المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب الصلاة على النفساء وسنتها) - عمدة القاري شرح صحيح البخاري - جـ ٣

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌(بابُ الوُضُوءِ مَرَّةً مَرَّةً)

- ‌(بَاب الوُضُوءِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ)

- ‌(بابُ الوُضُوءِ ثَلاثاً ثَلاثاً)

- ‌(بابُ الاسْتِنْثَارِ فِي الوُضُوءِ)

- ‌(بابُ الاسْتجْمَارِ وِتْراً)

- ‌(بابُ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ وَلَا يَمْسَحُ عَلَى القَدَمَيْنِ)

- ‌(بابُ المَضْمَضَةِ فِي الوُضُوءِ)

- ‌(بابُ غَسْلِ الَاعْقَابِ)

- ‌(بابُ غَسْلِ الرِّجْليْنِ فِي النَّعْلَيْنِ ولَا يَمْسَحُ عَلَى النَّعْلَيْنِ)

- ‌(بابُ التَّيَمُّنِ فِي الوُضُوءِ والغُسل)

- ‌(بابُ الْتِمَاسِ الوَضُوءِ إِذا حانَتِ الصَّلاةُ)

- ‌(بابُ المَاءِ الَّذِي يُغْسَلُ بِهِ شَعْرُ الاِنْسانِ)

- ‌(بابُ مَنْ لَمْ يَرَ الوُضُوءَ إلَاّ مِنَ المَخْرجَيْنِ القُبُلِ والدُّبُرِ)

- ‌(بابُ الرَّجُلِ يُوَضِّىءُ صَاحبَهُ)

- ‌(بابُ قِرَاءَةِ القُرْآنِ بَعْدَ الحَدَثِ وَغَيْرِهِ)

- ‌(بابُ مَنْ لَمْ يرَ الوُضُوءَ إِلَّا مِنَ الغَشْيِ المُثْقِلِ)

- ‌(بابُ مَسْحِ الرَّأْسِ كُلِّهِ)

- ‌(بابُ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ إلَى الكعْبَيْنِ)

- ‌(بابُ اسْتِعْمالِ فَضْل وَضُوءِ الناسِ)

- ‌(بابُ مَنْ مَضْمَضَ واسْتَنْشَقَ مِنْ غَرْفَةٍ وَاحِدةٍ)

- ‌(بابُ مَسْحِ الرَّأْسِ مَرَّةً)

- ‌(بابُ وُضُوءِ الرَّجُلِ مَعَ إمْرَأَتِهِ وَفَضْلِ وَضُوءِ المَرْأَةِ)

- ‌(بابُ صَبِّ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وَضوءَهُ علَى المُغْمَى عَلَيهِ)

- ‌(بابُ الْغُسْلِ وَالوُضُوءِ فِي المِخْضَبِ والقَدَحِ والخَشَبِ والحِجَارَةِ)

- ‌(بابُ الوُضُوء مِنَ التَّوْرِ)

- ‌(بابُ الوُضُوءِ بالمُدِّ)

- ‌(بابُ المَسْحِ عَلَى الخُفَّيْن)

- ‌(بابٌ إِذا أدْخَلَ رِجْلَيْهِ وهُمَا طَاهِرَتانِ)

- ‌(بابُ مَنْ لَمْ يَتَوَضَّأْ مِنْ لَحْمِ الشَّاةِ والسَّوِيقِ)

- ‌(بابُ مَنْ مَضْمَضَ مِنَ السَّوِيقِ ولَمْ يَتَوَضَّأْ)

- ‌(بَاب هَل يمضم من اللَّبن)

- ‌(بابُ الوُضُوءِ مِنَ النوْمِ)

- ‌(بابُ الوُضُوءِ مِنْ غَيْرِ حَدَثٍ)

- ‌ بَاب:

- ‌(بابُ مَا جاءَ فِي غَسْلِ البَوْلِ)

- ‌(بَاب)

