المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب عرق الإستحاضة) - عمدة القاري شرح صحيح البخاري - جـ ٣

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌(بابُ الوُضُوءِ مَرَّةً مَرَّةً)

- ‌(بَاب الوُضُوءِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ)

- ‌(بابُ الوُضُوءِ ثَلاثاً ثَلاثاً)

- ‌(بابُ الاسْتِنْثَارِ فِي الوُضُوءِ)

- ‌(بابُ الاسْتجْمَارِ وِتْراً)

- ‌(بابُ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ وَلَا يَمْسَحُ عَلَى القَدَمَيْنِ)

- ‌(بابُ المَضْمَضَةِ فِي الوُضُوءِ)

- ‌(بابُ غَسْلِ الَاعْقَابِ)

- ‌(بابُ غَسْلِ الرِّجْليْنِ فِي النَّعْلَيْنِ ولَا يَمْسَحُ عَلَى النَّعْلَيْنِ)

- ‌(بابُ التَّيَمُّنِ فِي الوُضُوءِ والغُسل)

- ‌(بابُ الْتِمَاسِ الوَضُوءِ إِذا حانَتِ الصَّلاةُ)

- ‌(بابُ المَاءِ الَّذِي يُغْسَلُ بِهِ شَعْرُ الاِنْسانِ)

- ‌(بابُ مَنْ لَمْ يَرَ الوُضُوءَ إلَاّ مِنَ المَخْرجَيْنِ القُبُلِ والدُّبُرِ)

- ‌(بابُ الرَّجُلِ يُوَضِّىءُ صَاحبَهُ)

- ‌(بابُ قِرَاءَةِ القُرْآنِ بَعْدَ الحَدَثِ وَغَيْرِهِ)

- ‌(بابُ مَنْ لَمْ يرَ الوُضُوءَ إِلَّا مِنَ الغَشْيِ المُثْقِلِ)

- ‌(بابُ مَسْحِ الرَّأْسِ كُلِّهِ)

- ‌(بابُ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ إلَى الكعْبَيْنِ)

- ‌(بابُ اسْتِعْمالِ فَضْل وَضُوءِ الناسِ)

- ‌(بابُ مَنْ مَضْمَضَ واسْتَنْشَقَ مِنْ غَرْفَةٍ وَاحِدةٍ)

- ‌(بابُ مَسْحِ الرَّأْسِ مَرَّةً)

- ‌(بابُ وُضُوءِ الرَّجُلِ مَعَ إمْرَأَتِهِ وَفَضْلِ وَضُوءِ المَرْأَةِ)

- ‌(بابُ صَبِّ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وَضوءَهُ علَى المُغْمَى عَلَيهِ)

- ‌(بابُ الْغُسْلِ وَالوُضُوءِ فِي المِخْضَبِ والقَدَحِ والخَشَبِ والحِجَارَةِ)

- ‌(بابُ الوُضُوء مِنَ التَّوْرِ)

- ‌(بابُ الوُضُوءِ بالمُدِّ)

- ‌(بابُ المَسْحِ عَلَى الخُفَّيْن)

- ‌(بابٌ إِذا أدْخَلَ رِجْلَيْهِ وهُمَا طَاهِرَتانِ)

- ‌(بابُ مَنْ لَمْ يَتَوَضَّأْ مِنْ لَحْمِ الشَّاةِ والسَّوِيقِ)

- ‌(بابُ مَنْ مَضْمَضَ مِنَ السَّوِيقِ ولَمْ يَتَوَضَّأْ)

- ‌(بَاب هَل يمضم من اللَّبن)

- ‌(بابُ الوُضُوءِ مِنَ النوْمِ)

- ‌(بابُ الوُضُوءِ مِنْ غَيْرِ حَدَثٍ)

- ‌ بَاب:

- ‌(بابُ مَا جاءَ فِي غَسْلِ البَوْلِ)

- ‌(بَاب)

