المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب إذا حاضت في شهر ثلاث حيض وما يصدق النساء في الحيض والحمل فيما يمكن من الحيض لقول الله تعالى ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن) - عمدة القاري شرح صحيح البخاري - جـ ٣

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌(بابُ الوُضُوءِ مَرَّةً مَرَّةً)

- ‌(بَاب الوُضُوءِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ)

- ‌(بابُ الوُضُوءِ ثَلاثاً ثَلاثاً)

- ‌(بابُ الاسْتِنْثَارِ فِي الوُضُوءِ)

- ‌(بابُ الاسْتجْمَارِ وِتْراً)

- ‌(بابُ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ وَلَا يَمْسَحُ عَلَى القَدَمَيْنِ)

- ‌(بابُ المَضْمَضَةِ فِي الوُضُوءِ)

- ‌(بابُ غَسْلِ الَاعْقَابِ)

- ‌(بابُ غَسْلِ الرِّجْليْنِ فِي النَّعْلَيْنِ ولَا يَمْسَحُ عَلَى النَّعْلَيْنِ)

- ‌(بابُ التَّيَمُّنِ فِي الوُضُوءِ والغُسل)

- ‌(بابُ الْتِمَاسِ الوَضُوءِ إِذا حانَتِ الصَّلاةُ)

- ‌(بابُ المَاءِ الَّذِي يُغْسَلُ بِهِ شَعْرُ الاِنْسانِ)

- ‌(بابُ مَنْ لَمْ يَرَ الوُضُوءَ إلَاّ مِنَ المَخْرجَيْنِ القُبُلِ والدُّبُرِ)

- ‌(بابُ الرَّجُلِ يُوَضِّىءُ صَاحبَهُ)

- ‌(بابُ قِرَاءَةِ القُرْآنِ بَعْدَ الحَدَثِ وَغَيْرِهِ)

- ‌(بابُ مَنْ لَمْ يرَ الوُضُوءَ إِلَّا مِنَ الغَشْيِ المُثْقِلِ)

- ‌(بابُ مَسْحِ الرَّأْسِ كُلِّهِ)

- ‌(بابُ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ إلَى الكعْبَيْنِ)

- ‌(بابُ اسْتِعْمالِ فَضْل وَضُوءِ الناسِ)

- ‌(بابُ مَنْ مَضْمَضَ واسْتَنْشَقَ مِنْ غَرْفَةٍ وَاحِدةٍ)

- ‌(بابُ مَسْحِ الرَّأْسِ مَرَّةً)

- ‌(بابُ وُضُوءِ الرَّجُلِ مَعَ إمْرَأَتِهِ وَفَضْلِ وَضُوءِ المَرْأَةِ)

- ‌(بابُ صَبِّ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وَضوءَهُ علَى المُغْمَى عَلَيهِ)

- ‌(بابُ الْغُسْلِ وَالوُضُوءِ فِي المِخْضَبِ والقَدَحِ والخَشَبِ والحِجَارَةِ)

- ‌(بابُ الوُضُوء مِنَ التَّوْرِ)

- ‌(بابُ الوُضُوءِ بالمُدِّ)

- ‌(بابُ المَسْحِ عَلَى الخُفَّيْن)

- ‌(بابٌ إِذا أدْخَلَ رِجْلَيْهِ وهُمَا طَاهِرَتانِ)

- ‌(بابُ مَنْ لَمْ يَتَوَضَّأْ مِنْ لَحْمِ الشَّاةِ والسَّوِيقِ)

- ‌(بابُ مَنْ مَضْمَضَ مِنَ السَّوِيقِ ولَمْ يَتَوَضَّأْ)

- ‌(بَاب هَل يمضم من اللَّبن)

- ‌(بابُ الوُضُوءِ مِنَ النوْمِ)

- ‌(بابُ الوُضُوءِ مِنْ غَيْرِ حَدَثٍ)

- ‌ بَاب:

- ‌(بابُ مَا جاءَ فِي غَسْلِ البَوْلِ)

- ‌(بَاب)

- ‌(بابُ تَرْكِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وَالناس الَاعْرابيَّ حَتَّى فَرَغَ مِنْ بَوْلِه فِي المَسْجِدِ)

- ‌(بابُ صَبِّ المَاءِ عَلَى البَوْلِ فِي المَسْجِدِ)

- ‌(بابُ بَوْلِ الصِّبْيَانِ)

- ‌(بابُ البَوْلِ قائِماً وقاعِداً)

- ‌(بابُ البَوْلِ عنْدَ صاحبِهِ والتَّسَتُّرِ بالحَائِطِ)

- ‌(بابُ البَوْلِ عِنْدَ سُباطَةِ قوْمٍ)

- ‌(بابُ غَسْلِ الدَّمِ)

- ‌(بابُ غسْلِ المَنِيِّ وفَرْكِهِ وغَسْل مَا يُصِيبُ مِنَ المَرْأَةِ)

- ‌(بابُ إِذا غَسَلَ الجَنَابَةَ أَوْ غَيْرَها فَلمْ يَذْهَبْ أَثَرُهُ)

- ‌(بابُ أَبْوَالِ الابِلِ والدَّوابِّ والغَنَمِ ومَرَابِضهَا)

- ‌(بابُ مَا يَقَعُ مِنَ النَّجَاسات فِي السِّمْنِ والمَاءِ)

- ‌(بَاب البَولِ فِي الماءِ الدَّائِمِ)

- ‌(بابٌ إذَا أُلْقِيَ عَلى ظهْرِ المصَلِّى قَذَرٌ أَوْ جِيفَةٌ لَمْ تَفْسُدْ عَلَيْهِ صَلاتُهُ)

- ‌(بابٌ لَا يَجُوزُ الوُضُوءُ بالنَّبِيذِ ولاٍ بالمُسْكِرِ)

- ‌(بابُ غَسْلِ المَرّأةِ أَبَاهَا الدَّمَ عنْ وَجْهِهِ)

- ‌(بابُ السِّواكِ)

- ‌(بابُ دَفْعُ السَّوَاكِ إِلَى الأكْبَرَ)