- ‌(بابُ تَرْكِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وَالناس الَاعْرابيَّ حَتَّى فَرَغَ مِنْ بَوْلِه فِي المَسْجِدِ)

- ‌(بابُ صَبِّ المَاءِ عَلَى البَوْلِ فِي المَسْجِدِ)

- ‌(بابُ بَوْلِ الصِّبْيَانِ)

- ‌(بابُ البَوْلِ قائِماً وقاعِداً)

- ‌(بابُ البَوْلِ عنْدَ صاحبِهِ والتَّسَتُّرِ بالحَائِطِ)

- ‌(بابُ البَوْلِ عِنْدَ سُباطَةِ قوْمٍ)

- ‌(بابُ غَسْلِ الدَّمِ)

- ‌(بابُ غسْلِ المَنِيِّ وفَرْكِهِ وغَسْل مَا يُصِيبُ مِنَ المَرْأَةِ)

- ‌(بابُ إِذا غَسَلَ الجَنَابَةَ أَوْ غَيْرَها فَلمْ يَذْهَبْ أَثَرُهُ)

- ‌(بابُ أَبْوَالِ الابِلِ والدَّوابِّ والغَنَمِ ومَرَابِضهَا)

- ‌(بابُ مَا يَقَعُ مِنَ النَّجَاسات فِي السِّمْنِ والمَاءِ)

- ‌(بَاب البَولِ فِي الماءِ الدَّائِمِ)

- ‌(بابٌ إذَا أُلْقِيَ عَلى ظهْرِ المصَلِّى قَذَرٌ أَوْ جِيفَةٌ لَمْ تَفْسُدْ عَلَيْهِ صَلاتُهُ)

- ‌(بابٌ لَا يَجُوزُ الوُضُوءُ بالنَّبِيذِ ولاٍ بالمُسْكِرِ)

- ‌(بابُ غَسْلِ المَرّأةِ أَبَاهَا الدَّمَ عنْ وَجْهِهِ)

- ‌(بابُ السِّواكِ)

- ‌(بابُ دَفْعُ السَّوَاكِ إِلَى الأكْبَرَ)

- ‌(بابِ فَضْلِ مَنْ بَاتَ علَى الوُضوُءِ)

- ‌(كتاب الغسْلِ)

- ‌(بابُ الوُضوءِ قَبْلَ الغُسْلِ)

- ‌(بابُ غُسْلِ الرَّجُلِ مَعَ امْرأَتِهِ)

- ‌(بابُ الغُسْلِ بِالصَّاعِ وَنَحْوِهِ)

- ‌(بابُ مَنْ أَفَاضَ عَلَى رَأْسِهِ ثَلاثاً)

- ‌(بابُ الغُسْل مَرَّةً وَاحِدَةً)

- ‌(بابُ مَنْ بَدَأَ بالحِلابِ أَوْ الطِيّبِ عِنْدَ الغُسْلِ)

- ‌(بابُ المَضْمَضَةِ والإِسْتِنْشَاقِ فِي الجَنَابَةِ)

- ‌(بابُ مَسْحِ اليَدِ بالتُّرَابِ لِيَكُونَ أَنْقَى)

- ‌(بابُ هَلْ يُدْهِلُ الجُنُبُ يَدَهُ فِي الإنَاءِ قَبْلَ أنْ يَغْسِلَهَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى يَدِهِ قَذَرُ غَيْرُ الجَنَابَةِ)

- ‌(بابُ تَفْرِيقِ الغُسْلِ والوُضُوءِ)

- ‌(بابُ مَنْ أَفْرَغَ بِيَمِنِهِ عَلَى شِمَالِهِ فِي الغُسْلِ)

- ‌(بابٌ إذَا جامَعَ ثُمَّ عادَ وَمَنْ دَارَ علَى نِسَائِهِ فِي غُسْلٍ وَاحِدٍ)

