المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب دلك المرأة نفسها أذا تطهرت من المحيض وكيف تغتسل وتأخذ فرصة ممسكة فتتبع بها أثر الدم) - عمدة القاري شرح صحيح البخاري - جـ ٣

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌(بابُ الوُضُوءِ مَرَّةً مَرَّةً)

- ‌(بَاب الوُضُوءِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ)

- ‌(بابُ الوُضُوءِ ثَلاثاً ثَلاثاً)

- ‌(بابُ الاسْتِنْثَارِ فِي الوُضُوءِ)

- ‌(بابُ الاسْتجْمَارِ وِتْراً)

- ‌(بابُ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ وَلَا يَمْسَحُ عَلَى القَدَمَيْنِ)

- ‌(بابُ المَضْمَضَةِ فِي الوُضُوءِ)

- ‌(بابُ غَسْلِ الَاعْقَابِ)

- ‌(بابُ غَسْلِ الرِّجْليْنِ فِي النَّعْلَيْنِ ولَا يَمْسَحُ عَلَى النَّعْلَيْنِ)

- ‌(بابُ التَّيَمُّنِ فِي الوُضُوءِ والغُسل)

- ‌(بابُ الْتِمَاسِ الوَضُوءِ إِذا حانَتِ الصَّلاةُ)

- ‌(بابُ المَاءِ الَّذِي يُغْسَلُ بِهِ شَعْرُ الاِنْسانِ)

- ‌(بابُ مَنْ لَمْ يَرَ الوُضُوءَ إلَاّ مِنَ المَخْرجَيْنِ القُبُلِ والدُّبُرِ)

- ‌(بابُ الرَّجُلِ يُوَضِّىءُ صَاحبَهُ)

- ‌(بابُ قِرَاءَةِ القُرْآنِ بَعْدَ الحَدَثِ وَغَيْرِهِ)

- ‌(بابُ مَنْ لَمْ يرَ الوُضُوءَ إِلَّا مِنَ الغَشْيِ المُثْقِلِ)

- ‌(بابُ مَسْحِ الرَّأْسِ كُلِّهِ)

- ‌(بابُ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ إلَى الكعْبَيْنِ)

- ‌(بابُ اسْتِعْمالِ فَضْل وَضُوءِ الناسِ)

- ‌(بابُ مَنْ مَضْمَضَ واسْتَنْشَقَ مِنْ غَرْفَةٍ وَاحِدةٍ)

- ‌(بابُ مَسْحِ الرَّأْسِ مَرَّةً)

- ‌(بابُ وُضُوءِ الرَّجُلِ مَعَ إمْرَأَتِهِ وَفَضْلِ وَضُوءِ المَرْأَةِ)

- ‌(بابُ صَبِّ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وَضوءَهُ علَى المُغْمَى عَلَيهِ)

- ‌(بابُ الْغُسْلِ وَالوُضُوءِ فِي المِخْضَبِ والقَدَحِ والخَشَبِ والحِجَارَةِ)

- ‌(بابُ الوُضُوء مِنَ التَّوْرِ)

- ‌(بابُ الوُضُوءِ بالمُدِّ)

- ‌(بابُ المَسْحِ عَلَى الخُفَّيْن)

- ‌(بابٌ إِذا أدْخَلَ رِجْلَيْهِ وهُمَا طَاهِرَتانِ)

- ‌(بابُ مَنْ لَمْ يَتَوَضَّأْ مِنْ لَحْمِ الشَّاةِ والسَّوِيقِ)

- ‌(بابُ مَنْ مَضْمَضَ مِنَ السَّوِيقِ ولَمْ يَتَوَضَّأْ)

- ‌(بَاب هَل يمضم من اللَّبن)

- ‌(بابُ الوُضُوءِ مِنَ النوْمِ)

- ‌(بابُ الوُضُوءِ مِنْ غَيْرِ حَدَثٍ)

- ‌ بَاب:

- ‌(بابُ مَا جاءَ فِي غَسْلِ البَوْلِ)

- ‌(بَاب)

- ‌(بابُ تَرْكِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وَالناس الَاعْرابيَّ حَتَّى فَرَغَ مِنْ بَوْلِه فِي المَسْجِدِ)

- ‌(بابُ صَبِّ المَاءِ عَلَى البَوْلِ فِي المَسْجِدِ)

- ‌(بابُ بَوْلِ الصِّبْيَانِ)

- ‌(بابُ البَوْلِ قائِماً وقاعِداً)

- ‌(بابُ البَوْلِ عنْدَ صاحبِهِ والتَّسَتُّرِ بالحَائِطِ)

- ‌(بابُ البَوْلِ عِنْدَ سُباطَةِ قوْمٍ)

- ‌(بابُ غَسْلِ الدَّمِ)

- ‌(بابُ غسْلِ المَنِيِّ وفَرْكِهِ وغَسْل مَا يُصِيبُ مِنَ المَرْأَةِ)

- ‌(بابُ إِذا غَسَلَ الجَنَابَةَ أَوْ غَيْرَها فَلمْ يَذْهَبْ أَثَرُهُ)

