الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نَصِيبَهُ بِمَنَافِعِهِ، وَأَخُوهُ، وَرِثَ نَصِيبَهُ مَسْلُوبَ الْمَنْفَعَةِ قَدْ تَكُونُ أُجْرَةُ مِثْلِ الدَّارِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ مِثْلَ ثَمَنِهَا، فَإِذَا رَجَعَ عَلَى الْأَخِ بِرُبْعِ الْأُجْرَةِ، وَاحْتَاجَ إلَى بَيْعِ جَمِيعِ نَصِيبِهِ فَيَكُونُ فَازَ بِجَمِيعِ نَصِيبِهِ، وَبَيْعُ نَصِيبِ الْأُجْرَةِ دَيْنُ الْمَيِّتِ، وَقَالَ: إنَّ قَوْلَ ابْنِ الْحَدَّادِ مُسْتَبْعَدٌ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ كَذَلِكَ، وَجَوَابُهُ أَنَّهُ لَمْ يَرِثْ نَصِيبَهُ بِمَنْفَعَةٍ بَلْ وِرْثُهُ مَسْلُوبٌ كَأَخِيهِ لَكِنَّ الْمَنَافِعَ حَدَثَتْ عِنْدَهُ عَلَى مِلْكِهِ تَقْدِيرَ الِانْفِسَاخِ، فَإِنَّ هَذَا الِانْفِسَاخَ لَا يُوجِبُ عَوْدَهَا إلَى الْمَيِّتِ، وَإِلَّا لَوَرِثَاهَا جَمِيعًا، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْإِلْزَامِ مُجَرَّدُ اسْتِبْعَادٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى.
[بَابُ الْحَجْرِ]
(بَابُ الْحَجْرِ)(مَسْأَلَةٌ) يَتِيمٌ تَحْتَ حَجْرِ الشَّرْعِ لَهُ مَالٌ يُعَامِلُ فِيهِ نَاظِرُ الْأَيْتَامِ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ ثُمَّ إنَّ الْيَتِيمَ لَهُ قَرْيَةٌ مِنْ بَلَدِ الْقُدْسِ إلَى الْغَرْبِ، وَمَضَتْ مُدَّةٌ تَحَقَّقَ فِيهَا بُلُوغُ الْيَتِيمِ، وَلَمْ يَعْلَمْ هَلْ بَلَغَ رَشِيدًا أَمْ لَا فَهَلْ يَجُوزُ الْمُعَامَلَةُ فِي مَالِهِ بَعْدَ مُدَّةِ الْبُلُوغِ الَّتِي لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ بَلَغَ فِيهَا رَشِيدًا أَمْ سَفِيهًا اسْتِصْحَابًا لِحُكْمِ الْحَجْرِ أَمْ لَا يَتَصَرَّفُ، وَيَتْرُكُ إلَى أَنْ تَأْكُلَهُ الزَّكَاةُ، وَمَعْرِفَةُ حَالِهِ مُتَعَذِّرَةٌ، أَوْ مُتَعَسِّرَةٌ.
أَجَابَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ رحمه الله بِمَا نَصُّهُ: لَا تَجُوزُ الْمُعَامَلَةُ، وَالْحَالَةُ هَذِهِ، وَلَا إخْرَاجُ الزَّكَاةِ مِنْ مَالِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَمُسْتَنَدِي فِي مَنْعِ الْمُعَامَلَةِ يُعْتَضَدُ بِقَوْلِ الْأَصْحَابِ إنَّهُ إذَا أَخَّرَ الْوَلِيُّ الصَّبِيَّ مُدَّةً يَبْلُغُ فِيهَا بِالسِّنِّ لَمْ تَصِحَّ فِيمَا زَادَ عَلَى الْبُلُوغِ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَصْحَابَ لَا يَكْتَفُونَ بِالْعُقُودِ فِي الْأَصْلِ انْتَهَى.
(مَسْأَلَةٌ) قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ رحمه الله: هَذِهِ مَسْأَلَةٌ تَقَعُ كَثِيرًا لِلْقُضَاةِ فِي أَمْوَالِ الْأَيْتَامِ، وَهِيَ أَنْ يَمُوتَ اثْنَانِ، وَلِأَحَدِهِمَا دَيْنٌ عَلَى الْآخَرِ، وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا أَيْتَامٌ فَيَدَّعِي وَلِيُّ الصَّبِيِّ الْمُسْتَحِقُّ عَلَى وَلِيِّ الصَّبِيِّ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ، وَيُقِيمُ الْبَيِّنَةَ هَلْ يُوقَفُ الْحُكْمُ إلَى أَنْ يَبْلُغَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَيَحْلِفُ أَمْ لَا؟
قَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ: يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ قَالَ الرَّافِعِيُّ: إنْ قُلْنَا بِوُجُوبِ التَّحْلِيفِ فَيَنْتَظِرُ إلَى أَنْ يَبْلُغَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَيَحْلِفُ، وَإِنْ قُلْنَا بِالِاسْتِحْبَابِ فَيَقْضِي بِهَا انْتَهَى كَلَامُ الرَّافِعِيِّ.
