المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب إذا غسل الجنابة أو غيرها فلم يذهب أثره) - عمدة القاري شرح صحيح البخاري - جـ ٣

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌(بابُ الوُضُوءِ مَرَّةً مَرَّةً)

- ‌(بَاب الوُضُوءِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ)

- ‌(بابُ الوُضُوءِ ثَلاثاً ثَلاثاً)

- ‌(بابُ الاسْتِنْثَارِ فِي الوُضُوءِ)

- ‌(بابُ الاسْتجْمَارِ وِتْراً)

- ‌(بابُ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ وَلَا يَمْسَحُ عَلَى القَدَمَيْنِ)

- ‌(بابُ المَضْمَضَةِ فِي الوُضُوءِ)

- ‌(بابُ غَسْلِ الَاعْقَابِ)

- ‌(بابُ غَسْلِ الرِّجْليْنِ فِي النَّعْلَيْنِ ولَا يَمْسَحُ عَلَى النَّعْلَيْنِ)

- ‌(بابُ التَّيَمُّنِ فِي الوُضُوءِ والغُسل)

- ‌(بابُ الْتِمَاسِ الوَضُوءِ إِذا حانَتِ الصَّلاةُ)

- ‌(بابُ المَاءِ الَّذِي يُغْسَلُ بِهِ شَعْرُ الاِنْسانِ)

- ‌(بابُ مَنْ لَمْ يَرَ الوُضُوءَ إلَاّ مِنَ المَخْرجَيْنِ القُبُلِ والدُّبُرِ)

- ‌(بابُ الرَّجُلِ يُوَضِّىءُ صَاحبَهُ)

- ‌(بابُ قِرَاءَةِ القُرْآنِ بَعْدَ الحَدَثِ وَغَيْرِهِ)

- ‌(بابُ مَنْ لَمْ يرَ الوُضُوءَ إِلَّا مِنَ الغَشْيِ المُثْقِلِ)

- ‌(بابُ مَسْحِ الرَّأْسِ كُلِّهِ)

- ‌(بابُ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ إلَى الكعْبَيْنِ)

- ‌(بابُ اسْتِعْمالِ فَضْل وَضُوءِ الناسِ)

- ‌(بابُ مَنْ مَضْمَضَ واسْتَنْشَقَ مِنْ غَرْفَةٍ وَاحِدةٍ)

- ‌(بابُ مَسْحِ الرَّأْسِ مَرَّةً)

- ‌(بابُ وُضُوءِ الرَّجُلِ مَعَ إمْرَأَتِهِ وَفَضْلِ وَضُوءِ المَرْأَةِ)

- ‌(بابُ صَبِّ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وَضوءَهُ علَى المُغْمَى عَلَيهِ)

- ‌(بابُ الْغُسْلِ وَالوُضُوءِ فِي المِخْضَبِ والقَدَحِ والخَشَبِ والحِجَارَةِ)

- ‌(بابُ الوُضُوء مِنَ التَّوْرِ)

- ‌(بابُ الوُضُوءِ بالمُدِّ)

- ‌(بابُ المَسْحِ عَلَى الخُفَّيْن)

- ‌(بابٌ إِذا أدْخَلَ رِجْلَيْهِ وهُمَا طَاهِرَتانِ)

- ‌(بابُ مَنْ لَمْ يَتَوَضَّأْ مِنْ لَحْمِ الشَّاةِ والسَّوِيقِ)

- ‌(بابُ مَنْ مَضْمَضَ مِنَ السَّوِيقِ ولَمْ يَتَوَضَّأْ)

- ‌(بَاب هَل يمضم من اللَّبن)

- ‌(بابُ الوُضُوءِ مِنَ النوْمِ)

- ‌(بابُ الوُضُوءِ مِنْ غَيْرِ حَدَثٍ)

- ‌ بَاب:

- ‌(بابُ مَا جاءَ فِي غَسْلِ البَوْلِ)

- ‌(بَاب)

