الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
113 -
حكم من يزعم أنه يتعرف على السارق ومكان المسروقات
س: السائل ط. ع. من السودان يقول: يزعم أحد الدجالين بأنه يستطيع أن يتعرف على السارق، بعد أن يسرق وذلك بأمور، لا يعلمها كثير من الناس، منها بأنه يأمر بإحضار، صحن ماء وطفل دون سن البلوغ، ويكون قد رضع من ثديي أمه حولين كاملين، ولم يخفه كلب، ثم يقوم بقراءة شيء من القرآن، وبعض الكلمات التي لا تفهم، ثم يسأل الطفل هل رأيت شيئا في الماء، الذي في الصحن فيصف الطفل السارق بالتفاصيل وأين أخفى المسروقات، فما حكم الشرع في مثل هذا، وهل تجوز الصلاة خلفه؟ وهل يجوز لنا أن نقوم بوصله في السراء، والضراء، علما بأننا نصحناه، ولكنه لا يقبل النصيحة، ويقول بأنه على حق؟ (1)
ج: هذا من باب التلبيس والخداع والكذب، وإنما هو يستخدم الجن، ويسأل الجن وقد يخبرونه، وقد يطلعون على السارق، ويخبرونه ومثل هذا لا يصلى خلفه، يجب أن يرفع أمره إلى المحكمة، أو إلى الهيئة، أو للإمارة حتى يردع عن هذا العمل؛ لأن هذا من باب دعوى علم الغيب، وذكر الطفل والصبي، كل هذا من
(1) السؤال الثاني من الشريط رقم 386
باب التلبيس والخداع، وإنما الحقيقة أنه يسأل الجن، ويستعين بالجن، ويخبر عنهم وقد يغلطون وقد يصدقون.
س: إننا في زمن كثرت فيه الخرافات والشعوذة وإن هناك رجلا يدعي أنه يعلم المخفيات مثل السرقة وغير ذلك، والأمر أنه في حالة عجز المواطنين في معرفة أي شيء حصل في البلد فإن العمدة يرسل بعض الأشخاص إلى هذا الرجل؛ ليعرفوا منه ما حدث، وقد يكذب أو يصدق، ولكن المؤسف أنهم يحكمون على الناس بما قال هذا الدجال، ولا يحق لأحد أن يتكلم أو يدافع عن نفسه بعد هذا، نرجو من سماحة الشيخ التوجيه جزاكم الله خيرا؟ (1)
ج: هذا غلط عظيم لا يجوز الاعتماد على الكهنة والمشعوذين والعرافين، بل يجب أن يقضى عليهم عن طريق الدولة، إذا كانت مسلمة تخاف الله، يجب عليها أن تقضي عليهم وأن تلتمسهم، وأن تؤدبهم وتعاقبهم حتى يتركوا هذا العمل، وقد صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام «أنه سئل عن الكهان فقال: لا تأتوهم، فقيل له: إنهم قد يصدقون في بعض الشيء، فقال: تلك الكلمة يسمعها الجني من الملائكة إذا استرق السمع، فيقرها في أذن أولئك الكهنة فيصدق
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم 164
الكاهن والساحر بسبب تلك الكلمة التي سمعت من السماء في كذبهم الكثير، ويقولون: قد قال كذا وكذا، وصدق فيصدقون فيما يكذب فيه من مئات الكذبات (1)» التي لا أساس لها، وقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح:«من أتى كاهنا فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد عليه الصلاة والسلام (2)» ، وقال عليه الصلاة والسلام، «من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة (3)» كما في المسند الصحيح رواه مسلم في صحيحه رحمه الله. وقال عليه الصلاة والسلام:«ليس منا من سحر أو سحر له، أو تكهن أو تكهن له، أو تطير أو تطير له (4)» . فهؤلاء لا يصدقون ولا يعتمد عليهم، وإذا صمموا وأقروا أنهم يعلمون الغيب، أو يدعون علم الغيب صاروا كفارا بذلك، ومن ادعى أنه يعلم المغيبات يكون كافرا، كما قال الله عز وجل:{قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} (5)، فمن زعم أنه يعلم الغيب فإنه مكذب لله، ومشارك لله فيما اختص فيه سبحانه وتعالى، وهذا كفر أكبر وضلال بعيد، علم الغيب لا يعلمه إلا الله حتى الأنبياء لا يعلمونه، حتى محمد عليه الصلاة والسلام وهو أفضل الخلق لا يعلم الغيب، إلا ما علمه الله إياه، كما قال عز وجل:{قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} (6)،
(1) البخاري الطب (5429)، مسلم السلام (2228)، أحمد (6/ 87).
