المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب الوضوء من غير حدث) - عمدة القاري شرح صحيح البخاري - جـ ٣

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌(بابُ الوُضُوءِ مَرَّةً مَرَّةً)

- ‌(بَاب الوُضُوءِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ)

- ‌(بابُ الوُضُوءِ ثَلاثاً ثَلاثاً)

- ‌(بابُ الاسْتِنْثَارِ فِي الوُضُوءِ)

- ‌(بابُ الاسْتجْمَارِ وِتْراً)

- ‌(بابُ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ وَلَا يَمْسَحُ عَلَى القَدَمَيْنِ)

- ‌(بابُ المَضْمَضَةِ فِي الوُضُوءِ)

- ‌(بابُ غَسْلِ الَاعْقَابِ)

- ‌(بابُ غَسْلِ الرِّجْليْنِ فِي النَّعْلَيْنِ ولَا يَمْسَحُ عَلَى النَّعْلَيْنِ)

- ‌(بابُ التَّيَمُّنِ فِي الوُضُوءِ والغُسل)

- ‌(بابُ الْتِمَاسِ الوَضُوءِ إِذا حانَتِ الصَّلاةُ)

- ‌(بابُ المَاءِ الَّذِي يُغْسَلُ بِهِ شَعْرُ الاِنْسانِ)

- ‌(بابُ مَنْ لَمْ يَرَ الوُضُوءَ إلَاّ مِنَ المَخْرجَيْنِ القُبُلِ والدُّبُرِ)

- ‌(بابُ الرَّجُلِ يُوَضِّىءُ صَاحبَهُ)

- ‌(بابُ قِرَاءَةِ القُرْآنِ بَعْدَ الحَدَثِ وَغَيْرِهِ)

- ‌(بابُ مَنْ لَمْ يرَ الوُضُوءَ إِلَّا مِنَ الغَشْيِ المُثْقِلِ)

- ‌(بابُ مَسْحِ الرَّأْسِ كُلِّهِ)

- ‌(بابُ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ إلَى الكعْبَيْنِ)

- ‌(بابُ اسْتِعْمالِ فَضْل وَضُوءِ الناسِ)

- ‌(بابُ مَنْ مَضْمَضَ واسْتَنْشَقَ مِنْ غَرْفَةٍ وَاحِدةٍ)

- ‌(بابُ مَسْحِ الرَّأْسِ مَرَّةً)

- ‌(بابُ وُضُوءِ الرَّجُلِ مَعَ إمْرَأَتِهِ وَفَضْلِ وَضُوءِ المَرْأَةِ)

- ‌(بابُ صَبِّ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وَضوءَهُ علَى المُغْمَى عَلَيهِ)

- ‌(بابُ الْغُسْلِ وَالوُضُوءِ فِي المِخْضَبِ والقَدَحِ والخَشَبِ والحِجَارَةِ)

- ‌(بابُ الوُضُوء مِنَ التَّوْرِ)

- ‌(بابُ الوُضُوءِ بالمُدِّ)

- ‌(بابُ المَسْحِ عَلَى الخُفَّيْن)

- ‌(بابٌ إِذا أدْخَلَ رِجْلَيْهِ وهُمَا طَاهِرَتانِ)

- ‌(بابُ مَنْ لَمْ يَتَوَضَّأْ مِنْ لَحْمِ الشَّاةِ والسَّوِيقِ)

- ‌(بابُ مَنْ مَضْمَضَ مِنَ السَّوِيقِ ولَمْ يَتَوَضَّأْ)

- ‌(بَاب هَل يمضم من اللَّبن)

- ‌(بابُ الوُضُوءِ مِنَ النوْمِ)

- ‌(بابُ الوُضُوءِ مِنْ غَيْرِ حَدَثٍ)

- ‌ بَاب:

- ‌(بابُ مَا جاءَ فِي غَسْلِ البَوْلِ)

- ‌(بَاب)

- ‌(بابُ تَرْكِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وَالناس الَاعْرابيَّ حَتَّى فَرَغَ مِنْ بَوْلِه فِي المَسْجِدِ)

- ‌(بابُ صَبِّ المَاءِ عَلَى البَوْلِ فِي المَسْجِدِ)

- ‌(بابُ بَوْلِ الصِّبْيَانِ)

- ‌(بابُ البَوْلِ قائِماً وقاعِداً)

