الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مُوسَى: وَلم يسْلك فيهمَا طَرِيقا وَاحِدًا قلت: الْمُتَابَعَة أقوى لِأَن القَوْل أَعم من الذّكر على سَبِيل النَّقْل والتحمل، أَو من الذّكر على سَبِيل المحاورة والمذاكرة، فَأَرَادَ الْإِشْعَار بذلك، ثمَّ قَالَ: وَاعْلَم بِأَنَّهُ يحْتَمل سَماع البُخَارِيّ من عَمْرو ومُوسَى فَلَا يجوم بِأَنَّهُ ذكرهمَا على سَبِيل التَّعْلِيق قلت: كِلَاهُمَا تَعْلِيق صُورَة، وَلَكِن الِاحْتِمَال الْمَذْكُور مَوْجُود لِأَن كليهمَا من مَشَايِخ البُخَارِيّ.
29 -
(بابُ غَسْلِ مَا يُصيبُ منْ رُطُوبَةِ فَرْجِ المَرْأَةِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم غسل مَا يُصِيب الرجل من فرج الْمَرْأَة من رُطُوبَة.
والمناسبة بَين الْبَابَيْنِ من حَيْثُ إِن الْإِصَابَة الْمَذْكُورَة تكون عِنْد التقاء الختانين.
292 -
حدّثنا أبُو مَعْمَرٍ حدّثنا عَبْدُ الوَارِثِ عَنِ الحُسَيْنِ قَالَ يَحْيَى اوَأَخْبَرَنِي أبُو سَلَمَة أنَّ عطَاءَ بنَ يَسَارِ أخْبَرَهُ أنَّ زَيْدَ بْنِ خالِدٍ الجُهْنِي أخْبَرَهُ أنَّهُ سَأَلَ عُثْمانَ بنَ عَفَّانَ قالَ أَرَأَيْتَ إِذا جامَعَ الرَّجلُ امْرَأَتَهُ فَلَمْ يُمِنْ قَالَ عُثْمَانُ يَتَوضَأُ كَمَا يَتَوَضَأُ لِلصَّلاةِ وَيَغْسِلُ ذَكَرَهُ قَالَ عُثْمانُ سَمِعْتُهُ مِنْ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ علِيَّ بْنَ أبي طالِبٍ والزُّبَيُرَ بْنَ العَوَّامِ وطلْحَةَ بْنَ عبيد الله وَأبي بن كَعْب رضي الله عنهم فأمروه بذلك قَالَ يحي وَأَخْبرنِي أَبُو سَلمَة أَن عُرْوَةَ بنَ الزُّبَيْرِ أَخْبَرَهُ أنَّ أَبَا أيُّوب أخْبَرَهُ أنَّهُ سَمِعَ ذَلِكَ مِنْ رَسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
(انْظُر الحَدِيث 179)[/ ح] .
مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (وَيغسل ذكره) يَعْنِي: إِذا جَامع امْرَأَته فَلم ينزل يغسل ذكره، لِأَنَّهُ لَا شكّ أَصَابَهُ من رُطُوبَة فرج الْمَرْأَة.
ذكر رِجَاله والمذكورون فِيهِ أَرْبَعَة عشر نفسا، مِنْهُم سَبْعَة من الصَّحَابَة الأجلاء وهم: عُثْمَان بن عَفَّان، وَزيد بن خَالِد، وَعلي بن أبي طَالب، وَالزُّبَيْر بن الْعَوام، وَطَلْحَة بن عبيد الله، وَأبي بن كَعْب، وَأَبُو أَيُّوب الْأنْصَارِيّ واسْمه خَالِد بن زيد، والسبعة الْبَاقِيَة: أَبُو معمر، بِفَتْح الْمِيم عبد الله بن عَمْرو، وَعبد الْوَارِث بن سعيد، وَالْحُسَيْن بن ذكْوَان الْمعلم، وَرِوَايَة الْأَكْثَرين عَن الْحُسَيْن فَقَط وَفِي رِوَايَة أبي ذَر عَن الْحُسَيْن الْمعلم، وَيحيى بن أبي كثير وَأبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف، وَعَطَاء بن يسَار ضد الْيَمين، وَعُرْوَة بن الزبير بن الْعَوام.
ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين: وَفِيه: العنعنة فِي مَوضِع وَاحِد وَفِيه: لفظ الْإِخْبَار فِي خَمْسَة مَوَاضِع: مِنْهَا بِلَفْظ أَخْبرنِي، فِي موضِعين، وبلفظ أخبرهُ فِي أَرْبَعَة مَوَاضِع. وَفِيه: لفظ القَوْل فِي موضِعين: أَحدهمَا: هُوَ قَوْله: قَالَ يحيى، أَي: قَالَ الْحُسَيْن. قَالَ يحيى وَلَفظ. قَالَ الأولى بِحَذْف فِي الْخط فِي اصطلاحهم، وَقَالَ الآخر قَوْله، وَقَالَ عُثْمَان. وَفِيه: السُّؤَال فِي موضِعين. وَفِيه: السماع فِي موضِعين. وَفِيه: قَالَ يحيى وَأَخْبرنِي هَذَا عطف على مُقَدّر تَقْدِيره، قَالَ يحيى أَخْبرنِي بكذاوكذا وَأَخْبرنِي بِهَذَا وَإِنَّمَا احتجنا إِلَى التَّقْدِير لِأَن أَخْبرنِي، مقول، قَالَ: وَهُوَ مفعول حَقِيقَة، فَلَا يجوز دُخُول الْوَاو بَينهمَا، وَوَقع فِي رِوَايَة مُسلم بِحَذْف الْوَاو، على الأَصْل، وَفِي رِوَايَة البُخَارِيّ دقة وهوالإشعار بِأَن هَذَا من جملَة مَا سمع يحيى من أبي سَلمَة فَإِن قلت: قَول الْحُسَيْن، قَالَ يحيى، يُوهم أَنه لم يسمع من يحيى، وَلذَا قَالَ ابْن الْعَرَبِيّ: أَنه لم يسمع من يحيى، فَلذَلِك قَالَ: قَالَ يحيى قلت: وَقع فِي رِوَايَة مُسلم فِي هَذَا الْموضع عَن الْحُسَيْن عَن يحيى، فَإِن قلت: العنعنة لَا تدل صَرِيحًا على التحديث قلت: الْحُسَيْن لَيْسَ بمدلس، وعنعنة غير المدلس مَحْمُولَة على السماع، على أَنه قد وَقع التَّصْرِيح فِي رِوَايَة ابْن خُزَيْمَة، وَفِي رِوَايَة الْحُسَيْن عَن يحيى بِالتَّحْدِيثِ، وَلَفظه حَدثنِي يحيى بن أبي كثير، وَأَيْضًا لم ينْفَرد بِهِ الْحُسَيْن، فقد رَوَاهُ عَن يحيى أَيْضا مُعَاوِيَة بن سَلام، أخرجه ابْن شاهين، وشيبان بن عبد الرَّحْمَن أخرجه البُخَارِيّ فِي بَاب الْوضُوء من المخرجين: حَدثنَا سعد بن حَفْص، قَالَ: حَدثنَا شَيبَان عَن يحيى عَن أبي سَلمَة أَن عَطاء بن يسَار أخبرهُ أَن زيد أَنه سَأَلَ عُثْمَان بن عَفَّان الحَدِيث، وَقد تقدم الْكَلَام فِيهِ.
ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره أخرجه البُخَارِيّ هَاهُنَا عَن أبي معمر، وَفِي بَاب الْوضُوء من المخرجين عَن سعد بن حَفْص كَمَا ذَكرْنَاهُ الْآن وَأخرجه مُسلم عَن زُهَيْر بن حَرْب، وَعبد بن حميد، وَعبد الْوَارِث بن عبد الصَّمد بن عبد الْوَارِث ثَلَاثَتهمْ عَن عبد الصَّمد بن عبد الْوَارِث عَن أَبِيه عَن حُسَيْن الْمعلم بِهِ.
