الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْإِمَامُ عَنْ الْأَئِمَّةِ وَتَبِعَهُ الْغَزَالِيُّ.
وَقَالَ الرُّويَانِيُّ الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ.
وَمَالَ الرَّافِعِيُّ إلَيْهِ وَكَلَامُ الشَّافِعِيِّ فِي الْإِمْلَاءِ وَالْبُوَيْطِيِّ فَلْيَكُنْ هُوَ الصَّحِيحَ. وَأَمَّا تَقْدِيمُ يَوْمَيْنِ فَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إنَّ الْيَوْمَ الْأَوَّلَ لَيْسَ وَقْتًا لِجَمِيعِهَا إجْمَاعًا. وَهَلْ لَهُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي رَمْيُ مَا فَاتَهُ فِي الْأَوَّلِ قَبْلَ الزَّوَالِ؟ إذَا قُلْنَا بِالْأَدَاءِ الْأَصَحُّ الْجَوَازُ، وَإِنْ قُلْنَا بِالْقَضَاءِ فَأَوْلَى، وَيَجِبُ التَّرْتِيبُ بَيْنَ الرَّمْيِ الْمَتْرُوكِ وَبَيْنَ رَمْيِ التَّدَارُكِ فِي أَظْهَرِ الْقَوْلَيْنِ؛ وَإِذَا قُلْنَا بِالْأَدَاءِ فِي حَقِّ غَيْرِ الْمَعْذُورِ فَفِي الرِّعَاءِ وَالسُّقَاةِ أَوْلَى وَإِلَّا فَوَجْهَانِ.
وَكَذَلِكَ إذَا قُلْنَا لَا يَجِبُ التَّرْتِيبُ عَلَى غَيْرِهِمْ فَعَلَيْهِمْ وَجْهَانِ وَالْخِلَافُ فِي وُجُوبِ التَّشْرِيقِ أَطْلَقَهُ وَلَعَلَّهُ مَخْصُوصٌ بِرَمْيِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، أَمَّا رَمْيُ يَوْمِ النَّحْرِ فَنَصَّ الشَّافِعِيُّ أَنَّهُ إذَا ذَكَرَهُ فِي أَيَّامٍ آخِرَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَجْزَأَ عَنْهُ رَمْيُهُ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ، وَلَمْ أَرَ فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ تَصْرِيحًا بِذَلِكَ فَلَوْ رَمَى الْجَمَرَاتِ كُلَّهَا عَنْ الْيَوْمِ قَبْلَ أَنْ يَرْمِيَهَا أَمْرًا أَجْزَأَ إنْ لَمْ يُوجَبْ التَّرْتِيبُ وَإِلَّا فَالْأَصَحُّ الْإِجْزَاءُ أَيْضًا وَيَقَعُ عَنْ الْقَضَاءِ، وَالثَّانِي لَا يُجْزِئُهُ أَصْلًا.
وَقَالَ الْمُتَوَلِّي: لَمَّا تَكَلَّمَ فِي الْأَدَاءِ وَالْقَضَاءِ قَالَ: فِيهِ طَرِيقَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ عَلَى سَبِيلِ الْقَضَاءِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ تَأْخِيرُ الرَّمْيِ إلَى الْيَوْمِ الثَّانِي إلَّا بِعُذْرٍ كَمَا لَا يَجُوزُ لَهُ تَأْخِيرُ الصَّلَاةِ إلَى وَقْتِ صَلَاةٍ أُخْرَى إلَّا بِعُذْرٍ إلَّا أَنَّ الْقَضَاءَ يَخْتَصُّ بِزَمَانٍ مَخْصُوصٍ وَهُوَ بَقِيَّةُ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَالثَّانِي أَدَاءٌ لِأَنَّ الْوُقُوفَ لَا يَقْضِي وَالرَّمْيَ تَابِعٌ لَهُ وَكَانَ مُلْحَقًا بِهِ وَلَكِنْ تُجْعَلُ الْأَيَّامُ كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ؛ وَنَظِيرُ الْمَسْأَلَةِ إذَا شَهِدَ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ بَعْدَ الزَّوَالِ يَوْمَ الثَّلَاثِينَ مِنْ رَمَضَانَ يُصَلِّي مِنْ الْغَدِ الْعِيدَ وَهَلْ هُوَ أَدَاءٌ أَوْ قَضَاءٌ؟ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الْمُتَوَلِّي مِنْ تَعْلِيلِ قَوْلِ الْقُضَاةِ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ مُخَالِفٌ لِمَا قَالَهُ الْفُورَانِيُّ.