وَالْمَذْهَبُ وُجُوبُ التَّحْلِيفِ فَمَنْ يُطَالِعُ ذَلِكَ يَعْتَقِدُ أَنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّهُ يَنْتَظِرُ، وَيُؤَخِّرُ الْحُكْمَ، وَقَدْ يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ ضَيَاعُ الْحَقِّ فَإِنَّ تَرِكَةَ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ قَدْ تَضِيعُ، أَوْ يَأْكُلُهَا، وَرَثَتُهُ فَتَعْرِيضُهَا لِذَلِكَ، وَتَأْخِيرُ الْحُكْمِ مَعَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ مُشْكِلٌ، وَلَا سِيَّمَا، وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ الصَّبِيَّ لَا عِلْمَ عِنْدَهُ مِنْ ذَلِكَ، وَالْيَمِينُ الْوَاجِبَةُ عَلَيْهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ إنَّمَا هِيَ عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ بِالْبَرَاءَةِ، وَهُوَ أَمْرٌ حَاصِلٌ فَكَيْف يُؤَخَّرُ الْحَقُّ لِمِثْلِ ذَلِكَ.، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لَمْ يَذْكُرْهَا إلَّا الْقَاضِي الْحُسَيْنُ تَخْرِيجًا مِنْهُ، وَتَبِعَهُ مَنْ بَعْدَهُ عَلَيْهَا فَالْوَجْهُ عِنْدِي خِلَافُ مَا قَالَ، وَأَنَّهُ يَحْكُمُ الْآنَ بِمَا قَامَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ، وَيُؤْخَذُ الدَّيْنُ لِلصَّبِيِّ الَّذِي ثَبَتَ لَهُ، وَإِنْ أَمْكَنَ الْقَاضِي أَخْذَ
كَفِيلٍ بِهِ حَتَّى إذَا بَلَغَ يَحْلِفُ فَهُوَ احْتِيَاطٌ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ ذَلِكَ فَلَا يُكَلَّفُ، وَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَنْظُرَ نَظَرًا خَاصًّا، فَإِنْ ظَهَرَتْ أَمَارَةُ الْبَرَاءَةِ وَقَفَ، وَإِنْ ظَهَرَ خِلَافُهَا اعْتَمَدَ الْحُجَّةَ الظَّاهِرَةَ، وَإِنْ اسْتَوَى الْأَمْرَانِ اعْتَمَدَ الْحُجَّةَ بَعْدَ قُوَّةِ الِاجْتِهَادِ، وَقَدْ صَرَّحَ الْأَصْحَابُ بِأَنَّ الْوَارِثَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ إنَّمَا يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ فَكَيْف يَحْسُنُ قِيَاسٌ عَلَى هَذَا الْغَرِيمِ الْغَائِبِ الَّذِي يَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ، وَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي إذَا حَكَمَ لَا يُهْمِلُ أَنْ يَكْتُبَ مَكْتُوبًا بِيَدِ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ أَنَّ تَحْلِيفَ الْمَحْكُومِ لَهُ إذَا بَلَغَ. هَذَا قَوْلِي فِي الدَّعْوَى لِصَبِيٍّ عَلَى صَبِيٍّ، وَهَكَذَا أَقُولُ لَوْ كَانَتْ الدَّعْوَى لِصَبِيٍّ عَلَى بَالِغٍ حَاضِرٍ، أَوْ غَائِبٍ أَنَّهُ لَا تَحْلِيفَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ الْآنَ، وَلَا يُؤَخَّرُ الْحَقُّ بَعْدَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ.
