الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ كِرَاءِ الْأَرْضِ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ) ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إنَّ أَمْثَلَ مَا أَنْتُمْ صَانِعُونَ أَنْ تَسْتَأْجِرُوا الْأَرْضَ الْبَيْضَاءَ مِنْ السَّنَةِ إلَى السَّنَةِ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ ثنا اللَّيْثُ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ قَيْسٍ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ: «حَدَّثَنِي عَمَّايَ أَنَّهُمْ كَانُوا يُكْرُونَ الْأَرْضَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمَا تَنْبُتُ عَلَى الْأَرْبِعَاءِ، أَوْ شَيْءٍ يَسْتَثْنِيهِ صَاحِبُ الْأَرْضِ فَنَهَانَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ فَقُلْت لِرَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ: فَكَيْفَ هِيَ بِالدِّينَارِ، وَالدِّرْهَمِ فَقَالَ رَافِعٌ: لَيْسَ بِهَا بَأْسٌ بِالدِّينَارِ، وَالدِّرْهَمِ» . هَذِهِ الرِّوَايَةُ عَنْ عَمَّيْهِ لَا تُعَارِضُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الرِّوَايَةِ عَنْ عَمِّهِ فَإِنَّهُ إذَا سَمِعَ مِنْهُمَا لَهُ أَنْ يُحَدِّثَ عَنْ أَحَدِهِمَا، وَقَصْرُهُ النَّهْيَ عَلَى ذَلِكَ صَحِيحٌ وَفَتْوَاهُ بِجَوَازِهَا بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ لَيْسَ مَرْفُوعًا قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: مِنْ هَاهُنَا قَالَ اللَّيْثُ: أَرَاهُ وَكَانَ الَّذِي نَهَى مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ نَظَرَ فِيهِ ذُو الْفَهْمِ بِالْحَلَالِ، وَالْحَرَامِ لَمْ يُجِزْهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمُخَاطَرَةِ، هَذَا صَحِيحٌ لَا شَكَّ فِيهِ فَإِنَّ فِيهِ غَرَرًا عَظِيمًا وَجَهَالَةً.
وَقَبْلَ هَذَا عِنْدَ الْبُخَارِيِّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ قَيْسٍ الْأَنْصَارِيِّ سَمِعَ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ قَالَ: «كُنَّا أَكْثَرَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مُزْدَرَعًا كُنَّا نُكْرِي الْأَرْضَ بِالنَّاحِيَةِ مِنْهَا مُسَمًّى لِسَيِّدِ الْأَرْضِ قَالَ: مِمَّا يُصَابُ ذَلِكَ وَتَسْلَمُ الْأَرْضُ وَمِمَّا تُصَابُ الْأَرْضُ وَيَسْلَمُ ذَلِكَ فَنُهِينَا فَأَمَّا الذَّهَبُ، وَالْوَرِقُ فَلَمْ يَكُنْ يَوْمئِذٍ» . هَذَا أَيْضًا مِثْلُ الَّذِي قَبْلَهُ فَلَا تَنَاقُضَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ. وَقَبْلَهُ.
[بَابُ إذَا قَالَ اكْفِنِي مَئُونَةَ النَّخْلِ وَتُشْرِكُنِي فِي الثَّمَرِ]
(بَابُ إذَا قَالَ اكْفِنِي مَئُونَةَ النَّخْلِ، أَوْ غَيْرِهِ وَتُشْرِكُنِي فِي الثَّمَرِ) حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ رَافِعٍ أَنْبَأَ شُعَيْبٌ أَنْبَأَ أَبُو الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «قَالَتْ الْأَنْصَارُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: اقْسِمْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ إخْوَانِنَا النَّخِيلَ قَالَ: لَا فَقَالَ: تَكْفُونَا الْمَئُونَةَ وَنُشْرِكُكُمْ فِي الثَّمَرَةِ قَالُوا: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا» . كُلُّ ذَلِكَ ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ رحمه الله فِي كِتَابِ الْحَرْثِ.
وَهَذَا الْحَدِيثُ دَلِيلٌ لِجَوَازِ الْمُزَارَعَةِ، أَمَّا صَحِيحُ مُسْلِمٍ رحمه الله فَأَخْبَرَنَا بِهِ جَمَاعَةٌ عَنْ جَمَاعَةٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ الْفَرَاوِيِّ كُلُّهُمْ بِالسَّمَاعِ الْمُتَّصِلِ أَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ عَبْدُ الْغَافِرِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَارِسِيُّ أَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمُّويَةَ الْجُلُودِيُّ أَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُفْيَانَ الْفَقِيهُ ثنا أَبُو الْحُسَيْنِ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ بْنِ الْوَرْدِ بْنِ كُوشَادٍ الْقُشَيْرِيُّ رحمه الله وَرَضِيَ عَنْهُ حَدَّثَنِي ابْنُ مَنْصُورٍ ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ ثنا رَبَاحُ بْنُ أَبِي مَعْرُوفٍ قَالَ: سَمِعْت عَطَاءً عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ، وَعَنْ بَيْعِهَا السِّنِينَ، وَعَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ حَتَّى يَطِيبَ» هَذَا نَصٌّ مِنْ رِوَايَةِ جَابِرٍ فِي النَّهْيِ عَنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ مُطْلَقًا فَالْعَجَبُ دُونَ ذَلِكَ لَمْ يُنْكَرْ إلَّا فِي رِوَايَةِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ.
قَالَ
مُسْلِمٌ: وَحَدَّثَنِي أَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ ثنا حَمَّادٌ يَعْنِي ابْنَ زَيْدٍ عَنْ مَطَرٍ الْوَرَّاقِ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ» .
وَحَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ لَقَبُهُ عَارِمٌ، وَهُوَ ابْنُ النُّعْمَانِ السَّدُوسِيُّ ثنا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ ثنا مَطَرٌ الْوَرَّاقُ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: صلى الله عليه وسلم «مَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ فَلْيَزْرَعْهَا، فَإِنْ لَمْ يَزْرَعْهَا فَلْيُزْرِعْهَا أَخَاهُ» .
حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى ثنا هِقْلٌ يَعْنِي ابْنَ زِيَادٍ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: «كَانَ لِرَجُلٍ فُضُولُ أَرَضِينَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: صلى الله عليه وسلم مَنْ كَانَتْ لَهُ فَضْلُ أَرْضٍ فَلْيَزْرَعْهَا، أَوْ لِيَمْنَحْهَا أَخَاهُ، فَإِنْ أَبَى فَلْيُمْسِكْ أَرْضَهُ» .
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ ثنا مُعَلَّى بْنُ مَنْصُورٍ الرَّازِيّ قَالَ ثنا خَالِدٌ ثنا الشَّيْبَانِيُّ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَخْنَسِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَأْخُذَ لِلْأَرْضِ أَجْرًا، أَوْ حَظًّا» . حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ ثنا أَبِي ثنا عَبْدُ الْمَلِكِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ فَلْيَزْرَعْهَا، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَزْرَعَهَا وَعَجَزَ عَنْهَا فَلْيَمْنَحْهَا أَخَاهُ الْمُسْلِمَ وَلَا يُؤَاجِرْهَا إيَّاهُ» .
وَحَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ ثنا هَمَّامٌ قَالَ: سَأَلَ سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى عَطَاءً فَقَالَ أَحَدَّثَك جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ فَلْيَزْرَعْهَا، أَوْ لِيُزْرِعْهَا أَخَاهُ وَلَا يُكْرِيهَا قَالَ نَعَمْ» هَذِهِ سَبْعُ طُرُقٍ سَاقَهَا مُسْلِمٌ رضي الله عنه عَنْ عَطَاءٍ وَآخِرُهَا تَصْرِيحٌ مِنْ عَطَاءٍ بِأَنَّ جَابِرًا حَدَّثَهُ بِذَلِكَ وَفِي كُلِّهَا النَّهْيُ عَنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ وَسَأَلْت عَنْ الْمُزَارَعَةِ، وَالْمُخَابَرَةِ فَلَمْ يَنْفَرِدْ رَافِعٌ قَالَ مُسْلِمٌ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ثنا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ جَابِرٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ الْمُخَابَرَةِ» .
وَحَدَّثَنِي حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ ثنا سُلَيْمُ بْنُ حَيَّانَ ثنا سَعِيدُ بْنُ مِينَاءَ قَالَ: سَمِعْت جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ كَانَ لَهُ فَضْلُ أَرْضٍ فَلْيَزْرَعْهَا، أَوْ لِيُزْرِعْهَا أَخَاهُ وَلَا تَبِيعُوهَا فَقُلْت لِسَعِيدٍ قَوْلُهُ: وَلَا يَبِيعُوهَا؛ يَعْنِي الْكِرَاءَ قَالَ نَعَمْ» . هَذِهِ مُتَابَعَةٌ مِنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَسَعِيدِ بْنِ مِينَاءَ لَفْظًا فِي رِوَايَتِهِ عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ مُسْلِمٌ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ ثنا زُهَيْرٌ ثنا أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: «كُنَّا نُخَابِرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَنُصِيبُ مِنْ الْقِصْرِيِّ، وَمِنْ كَذَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: صلى الله عليه وسلم مَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ فَلْيَزْرَعْهَا، أَوْ فَلْيُحْرِثْهَا أَخَاهُ وَإِلَّا فَلْيَدَعْهَا» . هَذِهِ مُتَابَعَةٌ مِنْ أَبِي الزُّبَيْرِ لَفْظًا وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَسَعِيدِ بْنِ مِينَاءَ.
قَالَ مُسْلِمٌ: حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ وَأَحْمَدُ بْنُ عِيسَى جَمِيعًا عَنْ ابْنِ وَهْبٍ قَالَ ابْنُ عِيسَى: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ أَنَّ أَبَا الزُّبَيْرِ الْمَكِّيَّ حَدَّثَهُ قَالَ: سَمِعْت جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: «كُنَّا فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَأْخُذُ الْأَرْضَ بِالثُّلُثِ، وَالرُّبُعِ بِالْمَاذِيَانَاتِ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ فَقَالَ: مَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ
فَلْيَزْرَعْهَا، فَإِنْ لَمْ يَزْرَعْهَا فَلْيَمْنَحْهَا أَخَاهُ، فَإِنْ لَمْ يَمْنَحْهَا أَخَاهُ فَلْيُمْسِكْهَا» هَذِهِ مُتَابَعَةٌ مِنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ لِزُهَيْرٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ.
قَالَ مُسْلِمٌ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُثَنَّى ثنا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ ثنا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ ثنا أَبُو سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: سَمِعْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ فَلْيَهَبْهَا، أَوْ لِيُعِرْهَا» . هَذِهِ مُتَابَعَةٌ مِنْ أَبِي سَفِينٍ لِمَنْ قَبْلَهُ عَنْ جَابِرٍ قَالَ مُسْلِمٌ وَحَدَّثَنِيهِ حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ أَنَا أَبُو الْجَوَابِ ثنا عَمَّارُ بْنُ زُرَيْقٍ عَنْ الْأَعْمَشِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: «فَلْيَزْرَعْهَا، أَوْ فَلْيُزْرِعْهَا رَجُلًا» . هَذِهِ مُتَابَعَةٌ مِنْ عَمَّارِ بْنِ زُرَيْقٍ لِأَبِي عَوَانَةَ قَالَ مُسْلِمٌ: وَحَدَّثَنِيهِ هَارُونُ بْنُ مُوسَى الْأَيْلِيُّ ثنا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ أَنَّ بُكَيْرًا حَدَّثَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي سَلَمَةَ حَدَّثَهُ عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ» . هَذِهِ مُتَابَعَةٌ مِنْ النُّعْمَانِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ لِأَصْحَابِ جَابِرٍ قَالَ مُسْلِمٌ: قَالَ بُكَيْر: وَحَدَّثَنِي نَافِعٌ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: كُنَّا نُكُرِي أَرْضنَا ثُمَّ تَرَكْنَا ذَلِكَ حِينَ سَمِعْنَا حَدِيثَ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ لَعَلَّ ابْنَ عُمَرَ لَمْ يَبْلُغْهُ حَدِيثُ جَابِرٍ فَإِنَّ حَدِيثَ رَافِعٍ كَحَدِيثِ جَابِرٍ.
قَالَ مُسْلِمٌ: ثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى أَنْبَأَ أَبُو خَيْثَمَةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعِ الْأَرْضِ الْبَيْضَاءِ سَنَتَيْنِ، أَوْ ثَلَاثًا» .
وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَمْرٌو النَّاقِدُ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ قَالُوا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ حُمَيْدٍ الْأَعْرَجِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَتِيقٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: «نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعِ السَّنَتَيْنِ» ، وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ «بَيْعِ الثَّمَرِ سَنَتَيْنِ» هَاتَانِ الْمُبَايَعَتَانِ مِنْ أَبِي الزُّبَيْرِ وَسُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي عَتِيقٍ بِالْمَعْنَى فَإِنَّ الْبَيْعَ لِلْأَرْضِ هُوَ كِرَاؤُهَا فَهُمَا فِي مَعْنَى مَا رَوَاهُ مَنْ تَقَدَّمَ قَالَ مُسْلِمٌ: وَحَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ ثنا أَبُو تَوْبَةَ ثنا مُعَاوِيَةُ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: صلى الله عليه وسلم «مَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ فَلْيَزْرَعْهَا، أَوْ لِيَمْنَحْهَا أَخَاهُ، فَإِنْ أَبَى فَلْيُمْسِكْ أَرْضَهُ» . هَذِهِ الرِّوَايَةُ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه تُوَافِقُ مَا رَوَاهُ رَافِعٌ وَجَابِرٌ رضي الله عنهما. قَالَ مُسْلِمٌ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ الْحُلْوَانِيُّ ثنا أَبُو ثَوْبَةَ ثنا مُعَاوِيَةُ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ نُعَيْمٍ أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ «رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَنْهَى عَنْ الْمُزَابَنَةِ وَالْمُزَابَنَةُ بَيْعُ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ، وَالْمُحَاقَلَةُ اسْتِكْرَاءُ الْأَرْضِ» ، هَذِهِ مُتَابَعَةٌ بِالْمَعْنَى كَمَا قَدَّمْنَاهُ. قَالَ مُسْلِمٌ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ثنا يَعْقُوبُ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَارِيّ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ الْمُحَاقَلَةِ، وَالْمُزَابَنَةِ» . هَذِهِ أَيْضًا مُتَابَعَةٌ بِالْمَعْنَى مِنْ رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه. قَالَ مُسْلِمٌ: حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ أَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ دَاوُد بْنِ الْحُصَيْنِ أَنَّ
أَبَا سُفْيَانَ مَوْلَى ابْنِ أَبِي أَحْمَدَ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُولُ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ الْمُزَابَنَةِ، وَالْمُحَاقَلَةِ» . وَالْمُزَابَنَةُ اشْتِرَاءُ الثَّمَرِ فِي رُءُوسِ النَّخْلِ، وَالْمُحَاقَلَةُ كِرَاءُ الْأَرْضِ. هَذَا أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ أَيْضًا مُوَافِقٌ رَافِعًا وَجَابِرًا وَأَبَا هُرَيْرَةَ، وَإِنْ كَانَ تَفْسِيرُ الْمُحَاقَلَةِ بِكِرَاءِ الْأَرْضِ مِنْهُ.
قَالَ مُسْلِمٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَأَبُو الرَّبِيعِ الْعَتَكِيُّ قَالَ أَبُو الرَّبِيعِ ثنا يَحْيَى ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَمْرٍو قَالَ: سَمِعْت «ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: كُنَّا لَا نَرَى بِالْخَبَرِ بَأْسًا حَتَّى كَانَ عَامُ أَوَّلٍ فَزَعَمَ رَافِعٌ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْهُ» ، الظَّاهِرُ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ لَمْ يَبْلُغْهُ ذَاكَ إلَّا مِنْ حَدِيثِ رَافِعٍ.
قَالَ مُسْلِمٌ: وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ثنا سُفْيَانُ ح وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ دِينَارٍ قَالَا: ثنا إسْمَاعِيلُ، وَهُوَ ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ أَيُّوبَ ح وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيم أَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ كُلُّهُمْ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ وَزَادَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ فَتَرَكْنَاهُ مِنْ أَجْلِهِ مَعْذُورٌ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما وَحَقِيقٌ لَهُ فَإِنَّهُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ الْوَرِعُ.
قَالَ مُسْلِمٌ: وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ ثنا إسْمَاعِيلُ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ قَالَ ابْنُ عُمَرَ: لَقَدْ مَنَعَنَا رَافِعٌ نَفْعَ أَرْضِنَا. وَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ يَحْيَى أَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ «أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يُكْرِي مَزَارِعَهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَفِي إمَارَةِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ رضي الله عنهم وَصَدْرًا مِنْ خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ حَتَّى أَبْلَغَهُ فِي آخِرِ خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ أَنَّ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ يُحَدِّثُ فِيهَا بِنَهْيٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَدَخَلَ عَلَيْهِ وَأَنَا مَعَهُ فَسَأَلَهُ فَقَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَنْهَى عَنْ كِرَاءِ الْمَزَارِعِ فَتَرَكَهَا ابْنُ عُمَرَ وَكَانَ إذَا سُئِلَ عَنْهَا بَعْدُ قَالَ: زَعَمَ ابْنُ خَدِيجٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْهَا» . حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ وَأَبُو كَامِلٍ قَالَا: ثنا حَمَّادٌ وَحَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ ثنا إسْمَاعِيلُ عَنْ أَيُّوبَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ وَزَادَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُلَيَّةَ قَالَ: فَتَرَكَهَا ابْنُ عُمَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَكَانَ لَا يُكْرِيهَا.
وَحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ ثنا أَبِي ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ «نَافِعٍ قَالَ: ذَهَبْت إلَى رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ مَعَ ابْنِ عُمَرَ حَتَّى أَتَاهُ بِالْبَلَاطِ فَأَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ كِرَاءِ الْمَزَارِعِ» . حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي خَلَفٍ وَحَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ قَالَا ثنا زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ أَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو عَنْ زَيْدٍ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ أَتَى رَافِعًا فَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُثَنَّى ثنا حُسَيْنٌ يَعْنِي ابْنَ حَسَنِ بْنِ يَسَارٍ ثنا ابْنُ عَوْفٍ عَنْ نَافِعٍ «أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَأْخُذُ الْأَرْضَ فَنُبِّئَ حَدَّثَنَا عَنْ رَافِعٍ قَالَ: فَانْطَلَقَ بِي مَعَهُ إلَيْهِ قَالَ: فَذَكَرَ عَنْ بَعْضِ عُمُومَتِهِ ذَكَرَ فِيهِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ نَهَى عَنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ قَالَ فَتَرَكَهُ
ابْنُ عُمَرَ فَلَمْ يَأْجُرْهُ» وَحَدَّثَنِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ثنا ابْنُ عَوْنٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ: فَحَدَّثَهُ عَنْ بَعْضِ عُمُومَتِهِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي قَالَ حَدَّثَنِي عُقَيْلُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ «أَنَّ عَبْدَ اللَّهَ بْنَ عُمَرَ كَانَ يُكْرِي أَرَاضِيهِ حَتَّى بَلَغَهُ أَنَّ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ الْأَنْصَارِيَّ كَانَ يَنْهَى عَنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ فَلَقِيَهُ عَبْدُ اللَّهِ فَقَالَ: يَا ابْنَ خَدِيجٍ مَاذَا تُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي كِرَاءِ الْأَرْضِ فَقَالَ رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ لِعَبْدِ اللَّهِ: سَمِعْت عَمَّيَّ وَكَانَا قَدْ شَهِدَا بَدْرًا يُحَدِّثَانِ أَهْلَ الدَّارِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: لَقَدْ كُنْت أَعْلَمُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ الْأَرْضَ تُكْرَى ثُمَّ خَشِيَ عَبْدُ اللَّهِ أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَحْدَثَ فِي ذَلِكَ شَيْئًا لَمْ يَكُنْ عَلِمَهُ فَتَرَكَ كِرَاءَ الْأَرْضِ» .
حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ السَّعْدِيُّ وَيَعْقُوبُ بْنُ إبْرَاهِيمَ قَالَا حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ، وَهُوَ ابْنُ عُلَيَّة عَنْ أَيُّوبَ عَنْ يَعْلَى بْنِ حَكِيمٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ «عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ: كُنَّا نُحَاقِلُ الْأَرْضَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَنُكْرِيهَا بِالثُّلُثِ، وَالرُّبْعِ، وَالطَّعَامِ الْمُسَمَّى فَجَاءَنَا ذَاتَ يَوْمٍ رَجُلٌ مِنْ عُمُومَتِي فَقَالَ: نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَمْرٍ كَانَ لَنَا نَافِعًا، وَطَوَاعِيَةُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ أَنْفَعُ لَنَا نَهَانَا أَنْ نُحَاقِلَ بِالْأَرْضِ فَنُكْرِيهَا عَلَى الثُّلُثِ، وَالرُّبْعِ، وَالطَّعَامِ الْمُسَمَّى وَأَمَرَ رَبَّ الْأَرْضِ أَنْ يَزْرَعَهَا، أَوْ يُزْرِعَهَا وَكَرِهَ كِرَاءَهَا، وَمَا سِوَى ذَلِكَ» .
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى أَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ قَالَ: كَتَبَ إلَيَّ يَعْلَى بْنُ حَكِيمٍ قَالَ: سَمِعْت سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ يُحَدِّثُ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ: كُنَّا نُحَاقِلُ بِالْأَرْضِ فَنُكْرِيهَا بِالثُّلُثِ، وَالرُّبْعِ ثُمَّ ذَكَرَ بِمِثْلِ حَدِيثِ ابْنِ عُلَيَّةَ. حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ ثنا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ ح وَثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى وَثَنَا إِسْحَاقُ أَنَا عَبْدَةُ كُلُّهُمْ عَنْ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ يَعْلَى بْنِ حَكِيمٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ وَحَدَّثَنِيهِ أَبُو الطَّاهِرِ أَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ يَعْلَى بْنِ حَكِيمٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ رَافِعٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يَقُلْ عَنْ بَعْضِ عُمُومَتِهِ. حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ ثنا أَبُو مُسْهِرٍ ثنا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ حَدَّثَنِي أَبُو عَمْرٍو الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ أَبِي النَّجَاشِيِّ مَوْلَى رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ عَنْ رَافِعٍ أَنَّ ظُهَيْرَ بْنَ رَافِعٍ، وَهُوَ عَمُّهُ قَالَ: أَنْبَأَنِي ظُهَيْرٌ قَالَ: «لَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَمْرٍ كَانَ بِنَا رَافِقًا قُلْت: وَمَا ذَاكَ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَهُوَ حَقٌّ قَالَ: سَأَلَنِي كَيْفَ تَصْنَعُونَ بِمَحَاقِلِكُمْ فَقُلْت: نُؤَاجِرُهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلَى الرُّبْعِ، أَوْ الْأَوْسُقِ مِنْ التَّمْرِ، أَوْ الشَّعِيرِ قَالَ: فَلَا
تَفْعَلُوا ازْرَعُوهَا، أَوْ أَزْرِعُوهَا، أَوْ امْسِكُوهَا» . حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي النَّجَاشِيِّ عَنْ رَافِعٍ عَنْ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بِهَذَا وَلَمْ يَذْكُرْ عَنْ عَمِّهِ ظُهَيْرٍ.