[مَسْأَلَةٌ فِي الْمَنَاسِكِ]
(مَسْأَلَةٌ فِي الْمَنَاسِكِ) قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ رحمه الله وَرَضِيَ عَنْهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ وَسَلَّمَ. هَذَا مُخْتَصَرٌ فِي الْمَنَاسِكِ: إذَا بَلَغَ الْمِيقَاتَ وَأَرَادَ الرَّحِيلَ مِنْهُ اغْتَسَلَ وَتَنَظَّفَ وَتَطَيَّبَ وَتَجَرَّدَ عَنْ الْمَخِيطِ وَلَبِسَ إزَارًا وَرِدَاءً أَبْيَضَيْنِ نَظِيفَيْنِ ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْ الْإِحْرَامِ ثُمَّ يُحْرِمُ حِينَ يَسِيرُ.
يَقُولُ بِقَلْبِهِ وَلِسَانِهِ: نَوَيْت الْإِحْرَامَ بِالْحَجِّ وَأَحْرَمْت بِهِ لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَك لَبَّيْكَ إنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَك وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَك، وَيُكْثِرُ فِي طَرِيقِهِ مِنْ التَّلْبِيَةِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلَا يَسْتُرُ رَأْسَهُ بِشَيْءٍ يُعَدُّ سَاتِرًا وَلَا يَرْتَدِي بِشَيْءٍ يُحِيطُ بِهِ أَوْ بِعُضْوٍ مِنْهُ فَإِنْ كَانَتْ امْرَأَةٌ جَازَ سِتْرُ مَا سِوَى وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا وَلَا يَمَسُّ
الْمُحْرِمُ طِيبًا وَلَا مَا فِيهِ طِيبٌ مِنْ مَأْكُولٍ وَغَيْرِهِ بِبَدَنِهِ وَلَا بِثِيَابِهِ وَلَا يَشُمُّ مَشْمُومًا كَالْوَرْدِ وَنَحْوِهِ وَيَحْرُمُ دَهْنُ رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ وَإِزَالَةُ شَعْرٍ وَظُفْرٍ وَنِكَاحٌ وَجِمَاعٌ وَصَيْدُ بَرِّيٍّ وَإِعَانَةٌ عَلَيْهِ وَوَضْعُ يَدِهِ عَلَيْهِ وَدَوْسُ الْجَرَادِ.
فَإِذَا بَلَغَ الْحَرَمَ قَالَ: هَذَا حَرَمُك وَأَمْنُك فَحَرِّمْنِي عَلَى النَّارِ. فَإِذَا وَصَلَ مَكَّةَ شَرَّفَهَا اللَّهُ اغْتَسَلَ قَبْلَ دُخُولِهَا وَدَخَلَ مِنْ بَابِ الْمُعَلَّى فَإِذَا وَقَعَ بَصَرُهُ عَلَى الْبَيْتِ رَفَعَ يَدَيْهِ وَقَالَ: اللَّهُمَّ زِدْ هَذَا الْبَيْتَ تَشْرِيفًا وَتَكْرِيمًا وَتَعْظِيمًا وَمَهَابَةً وَزِدْ مَنْ شَرَّفَهُ وَعَظَّمَهُ مِمَّنْ حَجَّهُ أَوْ اعْتَمَرَهُ تَشْرِيفًا وَتَكْرِيمًا وَتَعْظِيمًا وَبِرًّا اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْك السَّلَامُ حَيِّنَا رَبَّنَا بِالسَّلَامِ.