- ‌(بابُ تَرْكِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وَالناس الَاعْرابيَّ حَتَّى فَرَغَ مِنْ بَوْلِه فِي المَسْجِدِ)

- ‌(بابُ صَبِّ المَاءِ عَلَى البَوْلِ فِي المَسْجِدِ)

- ‌(بابُ بَوْلِ الصِّبْيَانِ)

- ‌(بابُ البَوْلِ قائِماً وقاعِداً)

- ‌(بابُ البَوْلِ عنْدَ صاحبِهِ والتَّسَتُّرِ بالحَائِطِ)

- ‌(بابُ البَوْلِ عِنْدَ سُباطَةِ قوْمٍ)

- ‌(بابُ غَسْلِ الدَّمِ)

- ‌(بابُ غسْلِ المَنِيِّ وفَرْكِهِ وغَسْل مَا يُصِيبُ مِنَ المَرْأَةِ)

- ‌(بابُ إِذا غَسَلَ الجَنَابَةَ أَوْ غَيْرَها فَلمْ يَذْهَبْ أَثَرُهُ)

- ‌(بابُ أَبْوَالِ الابِلِ والدَّوابِّ والغَنَمِ ومَرَابِضهَا)

- ‌(بابُ مَا يَقَعُ مِنَ النَّجَاسات فِي السِّمْنِ والمَاءِ)

- ‌(بَاب البَولِ فِي الماءِ الدَّائِمِ)

- ‌(بابٌ إذَا أُلْقِيَ عَلى ظهْرِ المصَلِّى قَذَرٌ أَوْ جِيفَةٌ لَمْ تَفْسُدْ عَلَيْهِ صَلاتُهُ)

- ‌(بابٌ لَا يَجُوزُ الوُضُوءُ بالنَّبِيذِ ولاٍ بالمُسْكِرِ)

- ‌(بابُ غَسْلِ المَرّأةِ أَبَاهَا الدَّمَ عنْ وَجْهِهِ)

- ‌(بابُ السِّواكِ)

- ‌(بابُ دَفْعُ السَّوَاكِ إِلَى الأكْبَرَ)

- ‌(بابِ فَضْلِ مَنْ بَاتَ علَى الوُضوُءِ)

- ‌(كتاب الغسْلِ)

- ‌(بابُ الوُضوءِ قَبْلَ الغُسْلِ)

- ‌(بابُ غُسْلِ الرَّجُلِ مَعَ امْرأَتِهِ)

- ‌(بابُ الغُسْلِ بِالصَّاعِ وَنَحْوِهِ)

- ‌(بابُ مَنْ أَفَاضَ عَلَى رَأْسِهِ ثَلاثاً)

- ‌(بابُ الغُسْل مَرَّةً وَاحِدَةً)

- ‌(بابُ مَنْ بَدَأَ بالحِلابِ أَوْ الطِيّبِ عِنْدَ الغُسْلِ)

- ‌(بابُ المَضْمَضَةِ والإِسْتِنْشَاقِ فِي الجَنَابَةِ)

- ‌(بابُ مَسْحِ اليَدِ بالتُّرَابِ لِيَكُونَ أَنْقَى)

- ‌(بابُ هَلْ يُدْهِلُ الجُنُبُ يَدَهُ فِي الإنَاءِ قَبْلَ أنْ يَغْسِلَهَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى يَدِهِ قَذَرُ غَيْرُ الجَنَابَةِ)

- ‌(بابُ تَفْرِيقِ الغُسْلِ والوُضُوءِ)

- ‌(بابُ مَنْ أَفْرَغَ بِيَمِنِهِ عَلَى شِمَالِهِ فِي الغُسْلِ)

- ‌(بابٌ إذَا جامَعَ ثُمَّ عادَ وَمَنْ دَارَ علَى نِسَائِهِ فِي غُسْلٍ وَاحِدٍ)

- ‌(بابُ غَسْلِ المَذْىٍ وَالوُضُوءِ مِنْهُ)

- ‌(بابُ مَنْ تَطَيَّبَ ثُمَّ اغْتَسَلَ وَبَقِيَ أثرُ الطيِّبِ)