- ‌(بابُ غَسْلِ المَذْىٍ وَالوُضُوءِ مِنْهُ)

- ‌(بابُ مَنْ تَطَيَّبَ ثُمَّ اغْتَسَلَ وَبَقِيَ أثرُ الطيِّبِ)

- ‌(بابُ تَخْلِيلِ الشِّعَرِ حَتَّى إذَا أنَّهُ قَدْ أرْوَى بَشَرَتَهُ أفَاضَ عَلَيْهِ

- ‌(بابُ مَنْ تَوَضَّلَ فِي الجَنَابَةِ ثُمَّ غَسَلَ جَسَدِهِ وَلَمْ يُعِدْ غَسْلَ مَوَاضِعِ الوُضُوءِ مَرَّةً أُخْرَى

- ‌(بابُ إذَا ذَكَرَ فِي المَسْجِدِ أنَّهُ جُنُبٌ يَخْرُجُ كَمَا هُوَ وَلَا يَتَيَمَّمُ)

- ‌(بابُ نَفْضِ اليدَيْنِ مِنْ الغُسْلِ عَنُ الجَنَابَةِ)

- ‌(بابُ مَنْ بَدَأَ رَأْسِهِ الأيْمَنِ فِي الغُسْلِ)

- ‌(بابُ مَنِ اغْتَسَل عُرْيَاناً وَحْدَهُ فِي الخَلْوَةِ وَمَنْ تَسَتَّرَ فالتَّسَتُّرُ أَفْضَلُ)

- ‌(بابُ التَسَتَّرِ فِي الغُسْلِ عِنْدَ النَّاس)

- ‌(بابٌ إذَا احتَلَمَتِ المَرْأَةُ)

- ‌(بابُ عَرَق الجَنُبٍ وَإنَّ المُسْلِمَ لَا يَنْجُسُ)

- ‌(بابُ الجُنُبُ يَخْرُجُ وَيَمْشِي فِي السُّوقِ وَغَيْرِهِ)

- ‌(بابُ كَيْنُونَةِ الجُنُبِ فِي الَبْيتِ إذَا تَوَضَّأَ قَبْلَ أَنْ يَغْتَسِلَ

- ‌(بابُ نَوْم الجُنُبُ)

- ‌(بابُ الجنُبِ يَتَوَضَأُ ثُمَّ يَنَامُ)

- ‌(بابٌ إذَا التَقَى الخِتَانانِ)

- ‌(بابُ غَسْلِ مَا يُصيبُ منْ رُطُوبَةِ فَرْجِ المَرْأَةِ)

- ‌(كتاب الحيضِ)

- ‌(بابُ كَيْفَ كانَ بَدْءَ الحَيْضِ)

- ‌(بابُ غَسْلِ الحَائِضِ رَأْسَ زَوْجِها وَتَرْجِيلِهِ)

- ‌(بابُ قِرَاءَةِ الرَّجُلِ فِي حِجْرِ امْرَأَتِهِ وَهِيَ حائِضٌ)

- ‌(بابُ مَنْ سَمَّى النِّفَاسَ حَيْضاً)

- ‌(بابُ مُبَاشَرَةِ الحَائِضِ)

- ‌(بابُ تَرْكِ الحَائِضِ الصَّوْمَ)

- ‌(بابُ تَقْضِي الحَائِضُ المَنَاسِكَ كُلَّها إلَاّ الطَّوافَ بالبَيْتِ)

- ‌(بابُ الاسْتِحَاضَةِ)

- ‌(بابُ غَسْلِ دَمِ المَحِيضِ)

- ‌(بابُ الاعْتِكَافِ لِلْمُسْتَحاضَةِ)

- ‌(بابٌ هَلْ تُصَلِّى المَرْأَةُ فِي ثَوْبٍ حاضَتْ فِيهِ

- ‌(بابُ الَطِّيبِ لِلْمَرْأَةِ عِنْدَ غَسْلِهَا مِنَ الحَيْضِ)