- ‌(بابُ تَرْكِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وَالناس الَاعْرابيَّ حَتَّى فَرَغَ مِنْ بَوْلِه فِي المَسْجِدِ)

- ‌(بابُ صَبِّ المَاءِ عَلَى البَوْلِ فِي المَسْجِدِ)

- ‌(بابُ بَوْلِ الصِّبْيَانِ)

- ‌(بابُ البَوْلِ قائِماً وقاعِداً)

- ‌(بابُ البَوْلِ عنْدَ صاحبِهِ والتَّسَتُّرِ بالحَائِطِ)

- ‌(بابُ البَوْلِ عِنْدَ سُباطَةِ قوْمٍ)

- ‌(بابُ غَسْلِ الدَّمِ)

- ‌(بابُ غسْلِ المَنِيِّ وفَرْكِهِ وغَسْل مَا يُصِيبُ مِنَ المَرْأَةِ)

- ‌(بابُ إِذا غَسَلَ الجَنَابَةَ أَوْ غَيْرَها فَلمْ يَذْهَبْ أَثَرُهُ)

- ‌(بابُ أَبْوَالِ الابِلِ والدَّوابِّ والغَنَمِ ومَرَابِضهَا)

- ‌(بابُ مَا يَقَعُ مِنَ النَّجَاسات فِي السِّمْنِ والمَاءِ)

- ‌(بَاب البَولِ فِي الماءِ الدَّائِمِ)

- ‌(بابٌ إذَا أُلْقِيَ عَلى ظهْرِ المصَلِّى قَذَرٌ أَوْ جِيفَةٌ لَمْ تَفْسُدْ عَلَيْهِ صَلاتُهُ)

- ‌(بابٌ لَا يَجُوزُ الوُضُوءُ بالنَّبِيذِ ولاٍ بالمُسْكِرِ)

- ‌(بابُ غَسْلِ المَرّأةِ أَبَاهَا الدَّمَ عنْ وَجْهِهِ)

- ‌(بابُ السِّواكِ)

- ‌(بابُ دَفْعُ السَّوَاكِ إِلَى الأكْبَرَ)

- ‌(بابِ فَضْلِ مَنْ بَاتَ علَى الوُضوُءِ)

- ‌(كتاب الغسْلِ)

- ‌(بابُ الوُضوءِ قَبْلَ الغُسْلِ)

- ‌(بابُ غُسْلِ الرَّجُلِ مَعَ امْرأَتِهِ)

- ‌(بابُ الغُسْلِ بِالصَّاعِ وَنَحْوِهِ)

- ‌(بابُ مَنْ أَفَاضَ عَلَى رَأْسِهِ ثَلاثاً)

- ‌(بابُ الغُسْل مَرَّةً وَاحِدَةً)

- ‌(بابُ مَنْ بَدَأَ بالحِلابِ أَوْ الطِيّبِ عِنْدَ الغُسْلِ)

- ‌(بابُ المَضْمَضَةِ والإِسْتِنْشَاقِ فِي الجَنَابَةِ)

- ‌(بابُ مَسْحِ اليَدِ بالتُّرَابِ لِيَكُونَ أَنْقَى)

- ‌(بابُ هَلْ يُدْهِلُ الجُنُبُ يَدَهُ فِي الإنَاءِ قَبْلَ أنْ يَغْسِلَهَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى يَدِهِ قَذَرُ غَيْرُ الجَنَابَةِ)

- ‌(بابُ تَفْرِيقِ الغُسْلِ والوُضُوءِ)

- ‌(بابُ مَنْ أَفْرَغَ بِيَمِنِهِ عَلَى شِمَالِهِ فِي الغُسْلِ)

- ‌(بابٌ إذَا جامَعَ ثُمَّ عادَ وَمَنْ دَارَ علَى نِسَائِهِ فِي غُسْلٍ وَاحِدٍ)

- ‌(بابُ غَسْلِ المَذْىٍ وَالوُضُوءِ مِنْهُ)

