الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
48 -
حكم المبايعة على الطرق الصوفية
س: أنا شاب من الهند جئت إلى المملكة العربية السعودية الرياض، لمنحة دراسية للدراسة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، بكلية أصول الدين قسم العقيدة، والحمد لله تخرجت منها العام الماضي، وبفهمي لما درسته عرفت ما عليه بلادنا في الهند، من المسلمين من الشرك والطرق الصوفية، والبدع المنتشرة، فذهبت بعزم على الدعوة إلى الله، وتصحيح العقيدة وتخليصها من كل ما يشوبها من شرك أو طرق صوفية، لكن عندنا في الهند مشهور، المبايعة على الطرق وكأنهم يعتقدون أنه من لم يبايع فليس بمسلم، لذلك وجدت صعوبة في الدعوة، وجاءت في نفسي فكرة ولكن لم أفعلها، وأنا أستشيركم فيها، وهي أن أبايع من يأتي على صورة قول الصحابي، بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة. الحديث، لكن في هذه البيعة نبين لهم فيها أن المطلوب، هو إخلاص العبادة لله وحده لا شريك له، وأبين فيها البدع وتحريم الطرق الصوفية بأسلوب حسن، وأحثهم على التمسك بالسنة والمحافظة على الصلوات الخمس، وقراءة القرآن وذكر الله، الذكر المشروع عن النبي صلى الله عليه وسلم، في صحيحي البخاري ومسلم وغيرهما، وهذا
الفعل يكون عندهم مبايعة ويغنيهم عن الذهاب للصوفية، وهو في الحقيقة أمر بما جاء عن الله عز وجل، وعن النبي صلى الله عليه وسلم، ما هو رأي سماحتكم في هذا الفعل أفتونا جزاكم الله خيرا؟ (1)
ج: لا نعلم أصلا لهذه البيعة، إلا ما يحصل لولاة الأمور فإن الله شرع سبحانه أن يبايع ولي الأمر، على السمع والطاعة في المنشط والمكره، والعسر واليسر وفي الأثرة على المبايع، كما بايع الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم نبينا عليه الصلاة والسلام، فالبيعة تكون لولاة الأمور، على مقتضى كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، وأن يقولوا بالحق أينما كانوا، وألا ينازعوا الأمر أهله، إلا أن يروا كفرا بواحا، عندهم من الله فيه برهان، أما بيعة الصوفية بعضهم لبعض، فلا أعلم لها أصلا، وهذا قد يسبب مشكلات، فإن البيعة قد يظن المبايع، أنه يلزم المبايع طاعته في كل شيء، حتى ولو قال بالخروج على ولاة الأمور، وهذا شيء منكر لا يجوز.
فالواجب على الداعي إلى الله عز وجل، والمبلغ عن الله أن يبين للناس الحق ويحثهم على التزامه، ويحذرهم من مخالفة أمر الله ورسوله، من غير حاجة أن يبايعوه على ذلك، فإن البيعة على هذا الأمر قد يظن بها، ويعتقد فيها أنها لازمة لهذا الشخص، بالنسبة للشخص
(1) السؤال الأول من الشريط رقم 120.
المبايع، وأنه لا يخالفه فيما يقول له، وأنه يسمع له ويطيع، كما يكون لولاة الأمور، وهذا يسبب الفرقة والاختلاف بين المسلمين، والنزاع والفساد، ولكن يأمره بطاعة الله ويوصيه بطاعة الله، ويحثه على الالتزام بأمر الله، ويحذره من محارم الله هكذا الداعية إلى الله عز وجل، وهذا هو الذي أعلم من الشرع المطهر، ولا أعلم من الشرع المطهر بيعة لغير ولاة الأمور، على السمع والطاعة وعلى اتباع الكتاب والسنة، وفي إمكان الداعية إلى الله جل وعلا، أينما كان أنه يبصر الناس ويرشدهم، إلى توحيد الله وطاعته ويحذرهم من البدع، ويتلو عليهم النصوص من الآيات الكريمات، والأحاديث النبوية التي فيها بيان الحق، والدعوة إليه وفيها التنبيه على أنواع الباطل، والتحذير منه وهذا هو الذي أراه لازما ومتعينا في حق الدعاة، إلى الله عز وجل حتى لا يتأسوا بالصوفية، فيما يفعلون وحتى لا يفتحوا على الناس باب شر لكل من أراد أن يبايع أحدا، قال: بايعني كما بايع فلان وكما بايع فلان، والله المستعان.