- ‌(بابِ فَضْلِ مَنْ بَاتَ علَى الوُضوُءِ)

- ‌(كتاب الغسْلِ)

- ‌(بابُ الوُضوءِ قَبْلَ الغُسْلِ)

- ‌(بابُ غُسْلِ الرَّجُلِ مَعَ امْرأَتِهِ)

- ‌(بابُ الغُسْلِ بِالصَّاعِ وَنَحْوِهِ)

- ‌(بابُ مَنْ أَفَاضَ عَلَى رَأْسِهِ ثَلاثاً)

- ‌(بابُ الغُسْل مَرَّةً وَاحِدَةً)

- ‌(بابُ مَنْ بَدَأَ بالحِلابِ أَوْ الطِيّبِ عِنْدَ الغُسْلِ)

- ‌(بابُ المَضْمَضَةِ والإِسْتِنْشَاقِ فِي الجَنَابَةِ)

- ‌(بابُ مَسْحِ اليَدِ بالتُّرَابِ لِيَكُونَ أَنْقَى)

- ‌(بابُ هَلْ يُدْهِلُ الجُنُبُ يَدَهُ فِي الإنَاءِ قَبْلَ أنْ يَغْسِلَهَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى يَدِهِ قَذَرُ غَيْرُ الجَنَابَةِ)

- ‌(بابُ تَفْرِيقِ الغُسْلِ والوُضُوءِ)

- ‌(بابُ مَنْ أَفْرَغَ بِيَمِنِهِ عَلَى شِمَالِهِ فِي الغُسْلِ)

- ‌(بابٌ إذَا جامَعَ ثُمَّ عادَ وَمَنْ دَارَ علَى نِسَائِهِ فِي غُسْلٍ وَاحِدٍ)

- ‌(بابُ غَسْلِ المَذْىٍ وَالوُضُوءِ مِنْهُ)

- ‌(بابُ مَنْ تَطَيَّبَ ثُمَّ اغْتَسَلَ وَبَقِيَ أثرُ الطيِّبِ)

- ‌(بابُ تَخْلِيلِ الشِّعَرِ حَتَّى إذَا أنَّهُ قَدْ أرْوَى بَشَرَتَهُ أفَاضَ عَلَيْهِ

- ‌(بابُ مَنْ تَوَضَّلَ فِي الجَنَابَةِ ثُمَّ غَسَلَ جَسَدِهِ وَلَمْ يُعِدْ غَسْلَ مَوَاضِعِ الوُضُوءِ مَرَّةً أُخْرَى

- ‌(بابُ إذَا ذَكَرَ فِي المَسْجِدِ أنَّهُ جُنُبٌ يَخْرُجُ كَمَا هُوَ وَلَا يَتَيَمَّمُ)

- ‌(بابُ نَفْضِ اليدَيْنِ مِنْ الغُسْلِ عَنُ الجَنَابَةِ)

- ‌(بابُ مَنْ بَدَأَ رَأْسِهِ الأيْمَنِ فِي الغُسْلِ)

- ‌(بابُ مَنِ اغْتَسَل عُرْيَاناً وَحْدَهُ فِي الخَلْوَةِ وَمَنْ تَسَتَّرَ فالتَّسَتُّرُ أَفْضَلُ)

- ‌(بابُ التَسَتَّرِ فِي الغُسْلِ عِنْدَ النَّاس)

- ‌(بابٌ إذَا احتَلَمَتِ المَرْأَةُ)

- ‌(بابُ عَرَق الجَنُبٍ وَإنَّ المُسْلِمَ لَا يَنْجُسُ)

- ‌(بابُ الجُنُبُ يَخْرُجُ وَيَمْشِي فِي السُّوقِ وَغَيْرِهِ)

- ‌(بابُ كَيْنُونَةِ الجُنُبِ فِي الَبْيتِ إذَا تَوَضَّأَ قَبْلَ أَنْ يَغْتَسِلَ

- ‌(بابُ نَوْم الجُنُبُ)

- ‌(بابُ الجنُبِ يَتَوَضَأُ ثُمَّ يَنَامُ)

- ‌(بابٌ إذَا التَقَى الخِتَانانِ)

- ‌(بابُ غَسْلِ مَا يُصيبُ منْ رُطُوبَةِ فَرْجِ المَرْأَةِ)

- ‌(كتاب الحيضِ)

- ‌(بابُ كَيْفَ كانَ بَدْءَ الحَيْضِ)

- ‌(بابُ غَسْلِ الحَائِضِ رَأْسَ زَوْجِها وَتَرْجِيلِهِ)

- ‌(بابُ قِرَاءَةِ الرَّجُلِ فِي حِجْرِ امْرَأَتِهِ وَهِيَ حائِضٌ)

- ‌(بابُ مَنْ سَمَّى النِّفَاسَ حَيْضاً)

- ‌(بابُ مُبَاشَرَةِ الحَائِضِ)

- ‌(بابُ تَرْكِ الحَائِضِ الصَّوْمَ)

- ‌(بابُ تَقْضِي الحَائِضُ المَنَاسِكَ كُلَّها إلَاّ الطَّوافَ بالبَيْتِ)

- ‌(بابُ الاسْتِحَاضَةِ)

- ‌(بابُ غَسْلِ دَمِ المَحِيضِ)

- ‌(بابُ الاعْتِكَافِ لِلْمُسْتَحاضَةِ)

- ‌(بابٌ هَلْ تُصَلِّى المَرْأَةُ فِي ثَوْبٍ حاضَتْ فِيهِ

- ‌(بابُ الَطِّيبِ لِلْمَرْأَةِ عِنْدَ غَسْلِهَا مِنَ الحَيْضِ)

- ‌(بابُ دَلْكِ المَرْأَةِ نَفْسَها أذَا تَطَهَّرَتْ مِنَ المَحِيضِ وَكَيْفَ تَغْتَسِلُ وَتَأْخُذُ فِرْصَةً مُمَسَّكَةً فَتَتَّبِعُ بِهَا أَثَرَ الدَّمِ)

- ‌(بابُ غُسْلِ المَحِيضِ)