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ: قَرَأْت عَلَى مَالِكٍ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ قَيْسٍ أَنَّهُ «سَأَلَ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ عَنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ فَقَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ قَالَ: فَقُلْت بِالذَّهَبِ، وَالْوَرِقِ قَالَ: أَمَّا بِالذَّهَبِ، وَالْوَرِقِ فَلَا بَأْسَ بِهِ» حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَنْبَأ عِيسَى بْنُ يُونُسَ ثنا الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: حَدَّثَنِي حَنْظَلَةُ بْنُ قَيْسٍ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ: «سَأَلْت رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ عَنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ بِالذَّهَبِ، وَالْوَرِقِ فَقَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ إنَّمَا كَانَ النَّاسُ يُؤَاجِرُونَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْمَاذِيَانَاتِ وَأَقْبَالِ الْجَدَاوِلِ وَأَشْيَاءَ مِنْ الزَّرْعِ فَيَهْلَكُ هَذَا وَيَسْلَمُ هَذَا وَيَهْلَكُ هَذَا، فَلَمْ يَكُنْ لِلنَّاسِ كِرَاءٌ إلَّا هَذَا فَلِذَلِكَ زَجَرَ عَنْهُ، فَأَمَّا شَيْءٌ مَضْمُونٌ مَعْلُومٌ فَلَا بَأْسَ بِهِ» .
حَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ ثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ يَحْيَى، وَهُوَ ابْنُ سَعِيدٍ عَنْ حَنْظَلَةَ الزُّرَقِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ «رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ يَقُولُ: كُنَّا أَكْثَرَ الْأَنْصَارِ حَقْلًا قَالَ: كُنَّا نُكْرِي الْأَرْضَ عَلَى أَنَّ لَنَا هَذِهِ وَلَهُمْ هَذِهِ فَرُبَّمَا أَخْرَجَتْ هَذِهِ وَلَمْ تُخْرِجْ هَذِهِ فَنَهَانَا عَنْ ذَلِكَ، وَأَمَّا الْوَرِقُ فَلَمْ يَنْهَنَا» .
هَذِهِ الْأَلْفَاظُ كُلُّهَا لَيْسَ فِيهَا إلَّا النَّهْيُ عَنْ الْكِرَاءِ، وَقَدْ اشْتَرَكَ فِيهِ رَافِعٌ وَجَابِرٌ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَقَرِيبٌ مِنْهُمْ أَبُو سَعِيدٍ وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ النَّهْيُ عَنْ الْمُزَارَعَةِ فَامْتِنَاعُ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَنْ الْكِرَاءِ، وَإِنَّهُ كَانَ لَهُ فِيهِ نَفْعٌ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ الْمُزَارَعَةُ فِي مَعْنَى الْكِرَاءِ بِالثُّلُثِ، وَالرُّبْعِ فَتَرَكَ الْكِرَاءَ، وَالْمُزَارَعَةَ جَمِيعًا لَكِنْ إذَا احْتَمَلَ ذَلِكَ مِنْ حَالِ ابْنِ عُمَرَ وَغَيْرِهِ مِنْ الصَّحَابَةِ، فَالْوَاجِبُ عَلَيْنَا الرُّجُوعُ إلَى اللَّفْظِ، وَاللَّفْظُ نَجِدُهُ مِنْ رِوَايَاتِ الصَّحَابَةِ الْمَذْكُورِينَ نَاهِيًا عَنْ الْكِرَاءِ سَاكِتًا عَنْ الْمُزَارَعَةِ، وَلَيْسَتْ الْمُزَارَعَةُ فِي مَعْنَى الْكِرَاءِ، فَإِنَّ الزَّارِعَ كَالْوَكِيلِ عَنْ صَاحِبِ الْأَرْضِ بِجُعْلٍ.
قَالَ مُسْلِمٌ: حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ ثنا حَمَّادٌ ح وَثَنَا ابْنُ مُثَنَّى ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ جَمِيعًا عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ نَحْوَهُ، وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى ثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ ح وَثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ثنا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ كِلَاهُمَا عَنْ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ قَالَ: سَأَلْت عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُغَفَّلٍ عَنْ الْمُزَارَعَةِ فَقَالَ: أَخْبَرَنِي ثَابِتُ بْنُ الضَّحَّاكِ أَنَّ «رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ الْمُزَارَعَةِ» فِي رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ نَهَى عَنْهَا.
وَقَالَ ابْنُ مُغَفَّلٍ: لَمْ يُسَمِّ عَبْدَ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ ثنا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ أَبُو عَوَانَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ الشَّيْبَانِيِّ «عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ فَسَأَلْنَاهُ عَنْ الْمُزَارَعَةِ فَقَالَ: زَعَمَ ثَابِتٌ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ
- صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ الْمُزَارَعَةِ وَأَمَرَنَا بِالْمُؤَاجَرَةِ، وَقَالَ: نَأْمُرُ» . فَهَاتَانِ الطَّرِيقَتَانِ عَنْ ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ فِي النَّهْيِ عَنْ الْمُزَارَعَةِ، وَالْأَمْرُ بِالْمُؤَاجَرَةِ يُخَالِفُ مَا فَهِمْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ رَافِعٍ وَجَابِرٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَلَمْ يُصَرِّحْ فِي الطَّرِيقِ الْأُولَى بِالْمُؤَاجَرَةِ وَصَرَّحَ بِهَا فِي الثَّانِيَةِ لَكِنْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ أَمَرَ يَعْنِي بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ثَابِتٌ عَنْ ابْنِ الضَّحَّاكِ فَإِنَّهُ كَانَ كَذَلِكَ فَلَعَلَّ النَّهْيَ عَنْ الْمُزَارَعَةِ هِيَ الَّتِي كَانَتْ تُفْعَلُ مَعَ الْغَرَرِ، وَالْجَهَالَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي حَدِيثِ رَافِعٍ فَيَكُونُ النَّهْيُ خَاصًّا بِهَا.
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَمْرٍو «أَنَّ مُجَاهِدًا قَالَ لِطَاوُسٍ: انْطَلِقْ بِنَا إلَى ابْنِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ فَاسْمَعْ مِنْهُ الْحَدِيثَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: فَانْتَهَرَهُ قَالَ: إنِّي وَاَللَّهِ لَوْ أَعْلَمُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْهُ مَا فَعَلْتُهُ وَلَكِنْ حَدَّثَنِي مَنْ هُوَ أَعْلَمُ بِهِ مِنْهُمْ يَعْنِي ابْنَ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَأَنْ يَمْنَحَ الرَّجُلُ أَخَاهُ أَرْضَهُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَأْخُذَ عَلَيْهَا خَرْجًا مَعْلُومًا» .
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ ثنا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ طَاوُسٍ «عَنْ طَاوُسٍ أَنَّهُ كَانَ يُخَابِرُ قَالَ عَمْرٌو: فَقُلْت لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ لَوْ تَرَكْت هَذِهِ الْمُخَابَرَةَ فَإِنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ الْمُخَابَرَةِ فَقَالَ أَيْ عَمْرٌو: أَخْبَرَنِي أَعْلَمُهُمْ بِذَلِكَ يَعْنِي ابْنَ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَنْهَ عَنْهَا إنَّمَا قَالَ: يَمْنَحُ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَأْخُذَ عَلَيْهِ خَرْجًا مَعْلُومًا» هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ فَهِمُوا مِنْ حَدِيثِ رَافِعٍ النَّهْيَ عَنْ الْمُخَابَرَةِ فَلَعَلَّهُمْ يُطْلِقُونَ الْمُخَابَرَةَ عَلَى كِرَاءِ الْأَرْضِ.
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ ثنا الثَّقَفِيُّ عَنْ أَيُّوبَ ح وَثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَإِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ جَمِيعًا عَنْ وَكِيعٍ عَنْ سُفْيَانَ ح وَثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ أَنْبَأَ اللَّيْثُ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ ح وَحَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ ثنا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى عَنْ شَرِيكٍ عَنْ شُعْبَةَ كُلِّهِمْ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَحْوَ حَدِيثِهِمْ.
وَحَدَّثَنِي عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ قَالَ عَبْدٌ أَنَا، وَقَالَ ابْنُ رَافِعٍ ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنَا مَعْمَرٌ عَنْ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَأَنْ يَمْنَحَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ أَرْضَهُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَأْخُذَ عَلَيْهَا كَذَا، وَكَذَا لِشَيْءٍ مَعْلُومٍ قَالَ: وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ هُوَ الْحَقْلُ، وَهُوَ بِلِسَانِ الْأَنْصَارِ الْمُحَاقَلَةُ» .
حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ هَذَا فِيهِ فَائِدَةٌ عَظِيمَةٌ؛ لِأَنَّهُ نَقَلَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَأْخُذَ عَلَيْهَا» فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْأَخْذَ عَلَيْهَا جَائِزٌ
فَيَكُونُ حَدِيثُ رَافِعٍ وَجَابِرٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَمَنْ يُوَافِقُهُمْ الْأَمْرُ فِيهِ لِلنَّدْبِ، وَالِاسْتِحْبَابِ، وَالنَّهْيُ لِلتَّنْزِيهِ، وَالْكَرَاهَةِ وَلَا يَكُونُ فِي ذَلِكَ وُجُوبٌ وَلَا تَحْرِيمٌ وَقَدْ قَرَأْت عَلَى إبْرَاهِيمَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحَيْوِيِّ ثنا حَارِثَةُ بْنُ مَحْمُودِ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ مَنْدَهْ أَنْبَأَ أَبُو الْخَيْرِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْبُحْتُرِيِّ بِبَغْدَادَ حَدَّثَنَا سَعْدٌ أَنَّ ابْنَ نَصْرِ بْنِ مَنْصُورٍ ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ مُحَمَّدُ بْنُ خَازِمٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:«نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ الْمُحَاقَلَةِ، وَالْمُزَابَنَةِ» قَالَ مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ أَنْبَأَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ فَإِنَّهُ إنْ يَمْنَحْهَا أَخَاهُ خَيْرٌ» .
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَاللَّفْظُ لِزُهَيْرٍ قَالَا ثنا يَحْيَى، وَهُوَ الْقَطَّانُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَامَلَ أَهْلَ خَيْبَرَ بِشَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ ثَمَرٍ، أَوْ زَرْعٍ» . وَحَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ السَّعْدِيُّ أَنَا عَلِيٌّ، وَهُوَ ابْنُ مُسْهِرٍ أَنَا عَبْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ:«أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَيْبَرَ بِشَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْ ثَمَرٍ، أَوْ زَرْعٍ وَكَانَ يُعْطِي أَزْوَاجَهُ كُلَّ سَنَةٍ مِائَةَ وَسْقٍ ثَمَانِينَ وَسْقًا مِنْ ثَمَرٍ وَعِشْرِينَ وَسْقًا مِنْ شَعِيرٍ فَلَمَّا وَلِيَ عُمَرُ رضي الله عنه قَسْمَ خَيْبَرَ خَيَّرَ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَقْطَعَ لَهُنَّ الْأَرْضَ، وَالْمَاءَ، أَوْ يَضْمَنَ لَهُنَّ الْأَوْسَاقَ كُلَّ عَامٍ فَاخْتَلَفْنَ فَمِنْهُنَّ مَنْ اخْتَارَ الْأَرْضَ، وَالْمَاءَ، وَمِنْهُنَّ مَنْ اخْتَارَ الْأَوْسَاقَ كُلَّ عَامٍ. وَكَانَتْ عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ مِمَّنْ اخْتَارَتَا الْأَرْضَ، وَالْمَاءَ» .
حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ ثنا أَبِي ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ وَثَنَا نَافِعٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَامَلَ أَهْلَ خَيْبَرَ بِشَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ زَرْعٍ، أَوْ ثَمَرٍ» وَاقْتَصَّ الْحَدِيثَ بِنَحْوِ حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ وَلَمْ يَذْكُرْ وَكَانَتْ عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ مِمَّنْ اخْتَارَتَا الْأَرْضَ، وَالْمَاءَ، وَقَالَ: خَيَّرَ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَقْطَعَ لَهُنَّ الْأَرْضَ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمَاءَ.
وَحَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ عَنْ نَافِعٍ «عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: لَمَّا اُفْتُتِحَتْ خَيْبَرُ سَأَلَتْ يَهُودُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُقِرَّهُمْ فِيهَا عَلَى أَنْ يَعْمَلُوا عَلَى نِصْفِ مَا خَرَجَ مِنْ الثَّمَرِ، وَالزَّرْعِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أُقِرُّكُمْ فِيهَا عَلَى ذَلِكَ مَا شِئْنَا» ثُمَّ سَاقَ الْحَدِيثَ بِنَحْوِ حَدِيثِ ابْنِ نُمَيْرٍ وَابْنِ مُسْهِرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ وَزَادَ فِيهِ: «وَكَانَ الثَّمَرُ يُقْسَمُ عَلَى السُّهْمَانِ مِنْ نِصْفِ خَيْبَرَ فَيَأْخُذُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْخُمُسَ» وَحَدَّثَنِي ابْنُ رُمْحٍ أَنَا اللَّيْثُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ
عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ «دَفَعَ إلَى يَهُودَ خَيْبَرَ نَخْلَ خَيْبَرَ وَأَرْضَهَا عَلَى أَنْ يَعْتَمِلُوهَا مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَلِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَطْرُ ثَمَرِهَا» .
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَاللَّفْظُ لِابْنِ رَافِعٍ قَالَا ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَ ابْنُ جُرَيْجٍ حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَجْلَى الْيَهُودَ، وَالنَّصَارَى مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ وَأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا ظَهَرَ عَلَى خَيْبَرَ أَرَادَ إخْرَاجَ الْيَهُودِ مِنْهَا وَكَانَتْ الْأَرْضُ حِينَ ظَهَرَ عَلَيْهَا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُسْلِمِينَ فَأَرَادَ إخْرَاجَهُمْ مِنْهَا فَسَأَلَتْ الْيَهُودُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُقِرَّهُمْ بِهَا عَلَى أَنْ يَكْفُوا عَمَلَهَا وَلَهُمْ نِصْفُ التَّمْرِ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ: صلى الله عليه وسلم نُقِرُّكُمْ بِهَا عَلَى ذَلِكَ مَا شِئْنَا فَقَرُّوا بِهَا حَتَّى أَجْلَاهُمْ عُمَرُ رضي الله عنه إلَى تَيْمَاءَ وَأَرْيِحَاءَ» . هَذَا مَا ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ رحمه الله فِي صَحِيحِهِ مِنْ ذَلِكَ وَاَلَّذِي يَجِبُ أَنْ يُنْظَرَ فِيهِ مِنْهُ مَوْضِعَانِ.
أَحَدُهُمَا رِوَايَةُ ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ وَفَهْمُ مَعْنَاهَا، وَالْآخَرُ فَهْمُ طَاوُسٍ، وَمَنْ كَلَّمَهُ فِي الْمُخَابَرَةِ مِنْ حَدِيثِ رَافِعٍ، وَقَدْ نَبَّهْنَا عَلَيْهِ وَلَكِنْ زِيدَ زِيَادَةُ تَحْقِيقٍ.
أَمَّا سُنَنُ أَبِي دَاوُد فَقَدْ سَمَّعْتهَا جَمِيعًا عَلَى شَيْخِنَا الْحَافِظِ أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ بْنِ خَلَفٍ الدِّمْيَاطِيِّ بِسَمَاعِهِ لِجَمِيعِهَا مِنْ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ الْمُقَيَّرِ بِإِجَازَتِهِ الْحَافِظَ أَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ الْخَطِيبِ قَالَ أَنْبَأَ أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَمْرٍو اللُّؤْلُؤِيُّ قَالَ ثنا أَبُو دَاوُد سُلَيْمَانُ بْنُ الْأَشْعَثِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ بَشِيرِ بْنِ شَدَّادٍ السِّجِسْتَانِيُّ قَالَ أَبُو دَاوُد ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ.
وَحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ ثنا بِشْرٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ الْوَلِيدِ بْنِ أَبِي الْوَلِيدِ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: «قَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ يَغْفِرُ اللَّهُ لِرَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ أَنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالْحَدِيثِ مِنْهُ أَنَّهُ أَتَى رَجُلَانِ قَالَ مُسَدَّدٌ مِنْ الْأَنْصَارِ قَدْ اقْتَتَلَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إنْ كَانَ هَذَا شَأْنَكُمْ فَلَا تُكْرُوا الْمَزَارِعَ» زَادَ مُسَدَّدٌ فَسَمِعَ قَوْلَهُ: لَا تُكْرُوا الْمَزَارِعَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ عَظِيمٌ فِي الْعِلْمِ، وَالْعَجَبُ مِنْهُ إذَا لَمْ يَبْلُغْهُ حَدِيثُ جَابِرٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ، أَوْ يَكُونُ الْأَمْرُ عَلَى خِلَافِ مَا أَفْهَمُهُ أَنَا، وَقَدْ أَخْبَرَنَا بِهِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد مُوسَى بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَعَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ هَارُونَ بِقِرَاءَتِي عَلَى الثَّانِي وَقَرَأَهُ عَلَى الْأَوَّلِ وَأَنَا أَسْمَعُ قَالَا مُحَمَّدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ الْإِرْبِلِيُّ حُضُورًا أَنْبَأَ شُهْدَةُ بِنْتُ أَحْمَدَ الْكَاتِبَةُ أَنْبَأَ طِرَادُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَنْبَأَ الْحُسَيْنُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَيَّاشٍ الْقَطَّانُ أَنْبَأَ أَبُو الْأَشْعَثِ أَحْمَدُ بْنُ مِقْدَامٍ الْعِجْلِيُّ أَنْبَأَ يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ فَذَكَرَهُ فَوَقَعَ عَالِيًا بِدَرَجَتَيْنِ كَأَنِّي سَمِعْته مِمَّنْ سَمِعَهُ مِنْ الْخَطِيبِ وَكَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ أَبِي دَاوُد فِيهِ أَرْبَعَةُ رِجَالٍ وَيَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ الْمُسَاوِي لِابْنِ أَبِي شَيْبَةَ
وَابْنِ عُلَيَّةَ، وَهُوَ إسْمَاعِيلُ بَيْنِي وَبَيْنَهُ سِتَّةُ رِجَالٍ، وَهَذَا عَزِيزُ الْوُجُودِ وَلَمَّا ذَكَرَ عَبْدُ الْحَقِّ هَذَا الْحَدِيثَ فِي الْأَحْكَامِ قَالَ: لَا يَثْبُتُ هَذَا؛ لِأَنَّ فِي إسْنَادِهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْمَدِينِيُّ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ هَكَذَا نَقَلْتُهُ مِنْ كِتَابِ ابْنِ الْقَطَّانِ وَلَمْ أَرَهُ فِي الْأَحْكَامِ ثُمَّ قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ هَكَذَا أَحْمِلُ تَعْلِيلَهُ فَأَمَّا أَبُو عُبَيْدَةَ فَهُوَ عَلَى أَصْلِهِ غَيْرَ عَمَلِهِ فَإِنَّهُ أَوْرَدَ مِنْ رِوَايَتِهِ وَلَمْ يُبَيِّنْهُ حَدِيثُ «مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ» وَسَكَتَ عَنْهُ، أَمَّا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ فَهُوَ الْمَعْرُوفُ بِعَبَّادٍ، وَهُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ.
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِكْرِمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَبِيبَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ «سَعْدٍ قَالَ: كُنَّا نُكْرِي الْأَرْضَ بِمَا عَلَى السَّوَاقِي مِنْ الْمَزَارِعِ، وَمَا سُقِيَ بِالْمَاءِ مِنْهَا فَنَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ وَأَمَرَنَا أَنْ نُكْرِيَهَا بِذَهَبٍ، أَوْ فِضَّةٍ» .
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَبِيبَةَ ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ لَكِنْ قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ لَيْسَ حَدِيثُهُ بِشَيْءٍ. وَمُحَمَّدُ بْنُ عِكْرِمَةَ ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَلَيْسَ لَهُ فِي الْكُتُبِ إلَّا هَذَا الْحَدِيثُ.
وَفِي بَعْضِ أَلْفَاظِهِ رَخَّصَ لَنَا أَنْ نُكْرِيَهَا بِذَهَبٍ، أَوْ فِضَّةٍ، وَهَذَا هُوَ الْمُحْتَاجُ إلَيْهِ.، وَأَمَّا النَّهْيُ عَنْ الْكِرَاءِ مَا ذَكَرَهُ فَقَدْ عُرِفَ مِنْ حَدِيثٍ غَيْرِهِ، أَمَّا الْمُزَارَعَةُ، وَالْمُخَابَرَةُ فَلَيْسَ فِيهِ تَعَرُّضٌ لَهُمَا كَمَا قُلْنَا فِي حَدِيثِ رَافِعٍ وَغَيْرِهِ.
فَفِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ هَذَا فَائِدَةٌ عَظِيمَةٌ، وَهُوَ الرِّوَايَةُ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الرُّخْصَةُ بِكِرَاءِ الْأَرْضِ بِذَهَبٍ، أَوْ فِضَّةٍ إمَّا أَمْرًا وَإِمَّا رُخْصَةً هَذَا دَلِيلُ الْجُمْهُورِ فِي جَوَازِ كِرَائِهَا بِذَلِكَ فَهُوَ الْحَقُّ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَذَكَرَ أَبُو دَاوُد حَدِيثَ عُقَيْلٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يُكْرِي أَرْضَهُ حَتَّى بَلَغَهُ أَنَّ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ الْحَدِيثَ قَالَ أَبُو دَاوُد رَوَاهُ أَيُّوبُ وَعُبَيْدُ اللَّهِ وَكَثِيرُ بْنُ فَرْقَدٍ وَمَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَرَوَاهُ الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ حَفْصِ بْنِ عِنَانٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ رَافِعٍ قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ أَبُو دَاوُد.
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ زَيْدُ بْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ أَتَى رَافِعًا فَقَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ نَعَمْ قَالَ أَبُو دَاوُد وَرَوَاهُ عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي النَّجَاشِيِّ عَنْ رَافِعٍ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَانْظُرْ هَذِهِ الطُّرُقَ كَيْفَ صَرَّحَ فِيهَا رَافِعٌ بِسَمَاعِهِ مِنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ مُخَالَفَةٌ لِرِوَايَتِهِ عَنْ عَمِّهِ وَغَيْرِهِ
لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ سَمِعَهُ مِنْ عَمِّهِ ثُمَّ سَمِعَهُ مِنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَرَوَاهُ الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ أَبِي النَّجَاشِيِّ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ عَنْ عَمِّهِ ظُهَيْرِ بْنِ رَافِعٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
قَالَ أَبُو دَاوُد: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ مَيْسَرَةَ ثنا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ ثنا سَعِيدٌ عَنْ يَعْلَى بْنِ حَكِيمٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ «أَنَّ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ قَالَ: كُنَّا نُخَابِرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ أَنَّ بَعْضَ عُمُومَتِهِ أَتَاهُ فَقَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَمْرٍ كَانَ لَنَا نَافِعًا، وَطَوَاعِيَةُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ أَنْفَعُ لَنَا، وَأَنْفَعُ قَالَ: قُلْنَا: وَمَا ذَاكَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: صلى الله عليه وسلم مَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ فَلْيَزْرَعْهَا، أَوْ يُزْرِعْهَا أَخَاهُ وَلَا يُكَارِيهَا بِثُلُثٍ وَلَا رُبْعٍ وَلَا بِطَعَامٍ مُسَمًّى» .
هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِالْمُخَابَرَةِ كِرَاءَ الْأَرْضِ فَلَيْسَ فِيهِ مَنْعٌ مِنْ الْمُخَابَرَةِ الْمَعْرُوفَةِ قَالَ أَبُو دَاوُد ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ثنا وَكِيعٌ ثنا عَمْرٌو عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: جَاءَنَا أَبُو رَافِعٍ مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَمْرٍ كَانَ يَرْفُقُ بِنَا، وَطَاعَةُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ أَرْفَقُ بِنَا نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَزْرَعَ أَحَدُنَا إلَّا أَرْضًا يَمْلِكُ رَقَبَتَهَا، أَوْ مَنِيحَةً يَمْنَحُهَا رَجُلٌ» . هَذَا فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى مَنْعِ الْكِرَاءِ.
أَمَّا الْمُزَارَعَةُ، وَالْمُخَابَرَةُ الْمَعْرُوفَتَانِ فَلَا.
قَالَ أَبُو دَاوُد: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ ثنا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدِ بْنِ أُسَيْدِ بْنِ ظُهَيْرٍ قَالَ: جَاءَنَا رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ فَقَالَ: «إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَاكُمْ عَنْ أَمْرٍ كَانَ لَكُمْ نَافِعًا، وَطَاعَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْفَعُ لَكُمْ إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَنْهَاكُمْ عَنْ الْحَقْلِ، وَقَالَ: مَنْ اسْتَغْنَى عَنْ أَرْضِهِ فَلْيَمْنَحْهَا أَخَاهُ، أَوْ يَدَعْ» قَالَ أَبُو دَاوُد: وَهَكَذَا رَوَاهُ شُعْبَةُ وَمُفَضَّلُ بْنُ مُهَلْهَلٍ عَنْ مَنْصُورٍ قَالَ شُعْبَةُ أُسَيْدٌ ابْنُ أَخِي رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ثنا يَحْيَى ثنا «أَبُو جَعْفَرٍ الْخِطْمِيُّ قَالَ: بَعَثَنِي عَمِّي أَنَا وَغُلَامٌ لَهُ إلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ فَقُلْنَا: شَيْءٌ بَلَغَنَا عَنْك فِي الْمُزَارَعَةِ فَقَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ لَا يَرَى بِهَا بَأْسًا حَتَّى بَلَغَهُ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ فِي حَدِيثٍ فَأَتَاهَا فَأَخْبَرَهُ رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَتَى بَنِي حَارِثَةَ فَرَأَى زَرْعًا فِي أَرْضِ ظُهَيْرٍ فَقَالَ: مَا أَحْسَنَ زَرْعَ ظُهَيْرٍ فَقَالُوا: لَيْسَ لِظُهَيْرٍ قَالَ: أَلَيْسَ أَرْضُ ظُهَيْرٍ قَالُوا: بَلَى وَلَكِنَّهُ زَرْعُ فُلَانٍ قَالَ: فَخُذُوا زَرْعَكُمْ وَرُدُّوا عَلَيْهِ النَّفَقَةَ قَالَ رَافِعٌ: فَأَخَذْنَا زَرْعَنَا وَرَدَدْنَا إلَيْهِ النَّفَقَةَ قَالَ سَعِيدٌ أَفْقِرْ أَخَاك، أَوْ أَكْرِهِ بِالدَّرَاهِمِ» .
قَوْلُهُ أَفْقِرْ أَخَاك يَعْنِي أَعِرْهُ تَقُولُ أَفْقَرْتُك نَاقَتِي أَيْ أَعَرْتُكهَا. وَأَبُو جَعْفَرٍ الْخِطْمِيُّ اسْمُهُ عُمَيْرُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ أَبُو دَاوُد: ثنا مُسَدَّدٌ قَالَ ثنا أَبُو الْأَحْوَصِ
ثنا طَارِقُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ رَافِعٍ قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ الْمُحَاقَلَةِ، وَالْمُزَابَنَةِ، وَقَالَ: إنَّمَا يَزْرَعُ ثَلَاثَةٌ: رَجُلٌ لَهُ أَرْضٌ فَهُوَ يَزْرَعُهَا، وَرَجُلٌ مُنِحَ أَرْضًا فَهُوَ يَزْرَعُ مَا يُمْنَحُ، وَرَجُلٌ اسْتَكْرَى بِذَهَبٍ، أَوْ فِضَّةٍ» .
قَرَأْت عَلَى سَعِيدِ بْنِ يَعْقُوبَ الطَّالَقَانِيِّ قُلْت: حَدَّثَكُمْ ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ شُجَاعٍ ثنا «عُثْمَانُ بْنُ سَهْلِ بْنِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ: إنِّي لَيَتِيمٌ فِي حِجْرِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ وَحَجَجْت مَعَهُ فَجَاءَهُ أَخِي عِمْرَانُ بْنُ سَهْلٍ فَقَالَ: أَكْرَيْنَا أَرْضَنَا فُلَانَةَ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَقَالَ: دَعْهُ فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ» حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ثنا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ ثنا مَكِّيٌّ يَعْنِي ابْنَ عَامِرٍ عَنْ ابْنِ أَبِي نُعْمٍ قَالَ: حَدَّثَنِي «رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ أَنَّهُ زَرَعَ أَرْضًا فَمَرَّ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَسْقِيهَا فَسَأَلَهُ لِمَنْ الزَّرْعُ وَلِمَنْ الْأَرْضُ فَقَالَ: زَرْعِي بِبَذْرِي وَعَمَلِي لِي الشَّطْرُ وَلِبَنِي فُلَانٍ الشَّطْرُ فَقَالَ: أَرْبَيْتُمَا فَرُدَّ الْأَرْضَ عَلَى أَهْلِهَا وَخُذْ نَفَقَتَك» .
هَذِهِ وَاقِعَةُ حَالٍ لَا نَدْرِي هَلْ زَرَعَ بِإِذْنِ أَهْلِهَا، أَوْ لَا، أَوْ كَانَتْ إجَارَةً، أَوْ مُزَارَعَةً، أَوْ مُخَابَرَةً قَالَ أَبُو دَاوُد: ثنا قُتَيْبَةُ عَنْ شَرِيكٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: صلى الله عليه وسلم «مَنْ زَرَعَ فِي أَرْضِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إذْنِهِمْ فَلَيْسَ لَهُ مِنْ الزَّرْعِ شَيْءٌ وَلَهُ نَفَقَتُهُ» .
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ ثنا إسْمَاعِيلُ وَثَنَا مُسَدَّدٌ أَنَّ حَمَّادًا وَعَبْدَ الْوَارِثِ حَدَّثَاهُ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ قَالَ عَنْ حَمَّادٍ وَسَعْدِ بْنِ مِينَاءَ ثُمَّ اتَّفَقُوا عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ الْمُحَاقَلَةِ، وَالْمُزَابَنَةِ، وَالْمُخَابَرَةِ، وَالْمُعَاوَمَةِ» قَالَ عَنْ حَمَّادٍ قَالَ أَحَدُهُمَا: وَالْمُعَاوَمَةُ، وَقَالَ الْآخَرُ: كَبَيْعِ السَّنَتَيْنِ ثُمَّ اتَّفَقُوا عَنْ الثُّنْيَا وَرَخَّصَ فِي بَيْعِ الْعَرَايَا حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ ثنا ابْنُ رَجَاءٍ يَعْنِي الْمَكِّيَّ ثنا ابْنُ خُثَيْمٍ حَدَّثَنِي عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: سَمِعْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ لَمْ يَذَرْ الْمُخَابَرَةَ فَلْيَأْذَنْ بِحَرْبٍ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ» ، هَذَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ الْكِرَاءَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ الْمُخَابَرَةَ الْمَعْرُوفَةَ لَكِنَّ حَدِيثَ خَيْبَرَ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الْمُخَابَرَةِ
الْمَعْرُوفَةِ فَيُحْمَلُ هَذَا عَلَى الْكِرَاءِ.
قَالَ أَبُو دَاوُد ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ثنا عُمَرُ بْنُ أَيُّوبَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ عَنْ ثَابِتِ بْنِ الْحَجَّاجِ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ الْمُخَابَرَةِ قُلْت، وَمَا الْمُخَابَرَةُ قَالَ: الْمُخَابَرَةُ أَنْ يَأْخُذَ الْأَرْضَ بِنِصْفٍ، أَوْ ثُلُثٍ، أَوْ رُبْعٍ» . هَذَا يَحْتَمِلُ الْكِرَاءَ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ جَمْعًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُعَامَلَةِ خَيْبَرَ.
قَالَ أَبُو دَاوُد: بَابُ الْمُسَاقَاةِ. حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ ثنا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَفَعَ إلَى يَهُودِ خَيْبَرَ نَخْلَ خَيْبَرَ وَأَرْضَهَا عَلَى أَنْ يَعْتَمِلُوهَا مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَأَنَّ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَطْرَ ثَمَرَتِهَا» .
حَدَّثَنَا أَبُو أَيُّوبَ بْنُ مُحَمَّدٍ الرَّقِّيُّ ثنا عُمَرُ بْنُ أَيُّوبَ ثنا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ مِقْسَمٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «افْتَتَحَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم خَيْبَرَ وَاشْتَرَطَ أَنَّ لَهُ الْأَرْضَ وَكُلَّ صَفْرَاءَ وَبَيْضَاءَ قَالَ أَهْلُ خَيْبَرَ: نَحْنُ أَعْلَمُ بِالْأَرْضِ مِنْكُمْ فَأَعْطِنَاهَا عَلَى أَنَّ لَكُمْ نِصْفَ الثَّمَرِ وَلَنَا نِصْفٌ فَزَعَمَ أَنَّهُ أَعْطَاهُمْ عَلَى ذَلِكَ فَلَمَّا كَانَ حِينَ تُصْرَمُ النَّخْلُ بَعَثَ عَلَيْهِمْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ فَحَزَرَ عَلَيْهِمْ النَّخْلَ، وَهُوَ الَّذِي يُسَمِّيهِ أَهْلُ الْمَدِينَةِ الْخَرْصَ فَقَالَ فِي ذِهْ كَذَا، وَكَذَا فَقَالُوا: أَكْثَرْت عَلَيْنَا يَا ابْنَ رَوَاحَةَ قَالَ: فَأَنَا إلَى جِدَادِ النَّخْلِ فَأُعْطِيكُمْ نِصْفَ الَّذِي قُلْت: قَالُوا: هَذَا الْحَقُّ وَبِهِ تَقُومُ السَّمَوَاتُ، وَالْأَرْضُ، وَقَدْ رَضِينَا أَنْ نَأْخُذَهُ بِاَلَّذِي قُلْت» .
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ ثنا حَجَّاجٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرْت عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَبْعَثُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ فَيَخْرُصُ النَّخْلَ حِينَ يَطِيبُ قَبْلَ أَنْ يُؤْكَلَ مِنْهُ ثُمَّ يُخَيِّرُ يَهُودَ يَأْخُذُونَهُ بِذَلِكَ الْخَرْصِ، أَوْ يَدْفَعُونَهُ إلَيْهِمْ بِذَلِكَ الْخَرْصِ لِكَيْ تُحْصَى الزَّكَاةُ قَبْلَ أَنْ تُؤْكَلَ الثِّمَارُ وَتُفَرَّقَ» .
قَالَ أَبُو دَاوُد: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي خَلَفٍ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ طَهْمَانَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: «أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ خَيْبَرَ فَأَقَرَّهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَمَا سَأَلُوهُ وَجَعَلَهَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ فَبَعَثَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ فَخَرَصَهَا عَلَيْهِمْ» .
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَمُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَا ثنا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: خَرَصَهَا ابْنُ رَوَاحَةَ أَرْبَعِينَ أَلْفَ وَسْقٍ.
وَذَكَرَ أَبُو دَاوُد فِي بَابِ حُكْمِ أَرْضِ خَيْبَرَ حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَبِي الزُّرْقَا ثنا أَبِي ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ
عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَحْسَبُهُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَاتَلَ أَهْلَ خَيْبَرَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ إلَى أَنْ قَالَ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُعْطِي كُلَّ امْرَأَةٍ مِنْ نِسَائِهِ ثَمَانِينَ وَسْقًا مِنْ تَمْرٍ وَعِشْرِينَ وَسْقًا مِنْ شَعِيرٍ» .
ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُد الْمَهْرِيُّ ثنا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَقَالَ «وَكَانَ التَّمْرُ يُقْسَمُ عَلَى السُّهْمَانِ مِنْ نِصْفِ خَيْبَرَ وَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْخُمُسَ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَطْعَمَ كُلَّ امْرَأَةٍ مِنْ أَزْوَاجِهِ مِنْ الْخُمُسِ مِائَةَ وَسْقِ تَمْرٍ وَعِشْرِينَ وَسْقِ شَعِيرٍ» .
وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى أَنَّ أَرْضَ خَيْبَرَ أَرْبَعُونَ أَلْفَ عِذْقٍ، أَمَّا جَامِعُ التِّرْمِذِيِّ فَقَرَأْته كُلَّهُ عَلَى جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عُمَرَ الصَّنْهَاجِيُّ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ الْقَسْطَلَّانِيُّ أَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي الْكَرَمِ أَنَا الْبَنَّا أَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ الْكَرُوخِيُّ أَنَا أَبُو عَامِرٍ مَحْمُودُ بْنُ الْقَاسِمِ الْأَزْدِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ الْفُورَّجِيُّ أَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجَرَّاحِيُّ أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْمَحْنُونِيُّ أَنَا أَبُو عِيسَى مُحَمَّدٌ عِيسَى بْنُ سُورَةَ التِّرْمِذِيُّ رحمه الله قَالَ فِي حَدِيثٍ «عَامَلَ أَهْلَ خَيْبَرَ بِشَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ زَرْعٍ» ، وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَغَيْرِهِمْ لَمْ يَرَوْا بَأْسًا بِالْمُزَارَعَةِ عَلَى النِّصْفِ، وَالثُّلُثِ، وَالرُّبْعِ وَاخْتَارَ بَعْضُهُمْ أَنْ يَكُونَ الْبَذْرُ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ، وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ، وَكَرِهَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ الْمُزَارَعَةَ بِالثُّلُثِ، وَالرُّبْعِ وَلَمْ يَرَوْا بِمُسَاقَاةِ النَّخِيلِ بِالثُّلُثِ، وَالرُّبْعِ بَأْسًا، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَالشَّافِعِيِّ وَلَمْ يَرَ بَعْضُهُمْ أَنْ يَصِحَّ شَيْءٌ مِنْ الْمُزَارَعَةِ إلَّا أَنْ يَسْتَأْجِرَ الْأَرْضَ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ.
حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ ثنا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى الشَّيْبَانِيُّ ثنا شَرِيكٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُحَرِّمْ الْمُزَارَعَةَ وَلَكِنْ أَمَرَ أَنْ يَرْفُقَ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ» . هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَفِي الْبَابِ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ حَدِيثُ رَافِعٍ فِيهِ اضْطِرَابٌ يُرْوَى مَعَ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ عَنْ عُمُومَتِهِ وَيُرْوَى عَنْهُ عَنْ ظُهَيْرِ بْنِ رَافِعٍ، وَهُوَ أَحَدُ عُمُومَتِهِ، وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْهُ عَلَى رِوَايَاتٍ مُخْتَلِفَةً. قُلْت: هَذَا الِاضْطِرَابُ لَمْ يَضُرَّ لِمَا بَيَّنْتُهُ.
أَمَّا الْمُجْتَبَى مِنْ الْمُجْتَبَى لِلنَّسَائِيِّ فَسَمَّعْته كُلَّهُ أَكْثَرَهُ عَلَى أَبِي الْحُسَيْنِ عَلِيِّ بْنِ نَصْرِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَبَقِيَّتَهُ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ رَمَضَانَ الشَّافِعِيِّ قَالَا: أَنْبَأَ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عُمَرَ بْنِ بَاقَا قَالَ الْأَوَّلُ سَمَاعًا، وَقَالَ الثَّانِي إجَازَةً
أَنَا أَبُو زُرْعَةَ طَاهِرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَقْدِسِيُّ خَلَا مِنْ بَابِ إذَا تَطَيَّبَ وَاغْتَسَلَ وَبَقِيَ أَثَرٌ بِالطِّيبِ إلَى بَابِ الْبُدَاءَةِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ قَبْلَ السُّورَةِ فَبِإِجَازَتِهِ لِهَذَا الْقَدْرِ إنْ لَمْ يَكُنْ سَمَاعًا مِنْهُ أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حُمَيْدٍ الدُّونِيُّ أَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ الْكَسَّارِ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ السُّنِّيِّ أَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ عَلِيٍّ النَّسَائِيُّ رحمه الله قَالَ ذَكَرَ الْأَحَادِيثَ الْمُخْتَلِفَةَ فِي النَّهْيِ عَنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ بِالثُّلُثِ، وَالرُّبْعِ وَاخْتِلَافَ أَلْفَاظِ النَّاقِلِينَ لِلْخَبَرِ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ أَنَا خَالِدٌ هُوَ ابْنُ الْحَارِثِ قَالَ: قَرَأْت عَلَى عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ رَافِعِ بْنِ أُسَيْدِ بْنِ ظَهِيرٍ عَنْ أَبِيهِ «أُسَيْدِ بْنِ ظُهَيْرٍ أَنَّهُ خَرَجَ إلَى قَوْمِهِ إلَى بَنِي حَارِثَةَ فَقَالَ: يَا بَنِي حَارِثَةَ لَقَدْ دَخَلَتْ عَلَيْكُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا: مَا هِيَ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إذًا نُكْرِيهَا بِشَيْءٍ مِنْ الْحَبِّ قَالَ: لَا وَلَكِنْ نُكْرِيهَا بِالتِّبْنِ فَقَالَ: لَا وَلَكِنَّا نُكْرِيهَا بِمَا عَلَى الرَّبِيعِ السَّاقِي فَقَالَ: لَا ازْرَعْهَا، أَوْ امْنَحْهَا أَخَاك» .
هَذَا إنَّمَا فِيهِ النَّهْيُ عَنْ الْكِرَاءِ قَالَ النَّسَائِيُّ: خَالَفَهُ مُجَاهِدٌ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ ثنا يَحْيَى، وَهُوَ ابْنُ آدَمَ ثنا مُفَضَّلُ بْنُ مُهَلْهَلٍ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أُسَيْدِ بْنِ ظُهَيْرٍ قَالَ: جَاءَنَا رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ فَقَالَ: «إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَاكُمْ عَنْ الْحَقْلِ، وَالْحَقْلُ الثُّلُثُ، وَالرُّبْعُ، وَعَنْ الْمُزَابَنَةِ» وَالْمُزَابَنَةُ شِرَاءُ مَا فِي رُءُوسِ النَّخْلِ بِكَذَا وَكَذَا وَسْقًا مِنْ تَمْرٍ، مُرَادُهُ بِالْمُخَالَفَةِ الْمُخَالَفَةُ فِي الْإِسْنَادِ لَا يَضُرُّ قَالَ النَّسَائِيُّ: أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ثنا مُحَمَّدُ بْنُ شُعْبَةَ عَنْ مَنْصُورٍ سَمِعْت مُجَاهِدًا يُحَدِّثُ عَنْ أُسَيْدِ بْنِ ظُهَيْرٍ قَالَ: جَاءَنَا رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ فَقَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَمْرٍ كَانَ لَنَا نَفْعًا، وَطَاعَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَيْرٌ لَكُمْ نَهَاكُمْ عَنْ الْحَقْلِ. وَقَالَ: مَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ فَلْيَمْنَحْهَا، أَوْ لِيَدَعْهَا وَنَهَى عَنْ الْمُزَابَنَةِ، وَالْمُزَابَنَةُ الرَّجُلُ يَكُونُ لَهُ الْمَالُ الْعَظِيمُ مِنْ النَّخْلِ فَيَجِيءُ الرَّجُلُ فَيَأْخُذُهَا بِكَذَا، وَكَذَا وَسْقًا مِنْ تَمْرٍ» هَذَا أَيْضًا إنَّمَا فِيهِ نَهْيٌ عَنْ الْكِرَاءِ.
قَالَ النَّسَائِيُّ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قُدَامَةَ ثنا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أُسَيْدِ بْنِ ظُهَيْرٍ قَالَ: «أَتَى عَلَيْنَا رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ فَقَالَ: وَلَمْ أَفْهَمْ قَالَ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَاكُمْ عَنْ أَمْرٍ كَانَ يَنْفَعُكُمْ وَطَاعَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَيْرٌ لَكُمْ مِمَّا يَنْفَعُكُمْ» ؛ نَهَاكُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ الْحَقْلِ وَالْحَقْلُ الْمُزَارَعَةُ بِالثُّلُثِ وَالرُّبْعِ فَمَنْ كَانَ لَهُ أَرْضٌ وَاسْتَغْنَى عَنْهَا فَلْيَمْنَحْهَا أَخَاهُ، أَوْ لِيَدَعْ وَنَهَاكُمْ عَنْ الْمُزَابَنَةِ وَالْمُزَابَنَةُ الرَّجُلُ يَجِيءُ إلَى النَّخْلِ الْكَثِيرِ بِالْمَالِ الْعَظِيمِ فَيَقُولُ خُذْهُ بِكَذَا وَكَذَا وَسْقًا مِنْ تَمْرِ ذَلِكَ الْعَامِ، هَذَا يُسَمَّى قُبَالَةً، وَمَعْنَى الْقُبَالَةِ أَنْ يَتَقَبَّلَ الثَّمَرَةَ
بِمِقْدَارٍ، وَهَذَا بَاطِلٌ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ.
قَالَ النَّسَائِيُّ: أَخْبَرَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ ثنا عَفَّانُ ثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ ثنا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ مُجَاهِدٍ حَدَّثَنِي أُسَيْدٌ قَالَ: قَالَ رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ «نَهَاكُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَمْرٍ كَانَ لَنَا نَافِعًا، وَطَاعَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْفَعُ لَنَا قَالَ: مَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ فَلْيَزْرَعْهَا، فَإِنْ عَجَزَ عَنْهَا فَلْيُزْرِعْهَا أَخَاهُ» .
هَذَا مُوَافِقٌ لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ وَغَيْرِهِمَا، قَالَ النَّسَائِيُّ خَالَفَهُ عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ مَالِكٍ. أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ عَمْرٍو عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ «عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: أَخَذْت بِيَدِ طَاوُسٍ حَتَّى دَخَلْت عَلَى ابْنِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ فَحَدَّثَهُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ نَهَى عَنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ فَأَبَى طَاوُسٌ، وَقَالَ: سَمِعْت ابْنَ عَبَّاسٍ لَا يَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا» . وَرَوَاهُ أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ رَافِعٍ مُرْسَلًا، مُرَادُ النَّسَائِيّ بِالْمُخَالَفَةِ الْمُخَالَفَةُ بِالْإِسْنَادِ. قَالَ النَّسَائِيُّ: أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ ثنا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: قَالَ رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ «نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَمْرٍ كَانَ لَكُمْ نَافِعًا: وَأَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الرَّأْسِ، وَالْعَيْنِ نَهَانَا أَنْ نَتَقَبَّلَ الْأَرْضَ بِبَعْضِ خَرْجِهَا» .
