الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
23 -
الواجب عند النزاع وإحداث البدع الرد إلى كتاب الله وسنة رسوله
س: هل من ذنب عليك إذا استمعت للمولد ملزما، أو مجبرا احتراما لأبيك، وإذا كان لا فماذا أعمل؟ أفيدوني أفادكم الله؟ (1)
ج: الاحتفال بالموالد من البدع، التي أحدثها الناس في القرن الرابع الهجري، فلا ينبغي لأحد أن يتأسى بمن أحدث البدع، وهكذا ما ذكر عن ملك إربل أنه أحدث ذلك، كل هذا لا يليق بأهل العلم أن يتأسوا بمن أحدث البدع، ولو كان معروفا ولو كان كبيرا كبعض الملوك والأمراء، أو بعض من يغلط من أهل العلم، فإن القاعدة التي يجب الالتزام بها ويجب السير عليها، أن ما تنازع فيه الناس، وما أحدثه الناس، يعرض على كتاب الله وعلى سنة رسوله عليه الصلاة والسلام، فما وافقهما قبل وما خالفهما رد، كما قال الله عز وجل في كتابه العظيم:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} (2)، قال العلماء رحمهم الله: الرد إلى الله هو الرد إلى القرآن العظيم، والرد إلى الرسول عليه الصلاة والسلام، هو
(1) السؤال الثالث من الشريط رقم 3.
(2)
سورة النساء الآية 59
الرد إليه في حياته، وإلى سنته بعد وفاته عليه الصلاة والسلام، وفي آية أخرى:{وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ} (1).
فالواجب على أهل الإيمان عند النزاع وعند الاختلاف، وعند إحداث البدع أن يرد ما تنازع فيه الناس، وما اختلفوا فيه إلى كتاب ربهم، وسنة نبيهم فما شهدا له بالقبول قبل، وما لا فإنه يرد، وقد نظرنا وسبرنا ما وقع فيه الناس من هذه الموالد، ودرسنا سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وسيرة أصحابه، فلم نجده صلى الله عليه وسلم احتفل بمولده، لا في المدينة ولا في مكة، لا قبل الهجرة ولا بعد الهجرة، لا قبل الفتح ولا بعد الفتح، ولا شك أن الموالد التي أحدثها الناس يقع فيها منكرات متنوعة، منها ما تقدم من الاستغاثة بصاحب المولد، وطلبه المدد سواء كان النبي صلى الله عليه وسلم أو غيره، ومنها ما قد يقع من التوسل به أو بجاهه وحقه وهذا بدعة، ومنها ما يقع من بعضهم أنهم يقومون له، يقولون: حضر النبي صلى الله عليه وسلم، يقومون وهذا منكر؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يحضرهم ولا يخرج من قبره إلى يوم القيامة، عليه الصلاة والسلام، كما قال الله عز وجل:{ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ} (2){ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ} (3)، ويقول عليه الصلاة والسلام:«أنا أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة (4)» .
(1) سورة الشورى الآية 10
(2)
سورة المؤمنون الآية 15
(3)
سورة المؤمنون الآية 16
(4)
أخرجه الإمام أحمد في مسند أبي بكر الصديق رضي الله عنه، برقم 16، والبخاري في كتاب الخصومات، باب ما يذكر في الإشخاص والخصومة بين المسلم واليهود، برقم 2412.