- ‌(بابُ تَخْلِيلِ الشِّعَرِ حَتَّى إذَا أنَّهُ قَدْ أرْوَى بَشَرَتَهُ أفَاضَ عَلَيْهِ

- ‌(بابُ مَنْ تَوَضَّلَ فِي الجَنَابَةِ ثُمَّ غَسَلَ جَسَدِهِ وَلَمْ يُعِدْ غَسْلَ مَوَاضِعِ الوُضُوءِ مَرَّةً أُخْرَى

- ‌(بابُ إذَا ذَكَرَ فِي المَسْجِدِ أنَّهُ جُنُبٌ يَخْرُجُ كَمَا هُوَ وَلَا يَتَيَمَّمُ)

- ‌(بابُ نَفْضِ اليدَيْنِ مِنْ الغُسْلِ عَنُ الجَنَابَةِ)

- ‌(بابُ مَنْ بَدَأَ رَأْسِهِ الأيْمَنِ فِي الغُسْلِ)

- ‌(بابُ مَنِ اغْتَسَل عُرْيَاناً وَحْدَهُ فِي الخَلْوَةِ وَمَنْ تَسَتَّرَ فالتَّسَتُّرُ أَفْضَلُ)

- ‌(بابُ التَسَتَّرِ فِي الغُسْلِ عِنْدَ النَّاس)

- ‌(بابٌ إذَا احتَلَمَتِ المَرْأَةُ)

- ‌(بابُ عَرَق الجَنُبٍ وَإنَّ المُسْلِمَ لَا يَنْجُسُ)

- ‌(بابُ الجُنُبُ يَخْرُجُ وَيَمْشِي فِي السُّوقِ وَغَيْرِهِ)

- ‌(بابُ كَيْنُونَةِ الجُنُبِ فِي الَبْيتِ إذَا تَوَضَّأَ قَبْلَ أَنْ يَغْتَسِلَ

- ‌(بابُ نَوْم الجُنُبُ)

- ‌(بابُ الجنُبِ يَتَوَضَأُ ثُمَّ يَنَامُ)

- ‌(بابٌ إذَا التَقَى الخِتَانانِ)

- ‌(بابُ غَسْلِ مَا يُصيبُ منْ رُطُوبَةِ فَرْجِ المَرْأَةِ)

- ‌(كتاب الحيضِ)

- ‌(بابُ كَيْفَ كانَ بَدْءَ الحَيْضِ)

- ‌(بابُ غَسْلِ الحَائِضِ رَأْسَ زَوْجِها وَتَرْجِيلِهِ)

- ‌(بابُ قِرَاءَةِ الرَّجُلِ فِي حِجْرِ امْرَأَتِهِ وَهِيَ حائِضٌ)

- ‌(بابُ مَنْ سَمَّى النِّفَاسَ حَيْضاً)

- ‌(بابُ مُبَاشَرَةِ الحَائِضِ)

- ‌(بابُ تَرْكِ الحَائِضِ الصَّوْمَ)

- ‌(بابُ تَقْضِي الحَائِضُ المَنَاسِكَ كُلَّها إلَاّ الطَّوافَ بالبَيْتِ)

- ‌(بابُ الاسْتِحَاضَةِ)

- ‌(بابُ غَسْلِ دَمِ المَحِيضِ)

- ‌(بابُ الاعْتِكَافِ لِلْمُسْتَحاضَةِ)

- ‌(بابٌ هَلْ تُصَلِّى المَرْأَةُ فِي ثَوْبٍ حاضَتْ فِيهِ

- ‌(بابُ الَطِّيبِ لِلْمَرْأَةِ عِنْدَ غَسْلِهَا مِنَ الحَيْضِ)

- ‌(بابُ دَلْكِ المَرْأَةِ نَفْسَها أذَا تَطَهَّرَتْ مِنَ المَحِيضِ وَكَيْفَ تَغْتَسِلُ وَتَأْخُذُ فِرْصَةً مُمَسَّكَةً فَتَتَّبِعُ بِهَا أَثَرَ الدَّمِ)