- ‌(بابُ البَوْلِ عنْدَ صاحبِهِ والتَّسَتُّرِ بالحَائِطِ)

- ‌(بابُ البَوْلِ عِنْدَ سُباطَةِ قوْمٍ)

- ‌(بابُ غَسْلِ الدَّمِ)

- ‌(بابُ غسْلِ المَنِيِّ وفَرْكِهِ وغَسْل مَا يُصِيبُ مِنَ المَرْأَةِ)

- ‌(بابُ إِذا غَسَلَ الجَنَابَةَ أَوْ غَيْرَها فَلمْ يَذْهَبْ أَثَرُهُ)

- ‌(بابُ أَبْوَالِ الابِلِ والدَّوابِّ والغَنَمِ ومَرَابِضهَا)

- ‌(بابُ مَا يَقَعُ مِنَ النَّجَاسات فِي السِّمْنِ والمَاءِ)

- ‌(بَاب البَولِ فِي الماءِ الدَّائِمِ)

- ‌(بابٌ إذَا أُلْقِيَ عَلى ظهْرِ المصَلِّى قَذَرٌ أَوْ جِيفَةٌ لَمْ تَفْسُدْ عَلَيْهِ صَلاتُهُ)

- ‌(بابٌ لَا يَجُوزُ الوُضُوءُ بالنَّبِيذِ ولاٍ بالمُسْكِرِ)

- ‌(بابُ غَسْلِ المَرّأةِ أَبَاهَا الدَّمَ عنْ وَجْهِهِ)

- ‌(بابُ السِّواكِ)

- ‌(بابُ دَفْعُ السَّوَاكِ إِلَى الأكْبَرَ)

- ‌(بابِ فَضْلِ مَنْ بَاتَ علَى الوُضوُءِ)

- ‌(كتاب الغسْلِ)

- ‌(بابُ الوُضوءِ قَبْلَ الغُسْلِ)

- ‌(بابُ غُسْلِ الرَّجُلِ مَعَ امْرأَتِهِ)

- ‌(بابُ الغُسْلِ بِالصَّاعِ وَنَحْوِهِ)

- ‌(بابُ مَنْ أَفَاضَ عَلَى رَأْسِهِ ثَلاثاً)

- ‌(بابُ الغُسْل مَرَّةً وَاحِدَةً)

- ‌(بابُ مَنْ بَدَأَ بالحِلابِ أَوْ الطِيّبِ عِنْدَ الغُسْلِ)

- ‌(بابُ المَضْمَضَةِ والإِسْتِنْشَاقِ فِي الجَنَابَةِ)

- ‌(بابُ مَسْحِ اليَدِ بالتُّرَابِ لِيَكُونَ أَنْقَى)

- ‌(بابُ هَلْ يُدْهِلُ الجُنُبُ يَدَهُ فِي الإنَاءِ قَبْلَ أنْ يَغْسِلَهَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى يَدِهِ قَذَرُ غَيْرُ الجَنَابَةِ)

- ‌(بابُ تَفْرِيقِ الغُسْلِ والوُضُوءِ)

- ‌(بابُ مَنْ أَفْرَغَ بِيَمِنِهِ عَلَى شِمَالِهِ فِي الغُسْلِ)

- ‌(بابٌ إذَا جامَعَ ثُمَّ عادَ وَمَنْ دَارَ علَى نِسَائِهِ فِي غُسْلٍ وَاحِدٍ)

- ‌(بابُ غَسْلِ المَذْىٍ وَالوُضُوءِ مِنْهُ)

- ‌(بابُ مَنْ تَطَيَّبَ ثُمَّ اغْتَسَلَ وَبَقِيَ أثرُ الطيِّبِ)

- ‌(بابُ تَخْلِيلِ الشِّعَرِ حَتَّى إذَا أنَّهُ قَدْ أرْوَى بَشَرَتَهُ أفَاضَ عَلَيْهِ

- ‌(بابُ مَنْ تَوَضَّلَ فِي الجَنَابَةِ ثُمَّ غَسَلَ جَسَدِهِ وَلَمْ يُعِدْ غَسْلَ مَوَاضِعِ الوُضُوءِ مَرَّةً أُخْرَى

- ‌(بابُ إذَا ذَكَرَ فِي المَسْجِدِ أنَّهُ جُنُبٌ يَخْرُجُ كَمَا هُوَ وَلَا يَتَيَمَّمُ)