(فَصْلٌ) ثُمَّ يَدْخُلُ مِنْ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ وَيُقَدِّمُ رِجْلَهُ الْيُمْنَى وَيُسَمِّي اللَّهَ وَيَدْعُو وَيَقْصِدُ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ فَيَتَسَلَّمُهُ وَيُقَبِّلُهُ بِغَيْرِ صَوْتٍ ثَلَاثًا فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ أَشَارَ إلَيْهِ وَيَجْعَلُ وَسَطَ رِدَائِهِ تَحْتَ عَاتِقِهِ الْأَيْمَنِ وَيَطْرَحُ طَرَفَيْهِ عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْسَرِ وَيَجْعَلُ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ عَنْ يَمِينِهِ ثُمَّ يَطُوفُ وَالْبَيْتُ عَلَى يَسَارِهِ إلَى أَنْ يَأْتِيَ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ الَّذِي ابْتَدَأَ مِنْهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ طَاهِرًا مُتَوَضِّئًا مَسْتُورَ الْعَوْرَةِ خَارِجًا عَنْ الشَّاذَرْوَانِ وَالْحِجْرِ بِكَسْرِ الْحَاءِ، وَوَقْتَ تَقْبِيلِ الْحَجَرِ لَا يَمْشِي فِي طَوَافِهِ بَلْ يَرْجِعُ إلَى مَوْضِعِهِ وَيَطُوفُ حَتَّى يَكُونَ بَدَنُهُ خَارِجًا عَنْ هَوَاءِ الْبَيْتِ، وَيُسْرِعُ الْمَشْيَ مَعَ تَقَارُبِ الْخُطَى فِي الثَّلَاثَةِ الْأُولَى دُونَ الْأَرْبَعَةِ وَيُكْثِرُ فِيهِ مِنْ الدُّعَاءِ وَالذِّكْرِ ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ خَلْفَ الْمَقَامِ فَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ حَيْثُ شَاءَ.
(فَصْلٌ) ثُمَّ يَخْرُجُ فَيَصْعَدُ عَلَى الصَّفَا حَتَّى يَرَى الْبَيْتَ فَيُكَبِّرُ وَيُحَمِّدُ وَيُهَلِّلُ وَيَدْعُو؛ ثُمَّ يَنْزِلُ وَيَمْشِي حَتَّى يَبْقَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمِيلِ الْأَخْضَرِ قَدْرُ سِتَّةِ أَذْرُعٍ ثُمَّ يَسْعَى شَدِيدًا حَتَّى يَتَوَسَّطَ بَيْنَ الْمِيلَيْنِ ثُمَّ يَمْشِيَ عَلَى عَادَتِهِ إلَى الْمَرْوَةِ فَيَصْعَدُ عَلَيْهَا وَيُكَبِّرُ وَيُهَلِّلُ وَيَدْعُو ثُمَّ يَرْجِعُ كَذَلِكَ إلَى الصَّفَا ثُمَّ إلَى الْمَرْوَةِ حَتَّى يُكْمِلَ سَبْعًا أَرْبَعٌ مِنْهَا مِنْ الصَّفَا إلَى الْمَرْوَةِ وَثَلَاثٌ مِنْ الْمَرْوَةِ إلَى الصَّفَا يَخْتِمُ بِالْمَرْوَةِ وَلَا يَتْرُكُ شَيْئًا مِنْ الْمَسَافَةِ الَّتِي بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ بَلْ يَصْعَدُ عَلَى دَرَجِ الصَّفَا إلَى الْمَرْوَةِ.
(فَصْلٌ) ثُمَّ يَخْرُجُ يَوْمَ الثَّامِنِ إلَى مِنًى فَيُصَلِّي بِهَا الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَيَبِيتُ بِهَا حَتَّى يُصَلِّيَ بِهَا الصُّبْحَ فَإِذَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ عَلَيْهِ سَارَ وَيُكْثِرُ مِنْ الدُّعَاءِ إلَى نَمِرَةَ فَيَنْزِلُ بِهَا حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ وَيَغْتَسِلُ بِهَا لِلْوُقُوفِ وَيُصَلِّي بِهَا الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ مَجْمُوعَتَيْنِ فِي أَوَّلِ وَقْتِ الظُّهْرِ فِي مَسْجِدِ إبْرَاهِيمَ.
