الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم علل نقض الطَّهَارَة بِخُرُوج الدَّم من الْعرق، وكل دم يبرز من الْبدن فَإِنَّمَا يبرز من عرق، لِأَن الْعُرُوق هِيَ مجاري الدَّم من الْجَسَد. وَقَالَ الْخطابِيّ: وَلَيْسَ معنى الحَدِيث مَا ذهب إِلَيْهِ هَؤُلَاءِ، وَلَا مُرَاد الرَّسُول صلى الله عليه وسلم من ذَلِك مَا توهموه، وَإِنَّمَا أَرَادَ أَن هَذِه الْعلَّة إِنَّمَا حدثت بهَا من تصدع الْعرق، وتصدع الْعرق عِلّة مَعْرُوفَة عِنْد الْأَطِبَّاء يحدث ذَلِك عِنْد غَلَبَة الدَّم فتتصدع الْعُرُوق إِذا امْتَلَأت تِلْكَ الأوعية. قلت: لَيْسَ معنى الحَدِيث مَا ذهب إِلَيْهِ الْخطابِيّ، لِأَنَّهُ قيد إِطْلَاق الحَدِيث وخصص عُمُومه من غير مُخَصص، وَهُوَ تَرْجِيح بِلَا مُرَجّح وَهُوَ بَاطِل.
السَّابِع: قَوْله: (لكل صَلَاة) فِيهِ خلاف بَين الشَّافِعِيَّة وَالْحَنَفِيَّة، وَهُوَ أَن الْمُسْتَحَاضَة وَمن بمعناها من أَصْحَاب الْأَعْذَار هَل يتوضؤون لكل صَلَاة، أَو لكل وَقت صَلَاة، وَهُوَ مَذْكُور فِي كتب الْفِقْه.
64 -
(بابُ غسْلِ المَنِيِّ وفَرْكِهِ وغَسْل مَا يُصِيبُ مِنَ المَرْأَةِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم غسل الْمَنِيّ عِنْد كَونه رطبا، وَبَيَان حكم فركه عِنْد كَونه يَابسا، والفرك هُوَ الدَّلْك حَتَّى يذهب أَثَره. والمني، بتَشْديد الْيَاء؛ مَاء خاثر أَبيض يتَوَلَّد مِنْهُ الْوَلَد، وينكسر بِهِ الذّكر، ورائحته رَائِحَة الطّلع. قَوْله:(وَغسل مَا يُصِيب) أَي: وَفِي بَيَان غسل مَا يُصِيب الثَّوْب أَو الْجَسَد من الْمَرْأَة عِنْد مخالطته إِيَّاهَا. وَهَذِه التَّرْجَمَة مُشْتَمِلَة على ثَلَاثَة أَحْكَام، وَلم يذكر فِي هَذَا الْبَاب إلَاّ حكم غسل الْمَنِيّ، وَذكر الحكم الثَّالِث فِي أَوَاخِر كتاب الْغسْل من حَدِيث عُثْمَان، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَقَالَ بَعضهم: لم يخرج البُخَارِيّ حَدِيث الفرك، بل اكْتفى بِالْإِشَارَةِ إِلَيْهِ فِي التَّرْجَمَة على عَادَته، لِأَنَّهُ ورد من حَدِيث عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، أَيْضا. قلت: هَذَا اعتذار بَارِد، لِأَن الطَّرِيقَة أَنه إِذا ترْجم الْبَاب بِشَيْء يَنْبَغِي أَن يذكرهُ، وَقَوله: بل أكتفي بِالْإِشَارَةِ إِلَيْهِ كَلَام واهٍ، لِأَن الْمَقْصُود من التَّرْجَمَة معرفَة حَدِيثهَا، وإلَاّ فمجرد ذكر التَّرْجَمَة لَا يُفِيد شَيْئا، والْحَدِيث الَّذِي فِي هَذَا الْبَاب لَا يدل على الفرك، وَلَا على غسل مَا يُصِيب من الْمَرْأَة، وَاعْتذر الْكرْمَانِي عَنهُ بقوله: وَاكْتفى بإيراد بعض الحَدِيث، وَكَثِيرًا يَقُول مثل ذَلِك، أَو كَانَ فِي قَصده أَن يضيف إِلَيْهِ مَا يتَعَلَّق بِهِ وَلم يتَّفق لَهُ، أَو لم يجد رُوَاته بِشَرْطِهِ. قلت: كل هَذَا لَا يجدي، وَلَكِن حبك للشَّيْء يعمي ويصم، ثمَّ إِن بَعضهم ذكر فِي أول هَذَا الْبَاب