- ‌(بابُ نَفْضِ اليدَيْنِ مِنْ الغُسْلِ عَنُ الجَنَابَةِ)

- ‌(بابُ مَنْ بَدَأَ رَأْسِهِ الأيْمَنِ فِي الغُسْلِ)

- ‌(بابُ مَنِ اغْتَسَل عُرْيَاناً وَحْدَهُ فِي الخَلْوَةِ وَمَنْ تَسَتَّرَ فالتَّسَتُّرُ أَفْضَلُ)

- ‌(بابُ التَسَتَّرِ فِي الغُسْلِ عِنْدَ النَّاس)

- ‌(بابٌ إذَا احتَلَمَتِ المَرْأَةُ)

- ‌(بابُ عَرَق الجَنُبٍ وَإنَّ المُسْلِمَ لَا يَنْجُسُ)

- ‌(بابُ الجُنُبُ يَخْرُجُ وَيَمْشِي فِي السُّوقِ وَغَيْرِهِ)

- ‌(بابُ كَيْنُونَةِ الجُنُبِ فِي الَبْيتِ إذَا تَوَضَّأَ قَبْلَ أَنْ يَغْتَسِلَ

- ‌(بابُ نَوْم الجُنُبُ)

- ‌(بابُ الجنُبِ يَتَوَضَأُ ثُمَّ يَنَامُ)

- ‌(بابٌ إذَا التَقَى الخِتَانانِ)

- ‌(بابُ غَسْلِ مَا يُصيبُ منْ رُطُوبَةِ فَرْجِ المَرْأَةِ)

- ‌(كتاب الحيضِ)

- ‌(بابُ كَيْفَ كانَ بَدْءَ الحَيْضِ)

- ‌(بابُ غَسْلِ الحَائِضِ رَأْسَ زَوْجِها وَتَرْجِيلِهِ)

- ‌(بابُ قِرَاءَةِ الرَّجُلِ فِي حِجْرِ امْرَأَتِهِ وَهِيَ حائِضٌ)

- ‌(بابُ مَنْ سَمَّى النِّفَاسَ حَيْضاً)

- ‌(بابُ مُبَاشَرَةِ الحَائِضِ)

- ‌(بابُ تَرْكِ الحَائِضِ الصَّوْمَ)

- ‌(بابُ تَقْضِي الحَائِضُ المَنَاسِكَ كُلَّها إلَاّ الطَّوافَ بالبَيْتِ)

- ‌(بابُ الاسْتِحَاضَةِ)

- ‌(بابُ غَسْلِ دَمِ المَحِيضِ)

- ‌(بابُ الاعْتِكَافِ لِلْمُسْتَحاضَةِ)

- ‌(بابٌ هَلْ تُصَلِّى المَرْأَةُ فِي ثَوْبٍ حاضَتْ فِيهِ

- ‌(بابُ الَطِّيبِ لِلْمَرْأَةِ عِنْدَ غَسْلِهَا مِنَ الحَيْضِ)

- ‌(بابُ دَلْكِ المَرْأَةِ نَفْسَها أذَا تَطَهَّرَتْ مِنَ المَحِيضِ وَكَيْفَ تَغْتَسِلُ وَتَأْخُذُ فِرْصَةً مُمَسَّكَةً فَتَتَّبِعُ بِهَا أَثَرَ الدَّمِ)

- ‌(بابُ غُسْلِ المَحِيضِ)

- ‌(بابُ امْتِشاطِ المَرْأَةِ عِنْدَ غُسْلِها مِنَ المَحِيضِ)

- ‌(بابُ نَقْضِ المَرْأَةِ شَعْرَهَا عِنْدَ غُسَلِ المَحِيضِ)

- ‌(بابٌ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرَ مُخَلَّقَةٍ}

- ‌(بابُ كَيفَ تُهِلُّ الحائِضُ بالحَجِّ والعُمْرَةِ)

- ‌(بابُ إقْبالِ المَحِيضِ وإدْبارِهِ)

- ‌(بابٌ لَا تَقْضِي الحائِضُ الصَّلاةَ)

- ‌(بابُ النَّوْمَ مَعَ الحَائِضِ وهْيَ فِي ثِيَابِهَا)

- ‌(بابُ مَنْ اتخَذَ ثِيَابَ الْحَيْضِ سِوَى ثِيَابِ الطُّهْرِ)

