الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
97 -
بيان أن ضرب الجسم بالسيوف والسكاكين أعمال سحرية وشعوذة
س: الأخ: ع. ص. م. من العراق، يقول: حيرني، وحير جميع أهلي، قضية رأيناها، وهي: تقام في قريتنا بعض الاحتفالات والموالد، وأرى بعض الأشخاص يقومون بأعمال غريبة جدا، وهي أن يقوم بعض الأشخاص بضرب أنفسهم بسيف أو الخنجر، وتقطيع أيديهم وأصابعهم، هل هذه الأفعال معقولة؟ وهل هي من عمل الشيطان؟ ونوع من السحر والشعوذة؟ وإذا كانت من عمل الشيطان، كيف نرى أن الشخص الذي يقول لهم: إن هذا العمل غير صحيح، وأنه سحر وشعوذة يصاب في اليوم التالي بمرض خطير لا يشفى منه، إلا إذا اعتذر منهم، وجهونا شيخ عبد العزيز لأنها فتن ابتلينا بها جزاكم الله خيرا؟ (1)
ج: هذه الأشياء التي ذكرها السائل، من كون بعض الناس يقيمون أعيادا واحتفالات، ويعملون أعمالا منكرة من تقطيع أيديهم وأصابعهم ونحو ذلك، وأن من أنكر عليهم ذلك قد يصيبه بعض الأمراض، كل ذلك من عمل الشيطان، وكل ذلك من تزيينه للناس حتى يطيعوه، وحتى يعملوا ما يدعوهم إليه من طاعة الشيطان، وعصيان الرحمن،
(1) السؤال الأول من الشريط رقم 167
وهذه الأعمال التي يفعلها هؤلاء المخرفون، هؤلاء يقمرون على الناس ويسحرون أعينهم، فيظن الناس أنهم قطعوا أيديهم أو قطعوا أرجلهم، أو أصابعهم وليس شيء من ذلك، كله كذب وكله سحر، كله مخرج من الملة كما قال الله في قصة السحرة مع موسى:{فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ} (1) فالساحر قد يسحر الناس، حتى يرى الحبل حية ويرى العصا حية، كما قال تعالى:{يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} (2).
المقصود أن هذه الأعمال أعمال سحرية وشعوذة وباطل، والواجب إنكارها على أهلها، وعلى الحاكم الإسلامي والحاكم العاقل، الذي يريد صلاح جماعته وصلاح رعيته، أن يمنع هؤلاء وأن يقضي عليهم بالقوة، حتى لا يعودوا لمثل هذه الأعمال الخبيثة، كما أن عمل الأعياد والاحتفال بالأعياد، مولد فلان أو فلان كل ذلك لا أصل له، كله من البدع التي أحدثها الناس، وليس في الإسلام أعياد لمولد فلان أو مولد فلان، وإنما فيها الأعياد الشرعية: عيد الفطر، وعيد الأضحى، والاجتماع في موسم الحج في عرفة، وأيام النحر هذه أعياد المسلمين، أما عيد مولد فلان أو عيد مولد فلان أو مولد النبي عليه الصلاة والسلام، أو مولد الحسين أو مولد فلان، كل ذلك لا أصل له، كل ذلك مما أحدثه الناس وابتدعه الناس بعد القرون المفضلة،
(1) سورة الأعراف الآية 116
(2)
سورة طه الآية 66
فالواجب على المسلمين ترك ذلك والتوبة من ذلك، والتعاون على البر والتقوى، والتواصي بالحق والرجوع إلى ما شرعه الله، وجاء به رسوله عليه الصلاة والسلام، فالخير كله في اتباع النبي صلى الله عليه وسلم، والشر كله في مخالفة هديه، وما كان عليه أصحابه رضي الله عنهم، فقد صح عنه عليه الصلاة والسلام، أنه قال:«من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (1)» يعني فهو مردود، وقال عليه الصلاة والسلام:«من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (2)» ، وفي الصحيح عن جابر بن عبد الله الأنصاري، رضي الله عنه قال:«كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة ويقول: " أما بعد، فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة (3)» ، زاد النسائي بإسناد حسن:«وكل ضلالة في النار (4)» ، وفي حديث العرباض بن سارية
(1) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور، فالصلح مردود، برقم 2697، ومسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، رقم 1718
(2)
أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم 1718
(3)
أخرجه البخاري في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب الاقتداء بسنن الرسول صلى الله عليه وسلم، برقم 7277، ومسلم في كتاب الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة، برقم 867
(4)
أخرجه النسائي في كتاب صلاة العيدين، باب كيفية الخطبة، برقم 1578
رضي الله عنه، يقول صلى الله عليه وسلم:«إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة (1)» .
