الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَالْحَدِيث يدل على الأول والأثر يدل على الثَّانِي وَلكنه غير مُطَابق للتَّرْجَمَة وكل مَا كَانَ من هَذَا الْقَبِيل فِيهِ تعسف وَلَا يقرب من الْمُوَافقَة إِلَّا بِالْجَرِّ الثقيل (ذكر رِجَاله) وهم خَمْسَة. الأول أَبُو نعيم. الثَّانِي زُهَيْر بن مُعَاوِيَة بن خديج الْجعْفِيّ. الثَّالِث مَنْصُور بن صَفِيَّة بنت شيبَة وَأَبُو مَنْصُور عبد الرَّحْمَن الحَجبي الْعَبدَرِي الْمَكِّيّ كَانَ يحجب الْبَيْت وَهُوَ شيخ كَبِير وَإِنَّمَا نسب مَنْصُور إِلَى أمه لِأَنَّهُ اشْتهر بهَا وَلِأَنَّهُ روى عَنْهَا. الرَّابِع صَفِيَّة بنت شيبَة. الْخَامِس عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا. (بَيَان لطائف إِسْنَاده) فِيهِ التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع وَاحِد وبصيغة الْإِفْرَاد فِي موضِعين وَفِيه السماع فِي مَوضِع وَاحِد والعنعنة كَذَلِك وَفِيه أَن رُوَاته مَا بَين كُوفِي ومكي. (ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره) أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي التَّوْحِيد عَن قبيصَة عَن سُفْيَان الثَّوْريّ وَأخرجه مُسلم فِي الطَّهَارَة عَن يحيى بن يحيى عَن دَاوُد بن عبد الرَّحْمَن الْمَكِّيّ وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن مُحَمَّد بن كثير عَن سُفْيَان الثَّوْريّ وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم وَعلي بن حجر كِلَاهُمَا عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة وَأخرجه ابْن ماجة عَن مُحَمَّد بن يحيى عَن عبد الرَّزَّاق عَن سُفْيَان الثَّوْريّ أربعتهم عَن مَنْصُور بن عبد الرَّحْمَن بِهِ (ذكر مَعْنَاهُ وَغَيره) قَوْله " يتكيء فِي حجري " قَالَ الْقُرْطُبِيّ كَذَا صَوَابه وَوَقع فِي رِوَايَة العذري " حُجْرَتي " بتاء مثناة من فَوق وَهُوَ وهم " قَوْله " يتكيء " بِالْهَمْزَةِ من بَاب الافتعال أَصله يوتكيء قلبت الْوَاو تَاء وأدغمت التَّاء فِي التَّاء وثلاثيه وكأ وَهِي جملَة فِي مَحل النصب لِأَنَّهَا خبر كَانَ قَوْله " وَأَنا حَائِض " جملَة اسمية وَقعت حَالا قَالَ الْكرْمَانِي أما من فَاعل يتكيء وَأما من الْمُضَاف إِلَيْهِ وَهُوَ يَاء الْمُتَكَلّم قلت من فَاعل يتكيء لَا وَجه لَهُ على مَا لَا يخفى وَمَا هِيَ إِلَّا من يَاء الْمُتَكَلّم فِي حجري وَلَا يمْنَع وُقُوع الْحَال من الْمُضَاف إِلَيْهِ إِذا كَانَ بَين الْمُضَاف والمضاف إِلَيْهِ شدَّة الِاتِّصَال كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَاتبع مِلَّة إِبْرَاهِيم حَنِيفا} وَكلمَة فِي فِي قَوْله " فِي حجري " بِمَعْنى على كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {لأصلبنكم فِي جُذُوع النّخل} أَي على