المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ حكم توزيع الأطعمة في الموالد - فتاوى نور على الدرب لابن باز بعناية الشويعر - جـ ٣

[ابن باز]

فهرس الكتاب

- ‌ بيان أقسام البدعة

- ‌ حكم الذبح في المواسم كالنصف من شعبان

- ‌ حكم إطلاق لفظ البدعة على المخترعات الدنيوية

- ‌ الأسباب التي تقضي على البدع

- ‌ الفرق بين البدعة الاعتقادية والعملية

- ‌ بيان معنى حديث: " من سن في الإسلام سنة حسنة

- ‌ بيان معنى قول: العبادات توقيفية

- ‌ بيان معنى الغلو في الدين

- ‌ حكم هجر المبتدع

- ‌ المبتدعة ليسوا من الطائفة الناجية

- ‌ حكم الاحتفال بالمواليد

- ‌ حكم الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ حكم الاحتفال بمولد الحسين رضي الله عنه

- ‌ الاحتفال بالمولد ليس له أصل

- ‌ الرد على قول: إن المولد بدعة حسنة

- ‌ الرد على شبه تجويز إقامة الموالد

- ‌ حكم توزيع الأطعمة في الموالد

- ‌ حكم إلقاء القصائد التي فيها غلو وإطراء في حفلات الموالد

- ‌ حكم إلقاء التواشيح والابتهالات الصوفية في مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ بيان أن حفلات أعياد المواليد من البدع

- ‌ الواجب عند النزاع وإحداث البدع الرد إلى كتاب الله وسنة رسوله

- ‌ حكم رفع الرايات للأولياء أثناء احتفالات الموالد

- ‌ حكم الاحتفال بذكرى الهجرة النبوية الشريفة

- ‌ بيان الإسراء والمعراج

- ‌ حكم تخصيص شهر رجب ببعض العبادات

- ‌ حكم الاحتفال بليلة السابع والعشرين من رجب وليلة النصف من شعبان

- ‌ حكم إقامة الرجل عيد ميلاد لنفسه

- ‌ حكم تعليق الصور الفوتوغرافية على الجدران

- ‌ حكم إقامة عيد المعلم

- ‌ حكم الذبح وتقريب القرابين لبيت الحضرة لطلب نزول المطر

- ‌ حكم تخصيص الذبيحة على الميت بوقت معين

- ‌باب ما جاء في الفرق والطوائف

- ‌ بيان أهل السنة والجماعة

- ‌ موقف المسلم من تعدد فرقة أهل السنة والجماعة

- ‌ بيان خصائص الفرقة الناجية

- ‌ صفات الفرقة الناجية

- ‌ حكم التسمي بالأثري

- ‌ نبذة عن الدعوة السلفية

- ‌ بيان دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب

- ‌ بيان ما يلزم المسلم إذا كثرت الفرق

- ‌ بيان طائفة الأشاعرة

- ‌ بيان مذهب أهل السنة والجماعة في نصوص الوعيد والرد على فرقة الخوارج

- ‌ بيان معنى الصوفية

- ‌ الطرق الصوفية وبيان ما فيها من البدع

- ‌ حكم بيعة أفضال الناس ورؤساء الجمعيات

- ‌ حكم المبايعة على الطرق الصوفية

- ‌ بيان الطرق الصوفية

- ‌ بيان ضلال ابن عربي الصوفي

- ‌ حكم الانتساب للجماعة الصوفية

- ‌ حكم سرد قصص أصحاب الفرق الصوفية

- ‌ الطاعة الواجبة هي طاعة الله تعالى وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم

- ‌ حكم اعتقاد أن يسلك كل مسلم طريقة صوفية معينة

- ‌ حكم قول: من لا شيخ له فالشيطان شيخه

- ‌ حكم اعتقاد أن لبعض عباد الله تصرفا في الكون

- ‌ حكم التعبد بضرب الطبول والأغاني

- ‌ حكم التعبد باستعمال الناي ودق الطبول في المساجد

- ‌ حكم الانتساب لطريقة الختمية

- ‌ بيان الطريقة التيجانية

- ‌ حكم اتباع الطريقة التيجانية

- ‌ حكم الذكر بالطبول والرقص

- ‌ حكم التعبد بالطريقة المرغنية والضيفية

- ‌ بيان كذب جماعة رجال الخطوة

- ‌ بيان حال الطريقة البرهانية

- ‌ بيان حال الطريقة القادرية والنقشبندية

- ‌ حكم الاجتماع باسم أحد الأولياء

- ‌ بيان معنى الحضرة

- ‌ حكم إقامة المديح النبوي مع دق الدفوف

- ‌ حكم أخذ الطرق الصوفية

- ‌ حكم اتباع الطريقة الصوفية الخلوتية

- ‌ حكم التشبه بأهل الفرق في لباسهم

- ‌ حكم استعمال الطبل والمزمار لعلاج المريض من المس

- ‌ بيان حال طائفة الدراويش من الصوفية

- ‌ حكم شد الرحال إلى قبور الأولياء

- ‌ بيان كذب وصية خادم الحجرة النبوية

- ‌ حكم الشرع في مرتكب الكبيرة

- ‌باب ما جاء في السحر

- ‌ العلامات التي يعرف بها الساحر

- ‌ بيان أن السحر كفر أكبر

- ‌ بيان أن شياطين الجن هم الذين يعلمون السحر للسحرة

- ‌ بيان الحكم الشرعي في الساحر

- ‌ حكم الصلاة خلف من يتعاطى بعض أعمال السحر

- ‌ السحر يؤثر في المسحور بإذن الله تعالى

- ‌ حكم إنكار وقوع السحر

- ‌ الأوراد والتعوذات الشرعية سبب للعافية والسلامة من السحر

- ‌ بيان ما يتحصن به الإنسان من السحر قبل وقوعه

- ‌ أسباب وقوع المس وضيق الصدر والسحر

- ‌ بيان الآيات القرآنية التي تبطل السحر

- ‌ بيان الأذكار الشرعية والعلاجات المباحة لإزالة أثر السحر

- ‌ حكم الذهاب إلى السحرة والمنجمين والمشعوذين من أجل العلاج

- ‌ مسألة في حكم الذهاب للعلاج عند السحرة

- ‌ حكم الذهاب إلى السحرة لسؤالهم والعلاج عندهم

- ‌ بيان الوعيد الشديد في المجيء إلى السحرة وتصديقهم

- ‌ حكم التداوي عند السحرة ونحوهم

- ‌ حكم علاج السحر بسحر مثله

- ‌ بيان أن ضرب الجسم بالسيوف والسكاكين أعمال سحرية وشعوذة

- ‌ بيان أن التولة من أنواع السحر

- ‌ بيان حكم الطرق والعيافة

- ‌ حكم استعمال وقراءة كتب السحر والتنجيم

- ‌ حديث: "تعلموا السحر ولا تعملوا به" لا أصل له

- ‌باب ما جاء في الكهان ونحوهم

- ‌ بيان عقوبة الكهنة والعرافين

- ‌ حكم سؤال الكاهن والعراف

- ‌ حكم تصديق الكهان والعرافين

- ‌ حكم من مات وهو يصدق بعض أخبار الكهنة جهلا منه

- ‌ حكم من يدعي معرفة أحوال الموتى وما يعرض لهم من عذاب أو نعيم

- ‌ حكم سؤال المنجمين والرمالين وأصحاب الشعوذة

- ‌ حكم من أرغمه والده للذهاب إلى الكهنة

- ‌ حكم صاحب الودع وقارئة الفنجان

- ‌ حكم استعمال نثر الودع

- ‌ حكم قراءة الكف

- ‌ حكم من يزعم أنه يتعرف على السارق ومكان المسروقات

- ‌ حكم من يزعم أنه يضع الجمر على لسانه فلا يحرقه

- ‌ حكم من يدعي الوساطة بين الجن والإنس لعلاج الأمراض المستعصية

- ‌ حكم الخط بالحصى

- ‌ حكم العلاج عند من يستعمل كتب استخدام الجن

- ‌ حكم الاعتقاد أن الشرب في آنية معينة فيها شفاء

- ‌باب ما جاء في التطير

- ‌ حكم التشاؤم بيوم الجمعة إذا وافق يوم عيد

- ‌ حكم التشاؤم بشهر صفر

- ‌ بيان معنى حديث: "لا عدوى ولا طيرة

- ‌ حكم الاعتقاد في البروج والنجوم

الفصل: ‌ حكم توزيع الأطعمة في الموالد

سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ويحكمون القرآن والسنة ويعملون بهما، أما علماء السوء وعلماء البدع، فليسوا محل السؤال، وليسوا أهلا للسؤال، إنما السؤال يكون لأهل العلم الذين يحكمون كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ويعملون بهما يتأسون بالسلف الصالح باتباع السنة والحذر من البدعة، نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق.