- ‌(بابُ أَبْوَالِ الابِلِ والدَّوابِّ والغَنَمِ ومَرَابِضهَا)

- ‌(بابُ مَا يَقَعُ مِنَ النَّجَاسات فِي السِّمْنِ والمَاءِ)

- ‌(بَاب البَولِ فِي الماءِ الدَّائِمِ)

- ‌(بابٌ إذَا أُلْقِيَ عَلى ظهْرِ المصَلِّى قَذَرٌ أَوْ جِيفَةٌ لَمْ تَفْسُدْ عَلَيْهِ صَلاتُهُ)

- ‌(بابٌ لَا يَجُوزُ الوُضُوءُ بالنَّبِيذِ ولاٍ بالمُسْكِرِ)

- ‌(بابُ غَسْلِ المَرّأةِ أَبَاهَا الدَّمَ عنْ وَجْهِهِ)

- ‌(بابُ السِّواكِ)

- ‌(بابُ دَفْعُ السَّوَاكِ إِلَى الأكْبَرَ)

- ‌(بابِ فَضْلِ مَنْ بَاتَ علَى الوُضوُءِ)

- ‌(كتاب الغسْلِ)

- ‌(بابُ الوُضوءِ قَبْلَ الغُسْلِ)

- ‌(بابُ غُسْلِ الرَّجُلِ مَعَ امْرأَتِهِ)

- ‌(بابُ الغُسْلِ بِالصَّاعِ وَنَحْوِهِ)

- ‌(بابُ مَنْ أَفَاضَ عَلَى رَأْسِهِ ثَلاثاً)

- ‌(بابُ الغُسْل مَرَّةً وَاحِدَةً)

- ‌(بابُ مَنْ بَدَأَ بالحِلابِ أَوْ الطِيّبِ عِنْدَ الغُسْلِ)

- ‌(بابُ المَضْمَضَةِ والإِسْتِنْشَاقِ فِي الجَنَابَةِ)

- ‌(بابُ مَسْحِ اليَدِ بالتُّرَابِ لِيَكُونَ أَنْقَى)

- ‌(بابُ هَلْ يُدْهِلُ الجُنُبُ يَدَهُ فِي الإنَاءِ قَبْلَ أنْ يَغْسِلَهَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى يَدِهِ قَذَرُ غَيْرُ الجَنَابَةِ)

- ‌(بابُ تَفْرِيقِ الغُسْلِ والوُضُوءِ)

- ‌(بابُ مَنْ أَفْرَغَ بِيَمِنِهِ عَلَى شِمَالِهِ فِي الغُسْلِ)

- ‌(بابٌ إذَا جامَعَ ثُمَّ عادَ وَمَنْ دَارَ علَى نِسَائِهِ فِي غُسْلٍ وَاحِدٍ)

- ‌(بابُ غَسْلِ المَذْىٍ وَالوُضُوءِ مِنْهُ)

- ‌(بابُ مَنْ تَطَيَّبَ ثُمَّ اغْتَسَلَ وَبَقِيَ أثرُ الطيِّبِ)

- ‌(بابُ تَخْلِيلِ الشِّعَرِ حَتَّى إذَا أنَّهُ قَدْ أرْوَى بَشَرَتَهُ أفَاضَ عَلَيْهِ

- ‌(بابُ مَنْ تَوَضَّلَ فِي الجَنَابَةِ ثُمَّ غَسَلَ جَسَدِهِ وَلَمْ يُعِدْ غَسْلَ مَوَاضِعِ الوُضُوءِ مَرَّةً أُخْرَى

- ‌(بابُ إذَا ذَكَرَ فِي المَسْجِدِ أنَّهُ جُنُبٌ يَخْرُجُ كَمَا هُوَ وَلَا يَتَيَمَّمُ)

- ‌(بابُ نَفْضِ اليدَيْنِ مِنْ الغُسْلِ عَنُ الجَنَابَةِ)

- ‌(بابُ مَنْ بَدَأَ رَأْسِهِ الأيْمَنِ فِي الغُسْلِ)

- ‌(بابُ مَنِ اغْتَسَل عُرْيَاناً وَحْدَهُ فِي الخَلْوَةِ وَمَنْ تَسَتَّرَ فالتَّسَتُّرُ أَفْضَلُ)

- ‌(بابُ التَسَتَّرِ فِي الغُسْلِ عِنْدَ النَّاس)

- ‌(بابٌ إذَا احتَلَمَتِ المَرْأَةُ)

- ‌(بابُ عَرَق الجَنُبٍ وَإنَّ المُسْلِمَ لَا يَنْجُسُ)

- ‌(بابُ الجُنُبُ يَخْرُجُ وَيَمْشِي فِي السُّوقِ وَغَيْرِهِ)

- ‌(بابُ كَيْنُونَةِ الجُنُبِ فِي الَبْيتِ إذَا تَوَضَّأَ قَبْلَ أَنْ يَغْتَسِلَ

- ‌(بابُ نَوْم الجُنُبُ)

- ‌(بابُ الجنُبِ يَتَوَضَأُ ثُمَّ يَنَامُ)

- ‌(بابٌ إذَا التَقَى الخِتَانانِ)