- ‌(بابُ دَلْكِ المَرْأَةِ نَفْسَها أذَا تَطَهَّرَتْ مِنَ المَحِيضِ وَكَيْفَ تَغْتَسِلُ وَتَأْخُذُ فِرْصَةً مُمَسَّكَةً فَتَتَّبِعُ بِهَا أَثَرَ الدَّمِ)

- ‌(بابُ غُسْلِ المَحِيضِ)

- ‌(بابُ امْتِشاطِ المَرْأَةِ عِنْدَ غُسْلِها مِنَ المَحِيضِ)

- ‌(بابُ نَقْضِ المَرْأَةِ شَعْرَهَا عِنْدَ غُسَلِ المَحِيضِ)

- ‌(بابٌ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرَ مُخَلَّقَةٍ}

- ‌(بابُ كَيفَ تُهِلُّ الحائِضُ بالحَجِّ والعُمْرَةِ)

- ‌(بابُ إقْبالِ المَحِيضِ وإدْبارِهِ)

- ‌(بابٌ لَا تَقْضِي الحائِضُ الصَّلاةَ)

- ‌(بابُ النَّوْمَ مَعَ الحَائِضِ وهْيَ فِي ثِيَابِهَا)

- ‌(بابُ مَنْ اتخَذَ ثِيَابَ الْحَيْضِ سِوَى ثِيَابِ الطُّهْرِ)

- ‌(بابُ شُهُودِ الحَائِضِ الْعِيدَيْنِ وَدَعْوَةَ المُسْلِمِينَ وَيَعْتَزِلْنَ الْمُصَلَّى)

- ‌(بابٌ إذَا حاضَتْ فِي شَهْرٍ ثَلَاثَ حِيَضٍ وَمَا يُصَدَّقُ النِّساءُ فِي الْحَيْضِ وَالْحَمْلِ فِيما يُمْكِنُ مِنَ الْحَيْضِ لِقَوْلِ الله تَعَالَى وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ الله فِي أرْحَامِهِنَّ)

- ‌(بابُ الصُّفْرَةِ والْكُدْرَةِ فِي غَيْرِ أيَّامِ الْحَيْضِ)

- ‌(بابُ عِرْق الإسْتِحَاضَة)

- ‌(بابُ الْمَرأةِ تَحِيضُ بَعْدَ الإفَاضَة)

- ‌(بابٌ إذَا رَأَتِ الْمُسْتَحَاضَةُ الطُّهْرَ)

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ عَلَى النُّفَسَاءِ وَسُنَّتِهَا)

- ‌(بابٌ)

الفصل: ‌(باب الصلاة على النفساء وسنتها)

أعظم) الظَّاهِر أَن هَذَا بحث من البُخَارِيّ، وَأَرَادَ بِهِ بَيَان الْمُلَازمَة أَي: إِذا جَازَت الصَّلَاة فجواز الْوَطْء أولى. قلت: قَوْله: وَأَرَادَ بِهِ بَيَان الْمُلَازمَة أَخذه من الْكرْمَانِي.

331 -

ح دَّثنا أحْمَدُ بنُ يُونُسَ عَنْ زُهَيْرٍ قالَ حدَّثنا هِشَامٌ عنْ عُرْوةَ عنْ عائِشَةَ قالَتْ قالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم إذَا أقْبَلتِ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ وإذَا أدْبَرَتْ فاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ وصَلِّي.