ص: 70

18 -

‌ حكم توزيع الأطعمة في الموالد

س: تسأل الأخت وتقول: في يوم مولد النبي الشريف، يتم في بعض مناطق قطرنا توزيع الطعام والحلوى على الناس؛ إحياء لهذا اليوم العزيز، ويقولون: إن توزيع الطعام والحلوى وبالأخص الحلوى لها أجر كبير عند الله عز وجل، هل هذا صحيح؟ (1)

ج: الاحتفال بالمولد هذا مما اتخذه الناس وليس مشروعا، ولم يكن معروفا عند السلف الصالح، لا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ولا في عهد التابعين، ولا في عهد أتباع التابعين، ولا في القرون المفضلة، ولم يكن معروفا في هذه العصور العظيمة، وهي القرون الثلاثة المفضلة، وإنما أحدثه الناس بعد ذلك، وذكر المؤرخون أن أول من أحدثه، هم

(1) السؤال الخامس من الشريط رقم 108.

ص: 70

الفاطميون الشيعة حكام مصر والمغرب، وهم أول من أحدث هذه الاحتفالات، الاحتفال بالمولد النبوي، وبمولد الحسين ومولد فاطمة، وحكامهم جعلوا هناك احتفالات بعدة موالد، منها مولد النبي عليه الصلاة والسلام، هذا هو المشهور أنهم أول من أحدثه في المائة الرابعة من الهجرة، ثم حدث بعد ذلك من الناس الآخرين تأسيا بغيرهم، والسنة في ذلك عدم فعل هذا المولد، لأنه من البدع المحدثة في الدين، والرسول عليه الصلاة والسلام قال:«من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (1)» ، وقال عليه الصلاة والسلام:«من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (2)»

والاحتفال قربة وطاعة، فلا يجوز إحداث قربة وطاعة إلا بدليل، وما يفعله الناس اليوم ليس بحجة، ما يفعله الناس في كثير من الأمصار في اليوم الثاني عشر، من ربيع الأول، من الاحتفال بالموالد، مولد النبي صلى الله عليه وسلم، وتوزيع الطعام أو الحلوى، أو قراءة السيرة في ذلك اليوم وإقامة الموائد، كل هذا ليس له أصل فيما علمنا، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا عن أصحابه رضي الله عنهم، ولا عن السلف الصالح في القرون المفضلة، وهذا هو الذي علمناه من كلام أهل العلم، وقد نبه على ذلك أبو العباس ابن تيمية رحمه الله شيخ الإسلام، ونبه على ذلك الشاطبي رحمه الله في (الاعتصام بالسنة)، ونبه على ذلك آخرون من

(1) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور برقم 2697.

(2)

أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم 1718.

ص: 71

أهل العلم، وبينوا أن هذا الاحتفال أمر لا أساس له، وليس من الأمور الشرعية، بل هو مما ابتدعه الناس، فالذي ننصح به إخواننا المسلمين، هو ترك هذه البدعة وعدم التشاغل بها، وإنما حب النبي صلى الله عليه وسلم يقتضي اتباعه وطاعة أوامره، وترك نواهيه، كما قال الله سبحانه:{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} (1)، فليس العلامة على حبه أن نحدث البدع، التي ما أنزل الله بها من سلطان، من الاحتفال بالمولد أو الحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم، أو الدعاء والاستغاثة به، أو الطواف بقبره أو ما أشبه ذلك، كل هذا مما لا يجوز وليس من حبه صلى الله عليه وسلم، بل هو من مخالفة أمره عليه الصلاة والسلام، فحبه يقتضي اتباعه وطاعة أوامره، وترك نواهيه والوقوف عند الحدود، التي حدها عليه الصلاة والسلام، هكذا يكون المؤمن، كما قال الله عز وجل:{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} (2)، وقال عز وجل:{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} (3)، وقال جل وعلا:{قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} (4) ولو كان الاحتفال بالمولد أمرا مشروعا، لم يكتمه النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه ما كتم شيئا، فقد بلغ البلاغ المبين عليه الصلاة والسلام،