(فَصْلٌ) ثُمَّ يُعَجِّلُ بِالْمَسِيرِ إلَى عَرَفَاتٍ لِلْوُقُوفِ وَأَيَّ مَوْضِعٍ وَقَفَ مِنْهَا جَازَ وَأَفْضَلُهَا مَوْقِفُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ عِنْدَ الصَّخَرَاتِ الْكِبَارِ الْمُفْتَرَشَةِ فِي أَسْفَلِ جَبَلِ الرَّحْمَةِ بِوَسَطِ أَرْضِ عَرَفَاتٍ، وَيَجْتَهِدُ فِي الْخُشُوعِ وَالْخُضُوعِ وَالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ وَالتَّهْلِيلِ وَالتَّحْمِيدِ وَالِاسْتِغْفَارِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ
- صلى الله عليه وسلم وَيُكْثِرُ مِنْ قَوْلِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ اللَّهُمَّ لَك الْحَمْدُ كَاَلَّذِي نَقُولُ وَخَيْرًا مِمَّا نَقُولُ اللَّهُمَّ إنِّي ظَلَمْت نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا وَإِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أَنْتَ فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِك وَارْحَمْنِي إنَّك أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ، وَيَتَنَوَّعُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالدُّعَاءِ وَيُلِحُّ فِي الدُّعَاءِ وَالسُّؤَالِ وَالِابْتِهَالِ لَهُ وَلِإِجَابَةِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا يَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ وَيَتَحَقَّقَ غُرُوبُهَا.
(فَصْلٌ) فَإِذَا تَحَقَّقَ غُرُوبُ الشَّمْسِ دَفَعَ إلَى طَرِيقِ الْعَلَمَيْنِ بِسَكِينَةٍ وَوَقَارٍ وَيُكْثِرُ مِنْ الدُّعَاءِ وَالذِّكْرِ وَالشُّكْرِ فَإِذَا وَصَلَ إلَى مُزْدَلِفَةَ بَاتَ بِهَا وَأَخَذَ مِنْهَا حَصَى الْجِمَارِ وَهُوَ سَبْعُونَ مِثْلُ حَصَى الْخَذْفِ وَيَغْتَسِلُ بِهَا لِلْوُقُوفِ بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَمَتَى نَفَرَ مِنْهَا قَبْلَ نِصْفِ اللَّيْلِ عَصَى وَلَزِمَهُ دَمٌ، وَالسُّنَّةُ أَنْ يَبِيتَ بِهَا حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ فَيُصَلِّي الصُّبْحَ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ ثُمَّ يَدْفَعُ إلَى مِنًى فَإِذَا وَصَلَ إلَى الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَهُوَ جَبَلٌ صَغِيرٌ آخِرُ الْمُزْدَلِفَةِ إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا وَقَفَ تَحْتَهُ مُسْتَقْبِلَ الْكَعْبَةِ يَدْعُو وَيُحَمِّدُ اللَّهَ وَيُكَبِّرُهُ وَيُهَلِّلُهُ وَيُلَبِّي فَإِذَا اسْتَنْفَرَ سَارَ إلَى مِنًى بِسَكِينَةٍ ذَاكِرًا مُلَبِّيًا فَإِذَا وَجَدَ فُرْجَةً أَسْرَعَ قَدْرَ رَمْيَةِ حَجَرٍ.
(فَصْلٌ) فَإِذَا وَصَلَ إلَى مِنًى بَدَأَ بِجَمْرَةِ الْعَقَبَةِ يَرْمِيهَا بَعْدَ ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ قَدْرَ رُمْحٍ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ وَاحِدَةٌ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَتَّى يَرَى بَيَاضَ إبْطَيْهِ مُسْتَقْبِلَ الْجَمْرَةِ وَمَكَّةُ عَنْ يَسَارِهِ، وَمِنْ أَوَّلِ حَصَاةٍ يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ وَيُكَبِّرُ ثُمَّ يَنْزِلُ حَيْثُ شَاءَ بِمِنًى ثُمَّ يَنْحَرُ إنْ كَانَ مَعَهُ ثُمَّ يَحْلِقُ أَوْ يُقَصِّرُ وَيَلْبَسُ الْمَخِيطَ، ثُمَّ يَفِيضُ إلَى مَكَّةَ فَيَطُوفُ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ سَبْعًا وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَعَى بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ يَسْعَى بَعْدَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَإِنْ كَانَ قَدْ سَعَى فَلَا تُسْتَحَبُّ لَهُ إعَادَتُهُ فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ صَارَ حَلَالًا وَبَقِيَ عَلَيْهِ الْمَبِيتُ بِمِنًى وَالرَّمْيُ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ.
(فَصْلٌ) فَيَبِيتُ بِمِنًى لَيْلَةَ الْحَادِيَ عَشَرَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ ثُمَّ يُصْبِحُ يَوْمَ الْحَادِيَ عَشَرَ فَيَرْمِي بَعْدَ الزَّوَالِ الْجَمَرَاتِ الثَّلَاثَ كُلُّ جَمْرَةٍ سَبْعُ حَصَيَاتٍ كَمَا تَقَدَّمَ فَيَرْمِي الْأُولَى الَّتِي تَلِي مَسْجِدَ الْخَيْفِ وَيَدْعُو قَدْرَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ ثُمَّ الثَّانِيَةَ كَذَلِكَ ثُمَّ الثَّالِثَةَ وَلَا يَقِفُ عِنْدَهَا وَيَكُونُ ذَاكَ بَعْدَ أَنْ يَغْتَسِلَ، ثُمَّ يَبِيتُ بِهَا؛ وَيَفْعَلُ يَوْمَ الثَّانِي عَشَرَ بَعْدَ الزَّوَالِ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ إنْ شَاءَ تَعَجَّلَ وَنَفَرَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَإِنْ شَاءَ أَقَامَ وَهُوَ أَفْضَلُ فَإِذَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ وَهُوَ بِمِنًى لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَنْفِرَ فَيَبِيتُ بِهِ لَيْلَةَ الثَّالِثَ عَشَرَ وَهُوَ آخِرُ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَيَرْمِي يَوْمَ الثَّالِثَ عَشَرَ بَعْدَ الزَّوَالِ الْجَمَرَاتِ الثَّلَاثَ كَمَا تَقَدَّمَ وَيَغْتَسِلُ قَبْلَهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ ثُمَّ يَنْصَرِفُ مِنْ عِنْدِ الْجَمْرَةِ
رَاكِبًا أَوْ مَاشِيًا عِنْدَمَا يَفْرُغُ مِنْ الرَّمْيِ وَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ فَيَنْزِلُ بِالْمُحَصَّبِ وَهُوَ الْأَبْطَحُ الَّذِي عِنْدَ مَقَابِرِ مَكَّةَ وَالْأَوْلَى أَنْ يُصَلِّيَ الظُّهْرَ بِمَنْزِلِهِ.
(فَصْلٌ) فَإِذَا كَانَ مُفْرِدًا احْتَاجَ إلَى الْعُمْرَةِ فَيَخْرُجُ إلَى التَّنْعِيمِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ مَسَاجِدُ عَائِشَةَ أَوْ مَا شَاءَ مِنْ الْجَبَلِ فَيَغْتَسِلُ وَيَتَطَيَّبُ وَيَلْبَسُ لِبَاسَ الْإِحْرَامِ، وَيَقُولُ بِقَلْبِهِ وَلِسَانِهِ: نَوَيْت الْعُمْرَةَ لِلَّهِ وَأَحْرَمْت بِهَا، وَيُلَبِّي وَيَتَوَجَّهُ إلَى مَكَّةَ مُلَبِّيًا فَإِذَا شَرَعَ فِي الطَّوَافِ قَطَعَ التَّلْبِيَةَ وَيَطُوفُ سَبْعًا كَمَا تَقَدَّمَ وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يَسْعَى سَبْعًا كَمَا تَقَدَّمَ فَإِذَا فَرَغَ مِنْهُ عِنْدَ الْمَرْوَةِ حَلَقَ أَوْ قَصَّرَ وَقَدْ تَمَّتْ عُمْرَتُهُ وَحَلَّ وَيَلْبَسُ وَيَحِلُّ لَهُ كَمَا يَحِلُّ لِلْحَلَالِ.
