المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[مسألة فيمن أقر بولاء ثم ظهر مكتوب بإقراره قبل ذلك بأخ] - فتاوى السبكي - جـ ١

[تقي الدين السبكي]

فهرس الكتاب

- ‌[تَرْجَمَة الْإِمَام تَقِيِّ الدِّينِ السُّبْكِيّ]

- ‌[مُقَدِّمَة الْكتاب]

- ‌[سُورَةُ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ]

- ‌[قَوْله تَعَالَى يَا أَيُّهَا النَّاسُ اُعْبُدُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَاَلَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ]

- ‌[قَوْله تَعَالَى وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ]

- ‌[قَوْله تَعَالَى وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ]

- ‌[قَوْله تَعَالَى أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ]

- ‌[قَوْلُهُ تَعَالَى وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ]

- ‌[قَوْله تَعَالَى وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنْ الْقَتْلِ]

- ‌[قَوْله تَعَالَى فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ]

- ‌[قَوْله تَعَالَى يَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ]

- ‌[قَوْله تَعَالَى فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ]

- ‌[قَوْله تَعَالَى لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إنْ طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ]

- ‌[قَوْله تَعَالَى وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ]

- ‌[قَوْله تَعَالَى تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ]

- ‌[قَوْله تَعَالَى فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمْ الْكُفْرَ]

- ‌[التَّعْظِيمُ وَالْمِنَّةُ فِي قَوْله تَعَالَى لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ]

- ‌[قَوْله تَعَالَى فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ]

- ‌[قَوْله تَعَالَى إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إلَى أَهْلِهَا]

- ‌[قَوْله تَعَالَى يَسْأَلُك النَّاسُ عَنْ السَّاعَةِ قُلْ إنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ]

- ‌[قَوْله تَعَالَى أُولَئِكَ هُمْ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا]

- ‌[قَوْله تَعَالَى وَقَالَتْ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ]

- ‌[قَوْله تَعَالَى حَتَّى إذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْت]

- ‌[قَوْله تَعَالَى إنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ]

- ‌[قَوْله تَعَالَى سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا]

- ‌[قَوْله تَعَالَى وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إسْمَاعِيلَ إنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ]

- ‌[قَوْله تَعَالَى كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا إنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيرًا]

- ‌[قَوْله تَعَالَى وَالسَّلَامُ عَلَى مَنْ اتَّبَعَ الْهُدَى]

- ‌[قَوْله تَعَالَى وَاَلَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا]

- ‌[قَوْله تَعَالَى وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ]

- ‌[قَوْله تَعَالَى أَرَأَيْت مَنْ اتَّخَذَ إلَهَهُ هَوَاهُ]

- ‌[قَوْله تَعَالَى أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا]

- ‌[قَوْله تَعَالَى أَوْ نِسَائِهِنَّ]

- ‌[قَوْله تَعَالَى وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُد وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا]

- ‌[قَوْله تَعَالَى أَلَمْ أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا]

- ‌[قَوْله تَعَالَى وَاَلَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ]

- ‌[قَوْله تَعَالَى إنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ]

- ‌[بَذْلُ الْهِمَّةِ فِي إفْرَادِ الْعَمِّ وَجَمْعِ الْعَمَّةِ]

- ‌[قَوْله تَعَالَى إنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ]

- ‌[قَوْله تَعَالَى وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ]

- ‌[قَوْله تَعَالَى الْحِلْمُ وَالْأَنَاةُ فِي إعْرَابِ غَيْرَ نَاظِرِينَ إنَاهُ]

- ‌[قَوْله تَعَالَى وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ]

- ‌[قَوْله تَعَالَى فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ]

- ‌[قَوْله تَعَالَى فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ]

- ‌[قَوْله تَعَالَى قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي]

- ‌[قَوْله تَعَالَى قُلْ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي]

- ‌[قَوْله تَعَالَى يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ]

- ‌[قَوْله تَعَالَى وَاَللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ]

- ‌[قَوْله تَعَالَى مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ]