- ‌(بابُ امْتِشاطِ المَرْأَةِ عِنْدَ غُسْلِها مِنَ المَحِيضِ)

- ‌(بابُ نَقْضِ المَرْأَةِ شَعْرَهَا عِنْدَ غُسَلِ المَحِيضِ)

- ‌(بابٌ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرَ مُخَلَّقَةٍ}

- ‌(بابُ كَيفَ تُهِلُّ الحائِضُ بالحَجِّ والعُمْرَةِ)

- ‌(بابُ إقْبالِ المَحِيضِ وإدْبارِهِ)

- ‌(بابٌ لَا تَقْضِي الحائِضُ الصَّلاةَ)

- ‌(بابُ النَّوْمَ مَعَ الحَائِضِ وهْيَ فِي ثِيَابِهَا)

- ‌(بابُ مَنْ اتخَذَ ثِيَابَ الْحَيْضِ سِوَى ثِيَابِ الطُّهْرِ)

- ‌(بابُ شُهُودِ الحَائِضِ الْعِيدَيْنِ وَدَعْوَةَ المُسْلِمِينَ وَيَعْتَزِلْنَ الْمُصَلَّى)

- ‌(بابٌ إذَا حاضَتْ فِي شَهْرٍ ثَلَاثَ حِيَضٍ وَمَا يُصَدَّقُ النِّساءُ فِي الْحَيْضِ وَالْحَمْلِ فِيما يُمْكِنُ مِنَ الْحَيْضِ لِقَوْلِ الله تَعَالَى وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ الله فِي أرْحَامِهِنَّ)

- ‌(بابُ الصُّفْرَةِ والْكُدْرَةِ فِي غَيْرِ أيَّامِ الْحَيْضِ)

- ‌(بابُ عِرْق الإسْتِحَاضَة)

- ‌(بابُ الْمَرأةِ تَحِيضُ بَعْدَ الإفَاضَة)

- ‌(بابٌ إذَا رَأَتِ الْمُسْتَحَاضَةُ الطُّهْرَ)

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ عَلَى النُّفَسَاءِ وَسُنَّتِهَا)

- ‌(بابٌ)

الفصل: ‌(باب إذا حاضت في شهر ثلاث حيض وما يصدق النساء في الحيض والحمل فيما يمكن من الحيض لقول الله تعالى ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن)

ذكر استنباط الْأَحْكَام مِنْهَا: أَن الْحَائِض لَا تهجر ذكر الله تَعَالَى. وَمِنْهَا: مَا قَالَه [قعالخطابي [/ قع: أَنَّهُنَّ يشهدن مَوَاطِن الْخَيْر ومجالس الْعلم خلا أَنَّهُنَّ لَا يدخلن الْمَسَاجِد. وَقَالَ ابْن بطال: فِيهِ جَوَاز خُرُوج النِّسَاء الطاهرات وَالْحيض إِلَى الْعِيدَيْنِ، وشهود الْجَمَاعَات، وتعتزل الْحيض الْمصلى، وَليكن مِمَّن يَدْعُو أَو يُؤمن رَجَاء بركَة المشهد الْكَرِيم. قَالَ النَّوَوِيّ: قَالَ أَصْحَابنَا: يسْتَحبّ إِخْرَاج النِّسَاء فِي الْعِيدَيْنِ غير ذَوَات الهيئات والمستحسنات، وَأَجَابُوا عَن هَذَا الحَدِيث بِأَن الْمفْسدَة فِي ذَلِك الزَّمن كَانَت مَأْمُونَة بِخِلَاف الْيَوْم، وَقد صَحَّ عَن عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، أَنَّهَا قَالَت:(لَو رأى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مَا أحدث النِّسَاء بعده لمنعهن الْمَسَاجِد كَمَا منعت نسَاء بني إِسْرَائِيل) . وَقَالَ [قععياض [/ قع: وَقد اخْتلف السّلف فِي خروجهن، فَرَأى جمَاعَة ذَلِك حَقًا، مِنْهُم: أَبُو بكر وَعلي وَابْن عمر فِي آخَرين، رضي الله عنهم، ومنعهن جمَاعَة، مِنْهُم: عُرْوَة وَالقَاسِم وَيحيى ابْن سعيد الْأنْصَارِيّ وَمَالك وَأَبُو يُوسُف؛ وَأَجَازَهُ [قعأبو حنيفَة [/ قع