ووصيتي لإخواني في كل مكان في العراق وفي كل مكان، ترك هذه الأعياد المنكرة، والاكتفاء بالأعياد الإسلامية، وأن تكون اجتماعاتهم في درس القرآن والأحاديث النبوية، والعلم النافع في الأوقات المناسبة، من الليل والنهار للتعلم والتفقه في الدين، كما قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح:«من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين (2)» ، وقال عليه الصلاة والسلام:«من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة (3)» ، أما اجتماع باحتفال مولد فلان أو فلان، فهذا بدعة يجب الحذر منها، وتركها والتعاون في ذلك بالأسلوب الحسن: بالنصيحة الطيبة حتى يفهم المؤمن والمؤمنة الحقيقة، ويكون الاجتماع لطاعة الله ورسوله، للعلم والتفقه في الدين، للتعاون على البر والتقوى، أما الاحتفال بمولد فلان أو فلان أو فلان، فهذا كله من البدع التي لا تجوز، وأعظم ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أشرف الخلق وأفضلهم، ولا يجوز الاحتفال بمولد لم يشرعه عليه الصلاة والسلام، ولو كان الاحتفال بمولده مشروعا لفعله صلى الله عليه وسلم، ولعلمه الناس وعلمه أصحابه، ولفعله أصحابه بعده وعلموه الناس، فلما لم يقع شيء من ذلك علم أنه بدعة ولم يكن هذا مفعولا في
(1) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث العرباض بن سارية، برقم 16694.
(2)
أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين، برقم 71، ومسلم في كتاب الزكاة، باب النهي عن المسألة، برقم 1037
(3)
أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر، برقم 2699
القرون المفضلة، القرن الأول والثاني والثالث، بل حدث بعد ذلك في القرن الرابع، وما بعده من بعض الناس، ووصيتي لجميع إخواني المسلمين، في كل مكان ترك هذه البدعة، وهي بدعة الموالد، والحرص على التفقه في الدين، وحضور حلقات العلم، في أي وقت، يتعلم ويتفقه، يقرأ القرآن، يتعلم التفسير يقرأ السنة ويسأل أهل العلم في الحلقات المعتادة، من الليل والنهار لطلب العلم والتفقه في الدين، أما إقامة احتفالات الموالد، فهذا كله لا أصل له، وأما هؤلاء الصوفية المخرفون الذين يطعنون أنفسهم بالسلاح، بالسيوف، أو بالخناجر أو يقطعون أيديهم أو أصابعهم، فيما يراه الناس فكل هذا منكر وكله تزييف وكله سحر وكله تضليل، فيجب الإنكار عليهم ومحاربة أعمالهم، وهجرهم والتحذير منهم والاستعداء عليهم، من جهة ولاة الأمور حتى يمنعوهم من هذا العمل الباطل، الخبيث المنكر. نسأل الله للجميع الهداية.
س: ينوه صاحب الرسالة في نهايتها، إلى أن من أنكر عليهم أنه يصاب بمرض شديد، وهذه فتنة كما وصفها؟ (1)
ج: هذا يقع ببعض الناس، وهذا من عمل الشيطان، لأن الشياطين تدعو إلى هذه المسائل، تدعو إلى هذه المنكرات وهذه
(1) السؤال الثاني من الشريط رقم 167
الاجتماعات الباطلة، وربما أصابوا من أنكرها بشيء من الأذى، حتى لا ينكر المنكر ولكن متى اعتصم بحبل الله، ومتى اعتصم بدين الله، واستعاذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، وتوكل على الله لا يضره الجن ولا يضره الشياطين، ولا يضره أحد، فعلى المنكر أن يخلص لله، وأن يستعين بالله وأن يعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، فإذا استعان بالله واعتمد عليه وسأله العافية كفاه شر الشياطين، ولا ينبغي له أن يتأثر بذلك، فالشياطين من الجن مثل شياطين الإنس، يتعاونون على الإثم والعدوان، ويؤذون من أنكر عليهم بالباطل، حتى يستمروا في باطلهم، فلا ينبغي للمؤمن أن يتأثر بذلك، بل ينكر المنكر وإن أصابه شيء ففي سبيل الله، بعض الأنبياء قد قتل فكيف بك أنت يا أيها المؤمن التابع للأنبياء، عليك أن تتحمل وأن تصبر وأن تستعين بالله، وأن تعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، وأن تفعل الأسباب التي تستطيعها، وأبشر بالخير، أبشر بأنهم لن يضروك شيئا، وسوف يبطل الله كيدهم ويرد كيدهم في نحورهم، إذا اعتصمت بالله واستعنت به، وتوكلت عليه وأخذت بالأسباب النافعة.
وهذا: له صلة وثيقة بالاعتقاد وصلة وثيقة بتعاون الشياطين شياطين الإنس وشياطين الجن، على من أنكر المنكر حتى يردوه عن ذلك، وحتى يضعفوه، ولكن متى استقام على طاعة الله، واستعان بالله