وَجه مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن معنى قَوْله: بَاب إِذا رَأَتْ الْمُسْتَحَاضَة الطُّهْر، بَاب فِي بَيَان حكم الِاسْتِحَاضَة إِذا رَأَتْ الطُّهْر، كَمَا ذَكرْنَاهُ. والْحَدِيث دلّ على حكمهَا من وجوب الصَّلَاة عَلَيْهَا عِنْد إدبار الْحيض ورؤية الطُّهْر، والْحَدِيث مُخْتَصر من حَدِيث فَاطِمَة بنت أبي حُبَيْش الْمُصَرّح فِيهِ بِأَمْر الْمُسْتَحَاضَة بِالصَّلَاةِ، وَقد تقدم فِي بَاب الْمُسْتَحَاضَة. وَزُهَيْر فِي هَذَا الْإِسْنَاد هُوَ: زُهَيْر بن مُعَاوِيَة. قَوْله: (فدعي) أَي: أتركي.

29 -

(بابُ الصَّلَاةِ عَلَى النُّفَسَاءِ وَسُنَّتِهَا)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان الصَّلَاة على النُّفَسَاء وَبَيَان سنتها. أَي: بَيَان سنة الصَّلَاة عَلَيْهَا. قَالَ ابْن بطال: يحْتَمل أَن يكون البُخَارِيّ قصد بِهَذِهِ التَّرْجَمَة أَن النُّفَسَاء، وَإِن كَانَت لَا تصلي، إِن لَهَا حكم غَيرهَا من النِّسَاء، أَي: فِي طَهَارَة الْعين لصَلَاة النَّبِي صلى الله عليه وسلم عَلَيْهَا، قَالَ: وَفِيه رد على من زعم أَن ابْن آدم ينجس بِالْمَوْتِ، لِأَن النُّفَسَاء جمعت الْمَوْت وَحمل النَّجَاسَة بِالدَّمِ الملازم لَهَا، فَلَمَّا لم يَضرهَا ذَلِك كَانَ الْمَيِّت الَّذِي لَا يسيل مِنْهُ نَجَاسَة أولى. وَقَالَ ابْن الْمُنِير: ظن الشَّارِح أَرَادَ بِهِ ابْن بطال أَن مَقْصُود التَّرْجَمَة التَّنْبِيه على أَن النُّفَسَاء طَاهِرَة الْعين لَا نَجِسَة، لِأَن النَّبِي، صلى الله عليه وسلم، صلى عَلَيْهَا، وَأوجب لَهَا بِصَلَاتِهِ حكم الطَّهَارَة، فيقاس الْمُؤمن الطَّاهِر مُطلقًا عَلَيْهَا فِي أَنه لَا ينجس، وَذَلِكَ كُله أَجْنَبِي عَن مَقْصُوده. وَالله أعلم. وَإِنَّمَا قصد أَنَّهَا، وَإِن ورد أَنَّهَا من الشُّهَدَاء، فَهِيَ مِمَّن يصلى عَلَيْهَا كَغَيْر الشُّهَدَاء، وَقَالَ ابْن رشيد: أَرَادَ البُخَارِيّ أَن يسْتَدلّ بِلَازِم من لَوَازِم الصَّلَاة، لِأَن الصَّلَاة اقْتَضَت أَن الْمُسْتَقْبل فِيهَا يَنْبَغِي أَن يكون مَحْكُومًا بِطَهَارَتِهِ، فَلَمَّا صلى عَلَيْهَا، أَي إِلَيْهَا، لزم من ذَلِك القَوْل بِطَهَارَة عينهَا. قلت: كل هَذَا لَا يجدي، وَالْحق أَحَق أَن يتبع، وَالصَّوَاب من القَوْل فِي هَذَا: أَن هَذَا الْبَاب لَا دخل لَهُ فِي كتاب الْحيض، ومورده فِي كتاب الْجَنَائِز، وَمَعَ هَذَا لَيْسَ لَهُ مُنَاسبَة أصلا بِالْبَابِ الَّذِي قبله، ورعاية الْمُنَاسبَة بَين الْأَبْوَاب مَطْلُوبَة، وَقَول ابْن بطال: إِن حكم النُّفَسَاء مثل حكم غَيرهَا من النِّسَاء فِي طَهَارَة الْعين لصَلَاة النَّبِي صلى الله عليه وسلم عَلَيْهَا مسَلَّم، وَلكنه لَا يلائم حَدِيث الْبَاب، فَإِن حَدِيث الْبَاب فِي أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم صلى على النُّفَسَاء، وَقَامَ فِي وَسطهَا، وَلَيْسَ لهَذَا دخل فِي كتاب الْحيض. وَقَول ابْن الْمُنِير، أبعد من هَذَا، لِأَن مَظَنَّة مَا ذكره فِي بَاب الشَّهِيد، وَلَيْسَ لَهُ دخل فِي كتاب الْحيض. وَقَول ابْن رشيد أبعد من الْكل، لِأَنَّهُ ارْتكب أمورا غير موجهة. الأول: أَنه شَرط أَن يكون الْمُسْتَقْبل فِي الصَّلَاة طَاهِرا، فَهَذَا فرض أَو وَاجِب أَو سنة أَو مُسْتَحبّ؟ . وَالثَّانِي: ارْتكب مجَازًا من غير دَاع إِلَى ذَلِك. وَالثَّالِث: ادّعى الْمُلَازمَة، وَهِي غير صَحِيحَة على مَا لَا يخفى على المتأمل.