مرّة وَمنعه مرّة، وَفِي التِّرْمِذِيّ: وَرُوِيَ عَن ابْن الْمُبَارك: أكره الْيَوْم خروجهن فِي الْعِيدَيْنِ، فَإِن أَبَت الْمَرْأَة إِلَّا أَن تخرج فلتخرج فِي أطمارها بِغَيْر زِينَة، فَإِن أَبى ذَلِك فَللزَّوْج أَن يمْنَعهَا. ويروى عَن الثَّوْريّ أَنه كره الْيَوْم خروجهن قلت: الْيَوْم الْفَتْوَى على الْمَنْع مُطلقًا، وَلَا سِيمَا فِي الديار المصرية. وَمِنْهَا: أَن بَعضهم استدلوا بِهَذَا على وجوب صَلَاة الْعِيدَيْنِ؛ وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: لَا يسْتَدلّ بذلك على الْوُجُوب لِأَن هَذَا إِنَّمَا توجه لمن لَيْسَ بمكلف بِالصَّلَاةِ بالِاتِّفَاقِ، وَإِنَّمَا الْمَقْصُود التدرب على الصَّلَاة والمشاركة فِي الْخَيْر وَإِظْهَار جمال الْإِسْلَام. وَقَالَ الْقشيرِي: لِأَن أهل الْإِسْلَام كَانُوا إِذْ ذَاك قليلين. وَمِنْهَا: جَوَاز اسْتِعَارَة الثِّيَاب لِلْخُرُوجِ إِلَى الطَّاعَات، وَجَوَاز اشْتِمَال الْمَرْأَتَيْنِ فِي ثوب وَاحِد لضَرُورَة الْخُرُوج إِلَى طَاعَة الله تَعَالَى. وَمِنْهَا: أَن فِيهِ غَزْو النِّسَاء ومداواتهن للجرحى، وَإِن كَانُوا غير ذَوي محارم مِنْهُنَّ وَمِنْهَا: قبُول خبر الْمَرْأَة. وَمِنْهَا: أَن فِي قَوْلهَا: كُنَّا نداوي، جَوَاز نقل الْأَعْمَال الَّتِي كَانَت فِي زمن النَّبِي، صلى الله عليه وسلم، وَإِن كَانَ عليه الصلاة والسلام، لم يخبر بِشَيْء من ذَلِك. وَمِنْهَا: جَوَاز النَّقْل عَمَّن لَا يعرف اسْمه من الصَّحَابَة خَاصَّة وَغَيرهم إِذا بيّن مَسْكَنه وَدلّ عَلَيْهِ. وَمِنْهَا: امْتنَاع خُرُوج النِّسَاء بِدُونِ الجلاليب. وَمِنْهَا: جَوَاز تكْرَار: بِأبي، فِي الْكَلَام. وَمِنْهَا: جَوَاز السُّؤَال بعد رِوَايَة الْعدْل عَن غَيره تَقْوِيَة لذَلِك. وَمِنْهَا: جَوَاز شُهُود الْحَائِض عَرَفَة. وَمِنْهَا: اعتزال الْحيض من الْمصلى، وَاخْتلفُوا فِيهِ، فَقَالَ الْجُمْهُور: هُوَ منع تَنْزِيه وَسَببه الصيانة والاحتراز عَن مُقَارنَة النِّسَاء للرِّجَال من غير حَاجَة وَلَا صَلَاة، وَإِنَّمَا لم يحرم لِأَنَّهُ لَيْسَ مَسْجِدا. وَقَالَ بَعضهم: يحرم الْمكْث فِي الْمصلى عَلَيْهَا كَمَا يحرم مكثها فِي الْمَسْجِد لِأَنَّهُ مَوضِع للصَّلَاة، فَأشبه الْمَسْجِد. وَالصَّوَاب الأول. وَقَالَ الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: الْأَمر بالاعتزال للْوُجُوب، فَهَل الشُّهُود وَالْخُرُوج واجبان أَيْضا؟ قلت: ظَاهر الْأَمر الْوُجُوب، لَكِن علم من مَوضِع آخر أَنه هَهُنَا للنَّدْب. وَقَالَ بَعضهم: أغرب الْكرْمَانِي فَقَالَ: الاعتزال وَاجِب وَالْخُرُوج مَنْدُوب قلت: لم يقل بِوُجُوب الإعتزال وندبية الْخُرُوج من هَذَا الْموضع خَاصَّة حَتَّى يكون مغربا، وَإِنَّمَا صرح بقوله: إِن الْوُجُوب لِلْأَمْرِ بالإعتزال، وَأما ندبية الْخُرُوج فَمن مَوضِع آخر.

24 -

(بابٌ إذَا حاضَتْ فِي شَهْرٍ ثَلَاثَ حِيَضٍ وَمَا يُصَدَّقُ النِّساءُ فِي الْحَيْضِ وَالْحَمْلِ فِيما يُمْكِنُ مِنَ الْحَيْضِ لِقَوْلِ الله تَعَالَى وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ الله فِي أرْحَامِهِنَّ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم الْحَائِض إِذا حَاضَت فِي شهر وَاحِد ثَلَاث حيض، بِكَسْر الْحَاء وَفتح الْيَاء: جمع حَيْضَة. قَوْله: (وَمَا يصدق) أَي: وَفِي بَيَان مَا يصدق النِّسَاء، بِضَم الْيَاء وَتَشْديد الدَّال. قَوْله:(فِي الْحيض) أَي: فِي مُدَّة الْحيض. قَوْله: (وَالْحمل) وَفِي نُسْخَة: (وَالْحَبل)، بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة. قَوْله:(فِيمَا يُمكن من الْحيض) يتَعَلَّق بقوله: (وَيصدق)، أَي: تصدق فِيمَا يُمكن من تكْرَار الْحيض، وَلِهَذَا لم يقل: وَفِيمَا يُمكن من الْحَبل، لِأَنَّهُ لَا معنى للتصديق فِي تكْرَار الْحمل. قَوْله:(لقَوْل الله) تَعْلِيل للتصديق، وَوجه الدّلَالَة عَلَيْهِ أَنَّهَا إِذا لم يحل لَهَا الكتمان وَجب الْإِظْهَار، فَلَو لم تصدق فِيهِ لم يكن للإظهار فَائِدَة. وروى الطَّبَرَانِيّ بِإِسْنَاد صَحِيح عَن الزُّهْرِيّ، قَالَ: بلغنَا أَن المُرَاد بِمَا خلق الله فِي أرحامهن الْحمل أَو الْحيض، وَلَا يحل لَهُنَّ أَن يكتمن ذَلِك لتنقضي الْعدة،

ص: 305

وَلَا يملك الزَّوْج الْعدة إِذا كَانَت لَهُ. وَرُوِيَ أَيْضا بِإِسْنَاد حسن عَن ابْن عمر، قَالَ: لَا يحل لَهَا إِذا كَانَت حَائِضًا أَن تكْتم حَيْضهَا، وَلَا إِن كَانَت حَامِلا أَن تكْتم حملهَا. وَعَن مُجَاهِد: لَا تَقول: إِنِّي حَائِض، وَلَيْسَت بحائض، وَلَا لست بحائض وَهِي حَائِض، وَكَذَا فِي الْحَبل.

وَيُذْكَرُ عنْ عَلِيٍّ وَشُرَيْحٍ إنِ امْرَأةٌ جاءَتْ بِبَيِّنَةٍ منْ بِطَانَةِ أهْلِهَا مِمَّنْ يُرْضَى دِينُهُ أنَّهَا حاضَتْ ثَلَاثا فِي شَهْرٍ صُدِّقَتْ

الْكَلَام فِيهِ على أَنْوَاع.