- ‌[قَوْله تَعَالَى إنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ]

- ‌[قَوْله تَعَالَى سَيَهْدِينِ]

- ‌[قَوْله تَعَالَى إنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَك إنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ]

- ‌[قَوْله تَعَالَى وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا]

- ‌[الْفَهْمُ السَّدِيدُ مِنْ إنْزَالِ الْحَدِيدِ]

- ‌[قَوْله تَعَالَى وَجَاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ]

- ‌[قَوْله تَعَالَى لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ]

- ‌[قَوْله تَعَالَى مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ]

- ‌[قَوْله تَعَالَى رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ]

- ‌[كِتَابُ الطَّهَارَةِ]

- ‌[محدث غمس يَده فِي مَاء كَثِير غمسة وَاحِدَة هَلْ يَحْصُلُ لَهُ التَّثْلِيث]

- ‌[مسح الصِّمَاخَيْنِ بِمَاء جَدِيد]

- ‌[الهرة إذَا أَكَلت فارا وولغت فِي مَاء قليل]

- ‌[الشعر الَّذِي عَلَى الْفَرْو الْمَدْبُوغ]

- ‌[الْأَغْسَالُ الْمَسْنُونَةُ هَلْ تُقْضَى]

- ‌[اشتبه مَاء طَاهِر بِمَاء نجس]

- ‌[الفرق بَيْن مطلق الْمَاء وَالْمَاء المطلق]

- ‌[كِتَابُ الصَّلَاةِ]

- ‌[قِرَاءَة الْقُرْآن فِي الرُّكُوع والسجود]

- ‌[الْكَافِر إِن جن قَبْل الْبُلُوغ]

- ‌[بَابُ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ فِي التَّيَامُنِ وَالتَّيَاسُرِ فِي الْقِبْلَةِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ]

- ‌[إشْرَاقُ الْمَصَابِيحِ فِي صَلَاةِ التَّرَاوِيحِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ]

- ‌[الِاعْتِصَامُ بِالْوَاحِدِ الْأَحَدِ مِنْ إقَامَةِ جُمُعَتَيْنِ فِي بَلَدٍ]

- ‌[فَصْلٌ اشْتِرَاطِ السُّلْطَانِ فِي الْجُمُعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ صَلَاة الْجُمُعَةَ فِي مِصْرٌ أَوْ قَرْيَةٌ فِيهَا جَامِعٌ يَكْفِي أَهْلَهَا وَفِيهَا مَسَاجِدُ أُخْرَى]

- ‌[كِتَابُ الزَّكَاةِ]

- ‌[مُخْتَصَرُ فَصْلِ الْمَقَالِ فِي هَدَايَا الْعُمَّالِ]

- ‌[كِتَابُ الصِّيَامِ]

- ‌[فَصْلٌ الْهِلَالَ إذَا غَابَ بَعْدَ الْعِشَاءِ]

- ‌[حِفْظُ الصِّيَامِ مِنْ فَوْتِ التَّمَامِ]

- ‌[بَابُ الِاعْتِكَافِ]

- ‌[كِتَابُ الْحَجِّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ خُنْثَى مُشْكِلٌ أَحْرَمَ وَسَتَرَ رَأْسَهُ ثُمَّ أَحْرَمَ إحْرَامًا آخَرَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الدُّعَاءُ فِي الطَّوَافِ]

- ‌[تَنَزُّلُ السَّكِينَةِ عَلَى قَنَادِيلِ الْمَدِينَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ فِي تَأْخِيرِ الرَّمْيِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ فِي الْمَنَاسِكِ]

- ‌[كِتَابُ الضَّحَايَا]

- ‌[بَابُ الْأَطْعِمَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْبَيْعِ]

- ‌[كِتَابُ الرَّهْنِ]

- ‌[بَيْع الْمَرْهُون فِي غيبَة الْمَدْيُون]

- ‌[بَيْع الرَّهْن وتلف الثَّمَن]