- ‌(بابُ غُسْلِ المَحِيضِ)

- ‌(بابُ امْتِشاطِ المَرْأَةِ عِنْدَ غُسْلِها مِنَ المَحِيضِ)

- ‌(بابُ نَقْضِ المَرْأَةِ شَعْرَهَا عِنْدَ غُسَلِ المَحِيضِ)

- ‌(بابٌ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرَ مُخَلَّقَةٍ}

- ‌(بابُ كَيفَ تُهِلُّ الحائِضُ بالحَجِّ والعُمْرَةِ)

- ‌(بابُ إقْبالِ المَحِيضِ وإدْبارِهِ)

- ‌(بابٌ لَا تَقْضِي الحائِضُ الصَّلاةَ)

- ‌(بابُ النَّوْمَ مَعَ الحَائِضِ وهْيَ فِي ثِيَابِهَا)

- ‌(بابُ مَنْ اتخَذَ ثِيَابَ الْحَيْضِ سِوَى ثِيَابِ الطُّهْرِ)

- ‌(بابُ شُهُودِ الحَائِضِ الْعِيدَيْنِ وَدَعْوَةَ المُسْلِمِينَ وَيَعْتَزِلْنَ الْمُصَلَّى)

- ‌(بابٌ إذَا حاضَتْ فِي شَهْرٍ ثَلَاثَ حِيَضٍ وَمَا يُصَدَّقُ النِّساءُ فِي الْحَيْضِ وَالْحَمْلِ فِيما يُمْكِنُ مِنَ الْحَيْضِ لِقَوْلِ الله تَعَالَى وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ الله فِي أرْحَامِهِنَّ)

- ‌(بابُ الصُّفْرَةِ والْكُدْرَةِ فِي غَيْرِ أيَّامِ الْحَيْضِ)

- ‌(بابُ عِرْق الإسْتِحَاضَة)

- ‌(بابُ الْمَرأةِ تَحِيضُ بَعْدَ الإفَاضَة)

- ‌(بابٌ إذَا رَأَتِ الْمُسْتَحَاضَةُ الطُّهْرَ)

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ عَلَى النُّفَسَاءِ وَسُنَّتِهَا)

- ‌(بابٌ)

الفصل: ‌(باب إذا غسل الجنابة أو غيرها فلم يذهب أثره)

وَغَيره من حَدِيث يزِيد بن هَارُون بِلَفْظ مُخَالف للسياق الَّذِي أوردهُ البُخَارِيّ، وَهَذَا من مرجحات كَونه ابْن زُرَيْع. قلت: هَذَا الَّذِي قَالَه حجَّة عَلَيْهِ ورد لكَلَامه، لِأَن مُخَالفَة لفظ من روى هَذَا الحَدِيث لسياق البُخَارِيّ لَيست مرجحة لكَون يزِيد هَذَا هُوَ ابْن زُرَيْع مَعَ، صَرَاحَة ذكر ابْن هَارُون فِي الرِّوَايَات الْمَذْكُورَة. وَالثَّانِي: قَالَ: وقتيبة مَعْرُوف بالرواية عَن يزِيد بن زُرَيْع دون ابْن هَارُون. قلت: هَذَا أَيْضا حجَّة عَلَيْهِ ومردود عَلَيْهِ، لِأَن كَون قُتَيْبَة مَعْرُوفا بالرواية عَن يزِيد بن زُرَيْع لَا يُنَافِي رِوَايَته عَن يزِيد بن هَارُون، بعد أَن ثَبت أَن قُتَيْبَة روى عَنْهُمَا جَمِيعًا. وَلَقَد غره فِي هَذَا مَا قَالَه الْمزي: الصَّحِيح أَنه يزِيد بن زُرَيْع، فَإِن قُتَيْبَة مَشْهُور بالرواية عَن ابْن زُرَيْع دون ابْن هَارُون. انْتهى. قَالُوا: فِيهِ نظر، وَوَجهه مَا ذكرنَا، وَكَانَ قصد هَذَا الْقَائِل توهية كَلَام الشَّيْخ قطب الدّين، وَالدَّلِيل عَلَيْهِ ذكره إِيَّاه بِمَا ذكره، وَلَا يخفى ذَلِك على من لَهُ فطانة. قَوْله:(حَدثنَا عَمْرو عَن سُلَيْمَان)، كَذَا وَقع: عَمْرو، غير مَنْسُوب عِنْد الْأَكْثَرين، وَوَقع عِنْد ابي ذَر يَعْنِي: ابْن مَيْمُون، وَهُوَ: عَمْرو بن مَيْمُون بن مهْرَان، وَقد تقدم. قَوْله:(حَدثنَا عبد الْوَاحِد)، هُوَ: عبد الْوَاحِد بن زِيَاد الْبَصْرِيّ، وَفِي طبقته عبد الْوَاحِد بن زيد الْبَصْرِيّ، وَلم يخرج لَهُ البُخَارِيّ شَيْئا.

