المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ الفرق بين البدعة الاعتقادية والعملية - فتاوى نور على الدرب لابن باز بعناية الشويعر - جـ ٣

[ابن باز]

فهرس الكتاب

- ‌ بيان أقسام البدعة

- ‌ حكم الذبح في المواسم كالنصف من شعبان

- ‌ حكم إطلاق لفظ البدعة على المخترعات الدنيوية

- ‌ الأسباب التي تقضي على البدع

- ‌ الفرق بين البدعة الاعتقادية والعملية

- ‌ بيان معنى حديث: " من سن في الإسلام سنة حسنة

- ‌ بيان معنى قول: العبادات توقيفية

- ‌ بيان معنى الغلو في الدين

- ‌ حكم هجر المبتدع

- ‌ المبتدعة ليسوا من الطائفة الناجية

- ‌ حكم الاحتفال بالمواليد

- ‌ حكم الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ حكم الاحتفال بمولد الحسين رضي الله عنه

- ‌ الاحتفال بالمولد ليس له أصل

- ‌ الرد على قول: إن المولد بدعة حسنة

- ‌ الرد على شبه تجويز إقامة الموالد

- ‌ حكم توزيع الأطعمة في الموالد

- ‌ حكم إلقاء القصائد التي فيها غلو وإطراء في حفلات الموالد

- ‌ حكم إلقاء التواشيح والابتهالات الصوفية في مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ بيان أن حفلات أعياد المواليد من البدع

- ‌ الواجب عند النزاع وإحداث البدع الرد إلى كتاب الله وسنة رسوله

- ‌ حكم رفع الرايات للأولياء أثناء احتفالات الموالد

- ‌ حكم الاحتفال بذكرى الهجرة النبوية الشريفة

- ‌ بيان الإسراء والمعراج

- ‌ حكم تخصيص شهر رجب ببعض العبادات

- ‌ حكم الاحتفال بليلة السابع والعشرين من رجب وليلة النصف من شعبان

- ‌ حكم إقامة الرجل عيد ميلاد لنفسه

- ‌ حكم تعليق الصور الفوتوغرافية على الجدران

- ‌ حكم إقامة عيد المعلم

- ‌ حكم الذبح وتقريب القرابين لبيت الحضرة لطلب نزول المطر

- ‌ حكم تخصيص الذبيحة على الميت بوقت معين

- ‌باب ما جاء في الفرق والطوائف

- ‌ بيان أهل السنة والجماعة

- ‌ موقف المسلم من تعدد فرقة أهل السنة والجماعة

- ‌ بيان خصائص الفرقة الناجية

- ‌ صفات الفرقة الناجية

- ‌ حكم التسمي بالأثري

- ‌ نبذة عن الدعوة السلفية

- ‌ بيان دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب

- ‌ بيان ما يلزم المسلم إذا كثرت الفرق

- ‌ بيان طائفة الأشاعرة

- ‌ بيان مذهب أهل السنة والجماعة في نصوص الوعيد والرد على فرقة الخوارج

- ‌ بيان معنى الصوفية

- ‌ الطرق الصوفية وبيان ما فيها من البدع

- ‌ حكم بيعة أفضال الناس ورؤساء الجمعيات

- ‌ حكم المبايعة على الطرق الصوفية

- ‌ بيان الطرق الصوفية

- ‌ بيان ضلال ابن عربي الصوفي

- ‌ حكم الانتساب للجماعة الصوفية

- ‌ حكم سرد قصص أصحاب الفرق الصوفية

- ‌ الطاعة الواجبة هي طاعة الله تعالى وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم

- ‌ حكم اعتقاد أن يسلك كل مسلم طريقة صوفية معينة

- ‌ حكم قول: من لا شيخ له فالشيطان شيخه

- ‌ حكم اعتقاد أن لبعض عباد الله تصرفا في الكون

- ‌ حكم التعبد بضرب الطبول والأغاني

- ‌ حكم التعبد باستعمال الناي ودق الطبول في المساجد

- ‌ حكم الانتساب لطريقة الختمية

- ‌ بيان الطريقة التيجانية

- ‌ حكم اتباع الطريقة التيجانية

- ‌ حكم الذكر بالطبول والرقص

- ‌ حكم التعبد بالطريقة المرغنية والضيفية

- ‌ بيان كذب جماعة رجال الخطوة

- ‌ بيان حال الطريقة البرهانية

- ‌ بيان حال الطريقة القادرية والنقشبندية

- ‌ حكم الاجتماع باسم أحد الأولياء

- ‌ بيان معنى الحضرة

- ‌ حكم إقامة المديح النبوي مع دق الدفوف

- ‌ حكم أخذ الطرق الصوفية

- ‌ حكم اتباع الطريقة الصوفية الخلوتية

- ‌ حكم التشبه بأهل الفرق في لباسهم

- ‌ حكم استعمال الطبل والمزمار لعلاج المريض من المس

- ‌ بيان حال طائفة الدراويش من الصوفية

- ‌ حكم شد الرحال إلى قبور الأولياء

- ‌ بيان كذب وصية خادم الحجرة النبوية

- ‌ حكم الشرع في مرتكب الكبيرة

- ‌باب ما جاء في السحر

- ‌ العلامات التي يعرف بها الساحر

- ‌ بيان أن السحر كفر أكبر

- ‌ بيان أن شياطين الجن هم الذين يعلمون السحر للسحرة

- ‌ بيان الحكم الشرعي في الساحر

- ‌ حكم الصلاة خلف من يتعاطى بعض أعمال السحر

- ‌ السحر يؤثر في المسحور بإذن الله تعالى

- ‌ حكم إنكار وقوع السحر

- ‌ الأوراد والتعوذات الشرعية سبب للعافية والسلامة من السحر

- ‌ بيان ما يتحصن به الإنسان من السحر قبل وقوعه

- ‌ أسباب وقوع المس وضيق الصدر والسحر

- ‌ بيان الآيات القرآنية التي تبطل السحر

- ‌ بيان الأذكار الشرعية والعلاجات المباحة لإزالة أثر السحر

- ‌ حكم الذهاب إلى السحرة والمنجمين والمشعوذين من أجل العلاج

- ‌ مسألة في حكم الذهاب للعلاج عند السحرة

- ‌ حكم الذهاب إلى السحرة لسؤالهم والعلاج عندهم

- ‌ بيان الوعيد الشديد في المجيء إلى السحرة وتصديقهم

- ‌ حكم التداوي عند السحرة ونحوهم

- ‌ حكم علاج السحر بسحر مثله

- ‌ بيان أن ضرب الجسم بالسيوف والسكاكين أعمال سحرية وشعوذة

- ‌ بيان أن التولة من أنواع السحر

- ‌ بيان حكم الطرق والعيافة

- ‌ حكم استعمال وقراءة كتب السحر والتنجيم

- ‌ حديث: "تعلموا السحر ولا تعملوا به" لا أصل له

- ‌باب ما جاء في الكهان ونحوهم

- ‌ بيان عقوبة الكهنة والعرافين

- ‌ حكم سؤال الكاهن والعراف

- ‌ حكم تصديق الكهان والعرافين

- ‌ حكم من مات وهو يصدق بعض أخبار الكهنة جهلا منه

- ‌ حكم من يدعي معرفة أحوال الموتى وما يعرض لهم من عذاب أو نعيم

- ‌ حكم سؤال المنجمين والرمالين وأصحاب الشعوذة

- ‌ حكم من أرغمه والده للذهاب إلى الكهنة

- ‌ حكم صاحب الودع وقارئة الفنجان

- ‌ حكم استعمال نثر الودع

- ‌ حكم قراءة الكف

- ‌ حكم من يزعم أنه يتعرف على السارق ومكان المسروقات

- ‌ حكم من يزعم أنه يضع الجمر على لسانه فلا يحرقه

- ‌ حكم من يدعي الوساطة بين الجن والإنس لعلاج الأمراض المستعصية

- ‌ حكم الخط بالحصى

- ‌ حكم العلاج عند من يستعمل كتب استخدام الجن

- ‌ حكم الاعتقاد أن الشرب في آنية معينة فيها شفاء

- ‌باب ما جاء في التطير

- ‌ حكم التشاؤم بيوم الجمعة إذا وافق يوم عيد

- ‌ حكم التشاؤم بشهر صفر

- ‌ بيان معنى حديث: "لا عدوى ولا طيرة

- ‌ حكم الاعتقاد في البروج والنجوم

الفصل: ‌ الفرق بين البدعة الاعتقادية والعملية

الجهالة وزاد الخرافيون في البلد، وقل الوازع السلطاني وقل العلماء، تكثر البدع وتنتشر، فإذا وجد العلماء أهل البصيرة في الدين، ووجد الوازع السلطاني في إنكار البدع، قلت البدع حتى تزول من البلد.

ص: 23

6 -

‌ الفرق بين البدعة الاعتقادية والعملية

س: ما هي البدعة الاعتقادية، وما هي البدعة العملية؟ (1)

ج: كل ما خالف الشرع فهو بدعة، إن كان في الاعتقاد يسمى بدعة مثل دعاء الأموات، والاستغاثة بالأموات، والاستغاثة بالجن أو بالملائكة، يظنها دينا، يعتقد أنها دين، يحسب أنها جائزة، هذه بدعية شركية: كفر أكبر، وتسمى بدعة، لأنه يظن أنها دين، كذلك البناء على القبور، واتخاذ المساجد عليها بدعة لكنها دون الكفر، وهي وسيلة للكفر، إذا بنى مسجدا على القبر، يحسب أنه دين أو بنى قبة على قبر، يحسب أن هذا جائز، هذه بدعة منكرة، من وسائل الشرك، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (2)» .

أما دعاء الأموات، والاستغاثة بالأموات، والنذر لهم فهذه بدعة شركية، يكون صاحبها كافرا كفرا أكبر، ولو زعم أنه جاهل، لأن هذا

(1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم 322.

(2)

أخرجه الإمام البخاري في كتاب الحج، باب حج النساء برقم 1864.

ص: 23

أمر معروف من الدين بالضرورة، معروف بين المسلمين، فهو كافر بذلك، فعليه التوبة إلى الله من ذلك، يستتاب فإن تاب وإلا قتل من ولي الأمر أي الحاكم الشرعي، وهناك بدع كثيرة، مثل بدعة المولد، تسمى إحياء مناسبة مولد النبي صلى الله عليه وسلم، أو مولد غيره، ومثل بدعة ليلة الإسراء والمعراج 27 رجب الاحتفال بها هذه بدعة أيضا، عملية منكرة لا تجوز، ولكن ليست من الشرك الأكبر، إلا إذا كان فيها شرك، إذا كان في المولد، أو في الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج، دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، والاستغاثة به يكون ذلك شركا أكبر، أما إذا كان مجرد احتفال، على الأكل والشرب، والقهوة والشاي، وليس فيه دعاء ولا استغاثة بالنبي، فهذه بدعة منكرة، يمنعها قول النبي صلى الله عليه وسلم:«من أحدث في أمرنا هذا -يعني ديننا- ما ليس منه فهو رد (1)» فهو مردود، وقوله صلى الله عليه وسلم:«من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (2)» ، وقوله صلى الله عليه وسلم:«إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة (3)»

(1) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور برقم 2697، ومسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة، برقم 1718.

(2)

أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم 1718.

(3)

أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث العرباض بن سارية، برقم 16694.

ص: 24

والبدعة هي الشيء المحدث في الدين الذي أحدثه الناس يتقربون به إلى الله، والله ورسوله ما شرعه، ما شرعه الله ولا رسوله يسمى بدعة مثل الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم، أو الاحتفال بمولد الصديق أو عمر، أو عثمان، أو علي، أو الحسين أو غيرهم، أو الاحتفال بمولد أبي حنيفة، أو الشافعي أو مالك، أو الشيخ عبد القادر الجيلاني، أو السيدة نفيسة أو السيدة زينب، أو ما أشبه ذلك، كلها بدع منكرة لا تجوز ومن وسائل الشرك، نعوذ بالله من ذلك، فبعض الناس في المولد يشرك بالله، في مولد النبي يدعو النبي، ويستغيث به هذا من الشرك الأكبر، وبعضهم في مولد علي يستغيث بعلي، وينذر له ويدعوه من دون الله، هذا شرك أكبر، وهكذا في الموالد الأخرى، يدعون صاحب المولد، يستغيثون به، هذا شرك أكبر، نعوذ بالله من ذلك، ربنا يقول سبحانه:{فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (1)، ويقول سبحانه:{ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} (2) القطمير: اللفافة التي على النواة نواة التمر، {إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ} (3) يعني: الأموات والأصنام ونحوهم، {إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ} (4) ما عندهم قدرة يعطونك ما طلبت، {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} (5) يسمى شركا، يسمى

(1) سورة الجن الآية 18

(2)

سورة فاطر الآية 13

(3)

سورة فاطر الآية 14

(4)

سورة فاطر الآية 14

(5)

سورة فاطر الآية 14

ص: 25

دعاؤهم والاستغاثة بهم شركا أكبر، {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} (1) والشرك إذا أطلق هو الأكبر، وقال سبحانه في آخر سورة المؤمنون:{وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (2) فسمى دعاة غير الله من الأموات، والأشجار والأحجار سماهم كفرة، قال:{إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (3) والنبي صلى الله عليه وسلم حكم على دعاة القبور والأموات، والاستغاثة بهم، حكم عليهم بأنهم كفار، وقاتلهم، قاتل أهل الطائف الذين يدعون اللات، ويعبدون اللات، وهو قبر أو صخرة يعبدونها، وقاتل عباد الشجر، عباد العزى، وعباد الحجر، وعباد المناة لأنهم كفار، حتى يدعوا ذلك، حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وحتى يدعوا الشرك ويتبرأوا منه، وهكذا سائر البدع، إن كان فيها دعاء لغير الله، والاستغاثة بغير الله، أو الذبح لغير الله صارت شركا أكبر، وإن كان مجرد عمل لكن ما شرعه الله، تكون بدعة دون الشرك منكرة، ومن هذا الصلاة عند القبور، كونه يصلي عندها يقول: لعلها أفضل وهي عند القبر، يصلي في المقبرة، ويقول لعلها أفضل، هذه بدعة من وسائل الشرك، وهكذا الجلوس عند القبور للدعاء، يعني أن الأفضل الجلوس عند القبور للدعاء بدعة، كذلك وكقول بعضهم: نويت أن أصلي لله أربع ركعات، أو ثلاث ركعات، هذه بدعة التلفظ بالنية إذا

(1) سورة فاطر الآية 14

(2)

سورة المؤمنون الآية 117

(3)

سورة المؤمنون الآية 117

ص: 26

قام للصلاة، وإنما ينوي بقلبه ويكفي، ينوي بقلبه أنه قام للظهر، للعصر، للمغرب، للعشاء، وهكذا جميع الصلوات النافلة ينوي بقلبه ويكفي، أما أن يقول بعد وقوفه: نويت أن أصلي لله أربع ركعات، يعني الظهر أو العصر أو ثلاث ركعات يعني المغرب، أو ركعتين يعني الفجر أو الجمعة، فهذه بدعة ما كان يبيح لهم الرسول ذلك، ولا الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، ولكن تقف خاشعا ناويا بقلبك الصلاة، والحمد لله يكفي فلا حاجة أن تقول نويت أن أصلي كذا وكذا، أو نويت أن أطوف أو أن أسعى، بل تأتي بنية الطواف وتبدأ بالحجر الأسود، ناويا الطواف وعند السعي كذلك، تبدأ بالصفا ناويا السعي ويكفي.

س: سائل من مصر، هـ. أ. س. يقول: ما الفرق بين البدعة في العبادة، والبدعة في العقيدة؟ (1)

ج: كلها بدعة، من أحدث شيئا في العقيدة كأن يحدث الأعياد البدعية، والاحتفال بها، أو البناء على القبور، واتخاذ المساجد عليها، كل هذا بدعة، وهذه تتعلق بالعقيدة أيضا، تسبب شرا كثيرا، وهكذا البدعة في الصلاة، أو في الصيام، أو في الحج كلها منكرة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم:«من أحدث في أمرنا هذا - يعني الإسلام - ما ليس منه فهو رد (2)»

(1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم 406.

(2)

أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور برقم 2697، ومسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة، برقم 1718.

ص: 27

متفق على صحته. ويقول عليه الصلاة والسلام: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (1)» فالاعتقاد في الصالحين أو في أهل القبور، ودعاؤهم من دون الله، أو الاستغاثة بهم هذا كفر أكبر في العقيدة، والبناء على القبور. واتخاذ المساجد عليها، كذلك بدعة، لكنه دون الشرك، من وسائل الشرك. وتجصيصها كذلك، ومن وسائل اختلال العقيدة، والبدع الأخرى كونه يبتدع صلاة ما شرعها الله، أو اجتماعا ما شرعه الله، كبدعة الاحتفال بالمولد، أو ما أشبه ذلك من القرب التي يحدثها الناس، هذا يسمى بدعة، وهو من البدع في الفروع. أو يحدث في الصلاة بدعة، أو في الصيام أو في الحج، المقصود أن البدعة ضابطها: أن يأتي بعبادة ما شرعها الله كأن يصلي في الركعة ثلاث سجدات متعمدا، أو ركوعين هذا بدعة منكرة وباطلة، كذلك يحدث صوما ما شرعه الله، كأن يقول الصائم يصوم من الليل كذا، لا يفطر إلا بعد مضي كذا من الليل، أو يتقدم في الصوم بجزء من الليل، يأخذ قطعة من الليل قبل طلوع الفجر فهذه بدعة.

(1) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم 1718.

ص: 28

س: يقال: إن هناك بدعة حسنة وبدعة سيئة، فما حقيقة ذلك مع الدليل، وإن صحت هذه العبارة. نرجو تطبيقها على الأسئلة السابقة؟ (1)

ج: هكذا يقول بعض الناس: إن البدعة تنقسم إلى أقسام خمسة، تدور على أحكام التكليف: بدعة حسنة، بدعة محرمة، بدعة مكروهة، بدعة مندوبة، بدعة مباحة، وهذا التقسيم فيه نظر، والرسول صلى الله عليه وسلم قال:«كل بدعة ضلالة (2)» . ولم يقسمها بل قال: «كل بدعة ضلالة (3)» والحق الذي لا ريب فيه أن البدع المخالفة للشرع كلها ضلالة، ومراد النبي صلى الله عليه وسلم ما أحدثه الناس، ولهذا قال:«إياكم ومحدثات الأمور (4)» وقال: «وشر الأمور (5)» يعني: محدثات الأمور: «وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة (6)» هكذا يقول صلى الله عليه وسلم، فالمحدثات التي تخالف شرع الله فإنها ضلالة، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الآخر:«من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (7)» ، وقال أيضا عليه الصلاة والسلام:«من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (8)» ، فكل بدعة ضلالة، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة. ومن ذلك الاحتفال بالموالد، فإنها بدعة ضلالة، وهكذا تعظيم القبور بالبناء عليها واتخاذ القباب عليها والاجتماع عندها، للنوح أو لدعائها والاستغاثة بها، كل هذا من البدع والضلالة، وبعضها من البدع الشركية، لكن بعض الناس قد

(1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم 11.

(2)

صحيح مسلم الجمعة (867)، سنن النسائي صلاة العيدين (1578)، سنن أبو داود الخراج والإمارة والفيء (2954)، سنن ابن ماجه المقدمة (45)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 311)، سنن الدارمي المقدمة (206).

(3)

صحيح مسلم الجمعة (867)، سنن النسائي صلاة العيدين (1578)، سنن أبو داود الخراج والإمارة والفيء (2954)، سنن ابن ماجه المقدمة (45)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 311)، سنن الدارمي المقدمة (206).

(4)

أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث العرباض بن سارية، برقم 16694.

(5)

صحيح مسلم الجمعة (867)، سنن النسائي صلاة العيدين (1578)، سنن أبو داود الخراج والإمارة والفيء (2954)، سنن ابن ماجه المقدمة (45)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 311)، سنن الدارمي المقدمة (206).

(6)

صحيح مسلم الجمعة (867)، سنن النسائي صلاة العيدين (1578)، سنن أبو داود الخراج والإمارة والفيء (2954)، سنن ابن ماجه المقدمة (45)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 311)، سنن الدارمي المقدمة (206).

(7)

صحيح البخاري الصلح (2697)، صحيح مسلم الأقضية (1718)، سنن أبو داود السنة (4606)، سنن ابن ماجه المقدمة (14)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 256).

(8)

أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم 1718.

ص: 29

تلتبس عليه بعض الأمور، فيرى أن ما وقع في المسلمين من بعض الأشياء، التي لم تقع في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، أنها بدعة حسنة، وربما يتعلق بقول عمر رضي الله عنه، في التراويح نعمت البدعة، لما جمع الناس على إمام واحد، وهذا ليس مما أراده النبي صلى الله عليه وسلم، فإن ما يحدثه الناس، مما تدل عليه الشريعة، وترشد إليه الأدلة، لا يسمى بدعة منكرة، وإن سمي بدعة من حيث اللغة، لكون المسلمين نقطوا المصاحف، وشكلوا القرآن، حتى لا يشتبه على القارئ، وجمعوه في المصاحف، هذا وإن سمي بدعة لغوية، لكن هذا شيء واجب، شيء يحفظ القرآن، ويسهل قراءته على المسلمين، فهذا نحن مأمورون به، مأمورون بما يسهل علينا القرآن، وبما يحفظه على المسلمين، وبما يعين المسلمين على حفظه وقراءته قراءة مستقيمة، فليس هذا من باب البدعة المنكرة، بل هذا من باب الأوامر الشرعية، من باب الحفظ للدين، ومن باب العناية بالقرآن، فليس مما نحن فيه بشيء، وكذلك قول عمر: نعمت البدعة، يعني كونه جمعهم على إمام واحد، بعد النبي صلى الله عليه وسلم، فهذا بدعة من حيث اللغة، لأن البدعة في اللغة، هي الشيء الذي على غير مثال سابق، ما يحدثه الناس على غير فعل سابق، يسمى بدعة في اللغة، فهذا من حيث اللغة لا من حيث الشرع، فإن التراويح فعلها النبي صلى الله عليه وسلم، وصلى بالناس بعض الليالي، وأرشد إليها وحثهم عليها، فليست التراويح بدعة، ولكن لكونه جمعهم على إمام واحد، قال في ذلك: نعمت البدعة، من حيث اللغة فقط، فالحاصل أن ما أوجده المسلمون، مما يدل عليه

ص: 30

الشرع، ويرشد إليه الشرع، بعد النبي صلى الله عليه وسلم، لا يسمى بدعة، بل هو مما دعا إليه الشرع، ورغب فيه الشرع، من جنس جمع المصحف، وشكله ونقطه ونحو ذلك، هذا ليس من البدع في شيء، بل من جنس التراويح، وفعل عمر لها، رضي الله عنه وأرضاه، ليس في هذا الباب من شيء، وإنما الذي أنكره العلماء، وقصده النبي صلى الله عليه وسلم، هو ما يحدثه الناس مما يخالف شرع الله، مما يخالف أوامر الله ورسوله، مثل البناء على القبور، مثل اتخاذ المساجد عليها، مثل الغلو فيها، بدعائها والاستغاثة والنذر لها ونحو ذلك، هذه من البدع الشركية. مثل الاحتفال بالموالد، هذه من البدع المنكرة، التي هي من وسائل الشرك، وما أشبه ذلك مثل: بدعة إحياء مناسبة الإسراء والمعراج، يحتفلون بليلة سبع وعشرين من رجب، باسم الإسراء والمعراج، هذه بدعة لا أصل لها، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحتفل بالإسراء والمعراج، ولا أصحابه ولأنها غير معلومة على الصحيح، بل أنسيها الناس، ولو علمت لم يجز الاحتفال بها؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يحتفل بها، ولا أصحابه رضي الله عنهم، فدل ذلك على أنه بدعة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:«من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (1)» أي هو مردود.

(1) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور برقم 2697.

ص: 31