(فَصْلٌ) فَإِذَا أَرَادَ الْخُرُوجَ مِنْ مَكَّةَ لِوَطَنِهِ أَوْ غَيْرِهِ طَافَ لِلْوَدَاعِ سَبْعًا كَمَا تَقَدَّمَ وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ خَلْفَ الْمَقَامِ وَشَرِبَ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ وَاسْتَلَمَ الْحَجَرَ وَيَأْتِي الْمُلْتَزَمَ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ فَيَلْزَمُهُ وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ إنَّ الْبَيْتَ بَيْتُك وَالْعَبْدَ عَبْدُك وَابْنُ عَبْدِك وَابْنُ أَمَتِك حَمَلْتَنِي عَلَى مَا سَخَّرْت لِي مِنْ خَلْقِك حَتَّى سَيَّرْتَنِي فِي بِلَادِك وَبَلَّغْتَنِي بِنِعْمَتِك حَتَّى أَعَنْتَنِي عَلَى قَضَاءِ مَنَاسِكِك فَإِنْ كُنْت رَضِيت عَنِّي فَازْدَدْ عَنِّي رِضًا وَإِلَّا فَمِنْ الْآنِ قَبْلَ أَنْ يَنْأَى عَنْ بَيْتِك دَارِي وَيَبْعُدَ عَنْهُ مَزَارِي هَذَا أَوَانُ انْصِرَافِي إنْ أَذِنْت لِي غَيْرَ مُسْتَبْدِلٍ بِك وَلَا بِبَيْتِك وَلَا رَاغِبٍ عَنْك وَلَا عَنْ بَيْتِك، وَيَدْعُو بِمَا أَحَبَّ وَيَخْرُجُ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ وَلَا يَتَقَهْقَرُ؛ وَيَحْرُمُ أَنْ يُخْرِجَ شَيْئًا مِنْ الْحَرَمِ مِنْ تُرَابِهِ أَوْ أَحْجَارِهِ إلَى الْحِلِّ وَيَحْرُمُ التَّعَرُّضُ لِصَيْدِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ.
(فَصْلٌ) ثُمَّ يَتَوَجَّهُ إلَى الْمَدِينَةِ لِزِيَارَةِ قَبْرِ سَيِّدِنَا سَيِّدِ الْبَشَرِ صلى الله عليه وسلم وَيُكْثِرُ مِنْ الصَّلَاةِ وَالتَّسْلِيمِ وَالْخُضُوعِ وَالْخُشُوعِ وَالْهَيْبَةِ وَالْإِجْلَالِ كَأَنَّهُ يَرَاهُ فَإِذَا وَصَلَ الْمَسْجِدَ قَدَّمَ رِجْلَهُ الْيُمْنَى وَسَمَّى وَصَلَّى رَكْعَتَيْ التَّحِيَّةِ عِنْدَ الْكَعْبَةِ ثُمَّ يَقِفُ مُسْتَدْبِرَ الْكَعْبَةِ مُسْتَقْبِلَ الْقَبْرِ الْكَرِيمِ خَارِجَ الدَّرَابْزِينِ غَاضَّ الطَّرْفِ وَيَقُولُ: السَّلَامُ عَلَيْك يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْك وَسَلَّمَ السَّلَامُ عَلَيْك أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، وَيُكْثِرُ مِنْ ذَلِكَ وَيَتَنَوَّعُ بِأَدَبٍ وَهَيْبَةٍ ثُمَّ يَتَأَخَّرُ إلَى صَوْبِ يَمِينِهِ قَدْرَ ذِرَاعٍ فَيُسَلِّمُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه ثُمَّ يَتَأَخَّرُ صَوْبَ يَمِينِهِ قَدْرَ ذِرَاعٍ فَيُسَلِّمُ عَلَى عُمَرَ رضي الله عنه ثُمَّ يَعُودُ إلَى قُبَالَةِ الْمِسْمَارِ فَإِنَّهُ قُبَالَةَ وَجْهِهِ صلى الله عليه وسلم فَيَدْعُو وَيَتَوَسَّلُ بِهِ إلَى رَبِّهِ عز وجل وَلَا يَمَسُّ الْقَبْرَ وَلَا يَقْرُبُ مِنْهُ وَلَا يَطُوفُ بِهِ، وَيُحَافِظُ عَلَى الصَّلَوَاتِ فِي الْمَسْجِدِ دُونَ الْقَدْرِ الَّذِي زِيدَ فِيهِ، وَيَزُورُ الْبَقِيعَ وَقُبُورَ الشُّهَدَاءِ وَقُبَاءَ وَيَشْرَبُ مِنْ بِئْرِ إدْرِيسَ؛ وَيَصُومُ وَيَتَصَدَّقُ وَلَا يَسْتَصْحِبُ شَيْئًا مِنْ الْأُكَرِ وَالْأَبَارِيقِ الَّتِي مِنْ تُرَابِ حَرَمِ الْمَدِينَةِ، وَإِذَا أَرَادَ السَّفَرَ وَدَّعَ الْمَسْجِدَ بِرَكْعَتَيْنِ وَوَدَّعَ النَّبِيَّ