المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[ترجمة الإمام تقي الدين السبكي] - فتاوى السبكي - جـ ١

[تقي الدين السبكي]

فهرس الكتاب

- ‌[تَرْجَمَة الْإِمَام تَقِيِّ الدِّينِ السُّبْكِيّ]

- ‌[مُقَدِّمَة الْكتاب]

- ‌[سُورَةُ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ]

- ‌[قَوْله تَعَالَى يَا أَيُّهَا النَّاسُ اُعْبُدُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَاَلَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ]

- ‌[قَوْله تَعَالَى وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ]

- ‌[قَوْله تَعَالَى وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ]

- ‌[قَوْله تَعَالَى أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ]

- ‌[قَوْلُهُ تَعَالَى وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ]

- ‌[قَوْله تَعَالَى وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنْ الْقَتْلِ]

- ‌[قَوْله تَعَالَى فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ]

- ‌[قَوْله تَعَالَى يَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ]

- ‌[قَوْله تَعَالَى فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ]

- ‌[قَوْله تَعَالَى لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إنْ طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ]

- ‌[قَوْله تَعَالَى وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ]

- ‌[قَوْله تَعَالَى تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ]

- ‌[قَوْله تَعَالَى فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمْ الْكُفْرَ]

- ‌[التَّعْظِيمُ وَالْمِنَّةُ فِي قَوْله تَعَالَى لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ]

- ‌[قَوْله تَعَالَى فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ]

- ‌[قَوْله تَعَالَى إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إلَى أَهْلِهَا]

- ‌[قَوْله تَعَالَى يَسْأَلُك النَّاسُ عَنْ السَّاعَةِ قُلْ إنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ]

- ‌[قَوْله تَعَالَى أُولَئِكَ هُمْ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا]

- ‌[قَوْله تَعَالَى وَقَالَتْ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ]

- ‌[قَوْله تَعَالَى حَتَّى إذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْت]

- ‌[قَوْله تَعَالَى إنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ]

- ‌[قَوْله تَعَالَى سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا]

- ‌[قَوْله تَعَالَى وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إسْمَاعِيلَ إنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ]

- ‌[قَوْله تَعَالَى كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا إنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيرًا]

- ‌[قَوْله تَعَالَى وَالسَّلَامُ عَلَى مَنْ اتَّبَعَ الْهُدَى]

- ‌[قَوْله تَعَالَى وَاَلَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا]

- ‌[قَوْله تَعَالَى وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ]

- ‌[قَوْله تَعَالَى أَرَأَيْت مَنْ اتَّخَذَ إلَهَهُ هَوَاهُ]

- ‌[قَوْله تَعَالَى أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا]

- ‌[قَوْله تَعَالَى أَوْ نِسَائِهِنَّ]

- ‌[قَوْله تَعَالَى وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُد وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا]

- ‌[قَوْله تَعَالَى أَلَمْ أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا]

- ‌[قَوْله تَعَالَى وَاَلَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ]

- ‌[قَوْله تَعَالَى إنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ]

- ‌[بَذْلُ الْهِمَّةِ فِي إفْرَادِ الْعَمِّ وَجَمْعِ الْعَمَّةِ]

- ‌[قَوْله تَعَالَى إنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ]

- ‌[قَوْله تَعَالَى وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ]

- ‌[قَوْله تَعَالَى الْحِلْمُ وَالْأَنَاةُ فِي إعْرَابِ غَيْرَ نَاظِرِينَ إنَاهُ]

- ‌[قَوْله تَعَالَى وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ]

- ‌[قَوْله تَعَالَى فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ]

- ‌[قَوْله تَعَالَى فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ]

- ‌[قَوْله تَعَالَى قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي]

- ‌[قَوْله تَعَالَى قُلْ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي]

- ‌[قَوْله تَعَالَى يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ]

- ‌[قَوْله تَعَالَى وَاَللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ]

- ‌[قَوْله تَعَالَى مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ]

- ‌[قَوْله تَعَالَى إنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ]

- ‌[قَوْله تَعَالَى سَيَهْدِينِ]

- ‌[قَوْله تَعَالَى إنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَك إنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ]

- ‌[قَوْله تَعَالَى وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا]

- ‌[الْفَهْمُ السَّدِيدُ مِنْ إنْزَالِ الْحَدِيدِ]