36 -

(حَدثنَا أَحْمد بن أبي سُرَيج قَالَ أخبرنَا شَبابَة قَالَ أخبرنَا شُعْبَة عَن حُسَيْن الْمعلم عَن ابْن بُرَيْدَة عَن سَمُرَة بن جُنْدُب أَن امْرَأَة مَاتَت فِي بطن فصلى عَلَيْهَا النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - فَقَامَ وَسطهَا) مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة مَعَ وضع التَّرْجَمَة فِي غير موضعهَا كَمَا ذكرنَا. (ذكر رِجَاله) وهم سِتَّة. الأول أَحْمد ابْن أبي سُرَيج أَبُو جَعْفَر الرَّازِيّ انْفَرد البُخَارِيّ بالرواية عَنهُ وَأَبُو سُرَيج اسْمه الصَّباح وَهُوَ بِضَم السِّين الْمُهْملَة وبالجيم الثَّانِي شَبابَة بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة وَتَخْفِيف الباءين الموحدتين ابْن سوار بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وَتَشْديد الْوَاو بالراء الْفَزارِيّ بِفَتْح الْفَاء وَتَخْفِيف الزَّاي المدايني وَأَصله من خُرَاسَان مَاتَ سنة أَربع وَمِائَتَيْنِ. الثَّالِث شُعْبَة بن الْحجَّاج. الرَّابِع حُسَيْن الْمعلم بِكَسْر اللَّام الْمكتب مر فِي بَاب من الْإِيمَان أَن يحب لِأَخِيهِ. الْخَامِس عبد الله بن بُرَيْدَة بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة

ص: 315

وَفتح الرَّاء وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالدال الْمُهْملَة ابْن الْحصيب بِضَم الْحَاء وَفتح الصَّاد الْمُهْمَلَتَيْنِ وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره بَاء مُوَحدَة الْأَسْلَمِيّ الْمروزِي التَّابِعِيّ الْمَشْهُور وَقَالَ الغساني قد صحف بَعضهم فَقَالَ هُوَ خصيب بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة الْمَفْتُوحَة. السَّادِس سَمُرَة بن جُنْدُب بِضَم الْجِيم وَفتح الدَّال وَضمّهَا ابْن هِلَال الْفَزارِيّ روى لَهُ مائَة حَدِيث وَثَلَاثَة وَعِشْرُونَ حَدِيثا للْبُخَارِيّ مِنْهَا أَرْبَعَة وَكَانَ زِيَاد اسْتَخْلَفَهُ على الْكُوفَة سِتَّة أشهر وعَلى الْبَصْرَة سِتَّة أشهر مَاتَ سنة تسع وَخمسين قَالَ الغساني وَمِنْهُم من يَقُول سَمُرَة بِسُكُون الْمِيم تَخْفِيفًا نَحْو عضد فِي عضد وَهِي لُغَة أهل الْحجاز وَبَنُو تَمِيم يَقُولُونَ بضَمهَا (ذكر لطائف إِسْنَاده) فِيهِ التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع وَاحِد وَفِيه الْأَخْبَار بِصِيغَة الْجمع فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَفِيه العنعنة فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع وَفِيه أَن رُوَاته مَا بَين رازي ومدائني وبصري ومروزي (ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره) أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْجَنَائِز عَن مُسَدّد وَأخرجه مُسلم فِي الْجَنَائِز عَن يحيى بن يحيى وَعَن أبي بكر بن أبي شيبَة وَعَن عَليّ بن حجر وَعَن ابْن الْمثنى وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن مُسَدّد بِهِ وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن عَليّ بن حجر بِهِ وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن عَليّ بن حجر بِهِ وَعَن حميد بن مسْعدَة وَعَن سُوَيْد بن نصر وَأخرجه ابْن مَاجَه فِيهِ عَن عَليّ بن مُحَمَّد عَن أبي أُسَامَة عَن الْحُسَيْن بن ذكْوَان بِهِ (ذكر لغاته وَمَعْنَاهُ) قَوْله " إِن امْرَأَة " هِيَ أم كَعْب سَمَّاهَا مُسلم فِي رِوَايَة من طَرِيق عبد الْوَارِث عَن حُسَيْن الْمعلم وَذكر أَبُو نعيم فِي الصَّحَابَة أَنَّهَا أنصارية قَوْله " مَاتَت فِي بطن " كلمة فِيهَا هُنَا للتَّعْلِيل كَمَا فِي قَوْله صلى الله عليه وسلم َ - " إِن امْرَأَة دخلت النَّار فِي هرة حبستها " وكما فِي قَوْله تَعَالَى {فذلكن الَّذِي لمتنني فِيهِ} وَالْمعْنَى مَاتَت لأجل مرض بطن كالاستسقاء وَنَحْوه وَلَكِن قَالَ ابْن الْأَثِير الْأَظْهر هَهُنَا أَنَّهَا مَاتَت فِي نِفَاس لِأَن البُخَارِيّ ترْجم عَلَيْهِ بقوله بَاب الصَّلَاة على النُّفَسَاء وَقَالَ الْكرْمَانِي قَالَ التَّيْمِيّ قيل وهم البُخَارِيّ فِي هَذِه التَّرْجَمَة حَيْثُ ظن أَن المُرَاد بقوله " مَاتَت فِي بطن " مَاتَت فِي الْولادَة فَوضع الْبَاب على بَاب الصَّلَاة على النُّفَسَاء وَمعنى مَاتَت فِي بطن مَاتَت مبطونة روى ذَلِك