الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَرَّتَيْنِ مَرَّةً فِي قَوْلِهِ {إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ} [الصافات: 99]{رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ} [الصافات: 100]{فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ - فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ} [الصافات: 101 - 102] فَهَذِهِ الْآيَةُ قَاطِعَةٌ فِي أَنَّ هَذَا الْمُبَشَّرَ بِهِ هُوَ الذَّبِيحُ.
وقَوْله تَعَالَى {وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ} [هود: 71]{قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ} [هود: 72] صَرَّحَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّ الْمُبَشَّرَ بِهِ فِيهَا إِسْحَاقُ، وَلَمْ تَكُنْ بِسُؤَالٍ مِنْ إبْرَاهِيمَ عليه السلام بَلْ قَالَتْ امْرَأَتُهُ: إنَّهَا عَجُوزٌ، وَإِنَّهُ شَيْخٌ؛ وَكَانَ ذَلِكَ فِي الشَّامِ لَمَّا جَاءَتْ الْمَلَائِكَةُ إلَيْهِ بِسَبَبِ قَوْمِ لُوطٍ عليه السلام، وَهُوَ فِي أَوَاخِرِ أَمْرِهِ. وَأَمَّا الْبِشَارَةُ الْأُولَى فَكَانَتْ لَمَّا انْتَقَلَ مِنْ الْعِرَاقِ إلَى الشَّامِ حِينَ كَانَ سِنُّهُ لَا يُسْتَغْرَبُ فِيهِ الْوَلَدُ. وَلِذَلِكَ سَأَلَهُ فَعَلِمْنَا بِذَلِكَ أَنَّهُمَا بِشَارَتَانِ فِي وَقْتَيْنِ بِغُلَامَيْنِ.
إحْدَاهُمَا بِغَيْرِ سُؤَالٍ وَهِيَ بِإِسْحَاقَ صَرِيحًا، وَالثَّانِيَةُ كَانَتْ بِسُؤَالٍ وَهِيَ بِغَيْرِهِ، فَقَطَعْنَا بِأَنَّهُ إسْمَاعِيلُ وَهُوَ الذَّبِيحُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَلَا يَرُدُّ هَذَا قَوْلُهُ {وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 71] {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً} [الأنبياء: 72] وَوَجْهُ الْإِيرَادِ ذِكْرُ هِبَةِ إِسْحَاقَ بَعْدَ الْإِنْجَاءِ. لِأَنَّا نَقُولُ لَمَّا ذَكَرَ لُوطًا وَإِسْحَاقَ عليهما السلام هُوَ الْمُبَشَّرُ بِهِ فِي قِصَّةِ لُوطٍ نَاسَبَ ذِكْرَهُ وَلَمْ يَكُنْ فِي الْآيَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى التَّعْقِيبِ، وَالْبِشَارَةِ الْأُولَى لَمْ يَكُنْ لِلُوطٍ فِيهَا ذِكْرٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[قَوْله تَعَالَى فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ]
(آيَةٌ أُخْرَى)
قَالَ رحمه الله فِي قَوْله تَعَالَى فِي دَاوُد عليه السلام {فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ} [ص: 25] تَكَلَّمَ النَّاسُ فِي قِصَّةِ دَاوُد عليه السلام وَأَكْثَرُوا. وَذَلِكَ مَشْهُورٌ جِدًّا، وَذَكَرُوا أُمُورًا مِنْهَا مَا هُوَ مُنْكَرٌ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ جِدًّا؛ وَمِنْهَا مَا ارْتَضَاهُ بَعْضُهُمْ وَهُوَ عِنْدِي مُنْكَرٌ. وَتَأَمَّلْت الْقُرْآنَ فَظَهَرَ لِي فِيهِ وَجْهٌ خِلَافُ ذَلِكَ كُلِّهِ. فَإِنِّي نَظَرْت قَوْله تَعَالَى {فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ} [ص: 25] فَوَجَدْته يَقْتَضِي أَنَّ الْمَغْفُورَ فِي الْآيَةِ، فَطَلَبْته فَوَجَدْته أَحَدَ ثَلَاثَةِ أُمُورٍ إمَّا ظَنُّهُ وَإِمَّا اشْتِغَالُهُ بِالْحُكْمِ عَنْ الْعِبَادَةِ وَإِمَّا اشْتِغَالُهُ بِالْعِبَادَةِ عَنْ الْحُكْمِ أَشْعَرَ بِهِ قَوْلُهُ " الْمِحْرَابَ " وَذَلِكَ أَنَّهُ صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «أَنَّ دَاوُد أَعْبَدُ الْبَشَرِ، وَكَانَ دَاوُد عليه السلام فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ انْقَطَعَ فِي الْمِحْرَابِ لِلْعِبَادَةِ الْخَاصَّةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى فَجَاءَتْ الْخُصُومُ فَلَمْ يَجِدُوا طَرِيقًا فَتَسَوَّرُوا إلَيْهِ وَلَيْسُوا مَلَائِكَةً وَلَا ضُرِبَ بِهِمْ مَثَلٌ وَإِنَّمَا هُمْ قَوْمٌ تَخَاصَمُوا فِي نِعَاجٍ عَلَى ظَاهِرِ الْآيَةِ، فَلَمَّا وَصَلُوا إلَيْهِ حَكَمَ فِيهِمْ ثُمَّ مِنْ شِدَّةِ خَوْفِهِ وَكَثْرَةِ عِبَادَتِهِ خَافَ أَنْ يَكُونَ سُبْحَانَهُ قَدْ فَتَنَهُ بِذَلِكَ إمَّا لِاشْتِغَالِهِ عَنْ الْعِبَادَةِ ذَلِكَ الْيَوْمَ وَإِمَّا لِاشْتِغَالِهِ عَنْ الْعِبَادَةِ بِالْحُكْمِ تِلْكَ اللَّحْظَةَ وَظَنَّ أَنَّ