(1) سورة آل عمران الآية 31

(2)

سورة آل عمران الآية 31

(3)

سورة الحشر الآية 7

(4)

سورة النور الآية 54

ص: 72

فلم يحتفل بمولده ولم يأمر أصحابه بذلك، ولم يفعله الخلفاء الراشدون رضي الله عنهم، ولا بقية الصحابة رضي الله عنهم، ولا التابعون وأتباعهم بإحسان في القرون المفضلة، فكيف يخفى عليهم ويعلمه من بعدهم هذا مستحيل، فعلم بذلك أن إحداثه من البدع التي ما أنزل الله بها من سلطان، ومن قال: إنه بدعة حسنة فهذا غلط لا يجوز، لأنه ليس في الإسلام بدع حسنة. الرسول عليه السلام قال:«كل بدعة ضلالة (1)» وكان يخطب بالناس يوم الجمعة، ويقول:«إن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة (2)» ، فلا يجوز للمسلم أن يقول في بدعة: إنها حسنة، يعني يناقض النبي صلى الله عليه وسلم ويعاكسه، هذا لا يجوز للمسلم بل يجب عليه أن يتأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويحذر مخالفة أمره صلى الله عليه وسلم ومخالفة شريعته في هذا وغيره، فلما قال صلى الله عليه وسلم:«كل بدعة ضلالة (3)» . فهذه الجملة جملة عامة وصيغة عامة، تعم الموالد وغير الموالد من البدع، وهكذا ما أحدثه بعض الناس من الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج، ليلة سبع وعشرين من رجب، أو ليلة النصف من شعبان، هذه أيضا من البدع، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ما فعلها ولا فعلها أصحابه، فتكون بدعة وهكذا جميع ما أحدثه الناس من البدع في الدين، كلها داخلة في هذا المعنى، فليس لأحد من المسلمين أن يحدث شيئا من العبادات، بغير

(1) صحيح مسلم الجمعة (867)، سنن النسائي صلاة العيدين (1578)، سنن أبو داود الخراج والإمارة والفيء (2954)، سنن ابن ماجه المقدمة (45)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 311)، سنن الدارمي المقدمة (206).

(2)

أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب الترغيب في النكاح، برقم 5063، ومسلم في كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه، برقم 1401.

(3)

صحيح مسلم الجمعة (867)، سنن النسائي صلاة العيدين (1578)، سنن أبو داود الخراج والإمارة والفيء (2954)، سنن ابن ماجه المقدمة (45)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 311)، سنن الدارمي المقدمة (206).

ص: 73

ما شرعه الله بل يجب على أهل الإسلام الاتباع، والتقيد بالشرع أينما كانوا والحذر من البدعة، ولو أحدثها من أحدثها من العظماء والكبار، فالرسول صلى الله عليه وسلم فوقهم، فوق جميع العظماء هو سيد ولد آدم، وهو الذي أوجب الله علينا طاعته، واتباع شريعته، فليس لأحد أن يقدم على هديه هدي أحد من الناس، ولا طاعة أحد من الناس، ثم الله فوق الجميع سبحانه وتعالى، هو واجب الطاعة وهو إله الحق سبحانه وتعالى، هو الذي بعث الرسول يعلم الناس ويرشد الناس، والرسول هو المبلغ عن الله عز وجل، فلو كان الاحتفال بهذه الأمور مما أمره الله به لم يكتمه بل يبلغه؛ لأنه صلى الله عليه وسلم قد بلغ البلاغ المبين، وهكذا أصحابه، لو كان بلغهم وأعلمهم لبلغوا أيضا، فلما لم يأتنا هذا عنه، علمنا يقينا أنه من البدع التي أحدثها الناس، وأن الواجب على أهل الإسلام ألا يوافقوا على البدع، بل عليهم أن يسيروا على النهج الذي سار عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسار عليه أصحابه الكرام رضي الله عنهم، ثم أتباعهم بإحسان في القرون المفضلة، نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق.