- ‌(بابُ مَنْ تَطَيَّبَ ثُمَّ اغْتَسَلَ وَبَقِيَ أثرُ الطيِّبِ)

- ‌(بابُ تَخْلِيلِ الشِّعَرِ حَتَّى إذَا أنَّهُ قَدْ أرْوَى بَشَرَتَهُ أفَاضَ عَلَيْهِ

- ‌(بابُ مَنْ تَوَضَّلَ فِي الجَنَابَةِ ثُمَّ غَسَلَ جَسَدِهِ وَلَمْ يُعِدْ غَسْلَ مَوَاضِعِ الوُضُوءِ مَرَّةً أُخْرَى

- ‌(بابُ إذَا ذَكَرَ فِي المَسْجِدِ أنَّهُ جُنُبٌ يَخْرُجُ كَمَا هُوَ وَلَا يَتَيَمَّمُ)

- ‌(بابُ نَفْضِ اليدَيْنِ مِنْ الغُسْلِ عَنُ الجَنَابَةِ)

- ‌(بابُ مَنْ بَدَأَ رَأْسِهِ الأيْمَنِ فِي الغُسْلِ)

- ‌(بابُ مَنِ اغْتَسَل عُرْيَاناً وَحْدَهُ فِي الخَلْوَةِ وَمَنْ تَسَتَّرَ فالتَّسَتُّرُ أَفْضَلُ)

- ‌(بابُ التَسَتَّرِ فِي الغُسْلِ عِنْدَ النَّاس)

- ‌(بابٌ إذَا احتَلَمَتِ المَرْأَةُ)

- ‌(بابُ عَرَق الجَنُبٍ وَإنَّ المُسْلِمَ لَا يَنْجُسُ)

- ‌(بابُ الجُنُبُ يَخْرُجُ وَيَمْشِي فِي السُّوقِ وَغَيْرِهِ)

- ‌(بابُ كَيْنُونَةِ الجُنُبِ فِي الَبْيتِ إذَا تَوَضَّأَ قَبْلَ أَنْ يَغْتَسِلَ

- ‌(بابُ نَوْم الجُنُبُ)

- ‌(بابُ الجنُبِ يَتَوَضَأُ ثُمَّ يَنَامُ)

- ‌(بابٌ إذَا التَقَى الخِتَانانِ)

- ‌(بابُ غَسْلِ مَا يُصيبُ منْ رُطُوبَةِ فَرْجِ المَرْأَةِ)

- ‌(كتاب الحيضِ)

- ‌(بابُ كَيْفَ كانَ بَدْءَ الحَيْضِ)

- ‌(بابُ غَسْلِ الحَائِضِ رَأْسَ زَوْجِها وَتَرْجِيلِهِ)

- ‌(بابُ قِرَاءَةِ الرَّجُلِ فِي حِجْرِ امْرَأَتِهِ وَهِيَ حائِضٌ)

- ‌(بابُ مَنْ سَمَّى النِّفَاسَ حَيْضاً)

- ‌(بابُ مُبَاشَرَةِ الحَائِضِ)

- ‌(بابُ تَرْكِ الحَائِضِ الصَّوْمَ)

- ‌(بابُ تَقْضِي الحَائِضُ المَنَاسِكَ كُلَّها إلَاّ الطَّوافَ بالبَيْتِ)

- ‌(بابُ الاسْتِحَاضَةِ)

- ‌(بابُ غَسْلِ دَمِ المَحِيضِ)

- ‌(بابُ الاعْتِكَافِ لِلْمُسْتَحاضَةِ)

- ‌(بابٌ هَلْ تُصَلِّى المَرْأَةُ فِي ثَوْبٍ حاضَتْ فِيهِ

- ‌(بابُ الَطِّيبِ لِلْمَرْأَةِ عِنْدَ غَسْلِهَا مِنَ الحَيْضِ)