الأول: أَن عليا هَذَا هُوَ ابْن أبي طَالب، وشريحا هُوَ ابْن الْحَارِث بِالْمُثَلثَةِ الْكِنْدِيّ أَبُو أُميَّة الْكُوفِي، وَيُقَال: إِنَّه من أَوْلَاد الْفرس الَّذين كَانُوا بِالْيمن، أدْرك النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَلم يلقه، استقضاه عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، على الْكُوفَة وَأقرهُ من بعده إِلَى أَن ترك هُوَ بِنَفسِهِ زمن الْحجَّاج، كَانَ لَهُ مائَة وَعِشْرُونَ سنة، مَاتَ سنة ثَمَانِيَة وَتِسْعين، وَهُوَ أحد الْأَئِمَّة.

الثَّانِي: أَن هَذَا تَعْلِيق بِلَفْظ التمريض، وَوَصله الدَّارمِيّ: أخبرنَا يعلى بن عبيد أخبرنَا إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد عَن عَامر هُوَ الشّعبِيّ، قَالَ:(جَاءَت امْرَأَة إِلَى عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، تخاصم زَوجهَا طَلقهَا، فَقَالَت: حِضْت فِي شهر ثَلَاث حيض، فَقَالَ عَليّ لشريح: إقض بَينهمَا. قَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، وَأَنت هَاهُنَا؟ قَالَ: إقضِ بَينهمَا. قَالَ: إِن جَاءَت من بطانة أَهلهَا مِمَّن يرضى دينه وأمانته يزْعم أَنَّهَا حَاضَت ثَلَاث حيض تطهر عِنْد كل قرء وَتصلي جَازَ لَهَا. وإلَاّ فَلَا. قَالَ عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: قالون) . وَمَعْنَاهُ بِلِسَان الرّوم: أَحْسَنت. وَرَوَاهُ ابْن حزم، وَقَالَ: روينَاهُ عَن هشيم عَن إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد عَن الشّعبِيّ: (أَن عليا، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَتَى بِرَجُل طلق امْرَأَته فَحَاضَت ثَلَاث حيض فِي شهر أَو خمس وَثَلَاثِينَ لَيْلَة، فَقَالَ عَليّ لشريح: إقض فِيهَا. فَقَالَ: إِن جَاءَت بِالْبَيِّنَةِ من النِّسَاء الْعُدُول من بطانة أَهلهَا مِمَّن يرضى صدقه وعدله أَنَّهَا رَأَتْ مَا يحرم عَلَيْهَا الصَّلَاة من الطُّهْر الَّذِي هُوَ الطمث، وتغتسل عِنْد كل قرء وَتصلي فِيهِ، فقد انْقَضتْ عدتهَا. وإلَاّ فَهِيَ كَاذِبَة. فَقَالَ عَليّ بن أبي طَالب: قالون) . وَمَعْنَاهُ: أصبت. قَالَ ابْن حزم: هَذَا نَص قَوْلهَا. انْتهى. وَاخْتلف فِي سَماع الشّعبِيّ عَن عَليّ بن أبي طَالب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: لم يسمع مِنْهُ إلَاّ حرفا مَا سمع غَيره. وَقَالَ الْحَازِمِي: لم تثبت أَئِمَّة الحَدِيث سَماع الشّعبِيّ من عَليّ. وَقَالَ ابْن الْقطَّان: مِنْهُم من يدْخل بَينه وَبَينه عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى، وسنه مُحْتَملَة لإدراك عَليّ. وَقَالَ صَاحب (التَّلْوِيح) : فَكَأَن البُخَارِيّ لمح هَذَا فِي عَليّ لَا فِي شُرَيْح، لِأَنَّهُ مُصَرح فِيهِ بِسَمَاع الشّعبِيّ مِنْهُ، فَينْظر فِي تمريضه الْأَثر عَنهُ، على رَأْي من يَقُول: إِنَّه إِذا ذكر شَيْئا بِغَيْر صِيغَة الْجَزْم لَا يكون صَحِيحا عِنْده، وَكَأَنَّهُ غير جيد، لِأَنَّهُ ذكر فِي الْعَتَمَة. وَيذكر عَن أبي مُوسَى: كُنَّا نتناوب بِصِيغَة التمريض، وَهُوَ سَنَد صَحِيح عِنْده.

النَّوْع الثَّالِث: فِي مَعْنَاهُ: فَقَوله: (إِن جَاءَت) فِي رِوَايَة كَرِيمَة: (ان الْمَرْأَة جَاءَت) بِكَسْر النُّون (بِبَيِّنَة من بطانة أَهلهَا) أَي خواصها. وَقَالَ القَاضِي إِسْمَاعِيل: لَيْسَ المُرَاد أَن تشهد النِّسَاء أَن ذَلِك وَقع، وَإِنَّمَا هُوَ فِيمَا نرى أَن يشهدن أَن هَذَا يكون، وَقد كَانَ فِي نسائهن وَفِيه نظر، لِأَن سِيَاق هَذَا الحَدِيث يدْفع هَذَا التَّأْوِيل، لِأَن الظَّاهِر مِنْهُ أَن المُرَاد أَن يشهدن بِأَن ذَلِك وَقع مِنْهَا، وَكَأن مُرَاد إِسْمَاعِيل رد هَذِه الْقِصَّة إِلَى مُوَافقَة مذْهبه. وَمذهب أبي حنيفَة أَن الْمَرْأَة لَا تصدق فِي انْقِضَاء الْعدة فِي أقل من سِتِّينَ يَوْمًا. وَعَن مُحَمَّد بن الْحسن، فِيمَا حَكَاهُ ابْن حزم عَنهُ أَرْبَعَة وَخمسين يَوْمًا. وَعَن أبي يُوسُف: تصدق فِي تِسْعَة وَثَلَاثِينَ يَوْمًا. قَالَ ابْن بطال: وَبِه قَالَ مُحَمَّد بن الْحسن وَالثَّوْري. وَعَن الشَّافِعِي: تصدق فِي ثَلَاثَة وَثَلَاثِينَ يَوْمًا. وَعَن أبي ثَوْر: فِي سَبْعَة وَأَرْبَعين يَوْمًا. وَذكر ابْن أبي زيد عَن سَحْنُون: أقل الْعدة أَرْبَعُونَ يَوْمًا.