- ‌(بابُ غَسْلِ مَا يُصيبُ منْ رُطُوبَةِ فَرْجِ المَرْأَةِ)

- ‌(كتاب الحيضِ)

- ‌(بابُ كَيْفَ كانَ بَدْءَ الحَيْضِ)

- ‌(بابُ غَسْلِ الحَائِضِ رَأْسَ زَوْجِها وَتَرْجِيلِهِ)

- ‌(بابُ قِرَاءَةِ الرَّجُلِ فِي حِجْرِ امْرَأَتِهِ وَهِيَ حائِضٌ)

- ‌(بابُ مَنْ سَمَّى النِّفَاسَ حَيْضاً)

- ‌(بابُ مُبَاشَرَةِ الحَائِضِ)

- ‌(بابُ تَرْكِ الحَائِضِ الصَّوْمَ)

- ‌(بابُ تَقْضِي الحَائِضُ المَنَاسِكَ كُلَّها إلَاّ الطَّوافَ بالبَيْتِ)

- ‌(بابُ الاسْتِحَاضَةِ)

- ‌(بابُ غَسْلِ دَمِ المَحِيضِ)

- ‌(بابُ الاعْتِكَافِ لِلْمُسْتَحاضَةِ)

- ‌(بابٌ هَلْ تُصَلِّى المَرْأَةُ فِي ثَوْبٍ حاضَتْ فِيهِ

- ‌(بابُ الَطِّيبِ لِلْمَرْأَةِ عِنْدَ غَسْلِهَا مِنَ الحَيْضِ)

- ‌(بابُ دَلْكِ المَرْأَةِ نَفْسَها أذَا تَطَهَّرَتْ مِنَ المَحِيضِ وَكَيْفَ تَغْتَسِلُ وَتَأْخُذُ فِرْصَةً مُمَسَّكَةً فَتَتَّبِعُ بِهَا أَثَرَ الدَّمِ)

- ‌(بابُ غُسْلِ المَحِيضِ)

- ‌(بابُ امْتِشاطِ المَرْأَةِ عِنْدَ غُسْلِها مِنَ المَحِيضِ)

- ‌(بابُ نَقْضِ المَرْأَةِ شَعْرَهَا عِنْدَ غُسَلِ المَحِيضِ)

- ‌(بابٌ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرَ مُخَلَّقَةٍ}

- ‌(بابُ كَيفَ تُهِلُّ الحائِضُ بالحَجِّ والعُمْرَةِ)

- ‌(بابُ إقْبالِ المَحِيضِ وإدْبارِهِ)

- ‌(بابٌ لَا تَقْضِي الحائِضُ الصَّلاةَ)

- ‌(بابُ النَّوْمَ مَعَ الحَائِضِ وهْيَ فِي ثِيَابِهَا)

- ‌(بابُ مَنْ اتخَذَ ثِيَابَ الْحَيْضِ سِوَى ثِيَابِ الطُّهْرِ)

- ‌(بابُ شُهُودِ الحَائِضِ الْعِيدَيْنِ وَدَعْوَةَ المُسْلِمِينَ وَيَعْتَزِلْنَ الْمُصَلَّى)

- ‌(بابٌ إذَا حاضَتْ فِي شَهْرٍ ثَلَاثَ حِيَضٍ وَمَا يُصَدَّقُ النِّساءُ فِي الْحَيْضِ وَالْحَمْلِ فِيما يُمْكِنُ مِنَ الْحَيْضِ لِقَوْلِ الله تَعَالَى وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ الله فِي أرْحَامِهِنَّ)

- ‌(بابُ الصُّفْرَةِ والْكُدْرَةِ فِي غَيْرِ أيَّامِ الْحَيْضِ)

- ‌(بابُ عِرْق الإسْتِحَاضَة)

- ‌(بابُ الْمَرأةِ تَحِيضُ بَعْدَ الإفَاضَة)

- ‌(بابٌ إذَا رَأَتِ الْمُسْتَحَاضَةُ الطُّهْرَ)

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ عَلَى النُّفَسَاءِ وَسُنَّتِهَا)

- ‌(بابٌ)

الفصل: ‌(باب دلك المرأة نفسها أذا تطهرت من المحيض وكيف تغتسل وتأخذ فرصة ممسكة فتتبع بها أثر الدم)

فِي التبخرية لدفع رَائِحَة الدَّم عَنْهَا، لما تستقبله من الصَّلَاة. وَقَالَ ابْن بطال: أُبِيح للحائض، محداً أَو غير محد عِنْد غسلهَا من الْحيض أَن تدرأ رَائِحَة الدَّم عَن نَفسهَا بالبخور بالقسد مُسْتَقْبلَة للصَّلَاة ومجالسة الْمَلَائِكَة لِئَلَّا تؤذيهم رَائِحَة الدَّم. وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي (شرح مُسلم) الْمَقْصُود بِاسْتِعْمَال الْمسك إِمَّا تطييب الْمحل وَدفع الرَّائِحَة الكريهة، وَإِمَّا كَونه أسْرع إِلَى علوق الْوَلَد، أَن قُلْنَا بِالْأولِ يقوم مقَامه الْقسْط والأظفار، وشبههما. قلت: كَلَامه يدل على أَن الْأَظْفَار، بِالْهَمْز، طيب لَا مَوضِع.