- ‌(بابُ دَلْكِ المَرْأَةِ نَفْسَها أذَا تَطَهَّرَتْ مِنَ المَحِيضِ وَكَيْفَ تَغْتَسِلُ وَتَأْخُذُ فِرْصَةً مُمَسَّكَةً فَتَتَّبِعُ بِهَا أَثَرَ الدَّمِ)

- ‌(بابُ غُسْلِ المَحِيضِ)

- ‌(بابُ امْتِشاطِ المَرْأَةِ عِنْدَ غُسْلِها مِنَ المَحِيضِ)

- ‌(بابُ نَقْضِ المَرْأَةِ شَعْرَهَا عِنْدَ غُسَلِ المَحِيضِ)

- ‌(بابٌ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرَ مُخَلَّقَةٍ}

- ‌(بابُ كَيفَ تُهِلُّ الحائِضُ بالحَجِّ والعُمْرَةِ)

- ‌(بابُ إقْبالِ المَحِيضِ وإدْبارِهِ)

- ‌(بابٌ لَا تَقْضِي الحائِضُ الصَّلاةَ)

- ‌(بابُ النَّوْمَ مَعَ الحَائِضِ وهْيَ فِي ثِيَابِهَا)

- ‌(بابُ مَنْ اتخَذَ ثِيَابَ الْحَيْضِ سِوَى ثِيَابِ الطُّهْرِ)

- ‌(بابُ شُهُودِ الحَائِضِ الْعِيدَيْنِ وَدَعْوَةَ المُسْلِمِينَ وَيَعْتَزِلْنَ الْمُصَلَّى)

- ‌(بابٌ إذَا حاضَتْ فِي شَهْرٍ ثَلَاثَ حِيَضٍ وَمَا يُصَدَّقُ النِّساءُ فِي الْحَيْضِ وَالْحَمْلِ فِيما يُمْكِنُ مِنَ الْحَيْضِ لِقَوْلِ الله تَعَالَى وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ الله فِي أرْحَامِهِنَّ)

- ‌(بابُ الصُّفْرَةِ والْكُدْرَةِ فِي غَيْرِ أيَّامِ الْحَيْضِ)

- ‌(بابُ عِرْق الإسْتِحَاضَة)

- ‌(بابُ الْمَرأةِ تَحِيضُ بَعْدَ الإفَاضَة)

- ‌(بابٌ إذَا رَأَتِ الْمُسْتَحَاضَةُ الطُّهْرَ)

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ عَلَى النُّفَسَاءِ وَسُنَّتِهَا)

- ‌(بابٌ)

الفصل: ‌(باب عرق الإستحاضة)