بَيَان لطائف اسناده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي سِتَّة مَوَاضِع، وَفِيه: العنعنة فِي موضِعين. وَفِيه: فِي الْإِسْنَاد الأول: سَمِعت، وَفِي الثَّانِي: سَأَلت، إِشَارَة إِلَى الرَّد على من زعم أَن سُلَيْمَان بن يسَار لم يسمع عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، مِنْهُم: أَحْمد بن حَنْبَل وَالْبَزَّار، وَقد صرح البُخَارِيّ بِسَمَاعِهِ مِنْهَا، وَكَذَا هُوَ فِي (صيحح مُسلم) قلت: فِي سَمِعت وَسَأَلت، لَطِيفَة أُخْرَى لم تأت صوبها الشُّرَّاح، وَهِي: أَن كل وَاحِدَة من هَاتين اللفظتين لَا تَسْتَلْزِم الاخرى لَان السماع لَا يسْتَلْزم السُّؤَال وَلَا السُّؤَال يسْتَلْزم السماع فَلذَلِك ذكرهمَا فِي الْإِسْنَاد ليدل على صِحَة السُّؤَال وَصِحَّة السماع فَافْهَم. وَفِيه: أَن رُوَاته مَا بَين بَصرِي وواسطي ومدني. وَفِيه: وَقعت صُورَة (ح) إِشَارَة إِلَى التَّحْوِيل من إِسْنَاد قبل ذكر متن الحَدِيث إِلَى اسناد آخر لَهُ، وَفِيه: فِي الْإِسْنَاد الثَّانِي وَقع: قَالَ: حَدثنَا عَمْرو، يعْنى ابْن مَيْمُون، وَأَشَارَ بِهِ إِلَى أَن شَيْخه لم ينْسبهُ، وَهَذَا تَفْسِير لَهُ من تِلْقَاء نَفسه. فان قلت: الِاخْتِلَاف الْمَذْكُور فِي: يزِيد، هَل هُوَ: يزِيد ابْن زُرَيْع، أَو: يزِيد ابْن هَارُون التباس، وَهُوَ يقْدَح فِي الحَدِيث. قلت: لَا، لِأَن أياً كَانَ فَهُوَ عدل ضَابِط بِشَرْط البُخَارِيّ، وَإِنَّمَا كَانَ يقْدَح لَو كَانَ أَحدهمَا على غير شَرطه.

بَيَان إعرابه وَمَعْنَاهُ قَوْله: (عَن الْمَنِيّ) أَي: عَن حكم الْمَنِيّ، هَل يشرع غسله أم لَا؟ قَالَ بَعضهم: فَحصل الْجَواب بِأَنَّهَا كَانَت تغسله وَلَيْسَ فِي ذَلِك مَا يَقْتَضِي إِيجَابه. قلت: قد ذكرت فِيمَا مضى أَن قَوْله: كنت، يدل على تكْرَار الْغسْل مِنْهَا، وَهُوَ عَلامَة الْوُجُوب مَعَ وُرُود الامر فِيهِ بِالْغسْلِ، وَالْأَمر الْمُجَرّد عَن الْقَرَائِن يدل على الْوُجُوب، وَهَذَا الْقَائِل يُرِيد تمشية مذْهبه من غير دَلِيل نقلي وَلَا عَقْلِي. قَوْله:(فَيخرج إِلَى الصَّلَاة) أَي: يخرج من الْحُجْرَة إِلَى الْمَسْجِد للصَّلَاة. قَوْله: (بقع المَاء) ، قد مر تَفْسِير البقع، وَهُوَ مَرْفُوع على جَوَاب سُؤال مُقَدّر، تَقْدِيره، أَن يُقَال: مَا ذَلِك الْأَثر؟ فَأجَاب: بقع المَاء. اي: هُوَ بقع المَاء، وَفِي الْحَقِيقَة يكون خَبرا لمبتدأ مَحْذُوف؛ وَقَالَ بَعضهم: هُوَ بدل وَلَيْسَ بِشَيْء، وَيجوز النصب فِيهِ على الِاخْتِصَاص أَي: أَعنِي بقع المَاء.

65 -

(بابُ إِذا غَسَلَ الجَنَابَةَ أَوْ غَيْرَها فَلمْ يَذْهَبْ أَثَرُهُ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم غسل الْمَنِيّ أَو غَيره، وَلم يذهب أَثَره، وَمرَاده أَن الْأَثر إِذا كَانَ بَاقِيا لَا يضرّهُ، وَقَالَ بَعضهم: الْأَثر أثر الشَّيْء المغسول، وَفِيه نظر، لِأَن على قَوْله يكون الْبَاقِي أثر الْمَنِيّ وَنَحْوه، وَهَذَا يضرّهُ، بل المُرَاد الْأَثر المرئي للْمَاء لَا للمني، وَلَفظ حَدِيث الْبَاب يدل على هَذَا، وَهُوَ قَوْله: واثر الْغسْل فِي ثَوْبه بقع المَاء. قَوْله: (اَوْ غَيرهَا) أَي غير الْجَنَابَة، نَحْو: دم الْحيض، وَلم يذكر فِي الْبَاب حَدِيثا يدل على هَذِه التَّرْجَمَة. وَقَالَ بَعضهم: وَذكر فِي الْبَاب حَدِيث الْجَنَابَة وَألْحق غَيرهَا قِيَاسا، وَأَشَارَ بذلك إِلَى مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيره من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ:(أَن خَوْلَة بنت يسَار قَالَت: يَا رَسُول الله! لَيْسَ لي إلَاّ ثوب وَاحِد وَأَنا أحيض، فَكيف أصنع؟ قَالَ: إِذا طهرت فاغسليه. قَالَت: فان لم يخرج الدَّم؟ قَالَ: يَكْفِيك المَاء وَلَا يَضرك أَثَره) انْتهى. قلت: البُخَارِيّ يذكر مَسْأَلَة ثمَّ يقيس عَلَيْهَا غَيرهَا، أَو يسْرد حَدِيثا فِي بَاب مترجم دَالا على التَّرْجَمَة، وَلَا فَائِدَة فِي ذكر تَرْجَمَة بِدُونِ ذكر حَدِيث مُوَافق لَهَا مُشْتَمل عَلَيْهَا، وَلم نَعْرِف مَا مُرَاده من هَذَا الْقيَاس، هَل هُوَ لغَوِيّ أَو اصطلاحي شَرْعِي أَو منطقي؟ وَمَا هَذَا إلَاّ قِيَاس

ص: 148

فَاسد. وَأَيْضًا من أَيْن عرفنَا أَنه أَشَارَ بِهَذَا إِلَى مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد؟ وَمن أَيْن عرفنَا أَنه وقف على هَذَا أَو لم يقف؟ وَلَكِن كل ذَلِك تخمين بتخبيط. قَوْله: (فَلم يذهب اثره) : الْفَاء، فِيهِ للْعَطْف لَا للجزاء. لقَوْله:(إِذا غسل)، لِأَن جزاءه مَحْذُوف تَقْدِيره: صَحَّ صلَاته، أَو نَحْو ذَلِك، وَالضَّمِير فِي: أَثَره، يرجع إِلَى كل وَاحِد من غسل الْجَنَابَة وَغَيرهَا. وَقَالَ الْكرْمَانِي: فَلم يذهب أَثَره: أَي أثر الْغسْل. وَقَالَ بَعضهم، وَأعَاد الضَّمِير مذكراً على المعني أَي: فَلم يذهب أثر الشَّيْء المغسول. قلت: كَلَام الْكرْمَانِي أوجه، لِأَن الْمَعْنى على أَن بَقَاء أثر الْغسْل لَا يضر لإبقاء المغسول، اللَّهُمَّ إلَاّ إِذا عسر إِزَالَة أثر المغسول، فَلَا يضر حِينَئِذٍ للْحَرج، وَهُوَ مَدْفُوع شرعا. وَقَالَ الْكرْمَانِي؛ فِي بعض النّسخ: أَثَرهَا، اي: أثر الْجَنَابَة. قلت: إِن صحت هَذِه النُّسْخَة فَلَا حَاجَة إِلَى التَّأْوِيل الْمَذْكُور، وَلَكِن تَفْسِيره بقوله: أَي، أثر الْجَنَابَة يرجع إِلَى تَفْسِير الْقَائِل الْمَذْكُور، وفساده ظَاهر.

231 -

حدّثنا مُوسَى بِنْ إسْماعِيلَ الْمِنْقَرِيُّ قَالَ حَدثنَا عَبْدُ الوَاحِدِ قَالَ حَدثنَا عَمْرُو بنُ مَيْمُونٍ قَالَ سَأَلْتُ سُلَيْمانَ بن يَسارٍ فِي الثَّوْبِ تُصِيبُهُ الجَنَابَةُ قَالَ قالَتْ عائِشَةُ كُنْتُ أَغْسِلُهُ مِنْ ثَوْبِ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ يَخْرُجُ إِلَيّ الصَّلاةِ وأَثَرُ الغَسْلِ فِيهِ بُقَعُ المَاءِ.

مُطَابقَة الحَدِيث لإحدى الترجمتين، وَهِي أولاهما ظَاهِرَة، والمنقري بِكَسْر الْمِيم وَسُكُون النُّون وَفتح الْقَاف: نِسْبَة إِلَى بني منقر، بطن من تَمِيم، وَهُوَ أَبُو سَلمَة التَّبُوذَكِي. عبد الْوَاحِد هُوَ: ابْن زِيَاد الْمَذْكُور عَن قريب. قَوْله: (سَمِعت سُلَيْمَان بن يسَار) ، هَكَذَا هُوَ عِنْد الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني:(سَأَلت سُلَيْمَان بن يسَار) . قَوْله: (فِي الثَّوْب) مَعْنَاهُ على رِوَايَة: سَمِعت، أَي: سَمِعت سُلَيْمَان يَقُول فِي حكم الثَّوْب الَّذِي تصيبة الْجَنَابَة، وعَلى رِوَايَة: سَأَلت، الْمَعْنى: قلت لِسُلَيْمَان: مَا تَقول فِي الثَّوْب الَّذِي تصيبة الْجَنَابَة؟ وعَلى هَذِه الرِّوَايَة يجوز أَن تكون كلمة: فِي بِمَعْنى: من، كَمَا فِي قَوْله.

(وَهل يعمن من كَانَ فِي الْعَصْر الْخَالِي)

قَوْله: (كنت أغسله)، أَي: كنت أغسل أثر الْجَنَابَة، قَالَه الْكرْمَانِي. قلت: لَيْسَ مَعْنَاهُ كَذَا، لِأَن مَعْنَاهُ: كنت أغسل الْمَنِيّ من ثوب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، وَلَيْسَ الْمَعْنى: أغسل أثر الْمَنِيّ، فعلى هَذَا تذكير الضَّمِير يكون بِاعْتِبَار معنى الْجَنَابَة، لِأَن مَعْنَاهَا: الْمَنِيّ هَهُنَا، وَبَاقِي الْكَلَام فِيهِ قد مر فِيمَا قبله.