قَدْ جَاءَ لَفْظُ التَّقَبُّلِ هُنَا، وَالتَّقَبُّلُ إنْ كَانَ هُوَ الْكِرَاءَ فَقَدْ عُرِفَ حُكْمُهُ مِنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ، وَإِنْ كَانَ هُوَ التَّقَبُّلَ الْمَشْهُورَ وَهُوَ أَنْ يَأْتِيَ إلَى شَجَرٍ مُثْمِرٍ فَيَقُولُ قَدْ تَقَبَّلْته بِكَذَا وَكَذَا وَسْقًا فَهُوَ بَاطِلٌ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ، وَمِمَّنْ ذَكَرَهُ أَبُو عُبَيْدٍ فِي كِتَابِ الْأَمْوَالِ قَالَ النَّسَائِيُّ: تَابَعَهُ إبْرَاهِيمُ بْنُ مُهَاجِرٍ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ أَنَا إسْرَائِيلُ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُهَاجِرِ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ: «مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَرْضِ رَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ قَدْ عَرَفَ أَنَّهُ مُحْتَاجٌ فَقَالَ: لِمَنْ هَذِهِ الْأَرْضُ فَقَالَ: لِفُلَانٍ أَعْطَانِيهَا بِالْأَجْرِ قَالَ: لَوْ مَنَحَهَا أَخَاهُ فَأَتَى رَافِعٌ الْأَنْصَارَ فَقَالَ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَاكُمْ عَنْ أَمْرٍ كَانَ لَنَا نَافِعًا، وَطَاعَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْفَعُ لَكُمْ» ، مُرَادُ النَّسَائِيّ بِالْمُتَابَعَةِ مُتَابَعَةُ إبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ لِأَبِي حُصَيْنٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ رَافِعٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ أَمْرٌ فِي بَيَانِ الْإِسْنَادِ لَا غَيْرُ.
قَالَ النَّسَائِيُّ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَا: ثنا مُحَمَّدٌ ثنا شُعْبَةُ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ الْحَقْلِ» . أَخْبَرَنَا عُمَرُ وَابْنُ عَلِيٍّ عَنْ خَالِدٍ وَهُوَ ابْنُ الْحَارِثِ ثنا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ عَطَاءٍ وَطَاوُسٍ وَمُجَاهِدٍ قَالَ: حَدَّثَ رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ قَالَ: «خَرَجَ إلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَنَهَانَا عَنْ أَمْرٍ كَانَ لَنَا نَافِعًا، وَأَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْفَعُ لَنَا قَالَ: مَنْ كَانَ لَهُ أَرْضٌ فَلْيَزْرَعْهَا، أَوْ لِيَمْنَحْهَا، أَوْ لِيَدَعْهَا» .
وَمِمَّا
يَدُلُّ عَلَى أَنَّ طَاوُسًا لَمْ يَسْمَعْ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ رَافِعٍ مَا أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ ثنا زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ: «كَانَ طَاوُسٌ يَكْرَهُ أَنْ يُؤَاجِرَ أَرْضَهُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ وَلَا يَرَى بِالثُّلُثِ وَلَا الرُّبْعِ بَأْسًا فَقَالَ لَهُ مُجَاهِدٌ: اذْهَبْ إلَى ابْنِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ فَاسْمَعْ حَدِيثَهُ فَقَالَ: إي وَاَللَّهِ لَوْ أَعْلَمُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْهُ مَا فَعَلْتُهُ وَلَكِنْ أَخْبَرَنِي مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْهُ ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إنَّمَا قَالَ: لَأَنْ يَمْنَحَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ أَرْضَهُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَأْخُذَ عَلَيْهَا خَرَاجًا مَعْلُومًا» .
وَقَدْ اُخْتُلِفَ عَلَى عَطَاءٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَيْسَرَةَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ رَافِعٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهُ.
وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ كَانَ لَهُ أَرْضٌ فَلْيَزْرَعْهَا، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ أَنْ يَزْرَعَهَا فَلْيَمْنَحْهَا أَخَاهُ الْمُسْلِمَ وَلَا يُزْرِعْهَا إيَّاهُ» .
أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ ثنا يَحْيَى ثنا عَبْدُ الْمَلِكِ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: صلى الله عليه وسلم «مَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ فَلْيَزْرَعْهَا، أَوْ لِيَمْنَحْهَا أَخَاهُ وَلَا يُكْرِيهَا» ، تَابَعَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ وَالْأَوْزَاعِيُّ أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ حَمْزَةَ حَدَّثَنِي الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ:«كَانَ لِأُنَاسٍ فُضُولُ أَرَضِينَ يُكْرُونَهَا بِالنِّصْفِ، وَالثُّلُثِ، وَالرُّبْعِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ فَلْيَزْرَعْهَا، أَوْ يُزْرِعْهَا، أَوْ يُمْسِكْهَا» ، وَافَقَهُ مَطَرُ بْنُ طَهْمَانَ.
أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ مُحَمَّدٍ هُوَ أَبُو عُمَيْرِ بْنُ النَّحَّاسِ وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ قَالَا: حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ عَنْ ابْنِ شَوْذَبَ عَنْ مَطَرٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «مَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ فَلْيَزْرَعْهَا، أَوْ لِيُزْرِعْهَا وَلَا يُؤَاجِرْهَا» .
أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ بْنِ إبْرَاهِيمَ عَنْ يُونُسَ ثنا حَمَّادٌ عَنْ مَطَرٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ رَفَعَهُ «نَهَى عَنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ» . جَمِيعُ هَذِهِ الطُّرُقِ إنَّمَا تَدُلُّ عَلَى النَّهْيِ عَنْ الْكِرَاءِ قَالَ النَّسَائِيُّ وَوَافَقَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ جُرَيْجٍ عَلَى النَّهْيِ عَنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ. أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ثنا الْمُفَضَّلُ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ وَأَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «نَهَى عَنْ الْمُخَابَرَةِ» . يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ الْكِرَاءَ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فَلَيْسَ صَرِيحًا فِي مَنْعِ الْمُخَابَرَةِ الْمَعْرُوفَةِ.
قَالَ النَّسَائِيُّ تَابَعَهُ يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ أَخْبَرَنِي زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ ثنا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ ثنا يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «نَهَى عَنْ الْمُحَاقَلَةِ، وَالْمُزَابَنَةِ، وَالْمُخَابَرَةِ، وَالثُّنْيَا إلَّا أَنْ تُعْلَمَ» .
وَفِي رِوَايَةِ هَمَّامِ بْنِ يَحْيَى كَالدَّلِيلِ
عَلَى أَنَّ عَطَاءً لَمْ يَسْمَعْ مِنْ جَابِرٍ حَدِيثَهُ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «مَنْ كَانَ لَهُ أَرْضٌ فَلْيَزْرَعْهَا» أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى ثنا أَبُو نُعَيْمٍ ثنا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: سَأَلَ عَطَاءٌ سُلَيْمَانَ بْنَ مُوسَى قَالَ: حَدَّثَ جَابِرٌ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ فَلْيَزْرَعْهَا، أَوْ لِيُزْرِعْهَا أَخَاهُ وَلَا يُكْرِيهَا أَخَاهُ» .
وَقَدْ رَوَى النَّهْيَ عَنْ الْمُحَاقَلَةِ يَزِيدُ بْنُ نُعَيْمٍ عَنْ جَابِرٍ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إدْرِيسَ ثنا أَبُو تَوْبَةَ ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَّامٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ نُعَيْمٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «نَهَى عَنْ الْحَقْلِ، وَالْمُزَابَنَةِ، وَالْمُحَاقَلَةِ، وَالْمُحَاضَرَةِ، وَالْمُخَابَرَةِ قَالَ الْمُحَاضَرَةُ بَيْعُ التَّمْرِ قَبْلَ أَنْ يَزْهُوَ وَالْمُخَابَرَةُ بَيْعُ الْأَرْضِ بِكَذَا وَكَذَا صَاعًا» .
خَالَفَهُ عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ فَقَالَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ ثنا سُفْيَانُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ الْمُحَاقَلَةِ، وَالْمُزَابَنَةِ» .
خَالَفَهُمَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو فَقَالَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ حَدَّثَنَا يَحْيَى، وَهُوَ ابْنُ آدَمَ ثنا عَبْدُ الرَّحِيمِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ:«نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ الْمُحَاقَلَةِ، وَالْمُزَابَنَةِ» ، خَالَفَهُمَا الْأَسْوَدُ بْنُ الْعَلَاءِ فَقَالَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ أَخْبَرَنِي زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ إبْرَاهِيمَ ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ حُمْرَانَ ثنا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ الْأَسْوَدِ بْنِ الْعَلَاءِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «نَهَى عَنْ الْمُحَاقَلَةِ، وَالْمُزَابَنَةِ» رَوَاهُ الْقَسَمُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ.
أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ ثنا أَبُو عَاصِمٍ ثنا عُثْمَانُ بْنُ مُرَّةَ قَالَ: سَأَلْتُ الْقَسَمَ عَنْ الْمُزَارَعَةِ فَحَدَّثَ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «نَهَى عَنْ الْمُحَاقَلَةِ وَالْمُزَابَنَةِ» .
قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَرَّةً أُخْرَى أَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ قَالَ قَالَ أَبُو عَاصِمٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ مُرَّةَ قَالَ سَأَلْتُ الْقَسَمَ عَنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ فَقَالَ قَالَ رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «نَهَى عَنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ» .
هَذَا مُبَيَّنٌ، وَمَا قَبْلَهُ مِنْ الْمُخَابَرَةِ، وَالْمُحَاقَلَةِ وَنَحْوِهَا مُجْمَلٌ فَيُحْمَلُ الْمُجْمَلُ عَلَى الْمُبَيَّنِ وَلَا يُعَارَضُ قَالَ النَّسَائِيُّ وَاخْتُلِفَ عَلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ فِيهِ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ثنا يَحْيَى عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْخِطْمِيِّ وَاسْمُهُ عُمَيْرُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ: أَرْسَلَنِي عَمِّي وَغُلَامًا لَهُ إلَى سَعِيدٍ أَسْأَلُهُ عَنْ الْمُزَارَعَةِ فَقَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ لَا يَرَى بِهَا بَأْسًا حَتَّى بَلَغَهُ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ حَدِيثٌ فَلَقِيَهُ فَقَالَ رَافِعٌ: «أَتَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَنِي حَارِثَةَ فَرَأَى
زَرْعًا فَقَالَ مَا أَحْسَنَ زَرْعَ ظُهَيْرٍ قَالُوا: لَيْسَ لِظُهَيْرٍ قَالَ: أَلَيْسَ أَرْضُ ظُهَيْرٍ فَقَالُوا: بَلَى وَلَكِنَّهُ أَزْرَعَهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: صلى الله عليه وسلم خُذُوا زَرْعَكُمْ وَرُدُّوا إلَيْهِ نَفَقَتَهُ» .
هَذَا ظَاهِرٌ فِي مَنْعِ الْمُزَارَعَةِ الْمَعْرُوفَةِ فَلْيُنْظَرْ فِيهِ قَالَ النَّسَائِيُّ وَرَوَاهُ طَارِقُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ سَعِيدٍ وَاخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِيهِ أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ ثنا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ طَارِقٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ الْمُحَاقَلَةِ، وَالْمُزَابَنَةِ، وَقَالَ: إنَّمَا يَزْرَعُ ثَلَاثَةٌ: رَجُلٌ لَهُ أَرْضٌ فَهُوَ يَزْرَعُهَا، أَوْ رَجُلٌ مُنِحَ أَرْضًا فَهُوَ يَزْرَعُ مَا مُنِحَ، وَرَجُلٌ اسْتَكْرَى أَرْضًا بِذَهَبٍ، أَوْ فِضَّةٍ» . هَذَا لَيْسَ مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. قَالَ النَّسَائِيُّ: مَيَّزَهُ إسْرَائِيلُ عَنْ طَارِقٍ فَأَرْسَلَ الْكَلَامَ الْأَوَّلَ وَجَعَلَ الْآخَرَ مِنْ كَلَامِ سَعِيدٍ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى أَنَا إسْرَائِيلُ عَنْ طَارِقٍ عَنْ سَعِيدٍ قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ الْمُحَاقَلَةِ» .
قَالَ سَعِيدٌ فَذَكَرَ نَحْوَهُ، وَرَوَاهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ طَارِقٍ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، وَهُوَ ابْنُ مَيْمُونٍ ثنا مُحَمَّدٌ ثنا سُفْيَانُ عَنْ طَارِقٍ قَالَ: سَمِعْت سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ: لَا يُصْلِحُ الزَّرْعَ غَيْرُ ثَلَاثٍ: أَرْضٍ يَمْلِكُ رَقَبَتَهَا، أَوْ مِنْحَةٍ، أَوْ أَرْضٍ بَيْضَاءَ يَسْتَأْجِرُهَا بِذَهَبٍ، أَوْ فِضَّةٍ. وَرَوَى الزُّهْرِيُّ الْكَلَامَ الْأَوَّلَ عَنْ سَعِيدٍ فَأَرْسَلَهُ أَخْبَرَنَا الْحَارِثُ بْنُ مِسْكِينٍ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ عَنْ ابْنِ الْقَسَمِ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «نَهَى عَنْ الْمُحَاقَلَةِ، وَالْمُزَابَنَةِ» رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنُ لَبِيبَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ فَقَالَ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ ثنا عَمِّي ثنا أَبِي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِكْرِمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنِ لَبِيبَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: «كَانَ أَصْحَابُ الْمَزَارِعِ يُكْرُونَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَزَارِعَهُمْ بِمَا يَكُونُ عَلَى السَّاقِي مِنْ الزَّرْعِ فَجَاءُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُكْرُوا فَاخْتَصَمُوا فِي بَعْضِ ذَلِكَ فَنَهَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِذَلِكَ، وَقَالَ: اُكْرُوا بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ» . وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي إبَاحَةِ الْكِرَاءِ قَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي سَنَدِهِ قَالَ النَّسَائِيُّ: وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثَ سُلَيْمَانُ عَنْ رَافِعٍ فَقَالَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ عُمُومَتِهِ فَذَكَرَ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ صَحِيحِ مُسْلِمٍ.
ثُمَّ قَالَ أَيُّوبُ: لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ يَعْلَى وَذَكَرَ الطَّرِيقَ الَّتِي فِيهَا كَتَبَ إلَيَّ، وَقَدْ رَوَيْنَاهَا مِنْ مُسْلِمٍ ثُمَّ قَالَ رَوَاهُ سَعِيدٌ عَنْ يَعْلَى بْنِ حَكِيمٍ وَذَكَرَ ثُمَّ قَالَ رَوَاهُ حَنْظَلَةُ بْنُ قَيْسٍ عَنْ رَافِعٍ وَاخْتُلِفَ عَلَى رَبِيعَةَ فِي رِوَايَتِهِ فَذَكَرَهُ مِنْ طَرِيقِ اللَّيْثِ.
وَمِنْ طَرِيقِ الْأَوْزَاعِيِّ، وَمِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ وَسُفْيَانَ كُلُّهُمْ عَنْ رَبِيعَةَ ثُمَّ قَالَ رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ حَنْظَلَةَ وَرَفَعَهُ كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ رَبِيعَةَ وَذَكَرَهُ ثُمَّ قَالَ: رَوَاهُ
سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ وَاخْتُلِفَ عَلَى الزُّهْرِيِّ فِيهِ وَذَكَرَهُ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ وَشُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ فَأَرْسَلَهُ شُعَيْبٌ قَالَ عَنْ الزُّهْرِيِّ بَلَغَنَا «أَنَّ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ يُحَدِّثُ أَنَّ عَمَّهُ يَزْعُمُ وَكَانَ شَهِدَ بَدْرًا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ» هَذَا صَرِيحٌ فِي النَّهْيِ عَنْ الْكِرَاءِ.
قَالَ النَّسَائِيُّ وَرَوَاهُ عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ شُعَيْبٍ وَلَمْ يَذْكُرْ عَمَّهُ وَرَوَاهُ نَافِعٌ عَنْ رَافِعٍ وَاخْتُلِفَ عَلَيْهِ فَذَكَرَهُ مِنْ طَرِيقِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ وَابْنِ عَوْنٍ وَأَيُّوبَ وَكَثِيرِ بْنِ فَرْقَدٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَحَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ وَهِشَامٍ كُلُّهُمْ عَنْ نَافِعٍ ثُمَّ قَالَ رَوَاهُ ابْنُ عُمَرَ عَنْ رَافِعٍ وَذَكَرَهُ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَاخْتُلِفَ عَلَى عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَذَكَرَ سِتَّ طُرُقٍ إلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: جَمَعَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ الْحَدِيثَيْنِ.
وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ وَجَابِرٌ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمِسْوَرِ ثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَجَابِرٍ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهُ وَنَهَى عَنْ الْمُخَابَرَةِ كِرَاءِ الْأَرْضِ بِالثُّلُثِ، وَالرُّبْعِ» .
هَذَا صَرِيحٌ فِي تَفْسِيرِ الْمُخَابَرَةِ بِالْكِرَاءِ لَكِنَّهُ يُحْتَمَلُ لَأَنْ يَكُونَ سَمَّى الْمُزَارَعَةَ، أَوْ الْمُخَابَرَةَ كِرَاءً قَالَ النَّسَائِيُّ رَوَاهُ أَبُو النَّجَاشِيِّ عَطَاءُ بْنُ صُهَيْبٍ وَاخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِيهِ ذَكَرَهُ، ثُمَّ قَالَ، وَرَوَاهُ بُكَيْر بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ عَنْ أُسَيْدِ بْنِ رَافِعٍ فَجَعَلَ الرِّوَايَةَ لِأَخِي رَافِعٍ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ أَنَا حِبَّانُ ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ لَيْثٍ حَدَّثَنِي بُكَيْر بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ عَنْ أُسَيْدِ بْنِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ «أَنَّ أَبَاهُ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ قَالَ لِقَوْمِهِ: قَدْ نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْيَوْمَ عَنْ شَيْءٍ كَانَ لَكُمْ نَافِعًا. وَأَمْرُهُ طَاعَةٌ وَخَيْرٌ نَهَى عَنْ الْحَقْلِ» وَذَكَرَ حَدِيثَ عِيسَى بْنِ سَهْلِ بْنِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ الْمُتَقَدِّمَ عَنْ أَبِي دَاوُد وَلَفْظُ النَّسَائِيّ فِيهِ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ أَنَا حِبَّانُ أَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَنَا سَعِيدُ بْنُ يَزِيدَ أَبُو شُجَاعٍ قَالَ: حَدَّثَنِي «عِيسَى بْنُ سَهْلِ بْنِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ: إنِّي لَيَتِيمٌ فِي حِجْرِ جَدِّي رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ وَبَلَغْتُ رَجُلًا وَحَجَجْت مَعَهُ فَجَاءَ أَخِي عِمْرَانُ بْنُ سَهْلِ بْنِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ فَقَالَ: يَا أَبَتَاهُ إنَّا قَدْ أَكْرَيْنَا أَرْضَنَا فُلَانَةَ بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَقَالَ: يَا بُنَيَّ دَعْ ذَلِكَ فَإِنَّ اللَّهَ سَيَجْعَلُ لَكُمْ رِزْقًا غَيْرَهُ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ نَهَى عَنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ» .
هَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ فَهِمَ أَنَّ النَّهْيَ عَنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ مُطْلَقًا، وَلَوْ بِالدَّرَاهِمِ قَالَ النَّسَائِيُّ وَذَكَرَ قَوْلَ ابْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ الْمُتَقَدِّمَ ذَكَرَ الِاخْتِلَافَ الْمَأْثُورَ فِي الْمُزَارَعَةِ عَنْ ابْنِ عَوْنٍ كَانَ مُحَمَّدٌ يَقُولُ: الْأَرْضُ عِنْدِي مِثْلُ مَالِ الْمُضَارَبَةِ وَكَانَ لَا يَرَى بَأْسًا أَنْ يَدْفَعَ أَرْضَهُ إلَى الْأَكَّارِ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ فِيهَا بِنَفْسِهِ وَوَلَدِهِ وَأَعْوَانِهِ وَبَقَرِهِ وَلَا يُنْفِقُ
شَيْئًا وَتَكُونُ النَّفَقَةُ كُلُّهَا مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ، هَذَا ابْنُ سِيرِينَ، وَهُوَ إمَامٌ يُلْحِقُ الْأَرْضَ بِالْمُضَارَبَةِ، وَهُوَ قُدْوَةٌ.
قَالَ النَّسَائِيُّ أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ ثنا اللَّيْثُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «دَفَعَ إلَى يَهُودِ خَيْبَرَ نَخْلَ خَيْبَرَ وَأَرْضَهَا عَلَى أَنْ يَعْمَلُوهَا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنَّ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَطْرَ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا» . وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ خَيْرَ مَا أَنْتُمْ صَانِعُونَ أَنْ يُؤَاجِرَ أَحَدُكُمْ أَرْضَهُ بِالذَّهَبِ وَالْوَرِقِ. وَعَنْ إبْرَاهِيمَ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهُمَا كَانَا لَا يَرَيَا بَأْسًا بِاسْتِئْجَارِ الْأَرْضِ الْبَيْضَاءِ.
هَذَا كُلُّهُ مِنْ سُنَنِ النَّسَائِيّ الصَّغِيرِ الَّذِي هُوَ رِوَايَتُنَا وَوَقَفْتُ عَلَى هَذَا الْمَكَانِ مِنْ النَّسَائِيّ الْكَبِيرِ وَلَمْ أَرَ فِيهِ كَبِيرَ زِيَادَةٍ عَلَى ذَلِكَ، وَفِيهِ عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ قَيْسٍ سَأَلْت رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ عَنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ الْبَيْضَاءِ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فَقَالَ حَلَالٌ لَا بَأْسَ بِهِ ذَلِكَ فَرْضُ الْأَرْضِ.
رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ حَنْظَلَةَ بْن قَيْسٍ وَرَفَعَهُ كَمَا رَوَاهُ مَالِكُ بْنُ رَبِيعَةَ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ عَرَبِيٍّ فِي حَدِيثِهِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ يَحْيَى عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ قَيْسٍ عَنْ رَافِعِ بْن خَدِيجٍ قَالَ: «نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ كِرَاءِ أَرْضِنَا وَلَمْ يَكُنْ يَوْمَئِذٍ ذَهَبٌ وَلَا فِضَّةٌ وَكَانَ الرَّجُلُ يُكْرِي أَرْضَهُ بِمَا عَلَى الرَّبِيعِ وَالْأَقْبَالِ وَأَشْيَاءَ مَعْلُومَةٍ وَسَاقَهُ» .
وَأَمَّا سُنَنُ ابْنِ مَاجَهْ فَقَدْ قَرَأْته جَمِيعَهُ عَلَى أَقَضَى الْقُضَاةِ جَمَالِ الدِّينِ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَظِيمِ السَّقَطِيِّ رحمه الله بِإِجَازَتِهِ مِنْ أَبِي بَكْرٍ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ بْنِ بَاقَا أَخْبَرَنَا أَبُو زُرْعَةَ طَاهِرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ طَاهِرٍ الْمَقْدِسِيُّ رحمه الله بِجَمِيعِ الْكِتَابِ خَلَا الْجُزْءِ الْأَوَّلِ وَالْعَاشِرِ وَالسَّابِعَ عَشَرَ وَهُوَ الْأَخِيرُ فَبِالْإِجَازَةِ مِنْهُ بِإِجَازَتِهِ عَنْ أَبِي مَنْصُورٍ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْهَيْثَمِ الْمُقَوِّمِيِّ أَنْ لَمْ يَكُنْ سَمَاعًا ثُمَّ ظَهَرَ سَمَاعُهُ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو طَلْحَةَ الْقَسَمُ بْنُ أَبِي الْمُنْذِرِ الْخَطِيبُ قَالَ ثنا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ بَحْرٍ الْقَطَّانُ ثنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ مَاجَهْ رحمه الله.