كلَاما لَا يذكرهُ من لَهُ بَصِيرَة وروية، وَفِيه رد لما ذهب إِلَيْهِ الْحَنَفِيَّة، وَمَعَ هَذَا أَخذ كَلَامه هَذَا من كَلَام الْخطابِيّ مَعَ تَغْيِير، وَهُوَ أَنه قَالَ: وَلَيْسَ بَين حَدِيث الْغسْل وَحَدِيث الفرك تعَارض، لِأَن الْجمع بَينهمَا وَاضح على القَوْل بِطَهَارَة الْمَنِيّ، بِأَن يحمل الْغسْل على الِاسْتِحْبَاب للتنظيف لَا على الْوُجُوب، وَهَذِه طَريقَة الشَّافِعِي وَأحمد وَأَصْحَاب الحَدِيث، وَكَذَا الْجمع مُمكن على القَوْل بِنَجَاسَتِهِ بِأَن يحمل الْغسْل على مَا كَانَ رطبا، والفرك على مَا كَانَ يَابسا، وَهَذِه طَريقَة، والطريقة الأولى أرجح، لِأَن فِيهَا الْعَمَل بالْخبر وَالْقِيَاس مَعًا، لِأَنَّهُ لَو كَانَ نجسا لَكَانَ الْقيَاس وجوب غسله دون الِاكْتِفَاء بفركه كَالدَّمِ وَغَيره، وهم لَا يكتفون فِيمَا لَا يُعْفَى عَنهُ من الدَّم بالفرك. قلت: من هُوَ الَّذِي ادّعى تَعَارضا بَين الْحَدِيثين الْمَذْكُورين حَتَّى يحْتَاج إِلَى التَّوْفِيق، وَلَا نسلم التَّعَارُض بَينهمَا أصلا، بل حَدِيث الْغسْل يدل على نَجَاسَة الْمَنِيّ بِدلَالَة غسله، وَكَانَ هَذَا هُوَ الْقيَاس أَيْضا فِي يابسه، وَلَكِن خص بِحَدِيث الفرك، وَقَوله بِأَن يحمل الْغسْل على الِاسْتِحْبَاب للتنظيف لَا على الْوُجُوب كَلَام واه، وَهُوَ كَلَام من لَا يدْرِي مَرَاتِب الْأَمر الْوَارِد من الشَّرْع، فأعلى مَرَاتِب الْأَمر الْوُجُوب وَأَدْنَاهَا الْإِبَاحَة، وَهنا لَا وَجه للثَّانِي، لِأَنَّهُ، عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام، لم يتْركهُ على ثَوْبه أبدا، وَكَذَلِكَ الصَّحَابَة من بعده، ومواظبته صلى الله عليه وسلم على فعل شَيْء من غير ترك فِي الْجُمْلَة يدل على الْوُجُوب بِلَا نزاع فِيهِ، وَأَيْضًا الأَصْل فِي الْكَلَام الْكَمَال، فَإِذا أطلق اللَّفْظ ينْصَرف إِلَى الْكَامِل، اللَّهُمَّ إلَاّ أَن ينْصَرف ذَلِك بِقَرِينَة تقوم فتدل عَلَيْهِ حِينَئِذٍ، وَهُوَ فحوى كَلَام أهل الْأُصُول إِن الْأَمر الْمُطلق أَي: الْمُجَرّد عَن الْقَرَائِن، يدل على الْوُجُوب. ثمَّ قَوْله: والطريقة الأولى أرجح
…
الخ غير رَاجِح، فضلا أَن يكون أرجح بل هُوَ غير صَحِيح، لِأَنَّهُ قَالَ فِيهَا: الْعَمَل بالْخبر، وَلَيْسَ كَذَلِك، لِأَن من يَقُول بطهرة الْمَنِيّ يكون غير عَامل بالْخبر، لِأَن الْخَبَر يدل على نَجَاسَته، كَمَا قُلْنَا، وَكَذَلِكَ قَوْله فِيهَا: الْعَمَل بِالْقِيَاسِ غير صَحِيح، لِأَن الْقيَاس وجوب غسله مُطلقًا، وَلَكِن خص بِحَدِيث الفرك لما ذكرنَا. فان قلت: مَا لَا يجب غسل يابسه لَا يجب غسل رطبه كالمخاط. قلت: لَا نسلم أَن الْقيَاس صَحِيح، لِأَن المخاط لَا يتَعَلَّق بِخُرُوجِهِ حدث مَا أصلا، والمنى مُوجب لأكبر الحدثين، وَهُوَ الْجَنَابَة. فان قلت: سُقُوط الْغسْل فِي يابسه يدل
على الطَّهَارَة. قلت: لَا نسلم ذَلِك كَمَا فِي مَوضِع الِاسْتِنْجَاء.