- ‌[قَوْله تَعَالَى وَجَاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ]

- ‌[قَوْله تَعَالَى لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ]

- ‌[قَوْله تَعَالَى مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ]

- ‌[قَوْله تَعَالَى رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ]

- ‌[كِتَابُ الطَّهَارَةِ]

- ‌[محدث غمس يَده فِي مَاء كَثِير غمسة وَاحِدَة هَلْ يَحْصُلُ لَهُ التَّثْلِيث]

- ‌[مسح الصِّمَاخَيْنِ بِمَاء جَدِيد]

- ‌[الهرة إذَا أَكَلت فارا وولغت فِي مَاء قليل]

- ‌[الشعر الَّذِي عَلَى الْفَرْو الْمَدْبُوغ]

- ‌[الْأَغْسَالُ الْمَسْنُونَةُ هَلْ تُقْضَى]

- ‌[اشتبه مَاء طَاهِر بِمَاء نجس]

- ‌[الفرق بَيْن مطلق الْمَاء وَالْمَاء المطلق]

- ‌[كِتَابُ الصَّلَاةِ]

- ‌[قِرَاءَة الْقُرْآن فِي الرُّكُوع والسجود]

- ‌[الْكَافِر إِن جن قَبْل الْبُلُوغ]

- ‌[بَابُ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ فِي التَّيَامُنِ وَالتَّيَاسُرِ فِي الْقِبْلَةِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ]

- ‌[إشْرَاقُ الْمَصَابِيحِ فِي صَلَاةِ التَّرَاوِيحِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ]

- ‌[الِاعْتِصَامُ بِالْوَاحِدِ الْأَحَدِ مِنْ إقَامَةِ جُمُعَتَيْنِ فِي بَلَدٍ]

- ‌[فَصْلٌ اشْتِرَاطِ السُّلْطَانِ فِي الْجُمُعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ صَلَاة الْجُمُعَةَ فِي مِصْرٌ أَوْ قَرْيَةٌ فِيهَا جَامِعٌ يَكْفِي أَهْلَهَا وَفِيهَا مَسَاجِدُ أُخْرَى]

- ‌[كِتَابُ الزَّكَاةِ]

- ‌[مُخْتَصَرُ فَصْلِ الْمَقَالِ فِي هَدَايَا الْعُمَّالِ]

- ‌[كِتَابُ الصِّيَامِ]

- ‌[فَصْلٌ الْهِلَالَ إذَا غَابَ بَعْدَ الْعِشَاءِ]

- ‌[حِفْظُ الصِّيَامِ مِنْ فَوْتِ التَّمَامِ]

- ‌[بَابُ الِاعْتِكَافِ]

- ‌[كِتَابُ الْحَجِّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ خُنْثَى مُشْكِلٌ أَحْرَمَ وَسَتَرَ رَأْسَهُ ثُمَّ أَحْرَمَ إحْرَامًا آخَرَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الدُّعَاءُ فِي الطَّوَافِ]

- ‌[تَنَزُّلُ السَّكِينَةِ عَلَى قَنَادِيلِ الْمَدِينَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ فِي تَأْخِيرِ الرَّمْيِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ فِي الْمَنَاسِكِ]

- ‌[كِتَابُ الضَّحَايَا]

- ‌[بَابُ الْأَطْعِمَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْبَيْعِ]

- ‌[كِتَابُ الرَّهْنِ]

- ‌[بَيْع الْمَرْهُون فِي غيبَة الْمَدْيُون]

- ‌[بَيْع الرَّهْن وتلف الثَّمَن]

- ‌[فَصْلٌ مُنَبِّهُ الْبَاحِثِ فِي دَيْنِ الْوَارِثِ]

- ‌[بَيْع التَّرِكَة قَبْل وفاء الدِّين]

- ‌[بَابُ الْحَجْرِ]

- ‌[التِّجَارَة بِمَالِ الْيَتِيم]

- ‌[بَابُ التَّفْلِيسِ]

- ‌[بَابُ الْحَوَالَةِ]

- ‌[بَابُ الصُّلْحِ]

- ‌[بَابُ الضَّمَانِ]

- ‌[بَابُ الشَّرِكَةِ]