جُذُوع النّخل فَإِن قلت مَا فَائِدَة الْعُدُول عَنهُ قلت لبَيَان التَّمَكُّن فِيهِ كتمكن المظروف فِي الظّرْف قَوْله " فَيقْرَأ الْقُرْآن " وَفِي رِوَايَة البُخَارِيّ فِي التَّوْحِيد " كَانَ يقْرَأ الْقُرْآن وَرَأسه فِي حجري وَأَنا حَائِض " فعلى هَذَا المُرَاد بالاتكاء مَوضِع رَأسه فِي حجرها. وَقَالَ ابْن دَقِيق الْعِيد فِي هَذَا القَوْل إِشَارَة إِلَى أَن الْحَائِض لَا يقْرَأ الْقُرْآن لِأَن قرَاءَتهَا لَو كَانَت جَائِزَة لما توهم امْتنَاع الْقِرَاءَة فِي حجرها حَتَّى احْتِيجَ إِلَى التَّنْصِيص عَلَيْهَا. وَفِيه جَوَاز ملامسة الْحَائِض لِأَنَّهَا طَاهِرَة. وَفِيه جَوَاز الْقِرَاءَة بِقرب مَحل النَّجَاسَة قَالَه النَّوَوِيّ قلت فِيهِ نظر لِأَن الْحَائِض طَاهِرَة والنجاسة هُوَ الدَّم وَهُوَ غير طَاهِر فِي كل وَقت من أَوْقَات الْحيض فعلى هَذَا لَا يكره قِرَاءَة الْقُرْآن بحذاء بَيت الْخَلَاء وَمَعَ هَذَا يَنْبَغِي أَن يكره تَعْظِيمًا لِلْقُرْآنِ لِأَن مَا قرب إِلَى الشَّيْء يَأْخُذ حكمه. وَفِيه جَوَاز استناد الْمَرِيض فِي صلَاته إِلَى الْحَائِض إِذا كَانَت ثِيَابهَا طَاهِرَة قَالَه الْقُرْطُبِيّ وَفِيه نظر.
4 -
(بابُ مَنْ سَمَّى النِّفَاسَ حَيْضاً)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان من سمى النّفاس حيضا، وَكَانَ يَنْبَغِي أَن يَقُول: بَاب من سمى الْحيض للنفاساً، لِأَن فِي حَدِيث الْبَاب (فَقَالَ: أنفست ، أَي: أحضت؟) أطلق على الْحيض النّفاس، وَقَالَ ابْن بطال: لم يجد البُخَارِيّ للنَّبِي صلى الله عليه وسلم نصا فِي النّفاس، وَحكم دَمهَا فِي الْمدَّة الْمُخْتَلفَة، وسمى الْحيض نفاساً فِي هَذَا الحَدِيث، فهم مِنْهُ أَن حكم دم النُّفَسَاء حكم دم الْحيض فِي ترك الصَّلَاة، لِأَنَّهُ إِذا كَانَ الْحيض نفاساً وَجب أَن يكون النّفاس حيضا لاشْتِرَاكهمَا فِي التَّسْمِيَة من جِهَة اللُّغَة لِأَن الدَّم هُوَ النَّفس، وَلزِمَ الحكم لما لم ينص عَلَيْهِ مِمَّا نَص، وَحكم النّفاس ترك الصَّلَاة مَا دَامَ مَوْجُودا وَقَالَ الْخطابِيّ: ترْجم أَبُو عبد الله بقوله: (من سمى النّفاس حيضا) وَالَّذِي ظَنّه من ذَلِك وهم، وأصل هَذِه الْكَلِمَة مَأْخُوذ من النَّفس وَهُوَ الدَّم إلَاّ أَنهم فرقوا فَقَالُوا: نفست، بِفَتْح النُّون، إِذا حَاضَت، وبضم النُّون إِذا ولدت، وَقَالَ الْكرْمَانِي: لَيْسَ الَّذِي ظَنّه وهما لِأَنَّهُ إِذا ثَبت هَذَا الْفرق، وَالرِّوَايَة الَّتِي هِيَ بِالضَّمِّ صَحِيحَة، صَحَّ أَن يُقَال حِينَئِذٍ سمي النّفاس حيضا وَأَيْضًا يحْتَمل أَن الْفرق لم يثبت عِنْده لُغَة، بل وضعت نفست، مَفْتُوح النُّون ومضمومها عندن للنفاس، بِمَعْنى الْولادَة، كَمَا قَالَ بَعضهم بِعَدَمِ الْفرق أَيْضا بِأَن اللَّفْظَيْنِ للْحيض والولادة كليهمَا.
