المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب إذا رأت المستحاضة الطهر) - عمدة القاري شرح صحيح البخاري - جـ ٣

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌(بابُ الوُضُوءِ مَرَّةً مَرَّةً)

- ‌(بَاب الوُضُوءِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ)

- ‌(بابُ الوُضُوءِ ثَلاثاً ثَلاثاً)

- ‌(بابُ الاسْتِنْثَارِ فِي الوُضُوءِ)

- ‌(بابُ الاسْتجْمَارِ وِتْراً)

- ‌(بابُ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ وَلَا يَمْسَحُ عَلَى القَدَمَيْنِ)

- ‌(بابُ المَضْمَضَةِ فِي الوُضُوءِ)

- ‌(بابُ غَسْلِ الَاعْقَابِ)

- ‌(بابُ غَسْلِ الرِّجْليْنِ فِي النَّعْلَيْنِ ولَا يَمْسَحُ عَلَى النَّعْلَيْنِ)

- ‌(بابُ التَّيَمُّنِ فِي الوُضُوءِ والغُسل)

- ‌(بابُ الْتِمَاسِ الوَضُوءِ إِذا حانَتِ الصَّلاةُ)

- ‌(بابُ المَاءِ الَّذِي يُغْسَلُ بِهِ شَعْرُ الاِنْسانِ)

- ‌(بابُ مَنْ لَمْ يَرَ الوُضُوءَ إلَاّ مِنَ المَخْرجَيْنِ القُبُلِ والدُّبُرِ)

- ‌(بابُ الرَّجُلِ يُوَضِّىءُ صَاحبَهُ)

- ‌(بابُ قِرَاءَةِ القُرْآنِ بَعْدَ الحَدَثِ وَغَيْرِهِ)

- ‌(بابُ مَنْ لَمْ يرَ الوُضُوءَ إِلَّا مِنَ الغَشْيِ المُثْقِلِ)

- ‌(بابُ مَسْحِ الرَّأْسِ كُلِّهِ)

- ‌(بابُ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ إلَى الكعْبَيْنِ)

- ‌(بابُ اسْتِعْمالِ فَضْل وَضُوءِ الناسِ)

- ‌(بابُ مَنْ مَضْمَضَ واسْتَنْشَقَ مِنْ غَرْفَةٍ وَاحِدةٍ)

- ‌(بابُ مَسْحِ الرَّأْسِ مَرَّةً)

- ‌(بابُ وُضُوءِ الرَّجُلِ مَعَ إمْرَأَتِهِ وَفَضْلِ وَضُوءِ المَرْأَةِ)

- ‌(بابُ صَبِّ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وَضوءَهُ علَى المُغْمَى عَلَيهِ)

- ‌(بابُ الْغُسْلِ وَالوُضُوءِ فِي المِخْضَبِ والقَدَحِ والخَشَبِ والحِجَارَةِ)

- ‌(بابُ الوُضُوء مِنَ التَّوْرِ)

- ‌(بابُ الوُضُوءِ بالمُدِّ)

- ‌(بابُ المَسْحِ عَلَى الخُفَّيْن)

- ‌(بابٌ إِذا أدْخَلَ رِجْلَيْهِ وهُمَا طَاهِرَتانِ)

- ‌(بابُ مَنْ لَمْ يَتَوَضَّأْ مِنْ لَحْمِ الشَّاةِ والسَّوِيقِ)

- ‌(بابُ مَنْ مَضْمَضَ مِنَ السَّوِيقِ ولَمْ يَتَوَضَّأْ)

- ‌(بَاب هَل يمضم من اللَّبن)

- ‌(بابُ الوُضُوءِ مِنَ النوْمِ)

- ‌(بابُ الوُضُوءِ مِنْ غَيْرِ حَدَثٍ)

- ‌ بَاب:

- ‌(بابُ مَا جاءَ فِي غَسْلِ البَوْلِ)

- ‌(بَاب)