- ‌[بَابُ الْوَكَالَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْإِقْرَارِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ فِيمَنْ أَقَرَّ بِوَلَاءٍ ثُمَّ ظَهَرَ مَكْتُوبٌ بِإِقْرَارِهِ قَبْلَ ذَلِكَ بِأَخٍ]

- ‌[كِتَابُ الْغَصْبِ]

- ‌[رَجُلٌ هَدَمَ جِدَارَ مَسْجِدٍ غَيْرِ مُسْتَحِقِّ الْهَدْمِ]

- ‌[كِتَابُ الْقِرَاضِ]

- ‌[كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ]

- ‌[بَابُ إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ السِّنِينَ فِي الْمُزَارَعَةِ]

- ‌[بَابُ الْمُزَارَعَةِ مَعَ الْيَهُودِ]

- ‌[بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنْ الشَّرَائِطِ فِي الْمُزَارَعَةِ]

- ‌[بَابُ إذَا زَرَعَ بِمَالِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إذْنِهِمْ]

- ‌[بَابُ إذَا قَالَ رَبُّ الْأَرْضِ أُقِرُّك مَا أَقَرَّك اللَّهُ وَلَمْ يَذْكُرْ أَجَلًا مَعْلُومًا]

- ‌[بَابُ كِرَاءِ الْأَرْضِ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ]

- ‌[بَابُ إذَا قَالَ اكْفِنِي مَئُونَةَ النَّخْلِ وَتُشْرِكُنِي فِي الثَّمَرِ]

- ‌[كِتَابُ الْإِجَارَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ هَلْ تُثْبِتُ الْإِجَارَةُ خِيَارَ الْمَجْلِسِ]

- ‌[كِتَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ وَتَمَلُّكِ الْمُبَاحَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ مُصَنَّفَاتٌ فِي مِيَاهِ دِمَشْقَ وَإِجْرَائِهَا وَحُكْمِ أَنْهَارِهَا]

- ‌[كِتَابُ الْوَقْفِ]

الفصل: ‌[ترجمة الإمام تقي الدين السبكي]

[تَرْجَمَة الْإِمَام تَقِيِّ الدِّينِ السُّبْكِيّ]

(تَرْجَمَةُ الْإِمَامِ تَقِيِّ الدِّينِ السُّبْكِيّ) هُوَ الْإِمَامُ الْعَلَّامَةُ الْحَافِظُ الْفَقِيهُ الْمُجْتَهِدُ النَّظَّارُ الْوَرِعُ الزَّاهِدُ قَاضِي الْقُضَاةِ تَقِيُّ الدِّينِ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْكَافِي السُّبْكِيُّ الْكَبِيرُ رحمه الله.

وُلِدَ بِسُبْكٍ - بِضَمٍّ فَسُكُونٍ - مِنْ قُرَى الْمَنُوفِيَّةِ بِمِصْرَ سَنَةَ 683 هـ. تَفَقَّهَ عَلَى ابْنِ الرِّفْعَةِ، وَأَخَذَ التَّفْسِيرَ عَنْ الْعَلَمِ الْعِرَاقِيِّ، وَالْحَدِيثَ عَنْ الشَّرَفِ الدِّمْيَاطِيِّ، وَالْقِرَاءَاتِ عَنْ التَّقِيِّ الصَّائِغِ، وَالْأَصْلَيْنِ وَالْمَعْقُولَ عَنْ الْعَلَاءِ الْبَاجِيِّ، وَالْخِلَافَ وَالْمَنْطِقَ عَنْ السَّيْفِ الْبَغْدَادِيِّ، وَالنَّحْوَ عَنْ أَبِي حَيَّانَ. وَرَحَلَ فِي طَلَبِ الْحَدِيثِ إلَى الشَّامِ وَالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ وَالْحِجَاز وَسَمِعَ مِنْ شُيُوخهَا كَابْنِ الْمَوَازِينِيِّ وَابْنِ مُشَرَّفٍ وَابْنِ الصَّوَّافِ وَالرَّضِيِّ الطَّبَرِيِّ وَآخَرِينَ يَجْمَعُهُمْ مُعْجَمُهُ الَّذِي خَرَّجَهُ لَهُ الْحَافِظُ أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ أَيْبَكَ فِي عِشْرِينَ جُزْءًا. قَالَ الْحَافِظُ أَبُو الْمَحَاسِنِ الْحُسَيْنِيُّ فِي ذَيْلِ تَذْكِرَةِ الْحُفَّاظِ: عُنِيَ بِالْحَدِيثِ أَتَمَّ عِنَايَةٍ وَكَتَبَ بِخَطِّهِ الْمَلِيحِ الصَّحِيحِ الْمُتْقَنِ شَيْئًا كَثِيرًا مِنْ سَائِرِ عُلُومِ الْإِسْلَامِ، وَهُوَ مِمَّنْ طَبَّقَ الْمَمَالِكَ ذِكْرُهُ وَلَمْ يَخْفَ عَلَى أَحَدٍ عَرَفَ أَخْبَارَ النَّاسِ أَمْرُهُ، وَسَارَتْ بِتَصَانِيفِهِ وَفَتَاوِيهِ الرُّكْبَانُ فِي أَقْطَارِ الْبُلْدَانِ، وَكَانَ مِمَّنْ جَمَعَ فُنُونَ الْعِلْمِ مَعَ الزُّهْدِ وَالْوَرَعِ وَالْعِبَادَةِ الْكَثِيرَةِ وَالتِّلَاوَةِ وَالشَّجَاعَةِ وَالشِّدَّةِ فِي دِينِهِ. اهـ.