232 -

حدّثنا عَمْرُو بنُ خالِدٍ قَالَ حَدثنَا زُهَيْرٌ قَالَ حَدثنَا عمْرُو بنُ مَيْمُونِ بنِ مِهْرانَ عنْ سُلَيْمانَ بنِ يسارٍ عنْ عائشَةَ أنَّهَا كانَتْ تَغْسِلُ الَمنِيَّ مِنْ ثَوْبِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ أَرَاهُ فِيهِ بُقْعةً اوْ بُقَعاً.

عَمْرو بن خَالِد، بِفَتْح الْعين، وَلَيْسَ فِي شُيُوخ البُخَارِيّ عمر بن خَالِد بِضَم الْعين. قَوْله:(زُهَيْر) هُوَ ابْن مُعَاوِيَة. قَوْله: (عَمْرو بن مَيْمُون بن مهْرَان) ، بِكَسْر الْمِيم غير منصرف، وَلم يذكر جد عَمْرو فِي هَذَا الحَدِيث الَّذِي رَوَاهُ عَن عَائِشَة من خَمْسَة أوجه إلَاّ فِي هَذَا الْوَجْه، وَفِي هَذَا الْوَجْه نُكْتَة أُخْرَى وَهِي أَن فِيهِ الْإِخْبَار عَن سُلَيْمَان عَن عَائِشَة، رضي الله عنها، أَنَّهَا كَانَت تغسل على سَبِيل الْغَيْبَة، وَفِي الْأَوْجه الْأَرْبَعَة الْمُتَقَدّمَة الْإِخْبَار عَنْهَا على سَبِيل التَّكَلُّم عَنْهَا. قَوْله:(من ثوب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ، وَفِي بعض النّسخ: (من ثوب النَّبِي صلى الله عليه وسلم . قَوْله: (ثمَّ أرَاهُ) من رُؤْيَة الْعين أَي: أبصره، وَالضَّمِير الْمَنْصُوب فِيهِ يرجع إِلَى الثَّوْب، وَفِي بعض النّسخ:(ثمَّ أرى) ، بِدُونِ الضَّمِير، فعلى هَذَا مفعول: أرى، مَحْذُوف على مَا يَجِيء الْآن. فان قلت: كَيفَ التئام هَذَا بِمَا قبله، لِأَن مَا قبله إِخْبَار عَن سُلَيْمَان وَقَوله: ثمَّ أرَاهُ، نقل عَن عَائِشَة، رضي الله عنها قلت فِيهِ مَحْذُوف تَقْدِيره قَالَت ثمَّ أرَاهُ وَهَذَا الْوَجْه من كَلَام الْكرْمَانِي أَن أول الْكَلَام نقل بِالْمَعْنَى عَن لفظ عَائِشَة وَآخره نقل للفظها بِعَيْنِه. قَوْله:(فِيهِ) أَي: فِي الثَّوْب، هَذَا على تَقْدِير أَن يكون: أرى، بِدُونِ الضَّمِير الْمَنْصُوب، وَالتَّقْدِير: ثمَّ أرى فِي الثَّوْب بقْعَة، فَيكون انتصاب بقْعَة على المفعولية. وَأما على تَقْدِير: أرَاهُ، بالضمير الْمَنْصُوب، فمرجعه يكون الْأَثر الَّذِي يدل عَلَيْهِ وَقَوله:(تغسل الْمَنِيّ من ثوب النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَي: أرى أثر الْغسْل فِي الثَّوْب بقْعَة. قَوْله: (أَو بقعاً) ، الظَّاهِر أَنه من كَلَام عَائِشَة، وَيحْتَمل أَن يكون شكا من سُلَيْمَان أَو من أحد الروَاة. وَالله تَعَالَى أعلم.

ص: 149