- ‌(بابُ تَرْكِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وَالناس الَاعْرابيَّ حَتَّى فَرَغَ مِنْ بَوْلِه فِي المَسْجِدِ)

- ‌(بابُ صَبِّ المَاءِ عَلَى البَوْلِ فِي المَسْجِدِ)

- ‌(بابُ بَوْلِ الصِّبْيَانِ)

- ‌(بابُ البَوْلِ قائِماً وقاعِداً)

- ‌(بابُ البَوْلِ عنْدَ صاحبِهِ والتَّسَتُّرِ بالحَائِطِ)

- ‌(بابُ البَوْلِ عِنْدَ سُباطَةِ قوْمٍ)

- ‌(بابُ غَسْلِ الدَّمِ)

- ‌(بابُ غسْلِ المَنِيِّ وفَرْكِهِ وغَسْل مَا يُصِيبُ مِنَ المَرْأَةِ)

- ‌(بابُ إِذا غَسَلَ الجَنَابَةَ أَوْ غَيْرَها فَلمْ يَذْهَبْ أَثَرُهُ)

- ‌(بابُ أَبْوَالِ الابِلِ والدَّوابِّ والغَنَمِ ومَرَابِضهَا)

- ‌(بابُ مَا يَقَعُ مِنَ النَّجَاسات فِي السِّمْنِ والمَاءِ)

- ‌(بَاب البَولِ فِي الماءِ الدَّائِمِ)

- ‌(بابٌ إذَا أُلْقِيَ عَلى ظهْرِ المصَلِّى قَذَرٌ أَوْ جِيفَةٌ لَمْ تَفْسُدْ عَلَيْهِ صَلاتُهُ)

- ‌(بابٌ لَا يَجُوزُ الوُضُوءُ بالنَّبِيذِ ولاٍ بالمُسْكِرِ)

- ‌(بابُ غَسْلِ المَرّأةِ أَبَاهَا الدَّمَ عنْ وَجْهِهِ)

- ‌(بابُ السِّواكِ)

- ‌(بابُ دَفْعُ السَّوَاكِ إِلَى الأكْبَرَ)

- ‌(بابِ فَضْلِ مَنْ بَاتَ علَى الوُضوُءِ)

- ‌(كتاب الغسْلِ)

- ‌(بابُ الوُضوءِ قَبْلَ الغُسْلِ)

- ‌(بابُ غُسْلِ الرَّجُلِ مَعَ امْرأَتِهِ)

- ‌(بابُ الغُسْلِ بِالصَّاعِ وَنَحْوِهِ)

- ‌(بابُ مَنْ أَفَاضَ عَلَى رَأْسِهِ ثَلاثاً)

- ‌(بابُ الغُسْل مَرَّةً وَاحِدَةً)

- ‌(بابُ مَنْ بَدَأَ بالحِلابِ أَوْ الطِيّبِ عِنْدَ الغُسْلِ)

- ‌(بابُ المَضْمَضَةِ والإِسْتِنْشَاقِ فِي الجَنَابَةِ)

- ‌(بابُ مَسْحِ اليَدِ بالتُّرَابِ لِيَكُونَ أَنْقَى)

- ‌(بابُ هَلْ يُدْهِلُ الجُنُبُ يَدَهُ فِي الإنَاءِ قَبْلَ أنْ يَغْسِلَهَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى يَدِهِ قَذَرُ غَيْرُ الجَنَابَةِ)

- ‌(بابُ تَفْرِيقِ الغُسْلِ والوُضُوءِ)

- ‌(بابُ مَنْ أَفْرَغَ بِيَمِنِهِ عَلَى شِمَالِهِ فِي الغُسْلِ)

- ‌(بابٌ إذَا جامَعَ ثُمَّ عادَ وَمَنْ دَارَ علَى نِسَائِهِ فِي غُسْلٍ وَاحِدٍ)

- ‌(بابُ غَسْلِ المَذْىٍ وَالوُضُوءِ مِنْهُ)

- ‌(بابُ مَنْ تَطَيَّبَ ثُمَّ اغْتَسَلَ وَبَقِيَ أثرُ الطيِّبِ)