قَوْله: كَالدَّمِ وَغَيره
…
إِلَى آخِره، قِيَاس فَاسد، لِأَنَّهُ لم يَأْتِ نَص بِجَوَاز الفرك فِي الدَّم وَنَحْوه، وَإِنَّمَا جَاءَ فِي يَابِس الْمَنِيّ على خلاف الْقيَاس، فَيقْتَصر على مورد النَّص. فَإِن قلت: قَالَ الله تَعَالَى: {وَهُوَ الَّذِي خلق من المَاء بشرا} (الْفرْقَان: 54) سَمَّاهُ: مَاء، وَهُوَ فِي الْحَقِيقَة لَيْسَ بِمَاء، فَدلَّ على أَنه أَرَادَ بِهِ التَّشْبِيه فِي الحكم، وَمن حكم المَاء أَن يكون طَاهِرا. قلت: أَن تَسْمِيَته: مَاء، لَا تدل على طَهَارَته، فَإِن الله تَعَالَى سمى مني الدَّوَابّ: مَاء، بقوله:{وَالله خلق كل دَابَّة من مَاء} (النُّور: 45) فَلَا يدل ذَلِك على طَهَارَة مَاء الْحَيَوَان. فان قلت: إِنَّه أصل الْأَنْبِيَاء والأولياء، فَيجب أَن يكون طَاهِرا. قلت: هُوَ أصل الْأَعْدَاء أَيْضا: كنمرود وَفرْعَوْن وهامان وَغَيرهم، على أَنا نقُول: الْعلقَة أقرب إِلَى الْإِنْسَان الْمَنِيّ، وَهُوَ أَيْضا أصل الْأَنْبِيَاء، عليه الصلاة والسلام، وَمَعَ هَذَا لَا يُقَال: إِنَّهَا طَاهِرَة. وَقَالَ هَذَا الْقَائِل أَيْضا: وَترد الطَّرِيقَة الثَّانِيَة أَيْضا مَا فِي رِوَايَة ابْن خُزَيْمَة من طَرِيق أُخْرَى عَن عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، كَانَ يَسْلت الْمَنِيّ من ثَوْبه بعرق الْإِذْخر ثمَّ يُصَلِّي فِيهِ وَتَحْته من ثَوْبه يَابسا، ثمَّ يُصَلِّي فِيهِ، فَإِنَّهُ يتَضَمَّن ترك الْغسْل فِي الْحَالَتَيْنِ. قلت: رد الطَّرِيقَة الثَّانِيَة بِهَذَا غير صَحِيح، وَلَيْسَ فِيهِ دَلِيل على طَهَارَته، وَقد يجوز أَن يكون كَانَ، عليه الصلاة والسلام، يفعل بذلك فيطهر الثَّوْب، وَالْحَال أَن الْمَنِيّ فِي نَفسه نجس، كَمَا قد رُوِيَ فِيمَا أصَاب النَّعْل من الْأَذَى، وَهُوَ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد من حَدِيث ابي هُرَيْرَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم:(إِذا وطىء الْأَذَى بخفيه فطهورهما التُّرَاب) . وَرَوَاهُ الطَّحَاوِيّ أَيْضا، وَلَفظه:(إِذا وطىء أحدكُم الْأَذَى بخفيه أَو نَعله فطهورهما التُّرَاب) . وَقَالَ الطَّحَاوِيّ: فَكَانَ ذَلِك التُّرَاب يجزىء من غسلهمَا، وَلَيْسَ فِي ذَلِك دَلِيل على طَهَارَة الْأَذَى فِي نَفسه، فَكَذَلِك مَا رُوِيَ فِي الْمَنِيّ. فان قلت: فِي سَنَده مُحَمَّد بن كثير الصَّنْعَانِيّ، وَقد تكلمُوا فِيهِ. قلت: وَثَّقَهُ ابْن حبَان وروى حَدِيثه فِي (صَحِيحه) . وَأخرجه الْحَاكِم فِي (مُسْتَدْركه) وَقَالَ: صَحِيح على شَرط مُسلم، وَلم يخرجَاهُ. وَقَالَ النَّوَوِيّ: فِي (الْخُلَاصَة) : وَرَوَاهُ ابو دَاوُد بِإِسْنَاد صَحِيح، وَلَا يلْتَفت إِلَى قَول ابْن الْقطَّان: وَهَذَا حَدِيث رَوَاهُ أَبُو دَاوُد من طَرِيق لَا يظنّ بهَا الصِّحَّة. وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد أَيْضا من حَدِيث عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، بِمَعْنَاهُ، وَرُوِيَ أَيْضا نَحوه من حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. وَأخرجه