وَكَانَتْ قِرَاءَتِي لِهَذَا الْكِتَابِ عَلَى ابْنِ السَّقَطِيِّ رحمه الله فِي مَجَالِسَ آخِرُهَا يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ الثَّالِثُ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ عَامَ سِتٍّ وَسَبْعِمِائَةٍ بِجَامِعِ الْأَقْمَرِ بِالْقَاهِرَةِ قَالَ ابْنُ مَاجَهْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى ثنا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ الثَّوْرِيِّ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أُسَيْدِ بْنِ ظُهَيْرِ ابْنِ أَخِي رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ عَنْ «رَافِعٍ قَالَ: كَانَ أَحَدُنَا إذَا اسْتَغْنَى عَنْ أَرْضِهِ أَعْطَاهَا بِالثُّلُثِ، وَالرُّبْعِ، وَالنِّصْفِ وَاشْتَرَطَ ثَلَاثَ جَدَاوِلَ، وَالْقُصَارَةَ، وَمَا سَقَى الرَّبِيعُ وَكَانَ الْعَيْشُ إذْ ذَاكَ شَدِيدًا وَكَانَ يَعْمَلُ فِيهَا بِالْحَدِيدِ، وَمَا شَاءَ اللَّهُ وَيُصِيبُ مِنْهَا مَنْفَعَةً فَأَتَانَا رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ فَقَالَ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ أَمْرٍ كَانَ لَنَا مَنْفَعَةً وَطَاعَةُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم أَنْفَعُ لَكُمْ إنَّ
رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَاكُمْ عَنْ الْحَقْلِ وَيَقُولُ: مَنْ اسْتَغْنَى عَنْ أَرْضِهِ فَلْيَمْنَحْهَا أَخَاهُ، أَوْ لِيَدَعْ» .
الْقُصَارَةُ بِالضَّمِّ مَا بَقِيَ فِي السُّنْبُلِ بَعْدَ مَا يُدَاسُ، قَالَ ابْنُ مَاجَهْ أَيْضًا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ أَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ «عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ: قُلْت لِطَاوُسٍ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ لَوْ تَرَكْتُ هَذِهِ الْمُخَابَرَةَ فَإِنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْهُ قَالَ قَالَ أَيْ عَمْرٌو إنِّي أُعِينُهُمْ وَأُعْطِيهِمْ إنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ أَخَذَ النَّاسَ عَلَيْهَا عِنْدَنَا وَأَنَّ أَعْلَمَهُمْ يَعْنِي ابْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَنْهَ عَنْهَا وَلَكِنْ قَالَ: لَأَنْ يَمْنَحَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَأْخُذَ عَلَيْهَا أَجْرًا مَعْلُومًا» .
وَالظَّاهِرُ أَنَّ الَّذِي كَانَ يَفْعَلُهُ طَاوُسٌ هُوَ الْمُخَابَرَةَ الْمَكْرُوهَةَ، وَكَانَ يَكْرَهُ كِرَاءَ الْأَرْضِ قَالَ ابْنُ مَاجَهْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ ثَابِتٍ الْجَحْدَرِيُّ ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ خَالِدٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ طَاوُسٍ أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ أَكْرَى الْأَرْضَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ عَلَى الثُّلُثِ، وَالرُّبْعِ فَهُوَ يُعْمَلُ بِهِ إلَى يَوْمِك هَذَا.
وَبَوَّبَ ابْنُ مَاجَهْ فِي (مُعَامَلَةِ خَيْبَرَ) مُعَامَلَةَ النَّخِيلِ، وَالْكُرُومِ لَكِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِي أَحَادِيثِ الْبَابِ إلَّا النَّخْلَ، وَالْأَرْضَ مُعَاذٌ رضي الله عنه أَعْلَمُ النَّاسِ بِالْحَلَالِ، وَالْحَرَامِ. هَذِهِ أَحَادِيثُ الْكُتُبِ السِّتَّةِ الَّتِي هِيَ أُصُولُ الْإِسْلَامِ، وَهِيَ كَافِيَةٌ لِمَنْ أَحَاطَ بِهَا وَلَا يَبْقَى بَعْدَهَا إلَّا فَهْمٌ يُؤْتِيهِ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ.
وَذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ أَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فِيمَا يُحْسَبُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَاتَلَ أَهْلَ خَيْبَرَ حَتَّى أَلْجَأَهُمْ إلَى قَصْرِهِمْ فَغَلَبَ عَلَى الْأَرْضِ، وَالنَّخْلِ، وَالزَّرْعِ فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ دَعْنَا نَكُنْ فِي هَذِهِ الْأَرْضِ نُصْلِحُهَا وَنَقُومُ عَلَيْهَا وَلَمْ يَكُنْ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَا لِأَصْحَابِهِ غِلْمَانٌ يَقُومُونَ عَلَيْهَا فَأَعْطَاهُمْ خَيْبَرَ عَلَى أَنَّ لَهُمْ الشَّطْرَ مِنْ كُلِّ نَخْلٍ وَزَرْعٍ وَشَيْءٍ مَا بَدَا لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ يَأْتِيهِمْ كُلَّ عَامٍ يَخْرُصُهَا عَلَيْهِمْ ثُمَّ يَضْمَنُهُمْ الشَّطْرَ فَشَكَوْا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي عَامٍ شِدَّةَ خَرْصِهِ وَأَرَادُوا أَنْ يُرْشُوهُ فَقَالَ: يَا أَعْدَاءَ اللَّهِ تُطْعِمُونِي السُّحْتَ لَقَدْ جِئْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ أَحَبِّ النَّاسِ إلَيَّ وَلَأَنْتُمْ أَبْغَضُ إلَيَّ مِنْ عِدَّتِكُمْ مِنْ الْقِرَدَةِ، وَالْخَنَازِيرِ وَلَا يَحْمِلُنِي بُغْضِي إيَّاكُمْ وَحُبِّي إيَّاهُ عَلَى أَنْ لَا أَعْدِلَ عَلَيْكُمْ فَقَالُوا: بِهَذَا قَامَتْ السَّمَوَاتُ، وَالْأَرْضُ» .
قَوْلُهُ كُلَّ عَامٍ فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ خَيْبَرَ فُتِحَتْ فِي صَفَرٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَابْنُ رَوَاحَةَ اُسْتُشْهِدَ فِي مُؤْتَةَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ فَمُدَّةُ حَيَاتِهِ بَعْدَ فَتْحِ خَيْبَرَ سَنَةٌ وَنِصْفٌ، وَقَدْ سَمَّعْت سُنَنَ الدَّارَقُطْنِيِّ رحمه الله جَمِيعَهُ عَلَى شَيْخِنَا الْحَافِظِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ الدِّمْيَاطِيِّ رحمه الله قَالَ أَنَا الْحَافِظُ يُوسُفُ بْنُ خَلِيلٍ سَمَاعًا عَلَيْهِ بِقِرَاءَتِي أَنَا أَبُو الْفَتْحِ نَاصِرُ الدِّينِ مُحَمَّدٌ الْوَتَرِيُّ
أَنَا إسْمَاعِيلُ السَّرَّاجُ الْمَعْرُوفُ بِالْأَحْسَدِ أَنَا أَبُو طَاهِرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مَهْدِيٍّ الْحَافِظُ الدَّارَقُطْنِيُّ ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَغْرَاءَ عَنْ عُبَيْدَةَ الْأَوِدَّاءِ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ فِي مَسِيرٍ لَهُ، فَإِذَا هُوَ بِزَرْعٍ يَهْتَزُّ فَقَالَ: لِمَنْ هَذَا الزَّرْعُ قَالُوا: لِرَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ فَأَرْسَلَ إلَيْهِ وَكَانَ أَخَذَ الْأَرْضَ بِالنِّصْفِ، أَوْ الثُّلُثِ فَقَالَ: اُنْظُرْ نَفَقَتَك فِي الْأَرْضِ فَخُذْهَا مِنْ صَاحِبِ الْأَرْضِ وَادْفَعْ إلَيْهِ أَرْضَهُ وَزَرْعَهُ» . هَذَا مِنْ رِوَايَةِ عَائِشَةَ رضي الله عنها مُوَافِقًا لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ الْحَدِيثِ مِثْلُهُ.
وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا كَانَتْ مُزَارَعَةً وَكَانَ الْبَذْرُ مِنْ الْمَالِكِ، أَوْ يَكُونُ كَالْحَدِيثِ الَّذِي «مَنْ زَرَعَ فِي أَرْضِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إذْنِهِمْ» ، وَيَكُونُ الْإِذْنُ هُنَا كَلَا إذْنٍ لِفَسَادِهِ فَهَذَا أَيْضًا مِمَّا يُنْظَرُ فِيهِ. وَبِالْإِسْنَادِ إلَى الدَّارَقُطْنِيِّ حَدَّثَنَا ابْنُ صَاعِدٍ ثنا يُوسُفُ الْقَطَّانُ وَشُعَيْبُ بْنُ أَيُّوبَ قَالَ: ثنا ابْنُ نُمَيْرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «عَامَلَ أَهْلَ خَيْبَرَ بِشَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْ الزَّرْعِ، وَالنَّخْلِ» .
وَقَالَ يُوسُفُ مِنْ النَّخْلِ، وَالشَّجَرِ، وَقَالَ ابْنُ صَاعِدٍ وَهَمَ فِي ذِكْرِ الشَّجَرِ وَلَمْ يَقُلْهُ غَيْرُهُ.
وَفِي تَصْنِيفِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ قَالَ: سَأَلْت مُوسَى بْنَ طَلْحَةَ فَحَدَّثَنِي أَنَّ عُثْمَانَ أَقْطَعَ خَبَّابًا أَرْضًا وَعَبْدَ اللَّهِ أَرْضًا وَصُهَيْبًا أَرْضًا فَكِلَا جَارِيَّ رَأَيْته يُعْطِي أَرْضَهُ بِالثُّلُثِ، وَالرُّبْعِ عَبْدَ اللَّهِ وَسَعْدًا حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ قَالَ سَعْدٌ وَابْنُ مَسْعُودٍ يَزْرَعَانِ بِالثُّلُثِ، وَالرُّبْعِ.
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ: «عَامَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَهْلَ خَيْبَرَ عَلَى الشَّطْرِ ثُمَّ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ ثُمَّ أَهْلُوهُمْ إلَى الْيَوْمِ يُعْطُونَ الثُّلُثَ، وَالرُّبْعَ» .
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ وَأَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ كُلَيْبِ بْنِ وَائِلٍ قَالَ: قُلْت لِابْنِ عُمَرَ رَجُلٌ لَهُ أَرْضٌ وَلَيْسَ لَهُ بَذْرٌ وَلَا بَقَرٌ فَأَعْطَانِي أَرْضَهُ بِالنِّصْفِ فَزَرَعْتهَا بِبَذْرِي وَبَقَرِي ثُمَّ قَاسَمْته عَلَى النِّصْفِ قَالَ حَسَنٌ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ حَصِيرَةَ عَنْ صَخْرِ بْنِ الْوَلِيدِ عَنْ عَمْرٍو وصليع عَنْ عَلَيَّ أَنَّهُ لَمْ يَرَ بَأْسًا بِالْمُزَارَعَةِ عَلَى النِّصْفِ.
حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: أَرْضِي وَبَعِيرِي سَوَاءٌ. حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو سَمِعْتُ سَالِمًا يَقُولُ أَكْثَرَ ابْنُ خَدِيجٍ عَلَى نَفْسِهِ وَاَللَّهِ لَيُكْرِيهَا كِرَاءَ الْإِبِلِ. هَذَا مُشْكِلٌ لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ رِوَايَةِ جَابِرٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَغَيْرِهِمَا.
وَبِالْإِسْنَادِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُسْهِرٍ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ ابْنِ الْأَسْوَدِ أَنَّهُ كَانَ يُزَارِعُ أَهْلَ السَّوَادِ حَيَاةَ أَبِيهِ حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ عَنْ الْفَضْلِ بْنِ عِيَاضٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ قَالَ: كُنْت أَزْرَعُ
بِالثُّلُثِ، وَالرُّبْعِ وَأَحْمِلُهُ إلَى عَلْقَمَةَ وَالْأَسْوَدِ فَلَوْ رَأَوْا بِهِ بَأْسًا لَنَهَوْنِي. حَدَّثَنَا حَفْصٌ عَنْ عُمَرَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَانَ يَأْمُرُ بِإِعْطَاءِ الْأَرْضِ بِالثُّلُثِ، وَالرُّبْعِ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ إلَى عَدِيٍّ أَنْ يُزَارِعَ بِالثُّلُثِ، وَالرُّبْعِ.
حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ الْقَسَمِ وَابْنِ سِيرِينَ وَأَنَّهُمَا كَانَا لَا يَرَيَانِ بَأْسًا أَنْ يُعْطِيَ الرَّجُلُ أَرْضَهُ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ الثُّلُثَ، أَوْ الرُّبْعَ، أَوْ الْعُشْرَ وَلَا يَكُونَ عَلَيْهِ مِنْ النَّفَقَةِ شَيْءٌ.
حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ: كَانَ أَبِي لَا يَرَى بِكِرَاءِ الْأَرْضِ بَأْسًا. حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ثنا شَرِيكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيسَى قَالَ: كَانَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى أَرْضٌ بِالتَّوْرَاةِ وَكَانَ يَدْفَعُهَا بِالثُّلُثِ فَيُرْسِلَنِي فَأُقَاسِمَهُمْ. مِمَّنْ كَرِهَ أَنْ يُعْطِيَ الْأَرْضَ بِالثُّلُثِ رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ وَثَابِتُ بْنُ الضَّحَّاكِ وَجَابِرٌ بِرِوَايَتِهِمْ.
حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ أَيُّوبَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ عَنْ ثَابِتِ بْنِ الْحَجَّاجِ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ الْمُخَابَرَةِ قَالَ وَمَا الْمُخَابَرَةُ قَالَ أَنْ تَأْخُذَ الْأَرْضَ بِنِصْفٍ أَوْ ثُلُثٍ أَوْ رُبْعٍ» حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ قَالَ: كُنْت جَالِسًا مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إذْ أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: إنَّا نَأْخُذُ الْأَرْضَ مِنْ الدَّهَاقِينِ فَأَعْتَمِلُهَا بِيَدَيَّ وَبَقَرِي فَآخُذُ حَقِّي وَأُعْطِيهِ حَقَّهُ فَقَالَ لَهُ: خُذْ رَأْسَ مَالِكَ وَلَا تَرْدُدْ عَلَيْهِ شَيْئًا فَأَعَادَ عَلَيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ كُلُّ ذَلِكَ يَقُولُ لَهُ هَذَا عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ أَنَّهُ كَرِهَ الْمُزَارَعَةَ بِالثُّلُثِ، وَالرُّبْعِ حَدَّثَنَا حَفْصٌ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ إبْرَاهِيمَ أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يُعْطِيَ الْأَرْضَ بِالثُّلُثِ، وَالرُّبْعِ.
حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ثنا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ قَالَ: لَا يَصْلُحُ مِنْ الزَّرْعِ إلَّا الْأَرْضُ تَمْلِكُ رَقَبَتَهَا، أَوْ أَرْضٌ يُمْنَحُهَا رَجُلٌ. حَدَّثَنَا حَرْبُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ عَنْ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ:«نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ الْمُزَارَعَةِ، وَالْإِجَارَةِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِيَ الرَّجُلُ أَرْضًا، أَوْ تُعَارَ ثُمَّ قَالَ: أَعَارَ أَبِي أَرْضًا مِنْ رَجُلٍ فَزَرَعَهَا وَبَنَى فِيهَا بُنْيَانًا فَخَرَجَ إلَيْهَا فَرَأَى الْبُنْيَانَ فَقَالَ: مَنْ بَنَى هَذَا فَقَالُوا: فُلَانٌ الَّذِي أَعَرْته فَقَالَ أَعِوَضٌ مِمَّا أَعْطَيْته قَالُوا: نَعَمْ قَالَ: لَا أَخْرُجُ حَتَّى يَهْدِمُوهُ» . عَنْ عِكْرِمَةَ لَا بَأْسَ بِكِرَاءِ الْأَرْضِ بِالطَّعَامِ.
عَنْ إبْرَاهِيمَ لَا بَأْسَ أَنْ يَسْتَأْجِرَ الرَّجُلُ الْأَرْضَ الْبَيْضَاءَ بِالْحِنْطَةِ.
زِيَادُ بْنُ أَبِي مُسْلِمٍ سَأَلْت سَعِيدَ بْنَ خَيْبَرَ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ يَعْلَى بْنِ حَكِيمٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ فَلْيَزْرَعْهَا، أَوْ لِيُزْرِعْهَا أَخَاهُ وَلَا يُكْرِيهَا بِثُلُثٍ وَلَا بِطَعَامٍ مُسَمًّى» .
حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ قَالَ: لَا نَرَى بَأْسًا أَنْ يُعَالِجَ الرَّجُلُ النَّخْلَ وَيَقُومَ عَلَيْك بِالثُّلُثِ، وَالرُّبْعِ مَا لَمْ يَرَ هُوَ فِيهِ شَيْئًا.
عَنْ
الْحَسَنِ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ ذَلِكَ بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ.
عَنْ إبْرَاهِيمَ كَانَ يَكْرَهُ كُلَّ شَيْءٍ يُعْمَلُ بِالثُّلُثِ، وَالرُّبْعِ.
عَنْ حَمَّادٍ قَالَ: كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ الْأَجِيرَ فَيَقُولُ: لَك ثُلُثٌ، أَوْ رُبْعٌ مِمَّا تُخْرِجُ أَرْضِي هَذِهِ.
(فَصْلٌ) لِنَقْتَصِرَ مِنْ الْحَدِيثِ، وَالْآثَارِ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ وَنَأْخُذُ فِي كَلَامِ الْعُلَمَاءِ بَعْدَهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه فِي الْأُمِّ فِي كِتَابِ اخْتِلَافِ الْعِرَاقِيِّينَ وَهُمَا أَبُو حَنِيفَةَ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى عَنْ أَبِي يُوسُفَ رحمه الله فِي بَابِ الْمُزَارَعَةِ: وَإِذَا أَعْطَى الرَّجُلُ أَرْضًا مُزَارَعَةً بِالنِّصْفِ، أَوْ الثُّلُثِ، أَوْ الرُّبْعِ، أَوْ أَعْطَى نَخْلًا، أَوْ شَجَرًا مُعَامَلَةً بِالنِّصْفِ، أَوْ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ، أَوْ أَكْثَرَ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ كَانَ يَقُولُ: هَذَا كُلُّهُ بَاطِلٌ وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ: ذَلِكَ جَائِزٌ بَلَغَنَا «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ أَعْطَى خَيْبَرَ بِالنِّصْفِ فَكَانَتْ كَذَلِكَ حَتَّى قُبِضَ وَخِلَافَةُ أَبِي بَكْرٍ وَعَامَّةُ خِلَافَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ» وَبِهِ نَأْخُذُ وَلَنَا قِيَاسٌ هَذَا عِنْدَنَا مَعَ الْأَثَرِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الرَّجُلَ يُعْطِي الرَّجُلَ مَالًا مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ وَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ، وَقَدْ بَلَغَنَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَعَنْ عُثْمَانَ أَنَّهُمْ أَعْطَوْا مَالًا مُضَارَبَةً وَبَلَغَنَا عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُمَا كَانَا يُعْطِيَانِ أَرْضَهُمَا بِالرُّبْعِ، وَالثُّلُثِ.
هَذَا الْكَلَامُ مَعَ قَوْلِهِ وَبِهِ نَأْخُذُ مِنْ كَلَامِ أَبِي يُوسُفَ أَخَذَ بِقَوْلِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى وَتَرَكَ قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِذَا دَفَعَ الرَّجُلُ إلَى الرَّجُلِ النَّخْلَ، أَوْ الْعِنَبَ يَعْمَلُ فِيهِ عَلَى أَنَّ لِلْعَامِلِ نِصْفَ الثَّمَرَةِ، أَوْ ثُلُثَهَا، أَوْ مَا تَشَارَطَا عَلَيْهِ مِنْ جُزْءٍ مِنْهَا فَهَذِهِ الْمُسَاقَاةُ الْحَلَالُ الَّتِي عَامَلَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَهْلَ خَيْبَرَ، وَإِذَا دَفَعَ الرَّجُلُ إلَى الرَّجُلِ أَرْضًا بَيْضَاءَ عَلَى أَنْ يَزْرَعَهَا الْمَدْفُوعَةَ إلَيْهِ فَمَا أَخْرَجَ اللَّهُ مِنْهَا مِنْ شَيْءٍ فَلَهُ جُزْءٌ مِنْ الْأَجْزَاءِ فَهَذِهِ الْمُحَاقَلَةُ، وَالْمُخَابَرَةُ، وَالْمُزَارَعَةُ الَّتِي نَهَى عَنْهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَحْلَلْنَا الْمُعَامَلَةَ فِي النَّخْلِ خَبَرًا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يَكُنْ تَحْرِيمُ مَا حَرَّمْنَا، أَوْجَبَ عَلَيْنَا مِنْ إحْلَالِ مَا حَلَّلْنَا وَلَمْ يَكُنْ لَنَا أَنْ نُصَرِّحَ بِإِحْدَى سُنَنِهِ الْأُخْرَى وَلَمْ نُحَرِّمْ مَا يُحَرِّمُ مَا حَلَّ كَمَا لَا نُحِلُّ بِمَا أَحَلَّ مَا حَرَّمَ وَلَمْ أَرَ بَعْضَ النَّاسِ سَلِمَ مِنْ خِلَافِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ وَاحِدٍ مِنْ الْأَمْرَيْنِ لَا الَّذِي أَحَلَّهُمَا جَمِيعًا فَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنْ سَعْدٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُمَا دَفَعَا مِنْ أَرْضِيهِمَا مُزَارَعَةً مِمَّا لَا يُثْبِتُ مِثْلَهُ أَهْلُ الْحَدِيثِ، وَلَوْ أَثْبَتَهُ مَا كَانَ مِنْ أَحَدٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حُجَّةٌ، أَمَّا قِيَاسُهُ، وَمَا أَجَازَ مِنْ النَّخْلِ، وَالْأَرْضِ عَلَى الْمُضَارَبَةِ فَعَهْدُنَا بِأَهْلِ الْفِقْه يَقِيسُونَ مَا جَاءَ عَمَّنْ دُونَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى مَا جَاءَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم وَعَكْسُ هَذَا جَهْلٌ، وَهُوَ أَيْضًا غَلَطٌ فِي الْقِيَاسِ إنَّمَا أَجَزْنَا الْمُضَارَبَةَ.