- ‌[فَصْلٌ مُنَبِّهُ الْبَاحِثِ فِي دَيْنِ الْوَارِثِ]

- ‌[بَيْع التَّرِكَة قَبْل وفاء الدِّين]

- ‌[بَابُ الْحَجْرِ]

- ‌[التِّجَارَة بِمَالِ الْيَتِيم]

- ‌[بَابُ التَّفْلِيسِ]

- ‌[بَابُ الْحَوَالَةِ]

- ‌[بَابُ الصُّلْحِ]

- ‌[بَابُ الضَّمَانِ]

- ‌[بَابُ الشَّرِكَةِ]

- ‌[بَابُ الْوَكَالَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْإِقْرَارِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ فِيمَنْ أَقَرَّ بِوَلَاءٍ ثُمَّ ظَهَرَ مَكْتُوبٌ بِإِقْرَارِهِ قَبْلَ ذَلِكَ بِأَخٍ]

- ‌[كِتَابُ الْغَصْبِ]

- ‌[رَجُلٌ هَدَمَ جِدَارَ مَسْجِدٍ غَيْرِ مُسْتَحِقِّ الْهَدْمِ]

- ‌[كِتَابُ الْقِرَاضِ]

- ‌[كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ]

- ‌[بَابُ إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ السِّنِينَ فِي الْمُزَارَعَةِ]

- ‌[بَابُ الْمُزَارَعَةِ مَعَ الْيَهُودِ]

- ‌[بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنْ الشَّرَائِطِ فِي الْمُزَارَعَةِ]

- ‌[بَابُ إذَا زَرَعَ بِمَالِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إذْنِهِمْ]

- ‌[بَابُ إذَا قَالَ رَبُّ الْأَرْضِ أُقِرُّك مَا أَقَرَّك اللَّهُ وَلَمْ يَذْكُرْ أَجَلًا مَعْلُومًا]

- ‌[بَابُ كِرَاءِ الْأَرْضِ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ]

- ‌[بَابُ إذَا قَالَ اكْفِنِي مَئُونَةَ النَّخْلِ وَتُشْرِكُنِي فِي الثَّمَرِ]

- ‌[كِتَابُ الْإِجَارَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ هَلْ تُثْبِتُ الْإِجَارَةُ خِيَارَ الْمَجْلِسِ]

- ‌[كِتَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ وَتَمَلُّكِ الْمُبَاحَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ مُصَنَّفَاتٌ فِي مِيَاهِ دِمَشْقَ وَإِجْرَائِهَا وَحُكْمِ أَنْهَارِهَا]

- ‌[كِتَابُ الْوَقْفِ]

الفصل: ‌[مسألة فيمن أقر بولاء ثم ظهر مكتوب بإقراره قبل ذلك بأخ]

الْمُعْتَبَرَةِ، وَهَذِهِ الْأُمُورُ لَا تَرَدُّدَ فِيهَا، وَلَا رِيبَةَ نَعَمْ تَرَدَّدَ الْأَصْحَابُ فِي شَاةٍ فِي يَدِ رَجُلٍ حَكَمَ لَهُ بِهَا حَاكِمٌ وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ وَلَمْ يَعْلَمْ سَبَبَ حُكْمِهِ وَقَامَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّهَا لِغَيْرِهِ عَلَى وَجْهَيْنِ ذَكَرَهُمَا ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ، وَقَالَ: أَقْيَسُهُمَا لَا يُنْقَضُ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَدَّمَ بَيِّنَةَ الْخَارِجِ وَيَجُوزُ أَنْ لَا يَكُونَ ثَبَتَ عِنْدَهُ عَدَالَةُ الْبَيِّنَةِ الْأُخْرَى فَلَا يُنْقَضُ بِالشَّكِّ، فَإِذَا كَانَ هَذَا فِي مَحَلِّ الِاحْتِمَالِ فَكَيْفَ فِي مَحَلٍّ لَا احْتِمَالَ فِيهِ.

فَإِنْ قُلْت: فَمَنْعُكُمْ مِنْ النَّقْضِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي طَوَّلْتُمْ بِالْبَحْثِ فِيهَا هَلْ هُوَ مِنْ مَظَانِّ الِاجْتِهَادِ حَتَّى إذَا حَكَمَ حَاكِمٌ بِالنَّقْضِ فِيهَا يَنْفُذُ وَلَا يُنْقَضُ، أَوْ لَا؟

قُلْت: لَيْسَ مِنْ مَحَلِّ الِاجْتِهَادِ؛ لِأَنَّ امْتِنَاعَ نَقْضِ حُكْمِ الْحَاكِمِ فِي مَظَانِّ الِاجْتِهَادِ مَعْلُومٌ، وَهَذِهِ الشُّبَهُ ضَعِيفَةٌ لَا تَقْدَحُ، فَالْحَاكِمُ الَّذِي يُقْدِمُ عَلَى نَقْضِ ذَلِكَ إنْ أَقْدَمَ بِغَيْرِ دَلِيلٍ قَطَعْنَا بِخَطَئِهِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِغَيْرِ دَلِيلٍ خَطَأٌ قَطْعًا فَيُنْقَضُ، وَإِنْ قَدَّمَ مُسْتَنِدًا إلَى دَلِيلٍ لَمْ يَسْتَفْرِغْ فِيهِ وُسْعَهُ فَكَذَلِكَ، وَإِنْ اسْتَفْرَغَ وُسْعَهُ وَأَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إلَى ذَلِكَ كَانَ الْإِثْمُ مَرْفُوعًا عَنْهُ لَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ فَالْحَاكِمُ بِسَائِرِ الْمَدَارِكِ الضَّعِيفَةِ.

فَهَذَا مَا ظَهَرَ لِي فِي ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ صَوَابًا فَمِنْ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِنْ كَانَ خَطَأً فَمِنِّي وَاَللَّهُ تَعَالَى الْمَسْئُولُ أَنْ يَجْعَلَ عِلْمَنَا وَعَمَلَنَا خَالِصًا لِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَحَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ وَصَلَّى اللَّهُ لِكَمَالِ إجْلَالِك عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ وَسَيِّدِ الْعَالَمِينَ فِي كُلِّ نَسِيمٍ وَنَفَسٍ وَلَحْظَةٍ دَائِمًا أَبَدًا مَا بَقِيَ مُلْكُك يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ وَعَلَى جَمِيعِ النَّبِيِّينَ، وَالْمُرْسَلِينَ وَمَلَائِكَتِك أَجْمَعِينَ وَعَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ انْتَهَى. نُقِلَ مِنْ خَطِّ الشَّيْخِ الْإِمَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.

(مَسْأَلَةٌ) رَجُلٌ أَقَرَّ بِأَنَّ عِنْدِي ثَلَاثَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ لِفُلَانٍ وَدِيعَةً أَتَّجِرُ لَهُ فِيهَا وَبَعْدَ شَهْرٍ مِنْ إقْرَارِهِ تُوُفِّيَ فَجْأَةً وَوُجِدَ فِي تَرِكَتِهِ ذَهَبٌ وَقُمَاشٌ وَلَمْ تُوجَدْ دَرَاهِمُ هَلْ يَجِبُ وَفَاؤُهَا مِنْ تَرِكَتِهِ، أَوْ لَا؟

(الْجَوَابُ) إذَا وُجِدَ فِي تَرِكَتِهِ مَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ اُشْتُرِيَ بِذَلِكَ وَجَبَ أَنْ يُوَفَّى مِنْ تَرِكَتِهِ مِقْدَارُ رَأْسِ الْمَالِ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي مَالِ الْقِرَاضِ، وَهَذَا مِثْلُهُ فَإِنَّهُ إبْضَاعٌ وَلَا يَضُرُّ قَوْلُهُ فِي صَدْرِ كَلَامِهِ: إنَّهُ وَدِيعَةٌ لِأَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ مُرَادَهُ أَنَّهَا لَيْسَتْ فِي ذِمَّتِهِ وَلَا مَضْمُونَةٌ جَمْعًا بَيْنَ أَوَّلِ كَلَامِهِ وَآخِرِهِ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِمَا لَا يُصَيِّرُهَا مَضْمُونَةً ثُمَّ أَقَرَّ بِمَا يُصَيِّرُهَا مَضْمُونَةً أَخَذْنَا بِالثَّانِي كَسَائِرِ الْأَقَارِيرِ وَلَيْسَ هَذَا كَتَعْقِيبِ الْإِقْرَارِ بِمَا يَرْفَعُهُ بَلْ هَذَا عَكْسُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى.

[مَسْأَلَةٌ فِيمَنْ أَقَرَّ بِوَلَاءٍ ثُمَّ ظَهَرَ مَكْتُوبٌ بِإِقْرَارِهِ قَبْلَ ذَلِكَ بِأَخٍ]

ص: 383

(أَجَابَ) نُجَوِّزُ أَمْرَ الْإِقْرَارَيْنِ مِنْ جِهَةِ الْبَيِّنَاتِ، فَإِنْ ثَبَتَا وَكَانَ الْمُقِرُّ حَائِزًا لِمِيرَاثِ أَبِيهِ فَيُوَرَّثُ الْأَخُ وَيُحْجَبُ بِهِ ابْنُ مَوْلَى الْأَبِ، فَإِنَّ الْإِقْرَارَ بِالْوَلَاءِ صَحِيحٌ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ كَمَا ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي آخِرِ كِتَابِ الْإِقْرَارِ عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ عَلَى أَبِيهِ بِالْوَلَاءِ فَقَالَ: هُوَ مُعْتَقُ فُلَانٍ ثَبَتَ الْوَلَاءُ عَلَيْهِ إنْ كَانَ الْمُقِرُّ مُسْتَغْرِقًا كَمَا فِي النَّسَبِ وَهَذِهِ هِيَ مِثْلُ الصُّورَةِ الْمَسْئُولِ عَنْهَا، وَرَأَيْت أَنَا فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ أَيْضًا مَسْأَلَةَ إذَا قَالَ: فُلَانٌ عَصَبَتِي وَوَارِثِي إذَا مِتُّ مِنْ غَيْرِ عَقِبٍ لَمْ يَكُنْ هَذَا شَيْئًا؛ لِأَنَّ الْمُقَرَّ بِهِ إنْ كَانَ مَعْرُوفَ النَّسَبِ فَلَا فَائِدَةَ فِي إقْرَارِهِ، وَإِنْ كَانَ مَجْهُولَ النَّسَبِ فَلَا أَيْضًا مَا لَمْ يُفَسِّرْ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُرِيدُ بِقَوْلِهِ: إنَّهُ عَصَبَتِي أَنَّهُ أَخُوهُ وَرُبَّمَا يُرِيدُ أَنَّهُ عَمُّهُ، أَوْ ابْنُ عَمِّهِ ثُمَّ بَعْدَ التَّفْسِيرِ يَنْظُرُ فِيهِ، فَإِنْ قَالَ هُوَ أَخِي يَجِبُ أَنْ يَكُونَ هُوَ جَمِيعَ وَارِثِ أَبِيهِ.

فَإِنْ كَانَ عَمًّا فَيَكُونُ هُوَ جَمِيعَ وَارِثِ جَدِّهِ، وَإِنْ كَانَ ابْنَ عَمٍّ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ هُوَ جَمِيعَ وَارِثِ عَمِّهِ لِيَصِحَّ مِنْهُ الْإِقْرَارُ بِالنَّسَبِ عَلَى طَرِيقِ الْخِلَافَةِ عَنْهُ، ثُمَّ الْمِيرَاثُ يَنْبَنِي عَلَيْهِ عِنْدَنَا

وَفِيهَا أَيْضًا مَسْأَلَةٌ: امْرَأَةٌ قَالَتْ: فُلَانٌ ابْنُ عَمِّي، وَهُوَ وَلِيِّي فِي النِّكَاحِ وَوَارِثِي إذَا مِتُّ فَزَوَّجَهَا ذَلِكَ ثُمَّ مَاتَتْ، فَجَاءَ الرَّجُلُ يَطْلُبُ مِيرَاثَهَا.