ابْن حبَان أَيْضا. وَالْمرَاد من الْأَذَى: النَّجَاسَة. وَقَالَ هَذَا الْقَائِل أَيْضا: وَأما مَالك فَلم يعرف الفرك، وَالْعَمَل عِنْدهم على وجوب الْغسْل كَسَائِر النَّجَاسَات. قلت: لَا يلْزم من عدم معرفَة الفرك أَن يكون الْمَنِيّ طَاهِرا عِنْده، فَإِن عِنْده الْمَنِيّ نجس كَمَا هُوَ عندنَا، وَذكر فِي (الْجَوَاهِر) للمالكية: الْمَنِيّ نجس وَأَصله دم، وَهُوَ يمر فِي ممر الْبَوْل، فَاخْتلف فِي سَبَب التَّنْجِيس: هَل هُوَ رده إِلَى أَصله، أَو مروره فِي مجْرى الْبَوْل؟ وَقَالَ هَذَا الْقَائِل أَيْضا: وَقَالَ بَعضهم: الثَّوْب الَّذِي اكتفت فِيهِ بالفرك ثوب النّوم، وَالثَّوْب الَّذِي غسلته ثوب الصَّلَاة، وَهُوَ مَرْدُود أَيْضا بِمَا فِي إِحْدَى رِوَايَات مُسلم من حَدِيثهَا أَيْضا:(لقد رَأَيْتنِي أفركه من ثوب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فركاً، فَيصَلي فِيهِ) . وَهَذَا التعقيب: بِالْفَاءِ، يَنْفِي احْتِمَال تخَلّل الْغسْل بَين الفرك وَالصَّلَاة؛ وأصرح مِنْهُ. رِوَايَة ابْن خُزَيْمَة أَنَّهَا كَانَت تحكه من ثَوْبه وَهُوَ يُصَلِّي.
قلت: أَرَادَ بقوله: وَقَالَ بَعضهم، الْحَافِظ أَبَا جَعْفَر الطَّحَاوِيّ، فَإِنَّهُ قَالَ فِي (مَعَاني الْآثَار) : حَدثنَا ابْن مَرْزُوق، قَالَ: حَدثنَا بشر بن عمر، قَالَ: حَدثنَا شُعْبَة عَن الحكم عَن همام بن الْحَارِث أَنه كَانَ نازلاً على عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، فَاحْتَلَمَ، فرأته جَارِيَة لعَائِشَة وَهُوَ يغسل أثر الْجَنَابَة من ثَوْبه، أَو يغسل ثَوْبه، فاخبرت بذلك عَائِشَة، فَقَالَت عَائِشَة: لقد رَأَيْتنِي، وَمَا أَزِيد على أَن أفركه من ثوب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم. وَأخرج الطَّحَاوِيّ هَذَا من أَرْبَعَة عشر طَرِيقا. وَأخرجه مُسلم أَيْضا، ثمَّ قَالَ: فَذهب ذاهبون إِلَى أَن الْمَنِيّ طَاهِر، وَأَنه لَا يفْسد المَاء، وَإِن وَقع فِيهِ وَإِن حكمه فِي ذَلِك حكم النخامة، وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِك بِهَذِهِ الْآثَار. وَأَرَادَ بهؤلاء الذاهبين: الشَّافِعِي وَأحمد وَإِسْحَاق وَدَاوُد، ثمَّ قَالَ: وَخَالفهُم فِي ذَلِك آخَرُونَ، فَقَالُوا: بل هُوَ نجس. وَأَرَادَ بالآخرين: الْأَوْزَاعِيّ وَالثَّوْري وَأَبا حنيفَة وَأَصْحَابه ومالكاً وَاللَّيْث بن سعد وَالْحسن بن حَيّ، وَهُوَ رِوَايَة عَن أَحْمد، ثمَّ قَالَ الطَّحَاوِيّ: وَقَالُوا لاحجة لكم فِي هَذِه الْآثَار لِأَنَّهَا إِنَّمَا جَاءَت فِي ذكر ثِيَاب ينَام فِيهَا، وَلم يَأْتِ فِي ثِيَاب يُصَلِّي فِيهَا، وَقد رَأينَا أَن الثِّيَاب النَّجِسَة بالغائط وَالْبَوْل وَالدَّم لَا بَأْس بِالنَّوْمِ فِيهَا، وَلَا تجوز الصَّلَاة فِيهَا، فقد يجوز أَن يكون الْمَنِيّ كَذَلِك، وَإِنَّمَا يكون هَذَا الحَدِيث حجَّة علينا وَلَو كُنَّا نقُول: لَا يصلح النّوم فِي الثَّوْب النَّجس، فَأَما إِذا كُنَّا نُبيح ذَلِك ونوافق مَا رويتم عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِك، ونقول من بعد: لَا يصلح الصَّلَاة فِي ذَلِك، فَلم نخالف شَيْئا مِمَّا رُوِيَ فِي ذَلِك عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَقد جَاءَت عَن عَائِشَة فِيمَا كَانَت تفعل بِثَوْب رَسُول الله