ص: 74

س: يقول السائل: س. ف. ك. من ليبيا: عندنا عادة في بلادنا وهي في اليوم الثاني عشر، من ربيع الأول نعمل وجبة إفطار منذ الصباح الباكر ونقوم بتوزيعها على الجيران، ونحن نهنئ الجيران والأقرباء بعضهم بعضا، بحجة الفرح بالمولد النبوي، فهل لنا أن نستمر في عمل هذه الأطعمة، والأكل منها ونعمل تلك الاحتفالات؟ (1)

ج: هذا العمل ليس مشروعا بل هو بدعة، ولو فعله كثير من الناس، لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لم يفعلوا ذلك، فلم يحتفل صلى الله عليه وسلم بمولده في حياته، ولم يأمر بذلك وهو أنصح الناس، عليه الصلاة والسلام وأعلم الناس، وأحرص الناس على الخير عليه الصلاة والسلام، فلو كان هذا العمل مشروعا وحسنا، لفعله صلى الله عليه وسلم، أو أرشد إليه، وهكذا الخلفاء الراشدون، وهم أفضل الناس بعد الأنبياء، لم يفعلوه ولم يأمروا به، وهكذا بقية الصحابة رضي الله عنهم لم يفعلوه ولم يأمروا به، وهكذا سلف الأمة في القرون المفضلة، لم يفعلوه وهم خير الناس بعد الأنبياء، كما قال عليه الصلاة والسلام:«خير الناس قرني ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم (2)»

(1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم 273.

(2)

أخرجه البخاري في كتاب الشهادات، باب لا يشهد على شهادة جور، برقم 2652، ومسلم في كتاب فضائل الصحابة، باب فضل الصحابة رضي الله عنهم، برقم 2533.

ص: 75

فالواجب عليكم ترك هذه البدعة، والحرص على اتباع النبي صلى الله عليه وسلم، في أقواله وأعماله، هذا هو الواجب على المسلمين، أن يتبعوه وأن ينقادوا لشرعه، ويعظموا أمره ونهيه، ويسيروا على سنته ونهجه، عليه الصلاة والسلام، أما البدع فلا خير فيها، فهي شر، يقول عليه الصلاة والسلام:«من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (1)» أي فهو مردود، وقال عليه الصلاة والسلام:«من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (2)» متفق على صحته.

وفي صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه، قال:«كان النبي صلى الله عليه وسلم، يقول في الخطبة خطبة الجمعة: " أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة (3)» ، هذا العمل الذي فعلته من إهداء الطعام، والاحتفال وغير ذلك، في اليوم الثاني عشر من ربيع الأول، بالطعام أو بالصلوات، أو بالتزاور كله بدعة لا أصل له، يقول الرب عز وجل:{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} (4)، فاتباع النبي هو دليل الحب الصادق، ويقول عليه الصلاة والسلام:«من رغب عن سنتي فليس مني (5)»

(1) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم 1718.

(2)

أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور برقم 2697.

(3)

أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب الترغيب في النكاح، برقم 5063، ومسلم في كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه، برقم 1401.

(4)

سورة آل عمران الآية 31

(5)

البخاري النكاح (4776)، مسلم النكاح (1401)، النسائي النكاح (3217)، أحمد (3/ 285).

ص: 76

فنوصيكم وغيركم من إخواننا المسلمين، بترك هذه البدعة، وهي الاحتفالات بالمولد النبوي، أو بغير المولد النبوي، بالموالد الأخرى كلها غير مشروعة، ولكن نوصيكم باتباع الرسول صلى الله عليه وسلم دائما، والتفقه في الدين وتعليم الناس السنة، والحرص على طاعة الله ورسوله، في كل شيء هذا هو الواجب، على جميع المكلفين أن يخلصوا لله العبادة، وأن يعظموه وأن ينقادوا لشرعه، وأن يسيروا على نهج نبيه، صلى الله عليه وسلم في القول والعمل، في جميع الأحوال، قال تعالى في كتابه العظيم:{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (1)، وقال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح:«من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله. (2)»

فالواجب طاعته واتباع هديه، عليه الصلاة والسلام، والحذر مما خالف هديه، عليه الصلاة والسلام في كل شيء.

(1) سورة الحشر الآية 7

(2)

أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب يقاتل من وراء الإمام ويتقي به، برقم 2957، ومسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء، برقم 1835.

ص: 77