وَقَالَ ابْن الْمُنِير: حَاصله كَيفَ يُطَابق التَّرْجَمَة الحَدِيث وَفِيه تَسْمِيَة الْحيض نفاساً لَا تَسْمِيَة النّفاس حيضا؟ قلت: للتّنْبِيه على أَن حكم النّفاس وَالْحيض فِي مُنَافَاة الصَّلَاة وَنَحْوهَا
وَاحِد، وألجأه إِلَى ذَلِك أَنه لم يجد حَدِيثا على شَرطه فِي حكم النّفاس، فاستنبط من هَذَا الحَدِيث أَن حكمهَا وَاحِد. قلت: هَذَا الْكَلَام فِي الْحَقِيقَة مَضْمُون كَلَام ابْن بطال، وَكَلَامه يشْعر بالمساواة بَين مفهومي الْحيض وَالنّفاس، وَلَيْسَ كَذَلِك، لجَوَاز أَن يكون بَينهمَا عُمُوم وخصوص من وَجه كالإنسان وَالْحَيَوَان، وَقَول الْكرْمَانِي: يحْتَمل أَن الْفرق لم يثبت عِنْده لُغَة، إِلَى آخِره، غير سديد، لِأَن هَذَا لَا يُقَال عَن أحد إلَاّ مِمَّن يكون من أَئِمَّة اللُّغَة وَالْبُخَارِيّ من أَئِمَّة الحَدِيث، وَالصَّوَاب الَّذِي يُقَال هَاهُنَا على وَجْهَيْن: أَحدهمَا: أَن هَذِه التَّرْجَمَة لَا فَائِدَة فِي ذكرهَا لِأَنَّهُ لَا ينبي عَلَيْهَا مزِيد فَائِدَة. وَالثَّانِي: لَو سلمنَا أَن لَهَا فَائِدَة فوجهها أَن يُقَال: لما لم يثبت الْفرق عِنْده بَين مفهومي الْحيض وَالنّفاس، يجوز ذكر أَحدهمَا وَإِرَادَة الآخر، فَفِي الحَدِيث ذكر النّفاس وَأُرِيد الْحيض، فَكَذَلِك ذكر المُصَنّف النّفاس وَأَرَادَ الْحيض، وعَلى هَذَا معنى قَوْله: بَاب من سمي، بَاب من ذكر النّفاس حيضا يَعْنِي: ذكر النّفاس وَأَرَادَ بِهِ الْحيض، فَكَذَلِك الْمَذْكُور فِي الحَدِيث نِفَاس، وَالْمرَاد حيض وَذَلِكَ أَنه لما قَالَ صلى الله عليه وسلم لَهَا: أنفست، أجابت بنعم، وَكَانَت حَائِضًا، فقد جعلت النّفاس حيضا، فطابق الحَدِيث مَا ترْجم بِهِ.
298 -
حدّثنا الْمَكِي بْنُ إبْرَاهِيمَ قالَ حدّثنا عَنْ هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى ابْنِ أبي كَثِيرٍ عَنْ أبِي سَلَمَةَ أنَّ زَيْنَبَ ابْنَة أُمْ سَلْمَةَ حَدَّثَتْهُ أنَّ أُمَّ سَلَمَةَ حَدَّثَتْها قالتْ بَيْنَا أَنا مَعَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم مُضْطَجِعَةً فِي خَمِيصَةٍ إذْ حِضْتُ فَانْسَلَلْتُ فأخَذْتُ ثِيَابَ حَيْضَتِي قَالَ أنُفِسْتِ قُلْتُ نَعَمْ فَدَعانِي فاضْطَجَعْتُ مَعَهُ فِي الخَمِيلَةِ..
وَجه الْمُطَابقَة قد ذكرنَا مستقصى.
ذكر رِجَاله وهم سِتَّة: الأول: مكي بن إِبْرَاهِيم بن إِبْرَاهِيم بن بشير التَّمِيمِي، أَبُو السكن الْبَلْخِي، رضي الله عنه. الثَّانِي: هِشَام الدستوَائي، رضي الله عنه. الثَّالِث: يحيى بن كثير، بالثاء الْمُثَلَّثَة، رضي الله عنه. الرَّابِع: أَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. الْخَامِس: زَيْنَب بنت أم سَلمَة أم الْمُؤمنِينَ، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، السَّادِس: أم سَلمَة أم الْمُؤمنِينَ، وَاسْمهَا هِنْد بنت أبي أُميَّة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا.
ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين، وبصيغة الْمُفْرد فِي موضِعين: وَفِيه: العنعنة فِي موضِعين وَفِيه: أَبُو سَلمَة وَأم سَلمَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، وَلَيْسَت كنيتان بِاعْتِبَار شخص وَاحِد، بل سَلمَة الأول هُوَ ولد ابْن عبد ان الرَّحْمَن، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَسَلَمَة الثَّانِي ولد ابْن عبد الْأسد، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَالْغَرَض أَن أَبَا سَلمَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، لَيْسَ أَبَا زنيب النَّبِي صلى الله عليه وسلم. وَفِيه: أَن يحيى روى عَن أبي سَلمَة، رضي الله عنه بالعنعنة، وَفِي رِوَايَة مُسلم روى عَنهُ بِالتَّحْدِيثِ قَالَ: حَدثنِي أَبُو سَلمَة، أخرجهَا من طَرِيق معَاذ بن هِشَام عَن أَبِيه. وَفِيه: رِوَايَة التَّابِعِيّ عَن صحابية. وَفِيه: أَن رُوَاته مَا بَين بلخي وبصري ويماني ومدني.
ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الصَّوْم عَن مُسَدّد، رضي الله عنه، وَفِي الطَّهَارَة أَيْضا عَن سعد بن حَفْص عَنهُ، وَأخرجه مُسلم فِي الطَّهَارَة عَن أبي مُوسَى مُحَمَّد بن الْمثنى، وَأخرجه النَّسَائِيّ، رضي الله عنه، فِيهِ عَن عبيد الله بن سعيد وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم وَعَن إِسْمَاعِيل بن مَسْعُود، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
ذكر لغاته وَإِعْرَابه قَوْله: (بَينا) أَصله بَين أشعبت فَتْحة النُّون بِالْألف، وَبينا وبينما ظرفان زمَان بِمَعْنى المفاجأة، ومضافان إِلَى جملَة من فعل وفاعل ومبتدأ وَخبر ويحتاجان إِلَى جَوَاب يتم بِهِ الْمَعْنى، والأفصح فِي جوابها، أَن لَا يكون فِيهِ، إِذْ وَإِذا، وَهَا هُنَا جَاءَ الْجَواب، باذ، وَهُوَ قَوْله:(إِذْ حِضْت) وَهُوَ الْعَامِل فِيهِ. قَوْله: (مُضْطَجِعَة) أَصله: مضجعة، لِأَنَّهُ من بَاب الافتعال، فقلبت التَّاء طاء، وَيجوز فِيهِ الرّفْع وَالنّصب أما الرّفْع فعلى الخبرية وَأما النصب فعلى الْحَال قبُوله:(فِي خميصة) بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَكسر الْمِيم وَهِي كسَاء، مربع لَهُ علمَان، وَقيل: الخمائض ثِيَاب من خزثخان سود وحمر، وَلها أَعْلَام ثخان أَيْضا، قَالَه ابْن سَيّده، وَفِي (الصِّحَاح) كسَاء أسود مربع وَإِن لم يكن معلما فَلَيْسَ بخمصيه، وَفِي (الغربيين) قَالَ الْأَصْمَعِي: الخمائص ثِيَاب خَز أَو صوف، معلمة، وَهِي سود، كَانَت من لِبَاس النَّاس، وَقَالَ ابْن سَيّده: والخميلة والخملة، القطيفة، وَقَالَ السكرِي: الخميل القطيفة ذَات الخمل، والخمل هدب القطيفة وَنَحْوهَا مِمَّا ينسج، ويفضل لَهُ فضول، وَفِي (الصِّحَاح) هِيَ الطنفسة، وَزعم النَّوَوِيّ، رحمه الله أَن أهل اللُّغَة قَالُوا:
هُوَ كل ثوب لَهُ خمل من أَي لون كَانَ، وَقيل: هُوَ الْأسود من الثِّيَاب. قَوْلهَا: (فانسللت) أَي: ذهبت فِي خُفْيَة لاحْتِمَال وُصُول شَيْء من الدَّم إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم أَو لِأَنَّهَا تقذرت نَفسهَا وَلم ترتضها لمضاجعة صلى الله عليه وسلم، وخافت أَن ينزل الْوَحْي على النَّبِي صلى الله عليه وسلم، فانسلت لِئَلَّا تشغله حركتها عَمَّا هُوَ فِيهِ من الْوَحْي أَو غَيره. قَوْله:(أنفست) بِفَتْح النُّون وَكسر الْفَاء، قَالَ النَّوَوِيّ: رحمه الله، هَذَا هُوَ الصَّحِيح فِي اللُّغَة بِمَعْنى: حِضْت، فَأَما فِي الْولادَة، فنفست، بِضَم النُّون وَكسر الْفَاء، وَقيل: بِضَم النُّون وَفتحهَا، وَفِي الْحيض بِالْفَتْح لَا غير، وَفِي (الواعي) نفست: بِضَم النُّون، حَاضَت وَفِي (نَوَادِر اللحياني) وَمن خطّ أبي مُوسَى الْحَافِظ: نفست الْمَرْأَة تنفس، بِالْكَسْرِ فِي الْمَاضِي والمستقبل، أذا حَاضَت وَفِي (أدب الْكتاب) عَن ثَعْلَب، النُّفَسَاء الوالدة وَالْحَامِل وَالْحَائِض، وَقَالَ ابْن سَيّده: وَالْجمع من كل ذَلِك، نفساوات ونفاس ونفاس وَنَفس وَنَفس وَنَفس وَنَفس ونفاس قَوْله:(ثِيَاب حيضتي) بِكَسْر الْحَاء، وَهِي حَال الْحيض هَذَا هُوَ الصَّحِيح الْمَشْهُور، وَقَالَ الْكرْمَانِي: وَقيل يَحْتَلِم، فتح الْحَاء هُنَا أَيْضا، فَإِن الْحَيْضَة، بِالْفَتْح، هِيَ الْحيض. قلت: لَا يُقَال هُنَا بِالِاحْتِمَالِ، فَإِن كلاًّ مِنْهُمَا لُغَة ثَبت عَن الْعَرَب، وَهِي أَن الْحَيْضَة: بِالْكَسْرِ، الِاسْم من الْحيض، وَالْحَال الَّتِي تلزمها الْحَائِض من التجنب والتحيض، كالجلسة والقعدة من الْجُلُوس وَالْقعُود، فَأَما الْحَيْضَة بِالْفَتْح، فالمرة الْوَاحِدَة من دفع الْحيض أَو ثَوْبه وَأَنت تفرق بَينهمَا بِمَا تَقْتَضِيه قرينَة الْحَال من مساق الحَدِيث، وَجَاء فِي حَدِيث عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا: لَيْتَني كنت حَيْضَة ملقاة، هِيَ بِالْكَسْرِ خرقَة الْحيض، وَجزم الْخطابِيّ هُنَا بِرِوَايَة الْكسر، ورجحها النَّوَوِيّ، وَرجح الْقُرْطُبِيّ رِوَايَة الْفَتْح لوروده فِي بعض طرقه بِلَفْظ: حيض بِغَيْر تَاء.
ذكر استنباط الْأَحْكَام مِنْهَا: جَوَاز النّوم مَعَ الْحَائِض فِي ثِيَابهَا والاضطجاع مَعهَا فِي لِحَاف وَاحِد. وَمِنْهَا: اسْتِحْبَاب اتِّخَاذ الْمَرْأَة ثيابًا للْحيض غير ثِيَابهَا الْمُعْتَادَة. وَمِنْهَا: أَن عرقها طَاهِر. فَإِن قلت: قَالَ الله تَعَالَى: {فاعتزلوا النِّسَاء فِي الْمَحِيض} (سُورَة الْبَقَرَة: 222) قلت: مَعْنَاهُ فاعتزلوا وطئهن. وَمِنْهَا: التَّنْبِيه على أَن حكم الْحيض وَالنّفاس وَاحِد فِي منع وجوب الصَّلَاة وَعدم جَوَاز الصَّوْم وَدخُول الْمَسْجِد وَالطّواف وَقِرَاءَة الْقُرْآن وَمَسّ الْمُصحف وَنَحْو ذَلِك. فَإِن قلت: لِمَ لَمْ ينص البُخَارِيّ على حكم النّفاس وَحده؟ قلت: الْمُهلب: لِأَنَّهُ لم يجد حَدِيثا على شَرطه فِي حكم النّفاس.