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الَّذِي كَانَ يُصَلِّي فِيهِ إِذا اصابه الْمَنِيّ: حَدثنَا يُونُس، قَالَ: حَدثنَا يحيى بن حسان، قَالَ: حَدثنَا عبد الله بن الْمُبَارك وَبشر بن الْمفضل عَن عَمْرو بن مَيْمُون عَن سُلَيْمَان بن يسَار عَن عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، قَالَت:(كنت أغسل الْمَنِيّ من ثوب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَيخرج إِلَى الصَّلَاة وَإِن بقع المَاء لفي ثَوْبه) . وَإِسْنَاده صَحِيح على شَرط مُسلم. وَأخرجه الْجَمَاعَة أَيْضا على مَا يأتى بَيَانه إِن شَاءَ الله تَعَالَى. قَالَ الطَّحَاوِيّ: فَهَكَذَا كَانَت تفعل عَائِشَة بِثَوْب النَّبِي صلى الله عليه وسلم الَّذِي كَانَ يُصَلِّي فِيهِ، تغسل الْمَنِيّ مِنْهُ وتفركه من وثبه الَّذِي كَانَ لَا يُصَلِّي فِيهِ، ثمَّ إِن هَذَا الْقَائِل اسْتدلَّ فِي رده على الطَّحَاوِيّ فِيمَا ذَكرْنَاهُ بِأَن قَالَ: وَهَذَا التعقيب بِالْفَاءِ يَنْفِي
…
الخ، وَهَذَا اسْتِدْلَال فَاسد، لِأَن كَون الْفَاء للتعقيب لَا يَنْفِي احْتِمَال تخَلّل الْغسْل بَين الفرك وَالصَّلَاة، لِأَن أهل الْعَرَبيَّة قَالُوا: إِن التعقيب فِي كل شَيْء بِحَسبِهِ، أَلا ترى أَنه يُقَال: تزوج فلَان فولد لَهُ إِذا لم يكن بَينهمَا إلَاّ مُدَّة الْحمل، وَهُوَ مُدَّة متطاولة، فَيجوز على هَذَا أَن يكون معنى قَول عَائِشَة: لقد رَأَيْتنِي أفركه من ثوب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، أَرَادَت بِهِ ثوب النّوم، ثمَّ تغسله فَيصَلي فِيهِ، وَيجوز أَن تكون: الْفَاء، بِمَعْنى: ثمَّ، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى:{ثمَّ خلقنَا النُّطْفَة علقَة فخلقنا الْعلقَة مُضْغَة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا الغظام لَحْمًا} (الْمُؤْمِنُونَ: 14) . فالفاآت، فِيهَا بِمَعْنى: ثمَّ، لتراخى معطوفاتها، فَإِذا ثَبت جَوَاز التَّرَاخِي فِي الْمَعْطُوف يجوز أَن يَتَخَلَّل بَين الْمَعْطُوف والمعطوف عَلَيْهِ مُدَّة يجوز وُقُوع الْغسْل فِي تِلْكَ الْمدَّة، وَيُؤَيّد مَا ذكرنَا مَا رَوَاهُ الْبَزَّار فِي (مُسْنده) والطَّحَاوِي فِي (مَعَاني الْآثَار) عَن عَائِشَة، قَالَت: كنت أفرك الْمَنِيّ من ثوب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ثمَّ يُصَلِّي فِيهِ. قَوْله: وأصرح مِنْهُ رِوَايَة ابْن خُزَيْمَة
…
الخ لَا يساعده أَيْضا فِيمَا ادَّعَاهُ، لِأَن قَوْله: وَهُوَ يُصَلِّي، جملَة إسمية وَقعت حَالا منتظرة، لَان عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، مَا كَانَت تحك الْمَنِيّ من ثوب النَّبِي، صلى الله عليه وسلم، حَال كَونه فِي الصَّلَاة، فَإِذا كَانَ كَذَلِك يحْتَمل تخَلّل الْغسْل بَين الفرك وَالصَّلَاة.
229 -
حدّثنا عَبْدَانُ قَالَ أخبرنَا عَبْدُ اللَّهِ بنُ المُبارَكِ قَالَ أخبرنَا عَمْرُو بنُ مَيْمُونٍ الجَزَريُّ عنْ سلَيْمانَ بنِ يَسَارٍ عنْ عائِشَةَ قالَتْ كنْتُ أَغْسِلُ الجنَابَةَ مِنْ ثَوْبِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم فيَخْرُجُ إِلَى الصَّلاةِ وإنَّ بُقَعَ المَاءِ فِي ثوْبِهِ..
لم يُطَابق الحَدِيث التَّرْجَمَة إلَاّ فِي غسل الْمَنِيّ فَقَط، وَقد ذَكرْنَاهُ.
بَيَان رِجَاله وهم خَمْسَة: عَبْدَانِ، بِفَتْح الْعين وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة، تقدم فِي بَاب الْوَحْي، وَعبد الله بن الْمُبَارك كَذَلِك، وَقَالَ الْكرْمَانِي: وَعبد الله، أَي: ابْن الْمُبَارك فَكَأَنَّهُ وَقع فِي نسخته الَّتِي ينْقل عَنْهَا: عبد الله، مَنْسُوبا إِلَى الْأَب بالتفسير من البُخَارِيّ، فَلذَلِك قَالَ: اي ابْن الْمُبَارك، ثمَّ قَالَ: وَقَالَهُ على سَبِيل التَّعْرِيف إشعاراً بِأَنَّهُ لَفظه لالفظة نسخته، وَعَمْرو بن مَيْمُون الْجَزرِي مَنْسُوب إِلَى الجزيرة، وَكَانَ مَيْمُون بن مهْرَان وَالِد عَمْرو نزلها فنسب إِلَيْهَا وَلَده، وَقَالَ بَعضهم: وَوَقع فِي رِوَايَة الْكشميهني وَحده: الْجَوْزِيّ، بواو، سَاكِنة بعْدهَا: زَاي، وَهُوَ غلط مِنْهُ. قلت: الظَّاهِر أَن الْغَلَط من النَّاقِل أَو الْكَاتِب، فدور رَأس: الزَّاي، ونقط: الرَّاء، فَصَارَ: الْجَوْزِيّ. وَقد يَقع من الناقلين وَالْكتاب الجهلة أَكثر من هَذَا وأفحش. وَالرَّابِع: سُلَيْمَان بن يسَار، ضد الْيَمين، مولى مَيْمُونَة أم الْمُؤمنِينَ، فَقِيه الْمَدِينَة العابد الْحجَّة، توفّي عَام سَبْعَة وَمِائَة. وَالْخَامِس: عَائِشَة الصديقة.
بَيَان لطائف اسناده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع وَاحِد، والإخبار بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين. وَفِيه: العنعنة فِي موضِعين. وَفِيه: أَن رُوَاته مَا بَين مروزي ورقي ومدني، فعبدان وَابْن الْمُبَارك مروزيان، وعبدان لقب واسْمه عبد الله بن عُثْمَان، وَقد ذَكرْنَاهُ غير مرّة.
بَيَان تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره أخرجه البُخَارِيّ هُنَا عَن عَبْدَانِ وَعَن قُتَيْبَة وَعَن مُسَدّد وَعَن مُوسَى ابْن إِسْمَاعِيل وَعَن عَمْرو بن خَالِد، كَمَا يَأْتِي ذكر الْجَمِيع هَهُنَا. وَأخرجه مُسلم فِي الطَّهَارَة أَيْضا عَن أبي بكر بن أبي شيبَة، وَعَن أبي كَامِل وَعَن أبي كريب وَيحيى بن أبي زَائِدَة، أربعتهم عَن عَمْرو بن مَيْمُون بِهِ. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن النُّفَيْلِي عَن زُهَيْر بِهِ، وَعَن مُحَمَّد بن عبيد الْبَصْرِيّ عَن سليم بن أحصد عَن عَمْرو بن مَيْمُون بِهِ. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن أَحْمد بن منيع عَن أبي مُعَاوِيَة عَن عَمْرو بن مَيْمُون نَحوه، وَقَالَ: حسن صَحِيح. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن سُوَيْد بن نصر عَن ابْن الْمُبَارك بِهِ.
وَأخرجه ابْن مَاجَه فِيهِ عَن أبي بكر بن أبي شيبَة عَن عَبدة بن سُلَيْمَان عَن عَمْرو بن مَيْمُون. قَالَ: سَأَلت سُلَيْمَان بن يسَار
…
فَذكره.
بَيَان لغته وَمَا يستنبط مِنْهُ قَوْله: (أغسل الْجَنَابَة)، قَالَ الْكرْمَانِي: الْجَنَابَة معنى لَا عين، فَكيف يغسل؟ قلت: الْمُضَاف مَحْذُوف أَي: أثر الْجَنَابَة، أَو موجوبه أَو هِيَ مجَاز عَنهُ، وَيُقَال: المُرَاد من الْجَنَابَة: الْمَنِيّ، من بَاب تَسْمِيَة الشَّيْء باسم سَببه، وان وجوده سَبَب لبعده عَن الصَّلَاة وَنَحْوهَا. قلت: يجوز أَن تكون عَائِشَة، رضي الله عنها، أطلقت على: الْمَنِيّ، اسْم الْجَنَابَة، فَحِينَئِذٍ لَا حَاجَة إِلَى التَّقْدِير بالحذف أَو بالمجاز. قَوْله:(وَإِن بقع المَاء)، بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَفتح الْقَاف وبالعين الْمُهْملَة: جمع بقْعَة، كالنطف والنطفة، والبقعة فِي الأَصْل قِطْعَة من الأَرْض يُخَالف لَوْنهَا لون مَا يَليهَا، وَفِي بعض النّسخ، بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الْقَاف، جمع بقْعَة: كتمرة وتمر، مِمَّا يفرق بَين الْجِنْس الْوَاحِد مِنْهُ بِالتَّاءِ. وَقَالَ التَّيْمِيّ: بريد بالبقعة الْأَثر. قَالَ أهل اللُّغَة: البقع اخْتِلَاف اللونين، يُقَال: غراب أبقع. وَقَالَ ابْن بطال: البقع بقع الْمَنِيّ وطبعه. قلت: هَذَا لَيْسَ بِشَيْء، لِأَن فِي الحَدِيث صرح: وَإِن بقع المَاء، وَوَقع عِنْد ابْن مَاجَه: وَأَنا أرى أثر الْغسْل فِيهِ، يَعْنِي لم يجِف.
وَمن أَحْكَام هَذَا الحَدِيث: أَنه حجَّة للحنفية فِي قَوْلهم: إِن الْمَنِيّ نجس، لقَوْل عَائِشَة: كنت أغسل الْجَنَابَة من ثوب النَّبِي، صلى الله عليه وسلم، وَقَوْلها: كنت، يدل على تكْرَار هَذَا الْفِعْل مِنْهَا، فَهَذَا أدل دَلِيل على نَجَاسَة الْمَنِيّ. وَقَالَ الْكرْمَانِي: فَالْحَدِيث حجَّة لمن قَالَ بِنَجَاسَة الْمَنِيّ. قلت: لَا حجَّة لَهُ لاحْتِمَال أَن يكون غسله بِسَبَب أَن مَمَره كَانَ نجسا، أَو بِسَبَب اخْتِلَاطه برطوبة فرجهَا، على مَذْهَب من قَالَ بِنَجَاسَة رُطُوبَة فرجهَا. انْتهى. قلت بلَى: لَهُ حجَّة، وتعليله بِهَذَا لدعواه لَا يُفِيد شَيْئا، لِأَن المشرحين من الْأَطِبَّاء الأقدمين قَالُوا: إِن مُسْتَقر الْمَنِيّ فِي غير مُسْتَقر الْبَوْل، وَكَذَلِكَ مخرجاهما، وَأما نَجَاسَة رُطُوبَة فرج الْمَرْأَة فَفِيهَا خلاف عِنْدهم.
وَمن أَحْكَامه: خدمَة الْمَرْأَة لزَوجهَا فِي غسل ثِيَابه وَنَحْو ذَلِك، خُصُوصا إِذا كَانَ من أَمر يتَعَلَّق بهَا، وَهُوَ من حسن الْعشْرَة وَجَمِيل الصُّحْبَة.
وَمِنْهَا: نقل أَحْوَال المقتدى بِهِ، وَإِن كَانَ يستحي من ذكرهَا عَادَة.
وَمِنْهَا: خُرُوج الْمُصَلِّي إِلَى الْمَسْجِد بِثَوْبِهِ الَّذِي غسل مِنْهُ الْمَنِيّ قبل جفافه.