- ‌(بابُ شُهُودِ الحَائِضِ الْعِيدَيْنِ وَدَعْوَةَ المُسْلِمِينَ وَيَعْتَزِلْنَ الْمُصَلَّى)

- ‌(بابٌ إذَا حاضَتْ فِي شَهْرٍ ثَلَاثَ حِيَضٍ وَمَا يُصَدَّقُ النِّساءُ فِي الْحَيْضِ وَالْحَمْلِ فِيما يُمْكِنُ مِنَ الْحَيْضِ لِقَوْلِ الله تَعَالَى وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ الله فِي أرْحَامِهِنَّ)

- ‌(بابُ الصُّفْرَةِ والْكُدْرَةِ فِي غَيْرِ أيَّامِ الْحَيْضِ)

- ‌(بابُ عِرْق الإسْتِحَاضَة)

- ‌(بابُ الْمَرأةِ تَحِيضُ بَعْدَ الإفَاضَة)

- ‌(بابٌ إذَا رَأَتِ الْمُسْتَحَاضَةُ الطُّهْرَ)

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ عَلَى النُّفَسَاءِ وَسُنَّتِهَا)

- ‌(بابٌ)

الفصل: ‌(باب الوضوء من غير حدث)

فِي الحَدِيث السَّابِق، لِأَن ذَلِك يُوضح معنى هَذَا. الثَّالِث: فِيهِ الْحَث على الخضوع والخشوع، وَذَلِكَ بطرِيق الِالْتِزَام.

54 -

(بابُ الوُضُوءِ مِنْ غَيْرِ حَدَثٍ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم الْوضُوء من غير حدث، وَالْمرَاد بِهِ وضوء المتوضىء يَعْنِي: يكون على ظهرة ثمَّ يتَطَهَّر ثَانِيًا من غير حدث بَينهمَا.

والمناسبة بَين الْبَابَيْنِ ظَاهِرَة، لكَون كل مِنْهُمَا من تعلقات الْوضُوء.

214 -

حدّثنا مُحَمَّدُ بنُ يُوسُفَ قالَ حدّثنا سُفْيانُ عَنْ عَمْرِو بنِ عامِرٍ قالَ سَمِعْتُ أنَساً ح قالَ وحدّثنا مُسَدَّدٌ قَالَ حدّثنا يَحْيىَ عَنْ سُفْيانَ قالَ حدّثنى عَمْرُو بنُ عامِرٍ عَنْ أنَسٍ قالَ كانَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ قُلْتُ كَيْفَ كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ قالَ يُجْزِيءُ أحَدَنَا الوُضُوءُ مَا لَمْ يُحْدِثْ.

مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.

بَيَان رِجَاله وهم سِتَّة؛ وَلِلْحَدِيثِ إِسْنَاد ان: أَحدهمَا عَن مُحَمَّد بن يُوسُف الْفرْيَابِيّ مر فِي بَاب: لَا يمسك ذكره بِيَمِينِهِ، عَن سُفْيَان الثَّوْريّ تقدم فِي بَاب عَلامَة الْمُنَافِق عَن عَمْرو، بِالْوَاو، ابْن عَامر الْأنْصَارِيّ الثِّقَة الصَّالح، روى لَهُ الْجَمَاعَة عَن أنس بن مَالك. وَالْآخر عَن مُسَدّد بن مسرهد، تكَرر ذكره عَن يحيى الْقطَّان، مر ذكره، وَهَذَا تَحْويل من إِسْنَاد إِلَى إِسْنَاد آخر، وَفِي بعض النّسخ بعد قَوْله: سَمِعت أنسا صُورَة: ح، وَهُوَ إِشَارَة إِلَى التَّحْوِيل، أَو إِلَى الْحَائِل أَو إِلَى: صَحَّ، أَو إِلَى الحَدِيث، وَقد مر تَحْقِيقه.