وَقَدْ جَاءَ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ أَنَّهَا كَانَتْ قِيَاسًا عَلَى
الْمُعَامَلَةِ فِي النَّخْلِ فَكَانَتْ قِيَاسًا لَا مَتْبُوعَةً مَقِيسًا عَلَيْهَا، فَإِنْ قَالَ: كَيْفَ تُشَبِّهُ الْمُضَارَبَةَ بِالْمُسَاقَاةِ قِيلَ: النَّخْلُ قَائِمَةٌ لِرَبِّ الْمَالِ دَفَعَهَا أَنْ يَعْمَلَ فِيهَا الْمُسَاقِي عَمَلًا يُرْجَى صَلَاحُ ثَمَرَتِهَا عَلَى أَنَّ لَهُ بَعْضَهَا فَلَمَّا كَانَ الْمَالُ الْمَدْفُوعُ قَائِمًا لِرَبِّ الْمَالِ فِي يَدَيْ مَنْ دَفَعَ إلَيْهِ يَعْمَلُ عَمَلًا يَرْجُو بِهِ الْفَضْلَ جَازَ أَنْ يَكُونَ لَهُ بَعْضُ ذَلِكَ الْفَضْلِ عَلَى مَا تَشَارَطَا عَلَيْهِ فَكَانَ مِثْلَ مَعْنَى الْمُسَاقَاةِ، فَإِنْ قَالَ: فَلِمَ لَا يَكُونُ هَذَا فِي الْأَرْضِ قَبْلَ الْأَرْضِ لَيْسَتْ بِاَلَّتِي تَصْلُحُ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ الْفَضْلُ إنَّمَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ غَيْرِهَا وَلَيْسَ بِشَيْءٍ قَائِمٍ يُبَاعُ وَيُؤْخَذُ فَضْلُهُ كَالْمُضَارَبَةِ وَلَا شَيْءَ مُثْمِرٌ بَالِغٌ فَيُؤْخَذُ ثَمَرُهُ كَالنَّخْلِ.
وَإِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ يَحْدُثُ فِيهَا ثُمَّ يَنْصَرِفُ لَا فِي مَعْنَى وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قِيَاسًا عَلَيْهِمَا، وَهُوَ مُفَارِقٌ لَهُمَا فِي الْمُبْتَدَأِ، أَوْ الْمُتَعَقِّبِ، وَلَوْ جَازَ أَنْ يَكُونَ قِيَاسًا مَا جَازَ أَنْ يُقَاسَ شَيْءٌ نَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه فِي مُخْتَصَرِ الْمُزَنِيِّ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ: سَمِعْت عَمْرَو بْنَ دِينَارٍ يَقُول: «كُنَّا نُخَابِرُ وَلَا نَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا حَتَّى أَخْبَرَنَا رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْهَا فَتَرَكْنَاهَا لِقَوْلِ رَافِعٍ» .
قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْمُخَابَرَةُ اسْتِكْرَاءُ الْأَرْضِ بِبَعْضِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَدَلَّتْ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي نَهْيِهِ عَنْ الْمُخَابَرَةِ عَلَى أَنْ لَا تَجُوزَ الْمُزَارَعَةُ عَلَى الثُّلُثِ، وَالرُّبْعِ وَلَا عَلَى جُزْءٍ مِنْ الْأَجْزَاءِ؛ لِأَنَّهَا مَجْهُولَةٌ وَلَا يَجُوزُ الْكِرَاءُ إلَّا مَعْلُومًا وَيَجُوزُ كِرَاءُ الْأَرْضِ بِالذَّهَبِ، وَالْوَرِقِ، وَالْعَبْدِ، وَمَا يَنْبُتُ مِنْ الْأَرْضِ، أَوْ عَلَى صِفَةٍ تُسَمِّيهِ كَمَا يَجُوزُ كِرَاءُ الْمَنَازِلِ وَإِجَارَةُ الْعَبِيدِ انْتَهَى كَلَامُ الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه
فَأَمَّا وُجُوبُ الْعَمَلِ بِالسُّنَنِ كُلِّهَا، وَأَنْ لَا تَرُدَّ إحْدَى السُّنَّتَيْنِ الْأُخْرَى فَصَحِيحٌ، وَذَلِكَ الْوَاجِبُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، أَمَّا الْمُشَابَهَةُ بَيْنَ الْمُضَارَبَةِ، وَالْمُسَاقَاةِ فَصَحِيحٌ، أَمَّا قَطْعُ الشَّبَهِ بَيْنَ الْمُسَاقَاةِ، وَالْمُزَارَعَةِ فَصَحِيحٌ، وَإِنَّ كَمَالَ الْمُشَابَهَةِ الَّتِي بَيْنَ الْمُضَارَبَةِ، وَالْمُسَاقَاةِ لَمْ تُوجَدْ بَيْنَ الْمُسَاقَاةِ، وَالْمُزَارَعَةِ وَلَكِنْ بَيْنَهُمَا أَكْثَرُهَا فَلَوْ لَمْ يَرِدْ نَهْيٌ عَنْهَا لَكَانَ لِإِلْحَاقِهَا بِهَا وَجْهٌ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُشَابَهَةِ فِي الْقِيَاسِ تَمَامُ الْمُشَابَهَةِ وَلَا نَكْتَفِي بِأَدْنَاهَا بَلْ نَعْتَبِرُ مَا يُشِيرُ إلَى الْمَأْخَذِ، وَهُوَ هُنَا كَذَلِكَ وَحَرْفُ الْمَسْأَلَةِ تَحْقِيقُ النَّهْيِ عَنْ الْمُزَارَعَةِ.
وَقَدْ جَاءَ فِي حَدِيثِ ابْنِ خَدِيجٍ وَعَلَيْهِ بَنَى الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه وَسَنَتَكَلَّمُ عَلَيْهِ وَسَوَاءٌ أَثَبَتَ، أَوْ لَمْ يَثْبُتْ فَمَا نَصْنَعُ بِالْمُزَارَعَةِ الَّتِي كَانَتْ فِي خَيْبَرَ، وَقَدْ صَرَّحَ بِأَنَّهُ عَامَلَهُمْ عَلَى شَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ ثَمَرٍ وَزَرْعٍ فَنَحْنُ نَقْطَعُ بِصِحَّةِ تِلْكَ الْمُزَارَعَةِ، وَغَايَةُ مَا يَتَعَذَّرُ بِهِ الْمَانِعُونَ مِنْ الْمُزَارَعَةِ أَنْ يَقُولُوا: إنَّ تِلْكَ الْمُزَارَعَةَ كَانَتْ تَبَعًا لِلْمُسَاقَاةِ وَنَحْنُ نَقُولُ: إنَّ الْأَصْلَ أَنَّهُ مَتَى جَازَ شَيْءٌ، فَإِنَّ الْجَوَازَ يَكُونُ أَصْلًا فِيهِ وَلَا نَقُولُ: إنَّهُ بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ حَتَّى يَرِدَ دَلِيلٌ يَقْتَضِي ذَلِكَ فَهَهُنَا مَعَنَا دَلِيلٌ
مَقْطُوعٌ بِهِ عَلَى جَوَازِهَا، فَإِنْ صَحَّ نَهْيٌ عَنْهَا احْتَجْنَا إلَى الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ إمَّا نَحْمِلُ مُزَارَعَةَ خَيْبَرَ عَلَى التَّبَعِيَّةِ وَإِمَّا بِطَرِيقٍ، وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ النَّهْيُ فَلَا مُعَارَضَةَ فَنُقَرِّرُ مُزَارَعَةَ خَيْبَرَ دَلِيلًا عَلَى الصِّحَّةِ وَتَقْوِيَةً لِمُرَاعَاةِ الشَّبَهِ بَيْنَ الْمُسَاقَاةِ، وَالْمُزَارَعَةِ، وَإِنْ قَصُرَتْ عَنْ الْمُشَابَهَةِ بَيْنَ الْمُسَاقَاةِ، وَالْمُضَارَبَةِ.
أَمَّا مَا وَرَدَ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنهما مِنْ أَنَّهُمَا كَانَا يُعْطِيَانِ مِنْ أَرْضِهِمَا بِالثُّلُثِ، وَالرُّبْعِ فَقَدْ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ، وَقَدْ ذَكَرْنَا عَنْ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ عَلَّقَهُ عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْهُمَا، وَعَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه، وَأَيْضًا قَدَّمْنَا الْإِسْنَادَ إلَيْهِمَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقَيْنِ: أَحَدُهُمَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْهُمَا، وَالْأُخْرَى أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْهُمَا وَمُوسَى بْنُ طَلْحَةَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ، وَقَدْ أَدْرَكَهُمَا وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُهَاجِرٍ رَوَى لَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ وَشَرِيكٌ وَأَبُو الْأَحْوَصِ مُتَقَارِبَانِ وَشَرِيكٌ رَوَى لَهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو الْأَحْوَصِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
فَهَذَا الْأَثَرُ لَوْ كَانَ حَدِيثًا لَمْ يَبْعُدْ الْقَوْلُ بِصِحَّتِهِ فَكَيْفَ وَلَيْسَ بِحَدِيثٍ وَأَيْنَ يُوجَدُ مَذْهَبُ عَالِمٍ بِسَنَدٍ مِثْلِ هَذَا فَلَا أَدْرِي تَوَقَّفَ الشَّافِعِيُّ فِيهِ مِنْ أَيِّ وَجْهٍ وَلَعَلَّهُ لَا يَرْضَى شَرِيكًا وَأَبَا الْأَحْوَصِ، أَوْ لَمْ يَقِفْ عَلَى إسْنَادِهِمَا، أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَنَحْنُ قَدْ بَلَغَنَا فَلَا عُذْرَ لَنَا مَعَ مَنْ وَرَدَ مِثْلُ ذَلِكَ عَنْهُمَا مِنْ الصَّحَابَةِ، وَالتَّابِعِينَ وَهُمْ خَلْقٌ كَثِيرٌ قَدْ تَقَدَّمُوا فِي تَضَاعِيفِ كَلَامِنَا بِحَيْثُ يَحْصُلُ مِنْ مَجْمُوعِ مَا قَدَّمْنَاهُ كَالْعِلْمِ الضَّرُورِيِّ بِثُبُوتِ ذَلِكَ مُزَارَعَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي خَيْبَرَ وَيَعْضُدُ ذَلِكَ اشْتِهَارُ الْكَلَامِ فِي رِوَايَةِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ وَإِمْكَانُ تَأْوِيلِهَا كَمَا سَنَذْكُرُ ذَلِكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَقَدْ جَوَّزَ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه الْمُسَاقَاةَ فِي الْكَرْمِ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْ رُوَاةِ الْحَدِيثِ: إنَّ خَيْبَرَ كَانَ بِهَا كَرْمٌ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ قَالَهُ نَصًّا، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ قِيَاسٌ، وَقَدْ أَتْقَنْتُ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ، وَالْكَرْمُ لَا يُسَاوِي النَّخْلَ فِي جَمِيعِ وُجُوهِهِ وَلَكِنْ فِي بَعْضِهَا وَفِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ فَكَمَا جَازَ قِيَاسُ الْكَرْمِ عَلَى النَّخْلِ فِي الْمُسَاقَاةِ يُمْكِنُ أَنْ يَجُوزَ قِيَاسُ الْمُزَارَعَةِ عَلَى الْمُسَاقَاةِ لَوْ لَمْ يَرِدْ فِيهَا فَكَيْفَ.
وَقَدْ وَرَدَ فِيمَا كَانَ فِي خَيْبَرَ مِنْ زَرْعٍ وَلَمْ يَرِدْ فِي حَدِيثٍ مِنْ الْأَحَادِيثِ أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا جَازَ لِأَجْلِ التَّبَعِيَّةِ، وَالْأَصْلُ إنَّمَا جَازَ فِي الشَّيْءِ يَجُوزُ فِيهِ مِنْ حَيْثُ هُوَ مِنْ غَيْرِ شَرْطِ انْضِمَامٍ إلَى غَيْرِهِ فَلَا تَثْبُتُ هَذِهِ الشَّرْطِيَّةُ إلَّا بِدَلِيلٍ وَلَمْ أَرَ فِيمَا وَقَفْتُ عَلَيْهِ مِنْ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ تَصْرِيحًا بِالتَّأْقِيتِ وَلَا بِاللُّزُومِ، وَقَدْ بَلَغَ الْأَصْحَابَ فِي ذَلِكَ فَذَكَرَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي تَعْلِيقَتِهِ مِنْ بَحْثِ أَصْحَابِنَا مَعَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُمْ احْتَجُّوا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَزُفَرَ فِي إبْطَالِهِمَا الْمُسَاقَاةَ بِنَهْيِهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ الْغَرَرِ، وَالْمُسَاقَاةُ غَرَرٌ؛ لِأَنَّا لَا نَدْرِي أَتُسَلَّمُ الثَّمَرَةُ أَمْ لَا وَبِنَهْيِهِ
- صلى الله عليه وسلم عَنْ الْمُخَابَرَةِ وَادَّعَوْا بِأَنَّهَا الْمُسَاقَاةُ وَبِأَنَّ مِنْ شَرْطِهَا أَنْ تَكُونَ الْمُدَّةُ مَعْلُومَةً، وَهِيَ فِي مَعْنَى الْإِجَارَةِ، وَالْإِجَارَةُ إذَا كَانَتْ الْمُدَّةُ مَجْهُولَةً كَانَتْ بَاطِلَةً وَلِأَنَّ أُصُولَ الْبِطِّيخِ، وَالْقِثَّاءِ، وَالْخِيَارِ تَحْتَاجُ إلَى الْخِدْمَةِ، وَالتَّرْبِيَةِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعَامَلَ عَلَيْهَا بِبَعْضِ نَمَائِهَا وَلَا يَجُوزُ أَنْ نَسْتَأْجِرَ رَاعِيًا لِغَنَمِهِ بِبَعْضِ نَمَائِهَا وَبِأَنَّ الْمُزَارَعَةَ لَا تَصِحُّ، وَهِيَ مَذْكُورَةٌ فِي حَدِيثِ خَيْبَرَ وَبِأَنَّهُ شَرَطَ عَلَيْهِمْ إذَا شَاءَ أَخْرَجَهُمْ.
وَهَذَا الشَّرْطُ لَا يَصِحُّ عِنْدَكُمْ وَبِأَنَّ مُعَامَلَةَ خَيْبَرَ لَمْ تَكُنْ مُسَاقَاةً؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَتَحَهَا عَنْوَةً وَاسْتَرَقَّ أَهْلَهَا فَكَانُوا عَبِيدًا لِلْمُسْلِمِينَ يَعْمَلُونَ فِي أَرَاضِيِهِمْ وَاَلَّذِي شَرَطَ لَهُمْ طُعْمَةً جُعِلَتْ لَهُمْ لَيْسَتْ أُجْرَةً وَأَجَابَ بِأَنَّ نَهْيَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ، وَهَذَا لَيْسَ بِبَيْعٍ، وَلَوْ صَحَّ فَالْغَرَرُ مَا تَرَدَّدَ بَيْنَ جَائِزَيْنِ لَيْسَ أَحَدُهُمَا أَغْلَبَ وَعَقْدُ الْمُسَاقَاةِ لَيْسَ بِغَرَرٍ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنَّهَا تُثْمِرُ كُلَّ سَنَةٍ.
أَمَّا الْمُخَابَرَةُ فَلَيْسَتْ كَمَا فَسَّرُوهُ بَلْ هِيَ اسْتِكْرَاءُ الْأَرْضِ بِبَعْضِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمُسَاقَاةِ، وَالْمُزَارَعَةِ أَنَّ الْأَرْضَ يَجُوزُ إجَارَتُهَا، وَالْأَشْجَارُ لَا يَجُوزُ إجَارَتُهَا لِهَذَا الْغَرَضِ، وَعَنْ دُخُولِ الْمُزَارَعَةِ فِي خَيْبَرَ بِأَنَّهَا عِنْدَنَا تَجُوزُ فِي الْبَيَاضِ الَّذِي فِي تَضَاعِيفِ النَّخْلِ، أَمَّا الْعِلْمُ بِالْمُدَّةِ فَلِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْمُسَاقَاةَ بِالْمُدَّةِ الْمَجْهُولَةِ غَيْرُ جَائِزٍ، وَالْخَبَرُ، وَإِنْ كَانَ مُطْلَقًا فَيَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى أَنَّهُ ذَكَرَ مُدَّةَ كَذَا قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: وَهُوَ غَيْرُ مُسَلَّمٍ لَهُ وَلَمْ نَجِدْ نَقَلَهُ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّهُ ذَكَرَ مُدَّةَ كَذَا قَالَ الْقَاضِي: وَإِنَّمَا أَرَادَ إجْمَاعَ مَنْ قَالَ بِهَا مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ.
أَمَّا شَرْطُ إخْرَاجِهِمْ إذَا شَاءَ فَإِنَّمَا جَازَ ذَلِكَ الشَّرْطُ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؛ لِأَنَّ النَّسْخَ كَانَ يَجُوزُ ذَلِكَ الْوَقْتَ وَكَانَ الْوَحْيُ يَنْزِلُ عَلَيْهِ بِالْأَحْكَامِ وَقْتًا فَوَقْتًا، وَعَنْ كَوْنِهِمْ عَبِيدًا بِأَنَّ عُمَرُ رضي الله عنه أَجْلَاهُمْ وَلَمْ يُبْلِغْ أَحَدًا مِنْهُمْ، وَإِنَّمَا جَعَلْنَاهُ لَازِمًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ لَازِمًا لَكَانَ فِيهِ ضَرَرٌ عَلَى الْعَامِلِ.
وَقَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ رحمه الله فِي تَعْلِيقَتِهِ: إنَّمَا قَالَ أُقِرُّكُمْ؛ لِأَنَّ الْيَهُودَ لَا يَرَوْنَ النَّسْخَ وَكَانُوا يَهُودًا فَشَرَطَ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ قَطْعًا لِتَوَهُّمِ مَنْ يَتَوَهَّمُ فِيهِمْ اللُّزُومَ وَمِثْلُ هَذَا الشَّرْطِ جَائِزٌ لَهُ صلى الله عليه وسلم؛ لِأَنَّهُ كَانَ يُوحَى إلَيْهِ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا يَجُوزُ لِوَاحِدٍ مِنَّا لِعَدَمِ الْوَحْيِ حَتَّى يَذْكُرَ مُدَّةً مَعْلُومَةً كَمَا فِي الْإِجَارَةِ قَالَ: وَالثَّمَرَةُ قِسْمَانِ: قِسْمٌ يُثْمِرُ ثَمَرَةً فِيهَا الْعُشْرُ كَالْكُرُومِ، وَالنَّخْلِ فَيَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ عَلَيْهَا قَوْلًا وَاحِدًا وَقِسْمٌ يُثْمِرُ ثَمَرَةً لَا يَجِبُ فِيهَا الْعُشْرُ، وَهُوَ مَا عَدَا النَّخْلَ، وَالْكُرُومَ كَالتُّفَّاحِ، وَالْخَوْخِ وَنَحْوِهَا، فَفِي جَوَازِ الْمُسَاقَاةِ عَلَيْهَا قَوْلَانِ الْقَدِيمُ يَجُوزُ كَالْكُرُومِ، وَالنَّخْلِ، وَالْجَدِيدُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْخَرْصَ لَا يَتَأَتَّى فِيهَا؛ لِأَنَّ ثِمَارَهَا مُسْتَتِرَةٌ بِالْأَوْرَاقِ وَلَا يَجِبُ فِيهَا الْعُشْرُ.
أَمَّا الْمُسَاقَاةُ عَلَى شَجَرِ الْفِرْصَادِ فَيَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا لَا يَجُوزُ كَسَائِرِ الْأَشْجَارِ، وَالثَّانِي يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الْوَرَقُ
وَأَوْرَاقُهَا ظَاهِرَةٌ يُمْكِنُ الْإِحَاطَةُ بِهَا كَثِمَارِ النَّخْلِ، أَمَّا الْبُقُولُ، وَالزُّرُوعُ الَّتِي لَيْسَ لَهَا أَصْلٌ ثَابِتٌ لَا تَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ قَضِيَّةَ الْمُسَاقَاةِ اسْتِحْقَاقُ الْعَامِلِ جُزْءًا مِنْ نَمَاءِ الْأَصْلِ وَهَلْ يَجُوزُ الْخَرْصُ فِي الْمُسَاقَاةِ كَالزَّكَاةِ.
أَمَّا الزَّكَاةُ فَلَا خِلَافَ فِيهَا، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي أَنَّ الْخَرْصَ غَيْرُهُ، أَوْ تَضْمِينٌ وَلَكِنْ فِي الْمُسَاقَاةِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ لِحَدِيثِ ابْنِ رَوَاحَةَ.
وَالثَّانِي: لَا لِأَنَّهُ ظَنٌّ وَتَخْمِينٌ، وَالْحَدِيثُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مُعَامَلَةً بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَالْمُشْرِكِينَ وَيُعْفَى فِي الْمُعَامَلَةِ مَعَ الْمُشْرِكِينَ عَمَّا لَا يُعْفَى عَنْهُ بَيْنَ اثْنَيْنِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَالْقَوْلَانِ فِي جَوَازِ الْمُسَاقَاةِ عَلَى مَا عَدَا الْكَرْمَ، وَالنَّخْلَ سِيَّانِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي جَوَازِ الْخَرْصِ فِي الْكَرْمِ، وَالنَّخْلِ فِي الْمُسَاقَاةِ إنْ جَوَّزْنَا لَمْ تَجُزْ الْمُسَاقَاةُ فِيمَا عَدَاهُمَا مِنْ الْأَشْجَارِ؛ لِأَنَّ الْخَرْصَ لَا يَتَأَتَّى فِيهَا وَإِلَّا جَازَ؛ لِأَنَّ الْخَرْصَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ سَاقِطُ الِاعْتِبَارِ فِي الْمُسَاقَاةِ فَاسْتَوَى فِيهَا مَا يُخْرَصُ مِنْ الْأَشْجَارِ، وَمَا لَا يُخْرَصُ.
وَقَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ أَيْضًا رحمه الله: هَهُنَا أَرْبَعَةُ عُقُودٍ مُتَقَارِبَةٍ فِي الصُّورَةِ مُخْتَلِفَةٍ فِي الْحُكْمِ: الْقِرَاضُ، وَالْمُسَاقَاةُ جَائِزَانِ، وَالْمُخَابَرَةُ، وَالْمُزَارَعَةُ بَاطِلَتَانِ فَالْمُزَارَعَةُ عَلَى صُورَةِ الْمُسَاقَاةِ غَيْرَ أَنَّا فَرَّقْنَا بَيْنَهُمَا بِالسُّنَّةِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَمْ نَرُدَّ إحْدَى سُنَّتَيْهِ بِالْأُخْرَى أَشَارَ إلَى أَنَّ الْقِيَاسَ هُوَ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا فِي الْجَوَازِ، وَالْمَنْعِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَقَدَ عَلَى الْعَمَلِ فِي الشَّيْءِ بِبَعْضِ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ غَيْرَ أَنَّا اتَّبَعْنَا فِيهَا السُّنَّةَ، وَالسُّنَّةُ فَرَّقَتْ بَيْنَهُمَا فَوَرَدَتْ فِي الْمُسَاقَاةِ بِالْجَوَازِ فَجَوَّزْنَاهَا ثُمَّ قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ أَيْضًا رحمه الله لِلْمُسَاقَاةِ شَبَهٌ بِالْعُقُودِ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا الْتِزَامُ عَمَلٍ عَلَى الذِّمَّةِ وَلَا تَبْطُلُ بِمَوْتِ الْعَامِلِ كَمَا لَا يَبْطُلُ السَّلَمُ بِمَوْتِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ أَخَذَتْ شَبَهًا مِنْ بَيْعِ الْعَيْنِ، وَمِنْ حَيْثُ إنَّهَا عَقْدٌ لَازِمٌ بِعِوَضٍ عَلَى الْعَمَلِ أَخَذَتْ شَبَهًا مِنْ الْإِجَارَةِ فَاشْتُرِطَ فِيهَا التَّأْقِيتُ، وَالْقَدْرُ الَّذِي يُوَقَّتُ بِهِ.