مُبينًا من غير هَذَا الْوَجْه ثمَّ قَالَ أَقُول لَيْسَ وهما لِأَنَّهُ قد جَاءَ صَرِيحًا فِي بَاب الصَّلَاة على النُّفَسَاء إِذا مَاتَت فِي نفَاسهَا فِي كتاب الْجَنَائِز وَفِي بَاب أَيْن يقوم الإِمَام من الْمَرْأَة عَن سَمُرَة بن جُنْدُب قَالَ " صليت وَرَاء النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - على امْرَأَة مَاتَت فِي نفَاسهَا فَقَامَ عَلَيْهَا وَسطهَا " فالترجمة صَحِيحَة والموهم واهم انْتهى وَقَالَ بَعضهم قَوْله " مَاتَت فِي بطن " أَي بِسَبَب بطن يَعْنِي الْحمل ثمَّ قَالَ مَا قَالَه التَّيْمِيّ ثمَّ أجَاب عَنهُ بِمَا أجَاب بِهِ الْكرْمَانِي وَنسب الْجَواب إِلَى نَفسه بقوله قلت بل الموهم لَهُ واهم إِلَى آخر مَا قَالَه الْكرْمَانِي قلت لقَائِل أَن يَقُول لم لَا يجوز أَن يكون من سَمُرَة حديثان أَحدهمَا فِي الَّتِي مَاتَت فِي بطن وَالْآخر فِي الَّتِي مَاتَت فِي نفَاسهَا وَيكون الْوَهم فِي اسْتِعْمَال معنى الحَدِيث الثَّانِي الَّذِي فِيهِ التَّصْرِيح بالنفاس فِي معنى الحَدِيث الأول الَّذِي فِيهِ التَّصْرِيح بالبطن قَوْله " فَقَامَ وَسطهَا " يَعْنِي قَامَ محاذيا لوسطها قد ذكرنَا الْفرق بَين الْوسط بِالسُّكُونِ وَبَين الْوسط بِالتَّحْرِيكِ وَجَاء هَهُنَا كِلَاهُمَا وَضَبطه ابْن التِّين بِفَتْح السِّين وَضَبطه غَيره بِالسُّكُونِ وَفِيه رِوَايَة الْكشميهني " فَقَامَ عِنْد وَسطهَا " فَمن اخْتَار الْفَتْح يَقُول أَنه اسْم وَمن اخْتَار السّكُون يَقُول أَنه ظرف وَلَا يُقَال بِالسُّكُونِ إِلَّا فِي متفرق الْأَجْزَاء كالناس وَالدَّوَاب وبالفتح فِيمَا كَانَ مُتَّصِل الْأَجْزَاء كَالدَّارِ (ذكر مَا يستنبط مِنْهُ) وَهُوَ أَن الإِمَام يقوم من الْمَرْأَة بحذاء وَسطهَا قَالَ الْخطابِيّ اخْتلفُوا فِي موقف الإِمَام من الْجِنَازَة فَقَالَ أَحْمد يقوم من الْمَرْأَة بحذاء وَسطهَا وَمن الرجل بحذاء صَدره وَقَالَ أَصْحَاب الرَّأْي يقوم مِنْهُمَا بحذاء الصَّدْر وَفِي الْمُغنِي لَا يخْتَلف الْمَذْهَب فِي أَن السّنة أَن يقوم الإِمَام فِي صَلَاة الْجِنَازَة عِنْد صدر الرجل وَعند مَنْكِبَيْه وحذاء وسط الْمَرْأَة وروى حَرْب عَن ابْن حَنْبَل كَقَوْل أبي حنيفَة فَقَالَ رَأَيْت أَحْمد صلى على جَنَازَة فَقَامَ عِنْد صدر الْمَرْأَة وَفِي الْمَبْسُوط وَأحسن مَوَاقِف الإِمَام من الْمَيِّت بحذاء الصَّدْر قَالَ فِي جَوَامِع الْفِقْه هُوَ الْمُخْتَار وَاخْتَارَهُ الطَّحَاوِيّ وروى الْحسن عَن أبي حنيفَة أَنه يقوم بحذاء وسط الْمَرْأَة وَبِه قَالَ ابْن أبي ليلى وَهُوَ قَول النَّخعِيّ وَفِي الْبَدَائِع وروى الْحسن عَنهُ فِي كتاب الصَّلَاة أَنه يقوم بحذاء وسط الرجل وَعند رَأس الْمَرْأَة قَالَ وَهُوَ قَول ابْن أبي ليلى وَفِي الْمَبْسُوط الصَّدْر هُوَ الْوسط فَإِن فَوْقه يَدَيْهِ وَرَأسه وَتَحْته بَطْنه وَرجلَيْهِ وَفِي التُّحْفَة والمفيد الْمَشْهُور من الرِّوَايَات عَن أَصْحَابنَا فِي الأَصْل وَغَيره أَنه يقوم من الرجل وَالْمَرْأَة

ص: 316