قَالَ الشَّيْخُ رحمه الله: لَا يَكُونُ لَهُ مِيرَاثُهَا وَلَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ التَّزْوِيجُ؛ لِأَنَّهَا بِذَلِكَ الْإِقْرَارِ أَلْحَقَتْ نَسَبًا بِجَدِّهَا، وَهِيَ لَيْسَتْ بِوَارِثَةٍ جَمِيعَ مَالِ الْجَدِّ فَلَمْ يَصِحَّ التَّزْوِيجُ وَلَا يَرِثُهَا؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ وَارِثَةً لِجَمِيعِ مَالِ أَبِيهَا.

وَفِيهَا أَيْضًا مَسْأَلَةٌ: إذَا أَقَرَّ رَجُلٌ بِأَنِّي ابْنُ مُعْتَقِ فُلَانٍ وَكَانَ الْمُقِرُّ مَعْرُوفَ النَّسَبِ وَيُعْرَفُ لَهُ أُمٌّ حُرَّةُ الْأَصْلِ لَا فَائِدَةَ لِهَذَا الْإِقْرَارِ وَلَا يُسْمَعُ فِيمَا لَوْ كَانَ بَعُدَ مِنْ النَّسَبِ، وَقَالَ: أَنَا ابْنُ فُلَانٍ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ هَكَذَا هَذَا.

وَإِنْ كَانَ الْمُقِرُّ مَجْهُولَ النَّسَبِ وَلَا يُعْرَفُ لَهُ أُمٌّ حُرَّةُ الْأَصْلِ، فَإِنْ كَانَ لَهُ أَبٌ يُعْرَفُ، فَإِنْ هَاهُنَا أَقَرَّ بِأَنَّ وَلَائِي لِفُلَانٍ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ أَعْتَقَنِي فُلَانٌ، فَإِنَّ ذَلِكَ مَقْبُولٌ مِنْهُ كَمَا أَنَّ مَجْهُولَ النَّسَبِ إذَا أَقَرَّ بِنَسَبٍ لِغَيْرِهِ ثَبَتَ كَذَا هَذَا إذَا مَاتَ رَجُلٌ وَخَلَّفَ ابْنَيْنِ فَأَقَرَّ أَحَدُ الِابْنَيْنِ بِوَلَاءٍ عَلَى الْأَبِ، وَقَالَ: إنَّ أَبَانَا كَانَ مُعْتَقَ فُلَانٍ، فَإِنَّ هَاهُنَا يُنْظَرُ، فَإِنْ كَانَ الْأَبُ مَعْرُوفَ النَّسَبِ وَعُرِفَتْ لَهُ أُمٌّ حُرَّةُ الْأَصْلِ، فَإِنَّ هَاهُنَا إقْرَارَ أَحَدِ الِابْنَيْنِ لَا يُثْبِتُ الْوَلَاءَ عَلَى الْأَبِ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ كَالنَّسَبِ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِرَجُلٍ وَلَاءٌ عَلَى أَبِيهِمَا ثُمَّ يَكُونَ لِهَذَا الرَّجُلِ وَلَاءٌ عَلَى أَحَدِ الِاثْنَيْنِ دُونَ صَاحِبِهِ بَلْ إنَّمَا يَكُونُ وَلَاؤُهُ عَلَى الِاثْنَيْنِ مَعًا؛ كَمَا إنَّ النَّسَبَ لَا يَتَبَعَّضُ كَذَا هَذَا أَيْضًا لَا يَتَبَعَّضُ. انْتَهَى مَا أَرَدْت نَقْلَهُ مِنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ

وَالْمَقْصُودُ أَنَّ الْإِقْرَارَ بِالْوَلَاءِ صَحِيحٌ بِشُرُوطِهِ كَالْإِقْرَارِ بِالنَّسَبِ، وَكَذَلِكَ صَرَّحَتْ الْمَالِكِيَّةُ فِي كُتُبِهِمْ بِذَلِكَ وَأَنَّهُ يُوَرَّثُ بِهِ، وَالْإِقْرَارُ بِالنَّسَبِ بِالْآخِرَةِ أَيْضًا صَحِيحٌ بِشَرْطِ

ص: 384

كَوْنِ الْمُقِرِّ حَائِزًا لِمِيرَاثِ مَنْ أُلْحِقَ النَّسَبُ بِهِ مِنْ أَبٍ، أَوْ جَدٍّ، أَوْ غَيْرِهِمَا وَبِبَقِيَّةِ شُرُوطِهِ الْمَذْكُورَةِ فِي بَابِهِ، وَالْإِقْرَارُ بِالْأَخِ بِشُرُوطِهِ صَحِيحٌ أَيْضًا لَا يُنَافِي بَيْنَ الْإِقْرَارِ بِالْأَخِ وَالْإِقْرَارِ بِالْوَلَاءِ الْمَذْكُورَيْنِ إذَا ثَبَتَا، وَالتَّوْرِيثُ بِالنَّسَبِ مُتَقَدِّمٌ عَلَى التَّوْرِيثِ بِالْوَلَاءِ فَلِذَلِكَ قُلْنَا يُوَرَّثُ الْأَخُ وَيُحْجَبُ بِهِ ابْنُ الْمَوْلَى.

وَقَدْ ذَكَرَ الْأَصْحَابُ الْإِقْرَارَ بِالنَّسَبِ وَاسْتِلْحَاقَهُ فِي بَابِ الْإِقْرَارِ وَفِي بَابِ اللَّقِيطِ وَفِي بَابِ دَعْوَةِ النَّسَبِ وَإِلْحَاقِ الْقَائِفِ وَفِي بَابِ دَعْوَى الْأَعَاجِمِ وَيُسَمُّونَ الْحَمْلَا وَالْحَمِيلَ هُوَ الَّذِي يَأْتِي مِنْ بِلَادِ الْكُفْرِ إلَى بِلَادِ الْإِسْلَامِ وَالْأَعَاجِمُ يُطْلِقُهُمْ الشَّافِعِيُّ عَلَى مَنْ كَانَ أَعْجَمِيَّ اللِّسَانِ أَوْ أَعْجَمِيَّ الدَّارِ سَوَاءً أَكَانَ فَارِسِيًّا أَوْ رُومِيًّا أَمْ تُرْكِيًّا وَالْإِقْرَارُ الْإِخْبَارُ بِحَقٍّ عَلَى الْمُخْبِرِ وَالْوَلَاءُ حَقٌّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ النِّعْمَةِ، وَالنَّسَبُ بَيْنَ الْأَخَوَيْنِ قَدْ يَكُونُ عَلَيْهِ لِقَبْضِ الْمِيرَاثِ وَنَحْوِهِ، وَقَدْ لَا يَكُونُ إلَّا مُجَرَّدَ الِاسْتِلْحَاقِ فَيَثْبُتُ أَيْضًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الشَّخْصِ بَلْ لَهُ وَلِذَلِكَ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم «هُوَ لَك يَا عَبْدَ بْنَ زَمْعَةَ» ، وَالْمَقْصُودُ أَنَّ النَّسَبَ يَثْبُتُ بِذَلِكَ بِلَا إشْكَالٍ بَيْنَ الْأَخَوَيْنِ، وَلَا فَرْقَ عِنْدَنَا بَيْنَ أَنْ يَكُونَا حَمِيلَيْنِ أَمْ لَا، خِلَافًا لِمَالِكٍ حَيْثُ قَالَ بِعَدَمِ تَوْرِيثِ الْحَمْلَا لَكِنْ لَا بُدَّ فِيهِمْ وَفِي غَيْرِهِمْ مِنْ كَوْنِ الْمُقِرِّ حَائِزًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ فِيهِمْ وَفِي غَيْرِهِمْ.

