الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
توضؤا مِمَّا مست النَّار " رَوَاهُ الطَّحَاوِيّ بِإِسْنَاد صَحِيح وَأحمد فِي مُسْنده وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَمِنْهَا حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - " توضؤا مِمَّا غيرت النَّار وَلَو من ثَوْر أقط " رَوَاهُ الطَّحَاوِيّ بِإِسْنَاد صَحِيح وَأخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير وَأحمد فِي مُسْنده وَأخرجه التِّرْمِذِيّ والسراج فِي مُسْنده وَمِنْهَا حَدِيث سهل بن الْحَنَفِيَّة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - " من أكل لَحْمًا فَليَتَوَضَّأ " رَوَاهُ الطَّحَاوِيّ بِإِسْنَاد حسن واحتجت الْجَمَاعَة الأولى بِأَحَادِيث مِنْهَا حَدِيث ابْن عَبَّاس وَحَدِيث عَمْرو بن أُميَّة وَغَيرهمَا وَأَحَادِيث هَؤُلَاءِ مَنْسُوخَة بِمَا روى عَن جَابر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ " كَانَ آخر الْأَمريْنِ من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - هُوَ ترك الْوضُوء مِمَّا مست النَّار " أخرجه الطَّحَاوِيّ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَقَالُوا أَيْضا يجوز أَن يكون المُرَاد من الْوضُوء فِي الْأَحَادِيث الأول غسل الْيَد لَا وضوء الصَّلَاة فَإِن قلت روى تَوَضَّأ وروى وَلم يتَوَضَّأ قلت هُوَ دائر بَين الْأَمريْنِ فَحَدِيث جَابر بَين أَن المُرَاد الْوضُوء الَّذِي هُوَ غسل الْيَد
208 -
حدّثنا يَحْيىَ بنُ بُكَيْرٍ قَالَ حدّثنا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابنِ شِهابٍ قالَ أخْبرَنِي جَعْفَرُ بنُ عَمْرِ وابِن أُمَيَّةَ أنّ أخْبَرهُ أَبَاهُ أنَّهُ رأى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يَحْتَزُّ مِنْ كَتِفِ شَاةٍ فَدُعِيَ إِلَى الصَّلَاةِ فألْقى السِّكِّينَ فَصَلَّى ولَمْ يَتَوضَّأْ..
مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
بَيَان رِجَاله وهم سِتَّة. الأول: يحيى بن بكير هُوَ يحيى بن عبد الله بن بكير الْمصْرِيّ. الثَّانِي: اللَّيْث بن سعد الْمصْرِيّ. الثَّالِث: عقيل، بِضَم الْعين: بن خَالِد الْأَيْلِي الْمصْرِيّ، سبقوا فِي كتاب الْوَحْي. الرَّابِع: مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب الزُّهْرِيّ. الْخَامِس: جَعْفَر بن عَمْرو بن أُميَّة. السَّادِس: أَبوهُ عَمْرو بن امية.
بَيَان لطائف اسناده مِنْهَا: أَن فِيهِ التحديث بِصِيغَة الْجمع والعنعنة والإخبار. وَمِنْهَا: أَن ثَلَاثَة من رُوَاته مصريون وَالثَّلَاثَة الْبَاقِيَة مدنيون. وَمِنْهَا: أَن فيهم إمامين كبيرين.
ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الصَّلَاة عَن عبد الْعَزِيز بن عبد الله، وَفِي الْجِهَاد كَذَلِك، وَفِي الْأَطْعِمَة عَن أبي الْيَمَان، وفيهَا عَن مُحَمَّد بن مقَاتل أَيْضا. وَأخرجه مُسلم فِي الطَّهَارَة عَن مُحَمَّد بن الصَّباح، وَعَن أَحْمد بن عِيسَى. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الْأَطْعِمَة عَن مَحْمُود بن غيرن. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْوَلِيمَة عَن أَحْمد بن مُحَمَّد. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي الطَّهَارَة عَن عبد الرَّحْمَن بن إِبْرَاهِيم بن دُحَيْم.
بَيَان الْمَعْنى وَغَيره قَوْله: (يحتز) بِالْحَاء الْمُهْملَة وبالزاي اي: يقطع، يُقَال احتزه اي: قطعه. وَزَاد البُخَارِيّ فِي الْأَطْعِمَة من طَرِيق معمر عَن الزُّهْرِيّ: (يَأْكُل مِنْهَا)، وَفِي الصَّلَاة من طَرِيق صَالح عَن الزُّهْرِيّ:(يَأْكُل ذِرَاعا يحتز مِنْهَا)، وَفِي أُخْرَى:(يحتز من كتف يَأْكُل مِنْهَا) . قَوْله: (من كتف شَاة) قَالَ ابْن سَيّده: الْكَتف الْعَظِيم بِمَا فِيهِ، وَهِي أُنْثَى، وَالْجمع أكتاف. يُقَال: كتف، بِفَتْح الْكَاف وَكسر التَّاء، و: كتف، بِكَسْر الْكَاف وَسُكُون التَّاء، وَقيل: هِيَ عظم عريض خلف الْمنْكب، وَهِي تكون للنَّاس وَغَيرهم، والكتف من الْإِبِل وَالْخَيْل وَالْبِغَال وَالْحمير وَغَيرهَا: مَا فَوق الْعَضُد. وَقيل: الكتفان أَعلَى الْيَدَيْنِ، وَالْجمع أكتاف. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: لم يجاوزوا بِهِ هَذَا الْبناء، وَحكى اللحياني فِي جمعه: كتفه. قَوْله: (فالقى السكين) زَاد فِي الْأَطْعِمَة عَن أبي الْيَمَان عَن شُعَيْب عَن الزُّهْرِيّ: (فألقاها) . و: السكين، على وزن: فعيل، كشريب يذكر وَيُؤَنث. وَحكى الْكسَائي: سكينَة، وَلَعَلَّه سمى بِهِ لِأَنَّهُ يسكن حَرَكَة الْمَذْبُوح بِهِ.
بَيَان استنباط الْأَحْكَام الأول: فِيهِ دلَالَة على أَن أكل مَا مسته النَّار لَا يُوجب الْوضُوء، وَقد ذَكرْنَاهُ. الثَّانِي: فِيهِ جَوَاز قطع اللَّحْم بالسكين. فَإِن قلت: ورد النَّهْي عَن ذَلِك فِي (سنَن ابي دَاوُد) . قلت: حَدِيث ضَعِيف، فَإِذا ثَبت خص بِعَدَمِ الْحَاجة الداعية إِلَى ذَلِك لما فِيهِ من التَّشَبُّه بالأعاجم وَأهل الترف. الثَّالِث: فِيهِ جَوَاز دُعَاء الْأَئِمَّة إِلَى الصَّلَاة، وَكَانَ الدَّاعِي فِي الحَدِيث بِلَالًا، رضي الله عنه. الرَّابِع: فِيهِ قبُول الشَّهَادَة على النَّفْي محصوراً، مثل هَذَا أعنى قَوْله:(وَلم يتَوَضَّأ) .
51 -
(بابُ مَنْ مَضْمَضَ مِنَ السَّوِيقِ ولَمْ يَتَوَضَّأْ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم من مضمض من أكل السويق وَلم يتَوَضَّأ. وَفِي رِوَايَة: (لم يتَوَضَّأ) يجوز وَجْهَان. أَحدهمَا: إِثْبَات
الْهمزَة الساكنة، عَلامَة للجزم. وَالْآخر: حذفهَا. تَقول: لم يتوضَّ، كَمَا تَقول: لم يخشَ، بِحَذْف الْألف، وَالْأول هُوَ الْأَشْهر. وَقَالَ بعض الشَّارِحين: يجوز فِي: (لم يتَوَضَّأ) رِوَايَتَانِ. قلت: لَا يُقَال فِي مثل هَذَا رِوَايَتَانِ، بل يُقَال: وَجْهَان، أَو لُغَتَانِ، أَو طَرِيقَانِ، أَو نَحْو ذَلِك.
209 -
حدّثنا عَبْدُ اللَّهِ بنُ يُوسُفَ قَالَ أخْبرنا مالِكٌ عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيدٍ عَنْ بُشيْرِ بنِ يَسَارٍ مَوْلَى بَنِي حارِثَةَ أنّ سُوَيْدَ بن النُّعْمانِ أخْبرَهُ أنَّهُ خَرَجَ مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَام خَيْبَرَ حتَّى إذَا كانُوا بالصَّهْبَاءِ وَهْيَ أدْنَى خَيْبَرَ فَصَلَّى العَصْرَ ثُمَّ دَعا بِالَازْوَادِ فَلَمْ يُؤْتَ إلَاّ بِالسَّوِيق فأمرَ بِهِ فَتُرِّي فَأكَلَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وأكلْنَا ثُمَّ قامَ إلَى المَغْرِبِ فمَضْمَضَ ومَضْمَضْنَا ثُمَّ صلي ولَمْ يَتَوَضَّأ..
مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
بَيَان رِجَاله وهم خَمْسَة: الثَّلَاثَة الأُول تكَرر ذكرهم، وَيحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ، وَبشير، بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَفتح الشين الْمُعْجَمَة: ابْن يسَار بِفَتْح، الْيَاء آخر الْحُرُوف: كَانَ شَيخا كَبِيرا فَقِيها فَقِيها أدْرك عَامَّة الصَّحَابَة، وسُويد بِضَم السِّين الْمُهْملَة وَفتح الْوَاو سُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف ابْن النُّعْمَان، بِضَم النُّون: الْأنْصَارِيّ الأوسي الْمدنِي من أَصْحَاب بيعَة الرضْوَان، رُوِيَ لَهُ سَبْعَة أَحَادِيث للْبُخَارِيّ مِنْهَا حَدِيث وَاحِد، وَهُوَ هَذَا الحَدِيث.
بَيَان لطائف اسناده مِنْهَا: أَن فِيهِ التحديث بِصِيغَة الْجمع، والإخبار كَذَلِك والعنعنة. وَمِنْهَا: أَن رُوَاته كلهم مدنيون إلَاّ شيخ البُخَارِيّ. وَمِنْهَا: أَن فِيهِ رِوَايَة التَّابِعِيّ عَن التَّابِعِيّ، كِلَاهُمَا من أكَابِر التَّابِعين. وَمِنْهَا: أَن رُوَاته كلهم أَئِمَّة أجلاء فُقَهَاء كبار.
بَيَان تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره أخرجه البُخَارِيّ فِي سَبْعَة مَوَاضِع من الْكتاب فِي الطَّهَارَة فِي موضِعين، وَفِي أَحدهمَا عَن عبد الله بن يُوسُف، وَفِي الآخر عَن خَالِد بن مخلد، وَأخرجه فِي الْمَغَازِي عَن القعْنبِي عَن مَالك، وَعَن مُحَمَّد بن بشار، وَفِي الْجِهَاد عَن مُحَمَّد بن الْمثنى، وَفِي موضِعين فِي الْأَطْعِمَة أَحدهمَا: عَن عَليّ بن عبد الله، وَعَن سُلَيْمَان بن حَرْب. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الطَّهَارَة عَن قُتَيْبَة عَن اللَّيْث، وَفِي الْوَلِيمَة عَن مُحَمَّد بن بشار. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِيهِ أَيْضا عَن أبي بكر بن أبي شيبَة.
بَيَان اللُّغَات وَالْإِعْرَاب قَوْله: (عَام خَيْبَر)، عَام: مَنْصُوب على الظَّرْفِيَّة. و: خَيْبَر، بَلْدَة مَعْرُوفَة بَينهَا وَبَين الْمَدِينَة نَحْو أَربع مراحل. وَقَالَ ابو عبيد: ثَمَانِيَة برد، وَسميت باسم رجل من العماليق نزلها وَكَانَ اسْمه خَيْبَر بن فانية بن مهلائل، وَكَانَ عُثْمَان، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، مصَّرها، وَهِي غير منصرف للعلمية والتأنيث، فتحهَا رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ عِيَاض: اخْتلفُوا فِي فتحهَا، فَقيل: فتحت عنْوَة، وَقيل: صلحا، وَقيل: جلا أَهلهَا عَنْهَا بِغَيْر قتال، وَقيل: بَعْضهَا صلحا وَبَعضهَا عنْوَة وَبَعضهَا جلاء أَهلهَا بِغَيْر قتال. قَوْله: (بالصبهاء) بِالْمدِّ، مَوضِع على رَوْحَة من خَيْبَر، كَذَا رَوَاهُ فِي الْأَطْعِمَة، وَقَالَ الْبكْرِيّ: على بريد، على لفظ تَأْنِيث أصهب. قَوْله:(وَهِي أدنى خَيْبَر) أَي: اسفلها وطرفها جِهَة الْمَدِينَة. قَوْله: (فصلى الْعَصْر)، الْفَاء: فِيهِ لمحض الْعَطف وَلَيْسَت للجزاء إِذْ قَوْله: إِذا لَيست جزائية بل هِيَ ظرفية. قَوْله: (بالأزواد) جمع زَاد، وَهُوَ طَعَام يتَّخذ للسَّفر. قَوْله:(فَأمر بِهِ) أَي: بالسويق. قَوْله: (فثرى) بِضَم الثَّاء الْمُثَلَّثَة، على صِيغَة الْمَجْهُول من الْمَاضِي، من التثرية، وَمَعْنَاهُ: بلَّ، وَقد مر مَعْنَاهُ عَن قريب مُسْتَوفى. قَوْله:(فَأكل رَسُول الله، عليه الصلاة والسلام أَي: مِنْهُ. قَوْله: (وأكلنا) زَاد فِي رِوَايَة سُلَيْمَان: (وشربنا) ؛ وَفِي الْجِهَاد من رِوَايَة عبد الْوَهَّاب: (فأكلنا وشربنا) . قَوْله: (فَمَضْمض) اي: قبل الدُّخُول فِي الصَّلَاة. فَإِن قلت: مَا فَائِدَة الْمَضْمَضَة مِنْهُ وَلَا دسم لَهُ؟ قلت: يحتبس مِنْهُ شَيْء فِي أثْنَاء الْأَسْنَان وجوانب الْفَم فيشغله تتبعه عَن أَحْوَال الصَّلَاة.
بَيَان استنباط الْأَحْكَام الأول: أَن فِيهِ اسْتِحْبَاب الْمَضْمَضَة بعد الطَّعَام، للمعنى الَّذِي ذَكرْنَاهُ آنِفا، وَقَالَ بَعضهم: اسْتدلَّ بِهِ البُخَارِيّ على جَوَاز صَلَاتَيْنِ فَأكْثر بِوضُوء وَاحِد. قلت: البُخَارِيّ لم يضع الْبَاب لذَلِك، وَإِن كَانَ يفهم مِنْهُ ذَلِك. الثَّانِي: فِيهِ دلَالَة على عدم وجوب الْوضُوء مِمَّا مسته النَّار، وَقَالَ الْخطابِيّ: فِيهِ دَلِيل على أَن الْوضُوء مِمَّا مست النَّار مَنْسُوخ لِأَنَّهُ مُتَقَدم، وخيبر كَانَت سنة سبع، وَقَالَ بَعضهم: لَا دلَالَة فِيهِ لِأَن أَبَا هُرَيْرَة حضر بعد فتح خَيْبَر. قلت: لَا يستبعد ذَلِك، لِأَن أَبَا هُرَيْرَة رُبمَا يروي حَدِيثا عَن صَحَابِيّ كَانَ ذَلِك قبل أَن يسلم فيسنده إِلَى النَّبِي، صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَآله وَسلم، لِأَن