بَيَان لطائف اسناده مِنْهَا: أَن فِي الْإِسْنَاد الأول التحديث بِصِيغَة الْجمع والعنعنة وَالسَّمَاع. وَفِي الثَّانِي: التحديث بِصِيغَة الْجمع والتحديث بِصِيغَة الْإِفْرَاد والعنعنة. وَمِنْهَا: أَن فِي الْإِسْنَاد الأول: بَين البُخَارِيّ وَبَين سُفْيَان رجل. وَفِي الثَّانِي: بَينهمَا رجلَانِ. وَمِنْهَا: أَن فِي الْإِسْنَاد الثَّانِي: صرح بِسَمَاع سُفْيَان عَن عَمْرو حَيْثُ قَالَ: حَدثنِي عمر، وَفِي الاول: قَالَ عَن عَمْرو، وسُفْيَان من المدلسين، والمدلس لَا يحْتَج بعنعنته إِلَّا أَن يثبت سَمَاعه من طَرِيق آخر. وَمِنْهَا: أَن رُوَاته مَا بَين فريابي وكوفي وبصري. وَمِنْهَا: أَن الْإِسْنَاد الأول عَال، وَالثَّانِي نَازل، وَذَلِكَ بِكَوْن سُفْيَان الثَّوْريّ أَتَى بِالْحَدِيثِ عَن عَمْرو، وَإِنَّمَا قُلْنَا: إِنَّه هُوَ الثَّوْريّ لأَنا لم نجد لِسُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن عمر رِوَايَة.

بَيَان من أخرجه غَيره أخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الطَّهَارَة عَن ابْن بشار عَن يحيى وَعبد الرَّحْمَن، كِلَاهُمَا عَن سُفْيَان بِهِ، وَقَالَ: صَحِيح. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن مُحَمَّد بن عبد الْأَعْلَى عَن خَالِد عَن شُعْبَة عَنهُ بِمَعْنَاهُ. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِيهِ عَن سُوَيْد ابْن سعيد عَن شريك نَحوه. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ من حَدِيث سَلمَة بن الْفضل عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَن حميد عَن أنس: (ان النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانَ يتَوَضَّأ بِكُل صَلَاة، طَاهِرا كَانَ أَو غير طَاهِر. قَالَ: قلت لأنس: كَيفَ كُنْتُم تَصْنَعُونَ) ؟ الحَدِيث، وَقَالَ: حَدِيث حميد عَن أنس غَرِيب من هَذَا الْوَجْه، وَالْمَشْهُور عِنْد أهل الْعلم حَدِيث عَمْرو، وَفِي (الْعِلَل) قَالَ التِّرْمِذِيّ: سَأَلت مُحَمَّدًا يَعْنِي البُخَارِيّ عَن هَذَا الحَدِيث فَقَالَ: لَا ادري مَا سَلمَة هَذَا؟ وَلم يعرف مُحَمَّد هَذَا من حَدِيث حميد.

بَيَان الْمَعْنى وَالْإِعْرَاب قَوْله: (كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يتَوَضَّأ) هَذِه الْعبارَة تدل على أَنه كَانَ عَادَة لَهُ. قَوْله: (عِنْد كل صَلَاة) أَرَادَ بهَا الصَّلَاة الْمَفْرُوضَة من الْأَوْقَات الْخَمْسَة. قَوْله: (قلت كَيفَ تَصْنَعُونَ) ؟ الحَدِيث. الْقَائِل عَمْرو بن عَامر، وَالْخطاب للصحابة، رضي الله عنهم، وَكلمَة: كَيفَ، يسْأَل بهَا عَن الْحَال. قَوْله:(يجزىء) ، بِضَم الْيَاء آخر الْحُرُوف، أَي: يَكْفِي من أجزأني الشَّيْء أَي: كفاني، وَفِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ: يكْتَفى، وفاعله الْوضُوء بِالرَّفْع. قَوْله:(أَحَدنَا) مَنْصُوب لِأَنَّهُ مفعول يجزىء.

بَيَان استنباط الْأَحْكَام الأول: اخْتلفُوا فِي هَذَا الْبَاب، فَذَهَبت طَائِفَة من الظَّاهِرِيَّة والشيعة إِلَى وجوب الْوضُوء لكل صَلَاة فِي حق المقيمين دون الْمُسَافِرين، وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِك بِحَدِيث بُرَيْدَة بن الْحصيب؛ (أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانَ يتَوَضَّأ لكل صَلَاة، فَلَمَّا كَانَ يَوْم الْفَتْح صلى الصَّلَوَات الْخمس بِوضُوء وَاحِد) . أخرجه الطَّحَاوِيّ وَابْن أبي شيبَة وابو يعلى، وَأخرجه مُسلم وَأَبُو دَاوُد عَنهُ، قَالَ: (صلى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَوْم فتح مَكَّة خمس صلوَات بِوضُوء وَاحِد.