- ‌(بابُ تَخْلِيلِ الشِّعَرِ حَتَّى إذَا أنَّهُ قَدْ أرْوَى بَشَرَتَهُ أفَاضَ عَلَيْهِ

- ‌(بابُ مَنْ تَوَضَّلَ فِي الجَنَابَةِ ثُمَّ غَسَلَ جَسَدِهِ وَلَمْ يُعِدْ غَسْلَ مَوَاضِعِ الوُضُوءِ مَرَّةً أُخْرَى

- ‌(بابُ إذَا ذَكَرَ فِي المَسْجِدِ أنَّهُ جُنُبٌ يَخْرُجُ كَمَا هُوَ وَلَا يَتَيَمَّمُ)

- ‌(بابُ نَفْضِ اليدَيْنِ مِنْ الغُسْلِ عَنُ الجَنَابَةِ)

- ‌(بابُ مَنْ بَدَأَ رَأْسِهِ الأيْمَنِ فِي الغُسْلِ)

- ‌(بابُ مَنِ اغْتَسَل عُرْيَاناً وَحْدَهُ فِي الخَلْوَةِ وَمَنْ تَسَتَّرَ فالتَّسَتُّرُ أَفْضَلُ)

- ‌(بابُ التَسَتَّرِ فِي الغُسْلِ عِنْدَ النَّاس)

- ‌(بابٌ إذَا احتَلَمَتِ المَرْأَةُ)

- ‌(بابُ عَرَق الجَنُبٍ وَإنَّ المُسْلِمَ لَا يَنْجُسُ)

- ‌(بابُ الجُنُبُ يَخْرُجُ وَيَمْشِي فِي السُّوقِ وَغَيْرِهِ)

- ‌(بابُ كَيْنُونَةِ الجُنُبِ فِي الَبْيتِ إذَا تَوَضَّأَ قَبْلَ أَنْ يَغْتَسِلَ

- ‌(بابُ نَوْم الجُنُبُ)

- ‌(بابُ الجنُبِ يَتَوَضَأُ ثُمَّ يَنَامُ)

- ‌(بابٌ إذَا التَقَى الخِتَانانِ)

- ‌(بابُ غَسْلِ مَا يُصيبُ منْ رُطُوبَةِ فَرْجِ المَرْأَةِ)

- ‌(كتاب الحيضِ)

- ‌(بابُ كَيْفَ كانَ بَدْءَ الحَيْضِ)

- ‌(بابُ غَسْلِ الحَائِضِ رَأْسَ زَوْجِها وَتَرْجِيلِهِ)

- ‌(بابُ قِرَاءَةِ الرَّجُلِ فِي حِجْرِ امْرَأَتِهِ وَهِيَ حائِضٌ)

- ‌(بابُ مَنْ سَمَّى النِّفَاسَ حَيْضاً)

- ‌(بابُ مُبَاشَرَةِ الحَائِضِ)

- ‌(بابُ تَرْكِ الحَائِضِ الصَّوْمَ)

- ‌(بابُ تَقْضِي الحَائِضُ المَنَاسِكَ كُلَّها إلَاّ الطَّوافَ بالبَيْتِ)

- ‌(بابُ الاسْتِحَاضَةِ)

- ‌(بابُ غَسْلِ دَمِ المَحِيضِ)

- ‌(بابُ الاعْتِكَافِ لِلْمُسْتَحاضَةِ)

- ‌(بابٌ هَلْ تُصَلِّى المَرْأَةُ فِي ثَوْبٍ حاضَتْ فِيهِ

- ‌(بابُ الَطِّيبِ لِلْمَرْأَةِ عِنْدَ غَسْلِهَا مِنَ الحَيْضِ)

- ‌(بابُ دَلْكِ المَرْأَةِ نَفْسَها أذَا تَطَهَّرَتْ مِنَ المَحِيضِ وَكَيْفَ تَغْتَسِلُ وَتَأْخُذُ فِرْصَةً مُمَسَّكَةً فَتَتَّبِعُ بِهَا أَثَرَ الدَّمِ)

- ‌(بابُ غُسْلِ المَحِيضِ)

- ‌(بابُ امْتِشاطِ المَرْأَةِ عِنْدَ غُسْلِها مِنَ المَحِيضِ)

- ‌(بابُ نَقْضِ المَرْأَةِ شَعْرَهَا عِنْدَ غُسَلِ المَحِيضِ)

- ‌(بابٌ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرَ مُخَلَّقَةٍ}

- ‌(بابُ كَيفَ تُهِلُّ الحائِضُ بالحَجِّ والعُمْرَةِ)

- ‌(بابُ إقْبالِ المَحِيضِ وإدْبارِهِ)

- ‌(بابٌ لَا تَقْضِي الحائِضُ الصَّلاةَ)

- ‌(بابُ النَّوْمَ مَعَ الحَائِضِ وهْيَ فِي ثِيَابِهَا)

- ‌(بابُ مَنْ اتخَذَ ثِيَابَ الْحَيْضِ سِوَى ثِيَابِ الطُّهْرِ)

- ‌(بابُ شُهُودِ الحَائِضِ الْعِيدَيْنِ وَدَعْوَةَ المُسْلِمِينَ وَيَعْتَزِلْنَ الْمُصَلَّى)

- ‌(بابٌ إذَا حاضَتْ فِي شَهْرٍ ثَلَاثَ حِيَضٍ وَمَا يُصَدَّقُ النِّساءُ فِي الْحَيْضِ وَالْحَمْلِ فِيما يُمْكِنُ مِنَ الْحَيْضِ لِقَوْلِ الله تَعَالَى وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ الله فِي أرْحَامِهِنَّ)

- ‌(بابُ الصُّفْرَةِ والْكُدْرَةِ فِي غَيْرِ أيَّامِ الْحَيْضِ)

- ‌(بابُ عِرْق الإسْتِحَاضَة)

- ‌(بابُ الْمَرأةِ تَحِيضُ بَعْدَ الإفَاضَة)

- ‌(بابٌ إذَا رَأَتِ الْمُسْتَحَاضَةُ الطُّهْرَ)

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ عَلَى النُّفَسَاءِ وَسُنَّتِهَا)

- ‌(بابٌ)

الفصل: ‌(باب إذا رأت المستحاضة الطهر)

طَاف طواف الرُّكْن أَرَادَ أَنه رَجَعَ عَن تِلْكَ الْفَتْوَى الَّتِي كَانَ يفتيها أَولا إِلَى خلَافهَا قَوْله " أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - " من كَلَام ابْن عمر فِي مقَام التَّعْلِيل لرجوعه عَن فتواه الأولى وَذَلِكَ أَنه لما لم يبلغهُ الحَدِيث أفتى بِاجْتِهَادِهِ ثمَّ لما بلغه رَجَعَ عَنهُ أَو كَانَ وقف عَلَيْهِ أَولا ثمَّ نَسيَه ثمَّ لما تذكره رَجَعَ إِلَيْهِ وَإِمَّا أَنه سمع ذَلِك من صَحَابِيّ آخر رَوَاهُ عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - فَرجع إِلَيْهِ قَوْله " رخص لَهُنَّ " أَي للحائض وَإِنَّمَا جمع نظرا إِلَى الْجِنْس

28 -

(بابٌ إذَا رَأَتِ الْمُسْتَحَاضَةُ الطُّهْرَ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان أَن الْمُسْتَحَاضَة إِذا رَأَتْ الطُّهْر بِأَن انْقَطع دَمهَا تغسل وَتصلي وَلَو كَانَ ذَلِك الطُّهْر سَاعَة، هَذَا هُوَ الْمَعْنى الَّذِي قَصده البُخَارِيّ، وَالدَّلِيل عَلَيْهِ ذكره الْأَثر الْمَرْوِيّ عَن ابْن عَبَّاس على مَا يذكر الْآن، وَقَالَ بَعضهم: أَي تميز لَهَا دم الْعرق من دم الْحيض، فَسمى الِاسْتِحَاضَة طهرا لِأَنَّهُ كَذَلِك بِالنِّسْبَةِ إِلَى زمن الْحيض، وَيحْتَمل أَن يُرَاد بِهِ انْقِطَاع الدَّم، وَالْأول أوفق للسياق انْتهى. قلت: فِيهِ خدش من وُجُوه: الأول: أَن كَلَامه يدل على أَن دَمهَا مُسْتَمر، وَلَكِن لَهَا أَن تميز بَين دم الْعرق وَدم الْحيض، والترجمة لَيست كَذَلِك، فَإِنَّهُ نَص فِيهَا على الطُّهْر وَحَقِيقَته الِانْقِطَاع عَن الْحيض. وَالثَّانِي: أَنه يَقُول: فَسمى دم الِاسْتِحَاضَة طهرا، وَهَذَا مجَاز، وَلَا دَاعِي لَهُ وَلَا فَائِدَة. وَالثَّالِث: أَنه يَقُول: إِن الاول أوفق للسياق، وَهَذَا عكس مَا قَصده البُخَارِيّ، بل الأوفق للسياق مَا ذَكرْنَاهُ.

قالَ ابنُ عَبَّاسٍ تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي وَلَوْ سَاعَةً وَيَأْتِيهَا زَوْجُهَا إذَا صَلَّتْ. الصَّلَاةُ أعظَمُ

