الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
57 -
حكم التعبد بضرب الطبول والأغاني
س: في بلادنا بأفريقيا صوفية يزعمون أنهم من أولياء الله فيدعون ذلك لكنهم حسب الظاهر يفعلون المنكرات والفحشاء، ويتطاولون على الخالق بكونهم شركاء له، فهل يا ترى يجب هجرانهم ماداموا على تلك الحال، وهجران من يؤمن بهم، علما بأن عندنا واحدا منهم يزورونه ويعظمونه، ويتوسلون به عساه يحقق لهم مآربهم، وقضاء حوائجهم، هذا المخلوق يسكنه جن، بحيث يكشف لهم عن أسرار الغيوب، والولي المزيف بدوره يكشفها لمريديه وأحبابه إلا أنه ذو شذوذ واضح حيث يعمل كما أسلفت المنكرات، أرجو أن تتفضلوا بمعالجة هذا الموضوع؟ (1)
ج: التصوف من البدع التي أحدثها الناس، فهو إحداث طرق غير الطريق الشرعي من العبادات التي أحدثها كثير من الناس، وأطلق عليه الصوفية، فهم الذين أحدثوا طرقا في العبادة، وأذكارا خاصة، وأعمالا خاصة، لم يشرعها الله عز وجل فهم من أهل البدع، فقد صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام قوله:«من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (2)» فالتعبد بضرب الطبول والأغاني وفعل آلات الملاهي
(1) السؤال الثاني من الشريط رقم 309.
(2)
أخرجه النسائي في كتاب صلاة العيدين، باب كيفية الخطبة، برقم 1578
الأخرى كل ذلك مما أحدثه المتصوفة، ومما أحدثوه أنهم يزعمون أنهم يعلمون الغيب، وأنهم لهم مكاشفات يستطيعون بها إنقاذ الناس مما قد يقع لهم من المعارك والأضرار، وأنهم يدعون من دون الله، ويستغاث بهم أحياء وأمواتا، كل هذا من منكراتهم الشركية، فمن زعم أنه يعلم الغيب، أو أنه يتصرف في الكون مع الله، أو أنه شريك لله في العبادة، أو أنه يجوز له أن يدعى من دون الله، حيا وميتا ويستغاث به، فهذا كله من الشرك الأكبر، فالواجب الحذر من هؤلاء وهجرهم، والإنكار عليهم، وتحذير الناس منهم، وعلى ولاة الأمور إذا كانوا مسلمين أن يأخذوا على أيديهم، وأن يستتيبوهم، فإن تابوا وإلا قتلوا لردتهم وكفرهم، فليس هناك من يستحق العبادة سوى الله عز وجل، قال تعالى:{ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ} (1)، وقال سبحانه:{وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} (2). فمن زعم أنه يجوز أن يدعى أحد من دون الله، من الملائكة أو الجن أو الأنبياء، أو سائر الخلق وأن يستغاث به وينذر له حيا أو ميتا، وأن يطلب منه تفريج الكروب وتيسير الأمور، هذا كله من الشرك الأكبر وكله من عمل عباد الأوثان، عباد الأصنام، عباد اللات والعزى، وأشباههم وهكذا ما يفعله الكثير من الجهلة عند القبور من دعاء الميت، والاستغاثة بالميت، والنذر له والذبح له، هذا من الشرك
(1) سورة الحج الآية 62
(2)
سورة البقرة الآية 163
الأكبر، ومن جنس عمل المشركين عند اللات في الطائف في الجاهلية، وإنما يجوز شيء واحد هو الاستعانة بالمخلوق الحي الحاضر القادر، بما يقدر عليه خاصة، هذا هو الجائز، كما قال الله جل وعلا في قصة موسى:{فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ} (1)، فإذا كان حيا حاضرا واستعنت به في شيء يقدر عليه، كإصلاح سيارتك أو التعاون معه في المزرعة، في حش الحشيش في حطب الحطب، في أشباه ذلك من الأشياء المقدورة، فلا بأس، يسمع كلامك تكلمه يقدر، أو تكتب له كتابة، أو من طريق الهاتف بالتلفون، تقول له أقرضني كذا أو ساعدني في كذا، لا بأس هذه أمور عادية طبيعية، ليس فيها شيء، من جنس ما ذكر الله عن موسى في قوله سبحانه:{فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ} (2)، مثلما يستغيث الإنسان في الحرب بإخوانه في قتال الأعداء يتعاونون في قتال الأعداء لمحاصرتهم، هذه أمور طبيعية عادية حسية، ليس فيها شيء، وليس فيها بأس، أما دعاء الميت والاستغاثة بالأموات، أو بالأحجار أو بالأصنام، أو بالكواكب أو بالغائب كالجن والملائكة أو إنسان غائب يعتقد فيه، وهو لا يسمع كلامه تعتقد فيه السر بأنه يسمع من غير الطريق الحسي، هذا كله من الشرك الأكبر كاعتقاد الصوفية، في بعض رجالها، فالواجب الحذر من هذه الأمور الشركية، والتحذير منها،
(1) سورة القصص الآية 15
(2)
سورة القصص الآية 15
والتعاون الكامل في فضيحة أهلها، والتحذير منهم، فالعبادة حق الله وحده، ليس لأحد أن يشاركه في ذلك، قال تعالى:{وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (1)، وقال سبحانه:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (2)، وقال عز وجل:{فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} (3){أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} (4)، وقال سبحانه:{وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} (5)، وقال عز وجل:{ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ} (6).