ص: 112

.) ، الحَدِيث، وَذَهَبت طَائِفَة، الى أَن الْوضُوء وَاجِب لكل صَلَاة مُطلقًا من غير حدث، وَرُوِيَ ذَلِك عَن ابْن عمر وَأبي مُوسَى وَجَابِر أَن عبد الله، وَعبيدَة السَّلمَانِي، وَأبي الْعَالِيَة، وَسَعِيد بن الْمسيب وابراهيم وَالْحسن.

وَحكى ابْن حزم فِي (كتاب الْإِجْمَاع) هَذَا الْمَذْهَب عَن عَمْرو بن عبيد، قَالَ: وروينا عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ أَنه لَا يُصَلِّي بِوضُوء واحدٍ أَكثر من خمس صلوَات، وَمذهب أَكثر الْعلمَاء من الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة، وَأكْثر أَصْحَاب الحَدِيث وَغَيرهم: أَن الْوضُوء لَا يجب إلَاّ من حدث. وَقَالُوا: لِأَن آيَة الْوضُوء نزلت فِي إِيجَاب الْوضُوء من الْحَدث عِنْد الْقيام إِلَى الصَّلَاة، لِأَن معنى قَوْله تَعَالَى:{إِذا قُمْتُم الى الصَّلَاة} (الْمَائِدَة: 6) إِذا أردتم الْقيام إِلَى الصَّلَاة وَأَنْتُم محدثون، وَاسْتدلَّ الدَّارمِيّ على ذَلِك بقوله صلى الله عليه وسلم:(لَا وضوء إِلَّا من حدث) . وَحكى الشَّافِعِي عَمَّن لقِيه من أهل الْعلم أَن التَّقْدِير: إِذا قُمْتُم من النّوم. فَإِن قلت: ظَاهر الْآيَة يَقْتَضِي التّكْرَار، لِأَن الحكم الْمَذْكُور وَهُوَ قَوْله:{فَاغْسِلُوا} (الْمَائِدَة: 6) مُعَلّق بِالشّرطِ، وَهُوَ {إِذا قُمْتُم الى الصَّلَاة} (الْمَائِدَة: 6) فَيَقْتَضِي تكْرَار الحكم عِنْد تكْرَار الشَّرْط، كَمَا هُوَ الْقَاعِدَة عِنْدهم. قلت: الْمَسْأَلَة مُخْتَلف فِيهَا، وَالْأَكْثَرُونَ على أَنه لَا يَقْتَضِيهِ لفظا. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ، رَحمَه الله تَعَالَى: فَإِن قلت: ظَاهر الْآيَة يُوجب الْوضُوء على كل قَائِم إِلَى الصَّلَاة، مُحدث وَغير مُحدث، فَمَا وَجهه؟ قلت: يحْتَمل أَن يكون الْأَمر للْوُجُوب، فَيكون الْخطاب للمحدثين خَاصَّة. وَأَن يكون للنَّدْب. فان قلت: هَل يجوز أَن يكون الامر شَامِلًا للمحدثين وَغَيرهم، لهَؤُلَاء على وَجه الْإِيجَاب ولهؤلاء على وَجه النّدب؟ قلت: لَا، لِأَن تنَاول الْكَلِمَة الْوَاحِدَة لمعنيين مُخْتَلفين من بَاب الإلغاز والعمية. وَقَالَ الطَّحَاوِيّ، رَحمَه الله تَعَالَى: قد يجوز أَن يكون وضوؤه، عليه الصلاة والسلام، لكل صَلَاة على مَا روى بُرَيْدَة، كَانَ ذَلِك على التمَاس الْفضل لَا على الْوُجُوب، وَالدَّلِيل على ذَلِك مَا رَوَاهُ الطَّحَاوِيّ وَابْن أبي شيبَة من حَدِيث أبي عطيف الْهُذلِيّ، قَالَ:(صليت مَعَ عبد الله بن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، الظّهْر فَانْصَرف فِي مجْلِس فِي دَاره، فَانْصَرَفت مَعَه حَتَّى إِذا نُودي بالعصر دَعَا بوضؤ فَتَوَضَّأ، فَقلت لَهُ: أَي شَيْء هَذَا يَا ابا عبد الرَّحْمَن الْوضُوء عِنْد كل صَلَاة؟ فَقَالَ: وَقد فطنت لهَذَا مني، لَيست بِسنة، إِن كَانَ لكافياً وضوئي لصَلَاة الصُّبْح وصلواتي كلهَا مَا لم أحدث، وَلَكِنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: (من تَوَضَّأ على طهر كتب الله لَهُ بذلك عشر حَسَنَات، فَفِي ذَلِك رغبت يَا ابْن أخي) .