هَذَا الْأَثر طبق التَّرْجَمَة، وَمُرَاد البُخَارِيّ من التَّرْجَمَة مَضْمُون هَذَا، وَعَن هَذَا قَالَ الدَّاودِيّ: مَعْنَاهُ إِذا رَأَتْ الطُّهْر سَاعَة ثمَّ عاودها دم فَإِنَّهَا تَغْتَسِل وَتصلي، وَهَذَا التَّعْلِيق رَوَاهُ أَبُو بكر بن أبي شيبَة عَن ابْن علية عَن خَالِد عَن أنس بن سِيرِين عَن ابْن عَبَّاس بِهِ، وَالْقَائِل الْمَذْكُور آنِفا كَأَنَّهُ اشْتبهَ حَيْثُ قَالَ عقيب هَذَا الْكَلَام: وَهَذَا مُوَافق للاحتمال الْمَذْكُور أَولا. قَوْله: (تَغْتَسِل) مَعْنَاهُ الْمُسْتَحَاضَة إِذا رَأَتْ طهرا تَغْتَسِل وَتصلي وَلَو كَانَ ذَاك الطُّهْر سَاعَة. وَفِي بعض النّسخ: (وَلَو سَاعَة من نَهَار) ، وَمن هَذَا يعلم أَن أقل الطُّهْر سَاعَة عِنْد ابْن عَبَّاس، وَعند جُمْهُور الْفُقَهَاء أقل الطُّهْر خَمْسَة عشر يَوْمًا، وَهُوَ قَول أَصْحَابنَا، وَبِه قَالَ الثَّوْريّ وَالشَّافِعِيّ. وَقَالَ ابْن الْمُنْذر: ذكر أَبُو ثَوْر أَن ذَلِك لَا يَخْتَلِفُونَ فِيهِ فِيمَا نعلم، وَفِي (الْمُهَذّب) : لَا أعرف فِيهِ خلافًا. وَقَالَ الْمحَامِلِي: أقل الطُّهْر خَمْسَة عشر يَوْمًا بِالْإِجْمَاع، وَنَحْوه فِي (التَّهْذِيب) . وَقَالَ القَاضِي أَبُو الطّيب: أجمع النَّاس على أَن أقل الطُّهْر خَمْسَة عشر يَوْمًا. وَقَالَ النَّوَوِيّ: دَعْوَى الْإِجْمَاع غير صَحِيح، لِأَن الْخلاف فِيهِ مَشْهُور، فَإِن أَحْمد وَإِسْحَاق أنكرا التَّحْدِيد فِي الطُّهْر، فَقَالَ أَحْمد: الطُّهْر بَين الحيضتين على مَا يكون، وَقَالَ إِسْحَاق توقيفهم الطُّهْر بِخَمْسَة عشر غير صَحِيح، وَقَالَ ابْن عبد الْبر: أما أقل الطُّهْر فقد اضْطربَ فِيهِ قَول مَالك وَأَصْحَابه، فروى ابْن الْقَاسِم عَنهُ عشرَة أَيَّام، وروى سَحْنُون عَنهُ ثَمَانِيَة أَيَّام، وَقَالَ عبد الْملك بن الْمَاجشون: أقل الطُّهْر خَمْسَة أَيَّام، وَرَوَاهُ عَن مَالك رحمه الله. قَوْله:(ويأتيها زَوجهَا) أَي: يَأْتِي الْمُسْتَحَاضَة زَوجهَا يَعْنِي: يَطَؤُهَا، وَبِه قَالَ جُمْهُور الْفُقَهَاء وَعَامة الْعلمَاء وَمنع من ذَلِك قوم، وَرُوِيَ ذَلِك عَن عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، قَالَت:(الْمُسْتَحَاضَة لَا يَأْتِيهَا زَوجهَا) . وَهُوَ قَول إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ وَالْحكم وَابْن سِيرِين وَالزهْرِيّ. وَقَالَ الزُّهْرِيّ: (إِنَّمَا سمعنَا بِالرُّخْصَةِ فِي الصَّلَاة، وَحجَّة الْجَمَاعَة أَن دم الِاسْتِحَاضَة لَيْسَ بأذى يمْنَع الصَّلَاة وَالصَّوْم، فَوَجَبَ أَن لَا يمْنَع الْوَطْء، وروى أَبُو دَاوُد فِي (سنَنه) من حَدِيث عِكْرِمَة، قَالَ:(كَانَت أم حَبِيبَة تستحاض وَكَانَ زَوجهَا يَغْشَاهَا) . أَي: يُجَامِعهَا. وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ أَيْضا، وروى أَبُو دَاوُد أَيْضا عَن عِكْرِمَة عَن حمْنَة بنت جحش:(أَنَّهَا كَانَت مُسْتَحَاضَة، وَكَانَ زَوجهَا يُجَامِعهَا) . وَقَالَ الْحَافِظ ركن الدّين: فِي سَماع عِكْرِمَة عَن أم حَبِيبَة وَحمْنَة نظر، وَلَيْسَ فيهمَا مَا يدل على سَمَاعه مِنْهُمَا. قَوْله:(إِذا صلت)، لَيْسَ لَهُ تعلق بقوله:(ويأتيها زَوجهَا) ، بل هِيَ جملَة مُسْتَقلَّة ابتدائية جزائية، وَفِي جوابها وَجْهَان: الأول: على قَول الْكُوفِيّين: جوابها مَا تقدمها، وَهُوَ قَوْله:(تَغْتَسِل وَتصلي)، وَالتَّقْدِير على قَوْلهم: الْمُسْتَحَاضَة إِذا صلت يَعْنِي إِذا أَرَادَت الصَّلَاة تَغْتَسِل وَتصلي. الْوَجْه الثَّانِي: على قَول الْبَصرِيين: إِن الْجَواب مَحْذُوف تَقْدِيره: إِذا صلت تَغْتَسِل وَتصلي. قَوْله: (الصَّلَاة أعظم) جملَة من الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر، كَأَنَّهَا جَوَاب على سُؤال مُقَدّر بِأَن يُقَال: كَيفَ يَأْتِي الْمُسْتَحَاضَة زَوجهَا؟ فَقَالَ: الصَّلَاة أعظم، أَي: أعظم من الْوَطْء. فَإِذا جَازَ لَهَا الصَّلَاة الَّتِي هِيَ أعظم، فالوطء بطرِيق الأولى. وَقَالَ بَعضهم قَوْله: (الصَّلَاة

ص: 314