السَّادِس: فِيهِ تَحْرِيم إتباع النِّسَاء الْجَنَائِز، وسنذكره مفصلا فِي مَوْضِعه إِن شَاءَ الله تَعَالَى.

قالَ رَوَاهُ هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ عَنْ حَفْصَةَ عَنْ أُمَّ عَطِيَّةَ عَنِ النَّبيِّ لله

هَكَذَا وَقع فِي رِوَايَة أبي ذَر، وَفِي رِوَايَة غَيره وَرَوَاهُ، أَي: روى هِشَام الحَدِيث الْمَذْكُور، وَأَشَارَ بِهِ إِلَى أَنه مَوْصُول، وَرَوَاهُ فِي كتاب الطَّلَاق مَوْصُولا من حَدِيث هِشَام الْمَذْكُور على مَا سَيَأْتِي إِن شَاءَ الله تَعَالَى. وَقَالَ الْكرْمَانِي: وَهُوَ إِمَّا تَعْلِيق من البُخَارِيّ، وَإِمَّا مقول حَمَّاد، فَيكون مُسْندًا قلت: قَوْله إِمَّا تَعْلِيق فَظَاهر. وَأما قَوْله: وَإِمَّا مقول حَمَّاد فَلَا وَجه لَهُ وَفِي نُسْخَة ذكر البُخَارِيّ حَدِيث هِشَام أَولا وَفِي بَعْضهَا ذكره آخر أَو قَالَ مُسلم فِي (صَحِيحه) حَدثنَا حسن بن الرّبيع حَدثنَا ابْن إِدْرِيس: قَالَ: حَدثنَا هِشَام عَن حَفْصَة بِهِ، وَفَائِدَته بَيَان أَن أم عَطِيَّة أسندته إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم صَرِيحًا، وَكَذَا هُوَ فِي (سنَن أبي دَاوُد) وَالنَّسَائِيّ ابْن مَاجَه من حَدِيث هِشَام مُسْندًا. وَقَالَ البُخَارِيّ فِي مَوضِع آخر:(توفّي ابْن لأم عَطِيَّة، فَلَمَّا كَانَ الْيَوْم الثَّالِث دعت بصفرة فتمسحت بِهِ، وَقَالَت: نهينَا أَن نحد أَكثر من ثَلَاث إلَاّ لزوج) وَعند الطَّبَرَانِيّ: (وأمرنا أَن لَا نلبس فِي الْإِحْدَاد الثِّيَاب المصبغة إلَاّ العصب، وأمرنا أَن لَا نمس طيبا إلَاّ أدناه للطهرة، الكست والأظفار) وَفِي لفظ: (وَلَا نختضب) وَفِي لفظ: (إلَاّ ثوبا مغسولاً) .

13 -

(بابُ دَلْكِ المَرْأَةِ نَفْسَها أذَا تَطَهَّرَتْ مِنَ المَحِيضِ وَكَيْفَ تَغْتَسِلُ وَتَأْخُذُ فِرْصَةً مُمَسَّكَةً فَتَتَّبِعُ بِهَا أَثَرَ الدَّمِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان اسْتِحْبَاب ذَلِك الْمَرْأَة نَفسهَا إِذا تطهرت من الْمَحِيض، أَي: الْحيض. قَوْله: (وَكَيف تَغْتَسِل) عطف على قَوْله: (دلك الْمَرْأَة نَفسهَا) أَي: وَفِي بَيَان كَيفَ تَغْتَسِل الْمَرْأَة. قَوْله: (وَتَأْخُذ) عطف على قَوْله: (تَغْتَسِل) أَي: وَكَيف تَأْخُذ فرْصَة، بِكَسْر الْفَاء وَسُكُون الرَّاء وَفتح الصَّاد الْمُهْملَة وَهِي الْقطعَة، يُقَال فرصت الشَّيْء فرصاً أَي: قطعته، وَقَالَ الْجَوْهَرِي هِيَ قِطْعَة قطن أَو خرقَة تمسح بهَا الْمَرْأَة من الْحيض. قَوْله:(ممسكة) بتَشْديد السِّين وَفتح الْكَاف، وَلها مَعْنيانِ: أَحدهمَا: قِطْعَة فِيهَا مسك. وَالْآخر: خرقَة مستعملة بالإمساك عَلَيْهَا، على مَا سنوضح ذَلِك عَن قريب. قَوْله:(فتتبع بهَا) أَي: بِتِلْكَ الفرصة وَفِي بعض النّسخ: (تتبعبدون الْفَاء، وَهُوَ بِلَفْظ الغائبة مضارع الْفِعْل، وَأَصله بالتاآت الثَّلَاث، فحذفت إِحْدَاهَا فَافْهَم.

والمناسبة بَين الْبَابَيْنِ ظَاهِرَة فِي كل مِنْهُمَا اسْتِعْمَال الطّيب.