النَّوْع الرَّابِع: فِي أَن هَذَا الْأَثر يُطَابق التَّرْجَمَة فِي قَوْله: (وَمَا يصدق النِّسَاء) إِلَى آخِره، لِأَن المُرَاد: مَا يصدق النِّسَاء فِيمَا يُمكن من الْمدَّة، والشهر يُمكن فِيهِ ثَلَاث حيض خُصُوصا على مَذْهَب مَالك وَالشَّافِعِيّ فَإِن أقل الْحيض عِنْد مَالك فِي حق الْعدة ثَلَاثَة أَيَّام، وَفِي ترك الصَّلَاة وَالصَّوْم وَتَحْرِيم الوطىء دفْعَة، وَعند الشَّافِعِي فِي الْأَشْهر إِن أَقَله يَوْم وَلَيْلَة، وَهُوَ قَول أَحْمد: فَإِن قلت عنْدكُمْ أَيهَا الْحَنَفِيَّة أقل الْحيض ثَلَاثَة أَيَّام، فَلِمَ شرطتم فِي تصديقها بستين يَوْمًا على مَذْهَب أبي حنيفَة؟ قلت: لِأَن أقل الطُّهْر عندنَا خَمْسَة عشر يَوْمًا، فَإِذا أقرَّت بِانْقِضَاء عدتهَا لم تصدق فِي أقل من سِتِّينَ يَوْمًا، لِأَنَّهُ يَجْعَل كَأَنَّهُ طَلقهَا أول الطُّهْر وَهُوَ خَمْسَة عشر، وحيضها خَمْسَة إعتبارا للْعَادَة، فَيحْتَاج إِلَى ثَلَاثَة أطهار وَثَلَاث حيض.

ص: 306

وقالَ عطَاءٌ أقْرَاؤُهَا مَا كانَتْ

أَي: عَطاء بن أبي رَبَاح، والإقراء جمع: قرء، بِضَم الْقَاف وَفتحهَا، مَعْنَاهُ إقراؤها فِي زمن الْعدة مَا كَانَت قبل الْعدة أَي: لَو ادَّعَت فِي زمن الِاعْتِدَاد أَقراء مَعْدُودَة فِي مُدَّة مُعينَة فِي شهر مثلا، فَإِن كَانَت مُعْتَادَة بِمَا ادعتها فَذَاك، وَإِن ادَّعَت فِي الْعدة مَا يُخَالف مَا قبلهَا لم تقبل، وَهَذَا الْأَثر الْمُعَلق وَصله عبد الرَّزَّاق عَن ابْن جريج عَن عَطاء.

وبِهِ قالَ إبْرَاهِيمُ

أَي: بِمَا قَالَ عَطاء قَالَ إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ، وَوَصله عبد الرَّزَّاق أَيْضا عَن أبي مسعر عَن إِبْرَاهِيم نَحوه.