أَمَّا تَحْلِيفُ صَاحِبِ الْحَقِّ الْبَالِغِ لِأَجْلِ الْغَائِبِ فَلِأَنَّهُ مُمْكِنٌ وَلِأَنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ فَقَامَ الْقَاضِي مَقَامَ الْغَائِبِ احْتِيَاطًا لَهُ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ فِيمَا هُوَ مُحْتَمَلٌ، وَبِقَيْدٍ؛ لِأَنَّ الْبَالِغَ الْمُدَّعِيَ إذَا عُرِضَتْ الْيَمِينُ عَلَيْهِ قَدْ يُقِرُّ بِالْبَرَاءَةِ، وَهُنَا فِي الصَّبِيَّيْنِ لَيْسَ الِاحْتِيَاطُ لِأَحَدِهِمَا بِأَوْلَى مِنْ الْآخَرِ، وَفِي الصَّبِيِّ، وَالْغَائِبِ كَذَلِكَ، وَلَا فَائِدَةَ أَنَّ التَّحْلِيفَ عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ، وَلَا يُتَوَقَّعُ خِلَافُهُ. فَهَذَا مَا عِنْدِي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَعَ احْتِمَالٍ فِيهَا لِإِطْلَاقِ الْأَصْحَابِ التَّحْلِيفَ لِأَجْلِ الْغَائِبِ، وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَحِقُّ صَبِيًّا، أَوْ بَالِغًا لَكِنَّ الْفِقْهَ مَا ذَكَرْنَاهُ، وَقَدْ يُوجَدُ فِي إطْلَاقِهِمْ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مُسَاعَدَتُهُ كَقَوْلِهِمْ إذَا ادَّعَى بَعْضُ الْوَرَثَةِ دَيْنًا، وَأَثْبَتَهُ بِالْبَيِّنَةِ، وَكَانَ فِيهِمْ صَغِيرٌ، أَوْ غَائِبٌ أَخَذَ الْحَاكِمُ نَصِيبَهُ، وَحَفِظَهُ فَهَذَا الْإِطْلَاقُ يَشْهَدُ لِمَا قُلْنَاهُ.
وَأَمَّا ثَلَاثُ مَسَائِلَ أُخْرَى فَلَا دَلِيلَ فِيهَا لَنَا، وَلَا عَلَيْنَا، وَهِيَ مَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي دَعْوَى قَيِّمِ الطِّفْلِ دَيْنًا فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنَّهُ أَتْلَفَ لَهُ مِنْ جِنْسِهِ مَا أَسْقَطَهُ أَنَّهُ لَا يَسْمَعُ، وَعَلَيْهِ قَضَاءُ مَا أَثْبَتَهُ الْقَيِّمُ، فَإِذَا بَلَغَ الصَّبِيُّ حَلَّفَهُ، وَمَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْإِبْرَاءَ، أَوْ الْقَضَاءَ، وَلَمَّا يَأْتِ بِبَيِّنَةٍ قَرِيبَةٍ حَيْثُ يُؤْمَرُ بِالدَّفْعِ، وَمَا قَالُوهُ فِيمَا إذَا قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلْوَكِيلِ: إنَّ مُوَكِّلَك قَبَضَ، أَوْ أَبْرَأَ حَيْثُ لَا يَسْمَعُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ وَرَّطَ نَفْسَهُ بِإِقْرَارِهِ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَنْدُوحَةٌ عَنْ دَفْعِ الْحَقِّ فَلَيْسَتْ مِثْلَ مَسْأَلَةِ الْغَائِبِ، وَلَا الصَّبِيِّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى مِثْلِهِ، وَلَوْ أَنَّ الصَّبِيَّ الَّذِي حَكَمْنَا لَهُ، وَأَلْزَمْنَاهُ الْيَمِينَ بَعْدَ بُلُوغِهِ نَكَلَ عَنْهَا بَعْدَ الْبُلُوغِ فَالْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ يَحْلِفُ الدَّافِعُ عَلَى مَا ادَّعَاهُ مِنْ الْبَرَاءَةِ، وَيَرْجِعُ عَلَى الصَّبِيِّ بِمَا قَبَضَ، وَلَكِنَّ هَذَا يُشْبِهُ افْتِتَاحُ حُكُومَةٍ أُخْرَى سَوَاءً قُلْنَا: الْيَمِينُ وَاجِبَةٌ، أَوْ مُسْتَحَبَّةٌ حَقِيقَتُهَا أَنَّ الدَّافِعَ يَدَّعِي أَنَّ الْقَابِضَ قَبَضَ مَا لَا يَسْتَحِقُّ بِحُكْمِ أَنَّ مُوَرِّثَهُ أَبْرَأَهُ، أَوْ قَبَضَ مِنْهُ، وَيَطْلُبُ يَمِينَ الْوَارِثِ عَلَى ذَلِكَ، فَإِذَا نَكَلَ رُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَيْهِ