنَا شُعَيْب بن أبي حَمْزَة عَن ابْن الْمُنْكَدر، وروى الطَّحَاوِيّ عَن أبي بكرَة، قَالَ: حَدثنَا أَبُو دَاوُد، قَالَ: حَدثنَا رَبَاح بن أبي مَعْرُوف عَن عَطاء عَن جَابر، قَالَ:(أكلنَا مَعَ ابي بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، خبْزًا وَلَحْمًا ثمَّ صلى وَلم يتَوَضَّأ) . وَأخرجه الطَّحَاوِيّ من عشر طرق، وروى أَيْضا عَن جمَاعَة من الصَّحَابَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، نَحوه. قَوْله:(فَلم يتوضؤوا) : غَرَضه مِنْهُ بَيَان الْإِجْمَاع السكوتي.

70 -

(حَدثنَا عبد الله بن يُوسُف قَالَ أخبرنَا مَالك عَن زيد بن أسلم عَن عَطاء بن يسَار عَن عبد الله بن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - أكل كتف شَاة ثمَّ صلى وَلم يتَوَضَّأ) مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. (بَيَان رِجَاله) وهم خَمْسَة. كلهم ذكرُوا. وَمن لطائف إِسْنَاده التحديث بِصِيغَة الْجمع والإخبار بِصِيغَة الْجمع والعنعنة. (بَيَان من أخرجه غَيره) أخرجه مُسلم وَأَبُو دَاوُد جَمِيعًا فِي الطَّهَارَة عَن القعْنبِي عَن مَالك. (بَيَان الْمَعْنى) قَوْله " أكل كتف شَاة " أَي أكل لَحْمه وَفِي لفظ للْبُخَارِيّ فِي الْأَطْعِمَة " تعرق " أَي أكل مَا على الْعرق بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون الرَّاء وَهُوَ الْعظم وَيُقَال لَهُ الْعرَاق بِالضَّمِّ أَيْضا وَفِي لفظ " انتشل عرقا من قدر " وَعند مُسلم " أَنه أكل عرقا أَو لَحْمًا ثمَّ صلى وَلم يتَوَضَّأ وَلم يمس مَاء " وَرَوَاهُ أَبُو إِسْحَاق السراج فِي مُسْنده بِزِيَادَة " وَلم يمضمض " وَفِي مُسْند أَحْمد " انتهش من كتف " وَعند ابْن ماجة " ثمَّ مسح يَده بمسح كَانَ تَحْتَهُ " وَفِي الْمنصف " أكل من عظم أَو تعرق من ضلع " وَفِي سنَن أبي دَاوُد " فرأيته يسيل على لحيته أمشاج من دم دَمًا ثمَّ قَامَ إِلَى الصَّلَاة " وَفِي مُسْند القَاضِي إِسْمَاعِيل بن إِسْحَاق كَانَ ذَلِك فِي بَيت ضباعة بنت الْحَارِث بن عبد الْمطلب وَهِي بنت عَم النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ -. (بَيَان الحكم) وَهُوَ أكل مَا مسته النَّار لَا يُوجب الْوضُوء وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَالْأَوْزَاعِيّ وَأبي حنيفَة وَمَالك وَأحمد واسحق وَأبي ثَوْر وَأهل الشَّام وَأهل الْكُوفَة وَالْحسن بن الْحسن وَاللَّيْث بن سعد وَأَبُو عبيد وَدَاوُد بن عَليّ وَابْن جرير الطَّبَرِيّ إِلَّا أَن أَحْمد يرى الْوضُوء من لحم الْجَزُور فَقَط وَقَالَ ابْن الْمُنْذر وَكَانَ أَبُو بكر وَعمر وَعُثْمَان وَعلي وَابْن مَسْعُود وعامر بن ربيعَة وَأَبُو أُمَامَة وَأبي بن كَعْب وَأَبُو الدَّرْدَاء لَا يرَوْنَ الْوضُوء مِمَّا مست النَّار وَقَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ وَالزهْرِيّ وَأَبُو قلَابَة وَأَبُو مجلز وَعمر بن عبد الْعَزِيز يجب الْوضُوء مِمَّا غيرت النَّار وَهُوَ قَول زيد بن ثَابت وَأبي طَلْحَة وَأبي مُوسَى وَأبي هُرَيْرَة وَأنس وَعَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ وَأم حَبِيبَة أم الْمُؤمنِينَ وَأبي أَيُّوب وَاحْتَجُّوا بِأَحَادِيث كَثِيرَة مِنْهَا حَدِيث أبي طَلْحَة صَاحب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - " عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - أَنه أكل ثَوْر أقط فَتَوَضَّأ مِنْهُ قَالَ عمر والثور الْقطعَة " رَوَاهُ الطَّحَاوِيّ بِإِسْنَاد صَحِيح وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير وَمِنْهَا حَدِيث زيد بن ثَابت رضي الله عنه عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - قَالَ " توضؤا مِمَّا غيرت النَّار " رَوَاهُ الطَّحَاوِيّ وَالنَّسَائِيّ وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير وَمِنْهَا حَدِيث أم حَبِيبَة قَالَت " أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - قَالَ

ص: 104