واستنبط من الحَدِيث أَن حكمهمَا وَاحِد. قلت: النُّصُوص فِيهَا كَثِيرَة. مِنْهَا: حَدِيث أم سَلمَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا:(كَانَت النُّفَسَاء تجْلِس على عهد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَرْبَعِينَ يَوْمًا) وَقَالَ الْحَاكِم: صَحِيح الْإِسْنَاد وَقَالَ التِّرْمِذِيّ: لَا نعرفه إلَاّ من حَدِيث سُهَيْل عَن مسَّة الإزدية عَن أم سَلمَة، وَحسنه الْبَيْهَقِيّ والخطابي، وَقَالَ الْأَزْدِيّ: حَدِيث مَسّه أحْسنهَا. وَعند الدَّارَقُطْنِيّ: (أَن أم سَلمَة سَأَلت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كم تجْلِس الْمَرْأَة، إِذا ولدت؟ قَالَ: أَرْبَعِينَ يَوْمًا إلَاّ أَن ترى الطُّهْر قبل ذَلِك) وَعند ابْن مَاجَه، من حَدِيث سَلام بن سليم عَن حميد عَن أنس، رضي الله عنه:(وَقت النَّبِي صلى الله عليه وسلم للنفساء أَرْبَعِينَ يَوْمًا) وَحَدِيث عُثْمَان عَن أبي الْعَاصِ مثله، وَضَعفه ابْن عدي. وَقَالَ الْحَاكِم: إِن سلم هَذَا الْإِسْنَاد من أبي بِلَال فَإِنَّهُ مُرْسل صَحِيح، فَإِن الْحسن لم يسمع من عُثْمَان، وَحَدِيث معَاذ بن جبل رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أخرجه الْحَاكِم فِي (الْمُسْتَدْرك) وَحَدِيث عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، أخرجه أَحْمد بن حَنْبَل فِي كتاب الْحيض، وَحَدِيث عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ ضعفه ابْن عدي، وَحَدِيث عَائِذ بن عَمْرو ضعفه الدَّارَقُطْنِيّ، وَحَدِيث جَابر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي (مُعْجَمه الْأَوْسَط) وَحَدِيث عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ ضعفه ابْن حزم، وَحَدِيث الْعَلَاء بن كثير عَن أبي الدَّرْدَاء وَأبي هُرَيْرَة، رضي الله عنهما، رَوَاهُ ابْن عدي بِالْإِرْسَال فِيمَا بَين مَكْحُول وَبَينهمَا. وَأما مَوْقُوف ابْن عَبَّاس فسنده صَحِيح فِي مُسْند الدَّارمِيّ، وخرجه أَيْضا ابْن الْجَارُود فِي (المنتفى) وَفِي (كتاب الْأَحْكَام) لأبي عَليّ الطوسي، أجمع أهل الْعلم من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ فَمن بعدهمْ على أَن النُّفَسَاء تدع الصَّلَاة أَرْبَعِينَ يَوْمًا إلَاّ أَن ترى الطُّهْر قبل ذَلِك، فَإِنَّهَا تَغْتَسِل وَتصلي، فَإِذا رَأَتْ الدَّم بعد الْأَرْبَعين فَإِن أَكثر أهل الْعلم قَالُوا: لَا تدع الصَّلَاة بعد الْأَرْبَعين، وَهُوَ قَول أَكثر أهل الْعلم من الْفُقَهَاء، ويروى عَن الْحسن، تدع الصَّلَاة خمسين يَوْمًا، وَعَن عَطاء سِتِّينَ يَوْمًا.