وقالَ عَطاءٌ الْحَيْضُ يَوْمٌ الَى خمْسَ عَشْرَةَ

هَذَا إِشَارَة إِلَى أَن أقل الْحيض عِنْد عَطاء يَوْم، وَأَكْثَره خَمْسَة عشر، يَعْنِي أقل الْحيض يَوْم وَأَكْثَره خَمْسَة عشر، وَهَذَا الْمُعَلق وَصله الدَّارمِيّ بِإِسْنَاد صَحِيح، قَالَ:(أقْصَى الْحيض خَمْسَة عشر وَأدنى الْحيض يَوْم وَلَيْلَة)) . وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ: حدثناالحسين حَدثنَا إِبْرَاهِيم حَدثنَا النُّفَيْلِي حَدثنَا معقل بن عبد الله عَن عَطاء: (أدنى وَقت الْحيض يَوْم وَأَكْثَره خَمْسَة عشر) . وَحدثنَا ابْن حَمَّاد حَدثنَا الحرمي حَدثنَا ابْن يحيى حَفْص عَن أَشْعَث عَن عَطاء. قَالَ: (أَكثر الْحيض خمس عشرَة) . وَقد اخْتلف الْعلمَاء فِي أقل مُدَّة الْحيض وَأَكْثَره، فمذهب أبي حنيفَة: أَقَله ثَلَاثَة أَيَّام وَمَا نقص عَن ذَلِك فَهُوَ اسْتِحَاضَة، وَأَكْثَره عشرَة أَيَّام. وَعَن أبي يُوسُف: أَقَله يَوْمَانِ وَالْأَكْثَر من الْيَوْم الثَّالِث، وَاسْتدلَّ أَبُو حنيفَة بِمَا رُوِيَ عَن ابْن مَسْعُود رضي الله عنه:(الْحيض ثَلَاث وَأَرْبع وَخمْس وست وَسبع وثمان وتسع وَعشر، فَإِن زَاد فَهِيَ مُسْتَحَاضَة) . رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ، وَقَالَ: لم يروه غير هَارُون بن زِيَاد، وَهُوَ ضَعِيف الحَدِيث، وَبِمَا رُوِيَ عَن أبي أُمَامَة، رضي الله عنه، أَن النَّبِي، عليه الصلاة والسلام، قَالَ: [حم (أقل الْحيض لِلْجَارِيَةِ الْبكر وَالثَّيِّب ثَلَاث، وَأَكْثَره مَا يكون عشرَة أَيَّام، فَإِذا زَاد فَهِيَ مُسْتَحَاضَة) [/ حم. رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَفِي سَنَده عبد الْملك مَجْهُول، والْعَلَاء بن الْكثير ضَعِيف الحَدِيث، وَمَكْحُول لم يسمع من أبي أُمَامَة. وَبِمَا رُوِيَ عَن وَاثِلَة بن الْأَسْقَع قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: (أقل الْحيض ثَلَاثَة أَيَّام وَأَكْثَره عشرَة أَيَّام) . رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ، وَفِي سَنَده حَمَّاد بن منهال مَجْهُول، وَبِمَا رُوِيَ عَن معَاذ بن جبل أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: [حم (لَا حيض دون ثَلَاثَة أَيَّام، وَلَا حيض فَوق عشرَة أَيَّام، فَمَا زَاد على ذَلِك فَهِيَ اسْتِحَاضَة، تتوضأ لكل صَلَاة إلاّ أَيَّام إقرائها. وَلَا نِفَاس دون أسبوعين، وَلَا نِفَاس فَوق أَرْبَعِينَ يَوْمًا. فَإِن رَأَتْ النُّفَسَاء الطُّهْر دون الْأَرْبَعين صَامت وصلت وَلَا يَأْتِيهَا زَوجهَا إلاّ بعد أَرْبَعِينَ) [/ حم. رَوَاهُ ابْن عدي فِي (الْكَامِل) وَفِي سَنَده مُحَمَّد بن سعيد عَن البُخَارِيّ، وَقَالَ ابْن معِين: إِنَّه يضع الحَدِيث، وَبِمَا رَوَاهُ أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: [حم (أقل الْحيض ثَلَاث وَأَكْثَره عشر، وَأَقل مَا بَين الحيضتين خَمْسَة عشر يَوْمًا) [/ حم. وَرَوَاهُ ابْن الْجَوْزِيّ فِي (الْعِلَل المتناهية) وَفِيه أَبُو دَاوُد النَّخعِيّ واسْمه سُلَيْمَان، قَالَ ابْن حبَان: كَانَ يضع الحَدِيث. وَبِمَا روى أنس أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: (الْحيض ثَلَاثَة أَيَّام وَأَرْبَعَة وَخَمْسَة وَسِتَّة وَسَبْعَة وَثَمَانِية وَتِسْعَة وَعشرَة، فَإِذا جَاوز الْعشْرَة فَهِيَ اسْتِحَاضَة) ، رَوَاهُ ابْن عدي، وَفِيه الْحسن بن دِينَار ضَعِيف. وَبِمَا رُوِيَ عَن عَائِشَة، رضي الله عنها، عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم، قَالَ:(أَكثر الْحيض عشر وَأقله ثَلَاث) ، ذكره ابْن الْجَوْزِيّ فِي (التَّحْقِيق) ، وَفِيه حُسَيْن بن علوان، قَالَ ابْن حبَان: كَانَ يضع الحَدِيث. وَأجَاب الْقَدُورِيّ فِي (التَّجْرِيد) أَن ظَاهر الْإِسْلَام يَكْفِي لعدالة الرَّاوِي مَا لم يُوجد فِيهِ قَادِح، وَضعف الرَّاوِي لَا يقْدَح إلاّ أَن يُقَوي وَجه الضعْف. وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي (شرح الْمُهَذّب) : إِن الحَدِيث إِذا رُوِيَ من طرق ومفرداتها ضِعَاف يحْتَج بِهِ، على أَنا نقُول: قد شهد لمذهبنا عدَّة أَحَادِيث من الصَّحَابَة بطرق مُخْتَلفَة كَثِيرَة يُقَوي بَعْضهَا بَعْضًا، وَإِن كَانَ كل وَاحِد ضَعِيفا، لَكِن يحدث عِنْد الِاجْتِمَاع مَا لَا بِحَدَث عِنْد الِانْفِرَاد، على أَن بعض طرقها صَحِيحَة، وَذَلِكَ يَكْفِي للاحتجاج، خُصُوصا فِي المقدرات، وَالْعَمَل بِهِ أولى من الْعَمَل بالبلاغات والحكايات المروية عَن نسَاء مَجْهُولَة، وَمَعَ هَذَا نَحن لَا نكتفي بِمَا ذكرنَا، بل نقُول: مَا ذَهَبْنَا إِلَيْهِ بالآثار المنقولة عَن الصَّحَابَة، رضي الله عنهم، فِي هَذَا الْبَاب، وَقد أمعنا الْكَلَام فِيهِ فِي (شرحنا للهداية) .

ص: 307

وقالَ مُعْتَمِرٌ عَنْ أبِيهِ سَأَلْتُ ابنَ سِيرِينَ عَنِ الْمَرْأةِ تَرَى الدَّمَ بَعْدَ قَرْئِهَا بِخَمْسَةِ أيَّامٍ قالَ النِّساءُ أعْلَمُ بِذَلِكَ.

مُعْتَمر هُوَ ابْن سُلَيْمَان، وَكَانَ أعبد أهل زَمَانه، وَأَبُو سُلَيْمَان بن طرحان، قَالَ شُعْبَة: مَا رَأَيْت أصدق من سُلَيْمَان، كَانَ إِذا حدث عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم يتَغَيَّر لَونه. وَقَالَ: شكه يَقِين، وَكَانَ يُصَلِّي اللَّيْل كُله بِوضُوء عشَاء الْآخِرَة. وَابْن سِيرِين هُوَ مُحَمَّد بن سِيرِين تقدم، وَوصل هَذَا الْأَثر الدَّارمِيّ عَن مُحَمَّد بن عِيسَى عَن مُعْتَمر، قَالَ الْكرْمَانِي: قَوْله بعد قرئها أَي: طهرهَا لَا حَيْضهَا بِقَرِينَة لفظ الدَّم، وَالْغَرَض مِنْهُ أَن أقل الطُّهْر هَل يحْتَمل أَن يكون خَمْسَة أَيَّام أم لَا؟ . قلت: لَيْسَ الْمَعْنى هَكَذَا، وَإِنَّمَا الْمَعْنى أَن ابْن سِيرِين سُئِلَ عَن امْرَأَة كَانَ لَهَا حيض مُعْتَاد، ثمَّ رَأَتْ بعد أَيَّام عَادَتهَا خَمْسَة أَيَّام أَو أقل أَو أَكثر، فَكيف يكون حكم هَذِه الزِّيَادَة؟ فَقَالَ ابْن سِيرِين: هِيَ أعلم بذلك، يَعْنِي التَّمْيِيز بَين الدمين رَاجع إِلَيْهَا، فَيكون المرئي فِي أَيَّام عَادَتهَا حيضا، وَمَا زَاد على ذَلِك اسْتِحَاضَة، فَإِن لم يكن لَهَا علم بالتمييز يكون حَيْضهَا مَا ترَاهُ إِلَى أَكثر مُدَّة الْحيض، وَمَا زَاد عَلَيْهَا يكون اسْتِحَاضَة، وَلَيْسَ المُرَاد من قَوْله: بعد قرئها، أَي: طهرهَا، كَمَا قَالَ الْكرْمَانِي، بل المُرَاد: بعد حَيْضهَا الْمُعْتَاد، كَمَا ذكرنَا. وَقَالَ صَاحب (التَّلْوِيح)، بعد ذكر هَذَا الْأَثر عَن ابْن سِيرِين: وَهَذَا يشْهد لمن يَقُول: الْقُرْء الْحيض، وَهُوَ قَول أبي حنيفَة. وَقَالَ السفاقسي: وَهُوَ قَول ابْن سِيرِين وَعَطَاء وَأحد عشر صحابيا وَالْخُلَفَاء الْأَرْبَعَة وَابْن عَبَّاس وَابْن مَسْعُود ومعاذ وَقَتَادَة وَأَبُو الدَّرْدَاء وَأنس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، وَهُوَ قَول ابْن الْمسيب وَابْن جُبَير وطاووس وَالضَّحَّاك وَالنَّخَعِيّ وَالشعْبِيّ وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ وَإِسْحَاق وَأبي عبيد.