هو سبحانه الإله الحق، فليس هناك إله آخر يعبد معه بالحق، بل هو إله بالباطل، كل الآلهة بالباطل غير الله، بينما الإله الحق هو الله وحده سبحانه وتعالى.
ولما سمعت قريش من النبي صلى الله عليه وسلم قوله لها: «قولوا لا إله إلا الله (7)» استكبروا، وقالوا:{أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} (8)، وقال سبحانه:{إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ} (9)، زعموا أن لهم آلهة، وأنهم لن يتركوها؛ لقول النبي عليه الصلاة والسلام، وهذا من جهلهم وضلالهم، وفساد عقيدتهم، فالإله الحق هو
(1) سورة الإسراء الآية 23
(2)
سورة الفاتحة الآية 5
(3)
سورة الزمر الآية 2
(4)
سورة الزمر الآية 3
(5)
سورة البينة الآية 5
(6)
سورة الحج الآية 62
(7)
الترمذي تفسير القرآن (3232)، أحمد (1/ 228).
(8)
سورة ص الآية 5
(9)
سورة الصافات الآية 35
الله وحده، القادر على نفعك وضرك وإغاثتك، هو الذي يقدر على كل شيء سبحانه، قال سبحانه:{إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (1)، أما الآلهة المدعوة من دون الله كلها باطلة، كلها عاجزة لا تملك لنفسها ضرا ولا نفعا، ولا لعابديها، ولكنه الشيطان زين لأهل الشرك وأملى لهم، حتى عبدوا غير الله ودعوا غير الله، واستغاثوا بغير الله فوقعوا في أعظم الذنوب، وفي أعظم أنواع الكفر، قال الله سبحانه:{بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ} (2).
هذه مسألة عظيمة هذه أعظم مسألة، أكبر مسألة، مسألة التوحيد والشرك فيجب على كل إنسان أن يتفقه فيها من رجل وامرأة، أن يتفقهوا في هذه المسألة وفي جميع أمور الدين حتى يكونوا على بينة وعلى بصيرة، فيما يأتي المسلم ويذر، فيعمل بالحق الذي شرعه الله، ويخلص له العبادة، ويحذر ما حرمه الله عليه، يقول النبي صلى الله عليه وسلم:«من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين (3)»
فمن علامات الخير أن تفقه في الدين وأن تكون على بصيرة، ومن علامات الهلاك أن تكون جاهلا بدينك، معرضا عن دينك، نسأل الله لجميع المسلمين الهداية والتوفيق، ونسأل الله أن يصلح أحوال
(1) سورة البقرة الآية 20
(2)
سورة الزمر الآية 66
(3)
أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين، برقم 71، ومسلم في كتاب الزكاة، باب النهي عن المسألة، برقم 1037.
المسلمين جميعا، ونسأل الله أن يوفق جميع الناس للتفقه في الدين، والدخول في دين الله والحذر من الشرك بالله عز وجل، فدين الله هو الحق وما سواه باطل، قال الله تعالى:{إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} (1)، فالإسلام هو توحيد الله والإخلاص له، وترك عبادة ما سواه، وطاعة أوامره وترك نواهيه، هذا هو الإسلام، وهذا هو دين الله الذي جاءت به الرسل جميعا، وجاء به خاتمهم محمد عليه الصلاة والسلام، وما سواه فهو باطل، سواء كانت يهودية أو نصرانية أو وثنية أو مجوسية أو شيوعية أو غير ذلك، كلها باطلة، أما دين الحق فهو الإسلام، الذي بعث الله به الرسل، وهو إخلاص العبادة لله وحده، وطاعة أوامره وترك نواهيه التي جاء بها نبيه محمد صلى الله عليه وسلم.
(1) سورة آل عمران الآية 19