(2)
أخرجه الإمام أحمد في مسند أبي هريرة، برقم 9252
(3)
أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب تحريم الكهانة وإتيان الكهان، برقم 2230
(4)
أخرجه الطبراني في المعجم الكبير، ج18، برقم 355
(5)
سورة النمل الآية 65
(6)
سورة الأعراف الآية 188
وقال جل وعلا: {قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى} (1) فمن زعم أنه يعلم الغيب من الكهنة وغيرهم فهو كافر ضال ومن صدقه بذلك فهو مثله يكون كافرا مثله، نسأل الله العافية.
المقصود أن هؤلاء المشعوذين والكهنة يجب أن يحاربوا وأن يقضى عليهم من جهة الدولة، وأن يؤدبوا وأن يعاقبوا حتى يتركوا هذا الأمر، فإذا أصروا على هذا الباطل وجب قتلهم؛ لأنهم من المفسدين في الأرض، ويجب أن يقاطعوا ويجب على من عرفهم أن يعرف عنهم ولاة الأمور: من الهيئة والمحكمة والإمارة، لا سيما في هذه المملكة التي هي بحمد الله تحكم بالشرع، والواجب على من عرف أحدا من هؤلاء الكهنة والمنجمين والرمالين والمشعوذين أن يرفع أمره إلى الإمارة في بلده أو المحكمة أو الهيئة أو إلى الجميع؛ حتى تبرأ ذمته وحتى يحصل التعاون ولا يجوز التستر عليه، ولا إخفاء أمره بل يجب إعلان أمره وفضيحته؛ حتى لا يضر الناس، وهكذا في اليمن يجب على من عرف ذلك أن يرفعه إلى ولاة الأمر حتى يمنعوه من التعدي على الناس، والكذب عليهم بل يجب على ولاة الأمور في اليمن وفي غيرها أن يقضوا على هؤلاء المشعوذين والرمالين والكهنة،
(1) سورة الأنعام الآية 50
وأن يمنعوهم من تعاطي هذه الأعمال القبيحة المنكرة التي فيها تضليل الناس وخداعهم وأخذ أموالهم بالباطل، والكذب عليهم.
المقصود أن هذا الواجب على المسلمين أن يتعاونوا فيه في الدول الإسلامية، وفي غير الدول الإسلامية مع المسلمين، في القليات الإسلامية إذا وجد بينهم من يفعل هذا، يتعاونون في نصيحته وفي بيان باطله حتى يرجع إلى الحق والصواب، أما في الدول الإسلامية فالواجب عليهم القضاء عليه، كما يجب على الدول الإسلامية القضاء على كل ما حرم الله من المنكرات الظاهرة وأعظمها الشرك بالله عز وجل، من دعوة أصحاب القبور والاستغاثة بالأموات، والنذر لهم والذبح لهم كل ذلك يجب القضاء عليه؛ لأنه منكر عظيم وشرك وخيم، وهكذا البدع المنكرة المخالفة لشرع الله يجب القضاء عليها وهكذا وجود الكهنة والمنجمين والمشعوذين يجب القضاء عليهم وإعلان أن الدولة ضدهم، حتى يفضحهم الناس وحتى يرفعوا بأمرهم إلى ولاة الأمور للقضاء عليهم وحماية المجتمع الإسلامي من شرهم ومكائدهم.