وَقَالَ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ فِي ذَيْلِ تَذْكِرَةِ الْحُفَّاظِ وَغَيْرِهِ: أَقْبَلَ عَلَى التَّصْنِيفِ وَالْفُتْيَا وَصَنَّفَ أَكْثَرَ مِنْ مِائَةٍ وَخَمْسِينَ مُصَنَّفًا، وَتَصَانِيفُهُ تَدُلُّ عَلَى تَبَحُّرِهِ فِي الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ وَسَعَةِ بَاعِهِ فِي الْعُلُومِ، وَتَخَرَّجَ بِهِ فُضَلَاءُ الْعَصْرِ، وَكَانَ مُحَقِّقًا مُدَقِّقًا نَظَّارًا جَدَلِيًّا بَارِعًا فِي الْعُلُومِ، لَهُ فِي الْفِقْهِ وَغَيْرِهِ الِاسْتِنْبَاطَاتُ الْجَلِيلَةُ وَالدَّقَائِقُ اللَّطِيفَةُ وَالْقَوَاعِدُ الْمُحَرَّرَةُ الَّتِي لَمْ يُسْبَقْ إلَيْهَا، وَكَانَ مُنْصِفًا فِي الْبَحْثِ عَلَى قَدَمٍ مِنْ الصَّلَاحِ وَالْعَفَافِ، وَمُصَنَّفَاتُهُ مَا بَيْنَ مُطَوَّلٍ وَمُخْتَصَرٍ، وَالْمُخْتَصَرُ مِنْهَا لَا بُدَّ وَأَنْ يَشْتَمِلَ عَلَى مَا لَا يُوجَدُ فِي غَيْرِهِ مِنْ تَحْقِيقٍ وَتَحْرِيرٍ لِقَاعِدَةٍ وَاسْتِنْبَاطٍ وَتَدْقِيقٍ اهـ.

ص: 3

وَقَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ: وَلِيَ قَضَاءَ دِمَشْقَ سَنَةَ 739 بَعْدَ وَفَاةِ الْجَلَالِ الْقَزْوِينِيِّ فَبَاشَرَ الْقَضَاءَ بِهِمَّةٍ وَصَرَامَةٍ وَعِفَّةٍ وَدِيَانَةٍ، وَأُضِيفَتْ إلَيْهِ الْخَطَابَةُ بِالْجَامِعِ الْأُمَوِيِّ فَبَاشَرَهَا مُدَّةً وَوَلِيَ التَّدْرِيسَ بِدَارِ الْحَدِيثِ الْأَشْرَفِيَّةِ بَعْدَ وَفَاةِ الْمَزِيِّ، وَمَا حُفِظَ عَنْهُ فِي التَّرِكَاتِ وَلَا فِي الْوَظَائِفِ مَا يُعَابُ عَلَيْهِ، وَكَانَ مُتَقَشِّفًا فِي أُمُورِهِ مُتَقَلِّلًا مِنْ الْمَلَابِسِ حَتَّى كَانَتْ ثِيَابُهُ فِي غَيْرِ الْمَوْكِبِ تُقَوَّمُ بِدُونِ ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا، وَكَانَ لَا يَسْتَكْثِرُ عَلَى أَحَدٍ شَيْئًا حَتَّى أَنَّهُ لَمَّا مَاتَ وَجَدُوا عَلَيْهِ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ دَيْنًا فَالْتَزَمَ وَلَدَاهُ التَّاجُ وَالْبَهَاءُ بِوَفَائِهَا، وَكَانَ لَا تَقَعُ لَهُ مَسْأَلَةٌ مُسْتَغْرَبَةٌ أَوْ مُشْكِلَةٌ إلَّا وَيَعْمَلُ فِيهَا تَصْنِيفًا يَجْمَعُ فِيهِ شَتَاتَهَا طَالَ أَوْ قَصُرَ اهـ.