، فهو أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة، أول من يخرج من القبور يوم القيامة، فقولهم إنه يحضر ويقومون له، هذا من المنكر ومن الباطل ومن التلبيس على العامة، والواجب على أهل الإيمان اتباع سنته وتعظيم أمره ونهيه، لا إحداث الموالد. فما الفائدة من الموالد؟ التي فيها البدع والشر. الله يقول سبحانه:{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} (1)، ويقول سبحانه وتعالى:{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (2)، ويقول سبحانه:{مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} (3)، ويقول جل وعلا:{وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (4). ويقول سبحانه: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (5) الآية. فالذي يحب الرسول صلى الله عليه وسلم صادقا يتبعه، ويستقيم على طريقته في أداء الأوامر، وترك النواهي والوقوف عند الحدود، والدعوة إلى سبيله وإلى سنته، والذب عنها والتحذير من خلافها، هكذا يكون المؤمن هكذا يكون طالب النجاة، هكذا يكون المعظم لرسول الله صلى الله عليه وسلم، يعظم سنته ويدعو إليها ويستقيم عليها، قولا وعملا وعقيدة، وينهى الناس عن خلافها وعن الخروج عليها، هكذا المؤمن الصادق وهكذا العالم الموفق، يعظم السنة ويدعو
(1) سورة آل عمران الآية 31
(2)
سورة الحشر الآية 7
(3)
سورة النساء الآية 80
(4)
سورة النور الآية 56
(5)
سورة الأحزاب الآية 21
إليها، ويستقيم عليها ويحافظ عليها، ويمثلها بأخلاقه وأعماله، هكذا الحب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وهكذا الحب لله: توحيده وطاعته وخوفه ورجاؤه، والشوق إليه والمسارعة إلى مراضيه، والحذر من مناهيه والوقوف عند حدوده، هكذا يكون المؤمن الصادق في حبه لله ورسوله، أما إحداث البدع فليست من دلائل الإيمان، ولا من دلائل الصدق، ولكنها من تزيين الشيطان ومن تلبيسه على الناس، حتى يحدثوا ما لم يأذن به الله، ولهذا قال سبحانه:{أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} (1)، والمحب له صلى الله عليه وسلم، يجتهد في اتباع شريعته واتباع طريقه، فيعلم الناس سنته وأخلاقه وأعماله، في المدارس، وفي المساجد، وفي البيوت، وفي السفر، وفي الحضر، وفي الطائرة، وفي السيارة، وفي القطار، وفي كل مكان، هكذا المؤمن الصادق، العالم يعتني بالسنة ويعلمها الناس، ويعمل بها وفي غنية عن إحداث البدع، المسلمون في غنية كاملة عن البدع:{أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} (2). ويقول سبحانه يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم: {إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا} (3) هكذا أمر الله نبيه، ليستقيم على الشريعة التي بينت له وأمر بها، وهكذا أمته عليهم أن يستقيموا على الشريعة التي جاء بها النبي صلى الله عليه وسلم، وعليهم أن يلزموها ولا يزيدوا ولا ينقصوا.
(1) سورة الشورى الآية 21
(2)
سورة الشورى الآية 21
(3)
سورة الجاثية الآية 19
س: من أسئلة هذا المستمع يقول: هل الشيء الحسن بدعة مثل الموالد التي فيها ذكر الله، ومثل إقامة مولد كل سنة لمن مات أبوه، أو قريبه وكذلك الجلوس في المقبرة ثلاثة أيام يذكرون الله فيها إلى روح الميت؟ (1)
ج: العبادات تكون بالشرع، وليس بالرأي والاستحسان ما قاله الله ورسوله، وما شرعه الله ورسوله، أما ما أحدثه الناس فهو بدعة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (2)» ، والله يقول سبحانه:{أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} (3)، فالاجتماع للموالد بدعة، لا مولد النبي صلى الله عليه وسلم ولا غيره، وهكذا كونه يحدث بدعة لأبيه مولد لأبيه أو لأمه، هذا بدعة لا يجوز، وهكذا الجلوس عند القبور والدعاء والقراءة بدعة لا يجوز، لأنها من وسائل الشرك، فالقاعدة أن العبادة هي ما شرعها الله، توقيفية، أو شرعها رسوله صلى الله عليه وسلم، أما ما أحدث الناس فيقول صلى الله عليه وسلم:«من أحدث في أمرنا - يعني في ديننا - هذا ما ليس منه فهو رد (4)» ، ويقول عليه الصلاة والسلام:«إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة (5)»
(1) السؤال الأربعون من الشريط رقم 411.
(2)
أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور برقم 2697.
(3)
سورة الشورى الآية 21
(4)
أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور برقم 2697.
(5)
أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث العرباض بن سارية، برقم 16694.