والذي أوصي به إخواني جميعا، ترك هذه الطريقة وهي المبايعة، وأن يكتفي الداعية إلى الله جل وعلا، بالدعوة إلى الله وإرشاد الناس إلى الخير، والنصيحة والحث على اتباع الحق ولزومه، وترك ما خالفه أينما كان، وليس المقصود بيعة فلان أو فلان، المقصود اتباع الرسول بما جاء به، والالتزام بذلك، الله ألزم الناس بطاعة الله ورسوله، وترك
ما نهى الله عنه ورسوله، ولم يكن هناك بيعة، فإن المؤمن يلزمه طاعة الله ورسوله، في كل شيء وترك ما نهى الله عنه ورسوله في كل شيء، سواء كان من الصحابة أو من غير الصحابة، لكن البيعة من باب التأكيد على التزام الحق الذي بعث الله به نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم، وهكذا ولاة الأمر بعده، الصديق وعمر وعثمان وعلي وغيرهم، يلزم الرعية أن يطيعوهم في المعروف وإن لم يكن بيعة، لكن البيعة من باب التأكيد ومن باب الإلزام بالحق لهذا الذي ولاه الله أمر المسلمين، حتى يكون ذلك حافزا للمبايع على السمع والطاعة بالمعروف، وعلى التزام الحق، أما غير خليفة المسلمين، وغير ولي أمر المسلمين، فليس هناك حاجة لهذه البيعة، المقصود إنما هو تنبيهه إلى الخير، ودعوته إليه وتحذيره من الشر فقط، وليس المقصود أن يبايع على هذا الشيء، ويلتزم برأي فلان أو قول فلان، إنما اللازم أن يلتزم الحق، ويستقيم على الحق الذي دعاه إليه فلان، أو بلغه من كتاب الله سبحانه وتعالى، أو من سنة الرسول عليه الصلاة والسلام، هذا هو الواجب، والمعول على الكتاب والسنة لا على رأي فلان وفلان، إنما العلماء يبينون ويرشدون، وينقلون للناس الآيات والأحاديث، ويبصرونهم بمعناها، وليس المقصود تحكيم رأي فلان أو فلان.
والذي أعلمه من الشرع، أنه لا بيعة إلا لولاة الأمور، أو نوابهم لأخذ البيعة لهم، كأميرهم في الأقطار، نائب عنهم في أخذ البيعة،
سواء كان عالما أو أميرا أو قاضيا، المقصود إذا استنابه ولي الأمر، أن يأخذ البيعة من البلد الفلاني أو القرية الفلانية، أخذ البيعة لولي الأمر بالنيابة.
س: يسأل ويقول: كثيرا ما أسمع أن أحد الأشخاص أخذ طريقة من أحد السادة، أو المشايخ وبعد ذلك يستطيع أن يضرب نفسه بالسيف ويأكل الزجاج، أريد من سماحتكم السر في هذه الطريقة؟ وماذا يقال له؟ وبماذا توجهونني وأنا شاب في مقتبل العمر، جزاكم الله خيرا؟ (1)
ج: هذه الطريقة من الطرق الصوفية الباطلة، وهذه كلها تخييل وكلها كذب، لا يطعن نفسه ولا يذبح نفسه، كلها كذب، كلها باطلة كلها تخييل على الناس من أعمال الشياطين وعمل أعداء الله الذين زينوا لهم هذا الباطل. فالشياطين تحسن لهم أن يفعلوا هذه الأشياء وتعمل ما يجعل الحاضرين يظنون أن هذا واقع، وليس بواقع يقتل نفسه ويطعن نفسه بالجنبية، بالسكين، بالرمح، يقطع رأسه ويزيله كل هذه خرافات، كلها باطلة. والذين يعملونها هم مبطلون، ضالون ومضلون، يجب أن يعاقبوا على ذلك، يجب على ولاة الأمور إذا كانوا مسلمين أن يعاقبوهم، وأن يمنعوهم من هذه الطريقة الخبيثة. وبعضهم يسميها
(1) السؤال الثاني من الشريط رقم 231.