وَقَالَ الزَّيْنُ الْعِرَاقِيُّ: تَفَقَّهَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ وَانْتَشَرَ صِيتُهُ وَتَوَالِيفُهُ، وَلَمْ يَخْلُفْ بَعْدَهُ مِثْلُهُ اهـ.

وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ: كَانَ أَنْظَرَ مَنْ رَأَيْنَاهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَمِنْ أَجْمَعِهِمْ لِلْعُلُومِ وَأَحْسَنِهِمْ كَلَامًا فِي الْأَشْيَاءِ الدَّقِيقَةِ وَأَجْلَدِهِمْ عَلَى ذَلِكَ، وَكَانَ فِي غَايَةِ الْإِنْصَافِ وَالرُّجُوعِ إلَى الْحَقِّ فِي الْمَبَاحِثِ وَلَوْ عَلَى لِسَانِ آحَادِ الطَّلَبَةِ اهـ.

وَقَالَ الصَّلَاحُ الصَّفَدِيُّ: النَّاسُ يَقُولُونَ مَا جَاءَ بَعْدَ الْغَزَالِيِّ مِثْلُهُ، وَعِنْدِي أَنَّهُمْ يَظْلِمُونَهُ بِهَذَا وَمَا هُوَ عِنْدِي إلَّا مِثْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ اهـ.

وَقَالَ الْحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِيهِ:

لِيَهْنَ الْجَامِعُ الْأُمَوِيُّ لَمَّا

عَلَاهُ الْحَاكِمُ الْبَحْرُ التَّقِيُّ

شُيُوخُ الْعَصْرِ أَحْفَظُهُمْ جَمِيعًا

وَأَخْطَبُهُمْ وَأَقْضَاهُمْ عَلِيُّ

وَفِي (شَذَرَاتِ الذَّهَبِ فِي أَخْبَارِ مَنْ ذَهَبَ لِابْنِ الْعِمَادِ) : الْإِمَامُ تَقِيُّ الدِّينِ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْكَافِي بْنِ عَلِيِّ بْنِ تَمَّامِ بْنِ يُوسُفَ بْنِ مُوسَى بْنِ تَمَّامِ بْنِ حَامِدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ عُمَرَ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مِسْوَرِ بْنِ سَوَّارِ بْنِ سُلَيْمٍ السُّبْكِيُّ الشَّافِعِيُّ الْمُفَسِّرُ الْحَافِظُ الْأُصُولِيُّ اللُّغَوِيُّ النَّحْوِيُّ الْمُقْرِئُ الْبَيَانِيُّ الْجَدَلِيُّ الْخِلَافِيُّ النَّظَّارُ الْبَارِعُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَوْحَدُ الْمُجْتَهِدِينَ.

قَالَ السُّيُوطِيّ: وُلِدَ مُسْتَهَلَّ صَفَرٍ سَنَةَ ثَلَاثٍ

ص: 4

وَثَمَانِينَ وَسِتِّمِائَةٍ وَقَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى التَّقِيِّ بْنِ الصَّائِغِ وَالتَّفْسِيرَ عَلَى الْعَلَمِ الْعِرَاقِيِّ وَالْفِقْهَ عَلَى ابْنِ الرِّفْعَةِ وَالْأُصُولَ عَلَى الْعَلَاءِ الْبَاجِيِّ وَالنَّحْوَ عَلَى أَبِي حَيَّانَ وَالْحَدِيثَ عَلَى الشَّرَفِ الدِّمْيَاطِيِّ.