230 -
حدّثنا قتَيْبةُ قَالَ حَدثنَا يَزيدُ قَالَ حدّثنا عَمْرٌ وعنْ سُلَيْمانَ بِنْ يَسارٍ قالَ سمِعْتُ عائِشَةَ ح وحدّثنا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدثنَا عَبْدُ الوَاحِدِ قَالَ حَدثنَا عَمروُ بنُ مَيْمُونٍ عنْ سْلَيْمانَ بنِ يسارٍ قَالَ سَألْتُ عائِشةَ عَن المَنِيِّ يُصِيبُ الثِّوْبَ فَقالَتْ كُنْتُ أَغْسِلُهُ مِنْ ثَوْبِ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَيَخْرُجُ إِلَيّ الصَّلاةِ وأثَرُ الغَسْلِ فِي ثَوْبِهِ بُقَعُ المَاءِ.
اخْرُج البُخَارِيّ هَذَا الحَدِيث عَن خَمْسَة أنفس، ثَلَاثَة مِنْهُم فِي هَذَا الْبَاب، وهم: عَبْدَانِ وقتيبة ومسدد، وإثنان مِنْهُم فِي الْبَاب الَّذِي يَلِيهِ، وهما: مُوسَى بن إِسْمَاعِيل وَعَمْرو بن خَالِد، وَقد ذكرُوا عَن قريب، وَذكرنَا أَيْضا من أخرجه غَيره.
وَرِجَاله هَهُنَا سَبْعَة: قُتَيْبَة بن سعيد، وَقد تقدم فِي بَاب السَّلَام من الاسلام. وَالثَّانِي: يزِيد، من الزِّيَادَة، وَذكره البُخَارِيّ غير مَنْسُوب مُجَردا، وَاخْتلف فِيهِ، فَقيل: هُوَ يزِيد بن زُرَيْع، وَقيل: يزِيد بن هَارُون، وَكِلَاهُمَا رويا عَن عَمْرو بن مَيْمُون، وَوَقع فِي رِوَايَة الْفربرِي: ابْن حَمَّاد بن شَاكر: هَكَذَا حَدثنَا يزِيد، غير مَنْسُوب، وَوَقع فِي رِوَايَة ابْن السكن، أحد الروَاة عَن الْفربرِي: حَدثنَا يزِيد، يَعْنِي ابْن زُرَيْع. وَكَذَا أَشَارَ إِلَيْهِ الكلاباذي، وَرجح الشَّيْخ قطب الدّين الْحلَبِي فِي شَرحه أَنه ابْن هَارُون، قَالَ: لِأَنَّهُ لم يُوجد من رِوَايَة ابْن زُرَيْع، وَوجد من رِوَايَة ابْن هَارُون، وَقَالَ بَعضهم: لَا يلْزم من عدم الوجدان عدم الْوُجُود، وَقد جزم أَبُو مَسْعُود بِأَنَّهُ رَوَاهُ، فَدلَّ على وجدانه. قلت: لَيْسَ كَذَلِك، فَإِن أَبَا مَسْعُود مَا جزم بِهِ، وَإِنَّمَا قَالَ: يُقَال: هُوَ ابْن هَارُون: لَا إِبْنِ زُرَيْع؛ وَرَوَاهُ الْإِسْمَاعِيلِيّ من طَرِيق الدَّوْرَقِي، وَأحمد بن منيع ويوسف بن مُوسَى قَالُوا: حَدثنَا يزِيد بن هَارُون وَرَوَاهُ أَبُو نعيم من حَدِيث الْحَارِث بن أبي أُسَامَة أخبرنَا يزِيد بن هَارُون وَرَوَاهُ أَبُو نصر السجْزِي فِي (فَوَائده) من طَرِيق إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد التَّيْمِيّ، حَدثنَا يزِيد بن هَارُون قَالَ أَبُو نصر: أخرجه البُخَارِيّ عَن قُتَيْبَة عَن يزِيد بن هَارُون. وَقَالَ الجياني: حَدثنَا أَبُو عمر النمري حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الْملك حَدثنَا ابْن الْأَعرَابِي أخبرنَا مُحَمَّد بن عبد الْملك حَدثنَا يزِيد بن هَارُون أخبرنَا عَمْرو. انْتهى. وَرجح هَذَا الْقَائِل كَلَامه فِي كَون يزِيد هَذَا ابْن زُرَيْع لَا ابْن هَارُون بشيئين لَا ينْهض كَلَامه بهما. أَولهمَا: بقوله: وَقد خرجه الْإِسْمَاعِيلِيّ