314 -

حدّثنا يَحْيَىَ قالَ حدّثنا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ صَفِيَةَ عَنْ أُمَّهُ عَنْ عائِشَةَ أنَّ امرَأَةَ سَأَلَتْ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم عَنْ غُسْلِها مِنَ المَحِيضِ فَأَمَرها كَيْفَ تَغْتَسِلُ قالَ خُذِي فُرْصَةً مِنْ مِسْكٍ فَتٍّ طَهَّرِي بِا قالَتْ كَيْفَ تَطَهَّرُ قالَ تَطَهَّرِي بِها قالَتْ كَيْفَ قالَ سُبْحَانَ اللَّهِ تَطَهَّرِي فاجْتبَذْتُها إلَيَّ فقُلْتُ تَنَبَّعِي بِها أَثَرَ الدَّمَ.

ي: 315، 7357) [/ ح.

مُطَابقَة هَذَا الحَدِيث للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة إلَاّ فِي الدَّلْك وَكَيْفِيَّة الْغسْل صَرِيحًا، لِأَن التَّرْجَمَة مُشْتَمِلَة على الدَّلْك أَولا، وَكَيْفِيَّة الْغسْل وَأخذ الفرصة الممسكة، والتتبع بهَا أثر الدَّم، والْحَدِيث أَيْضا مُشْتَمل على هَذِه الْأَشْيَاء مَا خلا الدَّلْك، وَكَيْفِيَّة الْغسْل، فَإِنَّهُ لَا يدل عَلَيْهَا صَرِيحًا، وَيدل على الدَّلْك بطرِيق الاستلزام، لِأَن تتبع الدَّم يسْتَلْزم الدك، وَهُوَ طَاهِر، وَأما كَيْفيَّة الْغسْل فَالْمُرَاد بهَا الصّفة المختصة لغسل الْمَحِيض، وهوالتطيب لانفس الِاغْتِسَال، وَلَئِن سلمنَا أَن المُرَاد بالكيفية نفس الْغسْل فَهِيَ

ص: 284

فِي أصل الحَدِيث الَّذِي ذكره وَاكْتفى بِهِ على عَادَته بِذكر تَرْجَمَة، وَيذكر فِيهَا مَا تضمنه بعض طرق الحَدِيث الَّذِي يذكرهُ إِمَّا لكَون تِلْكَ الطَّرِيق على غير شَرطه، أَو باكتفائه بِالْإِشَارَةِ أَو لغير ذَلِك من الْأَغْرَاض، وَتَمَامه عِنْد مُسلم، فَإِنَّهُ أخرجه من طَرِيق ابْن عُيَيْنَة عَن مَنْصُور الَّتِي أخرجه مِنْهَا البُخَارِيّ فَذكره بعد قَوْله:(كَيفَ تَغْتَسِل، ثمَّ تَأْخُذ) ، ثمَّ رَوَاهُ من طرق أُخْرَى عَن صَفِيَّة عَن عَائِشَة، وفيهَا كَيْفيَّة الِاغْتِسَال وَلَفظه:(فَقَالَ: تَأْخُذ إحداكن ماءها وسدرها فَتطهر فتحسن الطّهُور ثمَّ تصب على رَأسهَا فتدلكه دلكا شَدِيدا حَتَّى تبلغ شؤون رَأسهَا. (أَي: أُصُوله ثمَّ تصب عَلَيْهَا المَاء، ثمَّ تَأْخُذ فرْصَة) فَذكر الحَدِيث، وَإِنَّمَا لم يخرج البُخَارِيّ هَذَا الطَّرِيق لكَونه من رِوَايَة إِبْرَاهِيم بن مهَاجر عَن صَفِيَّة، وَلَيْسَ هُوَ على شَرطه وَقَالَ البُخَارِيّ عَن عَليّ بن الْمَدِينِيّ لإِبْرَاهِيم هَذَا نَحْو أَرْبَعِينَ حَدِيثا وَقَالَ ابْن مهْدي: قَالَ سُفْيَان: لَا بَأْس بِهِ وَقَالَ أَحْمد لَا بَأْس بِهِ. وَقَالَ يحيى بن سعيد الْقطَّان: لم يكن يُقَوي، وَذكره ابْن الْجَوْزِيّ فِي الضُّعَفَاء.

ذكر رِجَاله وهم حمسة: الأول: يحيى هُوَ ابْن مُوسَى الْبَلْخِي، وَجزم بِهِ ابْن السكن فِي رِوَايَته عَن الْفربرِي، وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ هُوَ يحيى بن جَعْفَر. وَقَالَ الغساني: فِي (تَقْيِيد المهمل) قَالَ ابْن السكن: يحيى هُوَ ابْن عُيَيْنَة الْمَذْكُور فِي بَاب الْحيض هُوَ: يحيى ابْن مُوسَى، وَقَالَ فِي مَوضِع آخر مِنْهُ على سَبِيل الْقَاعِدَة الْكُلية، كل مَا كَانَ للْبُخَارِيّ فِي هَذَا الصَّحِيح عَن يحيى غير مَنْسُوب فَهُوَ يحيى بن مُوسَى الْبَلْخِي المعروق ببخت، بِفَتْح الْخَاء المنقوطة وَشدَّة الْمُثَنَّاة من فَوق؛ وَيعرف بالخنثى، وبابن خت أَيْضا، كَانَ من خِيَار الْمُسلمين، مَاتَ سنة أَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ، وَقَالَ: وَذكر أَبُو نصر الكلاباذي أَنه يحيى بن جَعْفَر أَي: البيكندي، يروي عَن ابْن عُيَيْنَة. وَقَالَ الْكرْمَانِي: وَفِي بعض النّسخ الَّتِي عندنَا هَكَذَا: حَدثنِي يحيى بن البيكندي: حَدثنَا ابْن عُيَيْنَة، وَقَالَ صَاحب (التَّوْضِيح) وَوَقع فِي شرح بعض شُيُوخنَا، حَدثنَا يحيى يَعْنِي ابْن مُعَاوِيَة بن أعين، وَلَا أعلم فِي البُخَارِيّ من اسْمه كَذَلِك وَفِي (أَسمَاء رجال الصَّحِيحَيْنِ) يحيى بن مُوسَى بن عبد ربه بن سَالم أَبُو زَكَرِيَّا السّخْتِيَانِيّ الحذائي الْبَلْخِي: يُقَال لَهُ: خت، روى عَنهُ البُخَارِيّ فِي الْبيُوع وَالْحج ومواضع، وَذكر ابْن مَاكُولَا فِي بَاب: خت وخب وثب، أما خت بخاء مُعْجمَة وتاء مُعْجمَة بِاثْنَتَيْنِ من فَوْقهَا. فَهُوَ يحيى بن مُوسَى يعرف بِابْن الْبَلْخِي بِابْن خت الْبَلْخِي. الثَّانِي: سُفْيَان بن عُيَيْنَة. الثَّالِث: مَنْصُور بن صَفِيَّة. الرَّابِع: صَفِيَّة بنت شيبَة. الْخَامِس: عَائِشَة، رضي الله عنها.

ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين: وَفِيه: العنعنة فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع، وَوَقع فِي (مُسْند الْحميدِي) التَّصْرِيح بِالسَّمَاعِ فِي جَمِيع السَّنَد. وَفِيه: أَن رُوَاته مَا بَين بلخي ومكي.

ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره أخرجه البُخَارِيّ فِي الطَّهَارَة عَن مُسلم بن إِبْرَاهِيم عَن وهيب، وَفِي الِاعْتِصَام عَن مُحَمَّد بن عُيَيْنَة عَن فضل بن سُلَيْمَان، وَفِيهِمَا جَمِيعًا عَن يحيى عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة، ثَلَاثَتهمْ عَن مَنْصُور بن عبد الرَّحْمَن، وَهُوَ مَنْصُور بن صَفِيَّة، وَأخرجه مُسلم فِي الطَّهَارَة عَن عَمْرو النَّاقِد وَابْن أبي عمر، كِلَاهُمَا عَن سُفْيَان بِهِ، وَعَن أَحْمد بن سعيد الدَّارمِيّ عَن حبَان بن هِلَال عَن وهيب بِهِ، وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الزُّهْرِيّ عَن سُفْيَان بِهِ، وَعَن الْحسن بن مُحَمَّد عَن عَفَّان عَن وهيب بِهِ.

ذكر لغاته قَوْله: (فرْصَة) الْمَشْهُور فِيهِ كسر الْفَاء وَسُكُون الرَّاء. قَالَ مُسَدّد كَانَ أَبُو عوَانَة يَقُول: فرْصَة، وَكَانَ أَبُو الْأَحْوَص يَقُول: فرْصَة وَقَالَ ابْن سَيّده: فرص الْجلد فرصاً، قِطْعَة، والمفراص الحديدة الَّتِي يقطع بهَا، والفرصة والفرصة والفرصة الأخيرتان عَن كرَاع الْقطعَة من الصُّوف أَو الْقطن، وَقَالَ كرَاع، هِيَ: الفرصة: بِالْفَتْح والفرصة، الْقطعَة من الْمسك عَن الْفَارِسِي، حَكَاهُ فِي البصريات، وَقَالَ أبوعلي الهجري فِي كتاب (الأمالي) وَقد فرص يفرص لزيد من حَقه يَعْنِي قطع لَهُ مِنْهُ شَيْئا وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَان: يفرص وأفرص لزيد فريصة من حَقه، بجر الْفَاء لَا اخْتِلَاف فِيهَا، وافترص لي من حَقي فرْصَة، الفرصة الْخِرْقَة الَّتِي تستعملها الْحَائِض لتعرق التبرأة ونقاءها عِنْد الْحيض فِي آخِره وَفِي (غَرِيب) أبي عبيد هِيَ: الْقطعَة من الصُّوف أَو الْقطن أَو غير ذَلِك. وَفِي (الباهر) لِابْنِ عديس، والفرص بِالْكَسْرِ وَالصَّاد: جمع الفرصة، وَهِي الْقطعَة من الْمسك، وَأنكر ابْن قُتَيْبَة كَونهَا بِالْفَاءِ، وَقَالَ: إِنَّمَا هِيَ فرْصَة بِالْقَافِ وَالضَّاد الْمُعْجَمَة، وَهِي الْقطعَة وَقَالَ بَعضهم إِنَّمَا هِيَ: فرْصَة، بقاف وصاد مُهْملَة وَقَالَ الْمُنْذِرِيّ أَي شَيْئا يَسِيرا مثل الفرصة، بِطرف الإصبعين. قَوْله:(من مسك) يَعْنِي دم الغزال الْمَعْرُوف. وَقَالَ بَعضهم: ميمه مَفْتُوحَة، أَي: جلد عَلَيْهِ شعر. قَالَ القَاضِي عِيَاض: وَهِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وأنكرها ابْن قُتَيْبَة وَقَالَ: الْمسك لم يكن عِنْدهم من

ص: 285

السعَة بِحَيْثُ يمتهنونه فِي هَذَا، وَالْجَلد لَيْسَ فِيهِ مَا يُمَيّز غَيره فَيخْتَص بِهِ قَالَ: وَإِنَّمَا أَرَادَ فرْصَة من شَيْء صوف أَو قطن أَو خرقَة أَو نَحوه، يدل عَلَيْهِ الرِّوَايَة الْأُخْرَى: فرْصَة ممسكة بِضَم الْمِيم الأولى وَفتح الثَّانِيَة وَتَشْديد السِّين مَعَ فتحهَا: أَي قِطْعَة من صوف أَو نَحْوهَا مطيبة بالمسك، وروى بَعضهم: ممسكة، بِضَم الْمِيم الأولى وَسُكُون الثَّانِيَة وسين مُخَفّفَة مَفْتُوحَة، وَقيل: مكسوة أَي: من الْإِمْسَاك وَفِي بعض الرِّوَايَات: (خذي فرْصَة ممسكة فتحملي بهَا) قيل: أَرَادَ الْخلق الَّتِي أَمْسَكت كثيرا. فَإِنَّهُ أَرَادَ أَن لَا تسْتَعْمل الْجَدِيد من الْقطن وَغَيره للارتقاق بِهِ، وَلِأَن الْخلق أصلح لذَلِك، وَوَقع فِي كتاب عبد الرَّزَّاق يَعْنِي بالفرصة: الْمسك، قَالَ بَعضهم هِيَ: الذريرة، وَفِي الْأَوْسَط للطبراني:(خذي سكيكك) .

ذكر مَعَانِيه قَوْلهَا: (إِن امْرَأَة) زَاد فِي رِوَايَة وهيب: (من الْأَنْصَار) وسماها مُسلم فِي رِوَايَة الْأَحْوَص عَن إِبْرَاهِيم بن مهَاجر أَسمَاء بنت شكل، بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة وَالْكَاف وَفِي آخِره لَام، وَلم يسم أَبَاهَا فِي رِوَايَة غنْدر عَن شُعْبَة عَن إِبْرَاهِيم. وَقَالَ الْخَطِيب: أَسمَاء بنت يزِيد، وَجزم بِهِ الْأَنْصَارِيَّة الَّتِي يُقَال لَهَا خطيبة النِّسَاء وَتَبعهُ ابْن الْجَوْزِيّ فِي (التَّنْقِيح) والدمياطي وَزَاد أَن وَقع فِي مُسلم تَصْحِيف، وَيحْتَمل أَن يكون شكل، لقيا لَا إسماً، وَالْمَشْهُور فِي المسانيد والمجامع فِي هَذَا الحَدِيث أَسمَاء بنت شكل، كَمَا فِي مُسلم، وَأَسْمَاء بِغَيْر نسب كَمَا فِي أبي دَاوُد، وَكَذَا فِي (مستخرج) أبي نعيم من الطَّرِيق الَّتِي أخرجه مِنْهَا الْخَطِيب، وَحكى النَّوَوِيّ فِي (شرح مُسلم) الْوَجْهَيْنِ من غير تَرْجِيح، وَتبع رِوَايَة مُسلم جماعات مِنْهُم ابْن طَاهِر وَأَبُو مُوسَى فِي كِتَابه معرفَة الصَّحَابَة، وَصوب بعض الْمُتَأَخِّرين مَا قَالَه الْخَطِيب لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْأَنْصَار من اسْمه، شكل، وَفِي (التَّوْضِيح) بنت يزِيد، وَلم ينْفَرد مُسلم بذلك،، فقد أخرجه ابْن أبي شيبَة فِي (مُسْنده) وَأَبُو نعيم فِي (مستخرجه) كَمَا ذكره مُسلم سَوَاء، قَوْلهَا:(من الْمَحِيض) وَفِي رِوَايَة: (من الْحيض) وَكِلَاهُمَا مصدران قَوْلهَا: (قَالَ: خذي) هُوَ بَيَان لأمرها وَقَالَ الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: كَيفَ يكون بَيَانا للاغتسال وَهُوَ إِيصَال المَاء إِلَى جَمِيع الْبشرَة لَا أَخذ الفرصة؟ قلت: السُّؤَال لم يكن عَن نفس الِاغْتِسَال، لِأَن ذَلِك مَعْلُوما لكل أحد، بل إِنَّمَا كَانَ ذَلِك مُخْتَصًّا بِغسْل الْحيض فَلذَلِك أجَاب بِهِ، أَو هُوَ جملَة حَالية لَا بَيَانِيَّة انْتهى. قلت: هَذَا الْجَواب غير كَاف لِأَنَّهَا سَأَلت عَن غسلهَا من الْمَحِيض، وَلَيْسَ هَذَا إلَاّ سؤالاً عَن مَاهِيَّة الِاغْتِسَال، فَلذَلِك قَالَ: صلى الله عليه وسلم فِي جَوَابه إِيَّاهَا: فَأمرهَا كَيفَ تَغْتَسِل، يَعْنِي قَالَ لَهَا: اغْتَسِلِي كَذَا وَكَذَا، وَهَذَا بِمَعْنَاهُ ثمَّ قَول:(خذي فرْصَة من مسك) لَيْسَ بِبَيَان للاغتسال الْمَعْهُود، وَقَوله لِأَن ذَلِك مَعْلُوم لكل أحد. فِيهِ نظر، لِأَنَّهُ يحْتَمل أَن لَا يكون مَعْلُوما لَهَا على مَا يَنْبَغِي، أَو كَانَ فِي اعتقادها أَن الْغسْل عَن الْمَحِيض خلاف الْغسْل عَن الْجَنَابَة، فَلذَلِك قَالَت عَائِشَة: سَأَلت النَّبِي، عليه الصلاة والسلام، عَن غسلهَا من الْمَحِيض، وَالْأَوْجه عِنْدِي أَن الَّذِي رَوَاهُ البُخَارِيّ مُخْتَصر عَن أصل هَذَا الحَدِيث، وَفِيه بَيَان كَيْفيَّة الْغسْل وَغَيره على مَا رَوَاهُ مُسلم: أَن أَسمَاء سَأَلت عَن غسل الْمَحِيض. فَقَالَ: تَأْخُذ إحداكن ماءها وسدرها فَتطهر فتحسن الطّهُور، ثمَّ تصب على رَأسهَا فتدلكه دلكا شَدِيدا حَتَّى تبلغ شؤون رَأسهَا، ثمَّ تصب عَلَيْهَا المَاء، ثمَّ تَأْخُذ فرْصَة ممسكة فَتطهر بهَا، فَقَالَت أَسمَاء: وَكَيف أتطهر بهَا؟ فَقَالَ: سُبْحَانَ الله تطهرين بهَا. فَقَالَت عَائِشَة، كَأَنَّهَا تحفى ذَلِك: تتبعين بهَا أثر الدَّم، وَسَأَلته غسل الْجَنَابَة فَقَالَ: تَأْخُذ مَاء، فَتطهر فتحسن الطّهُور، أَو تبلغ الطّهُور ثمَّ تصب على رَأسهَا فتدلكه حَتَّى تبلغ شؤون رَأسهَا ثمَّ تفيض عَلَيْهَا المَاء. فَقَالَت عَائِشَة: نعم النِّسَاء نسَاء الْأَنْصَار لم يكن يمنعهن الْحيَاء أَن يتفقهن فِي الدّين. قَوْلهَا: (فتطهري بهَا) قَالَ: فِي الرِّوَايَة الَّتِي بعْدهَا: (فتوضئي ثَلَاثًا) . قَوْله: (سُبْحَانَ الله) وَزَاد فِي الرِّوَايَة الْآتِيَة، (ثمَّ إِن النَّبِي صلى الله عليه وسلم استحيا فَأَعْرض بِوَجْهِهِ) وَفِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ:(فَلَمَّا رَأَيْته يستحي علمتها) وَزَاد الدَّارمِيّ: (وَهُوَ يسمع وَلَا يُنكر)، وَقد ذكرنَا: أَن: سُبْحَانَ الله، فِي مثل هَذَا الْموضع يُرَاد بهَا التَّعَجُّب، وَمعنى التَّعَجُّب هُنَا: كَيفَ يحفى مثل هَذَا الظَّاهِر الَّذِي لَا يحْتَاج الْإِنْسَان فِي فهمه إِلَى فكر؟ قَوْله: (فجذبتها) وَفِي بعض الرِّوَايَة: (فاجتبذنها) وَفِي رِوَايَة: (فاجتذبتها) يُقَال: جذبت واجتذبت واجتبذ، وَهُوَ مقول عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، قَوْله:(تتبعي) أَمر من التتبع، وَهُوَ المُرَاد من تطهري. قَوْله:(أثر الدَّم) مقول: تتبعي، وَقَالَ النَّوَوِيّ: المُرَاد بِهِ عِنْد الْعلمَاء، الْفرج، وَقَالَ المحاميل: يسْتَحبّ لَهَا أَن تطيب كل مَوضِع أَصَابَهُ الدَّم من بدنهَا، قَالَ، وَلم أره لغيره، وَيُؤَيّد مَا قَالَه الْمحَامِلِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ، (تتبعي بهَا مَوَاضِع الدَّم) .

ص: 286