وَرَحَلَ وَسَمِعَ مِنْ ابْنِ الصَّوَّافِ وَالْمَوَازِينِيِّ وَأَجَازَ لَهُ الرَّشِيدُ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ الطَّبَّالِ وَخَلْقٌ يَجْمَعُهُمْ مُعْجَمُهُ الَّذِي خَرَّجَهُ لَهُ ابْنُ أَيْبَكَ وَبَرَعَ فِي الْفُنُونِ وَتَخَرَّجَ بِهِ خَلْقٌ فِي أَنْوَاعِ الْعُلُومِ وَأَقَرَّ لَهُ الْفُضَلَاءُ وَوَلِيَ قَضَاءَ الشَّامِ بَعْدَ الْجَلَالِ الْقَزْوِينِيِّ فَبَاشَرَهُ بِعِفَّةٍ وَنَزَاهَةٍ غَيْرَ مُلْتَفِتٍ إلَى الْأَكَابِرِ وَالْمُلُوكِ وَلَمْ يُعَارِضْهُ أَحَدٌ مِنْ نُوَّابِ الشَّامِ إلَّا قَصَمَهُ اللَّهُ وَوَلِيَ مَشْيَخَةَ دَارِ الْحَدِيثِ الْأَشْرَفِيَّةِ وَالشَّامِيَّةِ الْبَرَّانِيَّةِ والمسرورية وَغَيْرِهَا.

وَإِنْ كَانَ مُحَقِّقًا مُدَقِّقًا نَظَّارًا لَهُ فِي الْفِقْهِ وَغَيْرِهِ الِاسْتِنْبَاطَاتُ الْجَلِيلَةُ وَالدَّقَائِقُ وَالْقَوَاعِدُ الْمُحَرَّرَةُ الَّتِي لَمْ يُسْبَقْ إلَيْهَا وَكَانَ مُنْصِفًا فِي الْبَحْثِ عَلَى قَدَمٍ مِنْ الصَّلَاحِ وَالْعَفَافِ وَصَنَّفَ نَحْوَ مِائَةٍ وَخَمْسِينَ كِتَابًا مُطَوَّلًا وَمُخْتَصَرًا، الْمُخْتَصَرُ مِنْهَا يَشْتَمِلُ عَلَى مَا لَا يُوجَدُ فِي غَيْرِهِ مِنْ تَحْرِيرٍ وَتَدْقِيقٍ وَقَاعِدَةٍ وَاسْتِنْبَاطٍ، مِنْهَا تَفْسِيرُ الْقُرْآنِ وَشَرْحُ الْمِنْهَاجِ فِي الْفِقْهِ.

وَمِنْ نَظْمِهِ:

إنَّ الْوِلَايَةَ لَيْسَ فِيهَا رَاحَةٌ

إلَّا ثَلَاثٌ يَبْتَغِيهَا الْعَاقِلُ

حُكْمٌ بِحَقٍّ أَوْ إزَالَةُ بَاطِلٍ

أَوْ نَفْعُ مُحْتَاجٍ سِوَاهَا بَاطِلُ

وَلَهُ:

إذَا أَتَتْك يَدٌ مِنْ غَيْرِ ذِي مِقَةٍ

وَجَفْوَةٌ مِنْ صَدِيقٍ كُنْت تَأْمُلُهُ

خُذْهَا مِنْ اللَّهِ تَنْبِيهًا وَمَوْعِظَةً

بِأَنْ مَا شَاءَ لَا مَا شِئْتَ يَفْعَلُهُ

بَقِيَ عَلَى قَضَاءِ الشَّامِ إلَى أَنْ ضَعُفَ فَأَنَابَ عَنْهُ وَلَدَهُ التَّاجَ وَانْتَقَلَ إلَى الْقَاهِرَةِ وَتُوُفِّيَ فِيهَا بَعْدَ عِشْرِينَ يَوْمًا سَنَةَ 756 وَدُفِنَ بِسَعِيدِ السُّعَدَاءِ بِبَابِ النَّصْرِ - أَغْدَقَ اللَّهُ عَلَى ضَرِيحِهِ سَحَائِبَ رَحْمَتِهِ وَرِضْوَانِهِ بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ -.

ص: 5