الطُّهْر شَيْئا) . وعَلى هَذَا ترْجم البُخَارِيّ، وَصَححهُ الْحَاكِم. وَعند الْإِسْمَاعِيلِيّ:(كُنَّا لَا نعد الصُّفْرَة والكدرة شَيْئا فِي الْحيض) . وَعند الدَّارَقُطْنِيّ: (كُنَّا لَا نرى التربية بعد الطُّهْر شَيْئا، وَهِي الصُّفْرَة والكدرة) . وروى ابْن بطال من رِوَايَة حَمَّاد بن سَلمَة عَن قَتَادَة عَن حَفْصَة: (كُنَّا لَا نرى التربية بعد الْغسْل شَيْئا) . قَالَ الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: قد رُوِيَ عَن عَائِشَة: (كُنَّا نعد الكدرة والصفرة حيضا) . فَمَا وَجه الْجمع بَينهمَا؟ . قلت: هَذَا فِي وَقت الْحيض وَذَاكَ فِي غير وقته. قلت: حَدِيث عَائِشَة أخرجه ابْن حزم بِسَنَد واهٍ لأجل أبي بكر النَّهْشَلِي الْكذَّاب، وَوَقع فِي (وسيط الْغَزالِيّ) ذكره لَهُ من حَدِيث زَيْنَب، وَلَا يعرف. وروى الْبَيْهَقِيّ حَدِيث عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت:(مَا كُنَّا نعد الكدرة والصفرة شَيْئا، وَنحن مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم . قَالَ: وَسَنَده ضَعِيف لَا يسوى ذكره، قَالَ: وَقد رُوِيَ مَعْنَاهُ عَن عَائِشَة بِسَنَد أمثل من هَذَا، وَهُوَ أَنَّهَا قَالَت: (إِذا رَأَتْ الْمَرْأَة الدَّم فلتمسك عَن الصَّلَاة حَتَّى ترَاهُ أَبيض كالقصة، فَإِذا رَأَتْ ذَلِك فلتغتسل ولتصلِّ، فَإِذا رَأَتْ بعد ذَلِك صفرَة أَو كدرة فلتتوضأ ولتصلِّ، فَإِذا رَأَتْ مَاء أَحْمَر فلتغتسل ولتصلِّ) . وَقَالَ ابْن بطال: ذهب جُمْهُور الْعلمَاء فِي معنى هَذَا الحَدِيث إِلَى مَا ذهب إِلَيْهِ البُخَارِيّ فِي تَرْجَمته، فَقَالَ أَكْثَرهم: الصُّفْرَة والكدرة حيض فِي أَيَّام الْحيض خَاصَّة، وَبعد أَيَّام الْحيض لَيْسَ بِشَيْء، رُوِيَ هَذَا عَن عَليّ، وَبِه قَالَ سعيد بن الْمسيب وَعَطَاء وَالْحسن وَابْن سِيرِين وَرَبِيعَة وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث وَأَبُو حنيفَة وَمُحَمّد وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَإِسْحَاق. وَقَالَ أَبُو يُوسُف: لَيْسَ قبل الْحيض حيض، وَفِي آخر الْحيض حيض، وَهُوَ قَول أبي ثَوْر. وَقَالَ مَالك: حيض فِي أَيَّام الْحيض وَغَيرهَا، وأظن أَن حَدِيث أم عَطِيَّة لم يبلغهُ.

26 -

(بابُ عِرْق الإسْتِحَاضَة)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان عرق الِاسْتِحَاضَة، وَهُوَ بِكَسْر الْعين وَسُكُون الرَّاء، وَقد ذكرنَا أَنه يُسمى هَذَا الْعرق العاذل، وَأَرَادَ بِهَذَا أَن دم الِاسْتِحَاضَة من عرق، كَمَا صرح بِهِ فِي حَدِيث الْبَاب، وَفِي رِوَايَة أخرجهَا أَبُو دَاوُد:(إِنَّمَا ذَلِك عرق وَلَيْسَت بالحيضة) .

والمناسبة بَين الْبَابَيْنِ من حَيْثُ إِن كلاًّ مِنْهُمَا مُشْتَمل على ذكر حكم الِاسْتِحَاضَة.

327 -

ح دَّثنا إبْرَاهِيمُ بنُ الْمُنْذِرِ قالَ حَدَّثَنا مَعْنٌ قالَ حدَّثني ابنُ أَبي ذِئْبٍ عنِ ابْن شِهَابٍ عنْ عُرْوَةَ وَعَنْ عَمْرَةَ عنْ عائِشَةَ زَوْجِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّ أمَّ حَبِيبَةَ اسْتُحِيضَتْ سَبْعَ سِنِينَ فَسَأَلَتْ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عنْ ذَلِكَ فَأَمَرَهَا أنْ تَغْتَسِلَ فقالَ هَذَا عرْقٌ فَكَانَتْ تَغْتَسِلُ لِكُلِّ صَلاةٍ.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.

ذكر رِجَاله: وهم سَبْعَة: الأول: إِبْرَاهِيم بن الْمُنْذر، بِضَم الْمِيم وَسُكُون النُّون وَكسر الذَّال الْمُعْجَمَة: الْحزَامِي، بِكَسْر الْحَاء الْمُهْملَة وبالزاي المخففة، سبق فِي أول كتاب الْعلم، ونسبته إِلَى حزَام أحد الأجداد المنتسب إِلَيْهِ الثَّانِي: معن بن عِيسَى الْقَزاز، بتَشْديد الزَّاي الأولى، مر فِي بَاب: مَا يَقع من النَّجَاسَات فِي السّمن. الثَّالِث: مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن أبي ذِئْب، بِكَسْر الذَّال الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف، وَمر فِي بَاب حفظ الْعلم. الرَّابِع: مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب الزُّهْرِيّ. الْخَامِس: عُرْوَة بن الزبير. السَّادِس: عمْرَة بنت عبد الرَّحْمَن بن سعد الْأَنْصَارِيَّة الثِّقَة الْحجَّة العالمة، مَاتَت سنة ثَمَان وَتِسْعين. السَّابِع: عَائِشَة الصديقة، رضي الله عنها.

ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين، وبصيغة الْإِفْرَاد فِي مَوضِع. وَفِيه: العنعنة فِي أَرْبَعَة مَوَاضِع. وَفِيه: أَن رُوَاته كلهم مدنيون، وَفِي رِوَايَة ابْن شهَاب: عَن عُرْوَة وَعَن عمْرَة، بواو الْعَطف كِلَاهُمَا عَن عَائِشَة، كَذَا هُوَ فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة أبي الْوَقْت وَابْن عَسَاكِر: عَن عُرْوَة عَن عمْرَة عَن عَائِشَة، بِحَذْف الْوَاو، وَالْمَحْفُوظ إِثْبَات الْوَاو، وَأَن ابْن شهَاب رَوَاهُ عَن شيخين: عُرْوَة وَعمرَة كِلَاهُمَا عَن عَائِشَة. وَكَذَا أخرجه الْإِسْمَاعِيلِيّ وَغَيره من طرق عَن ابْن أبي ذِئْب. وَكَذَا أخرجه من طَرِيق عَمْرو بن الْحَارِث وَأَبُو دَاوُد من طَرِيق الْأَوْزَاعِيّ كِلَاهُمَا عَن الزُّهْرِيّ وَعَن عُرْوَة وَعمرَة. وَأخرجه مُسلم أَيْضا من طَرِيق

ص: 310

اللَّيْث عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة وَحده، وَكَذَا من طَرِيق إِبْرَاهِيم بن سعد، وَأَبُو دَاوُد من طَرِيق يُونُس، كِلَاهُمَا عَن الزُّهْرِيّ عَن عمْرَة وَحدهَا. قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: هُوَ صَحِيح من رِوَايَة الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عمْرَة جَمِيعًا.

ذكر من أخرجه غَيره: قَالَ صَاحب (التَّلْوِيح) : هَذَا حَدِيث أخرجه السِّتَّة فِي كتبهمْ. قلت: أخرجه مُسلم فِي الطَّهَارَة عَن قُتَيْبَة وَمُحَمّد بن رمح. وَأَبُو دَاوُد فِيهِ عَن يزِيد بن خَالِد بن موهب، ثَلَاثَتهمْ عَن لَيْث بِهِ. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ جَمِيعًا فِيهِ عَن قُتَيْبَة بِهِ. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ: عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة وَعمرَة عَن عَائِشَة. وَأخرجه أَبُو دَاوُد أَيْضا عَن عَطاء عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق الْمسَيبِي عَن أَبِيه عَن ابْن أبي ذِئْب بِهِ، هَكَذَا وَقع فِي رِوَايَة اللؤْلُؤِي عَن أبي دَاوُد. وَقَالَ أَبُو الْحسن بن العَبْد وَأَبُو بكر بن داسة وَغير وَاحِد عَن أبي دَاوُد بِإِسْنَادِهِ عَن عُرْوَة وَعَن عمْرَة عَن عَائِشَة.

