الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويضر المأمومين، فالواجب أن يقتصد ويتحرى الاقتصاد، القصد في العبادة هو المطلوب، وعدم التشديد لا على المأموم، ولا على نفسه كذلك كونه يصوم دائما ولا يفطر، أو يصلي الليل كله ولا ينام، كل هذا من التشدد. والنبي نهى عن هذا عليه الصلاة والسلام قال:«هلك المتنطعون» ونهى عن التبتل كل ذلك منهي عنه لما في التبتل والتشدد من المضرة العظيمة.
10 -
حكم هجر المبتدع
س: متى تجوز مقاطعة المبتدع؟ ومتى يجوز البغض في الله؟ وهل تؤثر المقاطعة في هذا العصر؟ (1)
ج: المؤمن ينظر في هذه المقامات بنظر الإيمان ونظر الشرع، ونظر التجرد من الهوى، فإذا كان هجره للمبتدع وبعده عنه لا يترتب عليه شر أعظم، فإن هجره حق وأقل أحواله أن يكون سنة، وهكذا من أعلن المعاصي وأظهرها، أقل أحواله أن هجره سنة، فإن كان عدم الهجر أصلح، لأنه يرى أن دعوة هؤلاء المبتدعين وإرشادهم إلى السنة، وتعليمهم ما أوجب الله عليهم، أن ذلك يؤثر فيهم وأنه يفيدهم، فلا يعجل في الهجر، ومع ذلك يبغضهم في الله، كما يبغض
(1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم 82.
الكافر في الله، ويبغض العصاة في الله، على قدر معاصيهم وعلى قدر البدعة، وبغض الكافر أشد، وبغض المبتدع على قدر بدعته، إذا كانت بدعته غير مكفرة، على قدرها، وبغض العاصي على قدر معصيته، ويحبه في الله على قدر إسلامه، أما الهجر ففيه تفصيل يقول ابن عبد القوي رحمه الله، في قصيدته المشهورة:
وهجران من أبدى المعاصي سنة
…
وقد قيل إن يردعه أوجب وآكد
وقيل على الإطلاق ما دام معلنا
…
ولاقه بوجه مكفر ملبد
وقيل على الإطلاق يعني يجب الهجر مطلقا، فالحاصل أن الأرجح والأولى النظر في المصلحة، فالنبي صلى الله عليه وسلم هجر قوما وترك آخرين لم يهجرهم، مراعاة للمصلحة الشرعية الإسلامية، فهجر كعب بن مالك وصاحبيه رضي الله عنهم، لما تخلفوا عن غزوة تبوك بغير عذر هجرهم خمسين ليلة فتابوا فتاب الله عليهم، ولم يهجر عبد الله بن أبي بن سلول، وجماعة من المتهمين بالنفاق لأسباب شرعية اقتضت ذلك، فالمؤمن ينظر في الأصلح وهذا لا ينافي بغض الكافر في الله، وبغض المبتدع في الله، وبغض العاصي في الله، ومحبة المسلم في الله، ومحبة العاصي على قدر إسلامه، ومحبة المبتدع الذي لم يعلن بدعته على قدر ما معه من الإسلام لا ينافي ذلك، أما هجرهم فينظر للمصلحة، فإذا كان هجرهم يرجى فيه خير لهم، ويرجى أن يتوبوا من البدعة ومن المعصية، فإن السنة الهجر، وقد أوجب ذلك
جمع من أهل العلم، قالوا: يجب، وإن كان هجرهم وتركه سواء، لا يترتب عليه لا شر ولا خير، فهجرهم أولى أيضا، إظهارا لأمر مشروع، وإبانة لما يجب من إظهار إنكار المنكر، هجره بأي حال أولى وأسلم، وحتى يعلم الناس خطأهم وغلطهم. الحالة الثالثة: أن يكون هجرهم يترتب عليه مفسدة، وشر أكبر، فإنه لا يهجرهم في هذه الحالة، إذا كان هذا المبتدع إذا هجر زاد شره على الناس وانطلق في الدعوة إلى البدعة، وزادت بدعه وشروره، واستغل الهجر في دعوة الناس إلى الباطل، فإنه لا يهجر بل يناقش ويحذر الناس منه، ولا يكون الناس عنه بعيدين، حتى يراقبوا عمله وحتى يمنعوه من التوسع في بدعته، وحتى يحذروا الناس منه، وحتى يكرروا عليه الدعوة، لعل الله يهديه حتى يسلم الناس من شره، وهكذا العاصي المعلن، إذا كان تركه وهجره قد يفضي إلى انتشار شره، وتوسع شره وتسلطه على الناس، فإنه لا يهجر بل يناقش دائما وينكر عليه دائما ويحذر الناس من شره دائما، حتى يسلم الناس من شره، وحتى لا تقع الفتن بمعصيته.
س: بم تنصحوننا في كيفية التعامل مع المبتدعة الذين نراهم ونتكلم معهم، ونتعامل معهم كل يوم؟ (1)
ج: الواجب هجرهم على بدعتهم، إذا أظهروا البدعة فالواجب
(1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم 185.
هجرهم بعد النصيحة والتوجيه، فإن المسلم ينصح أخاه، ويحذرهم مما حرم الله عليهم من البدع والمعاصي الظاهرة فإن تاب وإلا استحق أن يهجر ولا يعامل لعله يتوب لعله يندم لعله يرجع إلى الصواب، إلا إذا كان الهجر يترتب عليه ما لا تحمد عقباه فإنه يتركه إذا كان تركه أصلح في الدين، وأكثر للخير وأقرب إلى النجاح، فإنه لا يهجره بل يداوم على نصحه وتحذيره، من الباطل ولا يهجره قد يهديه الله بسبب ذلك، فالمؤمن كالطبيب إذا رأى العلاج نافعا فعله، وإذا رآه ليس بنافع تركه، فالهجر من باب العلاج، فإن كان الهجر يؤثر خيرا وينفع هجر، وكان ذلك من باب العلاج، لعله يتوب ولعله يرجع عن الخطأ، إذا رأى من إخوانه أنهم يهجرونه، أما إن كان الهجر يسبب مزيدا من الشر، وكثرة أهل الشر وتعاونهم، فإنه لا يهجر ولكن يديم النصح له، والتوجيه وإظهار الكراهة لما عمل، ويبين له عدم موافقته على باطله، ولكن يستمر في النصيحة والتوجيه.