وَقَالَ الطَّحَاوِيّ: وَقد رُوِيَ عَن أنس بن مَالك مَا يدل على مَا ذكرنَا، يَعْنِي اكْتِفَاء الْمُصَلِّي بِوضُوء وَاحِد لصلوات كَثِيرَة مَا لم يحدث، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ قد علم حكم مَا ذكرنَا من فعل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، وَلم ير ذَلِك فرضا، بل كَانَ ذَلِك لإصابة الْفضل، وإلَاّ لما كَانَ وَسعه، وَلَا لغيره، أَن يخالفوه. وَقَالَ الطَّحَاوِيّ أَيْضا: وَيجوز أَن يكون ذَلِك فرضا أَولا ثمَّ نسخ، ثمَّ اسْتدلَّ على ذَلِك بِحَدِيث أَسمَاء ابْنة زيد بن الْخطاب ابْن عبد الله بن حَنْظَلَة بن أبي عَامر حَدثنَا أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَمر بِالْوضُوءِ لكل صَلَاة طَاهِرا كَانَ أَو غير طَاهِر، فَلَمَّا شقّ ذَلِك عَلَيْهِ أَمر بِالسِّوَاكِ لكل صَلَاة فَهَذَا دلّ على النّسخ.

وَفِي رِوَايَة ابْن خُزَيْمَة فِي (صَحِيحه) : فَلَمَّا شقّ ذَلِك عَلَيْهِ أَمر بِالسِّوَاكِ عِنْد كل صَلَاة، وَوضع عَنهُ الْوضُوء إلَاّ من حدث. وَيُقَال فِي الْجَواب: يحْتَمل أَن يكون ذَلِك من خَصَائِص النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ ابْن شاهين: لم يبلغنَا أَن أحدا من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ كَانُوا يتعمدون الْوضُوء لكل صَلَاة إلَاّ ابْن عمر، وَفِيه نظر، لِأَنَّهُ روى ابْن ابي شيبَة. حَدثنَا وَكِيع عَن ابْن عون عَن ابْن سِيرِين: كَانَ الحلفاء يتوضؤون لكل صَلَاة. وَفِي لفظ: كَانَ أَبُو بكر وَعمر وَعُثْمَان يتوضؤون لكل صَلَاة. وَقَالَ بَعضهم: يُمكن حمل الْآيَة على ظَاهرهَا من غير نسخ، وَيكون الْأَمر فِي حق الْمُحدثين على الْوُجُوب، وَفِي حق غَيرهم للنَّدْب. قلت: هَذَا لَا يَصح لما ذكرنَا عَن قريب أَنه على هَذَا يكون من بَاب الإلغاز، فَلَا يجوز.

الثَّانِي من الاحكام: فِيهِ دلَالَة على فَضِيلَة الْوضُوء لكل صَلَاة وَحدهَا.

الثَّالِث: يجوز الِاكْتِفَاء بِوضُوء وَاحِد مَا لم يحدث.

الرَّابِع: فِيهِ دلَالَة على وجوب الْوضُوء عِنْد الْحَدث لمن يُرِيد الصَّلَاة.

215 -

حدّثنا خالِدُ بنُ مَخْلَدٍ قالَ حدّثنا سُلَيْمانُ قَالَ حدّثنا يحْيى ابنُ سَعِيدٍ قالَ أَخْبرنِي بُشَيْرُ بنُ يَسَارٍ قَالَ أخْبرني سُوَيْدُ بنُ النُّعْمانِ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عامَ خَيْبَرَ حَتَّى إذَا كُنَّا بالصَّهْباءِ صَلي لَنَا رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم العَصْرَ فَلَمَّا صلى دَعَا بالَاطْعِمَةِ فَلَم يُوتَإلَاّ بالسَّويقِ فأكَلْنَا وَشَرِبْنَا ثُمَّ قامَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم إلَى المَغْرِبِ فَمضْمَضَ

ص: 113