وَالشَّرْعُ مُتَشَوِّفٌ إلَى إثْبَاتِ الْأَنْسَابِ وَذَلِكَ لِمَا فِيهَا مِنْ التَّعَاوُنِ وَالتَّعَارُفِ فَيَحْصُلُ بِذَلِكَ عِمَارَةُ الدُّنْيَا وَعِبَادَةُ اللَّهِ تَعَالَى، وَكَذَلِكَ الْوَلَاءُ، وَفِي الشَّامِلِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ أَنَّ الْوَلَاءَ أَقْوَى مِنْ النَّسَبِ، وَإِنْ كَانَ الْمِيرَاثُ بِالنَّسَبِ مُقَدَّمًا عَلَى الْمِيرَاثِ بِالْوَلَاءِ، وَإِذَا عُرِفَ فَلَا يُكَلَّفُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِإِثْبَاتِ نَسَبٍ وَلَا وَلَاءَ بِالْبَيِّنَةِ بَلْ يَكْفِي ثُبُوتُ الْإِقْرَارَيْنِ وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِمَا ثُبُوتُ الْوَلَاءِ وَالنَّسَبِ جَمِيعًا وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِمَا مُقْتَضَاهُمَا فِيمَا لَا تَعَارُضَ فِيهِ، أَمَّا مَا يَتَعَارَضَانِ فِيهِ فَهُوَ الْمِيرَاثُ فَيُعْمَلُ بِأَسْبَقِهِمَا وَلَا يَكُونُ كَإِقْرَارَيْنِ عَلَيْهِ وَلَا بِأَخٍ؛ لِأَنَّهُ حِينَ أَقَرَّ بِالْأَخِ لَمْ يَكُنْ فِي الظَّاهِرِ عَلَيْهِ وَلَاءٌ فَلَا وَجْهَ لَهُ وَإِقْرَارُهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْطُلْ بِهِ وَلَاءٌ كَغَيْرِهِ وَإِقْرَارُهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْوَلَاءِ الَّذِي هُوَ فِي الْقَدْرِ الَّذِي يُعَارِضُ الْأَوَّلَ مُبْطِلٌ لَهُ فَلَا يَنْجَعُ كَعَكْسِهِ عَلَى الصَّحِيحِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْعِرَاقِيُّونَ مِنْ أَنَّ مَنْ عَلَيْهِ وَلَاءٌ إذَا أَقَرَّ بِنَسَبِ أَخٍ لَمْ يُقْبَلْ وَأَمَّا أَنَّهُمَا يَتَدَافَعَانِ يَتَضَمَّنُ كُلٌّ مِنْهُمَا دَفْعَ الْآخَرِ فَلَا وَجْهَ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّ التَّدَافُعَ إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ الِاسْتِوَاءِ، وَهُنَا أَحَدُهُمَا رَاجِحٌ بِالسَّبْقِ، وَكُلُّ مَنْ أَقَرَّ بِحَقٍّ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ مُقْتَضَاهُ مَا لَمْ يَمْنَعْ مَانِعٌ مِنْهُ عِنْدَ إقْرَارِهِ، وَهَذَا عِنْدَ إقْرَارِهِ الْأَوَّلِ لَمْ يَكُنْ مُعَارِضٌ فَوَجَبَ الْعَمَلُ بِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَاَلَّذِي يَجِبُ الِاحْتِرَازُ فِيهِ الْفَحْصُ عَنْ الْمَكْتُوبِ الْأَوَّلِ الَّذِي ظَهَرَ بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْأَوَّلِ بِالْوَلَاءِ فَنَكْشِفُ عَنْ ذَلِكَ كَشْفًا شَافِيًا بِحَيْثُ تَنْتَفِي الرِّيبَةُ إنْ شَاءَ اللَّهُ.

ص: 385