ذكر مَعْنَاهُ الْجُهَنِيّ بِضَم الْجِيم وَفتح الْهَاء وبالنون نِسْبَة إِلَى جُهَيْنَة بن زيد. قَوْله: (فَقَالَ: أَرَأَيْت) أَي: فَقَالَ زيد لعُثْمَان أَرَأَيْت، وَفِي بعض النّسخ: قَالَ لَهُ: أَرَأَيْت؟ أَي: قَالَ زيد لعُثْمَان. قَوْله: (أَرَأَيْت) أَي: أَخْبرنِي. قَوْله: (فَلم يمن) بِضَم الْيَاء آخر الْحُرُوف، من الإمناء إراداته أَنه لم ينزل الْمَنِيّ، وَهَذَا أفْصح اللُّغَات. وَالثَّانِي: مِنْهَا فتح الْيَاء. وَالثَّالِث: بِضَم الْيَاء مَعَ فتح الْمِيم وَتَشْديد النُّون. قَوْله: (فَقَالَ عُثْمَان: سمعته من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الضَّمِير الْمَنْصُوب فِيهِ يرجع إِلَى مَا ذكره من قَوْله: (يتَوَضَّأ للصَّلَاة وَيغسل ذكره) وَذَلِكَ بِاعْتِبَار الْمَذْكُور، وَهَذَا سَماع وَرِوَايَة وَقَوله: أَولا فَتْوَى مِنْهُ. قَوْله: (فَسَأَلت عَن ذَلِك) أَي: عَمَّن يُجَامع امْرَأَته فَلم يمن، وَالظَّاهِر أَن سُؤَاله عَن عَليّ وَالزُّبَيْر وَطَلْحَة وَأبي، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، استفتاء من عُثْمَان، وفتوى مِنْهُم لَا رِوَايَة لَكِن رَوَاهُ الْإِسْمَاعِيلِيّ مرّة بِإِظْهَار أَنه رِوَايَة، وَصرح بِهِ أُخْرَى وَلم يذكر عليا، ثمَّ ذكر بعد ذَلِك، رِوَايَات وَقَالَ: لم يقل أحد مِنْهُم عَن النَّبِي، عليه الصلاة والسلام، غير الْحمانِي، وَلَيْسَ هُوَ من شَرط هَذَا الْكتاب قَوْله:(فأمروه) الضَّمِير الْمَرْفُوع فِيهِ يرجع إِلَى الصَّحَابَة الْأَرْبَعَة: وهم: عَليّ وَالزُّبَيْر وَطَلْحَة وَأبي بن كَعْب، وَالضَّمِير الْمَنْصُوب فِيهِ يرجع إِلَى المجامع الَّذِي يدل عَلَيْهِ قَوْله:(إِذا جَامع الرجل امْرَأَته) وَهَذَا من قبيل قَوْله تَعَالَى: {أعدلوا هُوَ أقرب للتقوى} (سُورَة الْمَائِدَة: 8) أَي: الْعدْل أقرب للتقوى، وَقَالَ بَعضهم: فِيهِ الْتِفَات لِأَن الأَصْل فِيهِ أَن يَقُول: فأمروني قلت، لَيْسَ فِيهِ الْتِفَات أصلا لِأَن عُثْمَان سَأَلَ هَؤُلَاءِ عَن المجامع الَّذِي لم يمن فَأَجَابُوا لَهُ بِمَا أجابوا، وَالْكَلَام على أَصله، لِأَن قَوْله: فأمروه عطف على. قَوْله: (فَسَأَلت) أَي: فَأمروا المجامع الَّذِي لم يمن بذلك أَي: بِغسْل الذّكر وَالْوُضُوء، وَالْإِشَارَة ترجع إِلَى الْجُمْلَة بِاعْتِبَار الْمَذْكُور. قَوْله:(وَأَخْبرنِي أَبُو سَلمَة) كَذَا وَقع فِي رِوَايَة أبي ذَر، وَوَقع فِي رِوَايَة البَاقِينَ قَالَ يحيى: وَأَخْبرنِي أَبُو سَلمَة، وَهَذَا هُوَ المُرَاد لِأَنَّهُ مَعْطُوف على قَوْله: قَالَ يحيى: وَأَخْبرنِي أَبُو سَلمَة أَن عَطاء بن يسَار، فَيكون دَاخِلا فِي الْإِسْنَاد فيندفع بِهَذَا قَول من يَقُول: إِن ظَاهره مُعَلّق، وَالدَّلِيل عَلَيْهِ أَيْضا مَا رَوَاهُ مُسلم من طَرِيق عبد الصَّمد بن عبد الْوَارِث عَن أَبِيه بالإسنادين جَمِيعًا. قَوْله:(أَنه سمع ذَلِك) أَي: أخبر أَبُو أَيُّوب الْأنْصَارِيّ عُرْوَة بن الزبير أَنه سمع ذَلِك. أَي: غسل الذّكر وَالْوُضُوء كوضوء الصَّلَاة، وتذكير الْإِشَارَة بِاعْتِبَار الْمَذْكُور كَمَا قُلْنَا آنِفا مثله، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: فِيهِ وهم، لِأَن أَبَا أَيُّوب لم يسمعهُ من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، وَإِنَّمَا سَمعه من أبي بن كَعْب عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ ذَلِك هِشَام عَن أَبِيه عَن أبي أَيُّوب عَن أبي بن كَعْب. قلت: قَوْله: لم يسمعهُ من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم. نفي، وَقد جَاءَ هَذَا الحَدِيث من وَجه آخر عَن أبي أَيُّوب عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ إِثْبَات، وَالْإِثْبَات مقدم على النَّفْي، على أَن أَبَا سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف أكبر قدرا وسناً وعلماً من هِشَام بن عُرْوَة، وَحَدِيث الْإِثْبَات رَوَاهُ الدَّارمِيّ وَابْن مَاجَه. فَإِن قلت: حكى الْأَثْرَم عَن أَحْمد أَن حَدِيث زيد بن خَالِد الْمَذْكُور فِي هَذَا الْبَاب مَعْلُول لِأَنَّهُ ثَبت عَن هَؤُلَاءِ الْخَمْسَة الْفَتْوَى بِخِلَاف مَا فِي خذا الحَدِيث. قلت: كَونهم أفتوا بِخِلَافِهِ لَا يقْدَح فِي صِحَة الحَدِيث، لِأَنَّهُ حكم من حَدِيث مَنْسُوخ وَهُوَ صَحِيح، فَلَا مُنَافَاة بَينهمَا، أَلا ترى أَن أَبَيَا، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، كَانَ يرى المَاء من المَاء لظَاهِر الحَدِيث، ثمَّ أخبر عَنهُ سهل بن سعد أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم جعل المَاء من المَاء رخصَة فِي أول الْإِسْلَام، ثمَّ نهى عَن ذَلِك وَأمره بِالْغسْلِ.
وَأما الَّذِي يستنبط من حَدِيث الْبَاب إِن الَّذِي يُجَامع امْرَأَته وَلم ينزل منيه لَا يجب عَلَيْهِ الْغسْل، وَإِنَّمَا عَلَيْهِ أَن يغسل ذكره وَيتَوَضَّأ وضوءه للصَّلَاة وَهَذَا مَنْسُوخ لما بَيناهُ وَمذهب الْجُمْهُور هُوَ أَن إِيجَاب الْغسْل لَا يتَوَقَّف على إِنْزَال الْمَنِيّ، بل مَتى غَابَتْ الْحَشَفَة فِي الْفرج وَجب الْغسْل على الرجل وَالْمَرْأَة، وَلِهَذَا جَاءَ فِي رِوَايَة أُخْرَى فِي (الصَّحِيح) وَإِن لم ينزل وَفِي (الْمُغنِي) لِابْنِ قدامَة تغييب الْحَشَفَة فِي الْفرج هُوَ الْمُوجب للْغسْل سَوَاء كَانَ الْفرج قبلا أَو دبراً من كل حَيَوَان آدَمِيّ أَو بهيم حَيا أَو مَيتا طَائِعا أَو مكْرها، نَائِما أَو مستيقظاً انْتهى. وَقَالَ أَصْحَابنَا والتقاء الختانين يُوجب الْغسْل أَي: مَعَ توازي الْحَشَفَة فَإِن نفس ملاقاة الْفرج بالفرج من غير التواري لَا يُوجب الْغسْل، وَلَكِن يُوجب الْوضُوء عِنْدهمَا، خلافًا لمُحَمد. وَفِي (الْمُحِيط) لَو أَتَى امْرَأَته وَهِي بكر فَلَا غسل مَا لم ينزل، لِأَن بِبَقَاء الْبكارَة يعلم أَنه لم يُوجد الْإِيلَاج، وَلَكِن إِذا جومعت الْبكر فِيمَا دون الْفرج فحبلت فعلَيْهِمَا الْغسْل لوُجُود الْإِنْزَال لِأَنَّهُ لَا حَبل بِدُونِ، وَقَالَ [قعأبو حنيفَة [/ قع:
لَا يجب الْغسْل بِوَطْء الْبَهِيمَة أَو الْميتَة إلَاّ بإنزال.
293 -
حدّثنا مُسَدَّدُ قالَ حدّثنا يَحْيَى عَنْ هِشَامِ بَنْ عُرْوة قالَ أخْبَرَنِي أبي قالَ أخْبَرَنِي أبُو أيُّوبَ قَالَ أخْبَرَني أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ قالَ يَا رَسُول الله إذَا جَامَعَ الرَّجْلُ المَرْأَةَ فَلَمْ يُنْزِلْ قالَ يَغْسِلُ مَا مَسّ المَرْأَةَ مِنْهُ ثُمَّ يَتَوَضَأُ ويُصَلِي.
مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
ذكر رِجَاله وهم سِتَّة: الأول: مُسَدّد بن مسرهد. وَالثَّانِي: يحيى الْقطَّان. وَالثَّالِث: هِشَام بن عُرْوَة. وَالرَّابِع: أَبوهُ عُرْوَة بن الزبير أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله: أَخْبرنِي أبي، وَرُبمَا يظنّ ظان أَنه أبي، بِضَم الْهمزَة، وَهُوَ أبي ابْن كَعْب لكَونه ذكر فِي الْإِسْنَاد. وَالْخَامِس: أَبُو أَيُّوب الْأنْصَارِيّ، واسْمه خَالِد بن زيد. وَالسَّادِس: أبي بن كَعْب.
ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين. وَفِيه: الْإِخْبَار بِصِيغَة الإفرد فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: العنعنة فِي مَوضِع وَاحِد. وَفِيه: رِوَايَة الصَّحَابِيّ عَن الصَّحَابِيّ، وَأَبُو أَيُّوب يروي عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي تِلْكَ الطَّرِيق بِلَا وَاسِطَة وَفِي هَذِه الطَّرِيق بِوَاسِطَة لِأَن الطريقان مُخْتَلِفَانِ فِي اللَّفْظ وَالْمعْنَى وَإِن توافقا فِي بعض الْأَحْكَام مَعَ جَوَاز سَمَاعه من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، وَمن أبي بن كَعْب وَذكر الْوَاسِطَة تكون للتقوية أَو لغَرَض آخر.
ذكر مَعْنَاهُ قَوْله: (إِذا جَامع الرجل الْمَرْأَة) ويروى: (امْرَأَته) قَوْله: (مَا مس الْمَرْأَة مِنْهُ) وَفِي: مس، ضمير وَهُوَ فَاعله يرجع إِلَى كلمة مَا، ومحلها النصب على أَنَّهَا مفعول لقَوْله:(يغسل) أَي: يغسل الرجل الْمَذْكُور الْعُضْو الَّذِي مس فرج المآأة من أَعْضَائِهِ قَالَ الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: الْمَقْصُود مِنْهُ بَيَان مَا أَصَابَهُ من رُطُوبَة فرج الْمَرْأَة، فَكيف يدل عَلَيْهِ وَظَاهر، أَن مَا مس الْمَرْأَة مُطلقًا من يدٍ وَرجل وَنَحْوه لَا يجب غسله؟ قلت: فِيهِ إِمَّا إِضْمَار أَو كِنَايَة، لِأَن تَقْدِيره يغسل عضوا مس فرج الْمَرْأَة، وَهُوَ إِطْلَاق اسْم الْمَلْزُوم، وَهُوَ: مس الْمَرْأَة، وَإِرَادَة اللُّزُوم، وَهُوَ إِصَابَة رُطُوبَة فرجهَا. قَوْله:(ثمَّ يتَوَضَّأ صَرِيح بِتَأْخِير الْوضُوء عَن غسل مَا يُصِيبهُ مِنْهَا، وَزَاد عبد الرَّزَّاق عَن الثَّوْريّ عَن هِشَام فِيهِ، وضوءه للصَّلَاة. قَوْله: (وَيُصلي) هُوَ صَرِيح فِي الدّلَالَة على ترك الْغسْل من الحَدِيث الَّذِي قبله.
قالَ أبُو عبْدِ الْغَسْلُ أحُوَطُ وذَاكَ الآخِرُ وإنَّما بَيَّنَّا لاِخْتِلَافِهِمْ
فَاعل: قَالَ، مَحْذُوف هُوَ الرَّاوِي عَن البُخَارِيّ. وَأَبُو عبد الله، هُوَ كنية البُخَارِيّ. قَوْله:(الْغسْل أحوط) مقول القَوْل، أَي: الِاغْتِسَال من الْجِمَاع بِغَيْر إِنْزَال أحوط أَي: أَكثر احْتِيَاطًا فِي أَمر الدّين، وَأَشَارَ بقوله: وَذَلِكَ الْأَخير، إِلَى أَن هَذَا الحَدِيث الَّذِي فِي الْبَاب غير مَنْسُوخ أَي: آخر الْأَمريْنِ من الشَّارِع. قَوْله: (الْأَخير) على وزن فعيل، وَهُوَ رِوَايَة أبي ذَر، وَفِي رِوَايَة غَيره، وَذَلِكَ الآخر، بِالْمدِّ بِغَيْر يَاء، وَقَالَ ابْن الَّتِي: ضبطناه بِفَتْح الْهَاء. قَوْله: (إِنَّمَا بَينا لاختلافهم) وَفِي رِوَايَة كَرِيمَة: (إِنَّمَا بَينا اخْتلَافهمْ) وَفِي رِوَايَة الْأصيلِيّ: (إِنَّمَا بَيناهُ لاختلافهم) أَي: لأجل اخْتِلَاف الصَّحَابَة فِي الْوُجُوب وَعَدَمه، أَو لاخْتِلَاف الْمُحدثين فِي صِحَّته وَعدمهَا، وَقد خبط ابْن الْعَرَبِيّ على البُخَارِيّ لمُخَالفَته فِي هَذَا الْجُمْهُور، فَإِن إِيجَاب الْغسْل أطبق عَلَيْهِ الصَّحَابَة. وَمن بعدهمْ، وَمَا خَالف إلَاّ دَاوُد، وَلَا عِبْرَة بِخِلَافِهِ، وَكَيف يحكم بأستحباب الْغسْل وَهُوَ أحد أَئِمَّة الدّين، وَمن أَجله عُلَمَاء الْمُسلمين، ثمَّ قَالَ: وَيحْتَمل أَن يكون مُرَاده بقوله: الْغسْل أحوط، أَي: فِي الدّين؟ وَهُوَ بَاب مَشْهُور فِي أصُول الدّين، ثمَّ قَالَ: وَهُوَ الْأَشْبَه بإمامته وَعلمه؟ قَالَ بَعضهم: قلت: وَهَذَا هُوَ الظَّاهِر من تصرفه، فَإِنَّهُ لم يترجم بِجَوَاز ترك الْغسْل، وَإِنَّمَا ترْجم بِبَعْض مَا يُسْتَفَاد من الحَدِيث بِغَيْر هَذِه الْمَسْأَلَة قلت: من تَرْجَمته يفهم جَوَاز ترك الْغسْل لِأَنَّهُ اقْتصر على غسل مَا يُصِيب الرجل من الْمَرْأَة وَأَنه هُوَ الْوَاجِب، وَالْغسْل غير وَاجِب، وَلكنه مُسْتَحبّ للِاحْتِيَاط وَأما قَول ابْن الْعَرَبِيّ: أطبق عَلَيْهِ الصَّحَابَة، فَفِيهِ نظر، فَإِن الْخلاف مَشْهُور فِي الصَّحَابَة ثَبت عَن جمَاعَة مِنْهُم، كَذَا قَالَ بَعضهم: قلت لقَائِل أَن يَقُول انْعَقَد الْإِجْمَاع عَلَيْهِ فارتفع الْخلاف، بَيَانه مَا رَوَاهُ الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا روح بن الْفرج، قَالَ: حَدثنِي يحيى بن عبد الله بن بكير، قَالَ: حَدثنِي اللَّيْث، قَالَ: حَدثنِي معمر بن أبي حَبِيبَة، بِضَم الْحَاء الْمُهْملَة وَفتح الْيَاء آخر الْحُرُوف المكررة، فَهِيَ حَبِيبَة بنت مرّة بن عَمْرو بن عبد الله بن عَمْرو بن شُعَيْب، قَالَه الزبير، وَقَالَ ابْن مَاكُولَا وَمن قَالَ فِيهِ ابْن أبي حَبِيبَة، فقد غلط وَمعمر هَذَا يروي عَن عبيد الله بن عدي بن الْخِيَار، قَالَ تَذَاكر أَصْحَاب