هَذَا كَلَامُ الْقَاضِي وَنَحْنُ نُوَافِقُهُ عَلَيْهِ إلَّا فِي اللُّزُومِ وَاشْتِرَاطِ التَّأْقِيتِ فَلَا دَلِيلَ عَلَيْهِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ شَبَهِهَا بِالْإِجَارَةِ أَنْ تُعْطَى جَمِيعَ أَحْكَامِهَا، وَقَوْلُهُ: إنَّهَا الْتِزَامُ عَمَلٍ فِي الذِّمَّةِ يُمْكِنُ أَنْ يُنَازَعَ فِيهِ وَيُقَالُ: إنَّهَا إذْنٌ كَالْجَعَالَةِ وَلَيْسَتْ بِالْتِزَامٍ وَاَلَّذِي يَقُولُ بِأَنَّهَا جَائِزَةٌ لَازِمَةٌ يَلْزَمُهُ أَنْ يَقُولَ بِهَذَا وَدَلِيلُهُ الْحَدِيثُ وَيُسْتَغْنَى بِذَلِكَ عَنْ حَمْلِ قَوْلِهِ: «أُقِرُّكُمْ مَا أَقَرَّكُمْ اللَّهُ» عَلَى أَنَّهُ خَاصٌّ بِذَلِكَ الزَّمَانِ بَلْ يَكُونُ حُكْمًا ثَابِتًا فِي كُلِّ زَمَانٍ فَالْقَائِلُ بِأَنَّهَا لَازِمَةٌ لَهُ أَنْ يَحْتَجَّ بِهَذَا.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه وَتَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ سِنِينَ وَأَنَا أَقُولُ بِهَذَا فَأَقُولُ يَجُوزُ التَّأْقِيتُ، وَالْإِطْلَاقُ أَمَّا التَّأْقِيتُ فَلِشَبَهِهَا بِالْإِجَارَةِ، أَمَّا الْإِطْلَاقُ فَلِشَبَهِهَا بِالْقِرَاضِ وَعَمَلًا بِالْحَدِيثِ، أَمَّا اللُّزُومُ فَلَا يَثْبُتُ أَصْلًا وَلَا يَأْخُذُ مِنْ الْإِجَارَةِ حُكْمًا مِنْهُ لِمُصَادَمَةِ الْجَوَازِ الْمُقَابِلِ لِلُّزُومِ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ فَأَلْحَقْنَاهَا بِالْقِرَاضِ فِي ذَلِكَ وَحَقِيقَتُهَا تَوْكِيلٌ بِجُعْلٍ. وَجَعَلَ
ابْنُ حَزْمٍ التَّأْقِيتَ فِيهَا مُفْسِدًا وَلَا دَلِيلَ لَهُ عَلَى ذَلِكَ. وَاَلَّذِي دَلَّ الْحَدِيثُ عَلَيْهِ جَوَازُهَا غَيْرَ مُؤَقَّتَةٍ، فَإِنْ قَالَ: لَا نَقُولُ بِالْجَوَازِ إلَّا فِيمَا وَرَدَ فِيهِ الْحَدِيثُ فَيَلْزَمُهُ أَنْ لَا نَقُولَ بِالْجَوَازِ فِي غَيْرِ النَّخْلِ.
وَقَدْ قَالَ: يَجُوزُ فِي كُلِّ الشَّجَرِ وَادَّعَى أَنَّهُ فِي خَيْبَرَ رُمَّانٌ وَلَمْ أَجِدْ ذَلِكَ فِي كَلَامِ غَيْرِهِ، وَلَوْ صَحَّ فَعَلَى ظَاهِرِيَّتِهِ يَلْزَمُ أَنْ لَا يَجُوزَ إلَّا فِي مِثْلِ مَا كَانَ فِي خَيْبَرَ مِنْ الْأَشْجَارِ، وَالزَّرْعِ؛ لِأَنَّهَا وَاقِعَةُ حَالٍ وَلَا دَلِيلَ فِيهَا إلَّا مِنْ الْفِعْلِ، وَالْفِعْلُ لَا عُمُومَ لَهُ، فَإِنْ احْتَجَّ بِإِطْلَاقِ الثَّمَرِ، وَالزَّرْعِ قُلْنَا: لِمَا كَانَ فِيهَا لَا لِغَيْرِهِ وَاَلَّذِي صَرَّحَتْ الرِّوَايَةُ بِأَنَّهُ كَانَ فِيهَا مِنْ الشَّجَرِ هُوَ النَّخْلُ لَمْ يُعْلَمْ غَيْرُهُ وَالشَّافِعِيُّ إنَّمَا أَلْحَقَ الْكَرْمَ بِهِ قِيَاسًا لَا خَبَرًا وَلَمْ يَتَرَدَّدْ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي إلْحَاقِهِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُهُ فِي جَمِيعِ مَعَانِيهِ مِنْ بُرُوزِ الثَّمَرَةِ وَوُجُوبِ الزَّكَاةِ، وَالْحَاجَةِ إلَى الْعَمَلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.
(فَصْلٌ نُلَخِّصُ فِيهِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْأَحَادِيثِ)
أَمَّا حَدِيثُ رَافِعٍ رَوَاهُ عَنْهُ حَنْظَلَةُ فِي الْبُخَارِيِّ كَانَ أَحَدُنَا يُكْرِي أَرْضَهُ فَيَقُولُ: هَذِهِ الْقِطْعَةُ لِي فَالنَّهْيُ لِذَلِكَ وَأَبُو النَّجَاشِيِّ عَنْهُ عَنْ عَمِّهِ ظُهَيْرٍ فِي الْبُخَارِيِّ أَيْضًا يُؤَاجِرُهَا عَلَى الرُّبْعِ وَعَلَى الْأَوْسُقِ، وَالثَّمَرِ. وَابْنُ ح م عُمَرَ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «نَهَى عَنْ كِرَاءِ الْمَزَارِعِ» ، وَقَدْ اخْتَلَفَ الْأُصُولِيُّونَ هَلْ الْحُجَّةُ فِي الْمَحْكِيِّ، أَوْ الْحِكَايَةِ، وَالْبَحْثُ هُنَا فِيهِ يَقْوَى لِمَا فِيهِ مِنْ الْقَرَائِنِ عَلَى إرَادَةِ الْمَحْكِيِّ وَلَا عُمُومَ فِيهِ وَحَنْظَلَةُ عَنْهُ عَنْ عَمَّيْهِ.
وَهُوَ لَا يَقْتَضِي مَنْعَهَا الْمُخْتَلَفِ فِيهِ قَالَ اللَّيْثُ: فِيهِ أَنَّهُ لَوْ نَظَرَ فِيهِ ذُو الْفَهْمِ لَمْ يُجِزْهُ، وَمِنْ صَحِيحِ مُسْلِمٍ ابْنُ عُمَرَ عَنْ رَافِعٍ عَنْ بَعْضِ عُمُومِيَّتِهِ ذَكَرَ فِيهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ «نَهَى عَنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ» . وَابْنُ عُمَرَ أَيْضًا عَنْ رَافِعٍ سَمِعْت عَمَّيَّ وَكَانَا شَهِدَا بَدْرًا يُحَدِّثَانِ أَهْلَ الدَّارِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ» . وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ عَنْ رَافِعٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ عُمُومَتِهِ «نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نُحَاقِلَ بِالْأَرْضِ عَلَى الثُّلُثِ، وَالرُّبْعِ، وَالطَّعَامِ الْمُسَمَّى وَأَمَرَ رَبَّ الْأَرْضِ أَنْ يَزْرَعَهَا، أَوْ يُزْرِعَهَا وَكَرِهَ كِرَاءَهَا، وَمَا سِوَى ذَلِكَ» وَلَمْ يَسْمَعْهُ أَيُّوبُ مِنْ يَعْلَى بْنِ حَكِيمٍ، وَقَدْ كَثُرَتْ طُرُقُ حَدِيثِ رَافِعٍ جِدًّا وَوَجَدْنَاهُ إذَا سَمَّى شَرْحَ صُورَةٍ لَا يُخْتَلَفُ فِي بُطْلَانِهَا وَتَارَةً يُطْلِقُ فَإِطْلَاقُهُ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَحْمُولًا عَلَى مَا سَمَّاهُ فَلَا يُؤْخَذُ بِعُمُومِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْكِ لَفْظَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الَّذِي يَقْتَضِي عُمُومًا فِي تِلْكَ الْوَاقِعَةِ وَغَيْرِهَا هَذَا مَعَ قَوْلِ التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهَا أَنَّهُ مُضْطَرِبٌ وَالشَّافِعِيُّ إنَّمَا رَوَاهُ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ رَافِعٍ، وَهِيَ إحْدَى طُرُقِهِ.
وَقَدْ أَطْلَقَ فِيهَا وَابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما تَرَكَ الْمُزَارَعَةَ لِذَلِكَ تَوَرُّعًا؛ لِأَنَّهُ كَانَ فِي غَايَةِ الْوَرَعِ فَلَمْ تَقُمْ لَنَا حُجَّةٌ عَلَى التَّحْرِيمِ بِحَدِيثِ الْمَذْكُورِ بِحَيْثُ يَنْشَرِحُ
الصَّدْرُ بِذَلِكَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُحْمَلَ النَّهْيُ فِي حَدِيثِهِ عَلَى التَّنْزِيهِ لَا عَلَى التَّحْرِيمِ وَلَيْسَ الِاضْطِرَابُ الَّذِي ذَكَرَهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ مِمَّا يُوجِبُ رَدَّ هَذَا الْحَدِيثِ؛ لِأَنَّ لِكَثْرَةِ الرِّوَايَاتِ لَا نَشُكُّ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ حَصَلَ مِنْ رَافِعٍ، وَإِنَّمَا الِاضْطِرَابُ فِي كَوْنِهِ رَوَاهُ تَارَةً وَأَرْسَلَهُ وَتَارَةً عَنْ عَمِّهِ وَتَارَةً عَنْ عَمَّيْهِ وَتَارَةً عَنْ رَجُلٍ مِنْ عُمُومَتِهِ، وَذَلِكَ لَا يَقْدَحُ فِي صِحَّتِهِ عَنْ رَافِعٍ وَرَافِعٌ صَحَابِيٌّ وَمُرْسَلُهُ صَحِيحٌ لَا يَمْتَنِعُ أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْ عَمَّيْهِ، وَقَدْ يَكُونُ بَعْدَ ذَلِكَ سَمِعَهُ مِنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلَوْ لَمْ يَسْمَعْهُ لَكَفَى سَمَاعُهُ مِنْ عَمَّيْهِ، أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا فَلَا شُبْهَةَ فِي أَنَّ الْحَدِيثَ لَهُ أَصْلٌ، وَإِنَّمَا التَّرَدُّدُ فِي أَنَّ نَهْيَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم هَلْ كَانَ عَامًّا، أَوْ فِي الصُّورَةِ الَّتِي كَانُوا يَفْعَلُونَهَا وَهَلْ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى التَّحْرِيمِ، أَوْ التَّنْزِيهِ هَذَانِ الْأَمْرَانِ هُمَا مَحَلُّ التَّرَدُّدِ وَمُزَارَعَةُ خَيْبَرَ تُرَجِّحُ الْحَمْلَ عَلَى التَّنْزِيهِ، أَوْ عَلَى الصُّورَةِ الَّتِي كَانَتْ تُفْعَلُ خَاصَّةً وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَادَّعَى ابْنُ حَزْمٍ أَنَّ فِعْلَهُ صلى الله عليه وسلم فِي خَيْبَرَ نَاسِخٌ لِنَهْيِهِ فِي إجَارَةِ الْأَرْضِ بِجُزْءٍ مِمَّا يَخْرُجُ مِنْهَا؛ لِأَنَّهُمَا مُتَعَارِضَانِ وَفِعْلُهُ فِي خَيْبَرَ مُسْتَمِرٌّ إلَى وَفَاتِهِ صلى الله عليه وسلم فَيُعْلَمُ أَنَّهُ نَاسِخٌ لِلنَّهْيِ عَنْ مِثْلِهِ وَنَأْخُذُ بِالنَّهْيِ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ كِرَاءُ الْأَرْضِ إلَّا إحْدَى ثَلَاثِ خِصَالٍ؛ إمَّا أَنْ يَزْرَعَهَا صَاحِبُهَا بِنَفْسِهِ وَأَعْوَانِهِ، إمَّا أَنْ يَمْنَحَهَا لِغَيْرِهِ، فَإِنْ اشْتَرَكَا فِي زِرَاعَتِهَا فِي الْآلَةِ، وَالْبَذْرِ، وَالْبَقَرِ فَحَسَنٌ، وَإِمَّا أَنْ يُعْطِيَهَا لِمَنْ يَزْرَعُهَا وَأَعْوَانُهُ وَيَكُونُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ جُزْءٌ مِنْ الْمُغَلِّ النِّصْفُ، أَوْ الثُّلُثُ وَنَحْوُهُ كَقَضِيَّةِ خَيْبَرَ.
أَمَّا حَدِيثُ جَابِرٍ فَهُوَ مُوَافِقٌ لِرَافِعٍ فِي النَّهْيِ عَنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ وَغَيْرُ جَائِزٍ أَيْضًا كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَعُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَنْفَرِدْ رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ بِرِوَايَةِ النَّهْيِ وَأَنَّهَا ثَابِتَةٌ مِنْ طَرِيقِهِ وَطَرِيقِ غَيْرِهِ، وَلَا جَوَابَ إلَّا أَحَدُ ثَلَاثَةٍ إمَّا النَّسْخُ كَمَا قَالَ ابْنُ حَزْمٍ وَإِمَّا الْحَمْلُ عَلَى الصُّورَةِ الْخَامِسَةِ الْوَاقِعَةِ مِنْهُمْ وَيُعْتَرَضُ عَلَى هَذَا بِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا بِخُصُوصِ السَّبَبِ، وَأَمَّا الْحَمْلُ عَلَى التَّنْزِيهِ، وَهُوَ عِنْدِي أَقْرَبُ الْأَجْوِبَةِ، وَهُوَ أَوْلَى مِنْ جَعْلِ خَيْبَرَ بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى دَلِيلٍ وَلَيْسَ بِأَقْرَبَ مِنْ سُلُوكِ الْمَجَازِ، وَالْحَمْلِ عَلَى التَّنْزِيهِ، وَالْإِرْشَادِ إلَى مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَلَا سِيَّمَا فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ، أَمَّا إجَارَةُ الْأَرْضِ بِذَهَبٍ، أَوْ فِضَّةٍ، أَوْ طَعَامٍ مَعْلُومٍ مِنْ غَيْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا فَكَلَامُ رَافِعٍ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي حَدِيثِهِ وَلَا يُحْمَلُ مُطْلَقُهُ عَلَيْهِ.
أَمَّا حَدِيثُ جَابِرٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُمَا حَكَيَا الْقِصَّةَ الَّتِي حَكَاهَا رَافِعٌ فَهُوَ حَدِيثٌ وَاحِدٌ، وَإِذَا تَبَيَّنَ بِكَلَامِ رَافِعٍ تَخْصِيصُهُ بِسَبَبِهِ وَوُجُوبُ الْحَمْلِ عَلَيْهِ سَلَكَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ ذَلِكَ، وَلِذَلِكَ لَا يَمْتَنِعُ عَلَى هَذَا الِاحْتِمَالِ كِرَاؤُهَا بِذَلِكَ فَيَجُوزُ فِي الْأَرْضِ كِرَاؤُهَا بِذَهَبٍ، أَوْ فِضَّةٍ
أَوْ طَعَامٍ مِنْ غَيْرِهَا وَيُحْتَمَلُ الْمَنْعُ لِكَثْرَةِ الْأَحَادِيثِ الَّتِي فِي النَّهْيِ عَنْ الْكِرَاءِ وَإِطْلَاقِهَا وَلِأَجْلِ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَجَّحْنَا الِاحْتِمَالَ. وَجَوَّزْنَا الْإِجَارَةَ وَلَا نَقُولُ: إنَّ الْوَرَعَ تَرْكُهَا بَلْ هِيَ جَائِزَةٌ لَا تُنَافِي الْوَرَعَ، وَإِنْ كَانَ مَنْحُهَا خَيْرًا مِنْهُ، وَالْمُزَارَعَةُ عَلَيْهَا سَوَاءٌ أَكَانَ الْبَذْرُ مِنْ الْمَالِكِ، أَوْ مِنْ الْعَامِلِ، وَهِيَ الْمُخَابَرَةُ كَمَا فِي قَضِيَّةِ خَيْبَرَ فَالظَّاهِرُ جَوَازُهُمَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ صَحَّ فِي الْأَحَادِيثِ أَنَّهُ شَرَطَ عَلَى الْيَهُودِ أَنْ يَعْتَمِلُوهَا فِي أَمْوَالِهِمْ فَهِيَ مُخَابَرَةٌ بِلَا شَكٍّ.
وَالتَّبَعِيَّةُ لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عِنْدَنَا عَلَيْهَا وَلَمْ تَكُنْ الْأَرَاضِي الَّتِي فِي خَيْبَرَ قَلِيلَةً بِحَيْثُ يَشُقُّ الدُّخُولُ إلَى النَّخْلِ مِنْ غَيْرِهَا فَقَدْ كَانَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَحْصُلُ لَهُمْ مِنْ الثَّمَرِ ثَمَانُونَ وَسْقًا، وَمِنْ الشَّعِيرِ عِشْرُونَ وَسْقًا، فَإِنْ كَانَ الْكُلُّ عَلَى هَذِهِ النِّسْبَةِ فَتَكُونُ الْأَرَاضِي خُمُسَ خَيْبَرَ.
وَقَالَ مَالِكٌ: إنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي التَّبَعِيَّةِ أَنْ يَكُونَ الثُّلُثَ، وَمَا أَوْجَبَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ أَنْ يَجْعَلَا ذَلِكَ لِأَجْلِ التَّبَعِيَّةِ إلَّا حَدِيثَ رَافِعٍ وَنَحْوَهُ قَدْ حَمَلْنَاهَا عَلَى مَا عَلِمْت وَمَعَ ذَلِكَ فَالْوَرَعُ التَّنَزُّهُ عَنْهَا أَعْنِي عَنْ الْمُزَارَعَةِ، وَالْمُخَابَرَةِ كَمَا فَعَلَهُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ حَدِيثٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمْرُهُ فِيهَا يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ، وَالْمُؤْمِنُ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَحْتَاطَ لِنَفْسِهِ وَيَتْرُكَ مَا لَعَلَّهُ حَرَامٌ.
فَصْلٌ: مِنْ الْآثَارِ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ كَثِيرٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي تَضَاعِيفِ الْحَدِيثِ مَا يُغْنِي عَنْ إعَادَتِهِ.
(فَصْلٌ) ذَكَرْتُ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّ الْمُسَاقَاةَ تَصِحُّ غَيْرَ مُوَقَّتَةٍ كَالْقِرَاضِ وَإِنِّي كُنْتُ أَوَدُّ لَوْ قَالَ بِهِ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِنَا حَتَّى أُوَافِقَهُ فَإِنِّي لَا أَعْرِفُ لِاشْتِرَاطِ التَّوْقِيتِ دَلِيلًا قَوِيًّا إلَّا اللُّزُومَ ثُمَّ قُلْتُ فِي اللُّزُومِ: إنِّي لَمْ يَبِنْ لِي دَلِيلٌ قَوِيٌّ عَلَى أَنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا لَازِمَةً وَذَكَرْتُ هُنَاكَ أَنَّ الْمُسَاقَاةَ إذَا وَرَدَتْ عَلَى الذِّمَّةِ كَانَ فِيهَا شَبَهٌ مِنْ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ دَيْنٌ عَلَى الْعَامِلِ، وَالثَّمَرَةُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ دَيْنًا لَكِنَّهَا مَعْدُومَةٌ فَهِيَ فِي مَعْنَى الدَّيْنِ وَبَيْعُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ مُجْمَعٌ عَلَى بُطْلَانِهِ وَهَذِهِ الشُّبَهُ إنَّمَا تَتَحَقَّقُ مِنْ لُزُومِهَا، فَإِذَا قِيلَ بِأَنَّهَا لَا تَلْزَمُ زَالَ هَذَا الْإِشْكَالُ وَأَشْبَهَتْ الْقِرَاضَ وَذَكَرْت عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ حَكَى الْإِجْمَاعَ عَلَى جَوَازِ إجَارَةِ الْأَرْضِ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ؛ لِأَنَّ جَمَاعَةً كَرِهُوهَا، وَمَسْأَلَةُ إجَارَةِ الْأَرْضِ، وَالْمُسَاقَاةِ عَلَى مَا بِهَا مِنْ الشَّجَرِ، وَالْمُزَارَعَةِ، وَالْمُخَابَرَةِ مَسَائِلُ كَثِيرَةٌ.
وَقَدْ ذَكَرْت مِنْهَا فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ مَا يَسَّرَهُ اللَّهُ لِي وَلَمْ أَجْسُرْ عَلَى مُخَالَفَةِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ فِي الْمُخَابَرَةِ إلَى جَوَازِهَا وَجَوَازِ الْمُزَارَعَةِ مِنْ غَيْرِ تَصْرِيحٍ بِالِاخْتِيَارِ وَقُلْت: إنَّهُ لَا دَلِيلَ عَلَى اشْتِرَاطِ تَوْقِيتِ الْمُسَاقَاةِ وَلَا عَلَى لُزُومِهَا وَلَمْ أُصَرِّحْ بِاخْتِيَارٍ فِيهَا لِأَنِّي كُنْت لَمْ أَتَتَبَّعْ جُمْلَةَ الْأَحَادِيثِ وَأَقْوَالَ
السَّلَفِ وَتَحْقِيقَهَا وَلَا شَكَّ أَنَّ الْإِنْسَانَ بِتَتَبُّعِ ذَلِكَ يُحْدِثُ اللَّهُ فِيهِ قُوَّةً لِمَنْ يَشَاءُ، وَقَدْ حَدَثَتْ فِي قُوَّةٌ الْآنَ لِاخْتِيَارِ بَعْضِ ذَلِكَ، وَهُوَ أَنَّ الْمُسَاقَاةَ غَيْرُ لَازِمَةٍ وَأَنَّهُ يَجُوزُ تَوْقِيتُهَا وَإِطْلَاقُهَا مِنْ غَيْرِ تَوْقِيتٍ وَأَنَّ الْمُزَارَعَةَ، وَالْمُخَابَرَةَ بِالِاصْطِلَاحِ الْيَوْمَ، وَهُوَ أَنْ يَدْفَعَ الْأَرْضَ لِمَنْ يَزْرَعُهَا إمَّا بِبَذْرٍ مِنْ عِنْدِهِ وَإِمَّا مِنْ الْمَالِكِ، وَالْمَالُ بَيْنَهُمَا جَائِزَتَانِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ هُنَا مَسَائِلَ: (أَحَدُهَا) مَا اتَّفَقَ فِي خَيْبَرَ، وَهُوَ صَحِيحٌ مَقْطُوعٌ بِهِ لِتَحَقُّقِنَا فِعْلَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إيَّاهُ وَلَا يُخَالِفُ فِي ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ وَلَا غَيْرُهُ.
(الثَّانِيَةُ) : لَوْ اتَّفَقَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي زَمَانِنَا بِأَنْ نَفْتَحَ بَلَدًا مِنْ بِلَادِ الْكُفَّارِ عَنْوَةً وَفِيهَا نَخْلٌ وَأَرْضٌ قَلِيلٌ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَنَا أَنْ نُقِرَّ لَهَا عَلَى أَنْ يَعْمَلُوهَا بِالشَّطْرِ كَمَا فَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَهَذَا لَا أَعْتَقِدُ أَبَا حَنِيفَةَ وَلَا غَيْرَهُ يَمْنَعُهُ.
(الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ) : أَنَّ الْحَالَ الَّتِي اتَّفَقَ فِي خَيْبَرَ هَلْ كَانَ مُسَاقَاةً وَعَقْدًا مِنْ الْعُقُودِ حَتَّى يَثْبُتَ حُكْمُهُ لِكُلِّ اثْنَيْنِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ كَانَ تَقْرِيرًا لِلْيَهُودِ كَمَا يُقِرُّهُمْ بِالْجِزْيَةِ، وَقَدْ أَذِنَ لَهُمْ فِي الْعَمَلِ فِيهَا بِالشَّطْرِ تَكَرُّمًا مِنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالْمُسْلِمِينَ، وَهَذَا مُحْتَمَلٌ وَلَكِنَّ الَّذِي فَهِمْنَاهُ عَنْ الصَّحَابَةِ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ هُوَ الْأَوَّلُ وَهُمْ أَعْلَمُ مِنَّا بِصُورَةِ الْحَالِ فَنَتَّبِعُهُمْ فِي ذَلِكَ وَنُجَوِّزُهَا خَبَرًا وَقِيَاسًا عَلَى الْقِرَاضِ إنْ لَمْ يَكُنْ فَرْعًا لَهَا؛ لِأَنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ فَلِذَلِكَ اخْتِيَارُنَا فِي الْمُسَاقَاةِ عَلَى النَّخْلِ وَجَوَازُهُ ظَنٌّ قَوِيٌّ، وَمِنْ أَقْوَى مَرَاتِبِ الظُّنُونِ الْفِقْهِيَّةِ الَّتِي تَكَادُ تَنْتَهِي إلَى الْقَطْعِ.
(الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ) الْمُسَاقَاةُ عَلَى الْعِنَبِ قَالَ بِهَا كُلُّ مَنْ قَالَ بِالْمُسَاقَاةِ عَلَى النَّخْلِ إلَّا دَاوُد فَمَنَعَهَا، وَالْمُجَوِّزُونَ لَهَا الظَّاهِرُ أَنَّهُمْ إنَّمَا أَجَازُوهَا بِالْقِيَاسِ وَقِيلَ نَصًّا، وَهُوَ بَعِيدٌ وَلِأَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ أَنَّهُ كَانَ فِي خَيْبَرَ شَجَرٌ غَيْرُ النَّخْلِ لَكِنْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَتَمَسَّكَ الْقَائِلُ بِالنَّصِّيَّةِ بِقَوْلِهِ: مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ ثَمَرٍ وَزَرْعٍ. وَلَسْت أَقُولُ: إنَّ الْوَاقِعَ مِنْ ذَلِكَ عَامٌّ؛ لِأَنَّهُ بَاطِلٌ بِالضَّرُورَةِ لَكِنْ لَوْ فُرِضَ حُدُوثُ شَجَرٍ فِي غَيْرِ خَيْبَرَ غَيْرُ مَا كَانَ مَوْجُودًا حَالَ الْفَتْحِ، وَالْمُقَاتَلَةِ يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ بِدُخُولِهِ فِي ذَلِكَ عَلَى قَوْلِنَا: إنَّ الْعَقْدَ غَيْرُ لَازِمٍ وَيَدْخُلُ مَا يَحْدُثُ فِي الْإِذْنِ، وَالشَّرْطِ عَلَيْهِ تَبَعًا لِلْمَوْجُودِ.
(الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ) : جَوَازُ الْمُسَاقَاةِ فِي غَيْرِ النَّخْلِ، وَالْعِنَبِ قَالَ بِهِ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَالشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ، وَهُوَ قَوِيٌّ قِيَاسًا عَلَى النَّخْلِ وَبِالطَّرِيقِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي النَّصِّيَّةِ وَلَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ نَتَقَيَّدَ بِمَا يَحْتَاجُ مِنْ الشَّجَرِ إلَى عَمَلٍ أَمَّا مَا لَا يَحْتَاجُ إلَى عَمَلٍ فَلَا وَجْهَ لِلْمُسَاقَاةِ عَلَيْهِ فَأَنَا أَخْتَارُ لِلْقَدِيمِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مُقَيَّدًا بِهَذَا الشَّرْطِ.
(الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ) : تَأْقِيتُ الْمُسَاقَاةِ الْمُخْتَارُ عِنْدِي أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ وَلَا يَفْسُدُ بَلْ تَجُوزُ مُوَقَّتَةً وَغَيْرَ مُوَقَّتَةٍ لِدَلَالَةِ الْحَدِيثِ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَعَدَمِ الدَّلِيلِ عَلَى اشْتِرَاطِهِ وَلَا مَعْنَى لِلتَّوْقِيتِ إلَّا إذْنٌ مُقَيَّدٌ بِوَقْتٍ فَلَا يَضُرُّ.
(الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ) : لُزُومُ
الْمُسَاقَاةِ لَا دَلِيلَ عِنْدِي عَلَيْهِ فَأَنَا أَخْتَارُ إلَى أَنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ وَسَوَاءٌ أَعَرِفَ الْمُتَعَاقِدَانِ هَذَا الْحُكْمَ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ حُكْمَ الشَّارِعِ يَعْرِفُ حُكْمَهُ الْعَاقِدُ، أَوْ لَمْ يَعْرِفْ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: قَضِيَّةُ خَيْبَرَ تَدُلُّ عَلَى جَوَازِ وُقُوعِ مُسَاقَاةٍ غَيْرِ مُوَقَّتَةٍ وَلَا لَازِمَةٍ فَنُجِيزُهَا وَنُجِيزُ مَعَهَا أَيْضًا وُقُوعَ مُسَاقَاةٍ مُوَقَّتَةٍ لَازِمَةٍ مَأْخُوذَةٍ مِنْ الْإِجَارَةِ فَتَكُونُ الْمُسَاقَاةُ نَوْعَيْنِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: نَأْخُذُ مِنْ قَضِيَّةِ خَيْبَرَ أَصْلَ مَشْرُوعِيَّتِهَا، وَمِنْ الْقِيَاسِ عَلَى الْإِجَارَةِ تَوْقِيتَهَا وَلُزُومَهَا وَيُجْعَلُ عَدَمُ اللُّزُومِ فِي خَيْبَرَ خَاصًّا فَهُوَ أَوْلَى مِنْ اضْطِرَابِ الْقَوَاعِدِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: قَضِيَّةُ خَيْبَرَ إنَّمَا كَانَتْ تَقْرِيرًا، وَالْمُعَامَلَةُ فِي ضِمْنِهَا؛ وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ: فَإِنَّهُ لَا جِزْيَةَ عَلَيْهِمْ وَلَكِنَّهُ ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّ الْجِزْيَةَ لَمْ تَكُنْ نَزَلَتْ ذَلِكَ الْوَقْتَ فِي سُورَةِ بَرَاءَةٌ عِنْدَ تَجْهِيزِهِ صلى الله عليه وسلم إلَى تَبُوكَ وَهَذِهِ كُلُّهَا احْتِمَالَاتٌ أَبْدَيْتهَا، وَالظَّاهِرُ خِلَافُهَا وَلَمْ يَكُنْ لِلْيَهُودِ اسْتِحْقَاقٌ فِي خَيْبَرَ وَفَدَكَ كَانَ لَهُمْ نِصْفُهَا؛ وَلِهَذَا لَمَّا أَجْلَاهُمْ عُمَرُ رضي الله عنه قَوَّمَ لِأَهْلِ فَدَكَ النِّصْفَ فَأَعْطَاهُمْ إيَّاهُ وَلَمْ يُعْطِ أَهْلَ خَيْبَرَ شَيْئًا، وَاَلَّذِي ادَّعَاهُ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ إسْقَاطِ الْجِزْيَةِ عَنْهُمْ لِكَوْنِهِمْ خُئُولَةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَصِحَّ، وَأَمَّا مَا زَعَمُوهُمْ مِنْ الْكِتَابِ لِأَهْلِ خَيْبَرَ فَذَلِكَ بَاطِلٌ اخْتَلَقُوهُ وَتَبَيَّنَ كَذِبُهُمْ فِيهِ.
(الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ) : الْمُزَارَعَةُ بِالِاصْطِلَاحِ الْمَشْهُورِ الْيَوْمَ، وَالْمُخْتَارُ جَوَازُهَا إلْحَاقًا بِالْمُسَاقَاةِ وَمُوَافَقَةً لِلْأَئِمَّةِ الْعُلَمَاءِ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ الَّذِينَ فَعَلُوهَا وَأَجَازُوهَا وَيُحْتَمَلُ الْقَوْلُ بِمَنْعِهَا لِمَا فِيهِ مِنْ النَّهْيِ، وَالصَّحِيحُ الْجَوَازُ. وَتَأْوِيلُ النَّهْيِ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ عِنْدِي مَعَ أَنَّ الْوَرَعَ اجْتِنَابُهُ.
(الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ) : الْمُخَابَرَةُ فِي لِاصْطِلَاحِ الْمَشْهُورِ الْيَوْمَ، وَالْمُخْتَارُ جَوَازُهَا لِمَا قُلْنَاهُ وَلِثُبُوتِهَا فِي حَدِيثِ خَيْبَرَ، وَالِاعْتِذَارُ بِالتَّبَعِيَّةِ مُحْتَاجٌ إلَى دَلِيلٍ وَلَمْ أَجِدْهُ.
(الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ) : إجَارَةُ الْأَرْضِ، وَلَوْلَا مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَحَدِيثِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ لَكَانَ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ الْأَحَادِيثِ مَنْعَهُ وَيُحْتَمَلُ جَوَازُهُ لِلْحَدِيثِ الْمُرَخِّصِ الَّذِي فِي إسْنَادِهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَبِيبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عِكْرِمَةَ لَكِنَّ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ يُبَيِّنُ لَنَا أَنَّ النَّهْيَ نَهْيُ تَنْزِيهٍ، وَلَسْنَا نَحْتَجُّ بِفَهْمِ ابْنِ عَبَّاسٍ بَلْ بِنَقْلِهِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَوْلَهُ «خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَأْخُذَ عَلَيْهَا أَجْرًا» فَيَجُوزُ أَخْذُ الْأَجْرِ، وَإِنْ كَانَ الْأَوْلَى خِلَافَهُ.
أَمَّا حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ فَصَرِيحٌ فِي الذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ، وَإِنْ كَانَ فِي سَنَدِهِ مَقَالٌ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كِرَائِهَا بِذَهَبٍ، أَوْ فِضَّةٍ، أَوْ طَعَامٍ، وَإِنْ كَانَ مَالِكٌ مَنَعَهَا بِالطَّعَامِ وَأَجَازَهَا بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ كَمَا قَالَهُ الْأَكْثَرُونَ.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي التَّمْهِيدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي كِرَاءِ الزَّرْعِ فَذَهَبَتْ فِرْقَةٌ إلَى أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ جَابِرٍ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ طَاوُسٌ
وَأَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ كَيْسَانَ الْأَصَمُّ.
وَقَالَ آخَرُونَ لَا يَجُوزُ إلَّا بِالذَّهَبِ وَالْوَرِقِ وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ رَافِعٍ، وَقَالَ آخَرُونَ جَائِزٌ بِكُلِّ مَعْلُومٍ.
وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ رَافِعٍ رِوَايَةَ حَنْظَلَةَ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ ذَكَرَ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ فِي مُشْكَلِ الْآثَارِ حَدِيثَ شَرِيكٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: صلى الله عليه وسلم «مَنْ زَرَعَ فِي أَرْضِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إذْنِهِمْ فَلَيْسَ لَهُ مِنْ الزَّرْعِ شَيْءٌ تُرَدُّ نَفَقَتُهُ» قَالَ الطَّحَاوِيُّ: لَا نَعْلَمُ أَحَدًا تَعَلَّقَ بِهَذَا الْحَدِيثِ، وَقَالَ بِهِ غَيْرُ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ النَّخَعِيِّ فَأَمَّا مَنْ سِوَاهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى خِلَافِهِ، وَهُوَ عِنْدَنَا قَوْلٌ حَسَنٌ لِمَا قَدْ شَدَّهُ مِنْ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هَذَا وَلِأَنَّ بَذْرَ ذَلِكَ الرَّجُلِ فِي تِلْكَ الْأَرْضِ قَدْ انْقَلَبَ فِيهَا فَصَارَ مُسْتَهْلَكًا فِيهَا ثُمَّ كَانَ عَنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ مَا كَانَ عَنْهُ مِمَّا هُوَ خِلَافُهُ، وَمَا كَانَ سَبَبُهُ إلَّا الْأَرْضَ الَّتِي كَانَ بَذَرَ فِيهَا فَكَانَ مِنْ حَقِّ رَبِّهَا أَنْ يَقُولَ لِلَّذِي بَذَرَ فِيهَا مَا كَانَ سَبَبُهُ الْأَرْضَ فَهُوَ لِي دُونَك غَيْرَ أَنَّك أَنْفَقْتَ فِيهِ نَفَقَةً حَتَّى كَانَ عَنْهَا مَا أَخْرَجَتْهُ أَرْضِي فَتِلْكَ النَّفَقَةُ لَك فَهَذَا قَوْلٌ حَسَنٌ لَا يَنْبَغِي خِلَافُهُ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا شَدَّهُ مِمَّا سَنَذْكُرُهُ فِي الْبَابِ الَّذِي يَتْلُو هَذَا الْبَابَ.
ثُمَّ ذَكَرَ فِي الْبَابِ الْمَذْكُورِ مَا تَقَدَّمَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي زَرْعِ ظُهَيْرٍ ثُمَّ قَالَ: وَكَانَ هَذَا مِنْ جِنْسِ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ فَإِنَّ الْمُزَارَعَةَ لَمَّا فَسَدَتْ بِمَا فَسَدَتْ بِهِ عَادَ إطْلَاقُ صَاحِبِ الْأَرْضِ لِلزَّارِعِ مَا زَرَعَهُ فِيهَا كَالْإِطْلَاقِ وَعَادَ حُكْمُهُ إلَى حُكْمِ مَنْ زَرَعَهَا بِغَيْرِ أَمْرِ رَبِّهَا وَمِثْلُ ذَلِكَ الرَّجُلُ يَغْرِسُ أَرْضَ الرَّجُلِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ، أَوْ يَغْرِسُ فِيهَا بِأَمْرِهِ عَلَى مُعَامَلَةٍ فَاسِدَةٍ فَسِيلًا فَيَصِيرُ نَخْلًا أَنَّهُ يَكُونُ لِرَبِّ الْأَرْضِ دُونَ غَارِسِهِ وَيَكُونُ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ لِغَارِسِهِ مَا أَنْفَقَهُ فِيهِ. وَاَللَّهَ أَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ.
وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الطَّحَاوِيُّ مِنْ كَوْنِ الزَّرْعِ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ إذْنٍ، أَوْ بِإِذْنٍ فَاسِدٍ لِصَاحِبِهَا قَدْ تَرَجَّحَ عِنْدِي اخْتِيَارُهُ لِلْحَدِيثِ وَلِمَا ذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى وَلَدِ الْأَمَةِ مِنْ زَوْجٍ، أَوْ وَاطِئٍ بِشُبْهَةٍ، أَوْ غَيْرِهَا فَإِنَّهُ لِسَيِّدِهَا، وَالْأَمَةُ كَالْأَرْضِ، وَمَاءُ الزَّوْجِ، وَوَاطِئُ الشُّبْهَةِ كَالْبَذْرِ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا إلَّا أَنَّ الْمَاءَ لَيْسَ بِمَالٍ، وَالْبَذْرُ مَالٌ، فَإِنْ صَحَّ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ وَإِلَّا فَهُمَا سَوَاءٌ.
وَقَدْ زَادَ الطَّحَاوِيُّ بِجَعْلِهِ الْفَسِيلَ إذَا صَارَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ وَلَعَلَّ حُجَّتَهُ أَنَّهُ صَارَ جُزْءًا مِنْ الْأَرْضِ فَلَهُ حُكْمُهَا وَخَرَجَ عَنْ حُكْمِ الْفَسِيلِ الْمُنْفَصِلِ عَنْ الْأَرْضِ بِتَأْثِيرِ الْأَرْضِ فِيهِ وَفِي كَيْفِيَّتِهِ بِخِلَافِ الرُّفُوفِ الْمُنْفَصِلَةِ فِي الدَّارِ وَنَحْوِهَا لَمْ تَتَغَيَّرْ عَنْ صِفَتِهَا قَبْلَ الِاتِّصَالِ فَلِذَلِكَ لَا يَتَغَيَّرُ مِلْكُهَا، وَإِنْ صَارَتْ كَالْجُزْءِ وَشَارَكَتْ الشَّجَرَ فِي اسْتِتْبَاعِ الْأَرْضِ، وَالدَّارُ لَهُمَا، وَالْمُعْتَمَدُ فِي ذَلِكَ حَدِيثَانِ أَحَدُهُمَا حَدِيثُ ظُهَيْرٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ، وَالْآخَرُ قَوْلُهُ
- صلى الله عليه وسلم: «مَنْ زَرَعَ فِي أَرْضِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إذْنِهِمْ» ، وَهُوَ فِي التِّرْمِذِيِّ مِنْ حَدِيثِ شَرِيكٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، وَقَالَ: سَأَلْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إسْمَاعِيلَ فَقَالَ هُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ.
وَقِيلَ: إنَّ عَطَاءً لَمْ يَسْمَعْ مِنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ شَيْئًا ثُمَّ ذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ فِي بَابٍ بَعْدَهُ أَحَادِيثَ مُعَامَلَةِ خَيْبَرَ وَأَحَادِيثَ النَّهْيِ عَنْ الْمُزَارَعَةِ، وَقَالَ أَجَازَهُمَا أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ، وَأَمَّا مَالِكٌ فَأَجَازَ الْمُسَاقَاةَ وَأَبْطَلَ الْمُزَارَعَةَ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَزُفَرُ أَبْطَلَاهُمَا جَمِيعًا وَالشَّافِعِيُّ يُجِيزُهُمَا إذَا اجْتَمَعَا فِي أَرْضٍ، وَالْمُسَاقَاةَ فِي النَّخْلِ جَمِيعًا وَلَمْ يُبِنْ لَنَا أَنَّ الْمُحَاقَلَةَ الَّتِي نَهَى عَنْهَا مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ.
(فَرْعٌ) فِي فَتَاوَى الشَّيْخِ أَبِي عَمْرِو بْنِ الصَّلَاحِ رحمه الله سُئِلَ: بُسْتَانٌ لِيَتِيمٍ أَجَّرَ وَلِيُّهُ بَيَاضَ أَرْضِهِ بَالِغَةً مِقْدَارَ مَنْفَعَةِ الْأَرْضِ وَقِيمَةِ الثَّمَرَةِ ثُمَّ سَاقَى عَلَى سَهْمٍ مِنْ أَلْفِ سَهْمٍ مِنْهَا سَهْمٌ لِلْيَتِيمِ، وَالْبَاقِي لِلْمُسْتَأْجِرِ كَمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ هَهُنَا فِي دِمَشْقَ.
أَجَابَ رضي الله عنه إذَا كَانَ ذَلِكَ لَا يُعَدُّ فِي الْعُرْفِ غَبْنًا فَاحِشًا فِي عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ لِسَبَبِ انْضِمَامِهِ إلَى عَقْدِ الْإِجَارَةِ الْمَذْكُورَةِ وَكَوْنِهِ نَقْصًا مَجْبُورًا بِزِيَادَةِ الْأُجْرَةِ مَوْقُوفًا بِهِ مِنْ حَيْثُ الْعَادَةُ فَالظَّاهِرُ صِحَّتُهُمَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(فَرْعٌ) قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي كِتَابِ الْأَمْوَالِ فِي بَابِ أَرْضِ الْعَنْوَةِ تُقَرُّ فِي أَيْدِي أَهْلِهَا وَيُوضَعُ عَلَيْهَا الطَّسْقُ، وَهُوَ الْخَرَاجُ فَذَكَرَ مَا أَمَرَ عُمَرُ رضي الله عنه بِوَضْعِهِ عَلَى أَهْلِ السَّوَادِ عَلَى كُلِّ جَرِيبٍ ثُمَّ قَالَ: أَلَا تَرَى أَنَّ عُمَرَ إنَّمَا أَوْجَبَ الْخَرَاجَ عَلَى الْأَرْضِ خَاصَّةً بِأُجْرَةٍ مُسَمَّاةٍ فِي الْأَرْضِ، وَإِنَّمَا مَذْهَبُ الْخَرَاجِ مَذْهَبُ الْكِرَاءِ فَكَأَنَّهُ أَكْرَى كُلَّ جَرِيبٍ بِدِرْهَمٍ وَقَفِيزٍ فِي السَّنَةِ وَأَلْغَى مِنْ ذَلِكَ النَّخْلَ، وَالشَّجَرَ فَلَمْ يَجْعَلْ لَهَا أُجْرَةً، وَهَذَا حُجَّةٌ لِمَنْ قَالَ: إنَّ السَّوَادَ فَيْءٌ لِلْمُسْلِمِينَ، وَإِنَّمَا أَهْلُهَا فِيهَا عُمَّالٌ لَهُمْ بِكِرَاءٍ مَعْلُومٍ يُؤَدُّونَهُ وَيَكُونُ بَاقِي مَا يَخْرُجُ مِنْ الْأَرْضِ لَهُمْ، وَهَذَا لَا يَجُوزُ إلَّا فِي الْأَرْضِ الْبَيْضَاءِ وَلَا يَكُونُ فِي النَّخْلِ، وَالشَّجَرِ لَا قِبَالَهُمَا لَا يَكُونُ شَيْءٌ مُسَمًّى فَيَكُونُ بَيْعُ الثَّمَرِ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهُ وَقَبْلَ أَنْ يُخْلَقَ، وَهَذَا الَّذِي كَرِهَتْ الْفُقَهَاءُ مِنْ الْقِبَالَةِ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ قُلْت لِابْنِ عُمَرَ: إنَّا نَتَقَبَّلُ الْأَرْضَ فَنُصِيبُ مِنْ ثِمَارِهَا قَالَ ذَلِكَ الرِّبَا الْعَجْلَانُ.
وَعَنْ الْحَسَنِ جَاءَ رَجُلٌ إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ: أَنَقْبَلُ مِنْك الْأَيْكَةَ بِمِائَةِ أَلْفٍ قَالَ فَضَرَبَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ مِائَةً وَصَلَبَهُ حَيًّا، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ الْقَبَالَاتُ حَرَامٌ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ مَعْنَى هَذِهِ الْقَبَالَةِ الْمَكْرُوهَةِ النَّهْيُ عَنْهَا أَنْ يَتَقَبَّلَ الرَّجُلُ النَّخْلَ وَالشَّجَرَ وَالزَّرْعَ النَّابِتَ قَبْلَ أَنْ يُسْتَحْصَدَ وَيُدْرَكَ، وَهُوَ مُفَسَّرٌ فِي حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ الرَّجُلِ يَأْتِي الْقَرْيَةَ فَيَتَقَبَّلُهَا وَفِيهَا النَّخْلُ، وَالشَّجَرُ، وَالزَّرْعُ، وَالْعُلُوجُ فَقَالَ لَا نَتَقَبَّلُهَا فَإِنَّهُ لَا خَيْرَ فِيهَا قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَإِنَّمَا أَصْلُ الْكَرَاهَةِ هَذَا أَنَّهُ بَيْعُ ثَمَرٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ وَلَمْ يُخْلَقْ بِشَيْءٍ مَعْلُومٍ فَأَمَّا الْمُعَامَلَةُ عَلَى الثُّلُثِ، وَالرُّبْعِ وَكِرَاءِ