ذكر مَا فِيهِ مِمَّا يتَعَلَّق بِهِ من الْفَوَائِد: قَوْلهَا: (أَن أم حَبِيبَة) هِيَ: بنت جحش أُخْت زَيْنَب أم الْمُؤمنِينَ، وَهِي مَشْهُورَة بكنيتها. وَقَالَ الْوَاقِدِيّ وَالْحَرْبِيّ: اسْمهَا حَبِيبَة، وكنيتها أم حبيب بِغَيْر هَاء، وَرجحه الدَّارَقُطْنِيّ، وَالْمَشْهُور فِي الرِّوَايَات الصَّحِيحَة: أم حَبِيبَة، بِإِثْبَات الْهَاء، وَكَانَت زوج عبد الرَّحْمَن بن عَوْف، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، كَمَا ثَبت عِنْد مُسلم من رِوَايَة عَمْرو بن الْحَارِث، وَوَقع فِي (الْمُوَطَّأ) : عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن زَيْنَب بنت أبي سَلمَة (أَن زَيْنَب بنت جحش الَّتِي كَانَت تَحت عبد الرَّحْمَن بن عَوْف كَانَت تستحاض) ، الحَدِيث، فَقيل: هُوَ وهم، وَقيل: بل صَوَاب، وَإِن اسْمهَا زَيْنَب وكنيتها أم حَبِيبَة. وَأما كَون اسْم أُخْتهَا أم الْمُؤمنِينَ زَيْنَب فَإِنَّهُ لم يكن اسْمهَا الْأَصْلِيّ، وَإِنَّمَا كَانَ اسْمهَا برة فَغَيره النَّبِي صلى الله عليه وسلم، فَلَعَلَّهُ سَمَّاهَا باسم اختها لكَون أُخْتهَا غلبت عَلَيْهَا الكنية، فأمن اللّبْس، وَلها أُخْت أُخْرَى اسْمهَا: حمْنَة، بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الْمِيم وَفِي آخِره نون، وَهِي إِحْدَى المستحاضات، وَفِي كتاب ابْن الْأَثِير: روى ابْن عُيَيْنَة عَن الزُّهْرِيّ عَن عمْرَة عَن عَائِشَة أَن أم حَبِيبَة أَو حبيب، وَعند ابْن عبد الْبر: أَكْثَرهم يسقطون الْهَاء، يَقُولُونَ: أم حبيب، وَأهل السّير يَقُولُونَ: الْمُسْتَحَاضَة حمْنَة، وَالصَّحِيح عِنْد أهل الحَدِيث أَنَّهُمَا كَانَتَا مستحاضتان جَمِيعًا. وَقيل: إِن زَيْنَب أَيْضا استحيضت، وَلَا يَصح. قَوْله:(سبع سِنِين) هُوَ جمع للسّنة على سَبِيل الشذوذ من وَجْهَيْن: الأول: أَن شَرط جمع السَّلامَة أَن يكون مفرده مذكرا عَاقِلا، وَلَيْسَت كَذَلِك. وَالْآخر: كسر أَوله وَالْقِيَاس فَتحه. قَوْله: (فَأمرهَا أَن تَغْتَسِل) أَي: بِأَن تَغْتَسِل، وَأَن، مَصْدَرِيَّة. وَالتَّقْدِير: فَأمرهَا بالاغتسال. وَفِي رِوَايَة مُسلم والإسماعيلي: [حم (فَأمرهَا أَن تَغْتَسِل وَتصلي) [/ حم، ثمَّ إِن هَذَا الْأَمر بالاغتسال مُطلق يحْتَمل الْأَمر بالاغتسال لكل صَلَاة، وَيحْتَمل الِاغْتِسَال فِي الْجُمْلَة. وَعَن أبي دَاوُد رِوَايَة تدل على الِاغْتِسَال لكل صَلَاة، وَهِي: حَدثنَا هناد بن السّري عَن عَبدة عَن ابْن إِسْحَاق عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة أَن أم حَبِيبَة بنت جحش استحيضت فِي عهد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فَأمرهَا بِالْغسْلِ لكل صَلَاة. وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ: رِوَايَة ابْن إِسْحَاق عَن الزُّهْرِيّ غلط لمخالفتها سَائِر الرِّوَايَات عَن الزُّهْرِيّ، وَلَكِن يُمكن أَن يُقَال: إِن كَانَ هَذَا مُخَالفَة التّرْك فَلَا تنَاقض، وَإِن كَانَ هَذَا مُخَالفَة التَّعَارُض فَلَيْسَ كَذَلِك، إِذْ الْأَكْثَر فِيهِ السُّكُوت عَن أَمر النَّبِي صلى الله عليه وسلم لَهَا بِالْغسْلِ عِنْد كل صَلَاة، وَفِي بَعْضهَا أَنَّهَا فعلته هِيَ. قلت: قد تَابع ابْن إِسْحَاق سُلَيْمَان بن كثير، قَالَ أَبُو دَاوُد: وَرَوَاهُ أَبُو الْوَلِيد الطَّيَالِسِيّ وَلم أسمعهُ مِنْهُ، عَن سُلَيْمَان بن كثير عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة:(استحيضت زَيْنَب بنت جحش، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: اغْتَسِلِي لكل صَلَاة) وَقَالَ أَبُو دَاوُد: رَوَاهُ عبد الصَّمد عَن سُلَيْمَان بن كثير، قَالَ:(توضئي لكل صَلَاة)، ثمَّ قَالَ أَبُو دَاوُد: وَهَذَا وهم من عبد الصَّمد، وَالْقَوْل فِيهِ قَول أبي الْوَلِيد، يَعْنِي قَوْله: توضئي لكل صَلَاة، وهم من عبد الصَّمد. قلت: ذكر هَذَا فِي حَدِيث حَمَّاد أخرجه النَّسَائِيّ وَابْن ماجة. وَقَالَ مُسلم فِي (صَحِيحه) : وَفِي حَدِيث حَمَّاد بن زيد حرف تَرَكْنَاهُ، وَهِي:(توضئي لكل صَلَاة) . وَقَالَ النَّوَوِيّ: وأسقطها مُسلم لِأَنَّهَا مِمَّا انْفَرد بِهِ حَمَّاد. قُلْنَا: لم ينْفَرد بِهِ حَمَّاد عَن هِشَام، بل رَوَاهُ عَنهُ أَبُو عوَانَة، أخرجه الطَّحَاوِيّ فِي كتاب (الرَّد على الْكَرَابِيسِي) من طَرِيقه بِسَنَد جيد، وَرَوَاهُ عَنهُ أَيْضا حَمَّاد بن سَلمَة، أخرجه الدَّارمِيّ من طَرِيقه، وَرَوَاهُ عَنهُ أَيْضا أَبُو حنيفَة. وَأخرجه الطَّحَاوِيّ من طَرِيق أبي نعيم وَعبد الله بن يزِيد الْمقري عَن أبي حنيفَة عَن هِشَام. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ من طَرِيق وَكِيع وَعَبدَة وَأبي مُعَاوِيَة عَن هِشَام، وَقَالَ فِي آخِره: وَقَالَ أَبُو مُعَاوِيَة فِي حَدِيثه: (توضئي لكل صَلَاة) ، وَقد جَاءَ الْأَمر أَيْضا بِالْوضُوءِ فِيمَا أخرجه الْبَيْهَقِيّ فِي بَاب الْمُسْتَحَاضَة إِذا كَانَت مُمَيزَة من حَدِيث مُحَمَّد بن عمر عَن ابْن شهَاب عَن عُرْوَة عَن فَاطِمَة بنت أبي حُبَيْش إِلَى آخِره،

ص: 311