325 -

ح دّثنا أحْمَدُ بنُ أبِي رَجاءٍ قالَ حَدثنَا أبُو أسَامَةَ قالَ سَمِعْتُ هِشَامَ بنَ عُرْوَةَ قالَ أَخْبرنِي أبي عنْ عائِشَةَ أنَّ فاطِمَةَ بِنْتَ أبِي حُبَيْشٍ سألَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قالتْ انِّي أُسْتَحَاضُ فَلَا أطْهُرُ أفأدَعِ الصَّلاةَ فَقَالَ لَا إنَّ ذَلِكِ عِرْقٌ ولَكِنْ دَعِي الصَّلَاةَ قَدْرَ الأيَّامِ التِي كُنْتِ تَحِيضِينَ فِيهَا ثُمَّ اغْتَسِلِي وَصَلِّي. .

وَجه مُطَابقَة هَذَا الحَدِيث للتَّرْجَمَة أَنه صلى الله عليه وسلم وكل ذَلِك إِلَى أمانتها وعادتها، فقد يقل ذَلِك وَيكثر على قدر أَحْوَال النِّسَاء فِي أسنانهن وبلدانهن.

ذكر رِجَاله: وهم خَمْسَة: الأول: أَحْمد بن أبي رَجَاء، بِفَتْح الرَّاء وَتَخْفِيف الْجِيم وبالمد، واسْمه عبد الله بن أَيُّوب الْهَرَوِيّ، ويكنى أَحْمد بِأبي الْوَلِيد، وَهُوَ حَنَفِيّ النّسَب لَا الْمَذْهَب، مَاتَ بهراة سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ. الثَّانِي: أَبُو أُسَامَة حَمَّاد بن أُسَامَة الْكُوفِي. الثَّالِث: هِشَام بن عُرْوَة. الرَّابِع: أَبُو عُرْوَة بن الزبير بن الْعَوام. الْخَامِس: عَائِشَة الصديقة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا.

ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين، والإخبار بِصِيغَة الْإِفْرَاد فِي مَوضِع. وَفِيه: العنعنة فِي مَوضِع وَاحِد. وَفِيه: السماع. وَفِيه: أَن رُوَاته مَا بَين هروي وكوفي ومدني.

وَقد ذكرنَا أَكثر بَقِيَّة الْأَشْيَاء فِي بَاب الِاسْتِحَاضَة وَفِي بَاب غسل الدَّم مستقصىً.

قَوْله: (قَالَت: بَيَان لقولها: (سَأَلت)، ويروى:(فَقَالَت)، بِالْفَاءِ التفسيرية. قَوْله:(استحاض) بِضَم الْهمزَة على بِنَاء الْمَجْهُول، كَمَا يُقَال: استحيضت. وَلم يبن هَذَا الْفِعْل للْفَاعِل، وأصل الْكَلِمَة من الْحيض، والزوائد للْمُبَالَغَة. قَوْله:(أفأدع؟) سُؤال عَن اسْتِمْرَار حكم الْحَائِض فِي حَالَة دوَام الدَّم وإزالته، وَهُوَ كَلَام من تقرر عِنْده أَن الْحَائِض مَمْنُوعَة من الصَّلَاة. قَوْله:(إِن ذَلِك عرق)، أَي: دم عرق، وَهُوَ يُسمى بالعاذل. قَوْله:(وَلَكِن) للاستدراك. فَإِن قيل: لَا بُد أَن يكون بَين كلامين متغايرين. أُجِيب: بِأَن مَعْنَاهُ: لَا تتركي الصَّلَاة فِي كل الْأَوْقَات، لَكِن اتركيها فِي مِقْدَار الْعَادة. وَلَفظ: قدر الْأَيَّام، مشْعر بِأَنَّهَا كَانَت مُعْتَادَة. قَوْله:(دعِي الصَّلَاة) أَي: اتركي الصَّلَاة قدر الْأَيَّام الَّتِي كنت تحيضين فِيهَا، مثلا إِن كَانَت عَادَتهَا من كل شهر عشرَة أَيَّام من أَولهَا، أَو من وَسطهَا، أَو من آخرهَا تتْرك الصَّلَاة عشرَة أَيَّام من هَذَا الشَّهْر، نَظِير ذَلِك فَإِن قلت من أَيْن كَانَت تحفظ فَاطِمَة عدد أَيَّامهَا الَّتِي كَانَت تحيضها أَيَّام الصِّحَّة؟ قلت: لَو لم تكن تحفظ ذَلِك لم يكن لقَوْله صلى الله عليه وسلم: (دعِي الصَّلَاة قدر الْأَيَّام الَّتِي كنت تحيضين فِيهَا) من الشَّهْر، فَائِدَة. وَقد جَاءَ فِي رِوَايَة أبي دَاوُد وَغَيره، فِي حَدِيث أم سلمةٍ (لتنظر عدَّة اللَّيَالِي وَالْأَيَّام

ص: 308